التاريخ والسير والتراجم السيرة النبوية ، والتاريخ والحضارات ، وسير الأعلام وتراجمهم |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#11
|
|||
|
|||
تدبر في آية الأمر بأخذ العفو والإعراض عن الجاهلين ومن آيات القرآن الكريم قول الله جل وعلا: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ[الأعراف:199] . إن من أعظم أخلاق المؤمنين التي تمثلها نبينا صلى الله عليه وسلم أخذه صلوات الله وسلامه عليه بالعفو امتثالاً لأمر ربه، والعفو -أيها المؤمن- من صفة الكرام، كما أن الظلم -عياذاً بالله- من أعظم ما يسبب للعبد سوء الخاتمة، والعفو عن الناس من أعظم ما يقرب به العبد إلى ربه جل وعلا. فقد ورد أن أبا سفيان بن الحارث الذي كان ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد خمسة يشبهون النبي عليه الصلاة والسلام، وهم: الحسن و الحسين و قثم و الفضل و أبو سفيان بن الحارث ابن عمه وأخوه من الرضاعة -ورد عنه أنه كان يباري فيقذع في هجاءه للنبي عليه الصلاة والسلام، فأهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمه، وهو الذي رد عليه حسان بقوله: فإن أبي ووالده وعرضي لعرض محمد منكم وقاء أتهجوه ولست له بكفء فشركما لخيركما الفداء وورد أن أبا سفيان لما أراد أن يدخل في الدين وقد أهدر النبي دمه خشي أن لا يعفو عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء إلى إحدى أمهات المؤمنين يستشيرها، فقالت له: ائته وقل له: تالله لقد آثرك الله علي وإن كنت لمن الخاطئين، كما قال إخوة يوسف ليوسف؛ فإن نبي الله لا يحب أن يكون أحد أحسن منه بالخير، فجاء أبو سفيان فقالها، فقال صلى الله عليه وسلم: (يغفر الله لي وله فهو أرحم الراحمين) وعفا عنه، ثم أسلم وحسن إسلامه، وكان له بلاء عظيم في يوم حنين كما دونته كتب السيرة مما هو معروف في موضعه. والذي يعنينا من ذلك عفوه صلى الله عليه وسلم عن هذا، وعفوه عن قريش من قبل يوم أن قال لهم: (اذهبوا فأنتم الطلقاء) ولم ينتقم صلى الله عليه وسلم لنفسه قط، وعلى النقيض من ذلك أخبر صلى الله عليه وسلم بأن الله جل وعلا حرم الظلم على نفسه، وجعله بين العباد محرماً. ......
|
#12
|
|||
|
|||
ذكر بعض أسباب قسوة القلوب
ومن أعظم أسباب قسوة القلوب: ظلم المؤمن لأخيه المؤمن، كظلمه لزوجته، وظلمه لأولاده، وظلمه لأبويه -وهذا من أعظم الظلم- وظلمه لجيرانه، وظلمه لعامة المؤمنين، وظلمه للولاة، وظلمه للعلماء وقدحه فيهم وتنقيصهم، وكل ذلك ما لم يأذن الله جل وعلا به. وأعظم من ذلك: أن يتسلط أحد على أحد بعينه يريد أن يسفك دمه، أو يهتك عرضه، أو يأخذ ماله، فإن هذا من أعظم أسباب سوء الخاتمة. روى البخاري في التاريخ الكبير بسنده إلى محمد بن سيرين أن محمداً رحمه الله قال: كنت عند الكعبة فرأيت رجلاً يدعو يقول: اللهم اغفر لي وإن كنت أظن أنك لن تغفر لي. فقال له محمد : يا هذا! ما سمعت أحداً يدعو بمثل دعاءك! فقال: يا ابن سيرين ! إنك لا تدري ما خبري، إنني كنت قد أعطيت الله عهداً أنني إذا لقيت عثمان بن عفان أن ألطم وجهه ولحيته، فلما قتل عثمان فوضع على سريره ليصلي الناس عليه في بيته دخلت عليه فيمن دخل كأني أريد الصلاة عليه حتى وجدت خلوة، فلما وجدت خلوة رفعت عن كفنه وغطائه فلطمته على وجهه ولحيته وهو ميت، فما رفعت يدي إلا وهي يابسة كالعود، قال ابن سيرين رحمه الله: