النية في الصيام
33- تُشترط النية في صوم الفرض وكذا كلّ صوم واجب كالقضاء والكفارة لحديث: " لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل " رواه أبو داود رقم 2454 ورجح عدد من الأئمة وقفه كالبخاري والنسائي والترمذي وغيرهم: تلخيص الحبير 2/188
ويجوز أن تكون في أي جزء من الليل ولو قبل الفجر بلحظة . والنية عزم القلب على الفعل، والتلفظ بها بدعة وكل من علم أن غدا من رمضان وهو يريد صومه فقد نوى مجموع فتاوى شيخ الإسلام 25/215 . ومن نوى الإفطار أثناء النهار ولم يُفطر فالراجح أن صيامه لم يفسد وهو بمثابة من أراد الكلام في الصلاة ولم يتكلم، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يُفطر بمجرد قطع نيته، فالأحوط له أن يقضي . أما الردّة فإنها تُبطل النية بلا خلاف .
وصائم رمضان لا يحتاج إلى تجديد النية في كلّ ليلة من ليالي رمضان بل تكفيه نية الصيام عند دخول الشهر فإن قطع النية للإفطار في سفر أو مرض ـ مثلا ـ لزمه تجديد النية للصوم إذا زال عذره .
34- النفل المطلق لا تُشترط له النية من الليل لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال هل عندكم شيء فقلنا: لا فقال فإني إذا صائم . رواه مسلم 2/ 809 عبد الباقي وأما النفل المعيّن كعرفة وعاشوراء فالأحوط أن ينوي له من الليل .
35- من شرع في صوم واجب ـ كالقضاء والنذر والكفارة ـ فلا بدّ أن يتمّه، ولا يجوز أن يُفطر فيه بغير عذر . وأما صوم النافلة فإن " الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر " رواه أحمد 6/342 ولو بغير عذر، وقد أصبح النبي صلى الله عليه وسلم مرة صائما ثم أكل كما جاء في صحيح مسلم في قصة الحيس الذي أهدي إليه عند عائشة رقم 1154 عبد الباقي، ولكن هل يُثاب من أفطر بغير عذر على ما مضى من صومه ؟ قال بعض أهل العلم بأنه لا يُثاب الموسوعة الفقهية 28/13، والأفضل للصائم المتطوع أن يُتمّ صومه ما لم توجد مصلحة شرعية راجحة في قطعه .
36- من لم يعلم بدخول شهر رمضان إلا بعد طلوع الفجر فعليه أن يمسك بقية يومه وعليه القضاء عند جمهور العلماء لقوله صلى الله عليه وسلم: " لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل " . رواه أبو داود 2454
37- السجين والمحبوس إن علم بدخول الشهر بمشاهدة أو إخبار من ثقة وجب عليه الصيام وإلا فإنه يجتهد لنفسه ويعمل بما غلب على ظنّه فإن تبين له بعد ذلك أن صومه وافق رمضان أجزأه ذلك عند الجمهور وإذا وافق صومه بعد رمضان أجزأه عند جماهير الفقهاء وإذا وافق صومه قبل دخول الشهر فلا يُجزيه وعليه القضاء، وإذا وافق صوم المحبوس بعض رمضان دون بعض أجزأه ما وافقه وما بعده دون ما قبله . فإن استمرّ الإشكال ولم ينكشف له فهذا يجزئه صومه لأنه بذل وسعه ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها . الموسوعة الفقهية 28/84
الإفطار والإمساك
38- إذا غاب جميع قرص الشمس أفطر الصائم ولا عبرة بالحمرة الشديدة الباقية في الأفق لقوله صلى الله عليه وسلم: " إذا أقبل الليل من ههنا وأدبر النهار من ههنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم " رواه البخاري: الفتح رقم 1954 والمسألة في مجموع الفتاوى 25/216
والسنّة أن يعجّل الإفطار، وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يصلي المغرب حتى يُفطر ولو على شربة من الماء رواه الحاكم 1/432 السلسلة الصحيحة 2110 فإن لم يجد الصائم شيئا يُفطر عليه نوى الفطر بقلبه، ولا يمصّ أصبعه كما يفعل بعض العوامّ . وليحذر من الإفطار قبل الوقت فإن النبي صلى الله عليه وسلم رأى أقواما معلقين من عراقيبهم تسيل أشداقهم دما فلما سأل عنهم أُخبر أنهم الذين يُفطرون قبل تحلّة صومهم . الحديث في صحيح ابن خزيمة برقم 1986 وفي صحيح الترغيب 1/420، ومن تحقق أو غلب على ظنه أو شكّ أنّ فطره حصل قبل المغرب فعليه القضاء لأنّ الأصل بقاء النهار: فتاوى اللجنة الدائمة 10/287، وينبغي الحذر من الاعتماد على خبر الأطفال الصّغار والمصادر غير الموثوقة . وكذلك ينبغي الانتباه لفارق التوقيت بين المدن والقرى عند سماع الأذان في الإذاعة ونحوها .
