انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات الشرعية ::. > ملتقيات علوم الغاية > الفقه والأحكــام

الفقه والأحكــام يُعنى بنشرِ الأبحاثِ الفقهيةِ والفتاوى الشرعيةِ الموثقة عن علماء أهل السُنةِ المُعتبرين.

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 04-07-2012, 01:11 AM
أم كريم أم كريم غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

السؤال:

السلام عليْكُم، ورحْمة الله، وبركاته.

أمَّا بعدُ، فمنذُ فترةٍعرَض أحدُ الشَّباب - ممَّن كان يَربطُني به علاقةٌ جيِّدة - الخِطبة على ابنةِعمٍّ لي، وأنا يعِزُّ عليَّ عمي، وكذلك البنت التي أعتبِرُها مثلَ أُختي، وكنت أستاذَها لفترةٍ طويلة، ولأنَّني أعرِف الشَّخص جيِّدًا وبعْض الصِّفات التي لاتعجِبُني، ووضْع بيتِهم وأمِّه وأخواتِه، قلتُ لعمِّي ما أعرِفُه عنْه - وبكلِّجرأة - ولَم أتردَّد، وظننْتُ أنَّ هذه الكلِمة لابدَّ من قولها، واعتبرتُها دَينًا في رقبتي؛ لأني أعرف عنه الكثيرَ، مثل عقلِه المتحجِّر، وكذِبه الدَّائم وكبره وإلىآخِره، فلا أعرِف هل لحِق بي إثْم؟

فلم أقُل إلاَّ ما وجدتُه فيهِ، وقناعتِي فيه، مع العِلم أنَّ عمِّي لم يتَّخذ القرار، أي: لم يعطِه حتَّى الآن، والأغلب أنلا يُعطيه، والسَّلام عليكم، ورحْمة الله،وبركاته.


الجواب
:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله،وعلى آله وصحبِه ومَن والاه، وبعد:
نسألُ الله أن يَجزيَك على ما نويْتَ خيرًا،وأن يَجعلَه خالصًا لوجهِه الكريم.
ولتعلَمْ: أنَّ الأصْل هو ستْر عيوب المسلِم،والاحتِراز عن ذِكْرها للنَّاس، وعدم نشْرِها بلا فائدة، بل هو غِيبة مُحرَّمة،وكبيرةٌ من الكبائر؛ ففي حديث عبدالله بن عُمر - رضِي الله عنهما -: أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((.... ومَن ستَر مسلِمًا سترَهُ الله يومَالقِيامة))؛ رواه البخاريُّ وغيره.

وروى الإمام أحمدُ في مسنده، عن ثوبانَ - رضي الله عنْه - عنِ النَّبيِّ - صلى الله عليْه وسلَّم - قال: ((لا تؤْذوا عبادَالله ولا تعيِّروهم، ولا تطلُبوا عوراتِهم؛ فإنَّه مَن طلب عورةَ أخيه المسلِم، طلبالله عورته، حتى يفضحَه في بيته)).

وروى الإمامُ أحمد في مُسندِه، وصحَّحهالألبانيُّ في "صحيح الجامع الصغير": أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قال: ((مَن ستر أخاهُ المسلمَ في الدُّنيا، سترهُ الله يوْمَالقِيامة)).

لكن قد يَرِدُ على هذا الحكم العامِّ من الأحوال ما يَجعلهمباحًا أو واجبًا، ولا يعدُّ ذلك من الغِيبة المحرَّمة، ومن ذلك إبداء العيوبالمؤثِّرة للخاطب أو المخطوبة؛ لأنَّ ذلك من النُّصح في الدِّين، الذي أمر بهالرَّسولُ - صلى الله عليه وسلَّم - فعن تَميمٍ الدَّاري: أنَّ النَّبيَّ - صلىالله عليْه وسلَّم - قال: ((الدين النَّصيحة))، قُلْنا: لمن؟ قال: ((لله، ولكتابِه،ولأئمَّة المسلمين، وعامَّتِهم))؛ رواهُ مسلمٌ وغيرُه.

وقد فعل النَّبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - هذا عندما قال لفاطمةَ بنت قيس، حينَ شاورتْه - عليهالصَّلاة والسَّلام - لمَّا خطبها معاويةُ بن أبي سفيان وأبو جهْم، قال: ((أمَّا معاويةُ، فرجُلٌ صعلوكٌ لا مالَ له، وأمَّا أبو جهْم، فلا يضَع العصا عن عاتِقِه))؛متَّفق عليه.

كما أنَّ رعاية المصالح داعيةٌ إلى ذلك، ومعلوم أنَّ: جلْبالمصالح ودرْءَ المفاسد أعظمُ مقصِدٍ من مقاصد الدين.

قال العز بن عبدالسلام في "قواعد الأحكام في مصالح الأنام": "الغِيبة مفسدةٌ محرَّمة، لكنَّهاجائزةٌ إذا تضمَّنت مصلحةً واجبة التحصيل، أو جائزةَ التحصيل". اهـ.

وقالزكريَّا الأنصاري في "شرحه للبهجة الوردية"، وهو من كتب الشافعية: "(وجاز) بل وجب (الذكر للقباح)؛ أي: ذكر القبح الكائن (من خاطبٍ) أو نحوه، للمستشير فيه بالصِّدْقليحذرَ؛ بذلاً للنصيحة، وليس ذلك من الغيبة المحرَّمة، نعم، إنِ اندفع بمجرَّدقولِه: لا تفعل هذا، أو لا تصلُحُ لك مصاهرتُه، أو لا خيرَ لك فيه أو نحوه - لميَجُز ذِكْرُ عيوبه، قاله النوويُّ في "أذكاره"، وقياسُه: أنَّه إذا اندفع بذكرالبعْض لا يذكر الجميع.

(
تنبيهان): أحدُهما: تقييدي وجوبَ ذلك بالاستِشارة،تبعًا "للمنهاج"، وأصله جرْيٌ على الغالب، وإلا فالظَّاهر ما اقتضاه كلامُ ابنِالصَّلاح وجوبه ابتداءً، وهو قياس وجوبِه على من يعلم بالمبيع عيبًا، وما فرَّق بهبعضهم من أنَّ الأعراض أشدُّ حرمةً من الأموال، ردَّه الأذرعي بأنَّ النَّصيحة هناآكَد وأوجب". انتهى كلامُه مختصرًا.

وقال العلاَّمة ابن قاسم العباديُّ في "حاشيته" على الشرح المذكور: "قوله: (للمستشير) ليس بقيْد؛ بل يَجب ذِكْر ذلك وإنلم يُسْتَشَر، كما يَجب على مَن علم بالمبيع عيبًا أن يُخبر به مَن يُريد شراءَهمطلقًا". اهـ.

وقال الإمامُ ابنُ حجرٍ الهيتَمي في "الزَّواجر عن اقتِرافالكبائر": "الأصْل في الغِيبة الحُرْمة، وقد تَجِبُ أو تُباح لغرضٍ صحيحٍ شرْعي، لايُتَوَصَّل إليْه إلاَّ بِها"، ثُمَّ ذكر الأبواب التي تَجوز فيها الغيبة، ومنهاقوله: "الرابع: تَحذير المسلمين من الشرِّ ونصيحتُهم: كجرْح الرواة والشُّهود،والمصنِّفين، والمتصدِّين لإفتاء أو إقراء مع عدم أهليَّة، أو مع نحو فسْقٍ أوبدعة، وهم دعاة إليْها ولو سرًّا؛ فيجوز إجماعًا بل يَجب، وكأنْ يشير - وإن لميُسْتَشَرْ - على مُريد تزوُّج أو مخالطة لغيره في أمر ديني أو دنيوي، وقد علِم فيذلك الغير قبيحًا منفِّرًا: كفسْقٍ، أو بدعةٍ، أو طمعٍ، أو غيرِ ذلك، كفقْرٍ فيالزَّوج". اهـ.

وبناءً على ذلك؛ فإنَّه لا حرجَ عليْك في تنبيهِ عمِّك علىالعيوب التي علِمْتَها وتيقَّنت منها، ولا زال الخاطِبُ عليْها، بشرْطِ أن تكون هذه العيوب ممَّا يؤثِّر في الحياة الزوجيَّة، أمَّا إذا كانت تلك العيوب التي وصلتَ إليْها إنَّما هي مجرَّد ظنٍّ وتَخمين، دون دليلٍ عليْها، أو كانت لا تؤثِّر فيالحياة الزوجيَّة، أو كانت به لكنَّه تاب منها وأقلَع عنْها - فلا يَجوز لك التحدُّث بِها؛ لأنَّ ذلك من الغِيبة المحرَّمة، وفيه مُخالفة صريحة للأحاديث التي صرَّحت بوجوب ستْر المسلمين، والحِفاظ على سُمْعتِهم.
التوقيع

https://www.facebook.com/salwa.NurAl...?ref=bookmarks


التعديل الأخير تم بواسطة أم كريم ; 04-07-2012 الساعة 01:20 AM
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 04-07-2012, 01:17 AM
أم كريم أم كريم غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي


لمَ يوجَّه الخطاب الشرعي؟السؤال:

ماالمقصود بحُرمة العَيْن عند الأحناف؟ وكيف يُستنبَط هذا الحُكمُ من الأدلة؟وماكُتب الأصول التي يمكن الرجوع إليها في هذه الجزئية؟ وجزاكم اللهخيرًا.

الجواب
:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:
فنسأل الله لكَ العون على ما تبذل في سبيل طلب العلم: اللهم علِّمه ماينفعه، وانفعه بما علَّمته، وزِدْهُ علمًا.

تُطْلق العَيْن في اللغة، ويُرادبها عدةُ معانٍ، وذلك بحسب السياق الذي تَرِد فيه، ومنها: حاسة البصر والرؤية،والجاسوس الذي يُبْعث ليَتجسَّس الخبرَ، ويسمى ذا العَيْنَين، وعَيْنُ الماء،والعَيْنُ التي يخرج منها الماء، واليَنْبُوع الذي يَنْبُع من الأرض ويجري،والذَّهَبُ عامَّةً، والدينار، والمالُ العَتيدُ الحاضر الناضُّ، والنَّقْدُ، وخيارالشيء، وحقيقة الشيء، يقال: جاء بالأَمر من عَيْن صافِيةٍ؛ أَي من فَصِّه وحقيقته،وجاء بالحق بعَيْنه؛ أَي: خالصًا واضحًا.

والعين: ذات الشيء، ونفسه، وشخصه،وأصله، والجمع أعيان، وفي الحديث: ((أَوَّهْ عَيْنُ الربا))؛ أي: ذاتُه ونفسه،ويقال: هو هو عينًا، وهو هو بعينه، وهذه أعيان دراهمك، ودراهمك بأعيانها، ولا يقالفيها: أعين ولا عيون، ويقال: لا أَقبَل إلا درهمي بعينه، وقال الراغب: قال بعضهمالعين إذا استُعمل في ذات الشيء، فيقال: كل مال عين، كاستعمال الرقبة فيالمماليك.

وهذا المعنى الأخير هو المقصود في سؤال السائل، والفقهاء منالحنفية وغيرهم يُطلِقون على ذوات الأشياء وماهيتها: العينَ.

ويقابل العينَبهذا المعنى عند العلماء (العَرَضُ): وهو يطلق على الخارج عن ذات الشيء، المحمولعلى الشيء؛ لاتِّحاده معه في الخارج، وعلى هذا فالناطقُ عَرضٌ بالنسبة إلى الحيوان؛لخروجه عن حقيقته، وصحَّة حمله عليه؛ لوحدتهما في الخارج في مورد الإنسان، والمنافععَرَضٌ بالنسبة للأعيان التي تستوفى منها، وهكذا.

ويُطلِق المَناطِقةُ علىذات الشيء وعينه (الجَوْهَرَ): وهو الذي إذا وُجد في الخارج وجد لا في موضوع؛كالكتاب يوجد في الخارج مستقلاًّ؛ أي قائمًا بنفسه، فوجوده غير وجود الحرارة للماء،أو البياض للورقة؛ فالحرارة موجودة بغيرها، بينما الكتاب موجودبنفسه.

ويقابل الجوهرَ عندهم العرضُ أيضًا، بنفس المعنى الذي ذَكَرناه، وقددَرَج كثيرٌ من الفقهاء والأصوليين على استخدام هذه الألفاظ؛ للدلالة على ماذكرنا.

