انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-17-2012, 02:42 AM
أبو عائشة السوري أبو عائشة السوري غير متواجد حالياً
عضو جديد
 




افتراضي مصطلح الحديث و علومه

 

بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستهديه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له ،و أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله
.
لا يخفى على أي طالب علم مكانة السنة المطهرة وقيمة علومها وأثرها على أمة الإسلام وواقع المسلمين، وسأبدأ هذا الموضوع المتعلق بالسنة المطهرة وعلومها مستعيناً بالله وحده لا شريك له وهو ولي التوفيق
.
قال الله تعالى مخاطباً نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم :{ فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}
"
قال العلامة السعدي رحمه الله في تفسير هذه الآية بما معناه:"{ فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} هي مرتبة الإسلام ، {ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ} هي مرتبة الإيمان ،{وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}هي مرتبة الإحسان" نوضح المعنى أكثر فأكثر على ضوء السنة المطهرة ،لنتدبر معاً هذا الحديث الذي رواه عمر رضي الله عنه:" بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه وقال :{يا محمد أخبرني عن الإسلام}، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :{ الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً}، قال:{صدقت}، قال (يعني عمر رضي الله عنه و أرضاه):{ فعجبنا له يسأله ويصدقه} قال (يعني الرجل السائل):{فأخبرني عن الإيمان} قال:{ أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره} قال:{صدقت}، قال : {فأخبرني عن الإحسان} قال :{أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك} قال :{ فأخبرني عن الساعة}، قال :{ما المسؤول عنها بأعلم من السائل}، قال:{ فأخبرني عن أمارتها}(الأمارة هي العلامة) قال:{ أن تلد الأمة ربتها وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان} قال ثم انطلق فلبثت مليا ثم قال لي (يعني رسول الله صلى الله عليه و سلم) {يا عمر أتدري من السائل ؟}، قلت:{ الله ورسوله أعلم}، قال:{ فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم}"لنتدبر معاً هذا الحديث المهم، لقد ميز الوحي بين ثلاثة أمور كما نرى ،الإسلام، و الإيمان ، و الإحسان، عندما قال بأن الإسلام هو شهادة ألا إله إلا الله و أن محمداً صلى الله عليه و سلم رسول الله، و الصلاة، و الصيام، و الزكاة، و الحج ،هو يتكلم عن أعمال ظاهرية ،فكم من الناس ينطق بالشهادتين و يشرك بالله مثل من همّ بالصلاة ثم نقض وضوءه ،و كم من الناس يصلون الفرائض بحركات و كلمات، و كم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع و العطش، هنا يأتي قوله تبارك و تعالى: { قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولمّا يدخل الإيمان في قلوبكم }فهذه أول درجة للداخل في دين الله، و هي المقصود بقوله تبارك و تعالى:{ فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} فتحكيم شرع الله موجود على اللسان و الجوارح ،لكنه بانتظار المرتبة الثانية و هي قوله تبارك و تعالى: {ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ} هي مرتبة الإيمان ،فلقد انتفى الحرج في القلب ،و الإيمان عبر عنه رسول الله صلى الله عليه و سلم بقوله عندما سُئِلَ عن الإيمان :{ أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره} و أعمال القلب من توحيد و إخلاص و خشوع في الصلاة بحاجة إلى علم و تعلم، و العلم كما قال إمام الهجرة مالك رحمه الله:{ليس العلم كثرة المسائل ،و لكن العلم الخشية}،لكن الآن لدينا مرتبة ثالثة ألا وهي الإحسان ،عبر عنها الله تعالى بقوله :
{وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} و فسرها رسول الله صلى الله عليه و سلم بقوله:
{أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك}
و على سبيل المثال و التوضيح لمراتب الإسلام و الإيمان و الإحسان ، الذي يصلي الفريضة بحركات و سكنات و كلمات و عقله و قلبه بأمور الدنيا و الحسابات و غيرها بلغ مرتبة الإسلام، و الذي يدافع الوسواس في الصلاة حتى تغلب على الوسواس بنسبة 90 % على سبيل المثال يكون قد بلغ مرتبة الإيمان و الله تبارك و تعالى أعلى و أعلم ، و القلة الصالحة التي تذرف الدموع و قلوبها وجِلَةٌ أمام رب العزة جل شأنه في الصلاة بلغت مرتبة الإحسان و الله تبارك و تعالى أعلى و أعلم .

السنة في اللغة مشتقةٌ من الفعلِ " سنّ " بفتح السين المهملة وتشديد النون، ولهذا الفعل عدة معانٍ لغوية ، منها:
1- الصقلُ: يقال: سنّ فلان السكين إذا حدّها وصقلها
الابتداءُ: يقال: سنّ فلان العمل بكذا، أي: ابتدأ به
2-
العناية بالشيء ورعايته: يقالُ: سنّ الإبل إذا أحسن رعايتها والعناية بها
3-
4- السيرة المستمرة والطريقة المتبعة سواء كانت حسنةً أو سيئةً
السُّنَّةُ اصطلاحًا
:
للمحدثين تعريفاتٌ متعددة للسنَّة، من هذه التعريفات
:
هي أقواله صلى الله عليه و سلم ،وأفعاله، و تقريراته، وصفاته الخَلقية والخُلقية، وسائر أخباره سواء كان ذلك قبل البعثة أم بعدها.
السُّنَّةُ في اصطلاح الأصوليين:
عرف
الأصوليون السنة بأنها: أقوال النبي صلى الله عليه و سلم التي يمكن أن تكون دليلاً لحكم شرعي .
السُّنَّةُ في اصطلاح الفقهاء
:
هي كل ما ثبت عن النبيصلى الله عليه و سلم ولم يكن مفروضًا ولا واجبًا مثل تثليث الوضوء، ومثل المضمضة .
وما يهمنا من هذه التعاريف هو تعريفها من وجهة نظر المحدثين كما ورد أعلاه
.
يقصد بأقواله صلى الله عليه و سلم كلُّ ما تلفظَ به في مختلف الظروف والمناسبات .
ويقصَدُ بتقريراته
صلى الله عليه و سلم:
كلُّ ما صدر عن بعض أصحابه رضوان الله عليهم من قول أو فعل وأقرَّه بسكوت منه وعدمِ إنكار، وإمَّا بموافقة وإظهار استحسان . إمَّا
ويقصد بصفاته
صلى الله عليه و سلم الخَلقية: ما يتعلق بذاته وتكوينه .
ويقصد بصفاته صلى الله عليه و سلم الخُلُقية: ما يتعلق بأخلاقه الشريفة

ويقصدُ بسائر أخباره صلى الله عليه و سلم :ما صدر عنه في كلِّ أحواله حركةً وسكونًا ويقظةً ومنامًا سواءً كان ذلك قبل البعثة أم
بعدها .
أهمية السنة المطهرة ووجوه الحاجة إليها:
إن القرآن الكريم – وهو المصدر الأول في التشريع – لا يمكن أن يستغني عنها، ولا يستطيع أن يؤدي دوره كاملاً بدونها، و نذكر دليلاً واحداً على ذلك
::
قوله تبارك تعالى:{ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} فلقد تكفل الله تبارك وتعالى ببيان القرآن، لكن كيف؟ إليكم الجواب، و هو قوله تبارك و تعالى مخاطباً رسول الله صلى الله عليه و سلم
:
{وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون
}
فلقد تكفل رب العزة جلّ شأنه بتبيان الذكر عن طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم كما هو واضح بإذن الله تبارك وتعالى .
و أما عن قول القرآنيين منكري السنة بأن السنة لا تلزم لأنها تأتي في المرتبة بعد القرآن فالرد على ذلك سهل أيضاً ،مثل هؤلاء كمثل طالب تعلم الجمع في المرحلة الابتدائية ،ولما وصل إلى المرحلة المتوسطة الإعدادية تعلم جدول الضرب، و بعدها وصل إلى المرحلة الثانوية عُرِضَت عليه مسألة في الجمع فأبى أن يحلها ،وعندما سأله المعلم عن السبب أجاب قائلاً :{لا يوجد شيء اسمه جمع و طرح و لو وجد فلا حاجة لنا به و جدول الضرب نحفظه جميعاً و يكفينا} و نحن نعلم بديهياً أن حاصل 5 ×
3 هو
5+ 5 + 5 و الأمر واضح إن شاء الله .
ونذكر الآن وجوه أهمية السنة وارتباطها بالقرآن ...
الصورة الأولى :أن في القرآن الكريم آياتٍ لا يمكن فهم المراد منها إلا بعد معرفة سبب نزولها، ولا طريق لمعرفة سبب النزول إلا السنَّة ،إليكم هذا الرابط لتحميل كتاب الصحيح من أسباب النزول للعلامة المحدث مقبل الوادعي رحمه الله:

http://saaid.net/book/open.php?cat=2&book=5355


الصورة الثانية: أن في القرآن الكريم آيات مجملة، ولا سبيل إلى تفصيلها وبيان المراد منها إلا السنة ، من ذلك قوله تعالى في شأن الصلاة: {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ}فلو أخذ هذا الكلام على ظاهره لاكتفى من كل إنسان بأدنى ما يقع عليه اسم الصلاة وهي ركعة واحدة مثلاً، وتؤدى بأية كيفية كانت، مع أن هذا خلاف مراد الله تعالى.
لذلك جاءت السنة مبينة: أوقات الصلاة، وعدد ركعاتها، وكيفية أدائها، وأركانها، وشروطها، وسننها، وهيئاتها، وآدابها، ومبطلاتها ...
الصورةُ الثالثة: أن في القرآن الكريم آيات عامة، مع أن المراد منها خاص، ولا سبيل إلى تخصيصها وبيان مراد الله منها سوى السنة النبوية، والعام هو لفظ وضع للدلالة على أفراد غير محصورين على سبيل الاستغراق والشمول، سواءٌ أكانت دلالته على ذلك بلفظه ومعناه، بأن كان بصيغة الجمع، كالمسلمين والمسلمات والرجال والنساء، أم كانت بمعناه فقط: كالرهط والقوم والجن والإنس
والخاصُّ لفظٌ وضع للدلالة على فرد واحد أو أفراد محصورين

بعد هذا البيان لدلالة العام والخاص، نأتي على ذكر أمثلة لتخصيص السنة لعموم القرآن الكريم، فمن ذلك:
قول الله عز وجل: (حُرّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخنْزيْرُ ...)
فهذه الآية تفيد أن كل ميتة وكل دم حرام، لكن جاءت السنة فخصصت من هذا التحريم نوعين من الميتة، ونوعين من الدماء يباح أكلهما. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ
رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:{ أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ ، الْجَرَادُ وَالْحِيتَانُ وَالْكَبْدُ وَالطِّحَالُ} .
الصورة الخامسة: أن في القرآن الكريم آيات ظاهرها أنها مشكلة مع غيرها أو مع سنن أخرى صحيحة أو مع العقل، وكمثال على ذلك
:
قوله تعالى: (وَكُلُوْا وَاْشْرَبُوْا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوْا الْصِّيَامَ إِلَى الَّلْيْلْ....)
فقد فهم بعض الصحابة من الخيط الأبيض والخيط الأسود حقيقتهما وأنه يباح الأكل للصائم حتى تتبين له رؤيتهما فجاءت السنة فرفعت هذا الإشكال، وبينت أن الخيط الأبيض والخيط الأسود: مجازان عن بياض النهار وسواد الليل .
فعَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ رضى الله عنه قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ :{حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ} عَمَدْتُ إِلَى عِقَالٍ أَسْوَدَ وَإِلَى عِقَالٍ أَبْيَضَ ، فَجَعَلْتُهُمَا تَحْتَ وِسَادَتِي ، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ فِي اللَّيْلِ ، فَلاَ يَسْتَبِينُ لِي ، فَغَدَوْتُ عَلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه و سلم فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ :{ إِنَّمَا ذَلِكَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَار} .
وقد يسأل البعض: لماذا لم يتحدث كتاب الله عز وجل عن تفصيلات هذه الأمور التي تركها لبيان الرسول صلى الله عليه و سلم؟
والجواب من وجوه :
الأول: أن ذلك يعدُّ آية من آيات إعجاز القرآن الكريم والسنة المطهرة، حيث تضمن الأصول العامة والقواعد الكلية للأحكام الشرعية، تاركًا التعرض إلى تفاصيلها والتفريع عليها للسنة ليحقق بذلك النهضة الإنسانية الشاملة، والرقي الاجتماعي والفكري في كل أمة مهما كانت بيئتها وأعرافها، وفي كل زمان.
الثاني: أن القرآن الكريم لو اهتم بهذه التفصيلات لطال إطالة تجعل من الحرج على المؤمنين أن يستقصوه، ويحفظوه، ويرتلوه، وكل هذا واجب عليهم.
الثالث: أن القدوة بالرسول صلى الله عليه و سلم حتى تتحقق، فلا بد من الاقتناع العقلي .
كان حديثنا عن ارتباط السنة بالقرآن، و نأتي الآن إلى مبحث آخر.
دور السنة في التشريع وأهميتها:

