اللحية وما يتعلق بها من احكام

[أم حفصة السلفية]

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


اللحية سمة طيبة من سمات الرجولة والكمال، وعلامة بارزة من علامات الطاعة والإجلال،

وهي من سنن الفطرة التي علَّمنا إياها
رسول الله كما في حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله قال

«عشر من الفطرة قص الشارب، وإعفاء اللحية » الحديث مسلم.
ورتب عليها أحكامًا تكليفية بيَّنها رسول الله وحضَّ المؤمنين عليها، والتحلي بآدابها،
تعريفها في اللغة :-
اللحية الشعر النابت على الخدين والذقن، والجمع اللِّحى واللُّحى،
واللحْي واحد اللحيين، وهما العظمان اللذان فيهما الأسنان من الإنسان والحيوان،
وعليهما تنبت اللحية لسان العرب
في الاصطلاح :-
قال العلامة ابن عابدين في حاشيته على الدر المختار المراد باللحية الشعر النابت على الخدين من عِذار وعارض والذقن .
وإعفاء اللحية هو إرسالها وتوفيرها حتى تعفو وتكثر، وهو فرض واجب فرضه رسول الله على كل مسلم ذكر بالغ عاقل،
وأمره بإعفائها، ونهاه عن حلقها، وقد أمرنا الله سبحانه وتعالى باتباع أمره ،
وحذرنا من مخالفة أمره،
فقال تعالى

(وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ، وقال تعالى فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) الآية.
وقد ورد في إعفاء اللحية أحاديث كثيرة تدل على وجوبها، منها
حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال «جُزُّوا الشَّوَارِبَ، وَأَرْخُوا اللِّحَى؛ خَالِفُوا الْمَجُوسَ » مسلم ، وفي رواية أخرى «أرجئوا»
حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي قال
« خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ، وَفِّرُوا اللِّحَى، وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ »

البخاري
وفي رواية
« خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ أَحْفُوا الشَّوَارِبَ، وَأَوْفُوا اللِّحَى » مسلم
قال رسول الله
« انْهَكُوا الشَّوَارِبَ، وَأَعْفُوا اللِّحَى» البخاري ، ومسلم
قال الشوكاني في «نيل الأوطار» وقد حصل من مجموع الأحاديث خمس روايات «أعفوا»،

و«أوفوا»، و«أرخوا»، و«أرجئوا»، و«وفروا» ومعناها كلها تركها على حالها.


والأحاديث السابقة صريحة في أمره بتوفير اللحية وإعفائها،
والأصل في الأمر الوجوب ولا يُصرف عنه إلا لدليلٍ، ولا دليلَ كما هو مقرر في علم الأصول،
والنهي يفيد التحريم، ولا يُصرف عنه إلا بدليل، ولا صارفَ له هنا
قول الأئمة الأربعة وغيرهم في اللحية .
واتفق أئمة المذاهب الأربعة وغيرهم على وجوب إعفاء اللحية، وتحريم حلقها،
وإليك بعض ما نُقل عنهم
قال ابن عابدين خاتمة محققي الحنفية في معرض الكلام عن أخذ ما دون القبضة من اللحية
«لم يبحه أحد»
حاشية ابن عابدين ، فدل ذلك على أن الحلق أشد من ذلك.
وقال العلامة الدسوقي في حاشيته
«يحرم على الرجل حلق لحيته، ويؤدب فاعل ذلك»
وقال في شرح العباب

«فائدة قال الرافعي والنووي يكره حلق اللحية، واعترضه ابن الرفعة في حاشية الكافية بأن الشافعي نص في الأم على التحريم،
قال الزركشي والحليمي في شعب الإيمان،
وأستاذه القفال الشاشي في محاسن الشريعة، وقال الأذرعي الصواب تحريم حلقها جملةً لغير علة بها» حاشيتا الشرواني وابن قاسم على شرح التحفة وقال العلامة السفاريني في الإمتاع وشرح المنتهى
«والمعتمد في المذهب حرمة حلق اللحية»

غذاء الألباب وقال ابن حزم في المحلى

«إن إعفاء اللحية فرض» .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء ص الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه، وبعد
فقد دلت سنة رسول الله الصحيحة على وجوب إعفاء اللحى،

وإرخائها وتوفيرها، وعلى تحريم حلقها وقصها،

كما في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي قال
«قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين»

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي قال
«جزوا الشوارب، وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس» وهذان الحديثان،
وما جاء في معناهما من الأحاديث، كلها تدل على وجوب إعفاء اللحى، وتوفيرها، وتحريم حلقها وقصها كما ذكرنا،
ومن زعم أن إعفاءها سنة يُثاب فاعلها، ولا يستحق العقاب تاركها،
فقد غلط وخالف الأحاديث الصحيحة؛ لأن الأصل في الأوامر الوجوب، وفي النهي التحريم،