قال عبدالعزيز البخاري في "كشف الأسرار شرح أصول البزدوي" (3/ 238): "وبين العين والمنافع تفاوتٌ في نفس الوجود؛ لأن العين جوهر يبقى ويقوم به العرض, والمنفعة عَرَض لا يبقى ويقوم بالجوهر، وبين ما يبقى ويقوم به غيره، وبين ما لايبقى ويقوم بغيره - تفاوتٌ فاحش، فلا يمكن إثبات المعادلة بينهما معنًى، كما لايمكن صورةً".اهـ.

وقال الغزالي في "المستصفى" (ص: 23): "وهذه الألفاظ - يعنيالأحكام التكليفية الخمسة - لا شك أنها لا تُطلق على جوهر؛ بل على عَرَض, ولا علىكل عَرَض؛ بل من جملتها على الأفعال فقط، ومن الأفعال على أفعال المكلَّفين، لا علىأفعال البهائم".اهـ.

وقد اختلف الأصوليون في تعلُّق الأحكام بالأعيان، علىثلاثة أقوال:
الأول: ذهب الحنفية في المعتمَد - وهو اختيار شيخ الإسلام ابنتيمية - إلى أن الأحكام تتعلق بالأعيان، وأن الأعيان منشأ الحرمة، وذلك بطريقالحقيقة لا المجاز، كالتحريم والتحليل المضافَيْنِ إلى الفعل، فيوصف المحل أولاًبالحرمة، ثم تَثبُت حرمةُ الفعل بناءً عليه، فيثبت التحريم عامًّا، وهو ما ذهب إليهفخر الإسلام البزدوي، وصدر الشريعة، وغيرُهما، ونسب ابن عابدين هذا القولَ للمذهب،حيث قال في "رد المحتار": "قلتُ: وفيه أن إسناد الحرمة إلى العين حقيقةٌ عندنا، كماتقرَّر في كتب الأصول، على معنى إخراج العين عن محلِّيَّة الفعل، لينتفي الفعلبالأَوْلى".اهـ.

وقال السَّرَخْسِي - رحمه الله - في "أصوله": "وقالوا: امتنعَ ثبوتُ حكم العموم في هذه الصورة معنًى؛ لدلالة محل الكلام، وهو أن الحِلَّوالحرمة لا تكون وصفًا للمَحلِّ، وإنما تكون وصفًا لأفعالنا في المحل حقيقة، فإنمايصير المحل موصوفًا به مجازًا، وهذا غلط فاحش، فإن الحرمة بهذه النصوص ثابتةللأعيان الموصوفة بها حقيقة؛ لأن إضافة الحرمة إلى العين تنصيصٌ على لزومه،وتحقُّقه فيه، فلو جعلنا الحرمةَ صفةً للفعل لم تكن العين حرامًا، ألاَ ترى أن شربَعصير الغير، وأكلَ مال الغير، فعلٌ حرام، ولم يكن ذلك دليلاً على حرمة العين، ولزومهذا الوصف للعين، ولكن عمل هذه النصوص في إخراج هذه المَحالِّ من أن تكون قابلةًللفعل الحلال، وإثبات صفة الحرمة لازمة لأعيانها، فيكون ذلك بمنزلة النسخ، الذي هورفع حكم، وإثبات حكم آخر مكانه، فبهذا الطريق تقوم العين مقامَ الفعل في إثبات صفةالحُرمة والحِلِّ له حقيقة، وهذا إذا تأملتَ في غاية التحقيق".اهـ.

وقال ابنتيمية في "العمدة": "التحريم والتحليل في مثل هذا إنما يُضاف إلى الأعيان، وإذا كانالمراد أفعال المكلَّفين؛ كقوله: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُوَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} [المائدة: 3]، و{أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} [المائدة: 4]، و{أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْغَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: 1]، و{وَيُحِلُّ لَهُمُالطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157]، وهذا كثير فيالقرآن والحديث".اهـ.

ففي الحرام لعينه: المحلُّ أصلٌ، والفعل تَبَعٌ؛ بمعنىأن المحل أُخرج أولاً من قَبول الفعل ومُنع، ثم صار الفعل ممنوعًا ومُخرَجًا عنالاعتبار، فحسن نسبة الحرمة، وإضافتها إلى المحل دلالة على أنه غير صالح للفعلشرعًا، حتى كأنه الحرام نفسه، ولا يكون ذلك من إطلاق المحل وإرادة الفعل الحال فيه،بأن يُراد بالميتة أكلُها؛ لما في ذلك من فوات الدلالة على خروج المحل عن صلاحيةالفعل.

ويقابل المحرَّمَ لعينه المحرمُ لغيره، والفرق بينهما: أن المحرَّملعينه (لذاته) تكون العين فيه ليست محلاًّ للفعل؛ كالميتة والخنزير وسائر النجاسات،والمحرَّم لغيره هو ما كان مباحًا في الأصل؛ كالخبز، لكن يَحرُم أكلُه على غيرمالكه، والمحل قابل للأكل في الجملة، بأن يأكله مالكه، بخلاف الأول، فإذا أضيفتْالحرمة فيه إلى المحل، يكون على حذف المضاف، أو على إطلاق المحل علىالحالِّ.

ويُطلِق بعضُ الفقهاء على الأول: محرَّمًا بالأصل، وعلى الثاني: محرمًا بالوصف، ففي المحرم لغيره إذا قيل: هذا الخبز حرام، يكون مجازًا، بإطلاق اسمالمحل على الحالِّ؛ أي أكله حرام، وإذا قيل: الميتة حرام، فمعناه أنها منشأ الحرمة،لا أنه ذكر المحلَّ وقصد به الحالَّ.

هذا تقرير الرأي الأول عند الحنفيةومَن وافقهم.

الثاني: ذهب بعض الحنفية إلى أن تعلُّق الأحكام بالأعيان علىسبيل المجاز لا الحقيقة، ونسب هذا القولَ ابنُ أمير الحاج إلى الأكثر من الحنفية،قال في "التقرير والتحبير" (1/164): "ثم هنا بحث آخر، وهو أن هذا الاستعمال حقيقيأو مجازي، فإن كان ذاك الفعل حرامًا لغيره، وهو ما لا يكون منشأ حرمته عين ذلكالمحل؛ كحرمة أكل مال الغير، فإنها ليست لنفس المال؛ بل لكونه مِلك الغير، فالأكلمنه محرَّم، والمحل قابل له حلالاً، بأن يأكله مالكُه، أو يُؤكِله غيرَه، فهواستعمال مجازي، إما مِن إطلاق اسم المحل على الحال، أو من باب حذف المضاف وإقامةالمضاف إليه مقامه، وإن كان ذاك الفعل حرامًا لعينه، وهو ما يكون منشأ حرمته عينذلك المحل؛ كحرمة أكل الميتة، وشرب الخمر، فالأكثر أنه مجاز أيضًا كالأول، وقالشيخنا المصنف - رحمه الله تعالى -: وينبغي كونه على قولهم مجازًا عقليًّا؛ إذ لميتجوز في لفظ "حُرِّمت"، ولا في لفظ "الخمر".اهـ.

وهذا ما ذهب إليه الجمهورمن الشافعية والمالكية والحنابلة؛ لأن التكليف لا يتعلق بالأعيان، وإنما يتعلقبالأفعال؛ فالأعيان ليست محلاًّ للتكليف، بخلاف الأفعال، فيكون قوله - تعالى -: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23] من باب الحذف؛ بقرينة دلالةالعقل: أن الأحكام إنما تتعلق بالأفعال دون الأعيان، والمعنى: حُرِّم عليكم نكاحُأمهاتكم.

قال ابن رشيق المالكي في "لباب المحصول في علم الأصول" (1/248): "ذات المأمور لا يتعلق بها الخطاب، وإنما يتعلق الطلب بالفعل".اهـ.

وقد سبقنقلُ مثلِ هذا عن الغزالي - رحمه الله - كما في "المستصفى".

وقال الزركشي في "البحر المحيط": "تنبيه: [تعلق الأحكام] عُلِم من تعريف الحكم بالتعلُّق بفعلالمكلَّف أن الأحكام لا تتعلق بالأعيان، وسيأتي - إن شاء الله تعالى - في بابالمُجمَل أن نحو: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ}، أنه من باب الحذف؛ بقرينةدلالة العقل أن الأحكام إنما تتعلق بالأفعال دون الأعيان، ولكن هذا ليس متفقًاعليه، فقد ذهب جَمْعٌ من الحنفية إلى أن الحكم يتعلق بالعين كما يتعلق بالفعل،ومعنى حرمة العينِ خروجُها من أن تكون محلاًّ للفعل شرعًا، كما أن حرمة الفعل خروجٌمن الأعيان شرعًا".اهـ.

وقال ابن النجار في "شرح الكوكب المنير": "التحريمإنما يتعلق بفعل المكلف، فإذا أضيف إلى عين من الأعيان، يُقدَّر الفعلُ المقصودمنه، ففي المأكولات: يقدر الأكل، وفي المشروبات: الشرب، وفي الملبوسات: اللبس، وفيالموطوءات: الوطء، فإذا أُطلِق أحدُ هذه الألفاظ سَبَقَ المعنى المراد إلى الفهم منغير توقُّف".اهـ.

الثالث: ذهب بعض الحنفية أيضًا - كما نقله التفتازاني في "التلويح" عن صاحب "الأسرار" وقال: "هو الأقرب" - إلى أن الحل والحرمة معًا، إذاكان لمعنًى في العين أُضيف إليها؛ لأنها نسبة، كما يقال: جرى الميزاب، فيقال: حرمتالميتة; لأن تحريمها لمعنًى فيها, ولا يُقال: حرمت شاة الغير; لأن حرمتها لاحترامالمالك لا لمعنى فيها.

أما إذا كان الحل والحرمة ليسا لمعنًى في العين لميُضف إليها، وإنما يُضاف إلى الفعل.

فتحصَّل في هذه المسألة ثلاثة أقوال،وقد ذكرها التَّفْتازاني برمَّتها في "التلويح على التوضيح"، كما نصَّ عليها غيرُهمفرقةً في مواضع.

والراجح - والله تعالى أعلم - هو قول الجمهور، الذين ذهبواإلى امتناع تعلُّق الأحكام بالأعيان؛ لأن الأعيان ليست محلاًّ للتكليف، بخلافالأفعال؛ ولأن الذين ذهبوا إلى أن الأحكام تتعلَّق بالأعيان، انتهى قولُهم إلى أنالممنوع هو الفعل، فاتَّفق الفريقان على أن العين لا تفعل واجبًا، ولا تترك محرمًا،وإنما يصدر الفعل والترك من المكلَّف، ولا يتحقق الامتثال للأمر إلا بذلك، وأن مجردوجود العين المحرَّمة لا يفيد حكمًا شرعيًّا، فلا يستفاد الحكم الشرعي لها إلا بعدتكليف القادر على الامتثال من المكلفين.

كما أن تعريف الحكم الشرعي عندجمهور الأصوليين هو: خطاب الشارع المتعلِّق بأفعال المكلَّفين، اقتضاءً أو تخييرًاأو وضعًا.

ويمكنك الرجوع - لاستيفاء هذه المسألة بحثًا - إلى المراجعالتالية:
• "
كشف الأسرار، شرح أصول البزدوي"، لعلاء الدين عبدالعزيز بن أحمدالبخاري (730هـ - 1330م).
• "
التلويح على التوضيح"، لسعد الدين مسعود بن عمرالتفتازاني (792هـ).
• "
المستصفى في علم الأصول"، لحجة الإسلام أبي حامد محمد بنمحمد الغزالي الشافعي (505 - 1111م).
• "
حاشية العطار على شرح المحلِّي على جمعالجوامع"؛ لحسن بن محمد بن محمود العطار.
• "
البحر المحيط"، لبدر الدين محمد بنبهادر بن عبدالله الشافعي الزركشي (745هـ - 794هـ).
• "
شرح الكوكب المنير"،
لمحمد بن أحمد بن عبدالعزيز الفتوحي، المعروف بابن النجار الحنبلي (972هـ - 1564م).
التوقيع

https://www.facebook.com/salwa.NurAl...?ref=bookmarks

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 04-07-2012, 01:26 AM
أم كريم أم كريم غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

محتارة في اختيار التخصص

السؤال
:

بعدانقِطاع طويلٍ عنِ الدراسة عُدتُ إليْها الآن، وقدِ اخترتُ مبدئيًّا تخصُّصالتفسيرإلاَّ أنَّ الجميع ينصحُني باختِيار الشَّريعة، وأنا محتارة أُريد أن أخْتارالأوْلى في حقِّي، خصوصًا أنِّي لنْ أتَمكَّن من دِراسة الشَّريعة إلاَّ عن طريقالجامعة، فهل أحوِّل من الآن إليْها أم أظلُّ في تخصُّصي الذياخترْتُه؟

فقطْ أُريد الأوْلى في حقي وأنا في هذه السِّن.