39- إذا طلع الفجر وهو البياض المعترض المنتشر في الأفق من جهة المشرق وجب على الصائم الإمساك حالا سواء سمع الأذان أم لا . وإذا كان يعلم أنّ المؤذن يؤذن عند طلوع الفجر فيجب عليه الإمساك حال سماع أذانه، وأما إذا كان المؤذن يؤذن قبل الفجر فلا يجب الإمساك عن الأكل والشرب . وإن كان لا يعلم حال المؤذن أو اختلف المؤذنون ولا يستطيع أن يتبين الفجر بنفسه ـ كما في المدن غالبا بسبب الإنارة والمباني ـ فإن عليه أن يحتاط بالعمل بالتقويمات المطبوعة المبنية على الحسابات والتقديرات مالم يتبين خطؤها .
وأما الاحتياط بالإمساك قبل الفجر بوقت كعشر دقائق ونحوها فهو بدعة من البدع، وما يلاحظ في بعض التقاويم من وجود خانة للامساك وأخرى للفجر فهو أمر مصادم للشريعة .
40- البلد الذي فيه ليل ونهار في الأربع والعشرين ساعة على المسلمين فيه الصيام ولو طال النهار مادام يمكن تمييز ليلهم من نهارهم وفي بعض البلدان التي لا يمكن فيها تمييز ذلك يصومون بحسب أقرب البلدان إليهم مما فيه ليل أو نهار متميز .
المفطرات
41- المفطّرات ماعدا الحيض والنفاس لا يفطر بها الصائم إلا بشروط ثلاثة: ـ أن يكون عالما غير جاهل، ـ ذاكرا غير ناس، ـ مختارا غير مضطر ولامُكْرَه
ومن المفطّرات ما يكون من نوع الاستفراغ كالجماع والاستقاءة والحيض والاحتجام ومنه ما يكون من نوع الامتلاء كالأكل والشرب . مجموع الفتاوى 25/248
42- من المفطرات ما يكون في معنى الأكل والشرب كالأدوية والحبوب عن طريق الفم والإبر المغذية وكذلك حقن الدم ونقله .
وأما الإبر التي لا يُستعاض بها عن الأكل والشرب ولكنها للمعالجة كالبنسلين والأنسولين أو تنشيط الجسم أو إبر التطعيم فلا تضرّ الصيام سواء عن طريق العضلات أو الوريد، فتاوى ابن ابراهيم 4/189 والأحوط أن تكون كل هذه الإبر بالليل، وغسيل الكلى الذي يتطلب خروج الدم لتنقيته ثم رجوعه مرة أخرى مع إضافة مواد كيماوية وغذائية كالسكريات والأملاح وغيرها إلى الدم يعتبر مفطّرا فتاوى اللجنة الدائمة 10/190 والراجح أن الحقنة الشرجية وقطرة العين والأذن وقلع السنّ ومداواة الجراح كل ذلك لا يفطر مجموع فتاوى شيخ الإسلام 25/233، 25/245، وبخاخ الربو لا يفطّر لأنه غاز مضغوط يذهب إلى الرئة وليس بطعام وهو محتاج إليه دائما في رمضان وغيره . وسحب الدم للتحليل لا يُفسد الصوم بل يُعفى عنه لأنه مما تدعو إليه الحاجة فتاوى الدعوة: ابن باز عدد 979 ودواء الغرغرة لا يبطل الصوم إن لم يبتلعه، ومن حشا سنّه بحشوة طبية فوجد طعمها في حلقه فلا يضر ذلك صيامه من فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز مشافهة
وسائر الأمور التالية ليست من المفطّرات:
1. غسول الأذن، أو قطرة الأنف، أو بخاخ الأنف، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق .
2. الأقراص العلاجية التي توضع تحت اللسان لعلاج الذبحة الصدرية وغيرها إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق .
3. ما يدخل المهبل من تحاميل (لبوس)، أو غسول، أو منظار مهبلي، أو إصبع للفحص الطبي .
4. إدخال المنظار أو اللولب ونحوهما إلى الرحم .
5. ما يدخل الإحليل، أي مجرى البول الظاهر للذكر أو الأنثى، من قثطرة (أنبوب دقيق) أو منظار، أو مادة ظليلة على الأشعة، أو دواء، أو محلول لغسل المثانة .
6. حفر السن، أو قلع الضرس، أو تنظيف الأسنان، أو السواك وفرشاة الأسنان، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق .
7. المضمضة، والغرغرة، وبخاخ العلاج الموضعي للفم إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق .
8. الحقن العلاجية الجلدية أو العضلية أو الوريدية، باستثناء السوائل والحقن المغذية .
9. غاز الأكسجين .
10. غازات التخدير (البنج) ما لم يعط المريض سوائل (محاليل) مغذية .
11. ما يدخل الجسم امتصاصاً من الجلد كالدهونات والمراهم واللصقات العلاجية الجلدية المحملة بالمواد الدوائية أو الكيميائية .
12. إدخال قثطرة (أنبوب دقيق) في الشرايين لتصوير أو علاج أوعية القلب أو غيره من الأعضاء .
13. إدخال منظار من خلال جدار البطن لفحص الأحشاء أو إجراء عملية جراحية عليها .
14. أخذ عينات (خزعات) من الكبد أو غيره من الأعضاء ما لم تكن مصحوبة بإعطاء محاليل .
15. منظار المعدة إذا لم يصاحبه إدخال سوائل (محاليل) أو مواد أخرى .
16. دخول أي أداة أو مواد علاجية إلى الدماغ أو النخاع الشوكي .
43- من أكل أو شرب عامدا في نهار رمضان دون عذر فقد أتى كبيرة عظيمة من الكبائر وعليه التوبة والقضاء وإن كان إفطاره بمحرم كمسكر ازداد فعله شناعة وقبحا والواجب بكل حال التوبة العظيمة والإكثار من النوافل من صيام وغيره ليجبر نقص الفريضة ولعل الله أن يتوب عليه .
44- و" إذا نسي فأكل و شرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه" رواه البخاري فتح رقم 1933 وفي رواية: " فلا قضاء عليه ولا كفارة . "
وإذا رأى من يأكل ناسيا فإن عليه أن يذكّره لعموم قول الله تعالى وتعاونوا على البرّ والتقوى ولعموم قول الرسول صلى الله عليه وسلم:"فإذا نسيت فذكّروني " ولأن الأصل أن هذا منكر يجب تغييره . مجالس شهر رمضان: ابن عثيمين ص: 70
45- من احتاج إلى الإفطار لإنقاذ معصوم من مهلكة فإنه يُفطر ويقضي كما قد يحدث في إنقاذ الغرقى وإطفاء الحرائق .
