انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات الشرعية ::. > وسائل تحصيل العلم الشرعي

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-07-2009, 01:48 AM
أبو أنس الأنصاري أبو أنس الأنصاري غير متواجد حالياً
II كَانَ اللهُ لَهُ II
 




افتراضي عوائق الطلب، للشيخ عبد السلام بن برجس طيب الله ثراه

 

{عوائق الطلب}

الحمد لله وحده والصلاة والسلام علي من لا نبي بعده .

أما بعد فهذه كلمات موجزة – كنت قد نشرت بعضها في مجلة (( المجاهد )) عام 1409 هـ - تتناول بعض ما يعيق طالب العلم عن مواصلة سيره في تحصيل العلم النافع ، بالشرح والبيان .

وكان الباعث علي تحريرها الإشفاق على نهضتنا العلمية من الدخيل على أسسها الثابتة التى أرساها سلفنا الصالح - رضوان الله عليهم أجمعين – والأخذ بيد شباب هذه النهضة المباركة تحو أفض السبل لنيل العلوم الشرعية .

وقد سقتها على شكل معيقات ، ليكون أدعى لاجتنابها وأقوى في التحذير منها ، على أن في ضمن هذه المعيقات ما يهدى إلى توقيها ، ويعين علي التخلص منها وقد أكثرت من النقل عن السلف الصلح فيما يتعلق بهذه المعيقات بيرتبط بهم القارئ ، ويأخذ من سيرهم منهجاً له ، فإنهم أهدى وأتقي .

ورحم الله ابن مجاهد – المقرئ – عندما قال له رجل : لم لا تختار لنفسك حرفاً ؟ فقال : نحن إلى أن نُعمل أنفسنا في حفظ ما مضى عليه أئمتنا أحوج منا إلى اختياره ([1])

وختمتها بصفحات مفيدة حررها العلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي – رحمه الله – فيها جملة من الفوائد المتعلقة بآداب المعلمين والمتعلمين ، رأيت ضمها إلى هذه النبذة تكميلاً للفائدة وتعميماً للنفع .

والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل وصلى الله وسلم علي نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

كتبه

عبد السلام بن برجس آل عبد الكريم

25 رجب 1412 هـ

العائق الأول

طلب العلم لغير وجه الله تعالى

عن أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – قال : سمعت رسول الله ص يقول (( إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرءٍ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله ، فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأةٍ ينكحها ، فهجرته إلى ما هاجر إليه )) ([2])

وعن ابن مسعود – رضي الله عنه – أنه قال : ( لو أن أهل العلم صانوا العلم ووضعوه عند أهله لسادوا به أهل زمانهم . ولكنهم بذلوه لأهل الدنيا لينالوا به من دنياهم ، فهانوا عليهم ) .

سمعت نبيكم ص يقول : من جعل الهموم هماً واحداً ، هم آخرته ، كفاه الله هم الدنيا ، ومن تشعبت به الهموم في أحوال الدنيا ، لم يبال الله في أي أوديتها هلك )) ([3])

إن أحق ما اعتني طالب العلم به معالجة النية ، وتعهدها بالإصلاح ، وحمايتها من الفساد .

وذلك لأن العلم إنما اكتسب الفض لكونه خالصاً لوجه الله تعالي ، إما إذا كان لغيره فلا فضيلة فيه ، بل هو فتنة ووبال وسوء عاقبة . وقد علم أن قبول الأعمال متوقف علي إخلاصها وصلاحها كما قال تعالى :

(وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ.... )الآية

فإذا قصد الطالب بالعلم عرض الدنيا ، فقد عصى ربه ، وأتعب نفسه ، وباء بإثمه ، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له .

قال الحسن – رحمه الله - :

( من طلب العلم ابتغاء الآخرة أدركها ، ومن طلب العلم ابتغاء الدنيا فهو حظه منه ) .

وقال الزهري : ( فذال حظه منها ) ([4])

وأبغ من ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم ص فيما رواه أبو هريرة – رضي الله عنه - :

(( من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله ، لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا ، لم يجد عرف الجنة يوم القيامة )) . يعني : ريحها ([5])

قال ابن عطاءٍ – رحمه الله – فيمن تعلم لغير الله :

( جعل الله العلم الذى علمه من هذا وصفه حجة عليه ، وسبباً في تحصيل العقوبة لديه . ولا يغرنك أن يكون به انتفاع للبادي والحاضر ، وفي الخبر : ( إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر ) ومثل من تعلم العلم لاكتساب الدنيا والرفعة فيها كمن رفع العذرة بملعقة من الياقوت ، فما أشرف الوسيلة وما أخس المتوسل إليه ) ([6])

وقال سحنون ( كان ابن القاسم قلما يعرض لنا إلا وهو يقول : اتقوا الله فإن قليل هذا الأمر- يعني العلم – مع تقوى الله كثير ، وكثيره مع غير التقوى قليل ) ([7])

وقال يوسف بن الحسين : ( سمعت ذا النون المصري يقول : كان العلماء يتواعظون بثلاثٍ ، ويكتب بعضهم إلى بعض : من أحسن سريرته ، أحسن الله علانيته .

ومن أصلح ما بينه وبين الله ، أصلح الله ما بينه وبين الناس . ومن أصلح أمر آخرته أصلح الله أمر دنياه ) ([8])

وقال ابن المبارك – رحمه الله - :

( أول العلم النية ، ثم الاستماع . ثم الفهم ، ثم : الحفظ ، ثم : العمل ، ثم : النشر ) ([9])

وهنا أمر ينبغي التنبيه عليه ، ألا وهو : أن جماعة من السلف قالوا : ( كنا نطلب العلم للدنيا فجرنا إلى الآخرة ) و( طلبنا هذاالأمر ليس فيه نية ثم جاءت النية بعد ) و( من طلب العلم لغير الله يأبي عليه حتى يصيره إلى الله ) ([10]) ونحو هذه العبارات .