الشِّقالثَّاني منَ الاستِشارة: فقط هل هُناك من العُلماء مَن بدأ في طلَبِ العلم في سنٍّمتأخِّرة وتفوق؟ بوركْتُم.


الجواب
:

الحمد لله، والصَّلاةوالسَّلام على رسولِ الله، وبعد:
فنسألُ الله أن يعلِّمك ما ينفَعُك، وأن ينفعَكبِما علَّمك، وأن يَزيدَك علْمًا.

إنَّ علم الشَّريعة له فروعٌ كثيرة، يَضيقعُمر الطَّالب عن بلوغ نِهايتها؛ نظرًا لتشعُّب طُرُقِها وكثْرة موارِدِها، ولقدكان العُلماء في الماضي يَسْعَون سعيًا حثيثًا للتمكُّن من جَميع علوم الشَّريعةالتي تُبلغهم درجة الاجتِهاد، بِحيث يكونون في جَميعها قريبًا منالسَّواء.

أمَّا في عصْرِنا هذا، فقد كثرت الشَّواغل، وقلَّت منابع العلم،وكثرت الفتن، ممَّا أدَّى إلى عدم تمكُّن الكثير ممَّن يطلُبون العِلْم مِنْ إدْراكفروعِه جميعًا؛ بل لا يتمكَّن أكثَرُهم من بلوغ الغاية في فنٍّ واحد.

ولذلكفإنَّ العلم بعد أن كان مَجموعًا بكامِلِه في صُدُور القُدماء صارَ تَخصُّصاتٍ،بِحيثُ يقال: هذا متخصِّص في التَّفسير، وهذا متخصِّص في الحديث، وهذا متخصِّص فيالفقه، وهكذا.

أمَّا مسألة المفاضلة بين التَّخصُّصين المذكورين، فالأمرُفيه شاقٌّ جدًّا؛ لأنَّ التَّفضيل سيكون بِحسب ميولِك وقُدُراتك، وبِحسب حاجةالنَّاس إلى أحَدِ هذيْن العِلْمين بصورةٍ أكْبر من حاجتِهم للآخر، وبحسب أهمِّيَّةكلٍّ منهما.

أمَّا أهمِّيَّة هذَيْن العِلْمين، فلا غَناءَ للأُمَّة عنْهماجميعًا، فالعِلم ليس فيه صغيرٌ وكبيرٌ من حيثُ الأهمِّيَّةُ، بل كلُّ العلم مهمٌّوكبير من حيثُ إنَّه يُزِيل الجهْل عن النَّاس، وكونه خادمًا لبقاء الشَّريعة، وغيرذلك.

لكنَّنا نفضِّل في هذا الزَّمان تعلُّم الفِقْه؛ نظرًا لحاجة النَّاسالماسَّة إليْه في شتَّى جوانب حياتِهم، ولأنَّ الأعْرافَ والعاداتِ تتغيَّر،والحوادث تزْداد يومًا بعد يوم، ممَّا يُوجِب على الأمَّة الاجتِهاد لإيجاد حلولٍشرعيَّة لها.

ولعلَّ هذا القولَ يؤنسُه حديث النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن يُرِد الله به خيرًا يُفقِّهه في الدِّين، وإنَّما أنا قاسمٌ واللهيُعْطي، ولن تزال هذه الأمَّة قائمةً على أمر الله لا يضرُّهم مَن خالَفهم حتَّىيأتيَ أمرُ الله))؛ رواه البخاري ومسلم.

قال المناوي في "فيض القدير": "أي: يُفَهِّمه علم الشَّريعة بالفِقْه؛ لأنَّه علم مستنْبَط بالقوانين والأدلَّةوالأقْيِسة والنَّظر الدَّقيق، بِخلاف علم اللُّغة والنَّحو والصَّرف". اهـ.

وقال ابن الجوزي في "كشف المشكل": "الفِقْه: الفَهْم، وأوَّل مراتبالفقيه أن يفهم أصولَ الشَّريعة وموضوعها، فحينئذٍ يتهيَّأ له إلْحاق فرعٍ بأَصْل،وتشبيه شيْءٍ بِشَيْء، فتصحُّ له الفتوى، ثمَّ يرتقِي إلى فهْم المقصود بالعلم،فيصير حينئذٍ من عمَّال الله - تعالى - وذلك الفِقْه النَّافع". اهـ.

وقالالسيوطي في الألفية:
وَكَتْبُهُ وَضَبْطُهُ حَيْثُ اسْتَعَدّْ وَإِنْ يُقَدِّمْقَبْلَهُ الفِقْهَ أَسَدّْ

أي: كتابة الحديث بصورة تخصُّصيَّة تكون عندالتهيُّؤ لها والقدرة عليْها، وتقديم الفِقْه عليْها أولى وأسدُّ.

ومع هذا،فإنَّنا نوصيك بأن تُوازني بين جَميع الأمور لاختيار التخصُّص؛ فعلم الفِقْه يَحتاجإلى همَّة عالية، وذِهْن متيقِّظ، وفراغ يمكن من طول الدراسة، كما يَحتاج إلى دراسةالكثير من العلوم المكمِّلة له، والمعينة عليْه، كالعلم بالأصول (أصول الفقه)،وأصولِ الحديث (المصطلح)، واللُّغة العربية، وفقْه الكتاب، وفقه السنَّة، والفقْهالمذهبي، والفقه المقارن، وأقْوال السَّلف؛ فقد قال بعضُ السلف: "مَن لَم يعرفالخلاف فلن يشمَّ للفِقْه رائحة". اهـ.

أمَّا عن العُلماء الذين طلبواالعِلْمَ كبارًا، فيكفيكِ في هذا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أعْلمالأمَّة ومعلم الخلق أجمعين، فقد نزل عليْه العِلْم بالوحْي عند سن الأربعين، ولئنقيل: هو رسول الله، وقد قال الله له: {سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى} [الأعلى: 6]،رُدَّ بأنَّ صاحبيْه أبا بكرٍ وعمر - رضِي الله عنْهما – كذلِك، بل أكثر الصحابةكذلك.

وقد ورد عن بعْضِ مَن نظَم في حقِّ الحسن بن زياد صاحِب أبيحنيفة:
وَلَيْسَ لِلْعِلْمِ أَوَانٌ فِي الطَّلَبْ وَابْنُ زِيَادٍ بَعْدَسَبْعِينَ طَلَبْ

فقد رُوِيَ أنَّه بدأ في طلَب العلم بعد السَّبعين منعمره.

وكان أكابر العُلماء يستمرُّون على حِفْظِهم إلى الموت، ولا يكْتفونبِما حفِظوه في أوَّل عمرِهم.

فهذا أحمدُ بن حنبلٍ كان النَّاس يقولون لهكما في "السير": يا أبا عبدالله، أنتَ قد بلغتَ هذا المبلغ، وأنت إمامُ المسلمين،حتَّى متى مع المحبرة؟ فقال: "معَ المحْبرة إلى المقبرة".

وغير ذلك ممَّاورَدَ في سِيَر العلماء الربَّانيين.

وفَّقكِ الله لما يُحِبُّ ويرْضى، وأخذ بناصيَتِك إلى البر والتقوى.
التوقيع

https://www.facebook.com/salwa.NurAl...?ref=bookmarks

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 04-07-2012, 01:29 AM
أم كريم أم كريم غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

معنى كلمة قِبْطي

السؤال:
هل معنى كلمةقِبْطي: مصريٌّ أو مسيحيٌّ؟

وإن كان معناها: مصريًّا - كما قرأتُ - فهلنقولُ على مسلمي مصر: أقباطًا، أو لا نقول؟


الجواب:

الحمدُ لله،والصلاةُ والسلامُ على رسول الله - [IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/Mahmoud/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/07/clip_image001.gif[/IMG]- وبعد:
فكلمة "قِبط" صورةٌ مختَصَرةٌمن لفظة "إِيجِيبْتُوس"Aegyptos، وهى لَفْظةٌ أَطْلَقَها البِيزَنْطِيُّون على أهلمصرَ، وهي مَأْخُوذة منَ العِبارة المِصْرِيَّة القديمة (حت - كا - بتاح) (Het - Ke - Path)، أو (ها - كا - بتاح)، أو (بيت - كا (روح) - بتاح)، وهو اسمٌ لِمَعْبدمِصْرِيٍّ قَدِيمٍ في مدينة "منف"، أو "ممفيس"، التى كانتْ عاصمة مصرالقديمة.

وقد حَوَّرَ الإغريقُ - ومِنْ بعدِهم البيزنطيون - نُطْقَ هذهالعبارة إلى "هي جي بنو"، ثم أضافوا حرف السِّين، وهو يُساوي الضَّمَّة فيلُغَتِهم، ويُضاف حرفُ السِّين دائمًا إلى نهاية الأسماء، وبِمُرُورِ الزَّمَنأَطْلَقُوا اسم "هيجبتس"، أو "إيجيبتوس"، ومنها جاءت كلمة EGYPT في اللُّغةالإنجليزيَّة، وفي باقي اللُّغات الأوربيَّة، مثل: اللُّغة الفَرَنْسيَّة L, EGYPTE، وفي الإِيطَالِيَّة: L, EGITTO، وفي الألمانية AGYPTEN:
وكلمةُ قبطيٍّشاعَتْ عندما كانتْ مصرُ تحت الحُكْم البِيزنطيِّ، وهذه الكلمةُ يُقْصَدُ بهاسُكَّان مصرَ مِن أهْلِها الأصليينَ، مهما اختلفتْ دِيانَتُهم.

وما يَسْعىإليه البعضُ مِن تخصيص هذا الإطلاق على نصارى مصرَ، يُخالِف الحَقِيقةَالتَّاريخيَّة المُثْبَتة لِمَا ذَكَرْنا؛ وإنما كان هَدَفُهم من ذلكَ إثباتُ أنَّالمُسلِمينَ غزاةٌ مُحْتلُّونَ، اغْتَصَبُوا مصرَ منَ النَّصارى.

وحقيقةُالقولِ: أنَّه عندما فَتَح المُسلمونَ العربُ مصرَ، كان معظمُ المِصْريينَ نصارى؛نتيجةً لأنها كانتِ الدِّيانة الرَّئيسة في مصر قبل دخول الإسلام فيها؛ وكنتيجةٍللاحْتِلال الرُّومانيِّ، الذي كان يُجْبِرُ شَعْبَ مصرَ على اعْتِناقالنَّصْرانيَّة؛ حيث كانوا يَرْسُفُون في أغلالِ الاحتلال الرُّومانِي وضَرَائِبهوقَسْوَتِه.

ويُثْبِتُ الذي ذَكَرْناهُ ما تَنَاقَلَتْهُ كُتُب اللغة،ومعاجمُها المُعْتَمَدة:
قال الفَرَاهيدي في "العين": "القِبْط: أهلُ مِصْرَوبُنْكُها - أَي: أَصلُها وخَالِصُها - والنِّسبةُ إليهم: قِبْطيٌّ،وقِبْطيَّة".اهـ.
وقال ابن فارس في "معجم مقاييس اللغة": "القِبطُ: أهلُ مصر،والنِّسبة إليهم قِبطيٌّ".اهـ.
وقال الصَّاحب بن عَبَّاد في "المحيط فياللُّغة": "القِبْطُ: هم بُنْكُ مِصْرَ، والنّسْبَةُ إليهم قِبْطِي".اهـ.
وقالابن دُرَيد في "جمهرة اللُّغة": "والقِبْط: جيلٌ منَ الناس معروفٌ".اهـ.
وقالالجوهري في "الصِّحاح": "القِبْطُ: أهل مصرَ".اهـ.
وقال الأَزْهَرِي في "تهذيباللغة": "قال اللَّيث: القِبطُ: هم أهل مصرَ وبُنْكُها، والنِّسبة إليهم: قِبْطِيٌّ".اهـ.
وفي "لسان العرب"؛ لابن منظور: "والقِبْطُ: جِيل بمصر، وقيل: همأَهْلُ مصر وبُنْكُها، ورجل قِبْطِيٌّ".اهـ.