46- من وجب عليه الصيام فجامع في نهار رمضان عامدا مختارا بأن يلتقي الختانان وتغيب الحشفة في أحد السبيلين فقد أفسد صومه أنزل أو لم يُنزل وعليه التوبة وإتمام ذلك اليوم والقضاء والكفارة المغلظة لما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل فقال يا رسول الله هلكت ، قال : مالك؟ ، قال : وقعت على امرأتي وأنا صائم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل تجد رقبة تعتقها ؟ قال : لا ، قال : فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين ، قال : لا ، قال : فهل تجد إطعام ستين مسكينا ؟ ، قال : لا ... الحديث رواه البخاري فتح 4رقم 1936 هذا والحكم واحد في الزنا واللواط وإتيان البهيمة .
ومن جامع في أيام من رمضان نهارا فعليه كفارات بعدد الأيام التي جامع فيها مع قضاء تلك الأيام ولا يُعذر بجهله بوجوب الكفّارة : فتاوى اللجنة الدائمة 10/321
47- لو أراد جماع زوجته فأفطر بالأكل أوّلا فمعصيته أشدّ وقد هتك حرمة الشهر مرتين ؛ بأكله وجماعه والكفارة المغلظة عليه أوكد وحيلته وبالٌ عليه وتجب عليه التوبة النصوح . أنظر مجموع الفتاوى 25/262
48- والتقبيل والمباشرة والمعانقة واللمس وتكرار النظر من الصائم لزوجته أو أمته إن كان يملك نفسه جائز ، لما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبّل وهو صائم ويباشر وهو صائم ولكنه كان أملككم لأَرَبه " ، أما حديث : " يدع زوجته من أجلي " فالمقصود به جماعها ، ولكن إن كان الشخص سريع الشهوة لا يملك نفسه فلا يجوز له ذلك لأنه يؤدي إلى إفساد صومه ولا يأمن من وقوع مفسد من الإنزال أو الجماع قال الله تعالى في الحديث القدسي : " ويدع شهوته من أجلي " . والقاعدة الشرعية : كل ما كان وسيلة إلى محرم فهو محرم .
49- وإذا جامع فطلع الفجر وجب عليه أن ينزع وصومه صحيح ولو أمنى بعد النزع ، ولو استدام الجماع إلى ما بعد طلوع الفجر أفطر وعليه التوبة والقضاء والكفارة المغلّظة .
50- إذا أصبح وهو جُنُب فلا يضرّ صومه و يجوز تأخير غسل الجنابة والحيض والنفاس إلى ما بعد طلوع الفجر وعليه المبادرة لأجل الصلاة .
51- إذا نام الصائم فاحتلم فإنه لا يفسد صومه إجماعا بل يتمّه ، وتأخير الغسل لا يضرّ الصيام ولكن عليه أن يبادر به لأجل الصلاة ولتقربه الملائكة .
52- من استمنى في نهار رمضان بشيء يُمكن التحرز منه كاللمس وتكرار النظر وجب عليه أن يتوب إلى الله وأن يُمسك بقية يومه وأن يقضيه بعد ذلك ، وإن شرع في الاستمناء ثمّ كفّ و لم يُنزل فعليه التوبة وليس عليه قضاء لعدم الإنزال ، وينبغي أن يبتعد الصائم عن كلّ ما هو مثير للشهوة وأن يطرد الخواطر الرديئة . وأما خروج المذي فالراجح أنه لا يُفطّر . وخروج الودي وهو السائل الغليظ اللزج بعد البول بدون لذة لا يُفسد الصيام ولا يوجب الغسل وإنما الواجب منه الاستنجاء والوضوء فتاوى اللجنة الدائمة 10/279