ولا يجوز لأحد أن يخالف ظاهر الأحاديث الصحيحة إلا بحجة تدل على صرفها عن ظاهرها،
وليس هناك حجة تصرف هذه الأحاديث عن ظاهرها اهـ
وبعدُ فقد تبين من أقوال أهل العلم أن إعفاء اللحية واجب،
وأنه يحرم حلقها، وهذا يدل على فساد قول بعض المتأخرين بأن اللحية لا شيء فيها .
وليس المراد بمخالفة المجوس وسائر المشركين مخالفتهم في كل شيء، ولو كان صوابًا جاريًا على مقتضى الفطرة والأخلاق الفاضلة،
بل المراد مخالفتهم فيما حادوا فيه عن الحق والصواب، وخرجوا به عن الفطر السليمة والأخلاق الفاضلة، ومما انحرف فيه المجوس وسائر المشركين ونحوهم من الكافرين عن الحق،
وخرجوا فيه عن مقتضى الفطرة السليمة، وخالفوا فيه سيما الأنبياء والمرسلين حلقُ اللحية، فوجب أن نخالفهم في ذلك بإعفاء اللحية وإحفاء الشوارب، اتباعًا لهدي الأنبياء والمرسلين،
وسيرًا على مقتضى الفطرة السليمة في ذلك،

فقد ثبت عن رسول الله أنه قال
« عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ قَصُّ الشَّارِبِ، وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ، وَالسِّوَاكُ، وَاسْتِنْشَاقُ الْمَاءِ، وَقَصُّ الأَظْفَارِ، وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ، وَنَتْفُ الإِبْطِ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ، وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ»
أحمد ، ومسلم.

حكم الأخذ من اللحية

ذهب بعض الفقهاء، منهم النووي إلى أنه لا يُتعرَّض للحية، فلا يؤخذ من طولها أو عرضها؛ لظاهر الخبر في الأمر بتوفيرها،
قال المختار تركها على حالها، وأن لا يُتعرَّض لها بتقصير ولا غيره الموسوعة الفقهية وذهب آخرون منهم الحنفية والحنابلة إلى أنه إذا زاد طول اللحية عن القبضة فيجوز أخذ الزائد؛
لما ثبت أن ابن عمر رضي الله عنهما كان إذا حلق رأسه في حج أو عمرة أخذ من لحيته وشاربه مالك في الموطأ ففي الفتاوى الهندية
«القص سُنة فيهما، وهو أن يقبض على لحيته، فإن زاد منها عن قبضه شيء قطعه، كذا ذكره محمد رحمه الله عن أبي حنيفة، قال وبه نأخذ» .
وفي شرح المنتهى من كتب الحنابلة

«لا يكره أخذ ما زاد عن القبضة منها، ونص عليه أحمد، ونقلوا عنه أنه أخذ من عارضيه»
وذهب آخرون إلى أنه لا يأخذ من اللحية شيئًا إلا إذا تشوهت بإفراط طولها أو عرضها، نقله الطبري عن الحسن البصري وعطاء،
واختاره ابن حجر، وحمل عليه فِعْل ابن عمر رضي الله عنهما الموسوعة الفقهية
قال ابن حجر في الفتح
«إن الرجل لو ترك لحيته لا يتعرض لها حتى أفحش طولها أو عرضها لعرَّض نفسه لمن يسخر منه،
وقال عياض الأخذ من طول اللحية وعرضها إذا عظمت حسن،بل تكره الشهرة في تعظيمها كما تكره في تقصيرها».

أما الأخذ من اللحية دون القبضة ففي حاشية ابن عابدين لم يبحه أحد الموسوعة الفقيهة


ثالثًا بعض ما يتعلق باللحية من أحكام

أ- ما يستحب فعله

العناية بها يسن إكرام اللحية، ويكون ذلك بترجيلها أي تسريحها ودهنها، والعناية بها؛
لقوله في حديث أبي هريرة رضي الله عنه
«من كان له شعر فليكرمه»
صحيح أبي داود للألباني
قال ابن بطال الترجيل تسريح شعر الرأس واللحية ودهنه، وهو من النظافة،
وقد ندب الشرع إليه فتح الباري لابن حجر .
ويسن كذلك تطييب اللحية؛
لما ثبت عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ كُنْتُ أُطَيِّبُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَطْيَبِ مَا يَجِدُ؛
حَتَّى أَجِدَ وَبِيصَ الطِّيبِ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ»
البخاري.
صبغ اللحية يسن صبغ اللحية بغير السواد، وهو تغيير الشيب الذي في اللحية بخضابها بالصفرة والحمرة؛
لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي قال
«إن اليهود والنصارى لا يصبغون يعني شعورهم فخالفوهم»
رواه الستة وفي لفظ الترمذي
«غيِّروا الشيب، ولا تشبهوا باليهود»
صحيح الجامع للألباني
قال القاضي عياض اختلف السلف من الصحابة والتابعين في الخضاب وفي جنسه.
قال بعضهم ترك الخضاب أفضل،
وروى حديثًا عن النبي في النهي عن تغيير الشيب؛ لأنه لم يغير شيبه،
وروي هذا عن ابن عمر وعلي وأبي بكر وآخرين وقال آخرون الخضاب أفضل، وخضب جماعة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم؛
للأحاديث الواردة في ذلك .
وقال الطبراني الصواب أن الأحاديث الواردة عن النبي بتغيير الشيب وبالنهي عنه، كلها صحيحة، وليس فيها تناقض،
بل الأمر بالتغيير لمن شيبه كشيب أبي قحافة، والنهي عنه لمن له شمط فقط، واختلاف السلف في فعل الأمرين،
بحسب اختلاف أحوالهم في ذلك، مع أن الأمر والنهي في ذلك ليس للوجوب بالإجماع،
ولهذا لم ينكر بعضهم على بعض شرح صحيح مسلم للنووي.

