كلام من القلب للقلب, متى سنتوب..؟! دعوة لترقيق القلب وتزكية النفس |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
آداب النصيحة
آداب النصيحة النصيحة دعامة من دعامات الإسلام. قال تعالى: { وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3) } سورة العصر وعَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ،عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:أَلاَ إِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ،أَلاَ إِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ،أَلاَ إِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ،قَالُوا:لِمَنْ يَا رَسُولَ ؟ قَالَ:لِلَّهِ،وَلِكِتَابِهِ،وَلِرَسُولِهِ،وَلأَئِم َّةِ الْمُسْلِمِينَ،وَعَامَّتِهِمْ."[1] وعَنْ جَرِيرٍ،قَالَ:بَايَعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى السَّمْعِ،وَالطَّاعَةِ،وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ،فَكَانَ إِذَا اشْتَرَى شَيْئًا أَوْ بَاعَهُ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ:اعْلَمْ أَنَّ مَا أَخَذْنَا مِنْكَ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِمَّا أَعْطَيْنَاكَهُ فَاخْتَرْ.[2] وعَنْ زِيَادِ بْنِ عِلاَقَةَ،قَالَ:سَمِعْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ،يَقُولُ يَوْمَ مَاتَ المُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ،قَامَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ،وَقَالَ:عَلَيْكُمْ بِاتِّقَاءِ اللَّهِ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ،وَالوَقَارِ،وَالسَّكِينَةِ،حَتَّى يَأْتِيَكُمْ أَمِيرٌ،فَإِنَّمَا يَأْتِيكُمُ الآنَ.ثُمَّ قَالَ:اسْتَعْفُوا لِأَمِيرِكُمْ،فَإِنَّهُ كَانَ يُحِبُّ العَفْوَ،ثُمَّ قَالَ:أَمَّا بَعْدُ،فَإِنِّي أَتَيْتُ النَّبِيَّصلى الله عليه وسلم قُلْتُ:أُبَايِعُكَ عَلَى الإِسْلاَمِ فَشَرَطَ عَلَيَّ:" وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ " فَبَايَعْتُهُ عَلَى هَذَا،وَرَبِّ هَذَا المَسْجِدِ إِنِّي لَنَاصِحٌ لَكُمْ،ثُمَّ اسْتَغْفَرَ وَنَزَلَ "[3] قال الطحاوي بعد ذكر الأحاديث:" فَقَالَ قَائِلٌ: كَيْفَ تَقْبَلُونَ هَذَا وَتُصَحِّحُونَهُ عَنْ رَسُولِ اللهِصلى الله عليه وسلم وَفِيهِ الدِّينُ النَّصِيحَةُ،وَكَيْفَ يَكُونُ الدِّينُ النَّصِيحَةَ،وَقَدْ وَجَدْتُمُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: فِي كِتَابِهِ { إنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلَامُ } [آل عمران: 19] فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ الَّذِي رَوَيْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ rغَيْرُ مُخَالِفٍ لِمَا تَلَاهُ عَلَيْنَا مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ إذْ كَانَتِ النَّصِيحَةُ مِنَ الْإِسْلَامِ،وَقَدْ بَايَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهَا مَنْ بَايَعَهُ عَلَى الْإِسْلَامِ،فعَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ،قَالَ: سَمِعْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ،يَقُولُ " بَايَعْتُ رَسُولَ صلى الله عليه وسلم اللهِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ " قَالَ جَرِيرٌ: وَإِنِّي لَكُمْ لَنَاصِحٌ. فَكَانَ فِيمَا ذَكَرْنَا مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ النَّصِيحَةَ مِنَ الْإِسْلَامِ فَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ: أَفَهِيَ كُلُّ الْإِسْلَامِ الَّذِي هُوَ الدِّينُ عَلَى مَا فِي هَذِهِ الْآثَارِ الَّتِي رَوَيْتُمُوهَا فِي هَذَا الْبَابِ ؟ فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّهَا لَيْسَتْ كُلَّ الدِّينِ وَلَكِنَّهَا بِمَكَانٍ مِنَ الدِّينِ جَلِيلٍ،وَكُلُّ مَا جَلَّ مِنْ جِنْسٍ مِنَ الْأَجْنَاسِ جَازَ أَنْ يُطْلَقَ لَهُ الِاسْمُ الَّذِي يُسَمَّى بِهِ ذَلِكَ الْجِنْسُ فَيُذْكَرُ بِهِ كَمَا يُذْكَرُ بِهِ ذَلِكَ الْجِنْسُ،مِنْ ذَلِكَ أَنَّكَ تَقُولُ: النَّاسُ الْعَرَبُ وَفِيهِمْ غَيْرُ الْعَرَبِ لِجَلَالَةِ الْعَرَبِ فِي النَّاسِ ؛ وَلِأَنَّهُمْ يَبِينُونَ بِالْخَاصِّيَّةِ الَّتِي فِيهِمْ عَنْ سَائِرِ النَّاسِ فَجَازَ بِذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: هُمُ النَّاسُ،وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمُ: الْمَالُ النَّخْلُ لِجَلَالَةِ النَّخْلِ فِي الْأَمْوَالِ،وَإِنْ كَانَ فِي الْأَمْوَالِ سِوَى النَّخْلِ فَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللهِصلى الله عليه وسلم " الدِّينُ النَّصِيحَةُ " هُوَ لِجَلَالَةِ مَوْضِعِ النَّصِيحَةِ مِنَ الدِّينِ،وَإِنْ كَانَ فِي الدِّينِ سِوَاهَا فَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ فَمَا مَعْنَى مَا فِي تِلْكَ الْآثَارِ مِنْ قَوْلِهِ وَلِكِتَابِهِ ؟ فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ ذَلِكَ عِنْدَنَا عَلَى تَعْلِيمِ كِتَابِهِ وَعَلَى النُّصْحِ لِمَنْ يُعَلِّمُونَهُ إيَّاهُ فِي تَعْلِيمِهِمْ مَا يَحْتَاجُونَ إلَى عِلْمِهِ مِنْ مُحْكَمِهِ وَمِنْ مُتَشَابِهِهِ وَمَا يَعْمَلُونَ بِهِ مِنْهُ وَمَا يَقِفُونَ عِنْدَهُ مِنْهُ ; لِأَنَّ النَّاسَ كَانُوا كَذَلِكَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ يَتَعَلَّمُونَ الْقُرْآنَ،فعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ،قَالَ: " كُنَّا نَتَعَلَّمُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَشْرَ آيَاتٍ فَمَا نَعْلَمُ الْعَشْرَ الَّتِي بَعْدَهُنَّ حَتَّى نَتَعَلَّمَ مَا أُنْزِلَ فِي هَذِهِ الْعَشْرِ مِنَ الْعَمَلِ " وعَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ،قَالَ: أَخْبَرَنَا أَصْحَابُنَا الَّذِينَ،كَانُوا يُعَلِّمُونَا،قَالُوا: " كُنَّا نَعْلَمُ عَشْرَ آيَاتٍ فَمَا نَتَجَاوَزُهُنَّ حَتَّى نَعْلَمَ مَا فِيهِنَّ مِنْ عَمَلٍ " وعَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ،قَالَ: كَانَ أَصْحَابُنَا يُقْرِئُونَا وَيُعَلِّمُونَا وَيُخْبِرُونَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم " كَانَ يُقْرِئُ أَحَدَهُمْ عَشْرَ آيَاتٍ فَمَا يَجُوزُهَا حَتَّى يَتَعَلَّمَ الْعَمَلَ فِيهَا " قَالَ: وَقَالُوا: عَلِمْنَا الْقُرْآنَ وَالْعَمَلَ جَمِيعًا" وعَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَوْفٍ،قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ،يَقُولُ: " لَقَدْ عِشْنَا بُرْهَةً مِنْ دَهْرٍ وَأَحَدُنَا يُؤْتَى الْإِيمَانَ قَبْلَ الْقُرْآنِ وَتَنْزِلُ السُّورَةُ عَلَى مُحَمَّدٍ rفَيَتَعَلَّمُ حَلَالَهَا وَحَرَامَهَا وَآمِرَهَا وَزَاجِرَهَا وَمَا يَنْبَغِي أَنْ يُوقَفَ عِنْدَهُ مِنْهَا كَمَا تَتَعَلَّمُونَ أَنْتُمُ الْيَوْمَ الْقُرْآنَ ثُمَّ لَقَدْ رَأَيْتُ الْيَوْمَ رِجَالًا يُؤْتَى أَحَدُهُمُ الْقُرْآنَ قَبْلَ الْإِيمَانِ فَيَقْرَأُ مَا بَيْنَ فَاتِحَتِهِ إلَى خَاتِمَتِهِ،وَلَا يَدْرِي مَا آمِرُهُ،وَلَا زَاجِرُهُ،وَلَا مَا يَنْبَغِي أَنْ يُوقَفَ عِنْدَهُ مِنْهُ وَيَنْتَثِرُهُ نَثْرَ الدَّقَلِ " فَكَانَ فِيمَا رَوَيْنَا كَيْفِيَّةُ تَعْلِيمِ النَّاسِ كَانَ الْقُرْآنَ وَكَيْفِيَّةُ أَخْذِهِمْ كَانَ إيَّاهُ وَفِي ذَلِكَ مِنَ الْمَشَقَّةِ عَلَى مَنْ كَانَ يُعَلِّمُهُ وَعَلَى مَنْ كَانَ يَتَعَلَّمُهُ مَا لَا خَفَاءَ بِهِ عَلَى سَامِعِي هَذِهِ الْآثَارِ فَأَعْلَمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ سَأَلَهُ عَنِ النَّصِيحَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي هَذِهِ الْآثَارِ لِمَنْ هِيَ وَفِي ذَلِكَ النَّصِيحَةُ لِكِتَابِ اللهِ وَالنَّصِيحَةُ لَهُ هِيَ النَّصِيحَةُ لِمَنْ يَأْخُذُهُ تَعْلِيمًا مِمَّنْ يَأْخُذُهُ مِنْهُ،وَفِيمَا ذَكَرْنَا بَيَانُ وَجْهِ هَذَا الْمَعْنَى وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ "[4] قَالَ أَبُو عُثْمَانَ: " فَانْصَحْ لِلسُّلْطَانِ وَأَكْثِرْ لَهُ مِنَ الدُّعَاءِ بِالصَّلَاحِ وَالرَّشَادِ بِالْقَوْلِ وَالْعَمَلِ وَالْحُكْمِ،فَإِنَّهُمْ إِذَا صَلُحُوا صَلُحَ الْعِبَادُ بِصَلَاحِهِمْ،وَإِيَّاكَ أَنْ تَدْعُوَ عَلَيْهِمْ بِاللَّعْنَةِ فَيَزْدَادُوا شَرًّا وَيَزْدَادَ الْبَلَاءُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ،وَلَكِنِ ادْعُ لَهُمْ بِالتَّوْبَةِ فَيَتْرُكُوا الشَّرَّ فَيَرْتَفِعَ الْبَلَاءُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ،وَإِيَّاكَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ أَوْ تَتَصَنَّعَ لِإِتْيَانِهِمْ أَوْ تُحِبَّ أَنْ يَأْتُوكَ،واهْرَبْ مِنْهُمْ مَا اسْتَطَعْتَ،مَا دَامُوا مُقِيمِينَ عَلَى الشَّرِّ،فَإِنْ تَابُوا وَتَرَكُوا الشَّرَّ مِنَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ وَالْحُكْمِ وَأَخَذُوا الدُّنْيَا مِنْ وَجْهِهَا فَهُنَاكَ فَاحْذَرِ الْعِزَّ بِهِمْ،لِتَكُونَ بَعِيدًا مِنْهُمْ قَرِيبًا بِالرَّحْمَةِ لَهُمْ وَالنَّصِيحَةِ إِنْ شَاءَ اللهُ،وَأَمَّا نَصِيحَةُ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ نَصِيحَتَهُمْ عَلَى أَخْلَاقِهِمْ مَا لَمْ يَكُنْ لِلَّهِ مَعْصِيَةٌ،وَانْظُرْ إِلَى تَدْبِيرِ اللهِ فِيهِمْ بِقَلِيلٍ،فَإِنَّ اللهَ قَسَمَ بَيْنَهُمْ أَخْلَاقَهُمْ كَمَا قَسَمَ بَيْنَهُمْ أَرْزَاقَهُمْ،وَلَوْ شَاءَ لَجَمَعَهُمْ عَلَى قَلْبٍ وَاحِدٍ،فَلَا يُغْفَلْ عَنِ النَّظَرِ إِلَى تَدْبِيرِ اللهِ فِيهِمْ،فَإِذَا رَأَيْتَ مَعْصِيَةَ اللهِ احْمَدِ اللهَ إِذْ صَرَفَهَا عَنْكَ فِي وَقْتِكَ،وَتَلَطَّفْ فِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ فِي رِفْقٍ وَصَبْرٍ وَسَكِينَةٍ،فَإِنْ قُبِلَ مِنْكَ فَاحْمَدِ اللهَ،وَإِنْ رُدَّ عَلَيْكَ فَاسْتَغْفَرِ اللهَ لِتَقْصِيرٍ مِنْكَ كَانَ فِي أَمْرِكَ وَنَهْيِكَ،وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ،إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ "[ 5] وقَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ أَبِي ذَرٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ:النُّصْحُ فِي الْجُمْلَةِ عِنْدِي هُوَ:فِعْلُ الشَّيْءِ الَّذِي بِهِ الصَّلَاحُ وَالْمُلَاءَمَةُ،مَأْخُوذٌ مِنَ النَّصَاحَةِ،وَهِيَ السُّلُوكُ الَّتِي يُخَاطُ بِهَا،وَتَصْغِيرُهَا نُصَيْحَةٌ،يَقُولُ الْعَرَبُ:هَذَا قَمِيصٌ مَنْصُوحٌ أَيْ:مَخِيطٌ،وَنَصَحْتُهُ أَنْصَحُهُ نُصْحًا إِذَا خِطْتُهُ،وَإِنَّمَا اخْتَلَفَتِ النُّصْحُ فِي الْأَشْيَاءِ لِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ الْأَشْيَاءِ:فَالنُّصْحُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ:وَصْفُهُ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ،وَتَنْزِيهُهُ عَمَّا هُوَ لَيْسَ بِأَهْلٍ لَهُ عَقْدًا وَقَوْلًا،وَالْقِيَامُ بِتَعْظِيمِهِ،وَالْخُضُوعُ لَهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا،وَالرَّغْبَةُ فِي مَحَابِّهِ،وَالْبُعْدُ مِنْ مَسَاخِطِهِ،وَمُوَالَاةُ مَنْ أَطَاعَهُ،وَمُعَادَاةُ مَنْ عَصَاهُ،وَالْجِهَادُ فِي رَدِّ الْعَاصِينَ إِلَى طَاعَتِهِ قَوْلًا وَفِعْلًا.وَإِرَادَةُ النَّصِيحَةِ لِكِتَابِهِ:إِقَامَتُهُ فِي التِّلَاوَةِ،وَتَحْسِينُهُ عِنْدَ الْقِرَاءَةِ،وَتَفَهُّمُ مَا فِيهِ وَاسْتِعْمَالُهُ،وَالذَّبُّ عَنْهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْمُحَرِّفِينَ،وَطَعْنِ الطَّاعِنِينَ.وَالنَّصِيحَةُ لِلرَّسُولِصلى الله عليه وسلم : مُؤَازَرَتُهُ وَنُصْرَتُهُ،وَالْحِمَايَةُ مِنْ ذَوِيهِ حَيًّا وَمَيِّتًا،وَإِحْيَاءُ سُنَّتِهِ بِالطَّلَبِ،وَإِحْيَاءُ طَرِيقَتِهِ فِي بَثِّ الدَّعْوَةِ،وَتَأْلِيفِ الْكَلِمَةِ،وَالتَّخَلُّقُ بِأَخْلَاقِهِ الظَّاهِرَةِ.