انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات الشرعية ::. > ملتقيات علوم الغاية > الفقه والأحكــام

الفقه والأحكــام يُعنى بنشرِ الأبحاثِ الفقهيةِ والفتاوى الشرعيةِ الموثقة عن علماء أهل السُنةِ المُعتبرين.

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #41  
قديم 07-17-2008, 03:32 AM
أبو الفداء الأندلسي أبو الفداء الأندلسي غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

القاعدة الحادية عشر : لا يصح تخصيص العام بالعرف سواء كان العرف قوليا أو عمليا

جريان عمل السلف الصالح يدل على أنهم ما كانوا يخصصون الأدلة الشرعية العامة بالعرف سواء كان العرف قوليا أو عمليا : لأنه مما لاشك فيه أن من الأمصار من كان لها عرفا يخالف العموم ، ومع ذلك لم يكونوا يلتفتون إلى ذلك العرف ، قال السمعاني في قواطع الأدلة ( 1/193 ) : وأما التخصيص بالعرف والعادة فقد قال أصحابنا لا يجوز تخصيص العموم به ، لأن الشرع لم يوضع على العادة ، وإنما وضع على ما أراد الله تعالى ، ولا معنى للرجوع إلى العادة في شيء من ذلك . والله أعلم . انتهى .

القاعدة الثانية عشر : قول الصحابي قد يخصص العام

الأصل أن الصحابي لا يترك العام ويعمل بخلافه إلا لقرينة ثبتت عنده تصلح للتخصيص فالصحابي أدرى بمراد الشرع وأفهم للمقصود من الدليل ، قال شيخ الإسلام كما في اقتضاء الصراط المستقيم ( 276 ) : يجوز تخصيص عموم الحديث بقول الصاحب الذي لم يخالف على إحدى الروايتين .

القاعدة الثالثة عشر : لا يصلح تخصيص العام بالعقل

العام لا يخصص بالعقل وإنما يخصص بالدليل ، ولذلك لم يكن الصحابة يخصصون العموم إلا بنص ولا يخصصونه بالعقل ، وحجة من قال أن العموم يخصص بالعقل قوله تعالى : { تُدِمِّرُ كُلَّ شيءٍ }[ الأحقاف : 21 ] ومعلوم بالعقل أنها لم تدمر كلَّ ما على الأرض ، وقوله تعالى { الله خَالِقُ كل شَيءٍ } ومعلوم أن صفات الله غير مخلوقة .
والجواب : أن هذا ليس من باب تخصيص العام بالعقل ، وإنما هو من باب العموم الذي يراد به الخصوص ، وعليه فلا يصح الاستدلال بهذه الآيات ونحوها على تخصيص العام بالعقل .

القاعدة الرابعة عشر : لا يصح تخصيص العام بالقياس

القياس باب من أبواب الاجتهاد ، والاجتهاد لا يخصص به العام ، لأن الاجتهاد يتطرق إليه احتمال الخطأ ، وما يطرق إليه احتمال الخطأ لا يغير النص ولا يخرجه عن عمومه ، ولأن العموم أصل والقياس فرع ، والفرع لا يغير الأصل ، ولذلك لم يأت عن الصحابة تخصيص نص من النصوص العامة بالقياس .




القاعدة الخامسة عشر : كما أنه لا يشرع إطلاق ما دل الدليل على تقييده كذلك لا يشرع تقييد ما دل الدليل على أنه مطلق

تقييد ما دل الدليل على أنه مطلق لا يشرع لأنه تغيير لحكم الله ، فمثلا بعض الأذكار المطلقة الغير مقيدة لا يشرع للمسلم أن يقيدها بوقت من الأوقات أو بزمن من الأزمنة بل يعمل بها على إطلاقها من غير تقييد لها ، قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى ( 20/196 ) : قاعدة شريفة : شرع الله ورسوله للعمل بوصف العموم والإطلاق لا يقتضي أن يكون مشروعا بوصف الخصوص والتقييد ، فإن العام والمطلق لا يدل على ما يخص بعض أفراده ويقيد بعضها ، فلا يقتضي أن يكون ذلك الخصوص والتقييد مشروعا .. ، مثال ذلك : أن الله دعاءه وذكره شرعاً مطلقا عاماً ، فقال { اذْكُرو الله ذِكْرًا كَثِيرًا } وقال :{ ادعُوا رَبَّكُمْ تضَرُّعًا وخُفْيةً } [ الأعراف : 55 ] ونحو ذلك من النصوص ، فالاجتماع للدعاء والذكر في مكان معين ، أو زمان معين أو الاجتماع لذلك تقييد للذكر والدعاء لا تدل عليه الدلالة العامة المطلقة بخصوصه وتقييده . انتهى .

يتبع إن شاء الله
رد مع اقتباس
  #42  
قديم 07-18-2008, 09:00 PM
أبو الفداء الأندلسي أبو الفداء الأندلسي غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي


القاعدة السادسة عشر : الخطاب الموجه للرسول صلى الله عليه وسلمعام لجميع الأمة إلا إذا دل دليل على التخصيص

الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يفهمون من الخطاب الموجه للرسول صلى الله عليه وسلمأنه عام لجميع الأمة ، فقد قال الله تعالى:{يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم } [ التحريم : 1] .
قال ابن عباس : في الحرام يُكَفَّر ، وقال { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة } [ الأحزاب : 21 ] أخرجه البخاري ( 4911 ) .
يقصد ابن عباس الآية المذكورة في خطاب النبي صلى الله عليه وسلموهي في أول سورة التحريم ، فهي خطاب للنبي صلى الله عليه وسلموقد فهم منها ابن عباس أن حكمها لجميع الأمة .
قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى ( 22/322 ) : ولهذا كان جمهور علماء الأمة أن الله إذا أمره بأمر أو نهاه عن شيء كانت أمته أسوة له في ذلك ، ما لم يقم دليل اختصاصه . انتهى .