إذ أن هناك أحكامًا كثيرةً استقلتِ السنة النبوية بتشريعها، وقد تلقت الأمة هذه الأحكام بالقبول، وإن كانت زائدةً على ما جاء في القرآن الكريم .
من هذه الأحكام :تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها، وأنه يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب، وأنه لا يقتل مسلم بكافر، وحد الرجم، وحد الردة، والنهي عن زواج المتعة، وغير ذلك كثير وكثير .
قال ابن القيم رحمه الله:{ وَالسُّنَّةُ مَعَ الْقُرْآنِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ ؛ أَحَدُهَا : أَنْ تَكُونَ مُوَافِقَةً لَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ ؛ فَيَكُونُ تَوَارُدُ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ عَلَى الْحُكْمِ الْوَاحِدِ مِنْ بَابِ تَوَارُدِ الْأَدِلَّةِ وَتَظَافُرِهَا.
الثَّانِي : أَنْ تَكُونَ بَيَانًا لِمَا أُرِيدَ بِالْقُرْآنِ وَتَفْسِيرًا لَهُ.
الثَّالِثُ : أَنْ تَكُونَ مُوجِبَةً لِحُكْمٍ سَكَتَ الْقُرْآنُ عَنْ إيجَابِهِ أَوْ مُحَرِّمَةً لِمَا سَكَتَ عَنْ تَحْرِيمِهِ ، وَلَا تَخْرُجُ عَنْ هَذِهِ الْأَقْسَامِ ، فَلَا تُعَارِضُ الْقُرْآنَ بِوَجْهٍ مَا ، فَمَا كَانَ مِنْهَا زَائِدًا عَلَى الْقُرْآنِ فَهُوَ تَشْرِيعٌ مُبْتَدَأٌ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه و سلم تَجِبُ طَاعَتُهُ فِيهِ وَلَا تَحِلُّ مَعْصِيَتُهُ ، وَلَيْسَ هَذَا تَقْدِيمًا لَهَا عَلَى كِتَابِ اللَّهِ ، بَلْ امْتِثَالٌ لِمَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ مِنْ طَاعَةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه و سلم} .
وقد قال الله تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} .
شرفُ أهلِ الحديثِ:
روى الترمذي بسنده عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ
قال: سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول:{ نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا شَيْئًا فَبَلَّغَهُ كَمَا سَمِعَ فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ } .
روى الطبراني في الشاميين أن رسول الله
صلى الله عليه و سلم قال:{ يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلْفٍ عُدُولُهُ , يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ , وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ , وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ } .
التعريف بتاريخ السنة ومناهج المحدثين:
التاريخ لغة : مأخوذ من الفعل (أرخ) يقال : أرخ الكتاب :حدد تاريخه، وأرخ الحادث ونحوه : فصل تاريخه وحدد وقته
.
والتاريخ اصطلاحاً : فنٌّ يبحث فيه عن وقائع الزمان من حيثية التعيين و التوقيت، بل عما كان في العالم، وموضوعه : الإنسان والزمان .
ومن خلال هذا التعريف للتاريخ، يمكننا تعريف (تاريخ السنة) بأنه:
{الأدوار التي تقلبت فيها السنَّةُ أو المراحلُ التي مرت بها من لدنْ صدورها عن صاحب الرسالة
صلى الله عليه و سلم من حفظ في الصدور، وتدوين في الصحف، وجمع لمنثورها، وتهذيب لكتبها، ونفي لما اندس فيها، واستنباط من عيونها، وتأليف بين كتبها، وشرح لغامضها... إلى غير ذلك مما يعرفه القائمون على خدمتها، والعاملون على نشر رايتها } .
أطوارُ تاريخ السنة

السنة في عصر النبوة:
لقيت السنة النبوية في عصر النبوة عناية تامة ،واهتماماً كبيراً ،بحيث أثمر ذلك أموراً ثلاثة:
الأول: الصيانة والحفظ: على معنى أن السنة جمعت في عهده
صلى الله عليه و سلم وحوفظ عليها، بحيث لم يضع منها شيء أبداً .
الثاني: الذيوع والانتشار: على معنى أنها لم تنحصر في مكان بعينه كالمدينة أو مكة مثلاً ،وإنما انتشرت في سائر أنحاء شبه الجزيرة العربية بل تعدت شبه الجزيرة العربية إلى سائر الأقطار الأخرى التي وصل إليها الإسلام
.
الثالث: تأسيس المنهج العلمي للرواية
وتفصيله كالتالي
...
أولاً :عوامل صيانة السنة وحفظها
وهي ثمانية عوامل، أربعة منها في المعلِّم وهي:
1- أن يكون على درجة عالية من الأخلاق بحيث يقترب الطلاب منه فيتمكن من غرس الفضيلة في نفوسهم بفعله وسلوكه، قبل أن يغرسها فيهم بقوله وكلامه.
2- وأن يكون متمكناً من مادته العلمية، بحيث يستطيع أن يعطي الطلاب التصور الصحيح لها، وإلا ففاقد الشيء لا يعطيه.
3 - وأن يكون محبًّا لمادته العلمية، مخلصا لها ،بحيث يضحي في سبيلها بوقته وراحته
.
4 - وأن يكون ذا منهج صحيح في التربية والتعليم، كيلا يضيع الوقت سدى
.
وواحدة منها في المادة العلمية، وهي
:
5 - أن تكون مثمرة، ومفيدة، ومهمة في حياة الفرد والجماعة
وثلاثة منها في الطالب، وهي
:
. 6- أن يدرك أهمية، وفائدة، وثمرة ما يتعلمه ليقبل عليه بهمة ونشاط
7 - وأن تكون هناك مشاركة عامة من جميع أبناء المجتمع – رجالاً و نساءاً، صغاراً وكباراً – في طلب العلم
.
8 - وأن يكون هذا الطالب صاحب منهج صحيح في التلقي، والسماع، ليعي ويحفظ كل ما يصل إلى سمعه
.
أسس المنهج السليم للنبي صلى الله عليه و سلم :
1 - الترغيب في العلم، والحث عليه: ببيان فضله، وفضل العلماء والمتعلمين، إذ يقول صلى الله عليه و سلم : {من سلك طريقاً يبتغي فيه علماً سلك الله له طريقاً إلى الجنة ،وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاءاً لطالب العلم ،وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء ،وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، إن العلماء ورثة الأنبياء ،إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً إنما ورثوا العلم فمن أخذ به أخذ بحظ وافر}.
2 - تعهدهم بالعلم والموعظة بين الحين والحين مخافة أن يسأموا أو يملوا، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ :{كَانَ النَّبِيّ صلى الله عليه و سلم يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوْعِظَةِ فِي الأَيَّامِ ، كَرَاهَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا} .
3 - مخاطبةُ كل قوم بلهجتهم حتى يفهموا ويعوا عنه الكلام، عن كعب بن عاصم الأشعري : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:{ليس من أمبر امصيام في امسفر} 4 - إعادة كل كلمة ثلاثا حتى تفهم عنه و تحفظ .
عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَلَّمَ سَلَّمَ ثَلاَثًا ، وَإِذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَعَادَهَا ثَلاَثًا .
5 - الفصلُ بين كلمة وأخرى كيلا يقع تحريف أو تغيير في المنقول عنه ، في رواية عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها أَنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ يُحَدِّثُ حَدِيثًا لَوْ عَدَّهُ الْعَادُّ لأَحْصَاهُ .
6 - إقناع السائل: أحيانا بالقياس، وأحيانا بضرب المثل.
فمن الأول: عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ :" يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلاَمًا أَسْوَدَ" ،فَقَالَ – رسول الله صلى الله عليه و سلم-: "هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ؟"
قَالَ:" نَعَمْ "، قَالَ:" مَا أَلْوَانُهَا ؟" ،قَالَ:" حُمْر
"
:"
فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ ؟"- الأورق مائل بين السواد و السمرة- قَالَ:" نَعَمْ ". قَالَ: فَأَنَّى كَانَ ذَلِكَ؟"
؟"، قَالَ :"أُرَاهُ عِرْقٌ نَزَعَهُ " ، قَالَ :"فَلَعَلَّ ابْنَكَ هَذَا نَزَعَهُ عِرْقٌ
ومن الثاني: عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ :

قِيلَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم :"مَا
يَعْدِلُ الْجِهَادَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ؟" قَالَ:" لاَ تَسْتَطِيعُونَهُ "، قَالَ: فَأَعَادُوا عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ "لاَ تَسْتَطِيعُونَهُ " وَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ:
{ مَثَلُ

الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ الْقَانِتِ بِآيَاتِ اللَّهِ لاَ يَفْتُرُ مِنْ صِيَامٍ وَلاَ صَلاَةٍ حَتَّى يَرْجِعَ الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى} .
7 - الرفقُ والرحمة بالطلاب، والتيسير عليهم، عن أبي هريرة رضي الله عنه
أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :{ إنما مثلي ومثل الناس كمثل رجل استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله جعل الفراش وهذه الدواب التي تقع في النار يقعن فيها فجعل ينزعهن ويغلبنه فيقتحمن فيها فأنا آخذ بحجزكم عن النار وأنتم تقحمون فيها} .
8 - استعمالُ العبارات الرقيقة التي تستميلُ القلوب وتؤلفها، وترغبها في التعلم والتنفيذ والتطبيق: عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم
أَخَذَ بِيَدِهِ وَقَالَ :{ يَا مُعَاذُ وَاللَّهِ إِنِّي لأُحِبُّكَ} فَقَالَ :{أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لاَ تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ تَقُولُ اللَّهُمَّ أَعِنِّى عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ} .
9 - التوقف عن الفتوى فيما لا يعلم جوابه من المسائل ، كما في أول قوله صلى الله عليه و سلم عندما سأله جبريل عليه الصلاة و السلام :" متى الساعة؟" فأجابه النبي صلى الله عليه و سلم :{ مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ}