ب - ما يكره فعله في اللحية

نقل النووي في المجموع عن أبي طالب المكي والغزالي عشر خصال مكروهة في اللحية نتكلم عن أهمها
صبغ اللحية وخضابها بالسواد؛ إلا لغرض الجهاد إرهابًا للعدو؛
لما ثبت من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال أُتي بأبي قحافة يوم الفتح ورأسه ولحيته كالثغامة بياضًا، فقال النبي
«غيروا هذا بشيء واجتنبوا السواد»
رواه أحمد والأربعة إلا الترمذي. وقد ذهب إلى حرمة الصبغ بالسواد أبو حنيفة ومحمد وهو الصحيح عند الشافعية، قال النووي اتفقوا على ذم خضاب الرأس أو اللحية بالسواد،
وقال الغزالي في الإحياء والبغوي في التهذيب وآخرون من الأصحاب هو مكروه وظاهر عبارتهم أنه كراهة تنزيه،
والصحيح بل الصواب أنه حرام، وممن صرح بتحريمه صاحب الحاوي،
وقال في آخر كتابه الأحكام السلطانية يمنع المحتسب الناس من خضاب الشيب بالسواد إلا المجاهد المجموع شرح المهذب
تبييضها بالكبريت أو غيره استعجالاً للشيخوخة، وإظهارًا للعلو في السن؛
لطلب الرياسة والتعظيم والمهابة
نتفها في أول طلوعها، وتخفيفها بالموسي؛ إيثارًا للمرودة،
واستصحابًا للصبا وحسن الوجه، وهذه الخصلة من أقبحها.
ويكره للرجل ترك لحيته شعثة إيهامًا للزهد المصدر السابق نقلاً من كلام النووي والغزالي
لما روي عن جابر رضي الله عنه قال
«أتانا رسول الله فرأى رجلاً شعثًا قد تفرق شعره، فقال
«أما كان يجد هذا ما يسكن به شعره»
صحيح أبي داود للألباني. نتف الشيب؛ لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي قال
« لا تنتفوا الشيب، ما من مسلم يشيب شيبة في الإسلام إلا كانت له نورًا يوم القيامة، إلا كتب الله له بها حسنة، وحط عنه بها خطيئة»
صحيح أبي داود للألباني
قال النووي قال أصحابنا يكره، ولو قيل يحرم؛ للنهي الصريح الصحيح،
لم يبعد، ولا فرق بين نتفه من اللحية والرأس المجموع .
عقدها؛ لحديث رويفع بن ثابت رضي الله عنه قال قال رسول الله
«يا رويفع، لعل الحياة ستطول بك فأخبر الناس أنه من عقد لحيته، أو تقلد وترًا، أو استنجى برجيع أو عظم؛ فإن محمدًا منه بريء»
صحيح أبي داود للألباني
قال الخطابي في عقدها تفسيران أحدهما أنهم كانوا يعقدون لحاهم في الحرب؛
وذلك من زي العجم والثاني معالجة الشعر لينعقد ويتجمد، وذلك من فعل أهل التأنيث والتوضيع المصدر السابق.
والذي يظهر من لفظ الحديث أنه يحرم عقدها؛ لما ترتب على الفعل من براءة النبي من فاعله، ولا يكون ذلك إلا على محرم.
نسأل الله العظيم أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل، فهو نعم المولى ونعم النصير، والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.

[أم مُعاذ]

جزاكم الله خيرا وارجوا ذكر المصدر

[أم حفصة السلفية]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم مُعاذ

جزاكم الله خيرا وارجوا ذكر المصدر

وخيرا جزاكم وبــــــــــارك فيكم
منقول من شبكة طريق النور

[احمد العجمى]

جزاكم الله خيرا ونفع بكم

[أم حفصة السلفية]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة احمد العجمى

جزاكم الله خيرا ونفع بكم

وخيرا جزاكم وبارك فيكم

[بنت العقيدة]

جزاكِ الله خيرا ونفع بكِ

[أم حفصة السلفية]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بنت العقيدة

جزاكِ الله خيرا ونفع بكِ

وخيرا جزاك ونفع بك

[السيدعلامه]

جزاكم الله خيرا ونفع بكم

[أم حفصة السلفية]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة السيدعلامه

جزاكم الله خيرا ونفع بكم

احسن الله اليكم