ملتقى نُصح المخالفين ، ونصرة السنة لرد الشبهات ، ونصح من خالف السنة ، ونصرة منهج السلف |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
الرد على شبهة الاحباش حول حديث ابن عمر في مسألة الاستغاثة
ورد عن ابن عمر في " الأدب المفرد " أنه إذا تخدَّرت قدمه ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ، فهل هذا العمل مشروع ؟ الجواب الحمد لله. أولا : مدار أسانيد هذا الأثر على أبي إسحاق السبيعي ، رواه عنه خمسة من أصحابه ، وهم : سفيان الثوري ، وزهير بن معاوية ، وشعبة ، وإسرائيل بن يونس ، وأبو بكر بن عياش . ولكنهم اختلفوا في رواية الأثر عن أبي إسحاق على أوجه : 1- سفيان الثوري وزهير بن معاوية ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الرحمن بن سعد قال : ( خدرت رجل ابن عمر ، فقال له رجل : اذكر أحب الناس إليك . فقال : محمد ) رواه البخاري في " الأدب المفرد " (رقم/964)، والدارقطني في " العلل " (13/242) عن سفيان الثوري باللفظ السابق ، إلا أنه عند الدارقطني بلفظ : " يا محمد ". ورواه علي بن الجعد في " المسند " (ص/369)، وإبراهيم الحربي في " غريب الحديث " (2/674)، وابن سعد في " الطبقات " (4/154)، وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (31/177)، عن زهير بلفظ : ( جئت ابن عمر فخدرت رجله فقلت : ما لرجلك ؟ قال : اجتمع عصبها . قلت : ادع أحب الناس إليك . قال : يا محمد . فبسطها ) . وهذا إسناد لا يثبت بسبب عبد الرحمن بن سعد القرشي العدوي الكوفي ، مولى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما – وفي " العلل " للدارقطني أنه مولى ابن الخطاب -، ترجمته في " الجرح والتعديل " (5/237)، وفي " تهذيب الكمال " (17/142) لم نقف فيها على جرح أو تعديل ، بل قيل ليحيى بن معين رحمه الله : " من عبد الرحمن بن سعد ؟ قال : لا أدري . " تاريخ ابن معين – رواية الدوري " (2953) وأما قولُ الحافظ ابن حجر في " التهذيب " (6/186): قلت : وقال النسائي: ثقة . فقد علق عليه الدكتور سعد الحميد حفظه الله بقوله : " أخشى أن تكونَ هذه عبارة النسائي التي قالها في الراوي الذي قبله ، وهو عبد الرحمن بن سعد المدني الأعرج ، فهو يشتبه معه في الطبقة ، ولذا ذكر المزِّي في "تهذيب الكمال" (17/139-140) توثيقَ النسائي للمدني الأعرج ، ولم يذكر توثيقه للكوفي مولى ابن عمر " انتهى . http://www.alukah.net/Fatawa_Counsels/3004/14542/ تنبيه : ذكر الدارقطني في " العلل " (13/242) أن زهير بن معاوية رواه عن أبي إسحاق ، عن عبد الجبار بن سعيد ، عن ابن عمر . ولم أقف على أصل الرواية . 2- شعبةُ ، عن أبي إسحاق ، عمَّن سمع ابن عمر قال : ( خَدِرَت رِجلُه ، فقيل : اذكر أحبَّ الناس ، قال : يا محمد ) . رواه إبراهيمُ الحربيُّ في " غريب الحديث " (2/673) . وفي إسناده ضعف بسبب إبهام الراوي عن ابن عمر رضي الله عنهما . 3- إسرائيلُ ، عن أبي إسحاق ، عن الهيثم بن حنش ، قال : ( كنا عند عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، فخَدِرَت رِجلُه ، فقال له رَجُل : اذكر أحبَّ الناس إليك : فقال : يا محمد ، قال : فقام ، فكأنما نَشِطَ من عِقال ) رواه ابنُ السني في " عمل اليوم والليلة " (رقم/169) وهذا إسناد ضعيف أيضا بسبب الهيثم بن حَنَش ، ترجمته في " التاريخ الكبير " (8/213)، وفي " الجرح والتعديل " (9/79)، وليس لأحد من أهل العلم فيه توثيق ولا تجريح ، فهو مجهول الحال كما مثل به الخطيب البغدادي في " الكفاية " (ص/88) على المجاهيل . ثم في الإسناد إلى إسرائيل راو اسمه محمد بن مصعب القرقساني ، ضعفه ابن معين والنسائي ، وقال ابن حبان : ساء حفظه ، فكان يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل ; لا يجوز الاحتجاج به . ووثقه آخرون . تنبيه : ذكر الدارقطني في " العلل " (13/242) أن إسرائيل رواه عن أبي إسحاق ، عن ابن عمر مرسلا . ولم أقف على الرواية . 