10 - طرحُ بعض المسائل على السامعين بغية استثارة قرائحهم، وشحذ أذهانهم. أو بيان معنى جديد غير معروف لديهم، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم:" إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لاَ يَسْقُطُ وَرَقُهَا ، وَإِنَّهَا مَثَلُ الْمُسْلِمِ ، فَحَدِّثُونِي مَا هِي ؟" قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بن عمر رضي الله عنهما:{فَوَقَعَ النَّاس فِي شَجَرِ الْبَوَادِي ،وَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ ، فَاسْتَحْيَيْتُ ثُمَّ قَالُوا:" حَدِّثْنَا مَا هِي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟" قَالَ :" هِي النَّخْلَة ".
11- تخصيصُ بعض الناس بمسائل من العلم دون الآخرين، لما يرى فيهم من النبوغ، والتقدم، والفهم مع منعهم من أن يحدثوا العامة بذلك خشية ألا يفهموا فيفتتنوا.
عَنْ قَتَادَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَ صلى الله عليه و سلم وَمُعَاذٌ رَدِيفُهُ عَلَى الرَّحْلِ قَالَ:" يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ"، قَالَ:" لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ "قَالَ: "يَا مُعَاذُ " قَالَ:" لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ" ثَلاَثًا .
قَالَ :" مَا مِنْ أَحَدٍ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ إِلاَّ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ " قَالَ :"يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَفَلاَ أُخْبِرُ بِهِ النَّاسَ فَيَسْتَبْشِرُوا ؟"قَالَ:
"إِذًا يَتَّكِلُوا" وَأَخْبَرَ بِهَا مُعَاذٌ عِنْدَ مَوْتِهِ تَأَثُّماً .
عواملُ انتشار السنَّة وذيوعها
العامل الأول: نشاطه وحده صلى الله عليه و سلم في تبليغ الدعوة ونشر الإسلام.
العامل الثاني: طبيعةُ الإسلام، ونظامه الجديد .
العامل الثالث: نشاطُ الصحابة رضوان الله تعالى عليهم رجالاً و نساءاً في طلب العلم، وحفظه، وتبليغه .
العامل الرابع: نشاطُ أمهات المؤمنين رضوان الله عليهن في حفظ السنَّة وتبليغها .
العامل الخامس: ولاته وبعوثه إلى القبائل المسلمة لتبليغها الدعوة، وتعليمها إياها .
العامل السادس: رسلُه وكتبُه صلى الله عليه و سلم إلى الملوك، والأمراء، ورؤساء القبائل المجاورين يدعوهم إلى الإسلام .
العامل السابع : الوفود بعد فتح مكة، وحجة الوداع
نشأة علم المصطلح وتطوره
لقد بدأت البواكير الأولى لهذا العلم منذ مرحلة مبكرة جداً منذ عصر النبي صلى الله عليه و سلم وبأمر من القرآن الكريم الذي طلب منا التثبت من نقل الرواة، وعدم إقامة الأحكام قبل التأكد من صدقها، فقال عز و جل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} ولما قامت الفتنة بعد مقتل الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه اشتدوا أكثر في أمر الرواية، حتى لا تؤدي الفتنة إلى إفشاء الكذب ، وتكلم من الصحابة رضوان الله عليهم كثيرٌ في أمر الرواية والجرح والتعديل، فتكلم أنس بن مالك، وابن عباس، وعبادة بن الصامت، والسيدة عائشة، وغيرهم، رضي الله عنهم أجمعين
.
علم المصطلح في القرنين الثاني والثالث
كتب في بعض موضوعاته في ثنايا مؤلفاته الإمام الشافعي المتوفي سنة 204 هـ ، رضي الله تعالى عنه، حيث تكلم في كتابيه الرسالة والأم عن بيان السنة والقرآن الكريم، وعن الاحتجاج بالسنة وعن حجية خبر الواحد، وشرط الحفظ في الراوي، وقبول رواية المدلس إذا صرح بالسماع وغير ذلك وتكلم البخاري سنة في 256 ه ، صحيحه وتواريخه عن بعض مباحث هذا العلم، كما تعرض الإمام مسلم رحمه الله تعالى المتوفي سنة 261 هـ في مقدمة صحيحه لبعض مباحث هذا الفن .
علم المصطلح بعد القرن الثالث
ويستعرض الحافظ ابن حجر العسقلاني تلك المرحلة فيقول : {فإن التصانيف في اصطلاح أهل الحديث، قد كثرت للأئمة في القديم والحديث، فمِن أوّلِ مَن صَنَّفَ في ذلك :
1 - القاضي أبو محمد الرامَهُرْمُزِي في كتابه: "المحدِّثُ الفاصل"، لكنه لم يَستوعب
2 - والحاكم أبو عبد الله النيسابوريّ، لكنه لم يُهَذِّب، ولم يُرَتّب
3 - وتلاه أبو نعيم الأصْبهاني فعَمِل على كتابه مستخْرَجاً وأبقى أشياءَ للمُتَعَقِّب
4 - ثم جاء بعدهم الخطيب أبو بكر البغداديُّ فصَنَّفَ في قوانين الرواية كتاباً سَمَّاهُ: "الكفاية" "، وفي آدابها كتاباً سَمَّاهُ: "الجامع لآداب الشيخ والسامع"، وقَلَّ فَنٌّ مِن فنون الحديث إلا وقد صَنَّفَ فيه كتاباً مفْرَداً؛ فكان كما قال الحافظ أبو بكر بن نقطة: كلُّ مَن أَنْصف عَلِم أنّ المحدِّثين بعد الخطيب عيالٌ على كُتُبِه} .
تعريفات تمهيدية:
1 - علم المصطلح: علم بأصول وقواعد يعرف بها أحوال السند والمتن من حيث القبول والرد.
2 – موضوعه: السند والمتن من حيث القبول والرد .
3 - ثمرته: تمييز الصحيح من السقيم من الأحاديث .
4 – الحديث: لغة: الجديد، ويجمع على أحاديث .
اصطلاحاً : ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه و سلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة .
5 – الخَبَر: لغة: النبأ . وجمعه أخبار .
اصطلاحاً: فيه ثلاثة أقوال وهي:
1ً - مرادف للحديث: أي إن معناهما واحد اصطلاحاً .
2ً - مغاير له: فالحديث ما جاء عن النبي صلى الله عليه و سلم، والخبر ما جاء عن غيره .
3ً - أعم منه: أي أن الحديث ما جاء عن النبي صلى الله عليه و سلم و الخبر ما جاء عنه أو عن غيره .
6 - الأثَر:
أ) لغة: بقية الشيء.
ب) اصطلاحاً: فيه قولان هما:
1ً - هو مٌرادف للحديث: أي أن معناهما واحد اصطلاحاً .
2ً - مٌغاير له: وهو ما أٌضيف إلى الصحابة والتابعين من أقوال أو أفعال .
7 - الإسناد: له معنيان:
أ) عَزْو الحديث إلى قائله مسنداً .
ب) سلسلة الرجال المٌوصلة للمتن . وهو بهذا المعنى مرادف للسند .
8 – السند:
أ) لغة: المعتمد، وسمي كذلك لأن الحديث يستند إليه ويعتمد عليه .
ب) اصطلاحاً: سلسلة الرجال الموصلة للمتن .
9 - المتن:
أ) لغة: ما صلب وارتفع من الأرض .
ب) اصطلاحاً: ما ينتهي إليه السند من الكلام .
10 - المٌسْنَد:
أ) لغة: اسم مفعول من أسند الشيء إليه بمعنى عزاه ونسبه له.
ب) اصطلاحاً: له ثلاثة معان:
1ً - كل كتاب جمعَ فيه مرويات كل صحابي على حِدَة .
2ً - الحديث المرفوع المتصل سنداً .
3ً - إن يٌراد به " السند " فيكون بهذا المعنى مصدراً ميمياً.
11 - المٌسْنِد:
هو من يروي الحديث بسنده ، سواء أكان عنده علم به أم ليس له إلا مجرد الرواية، وهي المرتبة الثانية لمن يبدأ رحلة طلب الحديث وتسبقها الأولى رتبة طالب العلم .
12- المٌحدِّث:
هو من يشتغل بعلم الحديث رواية ودراية ، ويطلع على كثير من الروايات وأحوال رواتها ،و هي المرتبة الثالثة بعد كل من طالب العلم والمسنِد .
13 - الحافظ : فيه قولان:
أ) مرادف للمحدِّث عند كثير من المحدثين .
ب) وقيل هو أرفع درجة من المحدِّث ،فبالإضافة لمعرفته لفنون الحديث رواية ودراية فهو يحفظ أكثر من المحدِّث ،وقدرها أهل الاختصاص بمئة ألف حديث ،وأضاف الكثيرون على مرتبة الحافظ مرتبة "حافظ حجة" .
14 - الحاكم:
هو من أحاط علماً بجميع الأحاديث حتى لا يفوته منها إلا اليسير على رأي بعض أهل العلم، و قدّرها بعض أهل الاختصاص بـ "98%" .
15 - أمير المؤمنين في الحديث:
صار علماً في الحديث رواية ودراية وسعة حفظ وفهم، وممن حاز هذه المرتبة نذكر : " البخاري ـ أحمد بن حنبل" رحمهما الله .
16 - الصحابي: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم و مات على الإيمان وإن تخلل حياته ردة .
17 - التابعي: رأي الصحابي و كان على الإيمان .
الخبرُ المتواتر
1 – تعريفُه:
لغة: هو اسم فاعل مشتق من المتواتر أي التتابع، تقول تواتر المطر أي تتابع نزوله.
اصطلاحاً: ما رواه عدد كثير تُحيلُ العادةُ تواطؤهم على الكذب .
2 – شروطُه:
لا يتحقق التواتر إلا بشروط أربعة وهي:
الشرط الأول: أن يرويه عدد كثير وضابط هذا العدد هو العادة كما أسلفنا ...
قال القاضي الباقلاني: ولا يكفي الأربعة, وما فوقها صالح, وتوقَّف في الخمسة.
وقال الاصطخري: أقله عشرة, وهو المُخْتار, لأنَّه أوَّل جموع الكَثْرة.
وقيلَ: اثنا عشر عدَّة نُقباء بنى إسرائيل. وقيلَ: عشرُون. وقيلَ: أربَعُون.
وقيلَ: سبعون عدَّة أصحاب موسى عليه الصَّلاة والسَّلام.
وقيلَ: ثلاث مئة وبضعة عشر, عدَّة أصحاب طالوت وأهل بدر, لأنَّ كل ما ذكر من العدد المذكور أفاد العلم.
الشرط الثاني: أن توجد هذه الكثرة في جميع طبقات السند .
الشرط الثالث: أن تٌحيلَ العادة تواطؤهم على الكذب ، وذلك كأن يكونوا من بلاده مختلفة، وأجناس مختلفة.
الشرط الرابع: أن يكون مٌسْتَنَد خبرهم الحس ،كقولهم سمعنا أو رأينا أو لمسنا
أو ..... أما إن كان مستند خبرهم العقل، كالقول بحدوث العالم مثلاً ، فلا يسمى الخبر حينئذ متواتراً .
3 - حُكمُه:
المتواتر يفيد العلم الضروري، أي اليقيني الذي يضطر الإنسان إلى التصديق به تصديقاً جازماً كمن يشاهد الأمر بنفسه كيف لا يتردد في تصديقه .
4 – أقسامه:
ينقسم الخبر المتواتر إلى قسمين هما، لفظي ومعنوي.
المتواتر اللفظي : هو ما تواتر لفظه ومعناه. مثل حديث :" مَنْ كَذَبَ عَلَىَّ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ " رواه بضعة وسبعون صحابياً .
المتواتر المعنوي: وهو أن ينقل جماعة يستحيل تواطؤهم على الكذب وقائع مُختلفة, تَشْترك في أمر يتواتر ذلك القدر المُشترك.
كما إذا نقلَ رَجُل عن حاتم مثلاً أنَّه أعْطَى جملاً, وآخر أنَّه أعْطَى فرسًا, وآخر أنَّه أعْطَى دينارًا, وهلمَّ جرًّا, فيتواتر القدر المُشترك بين أخبارهم, وهو الإعطاء, لأنَّ وجوده مشترك من جميع هذه القضايا .
فالمتواتر المعنوي ما تواتر معناه دون لفظه.
مثل : أحاديث رفع اليدين في الدعاء ، لكنَّها في قضايا مُختلفة, فكل قضية منها لم تتواتر, والقدر المُشْترك فيها وهو الرَّفع عند الدُّعاء تواتر باعتبار المَجْموع .

يتبع إن شاء الله ...

التوقيع

من عجائب الشمعة أنها تحترق لتضيء للآخرين ... ومن عجائب الإبرة أنها تكسو الناس وهي عارية ... ومن عجائب القلم أنه يشرب ظلمة ويلفظ نوراً
لئن تغدو فتشعل شمعة واحدة ، خير لك من أن تلعن الظلام مليون مرة
الإيجابي : يفكر في غيره
السلبي : يفكر في نفسه
الإيجابي : يصنع الظروف
السلبي : تصنعه الظروف
لا يستطيع أحد ركوب ظهرك إلا إذا كان منحنياً
قال ابن القيم رحمه الله :{ كما أنه ليس للمصلي من صلاته إلا ما عقل منها ، كذلك فإنه ليس للإنسان من حياته إلا ما كان لله }
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 07-17-2012, 02:50 AM
أبو عائشة السوري أبو عائشة السوري غير متواجد حالياً
عضو جديد
 




افتراضي

خبرُ الآحادِ
تعريفُه:
لغة: الآحاد جمع أحد بمعنى الواحد، وخَبَرُ الواحِدِ في اللُّغَةِ : ما يَرويهِ شَخْصٌ واحِدٌ
.
وفي الاصطِلاحِ : ما لَمْ يَجْمَعْ شُروط المُتواتِرِ .
حكمُه :
يفيد العلم النظري ، أي العلم المتوقف على النظر والاستدلال ،ولا بد لنا من كلمة حول شبهة عدم حجية خبر الآحاد ونصها كما صرح بها أهلها :" نحن لا نأخذ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ما تواتر، و نرد ما سواه" .
والجواب كالتالي: عقيدتنا نحن أهل السنة والجماعة وجوب الأخذ بخبر الآحاد – بل الواحد - سواءاً كان في العقيدة أو الأحكام أو الأخبار، سنأخذ كمثال عن الحديث المتواتر حديثاً معروفاً عند العامة والخاصة ،ألا وهو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار" هذا حديث متواتر وعدد طرقه كثيرة، لكن الذي نقله إلينا شخص واحد ألا وهو ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى، يعني نحن أخذنا حديثاً متواتراً من شخص واحد لكنه ثقة ولم يبلغ عدد من معه حد التواتر!
للاستزادة حول حجية خبر الآحاد تفضلوا غير مأمورين بتحميل هذا الكتاب للشيخ الألباني رحمه الله ...