القاعدة السابعة عشر : خطاب الشارع للواحد خطاب لجميع الأمة

الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يفهمون من خطاب الشارع للواحد منهم أنه لجميع الأمة ، ومن الأدلة على هذا حديث معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلمقال له : (( يا معاذ والله إني لأحبك ، أوصيك يا معاذ لا تدعن دبر كل صلاة تقول : اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك )) فأوصى معاذ بهذا الذكر الراوي عنه وهو الصنابحي . أخرجه أبو داود (1522) .
فهذا الخطاب كان موجها لمعاذ ولم يفهم منه معاذ أن ذلك خاص به فقط .
قال الشوكاني في إرشاد الفحول ( 194 ) على هذه القاعدة : والحاصل في هذه المسألة على ما يقتضيه الحق ويوجبه الإنصاف عدم التناول لغير المخاطب من حيث الصيغة ، بل بالدليل الخارجي ، وقد ثبت عن الصحابة فمن بعدهم الاستدلال بأقضيته الخاصة بالواحد أو الجماعة المخصوصة على ثبوت مثل ذلك لسائر الأمة .. إلى أن يقوم الدليل الدال على اختصاصه بذلك . انتهى .

القاعدة الثامنة عشر : دخول النساء في الخطاب الموجه للذكور

دخول النساء في الخطاب الموجه للذكور دلَّ عليه الاستقراء ، يقول شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى ( 6/437 ) : وقد عهدنا من الشارع في خطابه أنه يعم القسمين ويدخل النساء بطريق التغليب ، وحاصله أن هذه الجموع تستعملها العرب تارة في الذكور المجردين وتارة في الذكور والإناث ، وقد عهدنا من الشارع أن خطابه المطلق يجـري على النمط الثاني ، وقولنا : المطلق احتراز من المقيد مثل قوله : {والمؤمِنُونَ والمؤمِنَاتُ } [ التوبة : 69 ] . انتهى .

القاعدة التاسعة عشر : الاستثناء الوارد بعد عدة جمل يرجع إلى جميع الجمل

استقرأ شيخ الإسلام ابن تيمية نصوص الشرع فوجد أن الاستثناء الوارد بعد عدة جمل يرجع إلى جميع الجمل إلا إذا أتت قرينة تدل على أن الاستثناء يرجع للجملة الأخيرة ، فقد قال في مجموع الفتاوى ( 31/167 ) : وقد ثبت بما روي عن الصحابة أن قوله : { إلا الذين تابوا }[ البقرة : 154 ] في آية القذف عائد إلى الجملتين ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (( لا يؤمَنَّ الرجل الرجل في سلطانه ، ولا يجلس على تكرمته إلا بإذنه )) وهذا كثير في الكتاب والسنة ، بل من تأمل غالب الاستثناءات الموجودة في الكتاب والسنة التي تعقبت جملا وجدها عائدة إلى الجميع ، هذا في الاستثناء فأما في الشرط والصفات فلا يكاد يحصيها إلا الله ، وإذا كان الغالب على الكتاب والسنة وكلام العرب عود الاستثناء إلى جميع الجمل فالأصل إلحاق الفرد بالأعم الأغلب . انتهى .

القاعدة العشرون : الأصل أن حكاية الفعل تدل على العموم

قول الصحابي : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلمعن المزابنة وقضى بالشفعة فيما لم يقسم ونحو ذلك يقتضي العموم ، قال العلامة الأمين الشنقيطي في كتابه مذكرة في أصول الفقه ( 253 ) : واقتضاؤه العموم هو الحق لأن الصحابي عدل عارف فلا يروي ما يدل على العموم إلا وهو جازم بالعموم ، والحق جواز الحديث بالمعنى ، وعدالة الصحابي تنفي احتمال منافاة حكاية لما حكى كما هو ظاهر . انتهى .

يتبع إن شاء الله
رد مع اقتباس
  #43  
قديم 07-19-2008, 10:33 PM
أبو الفداء الأندلسي أبو الفداء الأندلسي غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

الـمــفــهـــوم

القاعدة الأولى : مفهوم الموافقة حجة

الأدلة الشرعية تأتي أحياناً بحكم ويكون مالم يذكر مع الحكم في ذلك الدليل مثل الحكم المنصوص عليه أو يكون ما لم يذكر أولى مما ذكر ، كقوله تعالى : { فلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ } [ الإسراء : 23 ] يدل على أن الضرب أولى بالمنع وعلى هذا جرى فهم السلف ، قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى ( 21/207 ) : بل وكذلك قياس الأولى وإن لم يدل عليه الخطاب ، لكن عرف أنه أولى بالحكم من المنطوق بهذا ، فإنكاره من بدع الظاهرية التي لم يسبقهم بها أحد من السلف ، فما زال السلف يحتجون بمثل هذا وهذا وقال أيضا ( ص : 209 ) : وكذلك إذا نهى عن قتل الأولاد للإملاق فنهيه عن ذلك مع الغنى واليسار أولى وأحرى ، فالتخصيص بالذكر قد يكون للحاجة إلى المعرفة ، وقد يكون المسكوت عنه أولى بالحكم ، فتخصيص القميص ( أي في الحج ) دون الجلباب ، والعمائم دون القلانس ، والسراويلات دون التبابين هو من هذا الباب ، لا لأن كل ما لا يتناوله اللفظ فقد أذن فيه . انتهى .

