انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-29-2011, 11:59 PM
عبد الملك بن عطية عبد الملك بن عطية غير متواجد حالياً
* المراقب العام *
 




افتراضي حوار مع والدِ مراهقٍ .

 

- أقول لك ما فعل عبد الرحمن يا شيخ ؟!
ضحكتُ متصنعًا ، إذ يحاول الأب إحراج ابنه المراهق ، وابنه يحرص على صورته أمام شيخه ، والأب بمثل هذا الموقف يظن أنه يضغط على عبد الرحمن ليترك سلوكًا سيئًا يفعله .
رد عبدُ الرحمن مكررًا بعناد :
- أخبره يا أبي .
سحبتُ والده نتبع المسيرَ بعيدًا عن الأولاد الذين يلعبون وعبد الرحمن يلعب معهم . ثم قلتُ له :
- ماذا تظن نفسك فاعلا ؟!
- عبد الرحمن يا شيخ كثير الأخطاء مؤخرًا ، إنه ... قاطعتُه :
- أعلم هذا ، لكن ماذا تفعل أنت بإحراجه أمامي بهذه الطريقة ؟! هل تظن أن خطأه يقوم بهذا ؟! إنك واهم شديد الوهم ، ولن تجدَ إلا مزيدَ عنادٍ منه ..
- كيف ؟
- لا أفهم كيف يشتكي ابنُك لي مرارًا أنه يُضرب يوميًا تقريبًا ، كيف يُضرب من هو في مثل سنه ، وبحضور إخوته الذين يصغرونه أحيانا !
- لكنه صار فظيعًا ، يعني يحلف كذبًا ويصر على الكذب مثلا .
- لا تحكِ لي أنه يفعل أخطاء ، أنا أعلم هذا الأمر وهو يعترف لي بأخطائه ، فأعلم أنه يقع في أخطاء كثيرة ، لستُ أناقشك في هذا فافهمني يا رحمك الله ، أنا أناقشك في سلوكك أنتَ في معالجة أخطائه ، وأن هذا الأسلوب يزيد الأمر سوءًا .
- يعني أتركه بدون محاسبة ؟
- ألا تُحسن إلا التطرف في اليمين أو في الشمال ؟! لا طبعًا ؛ راقبه وحاسبه ووجهه ، لكن تفهَّم أولا كيف تفعل هذا مع ابنك الذي كبر وبدأ يفارق الطفولة . تطور مع تطور ابنك ، فأنت تلاحظ نموًا كبيرًا في جسمه ، لكنك لا تلاحظ تطوره الذهني والعاطفي والعقلي والفسيولوجي جيدًا .
- طيب لماذا يكذب وهو يكبر ، المفترض أن يكون فاهمًا أكثر ولا يخطئ .
- ابنُك كان طفلا صغيرًا واسع الخيال ، تعطيه الحصان يلعب به ، فيقفزِّه بيده وهو يتخيله حصانًا حقيقيًا ، ويدفع السيارة الصغيرة وهي يحسبها سيارة حقيقية ، والطفلة تُمسك عرائسها تهزهن وتضمهن وتحاول إطعامهن كأنهن حقيقات .
وبعد مرور هذه المرحلة - في مرحلة التمييز - تبدأ مرحلة الواقعية التي يدرك فيها الصبي أن هذا الحصان ليس حقيقيا وكذا السيارة ، وتدرك الصبية أن دُميتها لا حياة فيها .
فإذا بلغ المراهقة يرجع إلى مرحلة أكبر من الخيال ، ليس هذا فحسب ، لكن تنمو بداخله عاطفة قوية جدا ، تجده مُفرطا في الحب ، مُفرطا في البغض ، مُفرطا في الغضب ، مُفرطا في الفرح ، وهكذا ، ويفهم معاني الحب والكره والولاء والوفاء والانتماء والإخلاص . وتبدأ يتكون عنده نوع حب استقلالية واعتماد على النفس وتحمل المسئولية - وإن كان لا يقدر على شيء من ذلك غالباً - ، ويحرص جدًا على صورته ونظرة الآخرين إليه ، يشغله هذا الأمر جدًا ، وهو أن يكون دائما ذا مكانه ترضى عنده الشعور العاطفي القوي بضرورة إثبات ذاته ، وإيجاد كيانه .
هذا الخيال الواسع في هذه المرحلة تتحكم فيه العاطفة ن فهو يكره جدًا أن يُنسب إليه النقص والخطأ ، فيكذب - ليس خوفا على نفسه من الضرب والعقوبة فقط كما كان يفعل صغيرًا ، وإنما - كُرها أن يُنسب إليه نقص ، لأن هذا يخالف شعوره القوي بضرورة أن يكون محترَمًا له مكانته ، فتأتي أنت بجهلٍ لتزيد عنده الأمر بضربه وإهانته ؛ لتدمر كل أمله في تكريم نفسه ، فأي خطأ ترتكب ؟!