هذا هو معنى القبط، أمانَسَبُهم، فكما قال الزَّبِيدي في "تاج العَرُوس": "واخْتُلِفَ في نَسَبِ القِبْط،فقِيلَ: هو القِبْطُ بنُ حَام بن نُوح - عليه السلام - وذَكَر صاحبُ الشَّجَرَةِأنَّ مِصْرَايِم بن حام أَعْقَبَ من لوذيم، وأَنَّ لوذيم أَعْقَب قِبْطَ مِصْرَبالصَّعِيدِ، وذَكَرَ أَبو هاشِم - أَحْمَد بنُ جَعْفَر العَبَّاسي الصَّالِحِيّالنَّسَّابَة - قِبْطَ مِصْرَ في كِتابِه، فقال: هم وَلَدُ قِبْط بن مِصْرَ بنِقُوطِ بنِ حام، كذا حَقَّقَهُ ابنُ الجَوَّانِي النَّسَّابَةُ في "المُقَدِّمةِالفاضلِيَّةِ"، وإِليهم تُنْسَبُ الثِّيَابُ القُبْطِيَّة بالضَّمِّ، على غَيْرِقِيَاسٍ".اهـ.

هذا هو معنى كلمة قبطي في الأصل، وهذا هو نسبهم، وإنماذكرناه؛ لِتَبْيينِ لنا حقيقة تاريخيَّة، يُريدُ البعض أنْ يَطْمِسَها، أويُشَوِّهَها، أو يُغَالِط فيها؛ لِيَتَوَصَّلَ بذلك إلى إثبات أنَّ هُويَّة مصرَنصرانيَّة في عقيدتِها وشريعتها، مع أنَّ الأدِلَّة تُنادِي بِخِلافِذلكَ.

ومع هذا فقد دَرَج عُرْف الناس في العُصُور المتأخرَّة على تخصيصنَصَارَى مصرَ بهذه اللَّفْظة، بحيثُ إذا قيل: القبطي، فَهِمَ السَّامعُ أنالمُتَكَلِّمَ يَقْصُدُ بها النصراني من أهل مِصْرَ، واشْتُهرَ ذلك بين كثيرٍ منَالناس، حتى أصبح التَّفْريق فيها بين الصَّواب والخطأ عزيزًا، لا يعلمُه إلاَّطائفةٌ محدودةٌ منَ الناس، وقد درج على هذا النَّقل العُرْفي لمعنى الكلمةالفَيُّومِيُّ؛ حيث قال في "المصباح المنير": "القِبْطُ - بالكسر -: نصارى مصر،الواحد: (قِبْطِيٌّ)، على القياس".اهـ.

لكن واضعي "المعجم الوسيط" أرادُواأن يَزْدَادَ الأمر وضوحًا، فَجَمَعُوا بين المعنيينِ: اللُّغويِّ والعُرْفِيِّ؛لِيَتَنَبَّه الناسُ للحقيقة الثابتة، مع إحاطتهم بالمعنى العرفيالمشهور.

جاء في "المعجم الوسيط": "القِبْطُ: كلمةٌ يونانيَّة الأصل، بمعنىسُكَّان مصر، ويُقْصَد بهم اليوم المسيحِيُّون منَ المصريينَ، جمعها: أقباط".اهـ.

بَقِيَ بعد ذلك أن نُبَيِّنَ حُكْمَ تخصيص النَّصارى من أهلِمصرَ بهذا الاسم، وحُكْمَ إِطْلاق هذا الاسم على أهل مصرَ جميعًا.

والجوابُ: أنَّ هذه الكلمة: "القبطي"، صارَتْ كلمةً مُشتركةً، تُطْلَقُ على صِنْفَيْنِ مِنبني آدم: المصريينَ جميعًا، ونصارى مصر خاصة، وذلك عند طائفةٍ من المُثَقَّفينَوالمُتَعَلِّمينَ، وصَارَتْ ذات معنًى واحدٍ عند عوامِّ الناس ودَهْمَائِهم، فلايُفْهَمُ منها لدى العوام سِوى نصارى مصرَ.

ولَمَّا كان اللَّفْظُمُشتَرَكًا عند البعض، وموهِمًا عند البعض الآخر، كان الراجحُ مِن جهة النَّصوالعقلِ: أنَّ المسلمَ المصريَّ لا ينبغي له أن يقول عن نفسه: إنه قبطي، ويَقْتَصرُعلى ذلك؛ إلاَّ إذا كان السامع يَفْهَمُ ما يَقْصُد مِن قوله، وهو أنه مسلم، ينتمِيإلى أصول مصريَّة، أو يُتْبِع ذلك بقوله: مسلم، فيقول: قِبْطي مُسْلم؛ وذلك لِغلبةِالعُرف في استعمال هذه الكلمة عند العوام، بِخُصُوص النَّصرانيِّ المصري، والحقيقةُالعُرفيَّةُ إذا غَلَبتْ في الاستعمال، قُدِّمَت على غيرها منَ الحقائقالأخرى.

وقد نَهَى الله - تعالى - المُؤمنينَ عن مُشابَهَة الكافرين فيالنُّطق بِبَعض الكلمات المشتَرَكة في المعنى، المُتَّحِدة في اللَّفظ؛ وذلكفِرارًا من هذا المعنى المُوهِم، وهذا مِن كمال الوَلاَء والبَرَاء، وما نحنبِصَدَدهِ أَوْلَى من ذلك؛ لأنَّ اللَّفظة التي نَتَكَلَّم عنها صارَتْ عند جمهورالناس منَ الألفاظ الخاصَّة بِغَير المسلمين، وليستْ مشتركةً فحَسْب، كمايَفْهَمُها كثيرٌ منَ المُثَقَّفينَ والمُتَعَلِّمينَ.

قال الله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَاوَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [البقرة: 104]، قال الحافظ ابن كثير (1/148): "نَهَى الله - تعالى - عبادَه المؤمنينَ أن يَتَشَبَّهُوا بالكافرينَ فيمقالِهم وفعالِهم؛ وذلك أنَّ اليهودَ كانوا يعانونَ منَ الكلام ما فيه تورية؛ لِمَايقصدونه منَ التَّنقيصِ - عليهم لَعَائنُ الله - فإذا أرادوا أن يقولوا: "اسمعلنا"، قالوا: "راعنا"، ويورون بالرعونة؛ كما قال - تعالى -: {مِنَ الَّذِينَهَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَاوَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْوَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْوَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُبِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: 46].

وقال شيخُالإسلام عند هذه الآية ما مُخْتَصَره (ص: 22):
"
قال قتادة وغيره: كانتِ اليهودتَقُوله استهزاءً، فَكَرِهَ اللهُ للمؤمنينَ أن يقولوا مثل قولِهم، وقال أيضًا: كانتِ اليهودُ تقول للنبي - [IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/Mahmoud/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/07/clip_image001.gif[/IMG]-: راعنا سمعكَ، يستهزِئُون بذلك، وكانتفي اليهود قبيحة، فهذا يُبَيِّنُ أنَّ هذه الكلمة نُهِيَ المسلمونَ عن قولها؛ لأناليهود كانوا يقولونها، وإن كانت منَ اليهود قبيحة".اهـ.
التوقيع

https://www.facebook.com/salwa.NurAl...?ref=bookmarks

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 04-07-2012, 01:32 AM
أم كريم أم كريم غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

ما هي السور التي تقرأيوميًّا؟

السؤال:

أنا أريد أن أصل إلى مرحلة الاطْمِئنان - إن شاءَالله – والقضاء على الخوف، وأريد معرِفة ما هي السُّور التي تقرأ يوميًّا، مع ذكرفضائِلها؟

الجواب:

الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله،وبعد:
إنَّ مثيراتِ القلَق لها أسبابٌ كثيرة، جامع القَوْل فيها: أنَّها غالبًاما تتعلَّق بالخوْف من المجهول أو المستقْبل، كخوْف الطَّالب وقلَقِه من الامتِحان،وخوْف الوالِدَين على أولادِهِما عند مرضِهم وغيره، والخوْف من الموت ونحوذلك.

وهذا القلق يكون محمودًا ومندوبًا إليْه إذا كان وسيلةً لدفْعِ الإنسانإلى العمَل الصَّالح، ويكون مذمومًا إذا تعدَّى حدودَه، وعطَّل المرْء عن العملوالاجتِهاد.

ولعلاج القلَق سبُل كثيرة، ومن أهمِّها:
1-
حسن التوكُّل علىالله تعالى، واليقين بأنَّ المرء لا يُصيبُه إلا ما كتب الله له؛ قال تعالى: {قُللَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا} [التوبة: 51]، وقال - صلَّى اللهعليه وسلَّم - لابْنِ عبَّاس - رضي الله عنهما -: ((يا غلام، إنِّي أعلِّمك كلمات: احفظ الله يَحفظْك، احفَظِ الله تَجده تِجاهَك، إذا سألتَ فاسأَلِ الله، وإذااستعنْتَ فاستَعِنْ بالله، واعلم أنَّ الأمَّة لوِ اجتمعتْ على أن ينفعوك بشَيْءٍلَم ينفعوك إلا بشيْءٍ قد كتبه اللهُ لك، ولوِ اجتمعوا على أن يضرُّوك بشيْءٍ لَميضرُّوك إلا بشيءٍ قد كتبه الله عليْك، رفعت الأقلام وجفَّت الصحُف))؛ رواه الترمذيوغيره.

2-
الإحسان إلى النَّاس بالقوْل وبالفِعْل، فبهذا الإحسان يدْفع اللهعن المُحْسِن الهمَّ والغمَّ، وللمؤمن منْه أكمل الحظِّ والنَّصيب في الدُّنياوالآخِرة؛ قال تعالى: {لاَ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْأَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً} [النساء: 114].

3-
الاشتِغال بعملٍ من الأعْمال أو بعِلْم من العلوم؛ لأنَّإشْغال النَّفس بِما يُفيد يُجنِّبها الانشغال بما لا يفيد، وقد قال النَّبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا يزالُ لسانُك رطبًا بذِكْر الله - عزَّ وجلَّ))؛رواه أحمد وغيره.
وهذا يعْني دوام الانشِغال بالذِّكْر، ممَّا يضيِّق الفُرصةللتَّفكير في غيرِه ممَّا يعرِضُ لك.

4-
المداومة على الأذْكار الشَّرعيَّةالمأْثورة من الكتاب والسُّنَّة؛ لأنَّ الذِّكْر سببٌ من أسْباب طُمأْنينة القَلْب؛فقد قال - سبحانه وتعالى -: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِاللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ} [الرعد: 28].

وممَّالا ريْبَ فيه أنَّ قِراءة القرآن من أفْضل العِبادات، والأذْكارِ التي يحسُنبالمسلم أن يتعاهَدَها، وأن يشغل نفْسَه بِها، قال الله - عزَّ وجلَّ -: {قُلْ هُوَلِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ} [فصلت: 44]، وقال: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوارَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْلَكُمْ أَنْهَارًا} [نوح: 10 – 12].
وراجعي في موقِعنا مقالة: (علاج الاكتئاب فيالصيدلية الإسلامية).

5-
الاهتِمام بعمل اليوم، وقطْع القلْب عن الخوْف منالمستقبل، فقد روى البُخاريُّ ومسلم من حديث أنس بن مالك - رضِي الله عنه -: أنَّالنَّبيَّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - استعاذَ من الهمِّ والحَزن، فقال: ((اللَّهُمَّ إنِّي أعوذُ بكَ من الهمِّ والحزَن، والعجْز والكسَل، والبُخلوالجُبن، وضلَع الدَّين وغلبة الرِّجال))، فالحَزَن على الأمور الماضية التي لايُمكِن ردُّها، والهمُّ الَّذي يَحدُث بسبب الخوْف من المستقبل.