http://www.waqfeya.com/book.php?bid=474

يقسمُ خبرُ الآحاد بالنسبة إلى عدد طرقه إلى ثلاثة أقسام: مشهور – عزيز – غريب .
المَشهور:
تعريفُه
:
لغة : هو اسم مفعول من " شَهَرْتٌ الأمر " إذا أعلنته وأظهرته وسميَّ َ بذلك لظهوره .
اصطلاحاً: ما رواه ثلاثة فأكثر ـ في كل طبقةٍ ـ ما لم يبلغ حدَّ التواتر .
المسْتَفِيضُ:
لغة: اسم فاعل من " استفاض " مشتق من فاض الماء وسمى بذلك لانتشاره.
اصطلاحاً : اختلف في تعريفه على ثلاثة أقوال وهي :
الأول: هو مرادف للمشهور .
الثاني: هو أخص منه ، لأنه يشترط في المستفيض أن يستوي طرفا إسناده ، ولا يشترط ذلك في المشهور .
الثالث: هو أعم منه أي عكس القول الثاني .
المشهورُ غير الاصطلاحي:
تعريفه : ويقصد به ما اشْتُهِرَ على الألْسِنةِ من غير شروط تعتبر، فيشمل:
ما لَهُ إِسنادٌ واحِدٌ فصاعِداً
ما لا يوجَدُ لهُ إِسنادٌ أَصْلاً
العَزيز:
تعريفُه:
لغة: هو صفة مشبهة من " عَزَّ يَعِزّ" بالكسر أي قَلَّ و نَدَرَ، أو من "عَزَّ يَعّزُّ" بالفتح، أي قوي واشتد، وسميَ بذلك أما لقلة وجوده وندرته. وأما لقوته بمجيئه من طريق آخر.
اصطلاحاً: أن لا يقل رواته عن اثنين في جميع طبقات السند ، أمَّا إن وجد في بعض طبقات السند ثلاثة فأكثر فلا يضر ، بشرط أن تبقى ولو طبقة واحدة فيها اثنان ، لأن العبرة لأقل طبقة من طبقات السند .
الغريبُ:
1 - تعريفُه:
لغة: هو صفة مشبهة، بمعنى المنفرد، أو البعيد عن أقاربه.
اصطلاحاً: هو ما ينفرد بروايته راوٍ واحدٍ ، ويطلق بعض أهل العلم على الغريب تسمية " الفرد" .
2 – أقسامُه:
يقسم الغريب بالنسبة لموضع التفرد فيه إلى قسمين هما " غريب مطْلق " و
"غريب نسبي" .
أ - الغريب المطلق: أو الفرد المطلق: هو ما كانت الغرابة في أصل سنده، أي ما ينفرد بروايته شخص واحد في أصل سنده .
ب- الغريبُ النسبيُّ: أو الفرد النسبيِّ.
تعريفه: هو ما كانت الغرابة في أثناء سنده أي أن يرويه أكثر من راو في أصل سنده ثم ينفرد بروايته راو واحد عن أولئك الرواة، وسمي هذا القسم بـ:" الغريب النسبي" لأن التفرد وقع فيه بالنسبة إلى شخص معين .
أقسام الخبر المقبول:
يقسمُ المقبول بالنسبة إلى تفاوت مراتبه إلى قسمين رئيسين هما: صحيح وحسن، وكلٌّ منهما يقسم إلى قسمين هما ، لذاته ولغيره ، فتؤول أقسام المقبول في النهاية إلى أربعة أقسام هي : صحيحٌ لذاته _ حسنٌ لذاته - صحيحٌ لغيره _ حسنٌ لغيره .
الصَّحيحُ :
1 - تعريفُه:
لغة: الصحيح ضد السقيم .
اصطلاحاً: المتصل سنده بنقل العدل الضابط عن مثله، حتى ينتهي إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى منتهاه، من صحابي أو من دونه، ولا يكون شاذاً، ولا مردوداً، ولا معللاً بعلة قادحة، وقد يكون مشهوراً أو غريباً .
واتّصال السند: سماعُ كلِّ راوٍ من الراوي الذي يليه، من أول السند إلى منتهاه .
عدم الشذوذ: أي أن لا يكون الحديث شاذاً، والشذوذ: مخالفةُ الثّقةِ لِمَنْ هو أوثقُ منهُ أو أكثر منهُ عدداً .
العّلةَ القادحةَ وهي: سببٌ يقدحُ في صحّةِ حديثٍ ظاهرهُ الصحّةُ والخلوُّ منها، ولا تتبيّنُ إلاّ للنقّاد الجهابذة .
العدلُ: كلُّ مسلمٍ بالغٍ عاقلٍ سليم من أسبابِ الفسق و خوارمِ المروءة، فأخرجَ هذا التعريفُ الكافرَ وغيرَ البالغِ، وفي المميّزِ نزاعٌ، والمجنونَ، والفاسقَ وهو: من يفعلُ الكبيرةَ ويُصرُّ على الصغيرةِ، والفسق نوعان: بشبهةٍ كالخوارج والشيعة، وبشهوةٍ كشرب الخمر والسرقة، وأخرجَ مَن يخالفُ الآدابَ الشرعيّةَ وعرفَ المجتمعِ المسلمِ.
الضبطُ: الحفظُ، وهو قسمان: ضبطُ الصدرِ وهو أن يَحفظَ ما سمعهُ حفظاً يمكنهُ من استحضاره متى شاء، وضبطُ الكتابِ وهو صيانتهُ عنده منذ سمع فيه وصحّحه إلى أن يؤدّيه.
5 – حكمُه:
وجوب العمل به بإجماع أهل الحديث ومن يٌعْتَدَّ به من الأصوليين والفقهاء ، فهو حجة من حجج الشرع ، لا يَسَعٌ المسلم ترك العمل به .
أول مصنف في الصحيح المجرد صحيح البخاري . ثم صحيح مسلم . وهما أصح الكتب بعد القرآن الكريم ، وقد أجمعت الأمة على تلقي كتابيهما بالقَبول .
المستخرجات:
أ) موضوع المستخرج : هو أن يأتي المصنِّف إلى كتاب من كتب الحديث ، فيخرِّج أحاديثه بأسانيد لنفسه من غير طريق صاحب الكتاب ، فيجتمع معه في شيخه أو من فوقه .
ب) فوائد المستخرجات على الصحيحين:
1 - عُلو الإسْنَاد .
2 - زيادة الصَّحيح, فإن تلك الزيادات صحيحة لكونها بإسنادهما .
3 - القُوة بكثرة الطُّرق للترجيح عند المُعَارضة .
4 - أن يروى في الصَّحيح عن مُدلِّس بالعنعنة, فيرويه المستخرج بالتَّصريح بالسَّماع .
5 - أن يروي عن مُبهم, كحدَّثنا فُلان, أو رجل, أو فُلان, أو غيره, أو غير واحد, فيُعَيِّنهُ المُستخرج .
مراتبُ الصحيح:
الأول: -وهو أصحُّها- ما أخرجَه البخاريُّ ومسلمٌ ، وهو الذي يُعبِّرُ عنه أهلُ الحديثِ بقولهم : (متفقٌ عليه) .
والثاني : ما انفردَ به البخاريُّ .
والثالثُ : ما انفردَ به مسلمٌ .
والرابعُ : ما هو على شَرْطِهِما ولم يخرِّجْهُ واحدٌ منهُما .
والخامسُ : ما هو على شرطِ البخاريِّ وَحْدَهُ .
والسادسُ : ما هو على شرطِ مسلمٍ وَحْدَهُ .
والسابعُ : ما هو صحيحٌ عند غيرِهما من الأئمةِ المعتمدينَ ، وليسَ على شرطِ واحدٍ منهُما .
شرط الشيخين ( البخاري و مسلم رحمهما الله):
لم يُفصح الشيخان عن شرط شرطاه أو عيناه زيادة على الشروط المتفق عليها في الصحيح، لكن الباحثين من العلماء ظهر لهم من التتبع والاستقراء لأساليبهما ما ظنه كل منهم أنه شرطهما أو شرط واحد منهما.
قال السيوطي :"وأعجب من ذلكَ ما ذَكَرهُ الميانجي في كتاب :"ما لا يسع المُحدِّث جهله" :{شرط الشَّيخين في "صحيحهما" أن لا يدخُلا فيه إلاَّ ما نقلهُ عن كلِّ واحد من الصَّحابة أربعة اثنان فصَاعدًا, صَحَّ عندهما, وذلكَ ما رواهُ عن النَّبي صلى الله عليه و سلم وما نقلهُ عن كلِّ واحد من الصَّحابة أربعة من التَّابعين فأكثر, وأن يَكُون عن كلِّ واحد من التابعين أكثر من أربعة} .
الحديثُ الحَسَنُ:
1 - تعريفُه: لغة: هو صفة مشبهة من " الحُسْن " بمعنى الجَمال .
اصطلاحاً: هو الحديث الذي يتصل سنده بنقل عدل خفّ ضبطه ، من غير شذوذ ولا علّة .
2 – حكمُه: الحسن كالصَّحيح في الاحتجاج به, وإن كان دُونه في القُوَّة, ولهذا أدرجته طائفة في نوع الصَّحيح كالحاكم وابن حبَّان وابن خُزيمة, مع قولهم بأنَّه دُون الصَّحيح المُبين أولاً .
3 - ضوابط لمعرفة الحديث الحسن:
الحديث الحسن قسمان: حسن لذاته، وهو: ما استوفى شروط الصحة سوى الضبط، فإن راويه أنزل من راوي الحديث الصحيح وأرفع من راوي الحديث الضعيف، وهذا هو الذي قرره الحافظ ابن حجر ومشى عليه المتأخرون بعده
.
وكذلك بالنسبة للحديث الحسن لغيره، وهو الضعيف الذي ينجبر بوروده من طرق أخرى، إذا تعددت طرق هذا الحديث، فإنه يكون حسناً لغيره .
معنى قول الترمذي وغيره " حديث حسن صحيح ":
يتحصل من أقوال العلماء المتعددة أن الإمام الترمذي رحمه الله له اصطلاحات خاصة في كتابه اجتهد العلماء في فهمها ، وخلاصتها :
أنه إذا قال هذا حديث حسن ، فهو يعني به الحسن لغيره
وإذا قال : هذا حديث حسن غريب ، فهو يعني به الحسن لذاته
وإذا قال : هذا حديث حسن صحيح ، فله أكثر من معنى :
منها أنه يعني حسن عند قوم صحيح عند آخرين
أو حسن السند صحيح المتن ، وهو الصحيح لغيره
أو أن هناك راويان اختلفا في الحكم عليه ما بين صدوق إلى ثقة
أو أنه ذكرها لزيادة القوة ، أي حسن بل صحيح ، ونحو ذلك ،والله أعلم .
الصحيحُ لغيره:
تعريفُه: هو الحسن لذاته إذا رُويَ من طريق آخر مِثْلُهُ أو أقوى منه ، وسُميَ صحيحاً لغيره لأن الصحة لم تأت من ذات السند ، وإنما جاءت من انضمام غيره له .
الحَسَنُ لِغَيْره:
تعريفُه:
هو الضعيف ضعفاً يسيراً إذا تعددت طرقه، ولم يكن سببُ ضعفه فِسْقَ الراوي أو كَذِبَهُ
.
مرتبتُه:
الحسن لغيره أدنى مرتبة من الحسن لذاته ،وينبني على ذلك أنه لو تعارض الحسن لذاته مع الحسن لغيرهِ قُدِّمَ الحسنُ لذاته .
حكمُه
:
هو من المقبول الذي يُحْتَجُّ به عند جمهور السلف والخلف .
تقسيمُ الخبر المقبول إلى معمول به وغير معمول به:
ينقسم الخبر المقبول إلى قسمين: معمول به وغير معمول به، وينبثق عن ذلك نوعان من أنواع علوم الحديث وهما: " المحْكَم ومخْتَلفُ الحديث " و"الناسخ والمنسوخ" .
المُحْكَم
تعريف المُحْكَم:
أ) لغة: هو اسم مفعول به " أَحْكَم " بمعنى أَتْقَنَ .
ب) اصطلاحاً: هو الحديث المقبول الذي سَلِمَ من معارضة مِثْلِهِ .
وأكثر الأحاديث من هذا النوع ، وأما الأحاديث المتعارضة المختلفة فهي قليلة بالنسبة لمجموع الأحاديث .
مُخْتَلِفُ الحديثِ:
لغةً: هو اسمُ فاعل منَ " الاختلاف " ضد الاتفاق ، ومعنى مختلف الحديث أي الأحاديث التي تصلنا ويخالف بعضها بعضاً في المعنى ، أي يتضادَّان في المعنى .
اصطلاحاً : هو الحديثُ المقبول المُعَارَض بمثله مع إمكان الجمع بينهما .
والمُختَلفُ قِسْمان:
أحدهُما يمكنُ الجمعُ بينهما بوجه صحيح ، فيتعيَّنُ ، ولا يُصَارُ إلى التَّعَارض, ولا النَّسخ ويجبُ العمل بهما .
والقسمُ الثَّاني: لا يُمكن بوجْهٍ, فإنْ عَلمنَا أحدهُمَا ناسخًا قدَّمناهُ, وإلاَّ عملنا بالرَّاجح, كالتَّرْجيح بصفَاتِ الرُّواة وكَثْرتهم في خمسين وجهاً ،و البعض أوصلها إلى مئة .
ناسِخُ الحَديثِ وَمَنسوخُه:
1 - تعريفُ النسخِ:
أ) لغة: له معنيان : الإزالة . ومنه نَسَخَتِ الشمسُ الظلَّ. أي إزالته والنقل، ومنه نسختً الكتابَ، إذا نقلتُ ما فيه، فكأنَّ الناسخ قد أزال المنسوخ أو نقله إلى حكم آخر.
ب) اصطلاحاً: النَّسْخُ : رفْعُ تعلُّقِ حُكمٍ شرعيٍّ بدليلٍ شرعيٍّ متأَخِّرٍ عنهُ .
والنَّاسخُ : ما يدلُّ على الرَّفعِ المذكورِ .
وتسميتُهُ ناسِخاً مجازٌ ؛ لأنَّ النَّاسخَ في الحقيقةِ هو اللهُ تعالى .
2 - أهميته:
وهو فنُّ مُهم، فقد مرَّ عليٍّ رضي الله عنه على قصاص فقال له: أ تعرفُ النَّاسخ من المنسوخ؟ فقال القصاص: لا, فقال علي رضي الله عنه: هلكتَ وأهلكتَ. أسنده الحازمي في كتابه .
3 - بم يُعْرَفُ الناسخ من المنسوخ ؟
يعرفُ ناسخ الحديث من منسوخه بأحد هذه الأمور:
1ً - بتصريح رسول الله صلى الله عليه و سلم كحديث بُرَيْدَةَ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه و سلم : "كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها" .
2ً - بقول الصحابيِّ : فعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ :{كَانَ آخِرَ الأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم تَرْكُ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّار} .
3ً - بمعرفةِ التاريخِ .
4ً - بدلالةِ الإجماعِ.
4 - حكمة النسخ:
للنسخ فوائد جمّة لكن من أظهرها فائدتان:
الفائدة الأولى: رعاية الأصلح للمكلفين تفضُّلاً من الله تعالى لا وجوباً عليه ، فمصالح الناس التي هي المقصود الأصلي من تشريع الأحكام تختلف باختلاف الأحوال والأزمان .
الفائدة الثانية: امتحان المكلفين بامتثالهم الأوامر واجتنابهم النواهي وتكرار الاختبار خصوصاً في أمرهم بما كانوا منهيين عنه ونهيهم عما كانوا مأمورين به، فالانقياد في حالة التغيير أدل على الإذعان والطاعة .
4 - الفرق بين النسخ والتخصيص:
النسخ رفع للحكم بالكلية والتخصيص قصر للحكم على بعض أفراده. فهو رفع جزئي.
الخبرُ المردودُ وأسباب ردِّه:
تعريفُه:
هو الذي لم يَتَرَجَّحْ صِدْقُ المُخْبِرِ به، وذلك بفقد شرط أو أكثر من شروط القبول التي مرت بنا في بحث الصحيح .
أقسامُه وأسبابُّ ردِّه:
لقد قسم العلماء الخبر المردود إلى أقسام كثيرة زاد على الأربعين نوعاً، وأطلقوا على كثير من تلك الأقسام أسماء خاصة بها ، ومنها ما لم يطلقوا عليها اسما خاصاً بها بل سموها باسم عام هو " الضعيف" .
أمَّا أسبابُ رد الحديث فكثيرة، لكنها ترجع بالجملة إلى أحد سببين رئيسيين هما:
سَقْطُ من الإسناد .
طعنٌ في الراوي .
وتحت كلٍّ من هذين السببين أنواعٌ متعددة ...
أولاً) تعريفُ الحديث الضعيف:
هو ما فقد شرطا من شروط الحديث المقبول وهي ستة:
1 - العدالة: أي الصدق والتقوى والالتزام الظاهر بأحكام الإسلام.
2 - الضبط: هو الدقة في الحفظ والإتقان ثم الاستحضار عند الأداء .
3 - الاتصال: أي كل واحد من الرواة قد تلقاه من رواة الحديث حتى النهاية دون إرسال أو انقطاع.
4 - عدم الشذوذ: وهو مخالفة الراوي الثقة لمن هو أثق منه .
5 - عدم وجود العلة القادحة: أي سلامة الحديث من وصف خفي قادح في صحة الحديث والظاهر السلامة منه .
6 - العاضدُ عند الاحتياج إليه .
ثانياً- أقسامُ الضعيف :
هو على ثلاثةُ أنواع رئيسةٍ:
أ - الضعيف ضعفا يسيراً، وهو أنواع كثيرة منها:
1 - سوءُ الحفظ ،مثل سليمان بن قرم، و محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري .
2 - الاختلاطُ، مثل: بحر بن مرار وحبان بن يسار الكلابي وحجاج بن محمد المصيصي الأعور .
3 - الانقطاع، وهو أن يروي عمن لم يسمع منه .
4 - الإرسال، وهو أن يروي التابعي عن رسول الله مباشرة، دون ذكر الواسطة.
5 - التدليس، وهو أن ينسب راوٍ إلى أحد الرواة الثقاة رواية ليست له، وهو أنواع متعددة .
6 - الإعضال، ما سقط من إسناده راويان فأكثر على التوالي .
7 - الشذوذ، أن يخالف الثقة من هو أوثق منه برواية حديث ما أو جملة يتفرد بها ويخالف الثقات .
8 - الوهم، والوهم قد يكون من الثقة سواء في الإسناد أو المتن، و قد يكون من الضعيف، فيضعف إذا كثرت أوهامه.
9 - العلة القادحة، هي: سببٌ يقدحُ في صحّةِ حديثٍ ظاهرهُ الصحّةُ والخلوُّ منها ،ولا تتبيّنُ إلاّ للنقّاد الجهابذة .
10 - المضطرب، هو الحديث الذي تختلف فيه الرواة مع اتحاد مصدرهم، ولم يستقم التوفيق بينهم ولا الترجيح على طريقة المحدثين النقاد، وإن كان ذلك ممكناً على التجويز العقلي المجرد .
11 - المقلوب، هو الْحَدِيْث الَّذِيْ أبدلَ فِيْهِ راويه شَيْئاً بآخر في السند أو في الْمَتْن عمداً أو سهواً .
ب - الضعيفُ ضعفاً شديداً وهو أنواع منها:
1 - المنكرُ: هو ما رواه الضعيف مخالفاً للثقات وتفرد به.
2 – المتروك: هو الحديث الذي انفرد به راو متهم بالكذب وهو من عرف بالكذب في كلام الناس لا في الحديث النبوي. وزاد بعضهم ما انفرد به من رمي بفسق أو كثير الغفلة أو الوهم .
3 - المطروح: وهو مثل المتروك ومثله الواهي والساقط . وهذا النوع أفرده الحافظ الذهبي وعرفه بأنه: ما نزل عن الضعيف وارتفع عن الموضوع.
جـ _ الموضوع :
هو الكذبُ المُخْتَلَق المصنوعُ المنسوب إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم
أجمع العلماء على أنه لا تحل روايته لأحد عَلِمَ حالَهُ في أي معنى كان سواء الأحكام والقَصَص, والتَّرغيب وغيرها، إلا مع بيان وضعه، لقوله صلى الله عليه و سلم :{مَنْ حَدَّثَ عَنِّى بِحَدِيثٍ يُرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ} .
حكم الحديث الضعيف:
منهجنا نحن أهل السنة والجماعة قائم على الأخذ بالصحيح والحسن وترك ما سواهما مطلقاً في الأخبار والأحكام والعقائد ،و تفصيل ذلك كالتالي:
ليس المقصود هنا بالحديث الضعيف الحديث الضعيف جدا ولا الموضوع فأنواع الحديث الضعيف كثيرة لا يتسع المقام لذكرها ولكن المقصود بشكل عام الحديث الأقل ضعفاً .

