من رحم الهجير يولد النَّدَى

[أم حفصة السلفية]

 

من رحم الهجير يولد النَّدَى

الحمد لله وكفى ، وصلاة وسلامًا على عباده الذين اصطفى . لاسيما عبدُه المصطفى ، وعلى آله وصحبه المستكملين الشرف ، وبعد
فأكتب هذه الكلمات ويملؤني التفاؤل ، ويحدوني الأمل ، وكلي ثقة بأن الفرج قريب ..
فمن رحم الهجير يولد الندى .
ومن المحن تأتي المنح .
وما طال ليل حالك إلا وأعقبه ضوء الفجر .
وما تعاقب بلاء إلا وقرينَه العافية .
وما عظُمت شدة إلا وبيدها اليسر.

فثقوا ، وأبشروا وأملوا
( فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا)
[سورة الشرح]

إذا اشتملتْ على اليأس القلوبُ وَضَاْقَ بِمَا بِهِ الصَّدْرُ الرَّحِيْبُ
وأوطنت المكارهُ واستقرت وَأَرْسَتْ فِي أَمَاكِنِهَا الخُطُوْبُ
ولم ترَ لانكشاف الضرِّ وجهاً ولا أغــنى بحيلتـــه الأريــبُ
أتاكَ على قنوطٍ منك غوثُ يمنُّ بـه اللطيفُ المستـجيـبُ
وكلُّ الحـادثــاتِ إذا تنـاهــتْ فَمَوْصـُولٌ بِهَـا فـَرَجٌ قــَرْيَبُ
أحبتي في الله ...
في أجواء مظلمة ، وخطوب مدلهمة ،
وانحطاط سحيق ، وتدهور مريع تمثل في بعد الناس عن دين ربهم ، وتعلقهم بأمور حسبوها من الدين وما هى من الدين .
وبعد أن أحكم الأعداء قبضتهم بحملات استعمارية صليبية ، وحملات الغزو الفكري الموجهة ،
وجيوش المنصرين الحاقدة يأذن الله ـ جل وعلا ـ بانبعاث هذه الصحوة المباركة فى كل مكان .
صحوة جاءت بعد عدة قرون من الجهل والضعف والتخلف والانحطاط .
صحوة جاءت فى موعدها المقدور عند الله .
كانت مفاجأة ضخمة لكثير من الناس .
إن الذين فوجئوا بهذه الصحوة من الداخل هم هم الذين نقلوا نقطة ارتكازهم نهائياً من الإسلام إلى الحضارة الغربية .
أداروا ظهرهم للإسلام فقد ذهب إلى غير رجعة .
اعتبروا أنفسهم " المثقفين " طليعة الأجيال القادمة المتحررة من كل عقابيل الماضي .

ماضية على طريق التحرر إلى نهاية الشوط .

