الكبد السوبر والكبد العادة
بقلم خالد منتصر ٢١/ ١١/ ٢٠٠٩
نحن مع الصناعة الوطنية للدواء وتشجيعها وتنميتها، ولكننا أيضاً مع العلم واحترامه، وأى دواء خارج البروتوكول العلمى المقرر والثابت والمعروف لن نؤيده بحجة تشجيع الصناعة الوطنية مهما كان سعره رخيصاً إلى أن يثبت العكس ويمر بجميع مراحل الدراسة العلمية المحترمة، فهل مر ما يطلق عليه «الإنترفيرون المصرى» بجميع هذه المراحل العلمية؟
هذا «الإنترفيرون المصرى» ليس مصرياً بل هو حاصل على براءة اختراع ألمانية، وبراءة الاختراع شىء مختلف تماماً، فهى مجرد إقرار بأن فلان الفلانى هو أول من اكتشف هذا الشىء، أما مسألة جودته من عدم جودته أو مدى فاعليته فهذه قضية أخرى لا دخل لبراءة الاختراع فيها وتحتاج خطوات متعددة وحازمة، منها اختبار مدى فاعلية الدواء وسُميّته وتركيزه وتجربته على الحيوانات ثم الإنسان.... إلخ،
قصة طويلة ومعقدة وتحتاج أحياناً عشرات السنين، لكن هذا الإنترفيرون الألمانى عند تسجيله فى مصر لم يكن قد نُشر عنه أى بحث علمى، والبحث العلمى له شروط محددة، أولها أن يُنشر فى مجلة علمية معترف بها، ومحكمة من قبل محكمين مؤهلين، هذا لم يحدث بشهادة جميع أساتذة الكبد واستشاريى المشروع القومى للكبد، سيسألنى أحد القراء: وهى إيه المشكلة؟!
المشكلة هى أن هذا الدواء قد صدر قرار منذ عدة أسابيع بفرضه على مرضى التأمين الصحى وإجبارهم على صرف هذه الحقن لأنها رخيصة الثمن بغض النظر عن مدى فاعليتها، والمصيبة الأكبر أن مرضى التأمين الصحى كانوا يحولون أتوماتيكياً إلى المشروع القومى للكبد، الذى اعتبره أهم مشروع علاجى حدث فى مصر فى العشرين سنة الأخيرة، الآن مرضى التأمين الصحى محرومون من هذه الميزة وهذا التحويل،
وأصبح لا فرار لهم من هذا «الإنترفيرون المصرى» الذى أجريت عليه دراسة واحدة فقط لا تكفى إطلاقاً لإصدار مثل هذا القرار المجحف الظالم المهدر لتكافؤ الفرص والذى يفرق بين أكباد المصريين الغلابة بتوع التأمين الذين لا يملكون الواسطة وأكباد المحظيين الكوسة وأصحاب الحظوة من الذين يجاملهم التأمين الصحى ويناولونهم من تحت الترابيزة الإنترفيرون العالمى،
والمهم أن د.حاتم الجبلى قد قلص حجم مشكلة السعر وخفض ثمن حقنة الإنترفيرون الأصلية من ألف وأربعمائة جنيه إلى أربعمائة وثمانين جنيها!! وهذا فى حد ذاته إنجاز هائل.
نحن لا نهاجم صناعة وطنية ولا ندافع عن شركات أجنبية ولكننا ندافع عن تكافؤ فرص وعدالة علاج، ونطالب فقط بمزيد من دراسة هذا الدواء الجديد وتجربته على حساب الشركة وليس على حساب المريض، وإخبار المريض بأن هذا الدواء فى طور التجربة وأخذ موافقته على ذلك، فلا يمكن أن يعالج المريض الغلبان بدواء لم يأخذ حظه من الدراسة وبالإجبار فى التأمين الصحى،
بينما هناك مشروع عظيم اسمه «المشروع القومى للكبد» يشرف عليه أساتذة عظام له بروتوكول مقنن ومعروف ويعالج مجاناً بالحقن الأصلية ذات الفاعلية الأكثر والأهم ذات الاعتراف العالمى والدراسات المتعددة، والعجيب أن مريض التأمين محروم من هذا المشروع بفرمان من رئيس التأمين الصحى.
السؤال: هل هناك كبد مصرى سوبر يأخذ الإنترفيرون العالمى وكبد عادة يأخذ إنترفيرون تحت التجربة؟ هل المهم علاج المريض أم تستيف الأوراق وملء الخانات وشكشكة المريض وبعدها يبقى يحلها الحلال؟!