وَالنَّصِيحَةُ لِلْأَئِمَّةِ:مُعَاوَنَتُهُمْ عَلَى مَا تَكَلَّفُوا الْقِيَامَ بِهِ،وَفِي بَعْضُ النُّسَخِ " عَلَى مَا تَكَلَّفُوا الْقِيَامَ بِهِ " فِي تَنْبِيهِهِمْ عِنْدَ الْغَفْلَةِ،وَتَقْوِيمِهِمْ عِنْدَ الْهَفْوَةِ،وَسَدِّ خَلَّتِهِمْ عِنْدَ الْحَاجَةِ،وَنُصْرَتِهِمْ فِي جَمِيعِ الْكَلِمَةِ عَلَيْهِمْ،وَرَدِّ الْقُلُوبِ النَّاضِرَةِ إِلَيْهِمْ.وَالنَّصِيحَةُ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ:الشَّفَقَةُ عَلَيْهِمْ،وَتَوْقِيرُ كَبِيرِهِمْ،وَرَحْمَةُ صَغِيرِهِمْ،وَتَفْرِيجُ كُرَبِهِمْ،وَالسَّعْيُ فِيمَا يَعُودُ نَفْعُهُ عَلَيْهِمْ فِي الْآجِلِ،وَدَعْوَتُهُمْ إِلَى مَا يُسْعِدُهُمْ،وَتَوَقِّي مَا يَشْغَلُ خَوَاطِرَهُمْ،وَفَتَحَ بَابَ الْوَسْوَاسِ عَلَيْهِمِ،وَإِنْ كَانَ فِي نَفْسِهِ حَقًّا وَحَسَنًا،وَمِنَ النَّصِيحَةِ لِلْمُسْلِمِينَ رَفْعُ مُؤْنَةِ بَدَنِهِ وَنَفْسِهِ وَحَوَائِجِهِ عَنْهُمْ،وَاللَّهُ أَعْلَمُ"[6] وللنصيحة جملة من الآداب،منها ما يتعلق بالناصح،ومنها ما يتعلق بالمنصوح. آداب الناصح: الإخلاص: فلا يبغي الناصح من نصحه إظهار رجاحة عقله،أو فضح المنصوح والتشهير به،وإنما يكون غرضه من النصح الإصلاح،وابتغاء مرضاة الله. الحكمة والموعظة الحسنة واللين: فالكلمة الطيبة مفتاح القلوب،قال تعالى: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} (125) سورة النحل. عدم كتمان النصيحة: المسلم يعلم أن النصيحة هي أحد الحقوق التي يجب أن يؤديها لإخوانه المسلمين،فالمؤمن مرآة أخيه،يقدم له النصيحة،ويخبره بعيوبه،ولا يكتم عنه ذلك. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم،قَالَ:حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ،قَالُوا:مَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ:إِذَا لَقِيَهُ سَلَّمَ عَلَيْهِ،وَإِذَا دَعَاهُ أَجَابَهُ،وَإِذَا اسْتَنْصَحَ نَصَحَهُ،وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ يُشَمِّتُهُ،وَإِذَا مَرِضَ عَادَهُ،وَإِذَا مَاتَ صَحِبَهُ."[7] أن تكون النصيحة في السِّر: المسلم لا يفضح المنصوح ولا يجرح مشاعره،وقد قيل: النصيحة في الملأ (العلن) فضيحة. وما أجمل قول الإمام الشافعي[8]: تَعَمَّدني بِنُصْحِكَ في انْفِرَادِي وجنِّني النصيحة َ في الجماعهْ فَإِنَّ النُّصْحَ بَيْنَ النَّاسِ نَوْعٌ من التوبيخِ لا أرضى استماعه وَإنْ خَالَفْتنِي وَعَصَيْتَ قَوْلِي فَلاَ تَجْزَعْ إذَا لَمْ تُعْطَ طَاعَه وكان صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينصح أحد الحاضرين يقول: ما بال أقوام يفعلون كذا،ما بال أحدكم يفعل كذا. فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ،أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سَأَلُوا أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ عَمَلِهِ فِي السِّرِّ،فَقَالَ بَعْضُهُمْ:لاَ أَتَزَوَّجُ،وَقَالَ بَعْضُهُمْ:لاَ آكُلُ اللَّحْمَ،وَقَالَ بَعْضُهُمْ:لاَ أَنَامُ عَلَى فِرَاشٍ،فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ،ثُمَّ قَالَ:مَا بَالُ أَقْوَامٍ قَالُوا كَذَا