وإليكم أحبتي شيئاً من أقوالهم التي تنبئكم عن مضاء أحلامهم وبلوغ مآربهم :
1- ( لو وقف الدين الإسلامي حاجزاً بيننا وبين فرعونيتنا لنبذناه ) .
2- ( إننا عزمنا على أن نأخذ كل ما عند الغربيين حتى الالتهابات التى فى رئيهم ، والنجاسات التى فى أمعائهم ) .
3- ( أريد من التعليم أن يكون أوروبياً لا سلطان للدين عليه ، ولا دخول له فيه ) .
4- ( جعلنا ـ أى الخديوى إسماعيل معدداً لمناقبه ـ نلبس الملابس الأوروبية ويريد أن يبطل شريعة الإسلام فى تعدد الزوجات وفى الطلاق بحيث يعاقب بالسجن كل من يتزوج أكثر من واحدة ويمنع الطلاق إلا بحكم محكمة وهو يريد ن يقتلع من أدبنا كل طابع شرقي مما يسميه آثار العبودية والذل والتوكل على الآلهة ) .
5- ( آن الأوان لكى نعتاد عادات الأوروبيين ، ونلبس لباسهم ، ونأكل طعامهم ، ونصطنع أساليبهم فى الحكومة والعائلة والاجتماع والزراعة والصناعة ...
نحن فى حاجة إلى ثقافة حرة أبعد ما تكون عن الأديان ) .
6- ( عرب نعم .. إسلام لا .. أنا لا ييك ـ أى لا دينى ـ ) .
7- ( إذا لم تكن لنا حضارة فلنأخذ الحضارة الغربية وننتهي ) .
8- ( درجت على حب الغرب والإيمان بحضارة الغرب ، واستحال الحب والإعجاب إيماناً بكل ما هو غربي . لم يعتور إيماني ضعف بضرورة الحياة الغربية حتى وأنا أرى الحضارة تهددها الفاشية والنازية ،
وتكاد تتردى بها إلى هاوية الفناء والعدم ، أغلب الناس لا يرون فى حضارة الغرب إلا صورتها المادية
( الراديو والثلاجات والتليفزيون )
مع أن الحضارة الغربية فى أساسها فكر وفن وفلسفة وعلم ، وهذا ما يعنينا من الحضارات .
من الخطأ أن نأخذ إنتاج الحضارة دون أن نتشرب أساسها. وسمة الحضارة الغربية أن العقل فيها مطلق ) .
9- ( لا صلة للعقيدة الدينية بمسائل الأمم ) .
وأما الذين فوجئوا بالصحوة من الخارج فهم الذين بذلوا جهد الشياطين طوال ما يزيد على قرن من الزمان لإبعاد الأمة عن الإسلام بكل الوسائل ، وبالفعل رأوا أجيالاً تبتعد تدريجياً عن الإسلام ..
كل جيل يبتعد أكثر من سابقه عن نقطة ارتكازه الأصيلة ، فظنوا بحساباتهم الأرضية أن الأمة أزمعت أن تخرج نهائياً من الإسلام ولن تعود .
لقد أغفل الفريقان ـ من الداخل والخارج ـ عدة حقائق :
الأولى : أن الذي يدبر أمر هذا الكون ليسوا هم إنما هو الله - جل وعلا – (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ )
[سورة يوسف:21]
( يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ )
[سورة الصف] .
الثانية : أن المسلمين صحبوا هذا الدين قروناً قبل أن يجيئوا بسمومهم ليفتنوا الناس عن دين ربهم ،
وامتزجت بهذا الدين مشاعرهم ، وأصبح حياتهم وفكرهم ونبض قلوبهم ،
فلا عجب أن يرجعوا إليه ولو غفلوا عنه فترة .
الثالثة : أن هذا الدين حق ، لا تنطبق عليه تخرصاتهم التى انطبقت على دين أوربا الجاهلى الذى انتهى إلى غير رجعة ،
وخلى مكانه بصفة نهائية للتقدم العلمي والتكنولوجي ، فتخرصاتهم لا تنطبق على دين الحق الذى حفظ الله أصوله فلم يطرأ عليه تبديل ولا تحريف ، والذى يملك الناس فى كل لحظة الرجوع إلى أصوله الصحيحة المحفوظة .
إنها لمعجزة عظيمة تلك العودة الصادقة ،
والصحوة المباركة فى كل قطر إسلامي يُقبل الناس إلى الدين بعد فراق .
تنساب قوافل التائبين فى كل حين على طريق الحق غير أبهة بتعالى صيحات الباطل .
انبعثت الصحوة وخرجت من رحم الهجير ؛ لتخوض صراعاً عنيفاً ، وجولات حامية مع الوقع المظلم .
تفجر ينبوع ثر يحاول أن يسقى الأمة العطشى ماء زلالاً .
أفراد وجماعات وجمعيات ،
طلاب علم ودعاة وعلماء ، فتية وشباب ورجال ، فتيات وأخوات وأمهات ممن منَّ الله عليهم بالانتساب لهذه الصحوة كل على ثغره ،
وبقدر استطاعته يعمل لإيصال الخير الذى منَّ الله عليهم به إلى غيرهم .
كلٌ يحاول أن يكون لبنة لصرح الإسلام الذى تصدع قروناً .
ولكنًّ قطاعَ الطريق قد جاءوا من كل حدب وصوب . اختلفوا فيما بينهم واتفقوا على عدو مشترك ( الصحوة ) .
راحوا يهدمون اللبنات لبنة لبنة بمعاول هدم مختلفة
[ أقلام مسمومة ـ أبواق ناعقة ... ]
ُيلَّبسون على الناس أمر دينهم ، ويشوهون صورة أهل الحق ، ويجملون صورة أهل الباطل .
ضاقت الصدور من هذا الفجور ,
تعالت صيحات المؤمنين " متى ينصر هذا الدين ؟ " .
نبني فى شهور وسنين ، ويهدمون بيسر ولين .
أحبتي فى الله ...
لقد نسي الكثير من أبناء الصحوة المباركة أن لله سنناً لا تتغير ولا تتبدل من أعظم هذه السنن سنةُ الدفع التى قررها القرآن الكريم .
لتكون سبباً فى تثبيت فؤاد الموحدين ، وبشرى بالنصر والتمكين .

والله من وراء القصد ،،،

المراجع

القرآن الكريم ـ واقعنا المعاصر للأستاذ محمد قطب -
سلسلة إعداد الرجال لخليل إبراهيم –
تجريد الأسنة فى وجوه المعتدين على السنة د/ بدران العياري ـ
أعلام وأقزام في ميزان الإسلام د/ سيد العفاني .

م ن ق و ل

[أم الزبير محمد الحسين]

جزاكِ الله خيراً

[أم حفصة السلفية]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم الزُبير السلفية

جزاكِ الله خيراً

وخيرا جزاكم ونفع بكم