6-
الإكْثارمن الصَّلاة على النَّبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فعن الطُّفيْل بن أُبَيِّ بنكعْبٍ عن أبيهِ قال: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - إذا ذهب ثُلُثَاالليل قام فقال: ((يا أيُّها النَّاس، اذْكُروا الله، اذكروا الله، جاءَتِالرَّاجِفة، تتْبَعُها الرَّادفة، جاء الموْت بِما فيه))، قلت: يا رسول الله، إنيأُكْثِر الصَّلاة عليْك، فكم أجْعل لك من صلاتي؟ قال: ((ما شِئْت))، قُلْت: الربع،قال: ((ما شئْتَ، فإن زدْتَ فهو خير))، قلت: فالنصف، قال: ((ما شِئْتَ، فإن زِدتَفهو خير))، قلت: فالثُّلثين، قال: ((ما شئت، فإن زِدتَ فهو خيرٌ))، قلت: أجعل لكصلاتي كلَّها؟ قال: ((إذًا؛ تُكْفَى همَّك، ويُغْفر لك ذنبُك))؛ رواه الترمذيوأحْمد وغيرُهُما.

قال المباركفوري في "تحفة الأحْوذي": "فكم أجعل لك منصلاتي؛ أي: بدَلَ دعائي الذي أدعو به لنفسي، قاله القاري، وقال المنذري في "التَّرغيب": معناه: أُكْثِر الدُّعاء، فكم أَجعل لك من دُعائي صلاةً عليْك؟". اهـ.

أمَّا عن السُّور التي تُقْرَأ من القُرآن بصورةٍ مُتتابِعة فيالأيَّام واللَّيالي، فقد وردَ في كتاب الله - تعالى - وسنَّة نبيِّه - صلَّى اللهعليْه وسلَّم - الحثُّ على تِلاوة القُرآن الكريم كلِّه، والنَّهي عن هَجْرِه؛كقوْلِه تعالى على لِسان نبيِّه - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: {وَأُمِرْتُ أَنْأَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ * وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ} [النمل: 91 – 92]،وقوله تعالى: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ} [العنكبوت: 45]، وقوله - عزَّ وجلَّ -: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّقَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} [الفرقان: 30].

فهذهالآيات تأمُر بقراءة القُرآن كلِّه، وتحذِّر من هجره، وقد ورد الحثُّ على قراءةسورٍ أُخرى أيضًا، مثْل قراءة الفاتِحة، والبقرة، وآل عمران، والكهْف، والكافِرون،والإخْلاص، والمعوِّذتين، وغيرها.

قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((اقْرؤُوا القُرآن؛ فإنَّه يأتي يوم القيامةِ شفيعًا لأصحابه يوم القيامة، اقرؤُواالزَّهراويْن: البقرة وآل عمران، فإنَّهما تأتيانِ يوم القِيامة كأنَّهما غمامتانِ،أو كأنَّهما غيايتان، أو كأنَّهما فرقانِ من طيْرٍ صوافَّ تُحاجَّان عن أصحابِهما،اقْرؤوا سورةَ البَقرة؛ فإنَّ أخْذَها بركةٌ، وترْكَها حسرةٌ، ولا تستطيعُهاالبطلة))، قال معاوية: بلَغني أنَّ البطلة: السحرة؛ رواه مسلم فيصحيحِه.

وقال - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((الآيتانِ مِن آخِر سورةالبقَرة، مَن قرأَ بِهما في ليلةٍ كفَتاه))؛ متَّفق عليْه من حديثِ ابن مسْعود - رضي الله عنْه.

وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن الفاتحة: ((والَّذي نفسيبيدِه، ما أُنْزِلت في التَّوراة، ولا في الإنْجيل، ولا في الزَّبور، ولا فيالفُرقان مثلها، وإنَّها سبعٌ من المثاني والقرآن العظيم الذي أُعْطِيته))؛ رواهالترمذي، وأصْله في البخاري من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه.

وعن ابنِمسعودٍ أيضًا قال: قال النَّبيُّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((مَن قرأَ حرفًا منكتاب الله فلهُ به حسنة، والحسنةُ بعشْر أمثالِها، لا أقول "ألم" حرف، ولكنْ ألفحرف، ولام حرف، وميم حرف))؛ صحيح رواه الترمذي.

وأخرج التِّرمذي عن ابْنِعبَّاس: أنَّ النَّبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال في سورة الملك: ((هيالمانِعة، هي المنْجِية تُنْجِيه من عذاب القَبْر))؛ صحَّحه الألْباني فيالسِّلْسلة، وحديث: ((إنَّ سورةً من القُرآن ثلاثون آيةً شفَعَتْ لرَجُل حتَّىغُفِر له، وهي تبارك الَّذي بيده الملك))؛ رواه أحمد وأبو داود، والتِّرمذيوحسَّنه، وحسَّنه الألباني.

وروى أحمدُ والتِّرْمذي عن جابرٍ: "أنَّالنَّبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان لا ينامُ حتَّى يقرأ (ألم تنزيل)، وتباركالذي بيده الملك"؛ صحَّحه الألباني.

وقد روي حديثٌ في فضل قراءة سورةالواقعة كلَّ ليلة، ولم يصحَّ.

هذا؛ ويُسَنُّ المحافظة على قراءة السُّورالتي وردَ الحثُّ على قراءتِها كلَّ ليلة، ممَّا صحَّت به الأحاديثُ على النَّحوالذي أسلفناه، وإذا أردتِ أن تقرئي غيْرَها فالقُرآن كله مأمورٌ بقراءته، وكلهخير.

ولمزيد فائدة، يرجى مراجعة الاستشارات التالية: "الخوف"، "الخوف منعلاج الخوف"، "الخوف والتردد مسيطران على حياتي"، "لماذا نخاف منالموت؟".

واللهَ نسأل أن يوفِّقَنا وإيَّاكِ لما يُحبُّ ويرضى.
التوقيع

https://www.facebook.com/salwa.NurAl...?ref=bookmarks

رد مع اقتباس
  #16  
قديم 04-07-2012, 01:33 AM
أم كريم أم كريم غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

من أكبر الكبائر"

السؤال:

أنا فتاةعمري 29 عامًا، تقدم لخطبتي ابن عمي، وهو شابٌّ هادئ وطيِّب، ولكنالمشكلة أنه يقضيحكمًا بالسجن 25 عامًا في قضية قتل، لكن معروف للجميع أنه مظلوم في هذهالقضية.

ولكني أعلم أن هناك قضية أخرى قد ارتكبها فعلاً، فقد أقام علاقة غيرشرعية مع إحدى النساء عندما كان عمره حوالي 18 عامًا.

فأنا حائرة: ماذاأفعل؟ لقد أصبح سنِّي 29 عامًا، وكلما تقدَّم أحدٌ لى يخرج دون عودة؛ فهل هذا الحكمرحمة من ربي به؟

فهو قد تاب وندم على ما فعل، وهو قد أوشك على الخروج وإتمامالزواج، هل أوافق أو أنتظر من هو دون كبائر؟

الجواب:

الحمد للهوالصلاة والسلام على رسول الله، وبعد،
نسأل الله أن ييسِّر لكِ الخير، وأن يرزقكالزوج الصالح الذي يعينك على الخير ويحضُّك عليه، وأن يفرِّج همَّكِ ويزيلكربَكِ.

ونذكِّرُكِ - أيتها الأخت الكريمة - بأن هذه الدنيا دار ابتلاءواختبار، لابد أن يمرَّ فيها الإنسان بأنواع البلايا والاختبارات؛ فهذا يُبتلىبالفقر، وهذا يُبتلى بالمرض، وهذا يُبتلى بموت القريب والحبيب، ومنهم مَنْ هو فيمثل حالِكِ؛ يُبتلى بتأخُّر الزَّواج وإعراض الخُطَّاب لأي سببٍ يُنفِذ الله بهقَدَرَه.

والعاقل مَنْ عرف قيمة الدنيا، وأيقن أنها دار عبور وممرٍّ، ومهماكثرت منغِّصاتها وعظمت مصائبها؛ فإنها مع ذلك لا تستحقُّ أن يتألَّم الإنسان منأجلها، وعلى العاقل أن ينظر إلى حال غيره ممَّن هو أشدُّ بلاءً منه، فإذا فعل ذلك؛فلا شكَّ أنه سيحمد الله على حاله.

وفي الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه و سلم -: ((انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولاتنظروا إلى مَنْ هو فوقكم؛ فإنه أَجْدَرُ أَلاَّ تزدروا نعمة الله عليكم))؛ رواهابن ماجه وغيره؛ وهو صحيحٌ.

فإذا عملتِ بهذا الحديث؛ ستجدين نفسك - يقينًا - أحسن حالاً من غيرك، وأن كثيرًا من الناس أسوأ حالاً منكِ.

ولذا؛ فإن وصيتنالكِ:
أن تصبري وتحتسبي، وأن تعلمي أن الأمور بيد الله - عزَّ وجلَّ - وأنَّتأخُّر الزواج كغيره من الابتلاءات، ربما يكون خيرًا أعدَّه الله لمَنِ ابتلاه به؛فإن العبد لا يدري أيُّ الأمور خيرٌ: ما يحبُّ، أم ما يكره؟ ولذلك قال الله تعالى: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّواشَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 216].

فلربَّما أحبَّ المرءُ شيئًا وكان فيه هلاكه وعطبه، ولربَّماكره شيئًا وكان فيه نجاته وفوزه؛ لأننا نحكم بمجرَّد علمنا القاصر، والله يقضيبعلمه المحيط الواسع.

وإذا كان عندكِ همٌّ أو وساوس؛ فأكثري من ذكر الله - عزَّ وجلَّ - واستعيذي بالله من الشيطان الرجيم، وأقبلي على العبادة والأعمالالصالحة الأخرى قدرَ وسعك وطاقتك؛ حتى يزيل الله همَّكِ بقدرته ورحمته.

ومماورد في ذلك؛ الدعاء المشهور المزيل للهمِّ والغمِّ، وهو: ((اللهم إني أَمَتُكَ بنتعبدكَ بنت أَمَتِكَ، ناصيتي بيدكَ، ماضٍ فيَّ حكمُكَ، عَدْلٌ فيَّ قضاؤكَ. أسألكاللهم بكلِّ اسمٍ هو لك، سمَّيْتَ به نفسكَ، أو أنزلته في كتابكَ، أو علَّمته أحدًامن خلقكَ، أو استأثرت به في علم الغيب عندكَ - أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي،ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همِّي وغمِّي))؛ رواه أحمد وابن حبان والحاكم،وصحَّحه الألباني في (السلسلة الصحيحة: 199).

وغير ذلك من الأدعية المأثورةالمبثوثة في كثيرٍ من كتب الأذكار الصحيحة المطبوعة، فذلك يزيل عنكِ ما تجدين منالهموم والغموم - إن شاء الله.

أما بالنسبة للشخص الذي ذكرتِه؛ فلا نستطيعالحكم عليه إلا من خلال كلامكِ عنه، وأنت أدْرَى به منَّا، وإن كان ظاهر حاله لايجعل القلب يطمئنُّ إليه!!

فقد وقع في جريمتين من أعظم الجرائم التي حرَّمهاالله تعالى؛ فكلتاهما مما يتعلق به حقُّ الغَيْر، وعقوبتهما المقرَّرة شرعًا منأغلظ العقوبات.

أما الزِّنا؛ فقد نهى الله عن قرب أسبابه ودواعيه، فضلاً عنالوقوع فيه؛ فقال: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَسَبِيلاً} [الإسراء: 32].

قال ابن كثير - رحمه الله -: "يقول تعالى ناهيًاعباده عن الزِّنا، وعن مقاربته ومخالطة أسبابه ودواعيه: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَاإِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً}؛ أي: ذنبًا عظيمًا، {وَسَاءَ سَبِيلاً}؛ أي: وبئس طريقًاومسلكًا".

وجاء القرآن الكريم بالوعيد الشديد لفاعلها؛ قال تعالى: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَالَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَيَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِمُهَانًا} [الفرقان: 68 - 69].

وأوجب العقوبة في الدنيا على الزاني، فقال: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍوَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَبِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنْالْمُؤْمِنِينَ}[النور: 2]، وجاء في الحديث عن النبي - [IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/Mahmoud/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/07/clip_image001.gif[/IMG]-: ((خذوا عنِّي، خذواعنِّي؛ قد جعل الله لهنَّ سبيلاً: البِكْرُ بالبِكْر؛ جَلْدُ مائةٍ ونفيُ سنةٍ،والثَّيِّبُ بالثَّيِّب؛ جَلْدُ مائةٍ والرَّجْمُ))؛ رواه مسلم.