وَكَذَا،لَكِنِّي أُصَلِّي وَأَنَامُ،وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ،وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ،فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي." [9] وعَنْ أَنَسٍ،أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ،قَالَ:مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فِي صَلاَتِهِمْ،فَاشْتَدَّ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ حَتَّى قَالَ:لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ،أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ. [10] وقيل: النصح ثقيل فلا تجعلوه جبلا،ولا ترسلوه جدلا،والحقائق مرة فاستعينوا عليها بخفة البيان. الأمانة في النصح: فلا يخدع المنصوح ولا يستهين بأمره،بل يبذل الجهد،ويعمل الفكر،قبل أن ينصح،وعليه بيان ما يراه من المفاسد إن وجد في ستر وأمانة. آداب المنصوح: أن يتقبل النصيحة بصدر رحب: وذلك دون ضجر أو ضيق أو تكبر،وقد قيل: تقبل النصيحة بأي وجه،وأدِّها على أحسن وجه. عدم الإصرار على الباطل: فالرجوع إلى الحق فضيلة والتمسك بالباطل رذيلة،والمسلم يحذر أن يكون ممن قال الله -تعالى- فيهم: {وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ} (206) سورة البقرة أخذ النصح من المسلم العاقل: لأنه يفيده بعقله وحكمته،كما أن المسلم يتجنب نصح الجاهل أو الفاسق؛ لأنه يضره من حيث لا يحتسب. فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم - -:" مَنْ أَرَادَ أَمْرًا فَشَاوَرَ فِيهِ امْرَأً مُسْلِمًا،وَفَّقَهُ اللَّهُ لِأَرْشَدِ أُمُورِهِ ".رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ[11]. شكر الناصح: يجب على المنصوح أن يقدم الشكر لمن نصحه،فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم - « مَنْ لاَ يَشْكُرِ النَّاسَ لاَ يَشْكُرِ اللَّهَ ».[12] _____________ من كتاب المُهَذَّبُ في الآدابِ الإسلاميَّةِ علي بن نايف الشحود [1] - صحيح مسلم- المكنز - (205) وصحيح ابن حبان - (10 / 436) (4575) [2] - صحيح البخارى- المكنز -(57) وصحيح مسلم-المكنز - 208) وصحيح ابن حبان - (10 / 412) (4546) [3] - صحيح البخارى- المكنز - (58) [4] - شرح مشكل الآثار - (4 / 73) (1439 -1453 ) [5] - شعب الإيمان - (9 / 498) [6] - بَحْرُ الْفَوَائِدِ الْمُسَمَّى بِمَعَانِي الْأَخْيَارِ لِلْكَلَابَاذِيِّ (67 ) [7] - صحيح مسلم- المكنز - (5778 ) وصحيح ابن حبان - (1 / 477) (242) [8] - تراجم شعراء موقع أدب - (10 / 322) [9] - صحيح ابن حبان - (1 / 191) (14) صحيح [10] - صحيح ابن حبان - (6 / 61) (2284) صحيح [11] - المعجم الأوسط للطبراني - (8568 ) فيه ضعف [12] - سنن الترمذى- المكنز - (2081 ) قَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. |
#2
|
|||
|
|||
أسأل الله لكِ بكل حرف حسنة..
ونأمــل منكِ المزيــد خــالــد |
الكلمات الدلالية (Tags) |
آيات, النصيحة |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|