53- و" من ذرعه القيء فليس عليه قضاء ومن استقاء عمدا فليقض " . حديث صحيح رواه الترمذي 3/89 ومن تقيأ عمدا بوضع أصبعه أو عصر بطنه أو تعمد شمّ رائحة كريهة أو داوم النظر إلى ما يتقيأ منه فعليه القضاء ، ولو غلبه القيء فعاد بنفسه لا يُفطر لأنه بدون إرادته ولو أعاده هو أفطر . وإذا راجت معدته لم يلزمه منع القيء لأن ذلك يضره مجالس شهر رمضان : ابن عثيمين 67 ، وإذا ابتلع ما علق بين أسنانه بغير قصد أو كان قليلا يعجز عن تمييزه ومجّه فهو تبع للريق ولا يفطّر ، وإن كان كثيرا يمكنه لفظه فإن لفظه فلا شيء عليه وإن ابتلعه عامدا فسد صومه ، المغني 4/47 وأما العلك فإن كان يتحلل منه أجزاء أو له طعم مضاف أو حلاوة حرم مضغه وإن وصل إلى الحلق شيء من ذلك فإنه يفطّر، وإذا أخرج الماء بعد المضمضة فلا يضرّه ما بقي من البلل والرطوبة لأنه لا يمكنه التحرز منه ومن أصابه رعاف فصيامه صحيح وهو أمر ناشئ بغير اختياره فتاوى اللجنة الدائمة 10/264 وإذا كان في لثته قروح أو دميت بالسواك فلا يجوز ابتلاع الدم وعليه إخراجه فإن دخل حلقه بغير اختياره ولا قصده فلا شيء عليه ، وكذلك القيء إذا رجع إلى جوفه بغير اختياره فصيامه صحيح : فتاوى اللجنة الدائمة 10/254 . أما النخامة ـ وهي المخاط النازل من الرأس ـ والنخاعة ـ وهي البلغم الصاعد من الباطن بالسعال والتنحنح ـ فإن ابتلعها قبل وصولها إلى فيه فلا يفسد صومه لعموم البلوى بها فإذا ابتلعها عند وصولها إلى فيه فإنه يُفطر عند ذلك فإذا دخلت بغير قصده واختياره فلا تفطّر . واستنشاق بخار الماء في مثل حال العاملين في محطات تحلية المياه لا يضرّ صومهم : فتاوى اللجنة الدائمة 10/276 ، ويُكره ذوق الطعام بلا حاجة لما فيه من تعريض الصوم للفساد ، ومن الحاجة مضغ الطعام للولد إذا لم تجد الأم منه بدّ، وأن تتذوق الطعام لتنظر اعتداله ، وكذلك إذا احتاج لتذوّق شيء عند شرائه ، عن ابن عباس قال لا بأس أن يذوق الخلّ والشيء يريد شراءه . حسنه في إرواء الغليل 4/86 . وانظر الفتح شرح باب اغتسال الصائم كتاب الصيام
54- والسواك سنّة للصائم في جميع النهار وإن كان رطبا ، وإذا استاك وهو صائم فوجد حرارة أو غيرها من طَعْمِه فبلعه أو أخرجه من فمه وعليه ريق ثم أعاده وبلعه فلا يضره الفتاوى السعدية 245 ويجتنب ما له مادة تتحلل كالسواك الأخضر وما أضيف إليه طعم خارج عنه كالليمون والنعناع ، ويُخرج ما تفتت منه داخل الفم ، ولا يجوز تعمد ابتلاعه فإن ابتلعه بغير قصده فلا شيء عليه .
55- وما يعرض للصائم من جرح أو رعاف أو ذهاب للماء أو البنزين إلى حلقه بغير اختياره لا يُفسد الصوم . وكذلك إذا دخل إلى جوفه غبار أو دخان أو ذباب بلا تعمد فلا يُفطر ، وما لا يُمكن التحرز منه كابتلاع الريق لا يفطّره ومثله غبار الطريق وغربلة الدقيق ، وإن جمع ريقه في فمه ثم ابتلعه قصدا لم يفطّره على الأصح المغني لابن قدامة 3/106 وكذلك لايضره نزول الدمع إلى حلقه أو أن يدهن رأسه أو شاربه أو يختضب بالحناء فيجد طعمه في حلقه ، ولا يفطّر وضع الحنّاء والكحل والدّهن أنظر مجموع الفتاوى 25/233 ، 25/245 وكذلك المراهم المرطّبة والمليّنة للبشرة . ولا بأس بشمّ الطيب واستعمال العطور ودهن العود والورد ونحوها ، والبخور لا حرج فيه للصائم إذا لم يتسعّط به : فتاوى اللجنة الدائمة 10/314. والأحسن أن لا يستخدم معجون الأسنان بالنهار ويجعله بالليل لأن له نفوذا قويا المجالس ابن عثيمين ص72
56- والأحوط للصائم أن لا يحتجم والخلاف شديد في المسألة ، واختار شيخ الإسلام إفطار المفصود دون الفاصد .
