المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقالات الشيخ عبد العزيز بن ناصر الجليل{وقفات في الحجاب وأصول الاعتقاد 3 / 4 }


أبو الفداء الأندلسي
05-15-2008, 12:33 AM
وقفات في الحجاب وأصول الاعتقاد 3 / 4




الوقفة الرابعة :

ليس المقصود في هذه الوقفات حشدَ الأدلةِ الموجبة لستر وجه المرأة وكفيها عن الرجال الأجانب، ووجوب الابتعاد عنهم؛ فهي كثيرة وصحيحة وصريحة والحمد لله، ويمكن الرجوع إليها في فتاوى ورسائل أهل العلم الراسخين، كرسالة (الحجاب) للشيخ ابن عثيمين- رحمه الله تعالى، وكتاب (عودة الحجاب) القسم الثالث للدكتور محمد بن إسماعيل المقدم- حفظه الله- الذي توسع في هذا الموضوع، وردَّ على شبهات المخالفين، وإنَّما المقصود في هذه المقالة ما ذُكر سابقًا في الوقفات الثلاث، من فضح نوايا المنادين بكشفِ الوجهِ والاختلاط بالرجال، وأنَّ وراءَ ذلك خطوات وخطوات من الفساد والإفساد.

ومع ذلك يحسنُ بنا في هذه الوقفة، أن نشيرَ إلى أن علماءَ الأمة في القديم والحديث - من أجاز منهم كشف الوجه ومن لم يجزه ـ كلهم متفقون ومجمعون على وجوب ستر وجه المرأة وكفيها، إذا وجدت الفتنة وقامت أسبابها، فبربكم أيُّ فتنة هي أشدُّ من فتنة النساء في هذا الزمان، حيث بلغت وسائل الفتنةِ والإغراء بهن، مبلغًا لم يشهده تاريخ البشرية من قبل، وحيث تفنن شياطين الإنس في عرضِ المرأة بصورها المثيرة في كلِّ شيء، في وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، وأخرجوها من بيتها بوسائل الدعاية والمكر والخداع.

فمن قال بعد ذلك : إنَّ كشف المرأة عن وجهها أو شيء من جسدها لا يثير الفتنة، فهو والله مغالطٌ مكابر، لا يوافقهُ في ذلك من له مسكت من دينٍ أو عقل أو مروءة.

وبعد التأكيد على أنَّ أهل العلم قاطبةً متفقون على وجوب تغطية الوجه إذا وجدت الفتنة، يتبين لنا أنَّ خلافهم في ذلك كان محصورًا فيما إذا أمنت الفتنة، ومع ذلك فتجدر الإشارة أيضًا إلى أنَّ هذا القدر من الخلاف بقي خلافًا نظريًّا إلى حَدٍّ بعيد، حيثُ ظل احتجاب النساء هو الأصل في الهيئة الاجتماعية، خلال مراحل التاريخ الإسلامي، وفيما يلي نُقُول عن بعض الأئمة تؤكد أنَّ التزام الحجاب كان أحد معالم »سبيل المؤمنين« في شتى العصور :

قال شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله تعالى- : ((كانت سنة المؤمنين في زمن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّ الحرة تحتجب، والأمة تبرز )) [1] أهـ.

وقال الإمام أبو حامد الغزالي- رحمه الله تعالى- (( لم يزل الرجال على مرِّ الزمان مكشوفي الوجوه، والنساء يخرجنَّ متنقبات )) [2] .

وقد يتعلق دعاة السفور أيضًا ببعض الحالات التي أذن الشارع للمرأة فيها بكشف وجهها لغير محارمها، كرؤيةِ الخاطب لمخطوبته، وعند التداوي إذا عدمت الطبيبة بشرط عدم الخلوة، وعند الشهادة أمام القاضي ونحوها، وهذا كله من يُسر الشريعة، وسماحة الإسلام، حيث رُخِّص للمرأة إذا اقتضت المصلحة الراجحة والحاجة الماسة، أن تكشف عن وجهها في مثل هذه الأحوال، وليس في هذا أدنى متعلقٌ لدعاة السفور، لأنَّ الأصل هو الحجاب الكامل، وهذه رخصٌ تزول إذا زالت الحاجة إليها.




--------------------------------------------------------------------------------

[1] - تفسير سورة النور : ص 65 .

[2] - إحياء علوم الدين 4 / 729 .