4- أبو بكر بن عياش ، ثنا أبو إسحاق السَّبيعي ، عن أبي شعبة قال : ( كنت أمشي مع ابن عمر رضي الله عنهما ، فخَدِرَت رِجلُه ، فجلس فقال له رَجُل : اذكر أحبَّ الناس إليك ، فقال : يا محمَّداه ، فقام فمشى ) رواه ابن السني أيضًا في " عمل اليوم والليلة " (رقم/168) وهذا إسناد ضعيف أيضا لا يدرى فيه من هو " أبو شعبة " هذا ، وأبو بكر بن عياش فيه كلام. والحاصل أن هذه الأسانيد لا تخلو من علل ثلاثة : 1- اشتمال كل منها على أحد الرواة المجاهيل ، وذلك في طبقة من يحدث عنهم أبو إسحاق السبيعي ، وهم : عبد الرحمن بن سعد ، والهيثم بن حنش ، وأبو شعبة ، وراو آخر مبهم . 2- ثم إن سماع أبي إسحاق السبيعي عن كل من هؤلاء الأربعة غير مثبت في الكتب ، ومعلوم أن أبا إسحاق مشهور بالتدليس ، حتى ذكره الحافظ ابن حجر في الطبقة الثالثة من طبقات المدلسين ، وذلك في كتاب : " تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس " (ص/42)، فيخشى أنه استعمله في بعض هذه الموضع أيضا ، فقد روى الحديث بالعنعنة ولم يصرح بالسماع ، وإن كانت عنعنعة أبي إسحاق الأصل فيها القبول ، غير أن استعمالها هنا في طبقة الشيوخ المجاهيل مدعاة إلى الريبة والتوقف . 3- اختلاف الرواة على أبي إسحاق السبيعي قد يؤدي بالناقد إلى التوقف في صحته بسبب هذا الاضطراب ، خاصة وأن أبا إسحاق قد تغير حفظه ونسي في آخر عمره ، وإن كان بالإمكان ترجيح رواية سفيان الثوري لأنه أحفظ الرواة عن أبي إسحاق ، لكنه ترجيح ظنِّي قد لا يسلم . يقول الدكتور سعد الحميد حفظه الله : " أرجح هذه الطرق رواية سفيان الثوري " انتهى. ويقول الشيخ أبو إسحاق الحويني حفظه الله : " والمعتمد رواية الثوري " انتهى من " الفتاوى الحديثية ". ويقول الشيخ صالح آل الشيخ : " سفيان من الحفاظ الأثبات ، فنقله خبر أبي إسحاق بهذا اللفظ يدل على أنه هو المحفوظ ، وسواه غلط مردود " انتهى من " هذه مفاهيمنا " (ص/52) ولا يتقوى أثر ابن عمر بما رواه ابن السني في " عمل اليوم والليلة " (رقم/169) قال : حدثنا جعفر بن عيسى أبو أحمد ، ثنا أحمد بن عبد الله بن روح ، ثنا سلام بن سليمان ، ثنا غياث بن إبراهيم ، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن مجاهد ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : خَدِرَت رِجلُ رَجُل عند ابن عباس ، فقال ابنُ عباس : اذكر أحبَّ الناس إليك ، فقال : محمد صلى الله عليه وسلم ، فذهب خَدَرُه . وذلك لأنها رواية شديدة الضعف بسبب غياث بن إبراهيم ، قال فيه أحمد بن حنبل : ترك الناس حديثه . وقال البخاري : تركوه . انظر : " ميزان الاعتدال " (5/406)، وفيه أيضا ضعفاء آخرون . وقد ضعف الأثر الشيخ الألباني رحمه الله في " ضعيف الأدب المفرد "، والشيخ بكر أبو زيد رحمه الله حيث يقول : " لا يصح في الذكر أو الدعاء عند خدر الرجل أثر ، ولم يرد فيه حديث مرفوع " انتهى من " تصحيح الدعاء " (ص/362) ثانيا : ذكر أحب الناس إلى ابن عمر ، وهو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لم يرد – على فرض صحته - على سبيل الاستغاثة به عليه الصلاة والسلام ، وإنما ورد على سبيل الذكر المجرد ، وفرق عظيم بين الأمرين . فالذكر المجرد هو الذي قصده بعض العلماء