الرد الثاني علي الصوفي محمد الاسواني حول ما كتبه في العدد الثاني من مجلة روح الاسلام

[عادل عوض الاسواني]

 

بسم الله الرحمن الرحيم
هذا هو الرد الثاني علي الصوفي محمد الاسواني حول ما كتبه في العدد الثاني من مجلة روح الاسلام .
الجزء الاول :
اولا : قال في مقدمة كلامه { إن الاخوان المسلمين و السلفيين و الجماعات وكل هؤلاء من معاول هدم الاسلام و مرجعهم دائما ابن تيمية و ابن عبد الوهاب و من سار علي نهجهم في هدم الاسلام و انا هنا لا اتهجم علي ابن تيمية فهو رجل نظن انه اجتهد و لكنه اصاب قليلا و اخطأ كثيرا جدا }
و في كلامه عجب فهو يتهم شيخ الاسلام ابن تيمية بان نهجه هو هدم الاسلام ثم يقول انه اجتهد فاصاب قليلا و اخطأ كثيرا فهل هناك تناقضا اكثر من هذا الا يعلم الرجل ان من اجتهد و اخطأ له اجر حتي لو كان خطأه كثيرا كما ذكر و الا يعلم الرجل ان الاجر يكون من الله سبحانه و تعالي فباي عقل يعتقد شخص ان الله يثيب من يعمل علي هدم الاسلام اليس هذا عجبا من شيخ ازهري يكتب و يعظ المسلمين في المساجد و يقدم البرامج الدينية في التلفاز .
ثم إن المسائل التي خالف فيها ابن تيمية علي كلامهم ( اي اعداء ابن تيمية ) الاجماع هي مسائل مهما كثرت فهي لا تتجاوز العشرات وباقي فتاواه و هي بالالاف وافق فيها بعض المذاهب و خالف اخري فكيف يدعي انه اخطأ كثيرا جدا اليس هذا قول فيه شطط و تحامل ليس وراءه الا الكراهية المحضة .
ثانيا : قال ( وسوف نستعرض اراءه الفقهية التي خالف فيها إجماع المسلمين )
و دعوي مخالفة ابن تيمية الاجماع دعوي باطلة لعدة اسباب :
1- ان ابن تيمية كما اقر المدعي مجتهد فكيف يكون المجتهد مجتهدا إذا كان مقلدا لغيره في كل المسائل فالمجتهد لابد ان يخالف مذهبه و المذاهب الاخري في بعض المسائل حسب ما يؤديه اليه اجتهاده و نظره للدليل و هذا ما فعله ابن تيمية حيث خالف مذهبه و المذاهب الاخري في بعض المسائل القليلة .وإن لم يخالف جميع العلماء بل وافق اجتهاده راي عدد من العلماء من الصحابة او التابعين او من تبعهم لكن لما كان هذا الرأي غير مشهور ظن البعض ان هناك إجماعا علي خلافه .
2- أن الإجماع المعتبر اختلف فيه العلماء كثيراو قد ذكر ابن حزمفي مقدمة كتاب مراتب الاجماع اراء العلماء فيما يعتبر إجماعا فقال { وقد أدخل قوم في الاجماع ما ليس فيه وقوم عدوا قول الاكثر اجماعا وقوم عدوا ما لا يعرفون فيه خلافا اجماعا وان لم يقطعوا على أنه لا خلاف فيه وقوم عدوا قول الصاحب المشهور المنتشر اذا لم يعلموا له من الصحابة مخالفا وان وجد الخلاف من التابعين فمن بعدهم فعدوه اجماعا وقوم عدوا قول الصاحب الذي لا يعرفون له مخالفا من الصحابة رضي الله عنهم وإن لم يشتهر ولا انتشر اجماعا وقوم عدوا قول أهل المدينة اجماعا وقوم عدوا قول أهل الكوفة اجماعا وقوم عدوا اتفاق العصر الثاني على أحد قولين أو أكثر كانت للعصر الذي قبله اجماعا }وقال {وقوم قالوا الاجماع هو اجماع الصحابة رضي الله عنهم فقط وقوم قالوا اجماع كل عصر اجماع صحيح اذا لم يتقدم قبله في تلك المسألة خلاف وهذا هو الصحيح لاجماع الأمة عند التفصيل عليه واحتجاجهم به وترك ما أصلوه له }
3- يقول ابن حزم ايضا في مقدمة كتاب مراتب الاجماع مبينا الصواب من الاراء حسب رأيه { وصفة الاجماع هو ما تيقن أنه لا خلاف فيه بين أحد من علماء الاسلام} ثم يقول { وانما نعني بقولنا العلماء من حفظ عنه الفتيا من الصحابة والتابعين وتابعيهم وعلماء الأمصار وأئمة أهل الحديث ومن تبعهم رضي الله عنهم أجمعين} إذا فالاجماع الذي لا يكون فيه رأي اخر هو ما لم يظهر فيه خلاف ممن تؤخذ عنه الفتيا وفي هذه الحال وحسب ما ذكرت من ان ابن تيمية اجتهد حتي لو اخطأ وانه كان في عصره اشهر من تؤخذ عنه الفتيا فإن قوله ناقض للإجماع فما بالك إذا كان رايه مسبوقا بعدد من العلماء وهذا بالطبع يحتاج الي الكلام علي كل مسألة من مسائله التي يقال انه خالف فيها الاجماع .