- لكنه شديد عم المبالاة ..
- لو رأيته وهو يسألني البارحة ( هو ينفع حد ينضرب كل يوم بالجزمة ) لعلمتَ أنه شديد المبالاة ، وأن الأمر يقتل داخله .
- يعني برضه يغلط ومأعاقبوش ؟!
- العقاب إنما هو وسيلة للإصلاح ، وليس تشفيا أو انتقامًا منه لأنه أغضبك بخطئه ، إنما هو وسيلة نستعملها متى كان منها مصلحة ، وثِق أن كثرة الضرب تُضعف أثره شيئا فشيئًا ، وربما صار الأمر في النهاية - مع استمرار نموه الجسمي ، والعنادي ! - لا أثر له ألبتة ، لأنه تعوده ونُزعت منه مهابتُك واحترامك مع نمو هذا الشاب الصغير وقوة بدنه ؛ لأنك عودته أن يخاف منك فقط .
أعطه حقًا في نوع حرية واستقلال تحت نظرك طبعًا ومراقبتك .
- كيف وهو لا يذاكر مثلا إلا عندما نقول : ذاكر .
- تقصد أنه يذاكر بعد ما تصرخ في وجهه ليُذاكر ، بعد أن كان يذاكر من نفسه أو بتنبيهه فقط ..
- نعم ( وهو مستغرب من معرفتي لهذا الأمر ) ، لم ؟
- لأنه يريد أن يذاكر برغبته هو واختياره لا باختيارك أنت ، وأنت تريد إلغاء اختياره لأي شيء ، فرد فعله الطبيعي هو العناد والسخط .
ما لا تدركه أنك تقتل قدرات ابنك ، وتقزمه وأنت تظن نفسك تربيه وتعليه ، وقارن مستواه الدراسي قبل عامين ، ومستواه الآن .
- هو الذي تغير ..
- هو لا بد أن يتغير ، أنت الذي تُعاب لأنك لم تتغير بما يناسب تغييره الطبيعي ، لا هو الذي خلقه الله ليتغير في هذه السن .
أنت لا زلتَ تعامله كطفل ، له أربعة إخوة يصغرونه وأنت لا تعامله بصفته أكبرهم ، بل (عيل) منهم ، بينما هو يحس أنه كبير وأنه لا بد أن يعامل باحترام ككبير ، لا مثل أخيه مصطفى مثلا رغم أنه يكبره بعامين فقط ، ناهيك عن ضربه مثلا أما إخوته ، وهذا يُسقط احترامهم له ، واعتزازه بنفسه ، فماذا تتوقع ردة فعله إذن ؟!
- طيب أوجهه كيف ؟! ( وقد بدا التحير كبيرا على وجه أبي عبد الرحمن ) .
- اجعل الأمر كأنه هو الذي يختار الأمور ، مثلا قارن بين هذين الأسلوبين حين تشتري له بنطالا مثلا ، وهو يقيس واحدًا أصفر اللون لا يعجبك :
الأول : لا يا عبد الرحمن شكلك لا يبدو جيدًا في هذا الأصفر ، خذ هذا الأزرق سنشتريه لأنه أحسن .. هيا .
الثاني : جيد ، مناسب لك وجميل ، لكن أظنك تبدو أجمل في الأزرق ، خذ الأزرق جربه وانظر في المرآة ستراكَ أوسم .
الأسلوب الأول كان أمرًا مباشرا ، والثاني غير مباشر ، لكنك وصلتَ إلى مطلوبك في الحالين .
في المذاكرة مثلا : اسأله كم تقدر على المذاكرة في اليوم ؟ ثم اطلب منه يحدد لك كيف هو يذاكر ، ويكتب هذا في جدول ، انظر الجدول ثم استثقله واطلب منه أن يخففه ؛ لأن المراهق غالبا مندفع ويضع أكثر من طاقته ، أو على الأقل سيشعر أنه أنجز شيئا بطوليا إذا استطاع السير على هذا الجدول الذي رآه أبوه كبيرًا ، فهو بطل ذو مهارة وقدرة .
ستجده يخطئ أحيانًا ، لكن ثق أن كل خطأ في تنظيمه لنفسه هو صواب يتعلمه ، وأنت توجهه في صورة الاقتراحات غالبًا ، وتراقب أمرًا مهمًا وهو تقديرك له وإظهار مكانته بالفعل والعمل لا بالمراءاة والتظاهر .
ويبنغي أيضًا ...
قُطع الكلام بمجيء عبد الرحمن الذي استثاره طول حديثي إلى أبيه ، وشعر كأن الحديث عنه ، وهو حريص على صورته أمام الناس - كما هي طبيعة المراهق - فترك أصحابه وجاء مُسرعًا ليقف بيننا .