القاعدة الثانية : مفهوم المخالفة حجة

العمل بمفهوم المخالفة قد عمل به الصحابة وأقره النبي صلى الله عليه وسلمفعن يعلى بن أمية قال : قلت لعمر بن الخطاب : {فليْسَ عَليْكُمْ جُنَاحٌ أنْ تَقصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنكُمُ الذينَ كَفَرُوا } [ النساء : 101 ] فقد أمن الناس! فقال : لقد عجبت مما عجبت منه ، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلمعن ذلك فقال : ( صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته ) .
أخرجه مسلم ( 686 ) .
فالآية تدل على أن القصر في السفر يكون من أجل الخوف ، ومفهوم المخالفة أن المسافر لا يقصر الصلاة إذا كان آمناً ، ولم ينكر النبي صلى الله عليه وسلمعلى عمر العمل بمفهوم المخالفة وإنما بين له أن مفهوم المخالفة لا يعمل به هنا في هذه الآية .

القاعدة الثالثة : إذا دل الدليل على أن ما خص بالذكر ليس مختصا بالحكم لم يكن مفهوم المخالفة حينئذ حجة

قال تعالى في كتابه الكريم : { لِتَأكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا } [ النحل : 7 ] فتخصيص وصف اللحم بكونه طريا لا يدل على أن غير الطري محرم ، وذلك لأن التخصيص هنا بذكر ( الطري ) ليس لكونه مختصاً بالحكم ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في بيان الأسباب التي تدل على أن التخصيـص بالذكر سبب غير التخصيص بالحكم كما في مجموع الفتاوى ( 31/138 ) : إما عدم قصد بيان حكمه ، أو كون المسكوت أولى بالحكم منه ، أو كونه مساوياً له في بادئ الرأي ، أو كونه سئل عن المنطوق ، أو يكون قد جرى بسبب أوجب بيان المنطوق ، أو كون الحاجة داعية إلى بيان المنطوق ، أو كون الغالب على أفراد ذلك النوع هو المنطوق ، فإذا علم أو غلب على الظن أن لا موجب للتخصيص بالذكر من هذه الأسباب ونحوها علم أنه إنما خصه بالذكر لأنه مخصوص بالحكم . انتهى .

يتبع إن شاء الله
رد مع اقتباس
  #44  
قديم 07-20-2008, 08:46 AM
صاحبة القلادة صاحبة القلادة غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

جزاكم الله خير
رد مع اقتباس
  #45  
قديم 07-24-2008, 03:44 AM
أبو الفداء الأندلسي أبو الفداء الأندلسي غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

الأحـكــام التكليـفـيـة

المراد بالحكم التكليفي هو خطاب الشرع المتعلق بأفعال العباد بالاقتضاء أو التخيير .
وكلمة ( اقتضاء ) معناها الطلب بالفعل أو الترك .
والحكم التكليفي خمسة أقسام هي :
1 ـ الواجب : وهو ما يلزم المكلف فعله فيثاب على فعله ويعاقب على تركه .
2 ـ المندوب : وهو ما يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه .
3 ـ المحرم : وهو ما يلزم المكلف تركه فيعاقب على فعله .
4 ـ المكروه : وهو ما يثاب تاركه ولا يعاقب فاعله .
5 ـ المباح : هو ما لا يثاب تاركه ولا يعاقب فاعله .
وإليك بيان قواعدها بالتفصيل :

الـواجـــب

القاعدة الأولى : الفرق بين الواجب والفرض ليس بصحيح

الحنفية يفرقون بين الواجب والفرض ، فالواجب عندهم ما ثبت بدليل ظني ( أي بخبر الآحاد ) .
والفرض عندهم ما ثبت بدليل قطعي ( أي بالخبر المتواتر ) .
وهذا التفريق خلاف ما كان عليه السلف الصالح فإنهم ما كانوا يفرقون بين الواجب والفرض ، بل كان الواجب والفرض عندهم بمنزلة واحدة وذلك لأنهم لم يكونوا يفرقون بين الآحاد والمتواتر من ناحية العمل بهما .

القاعدة الثانية : الواجب الذي ليس له وقت محدد يجب المبادرة إلى فعله

قوله تعالى : { وسارعوا إلى مغفرة من ربكم }[ آل عمران : 133 ] .
يدل على وجوب المبادرة إلى أداء ما أوجبه الشارع ولم يجعـل لـه وقتا محدداً كقضاء الصيام والنذر ، للأمر بذلك ، قال الشاطبي في الموافقات ( 1/110 ) : وأما المقيدة بوقت العمر فإنها لما قيد آخرها بأمر مجهول ، كان ذلك علامة على طلب المبادرة والمسابقة في أول أزمنة الإمكان ، فإن العاقبة مغيبة فإذا عاش المكلف في مثله ما يُؤديِّ ذلك المطلوب ، فلم يفعل مع سقوط الأعذار عُدَّ ولا بدَّ مفرِّطاً ، وأثـمه الشافعي لأن المبادرة هي المطلوب ، لا أنه على التحقيق مخير بين أول الوقت وآخره ، فإن آخره غير معلوم وإنما المعلوم منه ما في اليد الآن . انتهى .

القاعدة الثالثة : الواجب إذا لم يكن الإتيان بتمامه فإن المسلم يأتي بما يستطيع منه

الواجب الذي لا يمكن الإتيان بتمامه فإن المكلف يأتي بما يستطيع من ذلك الواجب ، كالذي لا يستطيع القيام في الصلاة فإنه يُصلي جالساً ، فقد قال عليه الصلاة والسلام : (( ما نهيتكم عنه فاجتنبوه ، وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم )) . أخرجه مسلم ( 1337 ) من حديث أبي هريرة .

