عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 05-15-2012, 11:21 PM
أم حُذيفة السلفية أم حُذيفة السلفية غير متواجد حالياً
اللهم إليكَ المُشتكى ,وأنتَ المُستعان , وبكَ المُستغاث , وعليكَ التُكلان
 




Arrow ♥ مَـن يشـتـري قـلـبـي ♥ ..؟!

 





وقفت ريـم على بابِ المدينةِ تُنادي : مَن يشتري قلبي ..؟ مَن يشتري قلبي ..؟



أخذ الناسُ يمرُّون بها ، وينظُرون إليها مُتَعَجِّبين ، منهم مَن يَظُنُّها مجنونة ، ومنهم مَن يَظُنُّها مُستهزِئةً ساخِرة ، ومنهم مَن يدعـوا لها بالشِّفاء .


حتى مَرَّت بها صديقتُها أمـل ، وسَمِعَت نِدائَها ، فأقبلَت عليها ، وسألتها : بِكَم تبيعين قلبَكِ يا ريـم ؟



ريـم : بوزنِهِ ذهبًا .



أمـل : وهل تريْنَ هـذا الثَّمَنَ كافيًا ..؟



ريـم : لا ، لَكِنِّي أُريدُ أنْ أبيعَـه .



أمـل : وهل تَظُنِّينَ أنَّ أحدًا يشتريـه ..؟!



ريـم : ولِمَ لا ..؟! ومَن لا يشتري قلبًا كقلبي ..؟!



أمـل : وهل القُلوبُ تُباع يا ريـم ..؟!



ريـم : نعم ، تُباعُ لِمَن يستحِقُّها ، ويستطيعُ أنْ يُحافِظَ عليها .



أمـل : وهل يُوجَدُ في هـذا العالَمِ مَن يُمكنه فِعلُ ذلك ..؟!



ريـم : لا أدري ، لكنْ لا نَعـدِمُ الخيرَ في المُسلمين .



أمـل : ولِمَ تُريدين بيعَ قلبِكِ ..؟!



ريـم : لأنَّه أتعبني ، ونغَّصَ عليَّ حياتي .



أمـل : وهل تفقَّدتيه قبل بيعِـه ..؟!



ريـم : لا .



أمـل : ألم يكُن مِن الأفضلِ أنْ تتفقَّدي قلبَكِ قبل أنْ تُفكِّري في بيعِهِ ، وتُنظِّفيه مِمَّا أصابَه مِن شوائِبَ وأدران ..؟!



ريـم : أُريدُ أنْ أبيعَهُ كما هو بما يحويه مِن حِقدٍ وحسدٍ وغِلٍّ وبُغضٍ وآلام .



أمـل : تبعين قلبًا يَحمِلُ كُلَّ هـذا ..؟!



ريـم : لا وقتَ عندي لتنظيفِه ، بل أُريدُ التَّخَلُّصَ منه ، وشِراءَ قلبٍ جديدٍ نظيف .



أمـل : ولِمَن تُريدينَ بيعَـه ..؟!



ريـم : لأيِّ أحـد .



أمـل : إذًا مَن يشتريه إمَّا أنْ يَشقَى به ، أو يُشقِيَهُ ويُشقي به غيرَه .



ريـم : كَفَى يا أمـل ، لا أُحِبُّ فلسفَتَكِ .



أمـل : ليست فلسفة ، بل حقيقة .



ريـم : دعيني أُنادي .. مَن يشتري قلبي ..؟ مَن يشتري قلبي ..؟



أمـل : توقَّفي يا ريـم ، لا تُنادي ، لا تُضحِكي الناسَ عليكِ ، لا نجعليهم يستهزِئون بكِ ، ويَسخرون مِنكِ .



ريـم : هـذا قلبي ، مِلكي ، أفعلُ به ما أشاء ، أبيعُه ، أُسلِّفُه ، أُلقيه في القِمامة ، أنا حُـرَّة ، وليس لأحـدٍ أنْ يتدخَّلَ في شئوني .



أمـل : يا لِغرابةِ ما أسمعُ مِنكِ يا ريـم ..! ألِهَـذِهِ الدرجةِ فقدتِ وَعْيَكِ ..؟! وهل تملكين قلبَكِ حقيقةً حتى يكونَ لكِ التَّصَرُّفُ الكامِلُ فيه ..؟!



ريـم : نعم ، أملكُه ، ولا شأنَ لَكِ بي وبأفعالي .



أمـل : لا ، قلبُكِ ليس مِلككِ ، ولا يُمكنُكِ التَّصَرُّفُ فيه ، بل هو أمانةٌ عندكِ ، لا بُدَّ أنْ تُحافظي عليها ؛ لأنَّكِ ستُحاسبين على هـذا القلبِ في الآخرة .