وحرم الله - عزَّ وجلَّ - زواج الزَّاني - سواء كان رجلاً أم امرأةً - على المؤمنين؛ فقالتعالى: {الزَّانِي لا يَنكِحُ إلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لايَنكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَىالْمُؤْمِنِينَ}[النور: 3].

وأما القتل؛ فيكفي فيه قول الله تعالى: {وَمَنْيَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَاللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}[النساء: 93].

هذا إذا كان قد قَتَل فعلاً، أما إذا كان ذلك مما نُسِب إليه كذبًاوزورًا؛ فالأمر يهون، ويجب عليه في هذه الحالة - إذا أردت أن تقبليه زوجًا - أنيتوب إلى الله تعالى؛ فإن الزاني إذا تاب إلى الله توبةً نصوحًا صادقًة، فإن الله - عزَّ وجلَّ - يتوب عليه، ويتجاوز عنه؛ قال الله تعالى بعد ذكر الوعيد لأهل الزِّنا: {إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُاللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا وَمَنْ تَابَوَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا}[الفرقان: 70 - 71].

فإذا حصلت له التوبة الصادقة، وتيقَّنْتِ منها؛ جاز الزواج منه بعدالإقلاع عن هذه الكبيرة، والندم على ما فات منها، والعزم على عدم العودةإليها.

فمن المعلوم أن الله - جلَّ وعلا - قد شرع لعباده التوبة والإنابةإليه، وحثَّهم عليها، ورغَّبهم فيها، ووعد التائب بالرحمة والغفران، مهما بلغتذنوبه؛ ومن جملة ذلك قوله - جلَّ وعلا -: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُواعَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُالذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَىرَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَاتُنْصَرُونَ} [الزمر: 53 - 54]، وقال تعالى: {إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَوَيُحِبُّ المُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222].

وإذا غفر الله للعبد، وقَبِلَتوبته، مع قدرته عليه وعلمه به - فينبغي علينا كذلك نحن - المكلَّفين - أن نعينعباد الله على التوبة والتخلُّص من الذنوب والمعاصي؛ بفَتْح أبواب الخير أماموجوههم، وتحفيزهم على العمل الصالح، وتثبيتهم على سبيل التوبة.

لكنناننبِّهُكِ إلى أن التأكُّد من توبته وحسن سلوكه أمرٌ لا بدَّ منه؛ وذلك بالسؤالعنه، وتفقُّد أحواله، والاطِّلاع على سلوكه، ويمكن كل ذلك عن طريق قرنائه أو بعضأقاربه؛ لتتيقَّني من صدق توبته.

أما سؤالكِ عن كون انصراف الخطَّاب عنكِ منرحمة الله بهذا الشخص الذي تحدِّثت عنه؛ فلا نستطيع أن نقول ذلك؛ بل مرجع الأمر إلىعلم الله تعالى - كما سبق وبيَّنا في صدر الجواب - والله الموفِّق والهادي إلى سواءالسبيل،، والله أعلم.
التوقيع

https://www.facebook.com/salwa.NurAl...?ref=bookmarks

رد مع اقتباس
  #17  
قديم 04-07-2012, 01:34 AM
أم كريم أم كريم غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

طريقة التوجيهالصحيحة"

السؤال:

السلام عليكم، لدي سؤال: ما طريقة التوجيه الصحيحةللأم لابنتها؛ لكي تحفظ القرآن؟

وهل لو اكتفَتِ البنتُ بالقراءة فقط دونالحفظ، هل عليها ذنب؟ أو اكتفت فقط بالاستماع دون القراءة، هل عليها ذنب؟

هل قراءة القرآن دون الالتزام بالعمل به، هل نأخذ عليها ثوابًا؟

هلعندما توجِّه الأم توجيهًا إلى الابنة في أسلوب من النقد، وليس بتحبيب في القرآن،هل هذا صحيح؟ أو لا بد أن يكون حب القراءة نابعًا من الفتاة نفسها، وليس لأن أمهاوجَّهتْها؟

هل إذا لم تَجِدِ الأمُّ أيَّ تغيير من الابنة في الحفظ، تلجأإلى أسلوب النقد؛ أي: أنتِ لا تعملين أيَّ شيء للدِّين، على سبيل المثال، هل هذاالأسلوب صحيح، أو مهما لم تَجد الأمُّ أيَّ نتيجة، فلابد أن يكون التوجيه بتحبيبالقراءة، وبالهدوء، وبالحسنى؟

لأني من وجهة نظري - وأرجو الرد إذا كانتصحيحة أم لا؟ - التوجيه في الناحية الدينية بالذات - حتى لو لم تستمع الابنة إلىهذا التوجيه - أن يكون بالحسنى والتحبيب؛ لأن الفتاة لو فعلتْ وحفظت لأن أمَّهاتنقدها مثلاًً، أعتقد أن النية ليستْ صحيحةً في هذا الوقت؛ لأن حفظ القرآن لا بد أنيكون خالصًا لله - تعالى - لكن عندما تتَّبع الأمُّ أسلوبَ الخلاف والنقد، وليسبأسلوب يحبب القراءة، تكون نية الحفظ لأن الأم تتبع هذا الأسلوبَ، ولذلك أعتقد أنالتوجيه - حتى ولو لم يصل إلى نتيجة - لابد أن يكون بهدوءوتحبيب؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:
فنسأل اللهَ أن يرزقكِ حفظَ كتابه وسُنة نبيِّه - [IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/Mahmoud/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/07/clip_image001.gif[/IMG]- وأن يوفِّقك للعملبهما في حياتك كلها.

لتعلمي أولاً - أختَنا السائلة - ولْتعلَم كلُّ أم ووليأمر: أن حفظ القرآن ليس بواجبٍ في ذاته، كما نص على ذلك علماؤنا - رحمهم الله - وإنما يكون حفظه شرطًا لمن أراد طلب العلم الشرعي، الذي لا يمكن فهمه إلا به؛ قالابن عبدالبر في "جامع بيان العلم": "أول العلم حفظُ كتاب الله - عز وجل - وتفهُّمه،وكل ما يُعين على فهمه فواجبٌ طلبُه معه، ولا أقول: إن حفظه كله فرض؛ ولكني أقول إنذلك شرط لازم على مَن أحبَّ أن يكون عالمًا فقيهًا، ناصبًا نفسَه للعلم، ليس من بابالفرض". اهـ.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في "مجموع الفتاوى": "وأما طلبُ حفظ القرآن، فهو مقدَّمٌ على كثير مما تسميه الناسُ علمًا، وهو إماباطل، أو قليل النفع، وهو أيضًا مقدَّم في التعلم في حق مَن يريد أن يتعلَّم علمالدين من الأصول والفروع، فإن المشروع في حق مِثلِ هذا في هذه الأوقاتِ أن يبدأبحفظ القرآن؛ فإنه أصل علوم الدين". اهـ.

وعلى أولياء الأمور أن يحفِّزواأبناءهم على حفظِه وفهمِه، وتدبُّره والعمل به، بكل الوسائل، وشتى الطرق، محافظينفي ذلك على الأسلوب الأمثل في الدعوة إلى المعروف؛ من خلال قوله تعالى: {ادْعُإِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْبِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِوَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [النحل: 125].

وهذا ينطبق على دعوتنالأبنائنا وغيرهم من الناس؛ فهو أمر عام يشمل الجميع من المدعوين.

ولا شك أنالشرع قد أعطى للوالدين من أساليبِ التربية ما يمكِّنهما من تأنيب الأبناء وزجرهم،بالطرُق التي تؤدِّي إلى صلاحهم؛ فهذا رسول الله - [IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/Mahmoud/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/07/clip_image001.gif[/IMG]- يرى الْحَسَن بن عَلِىٍّ، وقدأَخَذَ تَمْرَةً مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ، فَجَعَلَهَا في فِيهِ، فَقَالَ رَسُولُاللَّهِ - [IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/Mahmoud/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/07/clip_image001.gif[/IMG]-: ((كِخْ كِخْ! ارْمِ بِهَا؛ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّا لاَ نَأْكُلُالصَّدَقَةَ؟!))؛ متفق عليه.

لكن ينبغي أن يكون ذلك بقدر الحاجة إليه؛ لأنالشدة في التربية كالدواء، لا يُستعمل إلا عند الحاجة، فمَن أفرط فيها دون حاجة،عاد ذلك بالضرر، كما أن التفريط فيها قد يؤدِّي إلى نفس النتيجة، كما يُراعى في ذلكالسنَّ الذي بلغه الصبي؛ فلكل مرحلة ما يناسبها، قال الشاعر:


فَقَسَالِيَزْدَجِرُوا وَمَنْ يَكُ رَاحِمًا فَلْيَقْسُ أَحْيَانًا عَلَى مَنْ يَرْحَمُ


وقال أبو عبدالله محمد بن مفلح المقدسي الحنبلي – رحمه الله – في "الآداب الشرعية": "فَصْلٌ فِيمَا يَجُوزُ مِنْ ضَرْبِ الْأَوْلَادِ بِشَرْطِهِ: قَالَ إسْمَاعِيلُ بْنُ سَعِيدٍ: سَأَلْت أَحْمَدَ عَمَّا يَجُوزُ فِيهِ ضَرْبُالْوَلَدِ، قَالَ: الْوَلَدُ يُضْرَبُ عَلَى الْأَدَبِ، قَالَ: وَسَأَلْت أَحْمَدَ: هَلْ يُضْرَبُ الصَّبِيُّ عَلَى الصَّلَاةِ، قَالَ: إذَا بَلَغَ عَشْرًا، وَقَالَحَنْبَلٌ: إنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: الْيَتِيمُ يُؤَدَّبُ وَيُضْرَبُضَرْبًا خَفِيفًا، وَقَالَ الْأَثْرَمُ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ضَرْبِالْمُعَلِّمِ الصِّبْيَانَ، فَقَالَ: عَلَى قَدْرِ ذُنُوبِهِمْ، وَيَتَوَقَّىبِجَهْدِهِ الضَّرْبَ، وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا لَا يَعْقِلُ، فَلَا يَضْرِبُهُ". اهـ.

وبهذا يُعلَم أن المعاملة بين الأبوين في تعليم أبنائهم تختلف من شخصلآخرَ؛ فواحدٌ تُصلحه الشدة، وآخرُ لا يصلحه ذلك، ويكون التقدير في هذه الحالة لمنباشَرَ الأمرَ بنفسه من المعلمين والآباء وأولياء الأمور.

وراجعي في موقعنافتوى: "حكم ضرب الطلاب والطالبات للتأديب"، ومقالة: (ضرب الأطفال وسيلة بناء أوهدم).

واللهَ نسأل أن يهدي الجميع لما فيه الصلاح والهدى، والسداد والرشاد
التوقيع

https://www.facebook.com/salwa.NurAl...?ref=bookmarks

رد مع اقتباس
  #18  
قديم 04-07-2012, 01:35 AM
أم كريم أم كريم غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

البحث عن مراجع خاصة فيالمواريث"

السؤال:

السلام عليكم و رحمة الله،
أقوم ببحث في (قسمةالتَّرِكة قبل الموت)، لكن لم أهْتَدِ إلى مراجع علمية كافية، سواء قديمة أم حديثة, وكذلك أوَدُّ أن أُلِمَّ برسائل الماجستير أو الدكتوراه التي بحثت في الموضوع،بَحثْتُ في (الإنترنت)، لكن لم أحْظَ بما أريد، فكل ما أتحصَّل عليه من معلومات هوفتاوى لعلماء، لكن أنا أريد بحثًا علميًّا, فأرجو توجيهي لكتب قديمة أو حديثة، أوطريقة نافعة للبحث، وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله والصلاةوالسلام على رسول الله، وبعد:
فنسأل الله أن يُثيبَك خيرًا على ما تقوم به منبحث يتصل بعلوم الشريعة، وأن يَكْتُبَ لك أجر طلاَّب العلم ومعلِّميه، وأنيحْشُرَنا وإياك يوم القيامة بصحبة نبيِّنا محمد - [IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/Mahmoud/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/07/clip_image001.gif[/IMG]- في أعلى درجاتالجِنان.