كتبه / عبد الملك بن عطية السبيعي
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 04-30-2011, 12:19 AM
(أم عبد الرحمن) (أم عبد الرحمن) غير متواجد حالياً
نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل
 




افتراضي

أحسن الله اليكم
الموضوع رائع وواقعى ومفيد لأبعد حد
جزاكم الله خيرا
وننتظر جديدكم
التوقيع

[C

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 04-30-2011, 12:26 PM
قرة العين قرة العين غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

كم نحن بحاجة الى توجيهات دقبقة لتربية الابناء والله نحن نعاني جدا
نرجو او نقترح دكتور نفساني او شيخ نتعامل معه في بعض القضايا الخاصة بتربية الابناء والطريقة المثلى لاننا نرى من ابنائنا عدم الطاعة والكذب وغيره وغيره ولا يسمعون الكلام
ويخطئون الخ
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 04-30-2011, 02:21 PM
أم مُعاذ أم مُعاذ غير متواجد حالياً
لا تنسوني من الدعاء أن يرْزُقْنِي الله الفِرْدَوْسَ الأَعْلَى وَحُسْنَ الخَاتِمَة
 




افتراضي

جزاكم الله خيرا
التوقيع

توفيت امنا هجرة الي الله السلفية
اللهم اغفر لامتك هالة بنت يحيى اللهم ابدلها دارا خيرا من دارها واهلا خيرا من اهلها وادخلها الجنة واعذها من عذاب القبر ومن عذاب النار .
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 05-04-2011, 12:27 PM
محبةالسنةالنبوية محبةالسنةالنبوية غير متواجد حالياً
عضو ماسي
 




افتراضي

بارك الله بك وجزاك خيرا
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 05-05-2011, 01:47 AM
ام رفيدة ام رفيدة غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

جزاكم الله خيرا
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 05-05-2011, 07:45 PM
أم حبيبة السلفية أم حبيبة السلفية غير متواجد حالياً
« عَفَا الله عنها »
 




افتراضي

جزاكم الله خيرا
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 05-23-2011, 10:55 PM
ام عبده البرنس ام عبده البرنس غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة جميلة جدا
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 05-26-2011, 02:05 AM
عاشقة الذكر عاشقة الذكر غير متواجد حالياً
عضو جديد
 




Icon34

جزاك الله خيرا واكلت طيرا وتزوجت رجلا وانجبت جيشا وحررت قدسا
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
., مراهقٍ, مع, حوار, والدِ


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 03:20 PM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.