القاعدة الرابعة : ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب

ما ورد فيه الدليل بإيجابه ، وكان ذلك الواجب لا يؤدَّى إلا بعمل من الأعمال حتى يمكن فعله ، فإن ذلك العمل المؤدي إلى الواجب يعتبر واجبا ولو لم يرد فيه دليل على وجوبه ، ومن الأدلة على هذه القاعدة حديث أبي سعيد الخدري قال : لما بلغ النبي صلى الله عليه وسلمعام الفتح مرَّ الظهران فآذننا بلقاء العدو ، فأمرنا بالفطر فأفطرنا أجمعون . أخرجه الترمذي ( 1684 ) وقال : هذا حديث حسن صحيح .
فالفطر للصائم المسافر مباح ، ولكن لما كان الجهاد ( وهو واجب ) لا يتم إلا بالفطر حتى يتقووا على الجهاد أمرهم النبي صلى الله عليه وسلمبالإفطار ، فصار الفطر واجباً ، لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم ( 207 ) على هذه القاعدة : اللغة العربية من الدين ومعرفتها فرض واجب ، فإن فهم الكتاب والسنة فرض ، ولا يفهم الدين إلا بفهم اللغة العربية وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، ثم منها ما هو واجب على الأعيان ومنها ما هو واجب على الكفاية . انتهى .

يتبع إن شاء الله
رد مع اقتباس
  #46  
قديم 07-26-2008, 02:45 AM
أبو الفداء الأندلسي أبو الفداء الأندلسي غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي


القاعدة الخامسة : ما لا يتم الواجب المشروط إلا به فهو غير واجب

الواجبات التي جعل لها الشارع شروطاً لا تجب إلا بتلك الشروط ، فإنه لا يجب على المكلف إيجاد تلك الشروط لذلك الواجب ، لأن الله تعالى لم يوجب على العبد إيجاد ذلك الشرط ، وإنما أوجب ذلك الواجب متى وجد ذلك الشرط ، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى ( 20/160 ) : فإن العبد إذا كان مستطيعاً للحج وجب عليه الحج ، وإذا كان مالكاً لنصاب وجبت عليه الزكاة فالوجوب لا يتم إلا بذلك ، فلا يجب عليه تحصيل استطاعته الحج ولا ملك النصاب . انتهى .

القاعدة السادسة : الواجب الذي لم يحدد له الشارع حداً فإنه يجب على المكلف أن يأتي منه ما يغلب على الظن أنه أدى ما وجب عليه من ذلك الواجب

الواجب باعتبار تحديده ينقسم إلى قسمين :
ـ القسم الأول :
واجب محدد ، وهو الذي جعل له الشارع مقداراً معيناً ، كمواقيت الصلوات الخمس ، وما يغسل من الأعضاء في الوضوء ، وكصفة زكاة القوال وغير ذلك ، فهذا ينبغي الوقوف مع ما حدده الشارع وقدره من غير تجاوز .
ـ القسم الثاني :
واجب غير محدد ، وهو الواجب الذي لم يجعل له الشارع مقداراً محدداً ، فيرجع في ذلك إلى إعمال النظر والفكر فيعمل بما يغلب على ظنه أنه أداه من تلك الواجبات الغير محددة ، وفي هذا يقول الشاطبي في الموافقات ( 1/112 ) : فإذا قال الشارع : {وأطْعَمُوا القَانِعَ والمعُتَرَّ } [الحج : 36 ] أو { وأنْفِقُوا فيِ سَبيلِ اللهِ } [ البقرة :191 ] فمعنى ذلـك طلب رفع الحاجة في كل واقعة بحسبها من غير تعيين مقدار ، فإذا تعينت حاجة تبين مقدار ما يحتاج إليه فيها بالنظر لا بالنص ، فإذا تعين جائع فهو مأمور بإطعامه وسد خلته بمقتضى ذلك الإطلاق ، فإن أطعمه مالا يرفع عنه الجوع ، فالطلب باق عليه مالم يفعل من ذلك ما هو كاف ورافع للحاجة التي من أجلها أمر ابتداءاً . انتهى .

القاعدة السابعة : الواجب المخير يسقط بفعل واحد من أفراده ، ولا يشرع الجمع بين أفراده

هناك بعض الواجبات يخير المكلف في فعل واحدة من أفرادها من غير تعيين فإذا فعل واحدة من تلك الأفراد سقط عنه ذلك الواجب ، ومثاله : قال الله تعالى في كتابه الكريم { لايُؤاخَذُكُمُ اللهُ بالَّلغْوَ فِي أيْمَانِكُم ولَكِنْ يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُمُ الأيْمَان فكفَّارَتُهُ إطْعامُ عَشَرةِ مَسَاكِينَ مِنْ أوْسَطِ ما تُطعِمونَ أهْليكُمْ أوْ كِسْوتُهمْ أو تحْريرُ رَقبةٍ فمَنْ لم يَجدْ فصِيامُ ثَلاثةِ أيَّامٍ ذلكَ كفَّارةُ أيمانِكُم إذَا حَلفْتُم } [ المائدة : 89 ] فلفظة ( أو ) تدل على التخيير في كفارة اليمين بين الإطعام أو الكسوة أو العتق.
ولا يشرع الجمع بين أفراد الواجب المخير ، لأن الجمع بين أفراده لم يرد في الشرع وإنما ورد في الشرع التخيير فيصير الجمع بين أفراده بدعة في الدين .