إن الله - عزَّ وجلَّ - بيَّن قَسْم الميراث بنفسه؛ فقال: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11]، وهذا مما يدُلُّ على فضلها وخطَرِها.

قال حافظ بن أحمدالحَكَمي - رحمه الله - في "المنظومة الميمية في الوصايا والآدابالعلميَّة":

وَبِالْفَرَائِضِ نِصْفَ العِلْمِ فاعْنَ كَمَا أَوْصَىالإِلَهُ وَخَيْرُ الرُّسْلِ كُلِّهِمِ
مِنْ فَضْلِهَا أَنْ تَوَلَّى اللهُقِسْمَتَهَا وَلمَ ْيَكِلْهَا إلى عَرَبٍ ولا عَجَمِ


وتوَعَّدَ من خرجعن هذه القسمة فقال: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَاوَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّحُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ} [النساء: 13 - 14].

وتوزيع المورث تركتَه على الورثة قبل وفاته يحتمل - بناء على سؤالك - أحدَ معنيَيْن:
الأول: أن يقوم المورِّث بكتابة تركته للوَرَثة على هيئةوصيَّةٍ، لا تنفَّذ إلا بعد موته، فإذا كان ذلك دفعًا لما قد يحصل من نزاع بينهم فياختصاص كلٍّ منهم بنصيبٍ معيَّن، فيخصِّص لكل منهم نصيبًا معيَّنًا قبل موته، غيرمتعدٍّ فيه على المقرَّر له شرعًا - فلا مانع من ذلك مادام القصد حسنًا، مع تجنُّبالإضرار بنفسه.

أما إذا كانت كتابتها على خلاف أَنْصِبَة الميراثالشرْعِيَّة؛ فهي وصيَّةٌ باطلةٌ، يدُلُّ على بُطلانِها ما ورد عن أبي أُمَامَةَالباهلي - رضي الله عنه - قال: سمعتُ رسولَ اللَّه - [IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/Mahmoud/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/07/clip_image001.gif[/IMG]- يقول: ((إنَّ الله قدأعطى كلَّ ذي حقٍّ حقَّهُ؛ فلا وصيَّةَ لوارثٍ))؛ رواه أحمد وأبو داود والنَّسائيوابن ماجه وغيرهم.

الثاني: أن يقوم المورِّث بتوزيع ما يملكه على الوَرَثةحالَ حياته، ويُمَلِّكُهُ لهم مِلْكًا تامًّا على سبيل الهبة أو العطيَّة، ولعل هذاهو مراد السائل.

فإذا كان الحال كذلك؛ فلتعلم أن العلماء - رحمهم الله - اختلفوا في ذلك:
فذهب الحنفية والمالكية والشافعية، ونقله ابن رجب في القواعد عنابن عقيل من الحنابلة - إلى أنَّ التَّسوِيَة بينهم في العطايا مستحبَّةٌ، وليستواجبة؛ لأن الصدِّيق - رضي الله عنه – فضَّل عائشة - رضي الله عنها - على غيرها منأولاده في هبةٍ، وفضَّل عمر - رضي الله عنه - ابنَه عاصمًا بشيءٍ من العطيَّة علىغيره من أولاده.

ولأن في قوله - [IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/Mahmoud/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/07/clip_image001.gif[/IMG]- في بعض روايات حديث النعمان بن بشير - رضي الله عنهما -: ((فأَشْهِدْ على هذا غيري)) ما يدُلُّ على الجواز.

وذهبالحنابلة، وأبو يوسف من الحنفية، وهو قول ابن المبارك، ومذهب الظاهرية، وذكَرَ ابنحزم في "المُحَلَّى": أنه قول أبي بكر وعمر وعثمان وقيس بن سعد وعائشة ومجاهدوطاووس وعطاء وغيرهم، ورواية عن الإمام مالك - رحمه الله - إلى وجوب التسوية بينالأولاد في الهبة، فإن خصَّ بعضهم بعطيَّة، أو فاضَلَ بينهم فيها؛ أَثِمَ،ووَجَبَتْ عليه التَّسوية بأحد أمرَيْن: إما برَدِّ ما فضَّل به البعض، وإما بإتمامنصيب الآخر؛ لما في "الصحيحين" عن النعمان بن بشير - رضي الله عنهما - قال: "وَهَبَني أبي هبةً؛ فقالت أمي عَمْرَة بنت رَواحة - رضي الله عنها -: لا أرضى حتىتُشْهد رسول الله - [IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/Mahmoud/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/07/clip_image001.gif[/IMG]- فأتى رسول الله - [IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/Mahmoud/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/07/clip_image001.gif[/IMG]- فقال: يا رسول الله،إن أمَّ هذا أعجبها أن أُشْهِدَك على الذي وهبتُ لابنها؛ فقال - [IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/Mahmoud/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/07/clip_image001.gif[/IMG]-: ((يا بشير، أَلَكَ ولدٌ سوى هذا؟)). قال: نعم؛ قال: ((كلُّهم وَهَبْتَ له مثلهذا؟)). قال: لا؛ قال: ((فأَرْجِعْهُ)). وفي روايةٍ قال: ((اتقوا الله، واعدلوا بينأولادكم)). وفي روايةٍ أخرى: ((لا تُشْهدني على جَوْر!! إن لِبَنِيكَ من الحقِّ أنتعدل بينهم)). وفي روايةٍ: ((فأشْهِدْ على هذا غيري)).

ولأن في التَّسويةتأليف القلوب، والتفضيل يُورِث الوَحْشَة بينهم؛ فكانت التَّسويةأوْلى.

وروي عن الإمام مالك - رحمه الله - تحريم التَّفضيل إذا لم يكنللوالد مالٌ غيره.

هذا هو حكم المسألة إجمالاً.

فإذا كان الورثةذكورًا وإناثًا؛ فقد اختلفوا في معنى التَّسوية بينهم؛ فذهب جمهور الفقهاء إلى أنمعنى التَّسوية بين الذكر والأنثى من الأولاد: العدل بينهم في العطيَّة، بدونتفضيلٍ؛ كحالة انفراد الذكور; لأن الأحاديث الواردة في ذلك لم تفرِّق بين الذكروالأنثى.

وذهب الحنابلة، والإمام محمد بن الحسن من الحنفية، وهو قول مرجوحٌعند الشافعية - إلى أن المشروع في عطيَّة الأولاد القسمة بينهم على قدر ميراثهم؛أي: للذكر مثل حظِّ الأنثَيَيْن; لأن الله - سبحانه وتعالى - قَسَمَ لهم في الإرْثِهكذا، وهو خَيْرُ الحاكمين، وهو العدل المطلوب بين الأولاد في الهباتوالعطايا.

وإن سَوَّى بين الذكر والأنثى، أو فضَّلها عليه، أو فضَّل بعضَالبنين أو بعض البنات على بعض، أو خَصَّ بعضهم بالوَقْف دون بعض - فقال أحمد فيرواية محمد بن الحكم: "إن كان على طريق الأثرة فأكْرَهُه، وإن كان على أنَّ بعْضَهمله عيالٌ وبه حاجة؛ فلا بأس به"، وهو المنقول عن المتأخِّرين منالحنفية.

والذي نراه راجحًا من ذلك - والله أعلم -:
أن يترك الأمر على ماهو عليه، ويُبْقِي ماله معه، فإذا مات قُسِّم المال على الوَرَثَة الموجودين حينوفاته بحسب القسمة الشرعية، والإنسان لا يدري مَنِ الذي سيموت أولاً؛ حتى يقسمأمواله على ورثته، وقد يطول به العمر ويحتاج إلى هذا المال، لكن إذا دعت الحاجة إلىتفضيل بعض الأبناء؛ فلا نرى مانعًا من القسمة مع التفضيل، وهي الرواية السابقنقلُها عن أحمد، واختارها ابن تيمية وابن قدامة، والتفضيلُ دون قسمة المال كلهأفضل؛ ليُبْقِي الوالدُ لنفسه شيئًا من المال يقيم به ضرورات حياته.

وراجعلمعرفة أقوال الفقهاء في ذلك:
بدائع الصنائع (6/127)، ورد المحتار (4/444)،والخرشي على مختصر خليل (7/82)، وحاشية العدوي (2/262)، وحاشيتا قليوبي وعميرة (3/114)، والغرر البهية (3/393)، والمغني (5/388)، والفتاوى الكبرى (5/435)،والفروع (4/644)، والقواعد لابن رجب (ص320)، والإنصاف (7/142)، والمحلى (8/95).

وبهذا يتبيَّن لك أن المسألة مبثوثة أحكامُها في ثنايا كتب الفقه،عند أهل المذاهب الأربعة وغيرهم.

كما يمكنك الرجوع إلى كثير من الكتبالمصنفة في علم المواريث قديمًا وحديثًا ومنها:
- "
متن الرَّحْبِيَّة"، للإمامالرَّحْبِي، مع شروحه وحواشيه.
- "
الفوائد الجليَّة في المسائل الفرضيَّة"،للعلامة عبد العزيز بن باز - رحمه الله.
- "
تلخيص فقه الفرائض"، للشيخ ابنعثيمين - رحمه الله.
- "
مباحث في علم المواريث"، للشيخ الدكتور مصطفى مسلم.
- "
فقه المواريث وكتابه الفرائض"، للشيخ عبدالكريم اللاَّحم.
-
كتاب الشيخالفوزان - حفظه الله - وهو كتابٌ واسعٌ في هذا الباب.
-
بحث للدكتور أحمد محمدالسعد في "مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية"، في العدد الثالث والثلاثين، ديسمبر 1997م - 1418هـ.
-
قراءة كتاب "الهبات والعطايا" في كتب الفقه المختلفة.
-
آراء العلماء في حكم التسوية بين الأولاد (رسالة ماجستير)؛ لعبدالله بن محمد بنناصر الحمُّود، جامعة الإمام، المعهد العالي للقضاء، الشريعة الإسلامية، 1397هـ.
-
مسئولية الأب المسلم في تربية الولد في مرحلة الطفولة (رسالة ماجستيرمن جامعة أم القرى)، لعدنان بن حسن بَلْحارث.
- "
الطفل في الإسلام"، محمودالشرقاوي، الناشر: دار المجتمع، جدة، ط1، 1410هـ، الناشر: قطاع الإعلام والثقافةبرابطة العالم الإسلامي، مكة المكرمة، عام 1414هـ.
- "
أثر التربية الإسلامية فيأمن المجتمع الإسلامي"؛ للدكتور عبدالله بن أحمد قادري، الناشر: دار المجتمع، جدة،ط1، عام 1409هـ.

والله أعلم.
التوقيع

https://www.facebook.com/salwa.NurAl...?ref=bookmarks

رد مع اقتباس
  #19  
قديم 04-07-2012, 01:36 AM
أم كريم أم كريم غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

محتارة في أمرها بالوعد من شاببالزواج"

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
سؤاليباختصارٍ شديد:
أنا أعرف شابًّا منذ فترةٍ ليستْ طويلة، قَرَّر أن يَتَقَدَّملِخِطْبتي في الفترة الأخيرة؛ لكن حاليًّا لا أعلم ما المشكلة بالضبط؟
علمتُمِن إحدى أخواته أنهم سوف يتقدمون لي، المشكلة أنني لا أعرف ماذا أفعل؟ لأنَّه فيالفترة الأخيرة لم يحدثني عن هذا الموضوع نهائيًّا، وأنا خائفة أن تكبرَ القصة،ويزول ما بيننا، وكلي أمل أن يكونَ ما قاله حقيقة.

أرجو إفادتي، ولكم جزيلالشُّكْر.


الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله،وبعدُ:
ابنتي الصغيرة، حياكِ الله، ومرحبًا بكِ في موقعنا "الألوكة"، وأسألاللهَ أن يشرحَ صدركِ، وييسرَ لكِ الخير حيث كان، ويهيئ لكِ مِن أمركِرشدًا.