ففي بدايات ظهور علم مصطلح الحديث كان يقسم الحديث إلى قسمين: الضعيف والصحيح ,ثم تطور علم المصطلح حتى صار يقسم من حيث الصحة إلى صحيح وحسن وضعيف ولكل منهم أنواع عديدة كما أسلفنا .

وموضوعنا : هل يجوز العمل بالحديث الضعيف؟

لعلماء الحديث رحمهم الله ثلاثة آراء :

1 - أنه لا يجوز العمل به مطلقاً: وهو رأي الإمام البخاري والإمام ابن الحزم رحمهما الله.

2 - أنه يجوز العمل به في باب فضائل الأعمال : وهو رأي الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله.
3 - أنه يجوز العمل به ضمن ثلاث شروط وهو رأي الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله .

i - ألا يكون شديد الضعف.

ii - أن يندرج تحت أصل من أصول الدين.

iii - أن يعتقد من يعمل به أنه يعمل به للاحتياط وليس تيقناً .

ويرى أهل الحديث والأثر المحققين عدم جواز العمل به لا في باب فضائل الأعمال ولا يرها لأسباب أبينها بإذن الله :بالنسبة لرأي الإمام أحمد رحمه الله في جواز العمل به في باب فضائل الأعمال

يقول ابن القيم رحمه الله في كتابه "إعلام الموقعين": الأخذ بالمرسل والحديث والضعيف إذا لم يكن في الباب شيء يدفعه وهو الذي رجحه على القياس وليس المراد بالضعيف عنده الباطل ولا المنكر ولا ما في روايته متهم بحيث لا يسوغ الذهاب إليه فالعمل به بل الحديث الضعيف عنده قسيم الصحيح وقسم من أقسام الحسن ولم يكن يقسم الحديث إلى صحيح وحسن وضعيف بل إلى صحيح وضعيف وللضعيف عنده مراتب فإذا لم يجد في الباب أثرا يدفعه ولا قول صاحب ولا إجماعا على خلافه كان العمل به عنده أولى من القياس"
ونلاحظ أن الحديث الذي كان الإمام أحمد يعمل به ما هو بإذن الله إلا الحديث الحسن لأن الأحاديث في عهده كانت صحيح أو ضعيف .

أما بالنسبة للإمام ابن حجر رحمه الله فنلاحظ أن العمل على وجه الريب لا يلزم إلا لضرورة مثل عدم كفاية الأحاديث الصحيحة والحسنة في باب فضائل الأعمال وسواها ونحن نعلم أن الذي تكفل بحفظ الذكر من القرآن والسنة وهو رب العزة جل جلاله لن يترك الأمة تنهل من نبع ضحل أو مكدر .

قال الأمام الشوكاني: ومنهل ديننا عذب فرات.... و ورد لا يكدره الورود

قال الله تعالى: {أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار} ( التوبة : 109 ) .


للاستزادة تفضلوا غير مأمورين إلى هذا الكتاب ...

http://www.saaid.net/book/open.php?cat=91&book=8933

يتبع إن شاء الله ...
التوقيع

من عجائب الشمعة أنها تحترق لتضيء للآخرين ... ومن عجائب الإبرة أنها تكسو الناس وهي عارية ... ومن عجائب القلم أنه يشرب ظلمة ويلفظ نوراً
لئن تغدو فتشعل شمعة واحدة ، خير لك من أن تلعن الظلام مليون مرة
الإيجابي : يفكر في غيره
السلبي : يفكر في نفسه
الإيجابي : يصنع الظروف
السلبي : تصنعه الظروف
لا يستطيع أحد ركوب ظهرك إلا إذا كان منحنياً
قال ابن القيم رحمه الله :{ كما أنه ليس للمصلي من صلاته إلا ما عقل منها ، كذلك فإنه ليس للإنسان من حياته إلا ما كان لله }
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 07-17-2012, 03:21 AM
أبو عائشة السوري أبو عائشة السوري غير متواجد حالياً
عضو جديد
 