القاعدة الثامنة : الواجب الكفائي إذا قام به البعض سقط الإثم عن الباقين

ينقسم الواجب باعتبار ذاته إلى قسمين :
ـ القسم الأول : واجب عيني وهو الذي يلزم كل مكلف فعله ، كالصلوات الخمس والزكاة والصيام وغير ذلك .
ـ القسم الثاني : واجب كفائي وهو الذي إذا قام به البعض سقط الإثم عن الباقين ، والضابط في معرفته هو أنه لا يكون فيه أمر لجميع المكلفين بفعله ، لكن يحصل بترك ذلك الفعل الضرر إذا تركه جميع المسلمين ، كالرد على أهل البدع قال الشافعي في الرسالة ( 366 ) في الواجب الكفائي : وهكذا كل ما كان الفرض فيه مقصوداً قصد الكفاية فيما ينوب ، فإذا قام به من المسلمين من فيه الكفاية خرج من تخلف عنه من الإثم ، ولو ضيعوه معاً خفت ألا يخرج واحد منهم مطيق فيه مـن المأثم ، بل لا أشك إن شاء الله لقولـه : { إلاَّ تنْفِروا يعَذِّبكُمْ عَـذَابًا أليمًا }[ التوبة : 37 ] قال : فما معناها ؟ قلت : الدلالة عليها أن تخلفهم عن النفير كافة لا يسعهم ، ونفير بعضهم إذا كانت في نفيرهم كفاية يُخْرِجُ مَنْ تَخَلَّفَ مِنَ المأثم إن شاء الله ، لأنه إذا نفر بعضهم وقع عليهم اسم النفير . انتهى .
قلت : وهذه القاعدة تحتاج إلى بيان أمور :
الأمر الأول : أنه لو قام جماعة بالواجب الكفائي ولكن لم يف قيامهم حصول المقصود من ذلك الواجب الكفائي فإن ذلك الواجب الكفائي لا يزال قائما ولا يسقط حتى يحصل المقصود منه ، وعلى هذا يدل آخر كلام الشافعي .
الأمر الثاني : الواجب الكفائي يسقط بفعل غير المكلف له ، إذا حصل المقصود من الواجب الكفائي ، وليس في الأدلة ما يدل أنه لا يسقط إلا بفعل المكلفين فقط .
الأمر الثالث : الواجب الكفائي لا يتعلق بالأمور الدينية فقط ؟ بل يشمل جميع ما يحتاج إليه المسلمون في حياتهم الدنيوية لأنه يحصل الضرر لهم بترك جميعهم له ومنه تعلم أن تقييد الغزالي للواجب الكفائي بالأمور الدينية تقييد غير صحيح .
الأمر الرابع : الواجب الكفائي لا يلزم بالشروع فيه فيجوز قطعه بعد الشروع فيه ، وذلك لأن الواجب الكفائي لا يجب ابتداؤه على من ابتدائه وعليه فلا يجب إتمامه ، ولم يأت من أوجب إتمامه بحجة ، لكن إذا أتى الدليل على وجوب إتمامه فإنه يجب إتمامه لذلك الدليل ، كالأدلة التي تدل على وجوب الجهاد لمن حضر الصف .

القاعدة التاسعة : إذا تعارض واجبان فإنه يقدم الآكد منهما وجوباً

الواجبات الشرعية ليست على درجة واحدة فبعض الواجبات آكد وجوباً من واجبات أخرى ، فإذا تعارض واجبان فإنه يقدم الآكد منهما وجوباً على الآخر الذي دونه في الوجوب لقوله تعالى : { فاتَّقُوا الله مَا اسْتطعْتُم } [ التغابن : 16 ] قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى ( 17/61 ) : ومن المعلوم بالاضطرار تفاضل المأمورات : فبعضها أفضل من بعض ، وبعض المنهيات شر من بعض . انتهى .

القاعدة العاشرة : كل لفظ دل على أنه يلزم فعل شيء من الأفعال فإن ذلك اللفظ يؤخذ منه وجوب ذلك الفعل

قال ابن القيم في بدائع الفوائد ( 2/218 ) : ويستفاد الوجوب بالأمر تارة ، وبالتصريح بالإيجاب والفرائض والكتب ولفظه ( على ) ولفظه ( حق على العباد ) و ( على المؤمنين ) وترتيب الذم والعقاب على الترك وإحباط العمل بالترك وغير ذلك . انتهى .

يتبع إن شاء الله

رد مع اقتباس
  #47  
قديم 07-28-2008, 07:42 PM
أبو الفداء الأندلسي أبو الفداء الأندلسي غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

الـمـنـــدوب

القاعدة الأولى : حكم معرفة المندوب واجب على الكفاية

قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى ( 4/436 ) : ومعرفة ( الاستحباب ) فرض على الكفاية ، لئلا يضيع شيء من الدين . انتهى .
قلت : وكذلك ما لا يجب على كل مكلف معرفته من الأحكام التكليفية الخمسة فهو فرض على الكفاية .

القاعدة الثانية : المندوب لا يجب بالشروع فيه

المندوب لا يجب بالشروع فيه ، لأن ما لا يجب ابتداؤه لا يجب إتمامه ، يقول عطاء إن ابن عباس كان لا يرى بأسا أن يفطر إنسان في التطوع ويضرب أمثالا : طاف سبعا فقطع ولم يوفه فله ما احتسب ، أو صلى ركعة ولم يصل أخرى فله ما احتسب ، أو يذهب بمال يتصدق به ، فيتصدق ببعضه وأمسك بعضه . أخرجه عبد الرزاق ( 4/271 ) .
ويستثنى من ذلك التطوع بالحج أو العمرة فإنهما يجب إتمامهما إذا ابتدأهما المسلم ولو كان أصلهما تطوعاً لقوله تعالى : { وأتمُّوا الحَجَّ والعمْرةَ للهِ } [ البقرة : 196 ] . الآية .
قال ابن عبد البر كما في البحر المحيط ( 1/384 ) : من احتج على المنع بقوله تعالى : { ولاتَبطِلُوا أعْمَالَكُم }[ محمد : 33 ] فإنه جاهل بأقوال العلماء فإنهم اختلفوا فيها على قولين : فأكثرهم قالوا : لا تبطلوها بالرياء وأخلصوها ، وهم أهل السنة ، وقيل : لا تبطلوها بالكبائر وهو قول المعتزلة . انتهى .