57- التدخين من المفطّرات وليس عذرا في ترك الصيام إذ كيف يُعذر بمعصية ؟!
58- والانغماس في ماء أو التلفف بثوب مبتلّ للتبرد لا بأس به للصائم ولا بأس أن يصبّ على رأسه الماء من الحر والعطش المغني 3/44 ويُكره له السباحة لما فيها من تعريض الصوم للفساد . ومن كان عمله في الغوص أو وظيفته تتطلّب الغطس فإن كان يأمن من دخول الماء إلى جوفه فلا بأس بذلك .
59- لو أكل أو شرب أو جامع ظاناً بقاء الليل ثم تبين له أن الفجر قد طلع فلا شيء عليه لأن الآية قد دلّت على الإباحة إلى أن يحصل التبين ، وقد روى عبد الرزاق بإسناد صحيح إلى ابن عباس رضي الله عنهما قال : أحلّ الله لك الأكل والشرب ما شككت فتح الباري 4/135 وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية مجموع الفتاوى 29/ 263
60- إذا أفطر يظن الشمس قد غربت وهي لم تغرب فعليه القضاء (عند جمهور العلماء) لأن الأصل بقاء النهار واليقين لا يزول بالشك . (وذهب شيخ الإسلام إلى أنه لا قضاء عليه)
61- وإذا طلع الفجر وفي فيه طعام أو شراب فقد اتفق الفقهاء على أنه يلفظه ويصح صومه ، وكذلك الحكم فيمن أكل أو شرب ناسيا ثم تذكّر وفي فيه طعام أو شراب صحّ صومه إن بادر إلى لفظه .
من أحكام الصيام للمرأة
62- التي بلغت فخجلت وكانت تُفطر عليها التوبة العظيمة وقضاء ما فات مع إطعام مسكين عن كل يوم كفارة للتأخير إذا أتى عليها رمضان الذي يليه ولم تقض . ومثلها في الحكم التي كانت تصوم أيام عادتها خجلا ولم تقض . فإن لم تعلم عدد الأيام التي تركتها على وجه التحديد صامت حتى يغلب على ظنها أنها قضت الأيام التي حاضت فيها ولم تقضها من الرمضانات السابقة مع إخراج كفارة التأخير عن كل يوم مجتمعة أو متفرّقة حسب استطاعتها .
63- ولا تصوم الزوجة (غير رمضان) وزوجها حاضر إلا بإذنه ، فإذا سافر فلا حرج .
64- الحائض إذا رأت القصّة البيضاء ـ وهو سائل أبيض يدفعه الرّحم بعد انتهاء الحيض ـ التي تعرف بها المرأة أنها قد طهرت ، تنوي الصيام من الليل وتصوم ، وإن لم يكن لها طهر تعرفه احتشت بقطن ونحوه فإن خرج نظيفا صامت ، فإذا رجع دم الحيض أفطرت ، ولو كان دما يسيرا أو كدرة فإنه يقطع الصيام ما دام قد خرج في وقت العادة فتاوى اللجنة الدائمة 10/154 ، وإذا استمر انقطاع الدم إلى المغرب وكانت قد صامت بنية من الليل صحّ صومها ، والمرأة التي أحست بانتقال دم الحيض ولكنه لم يخرج إلا بعد غروب الشمس صح صومها وأجزأها يومها .
والحائض أو النفساء إذا انقطع دمها ليلا فَنَوَت الصيام ثم طلع الفجر قبل اغتسالها فمذهب العلماء كافة صحة صومها الفتح 4/148
65- المرأة التي تعرف أن عادتها تأتيها غدا تستمر على نيتها وصيامها ولا تُفطر حتى ترى الدم .