ريـم : أُحاسَبُ على قلبي ..!! وَضِّحي كلامَكِ يا أمـل .. لا تُحَدِّثيني بالألغاز .



أمـل : ألم تقرأي قولَ رَبِّكِ سُبحانه وتعالى : ﴿ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾ الإسراء/36 ..؟!! ألم يَمُرُّ بكِ قولُ نبِّيكِ محمدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (( إنَّ قلوبَ بني آدمَ كُلَّها بين إصبعين مِن أصابع الرَّحمَن ، كقلبٍ واحدٍ ، يُصرِّفُه حيثُ يشاء )) رواه مُسلم ..؟!! فكيف يكونُ لَكِ إذًا تَصَرُّفٌ فيه أو ملكٌ كامِلٌ له ..؟!!



ريـم : لكنَّه داخل جسدي ، أشعرُ بنبضاتِهِ ، وأتألَّمُ بآلامِه .



أمـل : ومَن خَلَقَكِ ، وخَلَقَ كُلَّ أعضاءِ جِسْمِكِ ..؟! أليس اللهُ سُبحانَهُ وتعالى ..؟!



ريـم : بلى ، لكنْ ماذا أفعلُ بقلبي هـذا الذي أتعبني ..؟!



أمـل : حاولي أنْ تُطَهِّريه مِمَّا أصابَه .. اغسليه بالتَّقوى ، واملأيه بالإيمان ، وبحُبِّ اللهِ عَزَّ وجلَّ ، وحُبِّ نبيِّهِ مُحمدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ، وحُبِّ المُسلمين .. واعلمي يا ريـم أنَّكِ تستطيعين تنظيفَ قلبِكِ وتطهيرَهُ ، ليُصبِحَ مولودًا جديدًا بريئًا ، لكنَّكِ لا تستطيعين بيعَه أو استبدالَه .. وبمُحافَظَتِكِ عليه وتفقُّدِكِ الدَّائِمِ له تستطيعين بَذْرَ الخَيْرِ فيه ، وتجديدَ نشاطِهِ وحيويَّتِه ؛ ليكونَ عَونًا لَكِ على طاعةِ اللهِ سُبحانه وتعالى .. وتوجَّهي إلى اللهِ سُبحانه وتعالى بهـذه الأدعية : ﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾ آل عِمران/8 ، (( اللهم مُصَرِّف القلوب ، صَرِّف قلوبَنا على طاعتِك )) رواه مُسلم ، (( يا مُقلِّبَ القلوب ثَبِّت قلبي على دِينِك )) السلسلة الصحيحة .



ريـم : صدقتِ يا أمـل .. لقـد غاب عَنِّي كُلُّ هـذا ، وظننتُ أَنِّي ببيعي لقلبي سأعيشُ في راحةٍ وسعادة ، لكنْ اتَّضَحَ لي مِن كلامِكِ العكس ، فالحمدُ للهِ الذي جعلكِ تأتينَ إليَّ وتُرشديني .



أمـل : فلترجعي لبيتِكِ الآن بقلبِكِ الجديـدِ النَّظيف ، ولا تنسي أنْ تستغفِري اللهَ عَزَّ وجلَّ أثناءَ سيرِكِ .



ريـم : بإذن الله يا أمـل .. سأذهبُ الآن .. السَّلامُ عليكِ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه .



أمـل : وعليكِ السَّلامُ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه .






بقلم أُختِكُنَّ في الله / السَّاعِيَةُ إلى الجَنَّة .
الجُمُعة .. 18 ربيع أول 1433 هـ .
10 فبرايـر 2012 م .
الساعة التَّاسِعة مساءً
التوقيع

اللهم أرحم أمي هجرة وأرزقها الفردوس الأعلى
إلى كَم أَنتَ في بَحرِ الخَطايا... تُبارِزُ مَن يَراكَ وَلا تَراهُ ؟
وَسَمتُكَ سمَتُ ذي وَرَعٍ وَدينٍ ... وَفِعلُكَ فِعلُ مُتَّبَعٍ هَواهُ
فَيا مَن باتَ يَخلو بِالمَعاصي ... وَعَينُ اللَهِ شاهِدَةٌ تَراهُ
أَتَطمَعُ أَن تـنالَ العَفوَ مِمَّن ... عَصَيتَ وَأَنتَ لم تَطلُب رِضاهُ ؟!
أَتـَفرَحُ بِـالذُنـوبِ وبالخطايا ... وَتَنساهُ وَلا أَحَدٌ سِواهُ !
فَتُب قَـبلَ المَماتِ وَقــَبلَ يَومٍ ... يُلاقي العَبدُ ما كَسَبَت يَداهُ !

رد مع اقتباس