القاعدة الثالثة : السنة إذا أدى فعلها إلى فتنة فإنها تترك مؤقتا تأليفا للقلوب إلى أن يعلمها الناس

السنة لا تؤدي إلى الفتنة وإنما جهل الناس بها هو الفتنة ، لذلك ينبغي على المسلم إذا كان يريد أن يحيي سنة من السنن بين أناس جاهلين بتلك السنة أن يعلمهم تلك السنة قبل تطبيقها بينهم فإن رضوا كان بها وإن لم يرضوا فلا يفعلها بينهم ، حتى لا يؤدي ذلك إلى تنفير القلوب ، قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى ( 22/407 ) : ويستحب للرجل أن يقصد إلى تأليف القلوب بترك هذه المستحبات لأن مصلحة التأليف في الدين أعظم من مصلحة فعل مثل هذا ، كما ترك النبي صلى الله عليه وسلمتغيير بناء البيت لما في إبقائه من تأليف القلوب . انتهى .

القاعدة الرابعة : لا يترك المندوب إذا صار شعاراً للمبتدعة

لا يترك المندوب إذا صار شعاراً للمبتدعة ، كلبس الثوب إلى نصف الساق ، فإنه لو صار شعاراً لبعض المبتدعة فلا يترك لبس الثوب إلى نصف الساق من أجل أنه صار شعاراً للمبتدعة مثلاً ، وعلى هذا كان السلف رضوان الله عليهم فإنهم كانوا لا يتركون العمل المستحب في الشرع الذي صار شعاراً للمبتدعة .
وقد ذهب الغزالي في الإحياء إلى المنع من العمل بسنة من السنن إذا صارت شعاراً لأهل البدعة حتى لا يتشبه بهم .
وقد تعقبه الألباني رحمه الله فقال في حاشية إصلاح المساجد ( 23 ) : ليس هذا من التشبه بهم في شيء بل هو تشبه بمن سن السنة وهو الرسول صلى الله عليه وسلمفإذا أخذ بها بعض الفساق فليس ذلك بالذي يمنع من استمرار الحكم السابق وهو التشبه به صلى الله عليه وسلم. انتهى .

يتبع إن شاء الله
رد مع اقتباس
  #48  
قديم 07-30-2008, 03:15 AM
أبو الفداء الأندلسي أبو الفداء الأندلسي غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

الـمــكــــروه

القاعدة الأولى : المكروه هو كل ما لم ينه عنه الشارع نهيا جازماً

المكروه هو مرتبة بين المباح والحرام فيثاب تاركه ولا يعاقب فاعله ، ويعرف بأن هذا الشيء مكروه في الشرع بأن يكون ورد فيه نهي لكن ذلك النهي جاء ما يدل على أنه ليس المراد به نهي تحريم .
عن أم عطية قالت : ( نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا ) . أخرجه البخاري ( 1278 ) .
قال الحافظ في الفتح ( 3/173 ) : قولها : ( ولم يعزم علينا ) لم يؤكد علينا في المنع كما أكد علينا في غيره في المنهيات فكأنها قالت : كره لنا اتباع الجنائز من غير تحريم . انتهى .

القاعدة الثانية : مراد الشرع بكلمة ( المكروه ) هو ( الحـرام )

( المكروه ) في الشرع يطلق على المحرم ، كما قال تعالى في كتابه : {ولاتمْشِ في الأرْضِ مرحًا إنَّكَ لنْ تَخْرقَ الأرضَ ولَنْ تبْلُغَ الجبَالَ طُولاً (37) كُلُّ ذَلكَ كانَ سيئُهُ عنْدَ ربِّكَ مَكْروهًا } [ الإسراء:38 ] . فانظر كيف أطلق ( المكروه ) على الشيء المحرم .
وكذلك السلف الصالح كانوا يطلقون ( المكروه ) على الشيء المحرم تورعا ، فكانوا يتورعون أن يقولوا على الشيء الذي ليس فيه نص مبين على تحريمه (هذا حرام) وإنما يقولون (هذا مكروه ) .
قال ابن القيم في اعلام الموقعين ( 1/35 ) : فالسلف كانوا يستعملون الكراهة في معناها الذي استعملت فيه في كلام الله ورسوله ، ولكن المتأخرون اصطلحوا على تخصيص الكراهة بما ليس بمحرم وتركه أرجح من فعله ثم حصل من حمل منهم كلام الأئمة على الإصطلاح الحادث فقط ، وأقبح غلطاً منه من حمل لفظ ( الكراهة ) أو لفظ ( لا ينبغي ) في كلام الله ورسوله على المعنى الاصطلاحي الحادث . انتهى .

يتبع إن شاء الله


رد مع اقتباس
  #49  
قديم 08-03-2008, 04:29 AM
أبو الفداء الأندلسي أبو الفداء الأندلسي غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

الـمــحــــرم

القاعدة الأولى : المحرمات متفاوتة
المحرمات ليست على درجة واحدة بل هي متفاوتة ، فبعض المحرمات أشد تحريما من بعض ، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى ( 17/59 ) : ولهذا ذهب جمهور الفقهاء إلى تفاصيل أنواع الإيجاب والتحريم وقالوا : إن إيجاب أحد الفعلين قد يكون أبلغ من إيجاب الآخر ، وتحريمه أشد من تحريم الآخر ، فهذا أعظم إيجاباً ، وهذا أعظم تحريماً ، ولكن طائفة من أهل الكلام نازعوا في ذلك كابن عقيل وغيره فقالوا : التفاضل ليس في نفس الإيجاب والتحريم ، لكن في متعلق ذلك وهو كثيرة الثواب والعقاب ، والجمهور يقولون بل التفاضل في الأمرين ، والتفاضل في المسببات دليل على التفاضل في الأسباب ، وكون أحد الفعلين ثوابه أعظم وعقابه أعظم دليل على أن الأمر به والنهي عنه أوكد ، ولو تساويا من كل وجه لامتنع الاختصاص بتوكيد أو غيره من أسباب الترجيح ، فإن التسوية والتفضيل متضادان . انتهى .