افتراضي


المردود بسبب سقط من الإسناد:
المراد بالسَّقْط من الإسناد انقطاع سلسلة الإسناد بسقوط راو أو أكثر عمداً من بعض الرواة أو عن غير عمد ، من أول السند أو من آخره أو من أثنائه ، سقوطاً ظاهراً أو خفياً .
أنواع السقط :
يتنوعُ السقط من الإسناد بحسب ظهور ، وخفائه إلى نوعين هما :
ا) سَقْط ظاهر وهذا النوع من السقط يشترك في معرفته الأئمة وغيرهم من المشتغلين بعلوم الحديث ، ويعرف هذا السقط من عدم التلاقي بين الراوي وشيخه ، إما لأنه لم يُدرك عَصْره ، أو أدرك عصره لكنه لم يجتمع به ، لذلك يحتاج الباحث في الأسانيد إلى معرفة تاريخ الرواة لأنه يتضمن بيان مواليدهم و وفياتهم وأوقات طلبهم وارتحالهم وغير ذلك .
وقد اصطلح علماء الحديث على تسمية السقط الظاهر بأربعة أسماء بحسب مكان السقط أو عدد الرواة الذين أُسقطوا ، وهذه الأسماء هي: المُعَلَّق – المُعْضَل – المُرْسَل – المُنْقَطِع .
ب) سَقْط خَفِي: وهذا لا يدركه إلا الأئمة الحَذّاق المطلعون على طرق الحديث وعلل الأسانيد. وله تسميتان وهما : المُدَلَّس _ المُرْسَل الخفي .
المُعَلَّقُ :
1 – تعريفُه:
لغةً : هو اسم مفعول من " علَّق " الشيء بالشيء أي ناطه وربطه به وجعله معلقاً . وسمي هذا السند معلقاً بسبب اتصاله بالجهة العليا فقط ، وانقطاعه من الجهة الدنيا ، فصار كالشيء المعلق بالسقف ونحوه .
اصطلاحاً : ما حُذف من مبدأ إسناده راو فأكثر على التوالي .
2 - منْ صورِه:
أ) أن يحذف جميع السند ثم يقال مثلاً : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم كذا .
ب) ومنها أن يحذف كل الإسناد إلا الصحابي، أو إلا الصحابي والتابعي .
3 – حكمُه:
الحديثُ المعلَّقُ مردودٌ ، لأنه فقد شرطاً من شروط القبول وهو اتصال السند ،وذلك بحذف راو أو أكثر من إسناده مع عدم علمنا بحال ذلك المحذوف .
4 - حكْمُ المعلقاتِ في الصحيحين:
هذا الحكم ـ وهو أن المعلَّق مردود ـ هو للحديث المعلَّق مطلقاً، لكن إن وجد المعلقُ في كتاب التُزِمَتْ صحته ـ كالصحيحين فهذا له حكم خاص ، وهو أنَّ ما ذُكر بصيغة الجَزْم: كـ " قالَ " و " ذَكَرَ " و " حكَى " فهو حُكْمٌ بصحته عن المضاف إليه ، وما ذُكِرَ بصيغةِ التمريض : كـ " قِيلَ " و" ذُكِرَ " و" حُكِيَ " فليس فيه حُكْمٌ بصحته عن المضاف إليه ، بل فيه الصحيح والحسن والضعيف ، لكن ليس فيه حديثٌ واهٍ ،لوجوده في الكتاب المسمَّى بالصحيح ، وطريق معرفة الصحيح من غيره هو البحثُ عن إسنادِ هذا الحديث والحكم عليه بما يليق به .
المُرْسَلُ:
1 - تعريفُه:
أ) لغة: هو اسم مفعولٍ من " أرسلَ " بمعنى " أطلق " فكأن المُرسِل أَطْلَقَ الإسناد ولم يقيده براوٍ معروف .
ب) اصطلاحاً : هو ما سقطَ من آخر إسناده مَنْ بَعْدَ التابعي .
2 - صورتُه:
وصورتُه أن يقول التابعيُّ ـ سواء كان صغيراً أو كبيراً ـ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم كذا، أو فعل كذا أو فُعِلَ بحضرته كذا وهذه صورة المرسل عند المحدِّثين .
3 - حكمُه:
المرسَلُ في الأصلِ ضعيفٌ مردودٌ، لفقده شرطاً من شروط المقبول وهو اتصال السند، وللجهلِ بحال الراوي المحذوف ،لاحتمال أن يكون المحذوفُ غيرَ صحابي، وفي هذه الحال يحتمل أن يكون ضعيفاً.
لكن العلماءَ من المحدِّثين وغيرهم اختلفوا في حكم المرسل والاحتجاج به، لأن هذا النوع من الانقطاع يختلفُ عن أي انقطاع آخر في السند، لأن الساقط منه غالباً ما يكونُ صحابياً، والصحابةُ كلُّهم عدولٌ، لا تضرُّ عدمُ معرفتِهم .
ومجمل أقوال العلماء في المرسلِ ثلاثةُ أقوالٍ هي :
1ً - ضعيف مردود : عند جمهور المحدثين وكثير من أصحاب الأصول والفقهاء , وحجة هؤلاء هو الجهل بحال الراوي المحذوف لاحتمال أن يكون غير صحابي.
2ً - صحيحٌ يُحْتَجَّ به : عند الأئمة الثلاثة ـ أبو حنيفة ومالك وأحمد في المشهور عنه وطائفة من العلماء بشرط أن يكون المرسل ثقة ولا يرسل إلا عن ثقة .
وحجتهم أن التابعي الثقة لا يستحلُّ أن يقول : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إلا إذا سمعه من ثقة .
3ً - قبولُه بشروط : أي يَصِحَ بشروط، وهذا عند الشافعي وبعض أهل العلم.
وهذه الشروط أربعة، ثلاثة في الراوي المرسِل، وواحد في الحديث المرسَل، وإليك هذه الشروط:
أن يكون المرسلُ من كبار التابعين .
وإذا سَمَّى من أرسل عنه سَمَّى ثقة.
وإذا شاركه الحفاظ المأمونون لم يخالفوه .
وأن ينضمَّ إلى هذه الشروط الثلاثةِ واحدٌ مما يأتي:
أن يُرْوَى الحديثُ من وجه آخر مُسْنَداً .
أو يُرْوى من وجهٍ آخر مرسَلاً أرسلَه من أخذ العلم عن غير رجال المرسل الأول.
أو يُوافِقَ قول صحابي .
أو يُفْتِى بمقتضاه أكثرُ أهل العلم .
فإذا تحققت هذه الشروط تبين صحةُ مَخْرَج المرسَل وما عَضَدَهُ، وأنهما صحيحان، لو عارضهما صحيح من طريق واحد رجحناهما عليه بتعدد الطرق إذا تعذر الجمع بينهما.
الخلاصةُ في الاحتجاج بالمرسل:
لقد تنازع الناس في قبول المراسيل وردها، فغالى البعض بالقبول بها مطلقاً وهذا غير مقبـول؛ لأن هذا يؤدي إلى إزالة فائـدة الإسناد، وغالى الآخرون برد المرسل مطلقاً، فرد بذلك شطراً من السنَّة ومصدراً من مصادر الأحكام الشرعية.
وأصح الأقوال أنّ منها المقبول، ومنها المردود، ومنها الموقوف، فمن علم أنه حاله أنه لا يرسل إلا عن ثقة: قُبل مرسله، ومن عرف أنه يرِسل عن الثقة وغير الثقة، فإن إرساله عمن لا يعرف فهو موقوف، وما كان من المراسيل مخالفاً لما رواه الثقات كان مردوداً.
المُعْضَلُ
1 - تعريفُه:
أ) لغة: اسم مفعول من " أعضله " بمعنى أعياه.
ب) اصطلاحاً: ما سقط من إسناده اثنان فأكثر على التوالي , أمَّا إذا لم يتوال فهو منقطع من موضعين .
2 - حكمُه:
المعضلُ حديثٌ ضعيف ، وهو أسوأ حالاً من المرسل والمنقطع ، لكثرة المحذوفين من الإسناد ، وهذا الحكم على المعضل بالاتفاق بين العلماء .
3 - اجتماعُه مع بعض صور المعلقَّ:
أن بين المعضل وبين المعلق عموماً وخصوصاً من وجه، فيجتمع المعضل مع المعلق في صورة واحدة وهي : إذا حُذف من مبدأ إسناده راويان متواليان . فهو معضل ومعلق في آن واحد .
ويفارقه في صورتين :
إذا حُذف من وسط الإسناد راويان متواليان ، فهو معضل وليس بمعلق .
إذا حذف من مبدأ الإسناد راو فقط ، فهو معلق وليس بمعضل .
المُنقَطِعُ
1 - تعريفُه:
أ) لغة: هو اسم فاعل من " الانقطاع" ضد الاتصال .
ب) اصطلاحاً: ما لم يتصل إسنادُه، على أي وجه كان انقطاعه وفي أي مكان كان .
2 - حكمُه:
المنقطع ضعيفٌ بالاتفاق بين العلماء ، وذلك للجهل بحال الراوي المحذوف ، ولكنه من نوع الضعيف ضعفاً يسيراً ،بحيث لو ورد من طريق آخر مثله أو أقوى منه يقوى به.
المُدَلَّسُ
1 - تعريفُ التدليس:
لغة : المدلَّس اسم مفعول من " التدليس " والتدليس في اللغة : كِتْمانُ عَيْبِ السلعة عن المشتري ، وأصلُ التدليس مشتقٌّ من " الدَّلس " وهو الظلمة أو اختلاط الظلام كما في القاموس .
اصطلاحاً: إخفاء عيب في الإسناد، وتحسينٌ لظاهره .
2 – أقسامه:
القسمُ الأولُ : تدليسُ الإسنادِ : وهو أنْ يُسقطَ اسمَ شيخِهِ الذي سمعَ منه ، ويرتَقي إلى شيخِ شيخِهِ .
القسم الثاني :تدليسُ التسوية : وصورتُه أنْ يرويَ حديثاً عن شيخٍ ثقةٍ ، وذلكَ الثقةُ يرويه عنْ ضعيفٍ عن ثقةٍ ، فيأتي المدلِّسُ الذي سمعَ الحديثَ من الثقةِ الأولِ ، فيُسقطُ الذي في السندِ ، ويجعلُ الحديثَ عن شيخِهِ الثقةِ عن الثقةِ الثاني ، بلفظٍ محتملٍ ، فيستوي الإسنادُ ، كلُّهُ ثقاتٌ .
القسم الثالث: تدليسُ الشيوخ: وهو أنْ يصفَ المدلّسُ شيخَهُ الذي سمعَ ذلك الحديث منه بوصفٍ لا يُعْرَفُ به من اسمٍ ، أو كنيةٍ ، أو نسبةٍ إلى قبيلةٍ ، أو بلدٍ ، أو صنعةٍ أو نحوِ ذلك ، كي يُوْعِّرِ الطريقَ إلى معرفةِ السامعِ له .
3 – حكمه :
أما تدليس الإسناد: فمكروه جداً. ذمة أكثر العلماء وكان شعبة من أشدهم ذماً له فقال فيه أقوالا منها: "التدليس أخو الكذب" .
وأما تدليس التسوية : فهو أشد كراهة منه ، حتى قال العراقي :" وهو قادحٌ فيمنْ تعمدَ فِعْله " .
وأما تدليس الشيوخ : فكراهته أخف من تدليس الإسناد ،لأن المدلس لم يُسقط أحداً ، وإنما الكراهة بسبب تضييع المروي عنه ، وتوعير طريق معرفته على السامع وتختلف الحال في كراهته بحسب الغرض الحامل عليه .
و الأغراض الحاملة على تدليس الشيوخ أربعة هي :
1 - ضعف الشيخ أو كونه غير ثقة .
2 - تأخر وفاته بحيث شاركه في السماع منه جماعة دونه .
3 - صغر سنه بحيث يكون أصغر من الراوي عنه .
4 - كثرة الرواية عنه، فلا يحبُّ الإكثار من ذكر اسمه على صورة واحدة .
الأغراض الحاملة على تدليس الإسناد خمسة وهي :
1 - توهيم عُلُوِّ الإسناد .
2 - فَوَات شيء من الحديث عن شيخ سمع منه الكثير .
3 – 4 – 5 - الأغراض الثلاثة الأولى المذكورة في تدليس الشيوخ .
أسباب ذم المدلَّس: ثلاثة هي:
أ) إيهامه السماع ممن لم يسمع عنه .
ب) عدوله عن الكشف إلى الاحتمال .


ج) علمه بأنه لو ذكر الذي دلس عنه لم يكن مَرْضِياً
حكمُ رواية المدلِّس:
رد رواية المدلس مطلقاً وإن بين السماع، لأن التدليس نفسه جرح.
بم يعرف التدليس ؟
يعرف التدليس بأحد أمرين :


إخبار المدلس نفسه إذا سئل مثلاً
نَصُّ إمام من أئمة هذا الشأن بناء على معرفته ذلك من البحث والتتبع
المُرْسَلُ الخَفِيّ
تعريفُه:1 -
لغة: المرسلُ لغة اسم مفعول من الإرسال بمعنى الإطلاق، كأن المرسِل أطلق الإسناد ولم يصله، والخفيَّ: ضد الجلي، لأن هذا النوع من الإرسال غير ظاهر، فلا يدرك إلا بالبحث.
اصطلاحاً: أن يَرْوِيَ عمن لقيه أو عاصره ما لم يسمع منه بلفظ يحتملُ السماع وغيره كـ"قال" .
2 - بم يعرفُ المرَسلُ الخفيُّ ؟:
أولاً: أنْ يُعْرَفَ عدمُ اللقاءِ بينهما بنصِّ بعضِ الأئمةِ على ذلك، أوْ يُعْرَفَ ذلكَ بوجهٍ صحيحٍ.
ثانياً:بأنْ يُعْرَفَ عَدَمُ سماعِهِ منهُ مطلقاً بنصِّ إمامٍ على ذلكَ ، أوْ نحوِه.
ثالثاً:بأنْ يُعْرَفَ عدمُ سماعِهِ منهُ لذلكَ الحديثِ فَقَطْ ، وإنْ سَمِعَ منهُ غيرُهُ.
رابعاً:بأنْ يَرِدَ في بعضِ طرقِ الحديثِ زيادةُ اسمِ راوٍ بينهما
3 – حكمه:
هو ضعيف ، لأنه من نوع المنقطع ، فإذا ظهر انقطاعه فحكمه حكم المنقطع
المردودُ بسببِ طعن في الراوي:
المراد بالطعن في الراوي جرحه باللسان، والتكلم فيه من ناحية عدالته ودينه ومن ناحية ضبطه وحفظه وتيقظه.
أسبابُ الطعن في الراوي:
أسباب الطعن في الراوي عشرة أشياء، خمسة منها تتعلق بالعدالة، وخمسة منها تتعلق بالضبط.


ا)أما التي تتعلق بالطعن في العدالة فهي:

الكذب _ التهمة بالكذب _ الفسق _ البدعة _ الجهالة

ب ) أما التي تتعلقُ بالطعنِ في الضبط فهي:

فُحْشُ الغلط - سوء الحفظ – الغفلة - كثرةُ الأوهام - مخالفةُ الثقات
المَوضوعُ
تعريفُه:
أ) لغة: هو اسم مفعول من " وَضَعَ الشيء " أي " حَطَّهُ " سُمي بذلك لانحطاط رتبته


ب) اصطلاحاً: هو الكذبُ المُخْتَلَق المصنوعُ المنسوب إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم .
رتبتُه:
هو شر الأحاديث الضعيفة وأقبحها ، وبعض العلماء يعتبره قسماً مستقلاً وليس نوعاً من أنواع الأحاديث الضعيفة .
حكمُ روايته:
أجمع العلماء على أنه لا تحل روايته لأحد عَلِمَ حالَهُ في أي معنى كان سواء الأحكام,
والقَصَص, والتَّرغيب وغيرها ،إلا مع بيان وضعه، لحديث رسول الله صلى الله عليه و سلم:{ مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ يُرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ} .
كيف يُعْرَفُ الحديث الموضوع ؟
1ً- إقرار الواضع بالوضع.
2ً - أو معنى إقْراره وما يَتنزَّل مَنْزلة إقْراره .
3ً - أو قرينة في الرَّاوي, أو المَرْوي, فقد وضعت أحاديث طويلة يَشْهد بوضْعها رَكَاكة لفْظْها ومَعَانيها.
قال الرَّبيع بن خُثَيم: إنَّ للحديث ضَوْءٌ كضوء النهَّار تعرفه, وظُلْمة كَظُلْمة اللَّيل تُنْكره