إنكِ - يا ابنتي - لا تزالينَ في مُقتبل عمركِ، ولا تزال فُرَصالنَّجاح في حياتكِ كثيرةً ووفيرةً؛ سواء كانتْ فُرصة الزَّواج أم غيرها، والمرءُمنَّا مُكَلَّفٌ بالسَّعي، بحسب ضوابط الشرع؛ ليحصلَ على ما يريد، فالآجالُ مضروبة،والأرزاق مقسومة، والآثار محصية ومعدودة؛ فعن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قالتْ أم حبيبة - رضيَ الله عنها - زَوْجُ النبي - [IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/Mahmoud/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/07/clip_image001.gif[/IMG]-: "اللهم أمتعني بزوجيرسولِ الله، وبأبي أبي سفيان، وبأخي معاوية"، فقال: ((سألتِ الله لآجال مضروبة،وأيام معدودة، وأرزاق مقسومة، لن يعجِّل شيئًا منها قبل أجله، ولا يؤخِّر، ولو كنتِسألتِ الله أن يعيذكِ منَ النار وعذاب القبر، كان خيرًا وأفضل))؛ رواهمسلم.

وفي الحديث: ((إنَّ رُوح القدس نَفَث في روعي: أنَّ نفسًا لن تموتَحتى تستكملَ رزقها، فاتقوا الله، وأجملوا في الطَّلَب))؛ قال الألباني في تخريج "مشكلة الفقر": صحيح، أخرجه أبو عبيد في "غريب الحديث"، والقضاعي في "مسند الشهاب" بسند صحيح، وأخرجه الحاكم، وورد بلفظ: ((لا تستبطئوا الرِّزق، فإنَّه لن يموتَالعبد حتى يبلغه آخر رزق هو له، فأجملوا في الطلب، أخذ الحلال وترك الحرام))؛ أخرجهابن حبان، والحاكم، وأبو عبدالرزاق، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ووافَقَهالذَّهَبي.

فلا تشغلي نفسكِ بما قضى الله وقَدَّر، وجدِّي سعيًا فيما طلبمنكِ وأمر، واجتنبي ما نهاكِ عنه وزَجَر، وسأُلَخِّص لكِ ذلك فيأمور:

الأول: أنَّ من أهم أسباب تحصيل الزَّواج حَمْل النَّفس على العِفَّةوالاستقامة، والإكثار منَ الدُّعاء في أوقات الإجابة؛ قال الله - تعالى -: {وَإِذَاسَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَادَعَانِ} [البقرة: 186]، وفي الحديث: ((ليسألَ أحدكم ربَّه حاجته كلها، حتى يسألهشِسْعَ نعليه))؛ رواه أبو يعْلى، وقال مُحَقِّقه حسين أسد: إسنادُه صحيح على شرطمسلم، وحَسَّنَهُ الألباني في "المشكاة".

الثاني: أنَّ ما حصل بينكِ وبينهذا الشابِّ من علاقة أمْرٌ مستَقْبَح طبعًا، ومُحَرَّم شرعًا، فإنه يُفْضي - فيالغالب - إلى ما لا تُحمَد عقباه.

وراجعي لمعرفة هذا على موقعنا فتوى: "الحديث مع الفتيات بكلام غير فاحش"، واستشارة: "إحساس بِوَعْد".

ولعلَّتأخُّر هذا الشابِّ في التقدُّم لخطبتكِ؛ بسبب الذَّنب الذي أصبتماه قبل ذلك؛ فإنَّالقرآن الكريم والسنَّة النبويَّة قد دلاَّ على أنَّ الذُّنوب سبب من أسباب نزولالمصائب بالعبد، وحرمانه منَ الرِّزق؛ قال الله - تعالى -: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْمُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: 30]،وروى ابن ماجَهْ، وصَحَّحه السيوطي: أنه - [IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/Mahmoud/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/07/clip_image001.gif[/IMG]- قال: ((إنَّ العبد ليُحرَمَ منَالرِّزْق؛ بالذنب يصيبُه)).

فتوبي إلى الله، وأنيبي إليه، وثِقِي بعاجلفَرَجِه؛ فالتائبُ منَ الذَّنب كَمَنْ لا ذنب له؛ قال الله - تعالى -: {فَقُلْتُاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْمِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍوَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} [نوح: 11، 12].

الثالث: نوصيكِ بأن تصبري علىتأخُّر خطبتكِ؛ فإنَّ الله - عز وجل - يبتلي العبدَ ليرى صبره، وربما كان الابتلاءُبالإصابة بمكروه، وربما كان بفواتِ محبوب؛ ولقد قال النبي - [IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/Mahmoud/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/07/clip_image001.gif[/IMG]-: ((وما أعطي أحد عطاءخيرًا له وأوسع منَ الصَّبر))؛ رواه البخاري.

الرابع: لا نرى مانعًا مِن أنتندبي مَن تثقين به مِن محارمكِ للحديث مع هذا الشاب بأمر الزواج، أوِ اطلبي ذلك منأختِه؛ ليَتَبَيَّنَ لكِ ما هو عازم عليه، ولا مانع من هذا شرعًا؛ فقد عرض عمرابْنَتَه حفصة على أبي بكر وعثمان، وقد عرض بعض الصحابيات أنفسهنَّ على النبي - [IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/Mahmoud/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/07/clip_image001.gif[/IMG].

هذا إذا كان الشابُّ المذكور ممن يُرْتضى دينه وخلقه، أمَّا إذاكان بخلاف ذلك، فنصيحتُنا لكِ أن تُعْرِضي عنه، وسيبدلكِ الله خيرًامنه.

الخامس: إذا أعرض هذا الشابُّ عن خِطْبتكِ، فقد يكون إعراضُه خيرًالكِ؛ ففي الحديث، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله - [IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/Mahmoud/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/07/clip_image001.gif[/IMG]-: ((عجبتُ للمؤمن لايقضي الله له شيئًا إلاَّ كان خيرًا له))؛ رواه ابن حبَّان في صحيحه، قال الشيخالألباني: صحيح؛ انظر: "صحيح الجامع" (3985).

والصَّالحون غير هذا الرجلكثيرٌ، فلا تُعَلِّقي نفسكِ به، وقد نَبَّه الله على ذلك المعنى؛ فقال: {وَعَسَىأَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَاتَعْلَمُونَ} [البقرة: 216].

السادس: لقد ذكرتِ لنا في استشارتكِ خوفكِ منَالتمادي في هذه العلاقة دون فائدة، وهذا الخوف في محلِّه، فإنَّ هذا الشابَّ قديطيل العلاقة معكِ، ثم في النِّهاية يتزوج بغيركِ، ونحن وأنتِ لا شأن لنا بذلك؛ بلالواجبُ عليكِ الأَخْذ بزمام نفسكِ، وكبح جماحها بلجام الدِّين والعقل، وذلكبالمسارَعة بما نصحناكِ به في (الرابع).

نسأل اللهَ أن ييسرَ لكِ أمركِ، وأنيمنَّ عليكِ بالزوجِ الصالح، والحياة السعيدة المليئة بطاعة الله.


التوقيع

https://www.facebook.com/salwa.NurAl...?ref=bookmarks

رد مع اقتباس
  #20  
قديم 04-07-2012, 01:36 AM
أم كريم أم كريم غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

تعيش قصَّة حبٍّ مع قريبلها!"

السؤال:

أنا طالبة جامعية أكمل دراستي هذه السنة، أعيش قصَّةحبٍّ معقريب لي، وهو في الوقت الحالي عاطل عن العمل وبانتِظار تعْيِينه، كما أنَّهفي نفس عمري ولا نَعيش في نفس المنطقة.

منذ بداية تعارُفِنا وأنا دائمةالاتِّصال به، لا يمرُّ يوم دون أن أكلِّمه، نحن نحبُّ بعضنا جدًّا، ولكن مايُقلقني هو أنَّه نادرًا ما يتَّصل بي، في بعض الأحيان أقوم بتجاهُله لعله يتَّصلولكنَّه لا يفعل، وحين أكلِّمه يسألُني أين اختفيت، ويقول: إنه اشتاق لي جدًّا،صارحته بما يُقلقني فقال لي: أنت تعرفين أنِّي أحبك أكثر من نفسي، ولكن عليك أنتقدري ظروفي.

لا أعرف ماذا أفعل؟ هل أقلل من اتِّصالاتي؟ هل أتجاهلُهولكنِّي أخاف أن أظلِمه وأخسر حبَّ حياتي، أنا لا أشكُّ في حبِّه لي، ولكن أُريدهأن يظهره لي، ماذا أفعل؟ أرجوكم ساعدوني.


الجواب:

الحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
ابنتنا "الحائرة":

اعلمي - ابنتي - أنَّ الإسلام لا يعرِف علاقةً بين ذكر وأُنثى أجنبيَّين إلا بالزَّواج المستكمِللجميع شروطِه وأركانه، وما يسبق هذا الزَّواجَ من خِطبة ونحوها، ولكل مرحلة من هذهالمراحل المشروعة ضوابطُها وحدودُها، وقد بيَّنَّا ذلك في فتوى: "حكم مكالمة الخاطبعبر الهاتف"، وفتوى: "حكم علاقة الشاب بفتاة بقصد الزواج".

أمَّا الحب الذيوقع في نفسِك لقريبِك هذا، فلا يجوز التَّعبير عنْه بالصُّورة التي ذكرتِها؛ بليُمكنُك أن تُخبري بذلك من تثِقين به من أهلك أو الحميمات من صديقاتِك، أقارب هذاالشَّاب، بحيث يعرضون عليْه الأمر لاتِّخاذ خطوات إيجابيَّة نحو التقدُّم لخِطبتكمن أهلك.

هذا الذي نعرِفه في ديننا، أمَّا ما يحصُل منك الآن، فأوهام فيأوهام، لا يعلم حقيقةَ نهايتها إلا الله وحده.

وقد علِمْنا من الواقع أنَّمثل هذه القصص لا تنتهي غالبًا بالزَّواج، وإنَّما يكون مصيرها الفشل أو المشاكلالتي لا تُحمَد عقباها، فالسَّائر فيها إذًا على خطر عظيم.

أشعر أنَّ كلاميقد نزل عليْك كالصَّاعقة الحارقة، فقد كنت تأمُلين أن أسوِّغ لك الاتِّصال به، أوأجد لك حلاًّ لا يُبْعدك عنه، لكن كل ذلك لم يكُن.

وما ذاك مني بقصْدالتَّضييق عليْك، أو إدخال الألَم على نفسك التي شُغِفَت بِهذا الشَّاب حبًّا، رغمإعراضِه عنْك وانشغاله عن مبادرتِك بالاتِّصال، مع أنَّه لا عمل له كما ذكَرت، فكيفلو كان لديْه عمل يشغله؟!

ربَّما لم ينشغِل عنك، ولكنَّه يعلم أنَّ المحادثةمع الأجنبيَّة لا تجوز إلا بحدود الحاجة أو الضَّرورة، وإذا كان الأمر كذلكفلتعضِّي على مثل هذا بالنَّواجذ، فإنَّه في زمانِنا عزيز نادر، ولتتَّخذي الخطواتِالتي نصحْناك بها آنفًا.

أمَّا إن كان إعراضُه عنك ليس من خشية الله وطاعته،فاعلمي أنَّه فيك زاهد، وليس لك بِمُحبٍّ، وهذا دافع يقوِّي عزيمتك على ترْكمحادثته، بعد دافع الخوْف من الله - سبحانه وتعالى.

ابنتَنا "الحائرة":
لا داعي للحَيْرة؛ فقد انكشف لك الغطاء، واتَّضح الأمر، بحسب ماتقتضيه قواعد الشَّرع والعُرْف والعقل، ولا خيار لنا بعد ذلك إلا أن نقول: سمعناوأطعْنا غفرانك ربَّنا وإليك المصير.

ندعوك - ابنتَنا "الحائرة" - إلىالتَّوبة ممَّا مضى بتَرْكِه في الحال، والنَّدم عليْه فيما مضى من الزَّمان،والعزم على عدم العوْدة إليه في المستقبل؛ فإنَّ التَّائب من الذَّنب كمَن لا ذنبله، وسيجعل اللهُ لك - إن أطعْتِ أمره – مخرجًا؛ قال تعالى: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَيَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2، 3].

واللهَ نسأل أن يقسم لك من ذلك الخير، وأن يهديَ قلبك، ويشرح صدرَك،ويلهمك رشدَك.
التوقيع

https://www.facebook.com/salwa.NurAl...?ref=bookmarks

رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
., الشيخ, على, فتاوى, فضيلة, ونيس


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 03:41 AM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.