القاعدة الثانية : تحريم الشيء تحريم لجميع أجزائه
قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى ( 21/85 ) : تحريم الشيء مطلقا يقتضي تحريم كل جزء منه ، كما أن تحريم الخنزير والميتة والدم اقتضى ذلك ، وكذلك تحريم الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة يقتضي المنع من أبعاض ذلك ، وكذلك النهي عن لبس الحرير اقتضى النهي عن أبعاض ذلك ، لو لا ما ورد من استثناء موضع إصبعين أو ثلاث أو أربع في الحديث الصحيح .. ثم قال ( 21/86 ) : وحيث حرم النكاح كان تحريما لأبعاضه ، حتى يحرم العقد مفرداً والوطأ مفرداً كما في قوله : {ولا تنكحوا مانكح آباكم من النساء إلا ماقد سلف } النساء : 22 ] . انتهى .

القاعدة الثالثة : ما أدى إلى محرم فهو محرم
ما أدى إلى محرم فهو محرم فعله ، كما لو أدى فعل نافلة إلى ترك فريضة كالذي يصلي بالليل طويلاً وينام عن صلاة الفجر ، فإنه لا يشرع له قيام الليل إذا كان ذلك سببا لتركه صلاة الفجر .
أو أدى فعل مباح إلى فعل محرم ، كما لو إذا خلى وحده ارتكب المحرمات ، فإنه لا يشرع له أن يخلوا لوحده إذا كان ذلك سبباً للوقـوع في الحرام أو أدى فعلٌ إلى الإحتيال على أمر محرم فهو محرم ، قال ابن القيم في إغاثة اللهفان ( 1/361 ) : وإذا تدبرت الشريعة وجدتها قد أتت بسد الذرائع إلى المحرمات ، وذلك عكس باب الحيل الموصلة إليها ، فالحيل وسائل وأبواب إلى المحرمات ، وسد الذرائع عكس ذلك ، فبين البابين أعظم التناقض ، والشارع حرَّم الذرائع وإن لم يقصد بها المحرم لإقضائها إليه فكيف إذا قصد بها المحرم نفسه . انتهى .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في طريق الوصول إلى العلم المأمول ( 113 ) : إذا أشكل على الناظر أو السالك حكم شيء هل هو الإباحة أو التحريم فلينظر إلى مفسدته وثمرته وغايته فإن كان مشتملا على مفسدة ظاهرة راجحة فإنه يستحيل على الشارع الأمر أو إباحته بل يقطع أن الشرع يحرمه لا سيما إذا كان طريقا مفضيا إلى ما يبغضه الله ورسوله . انتهى .

القاعدة الرابعة : يأثم الإنسان بالعزم على فعل المحرم وإن لم يفعله
عن أبي كبشة الأنماري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إنما الدنيا لأربعة نفر عبد رزقه الله ما لا وعلما فهو يتقي فيه ربه فهو بأفضل المنازل ، وعبد رزقه الله علما ولم يرزقه مالا فهو صادق النية يقول : لو أن لي مالا لعملت بعمل فلان فهو بنيه فأجرهما سواء ، وعبد رزقه مالا ولم يرزقه علما فهو يخبط في ماله بغير علم لا يتقي فيه ربه ولا يصل فيه رحمه ، ولا يعلم لله فيه حقا ، فهذا بأخبث المنازل ، وعبد لم يرزقه الله مالا ولا علما فهو يقول لو أن لي مالا لعملت فيه بعمل فلان فهو نيته فوزرهما سواء )) أخرجه الترمذي ( 2325 ) وقال : هذا حديث حسن صحيح .
هذا الحديث يدل على أن الإنسان يأثم بالعزم على فعل المعصية وإن لم يفعلها ، إذا كان سبب تركه لتلك المعصية عدم القدرة عليها وليس الخوف من الله ، وقد ذكر هذا الحديث شيخ الإسلام فقال عنه كما في مجموع الفتاوى ( 10/733 ) : هو في حكاية من قال ذلك ، وكان صادقا فيه وعلم الله منه إرادة جازمة لا يتخلف عنها الفعل إلا لفوات القدرة ، فلهذا استويا في الثواب والعقاب ، وليس هذه الحال تحصل لكل من قال : ( لو أن لي ما لفلان لفعلت مثل ما يفعل ) إلا إذا كانت إرادته جازمة يجب وجود الفعل معها إذا كانت القدرة حاصلة ، وإلا فكثير من الناس يقول ذلك عن عزم لو اقترنت به القدرة لانفسخت العزيمة .
وقال أيضا ( 10/736 ، 737 ) : ولا ريب أن ( الهم ) و ( العزم ) و ( الإرادة ) ونحو ذلك قد يكون جازما لا يتخلف عنه الفعل إلا للعجز ، وقد لا يكون هذا على هذا الوجه من الجزم .. ، وأما الهام بالسيئة الذي لم يعملها وهو قادر عليها فإن الله لا يكتبها عليه كما أخبر به في الحديث الصحيح ، وسواء سمي همه : ( إرادة ) أو ( عزماً ) أو لم يسم ، متى كان قادراً على الفعل وهم به وعزم عليه ولم يفعله مع القدرة فليست إرادته بجازمة .