وقال ابن الجَوْزي: الحديث المُنْكر يَقْشعر لهُ جلد الطَّالب للعلم, وينفرُ منهُ قلبه في الغالب .
4ً - ومنها: ما يُصرِّح بتكذيب رُواة جَمْع المُتواتر, أو يَكُون خبرًا عن أمر جَسِيم تتوفَّر الدَّواعي على نَقْله بمحضر الجمعِ, ثمَّ لا ينقله منهم إلاَّ واحد.
5ً - ومنها: الإفْراط بالوَعيد الشَّديد على الأمر الصَّغير, أو الوعد العظيم على الفِعْل الحَقِير, وهذا كثير في حديث القُصَّاص, والأخير راجعٌ إلى الرِّكة
6ً- ومن القَرَائن كَوْن الرَّاوي رَافضيًا, والحديثُ في فضائل أهل البيت
7ً - أن يكون الحديث شبيهاً بحديث الكذابين ، وإن كان لا يتهم بوضعه معين في إسناده ، بل ربما كان من رواية مجهول ، أو مما أدخل على بعض الرواة الضعفاء ، أو دلس اسم الكذاب الذي تلصق به التهمة.
- أن يدلَّ جمع الطرق وتتبع الروايات على عورة الكذاب فيه 8ً
9ً- أن يعرف بالتاريخ ، كأن يوجد من الراوي ذكر السماع من قوم لم يدركهم ، فيكون قرينة على كون ما حدث به عنهم كذباً ، وهو معدود فيمن يسرق الحديث.
10ً- أن يختبر الراوي بسؤاله عن المكان الذي سمع فيه من شيخ معين ، أو عن صفة ذلك الشيخ ، فيذكر ما يخالف الحقيقة ، فيكون تحديثه بما حدث به عن ذلك الشيخ كذباً
11ً- أن يكون معلوماً أن زيداً من الرواة غير معروف بالرواية عن فلان ، فيروي رجل حديثاً يذكر فيه رواية لزيد عن فلان هذا ، فيستدل به على تركيبه الأسانيد ، وأن ذلك الإسناد موضوع مركب
12ً - أن يستدل بطراوة الخط في الكتاب العتيق أو بلون الحبر مثلاً على أن الراوي أضاف اسمه في طباق السماع ، فادعى لنفسه السماع واتصال ما بينه وبين من روى عنه ذلك الحديث أو الكتاب ، وإنما هو يكذب .
13ً - أن يكون في نفس المروي قرينة تدل على كونه كذباً ،كالأحاديث الطويلة التي يشهد بوضعها ركاكة ألفاظها ، أو تخالف البراهين الصريحة ولا تقبل تأويلاً بحال.
المَتْروكُ
تعريفُه:
أ) لغة : اسم مفعول من " التَّركِ " وتسمِّي العربُ البيضة بعد أن يخرج منها الفرخ "التَّرِيكة" أي متروكة لا فائدة منها
ب) اصطلاحاً : هو الحديث الذي انفرد به راو متهم بالكذب وهو من عرف بالكذب في كلام الناس لا في الحديث النبوي. وزاد بعضهم ما انفرد به من رمي بفسق أو كثير الغفلة أو الوهم.
أسبابُ اتهام الراوي بالكذب أحدُ أمرين وهما:
أ) أن لا يُروَى ذلك الحديثُ إلا من جهته ، ويكونُ مخالفاً للقواعد المعلومة ، وهي القواعد العامة التي استنبطها العلماء من مجموع نصوص عامة صحيحة مثل قاعدة
" الأصل براءة الذمة" .
ب) أن يُعْرَفَ بالكذب في كلامِه العادي ، لكن لم يظهر منه الكذب في الحديث النبوي.
رتبتُه:
تقدَّم أن شرَّ الضعيف الموضُوعُ, وهذا أمْرٌ متفق عليه, ويليه المترُوك ثمَّ المُنْكر, ثمَّ المُعلَّل, ثمَّ المُدْرج, ثمَّ المقلوب ثمَّ المُضْطرب, كذا رتَّبهُ الحافظ ابن حجر .
المنكَر
تعريفه:
أ) لغة : هو اسم مفعول من " الإنكار " ضد الإقرار .
ب) اصطلاحاً: عرف علماء الحديث المنكر بتعريفات متعددة أشهرها تعريفان وهما
1 - هو الحديث الذي في إسناده راو فَحُشَ غَلَطُهُ ، أَو كَثُرَتْ غَفلَتُه ، أَو ظهَرَ فِسْقُه
2 – هو ما رواه الضعيفُ مخالفاً لما رواه الثقة
وهذا التعريف هو الذي ذكره الحافظ ابن حجر واعتمده ، وفيه زيادة على التعريف الأول وهي قيد مخالفة الضعيف لما رواه الثقة.
المدْرَجُ
تعريفُه:
أ) لغة : اسم مفعول من " أدرجت " الشيء في الشيء ، إذا أدخلته فيه وضمنته إياه
ب) اصطلاحاً: ما غير سياق إسناده، أو أدخل في متنه ما ليس منه بلا فصل
أقسامُه:
المدرجُ قسمان، مُدْرَجُ الإسناد، ومٌدْرَجُ المتن
مدرجُ الإسناد:
تعريفه: هو ما غير سياق إسناده
من صوره : أن يسوق الراوي الإسناد ، فيعرض له عارض ، فيقول كلاماً من قبل نفسه، فيظن بعض من سمعه أن ذلك الكلام هو متن ذلك الإسناد ، فيرويه عنه كذلك
مدرجُ المتن:
تعريفه: ما أُدْخِلَ في متنه ما ليس منه بلا فَصْل
أقسامه: ثلاثة وهي:
أن يكون الإدراج في أول الحديث، وهو القليل، لكنه أكثر من وقوعه في وسطه
أن يكون الإدراج في وسط الحديث، وهو أقل من الأول
أن يكون الإدراج في آخر الحديث ، وهو الغالب
دواعي الإدراج:
إن الباعث للراوي عَلَى الإدراج يختلف من شخص لآخر ، ومن حَدِيْث إلى حَدِيْث غيره ، ما بَيْنَ بيان لتفسير كلمة ، أَوْ استنباط لحكم ، أَوْ قلة ضبط
1ً - أن يريد الرَّاوِي تفسير بعض الألفاظ الغريبة الواردة في متن الْحَدِيْث ، فيحملها عَنْهُ بعض الرُّوَاة من غَيْر تفصيل لتفسير تِلْكَ الألفاظ
. أن يريد الرَّاوِي بيان حكم يُستَنبطُ من كلام النَّبِي صلى الله عليه و سلم 2ً -
اختصار الْحَدِيْث والرواية بالمعنى 3ً -
طرق الكشف عن الإدراج:
أن يَكُوْن لفظه مِمَّا تستحيل إضافته إلى النَّبِيّ صلى الله عليه و سلم .
أن يرد التصريح من الصَّحَابِيّ بأنه لَمْ يَسْمَع تِلْكَ الجملة من النَّبِيّ صلى الله عليه و سلم .
أن يفصِّل بعض الرُّوَاة فيبينوا المدرج ويَفْصِلُوه عن الْمَتْن المرفوع ، ويضيفوه إلى قائله.
حكم الإدراج:
قال السيوطي:
"وكلُّه أي: الإدراج بأقسامه حرام بإجماع أهل الحديث والفقه, وعبارة ابن السَّمعاني وغيره: من تعمَّد الإدْراج, فهو ساقط العَدَالة, ومِمَّن يُحرِّف الكَلِم عن مواضعه, وهو مُلحق بالكذَّابين" .
وعند بعض أهل العلم: أنَّ ما أُدْرج لتفسير غريب لا يمنع, ولذلك فَعَلهُ الزُّهْري وغير واحد من الأئمة.
المَقلوبُ
تعريفُه:
المقلوبُ : اسم مفعول من ( قَلَبَ ) ، ومعناه : تحويل الشيء عن وجهه ، وقَلَبَه يَقلِبُه قَلْباً ، وَقَدْ انقلب وقَلَب الشيء وقَلَّبه
أما في الاصطلاح : فهو الْحَدِيْث الَّذِيْ أبدلَ فِيْهِ راويه شَيْئاً بآخر في السند أو في الْمَتْن عمداً أو سهواً .
أقسامُه:
الأول : القلب في الْمَتْن
الثاني : القلب في الإسناد
الثالث : القلب في الْمَتْن والإسناد
أ) مقلوب السند : وهو ما وقع الإبدال في سنده ، وله صورتان:
أن يُقَدَّم الراوي ويؤخر في اسم أحد الرواة واسم أبيه. الأولى:
الثانية: أن يُبْدِل الراوي شخصاً بآخر بقصد الإغراب .
ب) مقلوب المتن: وهو ما وقع الإبدال في متنه، وله صورتان أيضاً
الأولى :أن يُقَدَّم الراوي ويؤخر في بعض متن الحديث
الثانية: أن يَجعل الراوي متن هذا الحديث على إسناد آخر، ويجعل إسناده لمتن آخر، وذلك بقصد الامتحان وغيره .
حكمُ القلب:
أ) إن كان القلب بقصد الإغراب فلا شك في أنه لا يجوز لأن فيه تغييراً للحديث ، وهذا من عمل الوضاعين
ب) وإن كان بقصد الامتحان، فهو جائز للتثبت من حفظ المحدث وأهليته، وهذا بشرط أن يُبَيَّنَ الصحيح قبل انفضاض المجلس
ج) وان كان عن خطأ وسهو ، فلا شك أن فاعله معذور في خطئه ، لكن إذا كثر ذلك منه فإنه يُخِلُّ بضبطه ، ويجعله ضعيفاً
أمَّا الحديث المقلوب فهو من أنواع الضعيف المردود كما هو معلوم
المَزِيدُ في متَّصِل الأسانيد
تعريفُه:
أ) لغة: المزيد اسم مفعول من " الزيادة ". والمتصل ضد المنقطع ، والأسانيد جمع إسناد
ب) اصطلاحاً : زيادة راوٍ في أثناء سند ظاهره الاتصال
شروطُ ردِّ الزيادة:
يشترط لِرَدَّ الزيادة واعتبارها وهماً ممن زادها شرطان وهما:
أن يكون من لم يزدها أتقن ممن زادها الأول:
أن يقع التصريح بالسماع في موضع الزيادة الثاني:
فإن اختل الشرطان أو واحد منهما ترجحت الزيادة وقُبِلَتْ ، واعتبر الإسناد الخالي من
تلك الزيادة منقطعاً ، لكن انقطاعه خَفٍيُّ وهو الذي يسمَّى "المرسلُ الخفي" .
تقسيم الخبر بالنسبة إلى من أُسْنِد إليه:
ينقسم الخبر بالنسبة إلى من أُسْنِد إليه إلى أربعة أقسام وهي:
الحديث القدسي - المرفوع - الموقوف - المقطوع
الحديثُ القُدْسيّ
تعريفُه:
أ) لغة: القُدْسِيُّ نسبة إلى " القُدْس " أي الطُّهْر، أي الحديث المنسوب إلى الذات القدسية ، وهو الله سبحانه وتعالى .
ب) اصطلاحاً : الحديث المرفوع القولي المسند من النبي صلى الله عليه و سلم إلى الله
عدد الأحاديث القدسية:
والأحاديث القدسية ليست بكثيرة بالنسبة لعدد الأحاديث النبوية ، وهي تبلغ حوالي ألف حديث.
الحديثُ المَرْفُوعُ:
تعريفُه:
أ) لغة: اسم مفعول من فعل " رَفعَ " ضد وَضَعَ "
ب) اصطلاحاً: اختلفَ في حدِّ الحديثِ المرفوعِ، فالمشهورُ أنَّهُ: ما أُضيف إلى النبي صلي الله عليه وسلم قولاً له، أو فعلاً سواءٌ أضافَهُ إليه صحابيٌّ أو تابعيٌّ ، أو مَنْ بعدَهما ، سواءٌ اتّصلَ إسنادُهُ أم لا .
أنواعُه:
المرفوع القولي - المرفوع الفعلي - المرفوع التقريري - المرفوع الوصفي
الحديثُ المَوْقوفُ:
تعريفُه:
أ) لغة: اسم مفعول من " الوَقف " كأن الراوي وقف بالحديث عند الصحابي، ولم يتابع سرد باقي سلسلة الإسناد.
ب) اصطلاحاً: ما أُضِيفَ إلى الصحابي من قول أو فعل أو تقرير أو صفة
اصطلاح فقهاء خراسان:
يسمي فقهاء خراسان،
أ ) المرفوع: خبراً
ب) والموقوف: أثراً
أما المحدثون فيسمون كل ذلك " أثراً " لأنه مأخوذ من " أَثَرَتُ الشيء " أي رويته .
الحديثُ المَقْطوُعُ:
تعريفُه:
أ) لغة: اسم مفعول من " قَطَعَ " ضد " وَصَلَ
ب) اصطلاحاً: ما أُضيف إلى التابعي أو من دونه من قول أو فعل أو تقرير أو صفة . ويسمى : ( الأثر ) كذلك
نأتي الآن إلى مصطلحات الاعْتِبارُ والمُتَابعُ والشاهِدُ:
أ) الاعْتِبَارُ:
لغة : مصدر " اعْتَبَر " بمعنى الاعتبار النظر في الأمور ليعرف بها شيء آخر من جنسها.
اصطلاحاً: هو تتبع طرق حديث انفرد بروايته راو ليعرف هل شاركه في روايته غيرُه أو لا.
ب)المُتَابِعُ: ويسمَّى التابع