66- الأفضل للحائض أن تبقى على طبيعتها وترضى بما كتب الله عليها ولا تتعاطى ما تمنع به الدم وتقبل ما قَبِل الله منها من الفطر في الحيض والقضاء بعد ذلك وهكذا كانت أمهات المؤمنين ونساء السلف ، فتاوى اللجنة الدائمة 10/151 بالإضافة إلى أنه قد ثبت بالطبّ ضرر كثير من هذه الموانع وابتليت كثير من النساء باضطراب الدورة بسبب ذلك ، فإن فعلت المرأة وتعاطت ما تقطع به الدم فارتفع وصارت نظيفة وصامت أجزأها ذلك .
67- دم الاستحاضة لا يؤثر في صحة الصيام .
68- إذا أسقطت الحامل جنينا متخلّقا أو ظهر فيه تخطيط لعضو كرأس أو يد فدمها دم نفاس ، وإذا كان ما سقط علقة أو مضغة لحم لا يتبيّن فيه شيء من خَلْق الإنسان فدمها دم استحاضة وعليها الصيام إن استطاعت وإلا أفطرت وقضت فتاوى اللجنة الدائمة 10/224 . وكذلك إن صارت نظيفة بعد عملية التنظيف صامت . وقد ذكر العلماء أن التخلّق يبدأ بعد ثمانين يوما من الحمل.
النفساء إذا طهرت قبل الأربعين صامت واغتسلت للصلاة المغني مع الشرح الكبير 1/360 فإن رجع إليها الدم في الأربعين أمسكت عن الصيام لأنه نفاس ، وإن استمر بها الدم بعد الأربعين نوت الصيام واغتسلت (عند جمهور أهل العلم) وتعتبر ما استمر استحاضة ، إلا إن وافق وقت حيضها المعتاد فهو حيض .
والمرضع إذا صامت بالنهار ورأت في الليل نقطا من الدم وكانت طاهرا بالنهار فصيامها صحيح : فتاوى اللجنة الدائمة 10/150
69- الراجح قياس الحامل والمرضع على المريض فيجوز لهما الإفطار وليس عليهما إلا القضاء سواء خافتا على نفسيهما أو ولديهما وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة ، وعن الحامل والمرضع الصوم " . رواه الترمذي 3/85 وقال : حديث حسن ، والحامل إذا صامت ومعها نزيف فصيامها صحيح ولا يؤثّر ذلك على صحة صيامها فتاوى اللجنة الدائمة 10/225
70- المرأة التي وجب عليها الصوم إذا جامعها زوجها في نهار رمضان برضاها فحكمها حكمه وأما إن كانت مكرهة فعليها الاجتهاد في دفعه ولا كفارة عليها ، قال ابن عقيل رحمه الله فيمن جامع زوجته في نهار رمضان وهي نائمة : لا كفارة عليها . والأحوط لها أن تقضي ذلك اليوم . وقد ذهب شيخ الإسلام رحمه الله إلى عدم فساد صومها وأنه صحيح .
وينبغي على المرأة التي تعلم أن زوجها لا يملك نفسه أن تتباعد عنه وتترك التزين في نهار رمضان . ويجب على المرأة قضاء ما أفطرته من رمضان ولو بدون علم زوجها ولا يُشترط للصيام الواجب على المرأة إذن الزوج ، وإذا شرعت المرأة في قضاء الصيام الواجب فلا يحلّ لها الإفطار إلا من عذر شرعي ولا يحلّ لزوج المرأة أن يأمرها بالإفطار وهي تقضي وليس له أن يُجامعها وليس لها أن تطيعه في ذلك : فتاوى اللجنة الدائمة 10/353
أمّا صيام النافلة فلا يجوز لها أن تشرع فيه وزوجها حاضر إلا بإذنه لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لا تَصُومُ الْمَرْأَةُ وَبَعْلُهَا شَاهِدٌ إِلا بِإِذْنِهِ ." رواه البخاري 4793
وفي الختام هذا ما تيسّر ذكره من مسائل الصيام ، أسأل الله تعالى أن يُعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته ، وأن يختم لنا شهر رمضان بالغفران ، والعتق من النيران .
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم
الإسلام سؤال وجواب