القاعدة الخامسة : كل لفظ يدل على لزوم ترك فعل من الأفعال فإن ذلك اللفظ يؤخذ منه تحريم ذلك الفعل
قال ابن القيم في بدائع الفوائد ( 2/218 ) : ويستفاد التحريم من النهي ، والتصريح بالتحريم ، والحظر ، والوعيد على الفعل ، وذم الفاعل ، وإيجاب الكفارة بالفعل ، وقوله : ( لا ينبغي ) فإنها في لغة القرآن والرسول للمنع عقلاً أو سرعاً ، ولفظه ( ما كان لهم كذا ) ، و ( لم يكن لهم ) ، وترتيب الحد على الفعل ، ولفظه ( لا يحل ) و ( لا يصلح ) ، ووصف الفعل بأنه فساد وأنه من تزيين الشيطان وعمله وإن الله لا يحبه وأنه لا يرضاه لعباده ، ولا يزكي فاعله ، ولا يكلمه ، ولا ينظر إليه ، ونحو ذلك . انتهى .

الـمــبـاح

القاعدة الأولى : الأصل في الأشياء الإباحة
الأصل في الأشياء الإباحة إلا إذا أتى ما يدل على تحريم ذلك الشيء فقد قال تعالى في كتابه الكريم : { وَقَدْ فَصلَّ لكُمْ ماحَرَّم عليْكُم } [ الأنعام : 119 ] .
قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى ( 21/536 ) : والتفصيل التبيين ، فبين أنه بين المحرمات ، فما لم يبين تحريمه فليس بمحرم ، وما ليس بمحرم فهو حلال ، إذ ليس إلا حلال أو حرام . انتهى .
وعن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلمقال : (( ما أحل الله في كتابه فهو حلال ، وما حرم فهو حرام ، وما سكت عنه فهو عفو )) .
أخرجه الحاكم ( 2/375 ) وحسنه الألباني في غاية المرام ( 14 ) .
قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى ( 21/538 ) : قوله : ( وما سكت عنه فهو مما عفا عنه ) نص في أن ما سكت عنه فلا إثـم عليه ، وتسميته هذا عفواً كأنه والله أعلم لأن التحليل هـو الإذن في التناول بخطاب خاص ، والتحريم المنع من التناول كذلك ، والسكوت عنه لم يؤذن بخطاب يخصه ، ولم يمنع منه ، فيرجع إلى الأصل ، وهو أن لا عقاب إلا بعد الإرسال ، وإذا لم يكن فيه عقاب لم يكن محرماً . انتهى .
قلت : وعلى هذا جرى فهم الصحابة فقد ذهب عمر بن الخطاب إلى جواز أكل الضب واستدل على ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلملم يحرمه كما عند مسلم ( 3/1545 ) .
قال ابن رجب في جامع العلوم ( 65 ) : ما أصله الإباحة كطهارة الماء إذا لم يتيقن جواز أصله فيجوز استعماله ، وما أصله الحظر كالأبضاع ولحوم الحيوان فلا تحل إلا بيقين حله من التذكية والعقد ، فإن تردد في شيء من ذلك لطهور سبب آخر رجع إلى الأصل فيبني عليه . انتهى .
والألفاظ التي وردت في الشرع تدل على إباحة تلك الأشياء ذكرها ابن القيم في بدائع الفوائد ( 2/218 ) فقال : وتستفاد الإباحة من الإذن والتخيير والأمر بعد الحظر ونفي الجناح والحرج والإثم والمؤامرة والإخبار بأنه معفو عنه ، وبالإقرار على فعله في زمان الوحي ، وبالإنكار على من حرم الشيء ، والإخبار بأنه خلق لنا كذا وجعله لنا ، وامتنانه علينا به ، وإخباره عن فعل من قبلنا له غير ذام لهم عليه .. . انتهى .

القاعدة الثانية : لا يأثم الإنسان بالمداومة على فعل بعض المباحات
الغزالي في إحياء علوم الدين ( 2/283 ) قال بأن بعض المباح يصير بالمواظبة عليه صغيرة كالترنم بالغناء ، واللعب بالشطرنج . انتهى .
وهذا كلام غريب ، وذلك لأن الشيء إذا كان مباحا فإن الإنسان لا يأثم بفعله له ولو واظب عليه طول عمره ، وما إذا كان محرماً فإنه يأتم ولو فعله لمرة واحدة ، فمثلاً : لو واظب أحد على صعود الجبل كل يوم لم يأثم ، وإنما يأثم إذا أداه المداومة على المباح إلى ترك واجب أو فعل محرم ، لأن ما أدى إلى محرم فهو محرم .

القاعدة الثالثة : يُثاب المرء على فعل المباح إذا حسَّن نيته في فعل ذلك المباح
كل ما يفعله المرء من الأمور التي أباحها الشرع لا أجر له في فعلها ، إلا إذا قصد بفعل ذلك المباح أمراً حسنا في الشرع كمن ينام في النهار وينوي بنومته تلك التقوى على قيام الليل ، فهذا ثياب على تلك النومة لا لذات النومة ولكن لم اقترن معها من نية صالحة ، كما قال أبو الدرداء : إني لأحتسب نومتي .
قال ابن الشاط في غمز عيون البصائر ( 348 ) : إذا قصد بالمباحات التقوى على الطاعات أو التوصل إليها كانت عبادة كالأكل والنوم واكتساب المال . انتهى .

يتبع إن شاء الله

رد مع اقتباس
  #50  
قديم 08-03-2008, 09:05 AM
صاحبة القلادة صاحبة القلادة غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

جزاكم الله خير
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 02:34 AM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.