فأنا -والله- نظرت إلى يده شلة يابسة كالخشبة. فهذا قال الله عنه: لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ [الحج:9] . وكذلك ظلم العباد وغشهم، وعدم الورع في أموالهم أو أعراضهم، سواء أكان أجيراً أم عاملاً أم موظفاً، أم زوجة أوكل الله جل وعلا إليك رعايتها، أم أبناء وبنات، أم أيتاماً وضعوا في حجرك، أم طلاباً بين يديك، فكل من جعلك الله جل وعلا بقدرته راعياً عليهم ينبغي عليك ألا تظلمهم، بل ينبغي عليك أن تهتدي بخلق نبينا صلى الله عليه وسلم الذي أنزله الله جل وعلا على نبيه فقال: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ [الأعراف:199] . وثمة قاعدة مريحة في هذا الأمر، وهي أنك إذا أردت أن تسأل نفسك: ماذا أصنع بمن أوقفه الله ذليلاً بين يدي؟ فاصنع به ما تحب أن يصنعه الله معك إذا وقفت ذليلاً بين يديه، فاصنع به ما تحب أن يعاملك الله به إذا وقفت ذليلاً بين يديه، وما الدنيا إلا مزرعة للآخرة، والله يقول: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ [الجاثية:21] . |
#13
|
|||
|
|||
البعد عن الفحشاء وأثره على العبد
ومن الخلق الذي علمه الله جل وعلا نبينا صلى الله عليه وسلم ودل عليه القرآن، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم به المؤمنين: البعد عن الفحشاء والفواحش كلها ما ظهر منها وما بطن، فقد قال الله لنبيه: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا [الإسراء:32]، وقال: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ [الأعراف:33] إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث التي تمثلها النبي صلى الله عليه وسلم. كسفت الشمس في اليوم الذي مات فيه إبراهيم ، فخرج صلى الله عليه وسلم يجر رداءه، ثم صلى بالناس صلاة أطال فيها، ثم وقف في الناس خطيباً يحذرهم ويقول: (لا أحد أغير من الله أن يزني عبده أو أن تزني أمته) . فحرم الله جل وعلا الفواحش كلها ما ظهر منها وما بطن، وحرم الطريق الموصل إليها بقوله سبحانه: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى [الإسراء:32] . وأعظم من ذلك: إتيان الذكران من العالمين، وهذه كلها فواحش حرمها الله جل وعلا في كتابه، وحكم على من صنعها -إلا أن يتوب- بالخسة والدناءة والبعد عن الرب تبارك وتعالى، قال الله: إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا [الإسراء:32] في شأن الزنا، فإذا أراد الإنسان أن يقرب من الله فليغض بصره، وليحصن فرجه، وليكثر من ذكر الله، وليبتعد عن الطرائق الموصلة إلى مثل هذا المحرم، وليحذر الله في أعراض المؤمنات الغافلات، وليعلم أن قدرة الله عليه أقرب وأعظم من قدرته على من جعلهم الله جل وعلا تحت يديه. وقد تقف من مؤمنة على خطأ أو زلة، أو أمر وقعت فيه، فإن جعلته تهديداً لها تقارفها به وتصل إلى مرادك من خلاله فإن الله جل وعلا عليك أعظم وأقدر، وبينك وبينها الموعد، وهو الوقوف بين يدي الرب عز وجل. ولا بد لكل أحد من أن يوضع في قبره وأن تحل عنه أربطة الكفن، وأن يخلا بينه وبين ملائكة العذاب أو ملائكة الرحمة، وسيسأل في ذلك المكان، ولن يجد أحداً يغيثه إلا الله، فإن كان عمله خيراً فخيراً، وإن كان شراً فشراً، ثم الوقوف بين يدي الرب تبارك وتعالى ليعرض عليه الكتاب الذي: لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا [الكهف:49] . وجماع الأمر كله معرفة الله والخوف منه، فإذا كان العبد عارفاً بربه معظماً لخالقه فإنه لا يمكن أن يجرؤ على مثل هذه الأمور، وإن كان ليس هناك في القلب علم بالله ولا توحيد له، ولا معرفة بحق الله جل وعلا؛ كانت هناك من العبد جرأة على المعاصي وانتهاك للحرمات وإتيان لها، غير مبال بحساب ولا عقاب، وهذا مرده بعد ذلك إلى الوبال والخسران، أعاذنا الله وإياكم من ذلك. |