4- ان إبن حزم ذكر المسائل التي اجمع عليها الفقهاء في الكتاب وإستدرك عليه ابن تيمية في كتابه نقض مراتب الاجماع وبين ان بعضها ليس فيه اجماعا . وهو عينه ما ظنه بعض معاصري ابن تيمية في المسائل التي خالفهم فيها و قد إعترف معاصروه بمعرفته التامة بالمذاهب و اراء العلماء حتي انه يعرف مذاهب العلماء من معاصريه اكثر منهم وقد اعتذر ابن تيمية للعلماء فقال في نقض مراتب الاجماع { قلت أهل العلم والدين لا يعاندون، ولكن قد يعتقد أحدهم إجماعا ما ليس بإجماع، لكون الخلاف لم يبلغه، وقد يكون هناك إجماع لم يعلمه، فهم في الاستدلال بذلك كما هم في الاستدلال بالنصوص: تارة يكون هناك نص لم يبلغ أحدهم، وتارة يعتقد أحدهم وجود نص، ويكون ضعيفا أو منسوخا}.
5- أن الإجماع يختلف من عصر لأخر فقد تطرأ بعض المسائل يختلف فيها العلماء ثم تصبح في عصر أخر غير مختلف فيها مثل مسألة تدخين السجائر التي لم يكن مجمعا علي الحكم فيها الي وقت قصير فقد كان البعض يري انها مكروهة و يري اخرون انها محرمة اما الأن فلا تجد عالما الا و قد حرم التدخين . وقد يحدث العكس فقد يجمع العلماء في عصر علي حكم ثم يتغير الاجماع او ينحل كما في مسألة الطلاق الثلاث التي سجن بسببها ابن تيمية فكثير من بلاد العالم الاسلامي و منها مصر وكثير من الفقهاء يفتون بفتوي ابن تيمية والتي جعلت الطلاق الثلاث طلقة واحدة . وايضا فتواه في الحلف بالطلاق و الطلاق المعلق كلها معمول فيها برأي ابن تيمية دون رأي الجمهور . راجع {مرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929. خاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية . المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985} .
6- أن كثيرا من علماء الاسلام وائمته خالفوا الاجماع في بعض المسائل و لم يتهمهم احد بانهم خرجوا عن الشرع او انهم كفروا و الامثلة علي هذا كثيرة يمكن فيها مراجعة كتاب { الإجماع } للإمام ابن المنذر و اليك بعض النماذج :
كتاب الصلاة : 27 ـ أجمعوا أن الصلاة في مرابض الغنم جائزة.وانفردالشافعي فقال: إذا كان سليماً من أبوالها.
40 ـ وأجمعوا على أن من السنة أن يؤذن المؤذن قائماً، وانفردأبو ثور فقال: يؤذن جالساً من غير علة.
50 ـ وأجمعوا على أن ليس على من سها خلف الإمام سجودوانفردمكحول وقال: عليه.
كتاب الجنائز : 75 ـ وأجمعوا على أن ليس على الأمة أن تغطي رأسها،وانفردالحسن: فأوجب ذلك عليها.
كتاب الزكاة : 111 ـ وأجمعوا على أن لا زكاة على الجنين في بطن أُمه، وانفردابن حنبل: فكان يحبه ولا يوجبه.
كتاب الحج : 158 ـ وأجمعوا أن في حمام الحرم شاة، وانفردالنعمان، فقال: فيه قيمته.
163 ـ وأجمعوا على أن للمحرم أن يغتسل من الجنابة. وانفردمالك، فقال: يكره للمحرم أن يغطس رأسه في الماء.
كتاب الضحايا والذبائح : 225 ـ وأجمعوا على أن ذبائح المجوس حرام لا تؤكل، وانفردسعيد بن المسيب.
كتاب الفرائض : 287 ـ وأجمعوا على أن الإخوة لا يرثون مع الأب شيئاً، وانفردابن عباس فقال: السدس الذي حجبه الإخوة للأُم عنده.
الخلاصة ان هؤلاء هؤلاء الائمة { الشافعي و ابو ثور و مكحول و الحسن البصري و احمد بن حنبل و ابو حنيفة النعمان و مالك ابن انس واخرهم الصحابي ابن عباس رضي الله عنه و عنهم اجمعين } قد خالفوا الإجماع في بعض المسائل و منهم من خالف الإجماع في عدة مسائل و مع هذا
لا يستطيع احد ان يتهم هؤلاء الائمة بشئ لانها مسائل يسوغ فيها الإجتهاد و لا بأس ان يخالف فيها احدهم استنادا الي دليل او فهم خاص سواء كان مصيبا او مخطئا .
يليه الجزء الثاني .