الذين أثبتوا هذا الأثر في كتبهم ، كالإمام النووي في " الأذكار " (ص/305)، وابن تيمية في " الكلم الطيب " (ص/96) وغيرهم ، فقد كان هذا النوع من علاج الخدر مستعملا لدى العرب قديما ، يرون ذكر الحبيب مهيجا للدم في العروق ، فيكون سببا في ذهاب الخَدَر ، وفي شواهد الشعر العشرات من الأبيات التي تدل على هذا النوع من العلاج العربي ، يمكن مراجعتها في كتاب " بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب " للألوسي (2/320-321) أما الاستغاثة فتعني أن ابن عمر سأل الشفاء العاجل من خدر الرجل من النبي صلى الله عليه وسلم ، وليس من الله تعالى ، وسؤال الشفاء لا يجوز أن يتوجه إلا لله عز وجل ، فهو الذي بيده الضر والنفع ، وهو الرب المتصرف في الكون كله ، وقد أمرنا سبحانه بسؤاله هو دون سؤال أحد من خلقه – فيما لا يقدر عليه إلا الله – فقال سبحانه : ( وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا . وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا . قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا . قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا ) الجن/18-20. يقول الشيخ أبا بطين رحمه الله : " فإن صح فلعل الله سبحانه وتعالى جعل في ذكر النبي صلى الله عليه وسلم عند هذا الأمر خاصية والله أعلم ، ولم يقل : يا محمد أزل خدري ، أو أشكو إليك خدر رجلي ، كما قد احتج بهذا من يجوز دعاء النبي صلى الله عليه وسلم والاستغاثة به ، وسؤاله قضاء الحاجات ، وتفريج الكربات " انتهى من " رسائل وفتاوى أبا بطين " (ص/199) ومن أراد أن يستدل بهذا الأثر على جواز الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم فقد أبعد النجعة ، وادعى ما ليس في الأثر ، وأسقط جميع أصول الاستدلال وقواعد فهم الآثار ، وتأمل قول الرجل : " اذكر "، ولم يقل : " استغث "، ولا " ادع " إلا في رواية زهير بن معاوية عن أبي إسحاق قال : ادع أحب الناس إليك ، ولكن لا شك أن رواية سفيان الثوري أولى وأوثق ؛ لأنه أحفظ وأثبت في أبي إسحاق السبيعي ، ولأن زهير بن معاوية سمع من أبي إسحاق بعد تغير حفظه في كبر سنه أيضا ، فيخشى أن يكون هذا من ذلك . ثالثا : على فرض صحة قول ابن عمر : " يا محمد " أيضا – مع أن رواية سفيان الثوري ليس فيها النداء – فذلك لا يلزم منه الاستغاثة ، وإنما يحمل على إرادة استحضار شخص النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة عليه ، فيكون التقدير : يا محمد صلى الله عليك . كما قدره ابن حجر الهيتمي في " الدر المنضود " (ص/236) قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " قوله : ( يا محمد يا نبي الله ) هذا وأمثاله نداء يطلب به استحضار المنادى في القلب ، فيخاطب المشهود بالقلب ، كما يقول المصلي : ( السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ) والإنسان يفعل مثل هذا كثيرا ، يخاطب من يتصوره في نفسه وإن لم يكن في الخارج من يسمع الخطاب " انتهى من " اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم " (2/319) رابعا : قوله : ( اذكر أحب الناس إليك ) لا يلزم أن يكون جوابه واحدا لدى جميع من تخدر أرجلهم ، فقد يذكر أحدهم اسم زوجته ، وآخر يذكر اسم والده ، وثالث يذكر اسم صديقه ، ثم قد يكون هذا المذكور ليس من الصالحين ، ولا من العباد المتقين ، بل قد يكون فاسقا لا يلتزم بأحكام الدين ، فكيف يقال : إن الاستغاثة به ، أو حتى ذكر اسمه : سيكون سببا في ذهاب الخدر مباشرة عن الجسم ؟!! والحاصل أنه لا يصح في هذا الباب شيء . والله أعلم .
|
#2
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله واله رد مختصر: خدر رجل ابن عمر (من موقع الصوفية) يستدل الصوفية على جواز طلب المدد والغوث من الأموات ، بحديث أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن سعد قال: كنت عند عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فخدرت رجلُه ، فقلتُ له: يا أبا عبد الرحمن ما لرجلك.؟ قال: اجتمع عصبها من ها هنا. قلت: ادع أحب الناس إليك. قال: يا محمد. فانبسطت. رواه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" رقم: (167ـ 168ـ 169ـ171). وابن الجعد في مسنده: رقم: (2539) وابن منيع في الطبقات الكبرى: (4ـ154) وهذا الحديث إسناده ضعيف وفيه علل كثيرة: منها: أن مدار الحديث على أبي إسحاق السبيعي ، وهو مدلس، ولم يصرح بالسماع ممن فوقه. ومنها: أن أبا إسحاق قد اختلط، ومما يدل على تخليطه في هذا الحديث أنه رواه تارة عن أبي سعيد وتارة عن عبد الرحمن بن سعد ، وتارة عن الهيثم بن حبيش ، وهذا اضطراب يرد به الحديث. وأمثل ما روي من أسانيده ، على تدليس أبي إسحاق السبيعي فيه، ما رواه البخاري في "الأدب المفرد" (964) قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا سفيان عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن سعد قال: خدرت رجل ابن عمر، فقال له رجل: أذكر أحب الناس إليك فقال: محمد. وهذه الرواية أصح ما روي، وأفادت فوائد: الأولى: قول ابن عمر: محمد، بدون حرف النداء، والشائع عند العرب- كما سيأتي- استعمال يا النداء في تذكر الحبيب ليكون أكثر استحضاراً في ذهن الخادرة رجله، فتنبسط. وابن عمر عدل عن الاستعمال الشائع إلى غيره لما في الشائع من المحذور. الثانية: أن تذكره للنبي صلى الله عليه وسلم، وأنه أحب الناس إليه هو الحق، لأنه لا يؤمن أحد حتى يكون الرسول صلى الله عليه وسلم أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين. بل ومن نفسه التي بين جنبيه. وهذا ما نعقد عليه قلوبنا، بهداية ربنا. الثالثة: أن سفيان من الحفاظ الأثبات، فنقله خبر أبي إسحاق بهذا اللفظ يدل على أنه هو المحفوظ، وسواه غلط مردود. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ، والحمد لله رب العالمين. منقول من موقع الصوفية رد مطول : خدر رجل ابن عمر الاحتجاج بخدر رجل ابن عمر واحتجوا بأن ابن عمر خدرت رجله فقيل له " أذكر أحب الناس إليك ، فقال " يا محمد " وزعم نبيل الشريف أن بعض المحرفين حذفوا ياء النداء من كتاب الأدب المفرد ([1]) . وهو مطالب بإثبات المخطوطة التي تثبت يا النداء من الكتاب المذكور. وقد ذكر الشيخ عبد الباسط الفاخوري مفتي بيروت الرواية وضبطها بدون ياء النداء وهذا الموافق لرواية سفيان ، وطبع كتابه بدار نشر حبشية، ولكن بتحقيق شيخ حبشي اسمه أسامة السيد اضطر إلى التعقيب على ذلك ([2]) . على أنني رجعت إلى النسخ المطبوعة والمحققة لكتاب " الأدب المفرد" وأهمها نسخة " فضل الله الصمد " التي قورنت بمخطوطات عديدة ولم يجد المحقق لفظ النداء ، وحتى وجودها في بعض النسخ دون الأخرى يبطل الاحتجاج بها لاحتمال عدم ورودها في الأصل . وما تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال. فلا سندها مقطوع بصحته ولا ثبوت لفظ (يا) مقطوع بصحته . فهاهنا إشكالات حول أصل مصداقية الرواية لا يجوز تجاوزها ، عليكم الإجابة عنها : فان تجاوزتموها وقعتم في مشاكل أخرى : 1) التحقق من النسخة المخطوطة . 2) صحة السند إلى ابن عمر. وأن يكون متواترا بحسب الاشتراط الأشعري لقبول الرواية في العقائد . 