الملتقى الشرعي العام ما لا يندرج تحت الأقسام الشرعية الأخرى |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
العتاب بين الأحبة بالحسني
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مما يقرب بين القلوب ويذهب الأحقاد والضغائن: العتاب بين الأحبة بالحسني وباللفظ اللطيف؛ ولذلك فقد مدح قوم العتاب فقالوا: العتاب حدائق المتحابين ، ودليل على بقاء المودة. وقال بعض أهل الأدب: العتاب خير من الحقد، ولا يكون العتاب إلا على زلة فالذي يحمل في قلبه على عشرائه إنما يجمع الأحقاد ويكثرها، فإذا عاتب صاحبه تبين له ما كان ملتبسا بشبهة، واتضح له ما كان يحتمل أكثر من معنى؛ ومن أجل ذلك قال القائل: وفي العتاب حياة بين أقوام وهو المحك لذي لبس وإيهام ويحسن بالمرء إذا أراد أن يعاتب صاحبه أن يجعل له طريقا إلى الرجوع والمعاودة؛ وذلك عن طريق التماس العذر؛ فلا يغلق عليه الأبواب بعتاب غليظ جاف ثم يريد منه أن يعتذر منه. ألم تر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جاءه المتخلفون عن غزوة تبوك يعتذرون عن تخلفهم أخذ بظاهرهم وقبل اعتذارهم ووكل سريرتهم إلى الله تعالى كتب رجل إلى صديقه كتابا أرسله إليه وفيه حط عليه، فرد عليه الصديق: ينبهه إلى تأمُّلِ ما كتبه من عتاب غليظ بعد هدوء النفس حتى يرى قوة عباراته فقال: اقرأ كتابك واعتبره قريبا فكفى بنفسك لي عليك حسيبا أكذا يكون خطاب إخوان الصفا إن أرسلوا جعلوا الخطاب خطوبا؟ ما كان عذري إن أجبت بمثلـه أوكنت بالعتب العنيف مجيبا لكنني خفت انتقاص مودتي فيعد إحساني إليك ذنوبـا *** كما أن من الواجب على المرء أنْ لا يعاتبَ في كل شيء،حتى يكون العتاب له سمة وعلامة يُعرَف بها؛فيحط قدره عند إخوانه فيعرف بأنه يعاتب على كل شيء ويغضب لأي شيء، فالمرء كلما استطاع أن يجعل عتابه عزيزا فليفعل ،حتى إذا عاتب عُرِف أنه لا يعاتب إلا على ما يُستَحق أن يعاتَب عليه وينبغي للعاقل إن عاتب أخاه أو صاحبه أو عشيره أن يتلطف معه؛ ولا يسبه فيما عرفه عنه، فإن من أخلاق اللؤم عند بعض الناس إن غضب على صاحبه بشيء أظهر كل ما يعرفه عنه؛ فقطع وصله؛ وأثار ضغينته ؛ولم يبق للصلح موضعا وسبيلا؛ وقد أحسن من قال: وأعرض عن أشياء لو شئت قلتها ولو قلتها لم أبق للصلح موضعا فكل منا يرى في الناس ما لا يرى في نفسه؛ فلو كان في حال عتابه ومخاصمته لصديقه أظهر كل ما في مكنونه، هل يأمل أن ترجع الصحبة إلى موضعها في يوم من الأيام؟ فإن هذا الخلق يعمل به من أراد قطع صلته بصاحبه؛ وليس من أراد تقريبها بعد انفلاتها.. وليحذر العاقل من العتاب المفضي إلى القطيعة، فالعاقل يميز فإن رأى أن هذا الشخص مما يجدي معه العتاب عاتبه، وإن رأى أن هذا مما يفسد عليه صحبته أحجم عنه هذا وإن من الخير للصديق إن رأى من صاحبه شيئا وهو صديق له ويحبه؛أن يذهب إليه مباشرة ويسأله عما في نفسه، ولا يجعل بينهما وسيطا فيظل يكلم الناس –وإن كانوا أصدقاء- وصاحبه أمامه فلا يسأله حتى يبين له وجهة نظره؛ لا سيما في هذا الوقت الذي كثر فيه مستشارو السوء وناقصو المروءة؛ فلعلهم يوقعون بينه وبين صديق يحبه ويألفه؛ وقد قال عمر رضى الله عنه: "إذا رزقك الله مودة امرئ فتشبث به" هذا وإنَّ تَرْك مصارحة الصاحب لصاحبه فيما يعاتبه به؛ مما يزيد التفرق والشتات ويذهب الألفة، كما أنه من كتم النصيحة والنبي صلى الله عليه وسلم قال: " الدين النصيحة" فاعملوا على تنقية القلوب وطهارتها، فالقلب صغير والعمر قصير فلا نذهبهما بالشحناء والضغائن؛ فإن منتهى السعادة في مراجعة القلب وتزكيته وتطهيره إن أخوان الصدق هم خير مكاسب الدنيا ، زينة في الرخاء ، وعدةٌ في الشدة ، والعاقل هو الذي لا يفرط في اكتسابهم ؛فمن رزق بأخ صالح ناصح فليتشبث به، وليجعل المودةَ والألفة خير رباط بينهما؛ وعلى المرء إن اتخذ صديقاً أن يتخذ أخا عاقلاً رزينا، تزينه صحبته ولا تشينه؛ فإن الأصحاب مرآة الأصحاب، والمرء يعرف حاله عند النظر في أقرانه؛ وقيل لابن السماك : "أي الأخوان أحق ببقاء المودة؟؛ قال: الوافرُ دينه،الوافي عقله، الذي لا يملُّك على القرب، ولا ينساك على البعد ، إن دنوت منه داناك ،وإن بعدت عنه راعاك، وإن أستعنت به عضدك، وإن احتجت إليه أعانك، وتكون مودةُ فعله أكثر من مودةِ قوله " وليحذر صديق السوء فإنه المهلك المردي ،فلا يزال بصاحبه حتى يوقعه في المهالك ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ومثل الجليس السوء كنافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد عنده ريحا خبيثة"؛ فإن لم يوقع صاحبه في المصائب،فإنه لن يسلم من أن يأخذَ سمعته السيئة؛ويُتَّهمَ في دينه ومروءته ومن رزق بإخوانٍ فليكن اتساع صدره لهم طبيعته وسجيته، وليعلم أن من طلب صديقاً لا يزل، فقد طلب المحال ، ورام الوصول إلى مرتقى بعيد المنال؛ وقد قيل: "من لا يؤاخي إلا من لا عيب فيه،مل صديقه، ومن لم يرضَ من صديقه إلا بإيثاره على نفسه دام سخطه، ومن عاتب على كل ذنب ضاع عتبه وكثر تعبه"؛ ولذا قيل : إذا كنت في كل الأمور معاتباً صديقك لم تلق الذي لا تعاتبه وإن كنت لم تشرب مراراً من الأذى ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه وقد قال بعض أهل العلم : "إذا رأيت من أخيك أمراً تكرهه،أو خلةً لا تحبها فلا تقطعْ حبله، ولا تصرم وده،ولكن داو جُرحَه ،واستر عورتَه ، وابقه وابرأ من عمله ، قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : "واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين*فإن عصوك فقل إني بريء مما تعملون"؛ فلم يأمره بقطعهم وإنما بالبراءة من عملهم السيء" منقول
|
#2
|
|||
|
|||
بارك الله فيكِ
|
#3
|
|||
|
|||
|
#4
|
|||
|
|||
ما شاء الله !جزاكِ الله عنا خيراً على هذا النقل الطيب.
|
#5
|
|||
|
|||
اقتباس:
شكـــــــــر الله لكِ اختنا ام مصعب
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
المحبة, العتاب, بالحسني, بين |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|