#14
|
|||
|
|||
تدبر في أمر الله ورسوله بالازدياد من العلم |
#15
|
|||
|
|||
بيان معنى قوله تعالى: (وإخوان لوط)
السؤال: قال الله تعالى في سورة (ق): وَإِخْوَانُ لُوطٍ [ق:13] فكيف يكونون إخوان لوط وهم كفرة ومكذبون بلوط عليه الصلاة والسلام؟ الجواب: كلمة (أخ) في اللغة تطلق أحياناً ويراد بها الأخوة في النسب، وأحياناً تطلق ويراد بها الأخوة في الأرض، وأحياناً تطلق ويراد بها الأخوة في الملة، وأحياناً تطلق ويراد بها الشبه، وبكل ورد القرآن، قال الله جل وعلا: وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا [الأعراف:85] والمقصود: أخاهم أرضاً. وقال جل وعلا: وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا [الأعراف:73] والمقصود: أخاهم نسباً. وقال الله جل وعلا: وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا [القصص:34] والمقصود: أخي نسباً. وقال الله جل وعلا: يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ [مريم:28] والمقصود: أخته شبهاً في التقى والعبادة. فقول الله جل وعلا: (إخوان لوط) محمول على أنه كان أخاً لهم في نفس الأرض التي كانوا يسكنونها؛ لأن لوط إنما بعث إلى قوم ليسوا من عشيرته وهذا وجه. والوجه الآخر: أن كلمة (أخ) مثل كلمة (صاحب)، فلا يراد بالإضافة أن يقصد بها التشريك، وإنما المقصود التعريف، ومثاله في القرآن قول الله جل وعلا عن نبينا صلى الله عليه وسلم وهو يخاطب قريشاً: وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ [التكوير:22] فسمى الله نبيه صاحباً لهم، وليس المقصود الصحبة المعروفة، وإنما المقصود أنه كلمهم وله علاقة معرفية بهم. فهذا المقصود من قول الله جل وعلا: وَإِخْوَانُ لُوطٍ [ق:13]. |
#16
|
|||
|
|||
العادة النبوية وشرط حصول الأجر في اتباعها
السؤال: ما الفرق بين سنة النبي صلى الله عليه وسلم وعادته، وما المطلوب اتباعه؟ الجواب: السنة تطلق ويراد بها معان عديدة، فتطلق أحياناً ويقصد بها الموافقة للكتاب، وحين يقول: (كتاب الله وسنتي) فهذه السنة يمكن أن يندرج فيها العادة، أما إذا أطلقت وأريد بها السنة التعبدية التي أمرنا باتباعه فيها فبعض أهل العلم يخرج مسألة العادة منها، فلا يلزم الإنسان بها، ولكن إذا فعلها المرء تعبداً لله فإنه يؤجر عليها. مثال ذلك: حب النبي صلى الله عليه وسلم طعام الدباء، فهذا أمر جبلي، فكان أنس رضي الله عنه وأرضاه يأمر أهله إذا صنعوا طعاماً أن يضعوا فيه الدباء، ويقول: فما زلت أحبه -أي: الدباء- منذ رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يأكله، فهذا طوع نفسه الجبلية بأن تأخذ بالعادة النبوية، فهذا يندرج في الثواب الذي يؤجر عليه المرء، والعلم عند الله. |
#17
|
|||
|
|||
....................
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
القرآن،خلق،رسول،صفة،سورة |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|