3) أن هناك روايتين متضادتين إحداهما متضمنة لياء النداء والأخرى لا تتضمنها فيجب الترجيح بين الروايتين قبل المسارعة إلى الاحتجاج بواحدة منهما. 4) مخالفة هذه الرواية للقرآن { فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا } وللسنة " إذا سألت فاسأل الله ". بل ولقول الصحابة قال سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب " لا تسأل أحدا غير الله " ([3]) . وقول الصحابي وفعله يجب أن يكون مقيدا بموافقة قول الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فإن خالفت هذين الأصلين وجب تركها ، وقد قال خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر الصديق " أطيعوني ما أطعت الله فيكم ، فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم ". فلا نترك كتاب الله وسنة رسوله وفعل جمهور الصحابة لفعل فرد منهم ، هذا إذا ثبت ذلك عنه بسند صحيح . 5) هب أن ( يا ) دعاء لغير الله فماذا قال رب ابن عمر ورسول ابن عمر وابن عبد الله بن عمر ؟ لقد قال تعالى { فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا } { قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا } { وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ } . وقال النبي صلى الله عليه وسلم لابن عمر " إذا سألت فاسأل الله " وقال " الدعاء هو العبادة " وهذه الآيات والأحاديث أصح سندا من رواية ابن عمر. ولا يترك قول الله ورسوله لقول ابن عمر إلا متحيز عديم الإنصاف مفضل لكلام غير الله ورسوله على كلام الله ورسوله. ومثل هذه الرواية إن صحت يجعلها الله فتنة للذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم ولا ليهديهم سبيلا . 6) مخالفة الرواية لعمل جمهور الصحابة حيث تركوا التوسل به صلى الله عليه وسلم بعد موته وتوسلوا بعمه ، حيث أصيب المسلمون في عهده بالقحط والجدب ، فلو جاز الاستغاثة بالنبيصلى الله عليه وسلم لمجرد خدر الرجل فالاستغاثة به عند وقوع المجاعة أولى ، ولو كانت الاستغاثة عند الصحابة جائزة لأجازوا التوسل به صلى الله عليه وسلم . غير أن الثابت عند البخاري أنهم تركوا التوسل به بعد موته. ثبت ذلك بأدلة أصح إسنادا من الأسانيد المشكلة التي تتمسكون بها وأوضح متونا منها. فكيف يترك الصحابة التوسل ويجيزون الاستغاثة ؟ وكيف تكون الاستغاثة به بعد موته جائزة عندهم وهم لم يجيزوا لأنفسهم التوسل به بعد موته وهو دون الاستغاثة ! 7) أن ابن عمر أصيب بالعمى ولم يعرف عنه أنه استغاث بالنبي صلى الله عليه وسلم فكيف يستغيث بالنبي لمجرد خدر الرجل ولا يستغيث به لما هو أعظم من خدر الرجل وهو ذهاب البصر، لو كانت الاستغاثة به جائزة لفعل . تذكر المحبوب عند خدر الرجل 8) أن الرجل قال لابن عمر " أذكر أحب الناس إليك " فأمره بتذكره ولم يقل له : استغث بأحب الناس إليك . فقال " محمد " أو " يا محمد " أي يا محمد أنت أحب الناس إليَّ ، فكانت إجابة ابن عمر مطابقة لسؤال من أمره بتذكر أحب الناس إليه . وأما أن تكون استغاثة فجواب ابن عمر يكون غير مطابق لمن سأله أن يذكره ولم يسأله أن يدعوه مع الله . ومن هذا الباب أوردها البخاري وابن تيمية وابن السني على فرض ثبوت لفظ النداء ، فلم يبن النووي ولا ابن علان ولا البخاري على رواية ابن عمر جواز الاستغاثة بغير الله ، وإنما كان شرح ابن علان للرواية دليلاً على بطلان تمويهاتكم كما سيأتي . كيف فهم أهل العلم هذه الرواية فذكر الحبيب عند الخدر كان أمراً شائعاً عند العرب ، وجاءت أشعارهم بهذه