وقد شرح الذهبي – رحمه الله تعالي – هذه العبارات شرحاً مفيداً فقال علي قول معمر بن راشد :

أن الرجل ليطلب العلم لغير الله فيأبي العلم حتى يكون لله

نعم يطلبه أولاً والحامل له حب العلم وحب إزالة الجهل وحب الوظائف ونحو ذلك ولم يكن عيب وجوب الإخلاص فيه ولا صدق النية فغذا علم حبه نفسه وخاف من وبال قصده فتجيء النية كلها أو بعضها وقد يتوب من نيته الفاسدة ويندم وعلامة ذلك أنه يقصر من الدعاوي ومن قصد التكثر بعلمه ويذري علي نفسه فإن تكثر أو قال أنا أعلم من فلان فبعداً له ([11])

ومن ذلك ما يذكره بعض القصاص من أن رجلاً خطب إمرأة ذات منصب وجمال فأبت لفقره وقله حسبه ففكر بأي الأمرين ينالها أبلمال أم الحسب فاختار الحساب وطلب له العلم حتى أصبح ذا مكانة فبعثت غليه المرأة تعرض نفسها فقال لا أوثر علي العلم شيئاً وذلك لأن العلم أرشده إلي تصحيح النية والأعمال الصالحة فدخل في عداد (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)

فتورع بترك امرأةٍ كان طلب العلم لأجلها ، إعلاماً بصدق قصده وسلامة مأربه .

ومما قلته في هذا المعنى من الأبيات :

إليكم يرفع المأسور شكوى رجاء المن أو أخذ الفداء

فقد غلت مباسمكم يديه إلى الأذقان بعد العلاء

وقد أضحى صريعاً في هواكم قعيد البيت في حر التنائي

براه الشوق والهجران منكم وأدمى قلبه طول العناء

فسل القلب عنهم في رياض تحل العبد أطباق السماء

وتسموا بالوضيع إلى المعالي وتكسوا العري أثواب الثناء

وتبني للفتى ذكراً مشيداً وتحيي رسمه طول ابقاء

رياض بالمعارف قد تباهت وفاق جمالها جيد الظباء

إذا ما حلها العشاق يوماً تولى عنهم عشق النساء

وقد كانوا قديماً في قيود يذل لفكها شوس الدهاء

تحلت بالشيوخ إذا تبدوا أناروا الكون من شرف الضياء

شيوخ بالمعارف قد تغذوا وسيط الحلم في مجرى الدماء

لهم في العلم صولات وسبق وفي الأفعال جد في خفاء

وفيها الطالبون إذا غشوها أثاروا المسك من حسن البهاء

تراهم نحوها يسعون جهداً رجاء المن أو أخذ الفداء



فالحذر الحذر أيها الطالب من الشرك في النية ، فإن الله تعالى يقول – كما في الحديث القدسي - :

(( أنا أغنى الشركاء عن الشرك . من عمل عملاً اشرك فيه معي غيري تركته وشركه ([12])

وقد أجمع العارفون على أن استحكام الهلكة إنما يكون إذا خلى الله بين الإنسان ونفسه ، عندئذٍ تتخطفه الشياطين ، وتتشعب به المسالك ، وتكون النار أولى به .

قال حماد بن سلمة – رحمه الله - : ( من طلب الحديث لغير الله مكر به ) ([13])

وإن صلاح النية فيالعلم لأكبر معين عليه كما قال أبو عبد الله الروذباري : ( العلم موقوف علي العمل ، والعمل موقوف على الإخلاص ، والإخلاص يورث الفهم عن اله عز وجل ) ([14])

وفي سننن الدارمي ( 1/71 ) عن إبراهيم النخعي أنه قال :

( من ابتغي شيئاً من العلم يبتغي به وجه الله آتاه الله منه ما يكفيه ) .

تنبيه : يستدل بعض الناس عللى أن العمل يورث العلم دون تعلم ، بقوله تعالي )وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ )(البقرة: من الآية282)

قال في (( تفسير المنار )) نقلاً عن شيخه 3/128 : ( اشتهر على ألسنة المدعين للتصوف في معني هاتين الجملتين ( وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ )أن التقوى تكون سبباً للعلم ، وبنوا على ذلك أن سلوك طريقتهم ، وما يأتون به فيها من الرياضة ، وتلاوة الأوراد ، والأحزاب : تثمر لهم العلوم الإلهية .. بدون تعلم .

ويرد استدلالهم بالآية على ذلك من وجهين :

أحدهما : أنه لا يرضى به سيبويه – وله الحق في ذلك – لأن عطف ( يعلمكم ) علي ( اتقوا الله ) ينافي أن يكون جزاءً له ، ومرتباً عليه لأن العطف يقتضى المغايرة ....

الثاني : أن قولهم هذا عبارة عن جعل المسبب سبباً والفرع أصلاً ، والنتيجة مقدمة .

فإن المعروف المعقول أن العلم هو الذي يثمر التقوى ، فلا تقوى بلا علم ، فالعلم هو الأصل الأول وعليه المعول ... ) . ا هـ .


وهذا كلام جيد ويضاف إليه إيضاحاً : أن العمل يكسب القلب قوة إيمانية ، فيستوعب من العلوم ، ويدرك من الفوائد ، ما لا يدركه من تأخر عن هذه الرتبة . وهذا مشاهد بالعيان ومدرك بالحس

أما من تعبد لله وترك العلم ، وقال ( وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ )

فهو جاهل لا تجاريه الرعاع في جهله ، والله الحافظ .






رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 10:08 AM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.