#1
|
|||
|
|||
إذا أردت المناظرة ... فتسلح ببعض هذه الفكر
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
الاختلاف بين الناس سنة كونية لن تنتهي ما دامت السماوات و الأرض و ما كان على الأرض اجتماع من الناس إلا أن يشاء ربي شيئا. وهذا الاختلاف أحيانا يستدعي الحوار بين الأطراف المختلفة؛ وذلك محاولةً منهم للوصول إلى كلمة سواء بينهم يتفقون عليها. وأحيانا يكون سبب الحوار من أحد الطرفين إظهار قوة حجته، وإفحام خصمه، ليظهر للناظر المتردد بين القولين أيهما يتبع، وإلى أيهما يميل. وإن الحجج والأدلة والبراهين كثيرا ما تختلط، فلا تظهر الصادقة منها من الكاذبة، ولا سيما إذا كان المتكلم لسنا عليما واسع الحيلة يلبس الحق بالباطل. وإن المتأمل لحال كثير من هؤلاء يظهر له بعض الحيل التي يتكرر استعمالها عندهم، وهذه الحيل أحيانا تكون صوابا، ولكن المكر يكون في كيفية استعمالها وتنزيلها على غير موقعها، ليحصل غرضه من ورائها. وهناك حيل قديمة معروفة، مثل التحريف في النقل، والكذب وبتر النصوص، والإحالة على ما لا يمكن الرجوع إليه، وغير ذلك، وليس من غرضي بيان ذلك في هذا الموضوع. وإنما غرضي بيان بعض الحيل النفسية والكلامية، وفي ذلك فائدة من وجهين: الوجه الأول: التنبه لهذه الحيل عند مناقشة أهل الباطل والضلالات. الوجه الثاني: استعمال هذه الحيل معهم أيضا لإظهار عوارهم وبوارهم عند المترددين. 1- فأولى هذه الحيل أن يأتي مناظرك في أي مسألة من المسائل فيقول لك: ( عَرِّفْ لي ما تريد النقاش فيه )، مع أن المسألة المطروحة للنقاش معروفة عندك وعنده وعند جميع الناس، ولكنه يريد منك أن تذكر تعريفا أو حدا نصيا، ليكون ذلك سبيلا للطعن في صحة كلامك، بالطعن في هذا الحد؛ لأن الحدود لا يسلم معظمها من الدخل والخلل؛ إذ إنها موضوعة بحسب طاقة البشر، فإذا جاء إلى الحد أو التعريف الذي ذكرته، فتراه يورد عليه بعض أوجه الإبطال، حتى إذا استقام له ما يريد حار عليك بقوله : ظهر الآن أن تعريفك المذكور باطل أو فاسد، وهذا يدل على أنك لا تعرف ما نتناقش فيه أصلا، فكيف تريد أن تناقش في شيء لا تعرفه ؟ والطريقة التي أراها صحيحة في الجواب عن مثل هذه الحيلة أن يقال: لماذا تريد مني تعريف هذا الشيء؟ هذا الأمر نحن نعرفه جميعا، وليس نقاشنا الآن في تعريفه، إنما نقاشنا في مسألة جزئية، فإن كنت تريد مني تعريفه لأن ذلك سينبني عليه شيء يفيد النقاش، فاذكر لي هذا الشيء حتى أتدبره في التعريف، وإن لم يكن سينبني عليه شيء فلا معنى لطلب شيء لا يفيد في النقاش. وهناك طريقة أخرى في الجواب عن هذه الشبهة، وهي أن يقال: - ماذا تقصد بالحد والتعريف؟ عرِّف الحد أو التعريف ( ثم تورد على تعريفه الاعتراضات نفسها التي أوردها على تعريفك ) - وهل يشترط في فهم الكلام معرفة حده وتعريفه؟ - وهل كل كلمة نتكلم بها ونتفاهم بها نعرف حدها وتعريفها؟ - وهل استقام حد أو تعريف لشيء من الأشياء فخلا من الاعتراضات أصلا؟ والطريقة الأولى ينصح بها عند خطاب المنصف أو من يرجى قبوله للحق، والثانية تكون مع المبطل المعاند. 2- ومن الحيل المستعملة في النقاش أيضا أن يقول لك مناظرك: ( عرفني بنفسك لو تكرمت؛ لأن هذا العلم دين، ولا يؤخذ العلم عن مجاهيل، وأما عن نفسي فأنا فلان بن فلان حاصل على ماجستير في كذا ودكتوراه في كذا ومعي إجازة من علماء الشام واليمن والهند والمغرب ... إلخ ) وهذه الحيلة لا تنفع مع أهل العلم، ولكن مراد صاحبها بها أن يضل العوام الذين يقرءون النقاش؛ إذ من المحتمل أن لا يفهموا كثيرا من الكلام، فحينئذ يكون اطمئنانهم أكثر إلى هذا الحاصل على الشهادات المجاز من كثير من العلماء، أما أهل العلم فلا يغرهم مثلُ هذا الكلام؛ لأنهم يعلمون أن كثيرا من هذه الشهادات والإجازات مثل العدم. والجواب عن هذه الحيلة أن يقال: ( إنما يطلب هذا الكلام إن أراد العامي أن يستفتيني، وأنا لست في مقام الإفتاء هاهنا، وإنما في مقام المناظرة، ومعنى المناظرة أن تدفع الحجة بالحجة، والدليل بالدليل، ولم يشترط أحد مطلقا أن يكون المتناظران في درجة واحدة من العلم؛ لأن ذلك