لغة: هو اسم فاعل من " تابع " بمعنى وافق
اصطلاحاً: هو الحديث الذي يشارك فيه رواتُه رواة الحديث الفرد لفظاً ومعنى فقط ، مع الاتحاد في الصحابي
جـ) الشاهدُ
لغة: اسم فاعل من "الشهادة" وسمي بذلك لأنه يشهد أن للحديث الفرد أصلاً، ويقويه، كما يقوي الشاهد قول المدعي ويدعمه
اصطلاحاً: هو الحديث الذي يشارك فيه رواته رواة الحديث الفرد لفظاً ومعنى، أو معنى فقط، مع الاختلاف في الصحابي
والشَّاهد: أن يروى حديث آخر بمعناه, ولا يُسمَّى هذا مُتابعة فقد حصل اختصاص
المُتابعة بما كان باللفظ, سواء كان من رواية ذلك الصَّحابي أم لا والشَّاهد أعم, وقيلَ
هو مخصوصٌ بما كان بالمعنى كذلك
وقال شيخ الإسلام: قد يُسمَّى الشَّاهد متابعة أيضًا, والأمر سهل
ربما يتوهم شخص أن الاعتبار قسيم للتابع والشاهد، لكن الأمر ليس كذلك، وإنما الاعتبار هو هيئة التوصل إليهما، أي هو طريقة البحث والتفتيش عن التابع والشاهد.
وهناك تعريف آخر للتابع والشاهد وهو:
التابع : أن تحصل المشاركة لرواة الحديث الفرد باللفظ سواء اتحد الصحابي أو اختلف.
الشاهد : أن تحصل المشاركة لرواة الحديث الفرد بالمعنى سواء اتحد الصحابي أو اختلف، هذا وقد يطلق اسم أحدهما على الآخر ، فيطلق اسم التابع على الشاهد كما يطلق اسم الشاهد على التابع
المتابعة
أ) تعريفها:
لغة: مصدر " تَابَعَ " بمعنى " وَافَق " فالمتابعة إذن الموافقة
اصطلاحاً: أن يشارك الراوي غيره في رواية الحديث
ب) أنواعها: والمتابعة نوعان
1ً - متابعة تامة: وهي أن تحصل المشاركة للراوي من أول الإسناد
متابعة قاصرة: وهي أن تحصل المشاركة للراوي أثناء الإسناد 2ً -
علم الجرح والتعديل
أولا- تعريف الجرح والتعديل
تعريفُ الجرح:
الجرح في اللغة مشتق من جرحه يجرحه جرحا، بمعنى أثر فيه بالسلاح، والجراحة اسم الضربة أو الطعنة.، ويقال: جرح الحاكم الشاهد إذا عثر منه على ما تسقط به عدالته، من كذب وغيره.
تعريف التعديل:
التعديلُ: مصدر عدل، فهو: عدل، قال في اللسان: العدالة ما قام في النفوس أنه مستقيم وهو ضد الجور، والعدل من الناس المرضي.
والعدالة في اصطلاح المحدثين: وصف متى التحق بالراوي والشاهد اعتبر قولهما وأخذ به.
وهي عبارة عن خمسة أمور، واعتبرها البعض شروطاً، متى تحققت في الرجل كان عدلاً، أو يقال: لابد من تحققها في العدل، وهي:
الإسلام - البلوغ – العقل – التقوى وهي: اجتناب الكبائر، وترك الإصرار على الصغائر - الاتصاف بالمروءة .
أما علم الجرح والتعديل ،فهو: علم يبحث فيه عن جرح الرواة وتعديلهم بألفاظ مخصوصة وعن مراتب تلك الألفاظ.
متى تباح الغيبة:
الذم ليس بغيبة في ستة ... متظلم ومعرف ومحذر
و مجاهر فسقاً ومستفت ومن ... طلب الإعانة في إزالة منكر
الأْوَّل :التَّظَلُّمُ . يَجُوزُ لِلْمَظْلُومِ أَنْ يَتَظَلَّمَ إِلَى السُّلْطَانِ وَالْقَاضِي وَغَيْرِهِمَا مِمَّنْ لَهُ وِلاَيَةٌ أَوْ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى إِنْصَافِهِ مِنْ ظَالِمِهِ ، فَيَذْكُرُ أَنَّ فُلاَنًا ظَلَمَنِي وَفَعَل بِي كَذَا وَأَخَذَ لِي كَذَا وَنَحْوُ ذَلِكَ
الثَّانِي : التَّعْرِيفُ . . فَإِذَا كَانَ مَعْرُوفًا بِلَقَبٍ كَالأْعْمَشِ وَالأْعْرَجِ وَالأْزْرَقِ وَالْقَصِيرِ وَالأْعْمَى وَالأْقْطَعِ وَنَحْوِهَا جَازَ تَعْرِيفُهُ بِهِ ، وَيَحْرُمُ ذِكْرُهُ بِهِ تَنَقُّصًا ، وَلَوْ أَمْكَنَ التَّعْرِيفُ بِغَيْرِهِ كَانَ أَوْلَى.
الثَّالِثُ : تَحْذِيرُ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الشَّرِّ
الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ مُجَاهِرًا بِفِسْقِهِ أَوْ بِدْعَتِهِ
فَيَجُوزُ ذِكْرُهُ بِمَا يُجَاهِرُ بِهِ ، وَيَحْرُمُ ذِكْرُهُ بِغَيْرِهِ مِنَ الْعُيُوبِ ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ لِجَوَازِهِ سَبَبٌ آخَرُ
الْخَامِسُ : الاِسْتِفْتَاءُ : وَبَيَانُهُ أَنْ يَقُول لِلْمُفْتِي : ظَلَمَنِي أَبِي أَوْ أَخِي أَوْ فُلاَنٌ بِكَذَا . فَهَل لَهُ ذَلِكَ أَمْ لاَ ؟ وَمَا طَرِيقِي فِي الْخَلاَصِ مِنْهُ وَتَحْصِيل حَقِّي وَدَفْعِ الظُّلْمِ عَنِّي ؟ وَنَحْوُ ذَلِكَ ، فَهَذَا جَائِزٌ لِلْحَاجَةِ ، وَلَكِنَّ الأْحْوَطَ أَنْ يَقُول : مَا تَقُول فِي رَجُلٍ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ كَذَا ، أَوْ فِي زَوْجٍ أَوْ زَوْجَةٍ تَفْعَل كَذَا وَنَحْوُ ذَلِكَ ، فَإِنَّهُ يَحْصُل لَهُ الْغَرَضُ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ وَمَعَ ذَلِكَ فَالتَّعْيِينُ جَائِزٌ .
السَّادِسُ : الاِسْتِعَانَةُ عَلَى تَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ وَرَدِّ الْعَاصِي إِلَى الصَّوَابِ ، وَبَيَانُهُ أَنْ يَقُول لِمَنْ يَرْجُو قُدْرَتَهُ عَلَى إِزَالَةِ الْمُنْكَرِ : فُلاَنٌ يَعْمَل كَذَا فَازْجُرْهُ عَنْهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ ، وَيَكُونُ مَقْصُودُهُ إِزَالَةَ الْمُنْكَرِ ، فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ كَانَ حَرَامًا .
مراتب الجرح والتعديل
أولاً: رأي الحافظ العراقي:
" مراتبُ التعديلِ على أَربعِ أَوْ خَمْسِ طبقاتٍ :
فالمرتبةُ الأُولى : العُليا منْ ألفاظِ التعديلِ، كقولِهِم : (( ثَبْتٌ حُجَّةٌ )) ، أو (( ثَبْتٌ حَافظٌ )) أو (( ثقةٌ ثبتٌ )) ، أو (( ثقةٌ مُتْقِنٌ )) أو نحوُ ذَلِكَ. وإمَّا مَعَ إعادةِ اللَّفظِ الأوَّلِ، كقولِهِم: ثقةٌ ثقةٌ ، ونحوِها .
المرتبةُ الثانيةُ : وهي التي جعلَها ابنُ أبي حاتِمٍ ، وتبعَهُ ابنُ الصلاحِ المرتبةَ الأُولى ؛ قال ابنُ أبي حاتِمٍ : (( وَجَدْتُ الأَلفاظَ في الجرحِ والتعديلِ على مراتبَ شَتَّى ، فإذا قِيلَ للواحدِ : إنَّه ثقةٌ أو مُتْقِنٌ ، فهو مِمَّنْ يُحْتَجَّ بحديثهِ )) . قالَ ابنُ الصلاحِ : (( وكذا إذا قيلَ : ثَبْتٌ أو حُجَّةٌ. وكذا إذا قِيلَ في العَدْلِ : إنَّهُ حافظٌ أو ضابطٌ )) . قالَ الخطيبُ : (( أرفعُ العباراتِ أَنْ يقال : حُجَّةٌ ، أو ثقةٌ )) .
المرتبةُ الثالثةُ : قولهُم ليسَ بهِ بأْسٌ ، أو لا بأْسَ بِهِ ، أو صدوقٌ ، أو مأمونٌ ، أو خِيَارٌ. وجَعَلَ ابنُ أبي حاتِمٍ وابنُ الصلاحِ هذهِ المرتبةَ الثانيةَ واقتصرَا فيهَا على قولِهِم: صدوقٌ ، أو لا بأْسَ به. وأَدخلا فيها قولَهُم : محلُّهُ الصِّدقُ .
المرتبةُ الرابعةُ : قولُهُم : محلُّهُ الصِّدقُ ، أو رَوَوْا عنه ، أَو إلى الصِّدْقِ ما هو ، أو شَيْخٌ وَسَطٌ ، أو وَسَطٌ ، أو شيخٌ ، أو صالحُ،، أو مُقارَِبُ الحديثِ .
مراتبُ ألفاظِ التجريحِ على خَمْسِ مراتبَ ، وجَعَلَهَا ابنُ أبي حاتِمٍ - وتبِعَهُ ابنُ الصلاحِ - أربعَ مراتبَ :
المرتبةُ الأُولى : وهي أَسوءُها أَنْ يُقالَ : فلانٌ كذَّابٌ ، أو يكذِبُ ، أو فلانٌ يضعُ الحديثَ ، أو وَضَّاعٌ ، أو وَضَعَ حديثاً ، أو دَجَّالٌ .
المرتبةُ الثانيةُ : فلانٌ مُتَّهَمٌ بالكذبِ ، أو الوضعِ ، وفلانٌ ساقطٌ ، وفلانٌ هالكٌ ، وفلانٌ ذاهب ، أو ذاهبُ الحديثِ ، وفلانٌ متروكٌ ، أو متروكُ الحديثِ أو تركوهُ ، وفلانٌ فيه نظرٌ ، وفلانٌ سكتوا عنه - وهاتانِ العبارتانِ يقولهُمُا البخاريُّ فيمَنْ تركوا حديثَهُ -، فلانٌ لا يُعْتَبَرُ بِهِ ، أو لا يُعْتَبَرُ بحديثِهِ ، فلانٌ ليسَ بالثقةِ ، أو ليسَ بثقةٍ ، أو غيرُ ثقةٍ ولا مأمونٍ ، ونحوُ ذلك.
المرتبةُ الثالثةُ : فلانٌ رُدَّ حديثُهُ ، أو رَدُّوا حديثَهُ ، أو مردودُ الحديثِ ، وفلانٌ ضعيفٌ جِدَّاً ، وفلانٌ واهٍ بمرّةٍ ، وفلانٌ طرحوا حديثَهُ ، أو مُطرَّحٌ ، أو مطرَّحُ الحديثِ ، وفلانٌ أرمِ بِهِ ، وفلانٌ ليس بشيء ، أو لا شيء ، وفلانٌ لا يُسَاوي شيئاً ، ونحوُ ذلك.
المرتبةُ الرابعةُ : فلانٌ ضعيفٌ ، فلانٌ مُنكَرُ الحديثِ ، أو حديثُهُ منكرٌ ، أو مضطربُ الحديثِ ، وفلانٌ واهٍ ، وفلانٌ ضَعَّفُوهُ ، وفلانٌ لا يُحْتَجُّ بِهِ .
المرتبةُ الخامسة :ُ فلانٌ فيه مقالٌ ، فلانٌ ضُعِّفَ ، أو فيه ضَعْفٌ ، أو في حديثِهِ ضَعْفٌ ، وفلانٌ تَعْرِفُ وتُنْكِرُ ، وفلانٌ ليس بذاك ، أو بذاك القويِّ وليس بالمتينِ ، وليس بالقويِّ ، وليس بحُجَّةٍ، وليسَ بِعُمْدَةٍ، وليس بالمرضِيِّ وفلانٌ للضَّعْفِ ما هو ، وفيه خُلْفٌ، وطعنُوا فيهِ ، أو مَطْعُوْنٌ فيه ، وَسَيِّئُ الحِفْظِ ، وَلَيِّنٌ ، أو لَيِّنُ الحديثِ ، أو فيه لِيْنٌ ، وتكلَّمُوا فيهِ ، ونحوُ ذلكَ

الطرق العلمية في تخريج الأحاديث النبوية ...

http://www.saaid.net/book/open.php?cat=91&book=4774

و ما كان من صواب و سداد و توفيق فبفضل من الله وحده لا شريك له، و ما كان من خطأ أو تقصير أو نسيان فمني و من الشيطان، و الله و رسوله صلى الله عليه و سلم منه براء
التوقيع

من عجائب الشمعة أنها تحترق لتضيء للآخرين ... ومن عجائب الإبرة أنها تكسو الناس وهي عارية ... ومن عجائب القلم أنه يشرب ظلمة ويلفظ نوراً
لئن تغدو فتشعل شمعة واحدة ، خير لك من أن تلعن الظلام مليون مرة
الإيجابي : يفكر في غيره
السلبي : يفكر في نفسه
الإيجابي : يصنع الظروف
السلبي : تصنعه الظروف
لا يستطيع أحد ركوب ظهرك إلا إذا كان منحنياً
قال ابن القيم رحمه الله :{ كما أنه ليس للمصلي من صلاته إلا ما عقل منها ، كذلك فإنه ليس للإنسان من حياته إلا ما كان لله }
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 04:41 PM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.