العادة الشائعة في استعمال ياء النداء عند تذكر الحبيب ، ويطلب به استحضار المنادى في القلب ، يستشفون بذكر الحبيب لإذهاب خدر الرجل ، فيقال لمن خدرت رجله تذكر أحب الناس إليك فيذكر اسمه لا على سبيل الاستغاثة به وإنما كما قال ابن علان "من حيث كمال المحبة بهذا المحبوب بحيث تمكن حبه من الفؤاد حتى إذا ذكره ذهب عنه الخدر ([4]) . وروى ابن السني قول الوليد بن عبد الملك في حبابة : أثيبى مُغرماً كلفاً محباً إذا خدرت له رجل دعاك ([5]) وقول جميل لبثينة : وأنت لعيني قرة حين نلتقي وذكرك يشفيني إذا خدرت رجلي وقول الموصلي : والله ما خدرت رجلي وما عثرت إلا ذكرتك حتى يذهب الخَدَرُ وقال أبو العتاهية : وتخدر في بعض الأحايين رجله فإن لم يقل يا عتب لم يذهب الخدر وقول آخر: صبّ محبّ إذا ما رِجلُهُ خدرَت نادىَ كُبَيْشَةَ حتى يذهب الخدر وقالت امرأة : إذا خدرت رجلي دعوت ابنَ مُصعب فإن قلت : عبد الله أجلى فتورها فإن كان هذا العمل صحيحاً فقد صححتم الجاهلية وزعمتم أن كل مشرك استغاث بحبيبته أغاثه حبيبه وان الله يرضى لجميل استغاثته ببثينة ، وهذا قمة الجهل المركب . هل ( يا محمد ) لمجرد النداء ؟ أما زعمهم أننا نكفر المسلم الموحد لقوله ( يا محمد ) لمجرد النداء. فان الأنبياء كانوا ينهون عن دعاء غير الله كقول إبراهيم عليه السلام { وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ } وقصدهم الدعاء الديني الذي يدعى فيه غير الله لكشف ضر أو جلب نفع بدعوى التقرب بالولي إلى الله . ونحن إذ نتكلم عن الدعاء فإنما نعني به هذا ، لا مجرد دعاء الزوجة بإحضار الطعام ! فسحقا لمن يعتمد التمويه والتلبيس ليضل الناس بغير علم. ونحن نشهد أن استعمال (يا) لمجرد النداء لا شرك فيه، وهو شبيه بقول المصلي " السلام عليك أيها النبي " أو للندبة كقول فاطمة رضي الله عنها لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبتاه : أجاب ربا دعاه، يا أبتاه : جنة الفردوس مأواه، يا أبتاه إلى جبريل ننعاه . وقول أبي بكر له لما مات: بأبي أنت وأمي "يا" رسول الله . وكقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر فأقبل الليل : يا أرض ربي وربك الله " . فأنتم تعلمون أن النزاع معكم ليس في هذا ، وإنما في النداء المتضمن طلب دفع الكرب وقضاء الحوائج ، وهو الذي ننكره عليكم ، أما أن يكون كل نداء لمجرد النداء محرم وكفر عندنا : فان الله استعمل ( يا ) المنادى في حق محمد صلى الله عليه وسلم لمجرد النداء ، فإنه يقول له حين يسجد تحت العرش " يا محمد ارفع رأسك . . . " فهذا نداء لا نحرمه . ولا نحرم أن يقول القائل ( يا محمد صلى الله عليك ) وإنما نحرم نداء قضاء الحوائج وكشف الضر. ياؤكم ليست لمجرد النداء ولكن : هل حقا (ياؤكم) لمجرد النداء أم لحاجة ، تريدون من غير الله قضاءها ، وضر تريدون كشفه، ومدد تريدون مدكم به كقولكم : المدد يا رفاعي شيء لله يا جيلاني اقضً حاجتي ، لا تردنا خائبين ، نشكوا إليك حالنا تعطف تكرم تلطف تحنن ! ونداء غير الله لدفع مضرة أو جلب منفعة فيما لا يقدر عليه الغير دعاء ، والدعاء عبادة ، وعبادة غير الله شرك يؤدي إلى سخط الله ، قد شهد بذلك شيخكم الرفاعي حين ذكر في كتاب " حالة أهل الحقيقة مع الله ص 92 " أن أحد الصوفية استغاث بغير الله فغضب الله منه وقال : أتستغيث بغيري وأنا الغياث " ؟ فلماذا يغضب الرب ؟ أليس لأن الاستغاثة بغيره شرك به . تغيير الصحابة ( أيها النبي) في التشهد بعد موته إلى (النبي) منقول
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|