لو اشترطناه لما ساغت المناظرة أصلا؛ إذ لا يخلو المتناظران من تفاوت في العلم بينهما، وكم من عالم أخطأ وأرشده من هو أقل منه علما، ولا يعني هذا رفع المفضول عن الفاضل، وإنما يعني أن الفاضل في الجملة لا يشترط أن يكون فاضلا في التفصيل ). وهذا الجواب يكون مع المنصفين، أما الضلال المبطلون، فيكون الجواب معهم ببيان عوارهم وبوارهم في مصنفاتهم مثلا أو في كتبهم أو في جهلهم بأيسر مسائل الشرع، ثم يستفاد من ذلك في الدلالة على أن شهاداتهم مزورة أو لا يستحقونها، أو أن كثيرا من مشايخهم الذين أجازوهم صوفية أو طرقية أو غير ذلك؛ فهذه هي الطريقة التي تنفع العوام عند المناظرة. ويمكن أن يضاف أيضا ما يلي: ليس مقياس العلم والصواب بشهرة الإنسان، فكم من مغمور هو أكثر علما من كثير من المشاهير، ( ثم تضرب له أمثلة بكثير من المشاهير الذين لا يفرقون بين الكوع والكرسوع )، وإذا كنت ترى أني لا أحسن المناظرة أصلا، فهذه حيدة منك؛ إذ كيف تناظر من لا يحسنها. وإن كنت ترى أني أحسنها، فهذه شهادة منك لي تكفيني في هذا المقام، فلا معنى لسؤالك حينئذ. ويمكن أن يضاف أيضا ما يلي: دعنا من شهاداتك وشهاداتي الآن، ولنحتكم إلى من هو أعلم مني ومنك ( وهذا أفضل شيء في المناظرات أن يكون هناك حاكم بينكما ) ليكون مرجعنا إليه في المناظرة ليس ليرجح قولا على قول، وإنما ليحكم على كلام كل من يدلي بدلوه بأنه حجة صحيحة أو جهل صريح. قال العلامة الألباني - رحمه الله تعالى - في الضعيفة : هذه الأحاديث في الحدة كلها موضوعة إلا حديث دويد عن أبي منصور الفارسي الذي تقدم لفظه برقم ( 26 ) فضعيف لإرساله . والله أعلم. و من آثار هذه الأحاديث السيئة أنها توحي للمرء بأن يظل على حدته و أن لا يعالجها لأنها من خلق المؤمن ! و قد وقع هذا ، فإنى ناظرت شيخا متخرجا من الأزهر في مسألة لا أذكرها الآن فاحتد في أثنائها ، فأنكرت عليه حدته ، فاحتج علي بهذا الحديث! فأخبرته بأنه ضعيف ، فازداد حدة وافتخر علي بشهادته الأزهرية ، وطالبني بالشهادة التي تؤهلني لأن أنكر عليه ! فقلت : قوله صلى الله عليه وسلم : " من رأى منكم منكرا ... " الحديث ! رواه مسلم و هو مخرج في " تخريج مشكلة الفقر " ( 66 ) و " صحيح أبي داود " ( 1034 ) و غيرهما .اهـ قدس الله روحه ورحمه. 3- ومن الحيل المستعملة أيضا في النقاش والمناظرات: أن يقول لك صاحبك: ( أنا كلامي واضح، ولكن المشكلة في فهمك، فأعد النظر في الكلام حتى يتبين لك وجهه ). وهذه حيلة العاجز الذي تلزمه أن كلامه فاسد من عدة أوجه فلا يستطيع ردا، ولا يمكنه الفكاك، فيحتال بهذه الحيلة التي لا تنفع مع أهل العلم، ولكنها تفيده مع العوام الذين يحسنون به الظن. وللجواب عن هذه الحيلة يقال: ( الكلام إما أن يكون مفهوما وإما أن لا يكون مفهوما، فإن لم يكن مفهوما فكلامك باطل، وقد سقط احتجاجك، وإن كان مفهوما، فلا بد أن يكون بعض الناس قد فهمه؛ لأنه لا معنى لكون الكلام مفهوما ولا يوجد أحد من البشر يفهمه ) ثم تدعو الحاكم على المناظرة أو أحد القراء المنصفين للمناظرة ليقرر ما إذا كان يفهم الكلام أو لا يفهمه، فإن لم يفهمه أحد كان دليلا على صحة كلامك، وإن فهمه أحد فحينئذ تطلب منه أن يفهمك إياه. فإذا عبر عنه بعبارة أخرى، فحينئذ إما أن يظهر ما في الكلام من خلل فيتضح عوار مخالفك وبواره، وإما أن يحاول الإفهام فلا يستطيع. وفي كلا الحالين تخرج من هذه الشبهة. ولا جرم هناك حالة أخرى وهي أن يكون الكلام مفهوما وله معنى صحيح ولكني لم أذكر هذه الحالة لأنه لا ينبغي أن تعترض عليها أصلا. ( ابتسامة) 4- ومن الأساليب المستعملة في المناظرات أنك قد تحتج على مناظرك بشيء يفسد كلامه ويبين تناقضه فتراه يقول لك: (هذا يختلف عما قلته) أو يقول لك: (هذا قياس مع الفارق) أو يقول لك: (لقد فهمت كلامي على عكس المراد) أو يقول لك: (هذا لا يلزمني) أو يقول لك: (أنت في واد وأنا في واد) أو نحو ذلك من العبارات. وهذا الكلام صحيح، ولكنه إن لم يقترن بما يبينه ويوضحه فهو فاسد؛ لأنه لا يعجز أحد أن يقول: (هذا لا يلزمني)، أو أن يقول: (قياس مع الفارق) أو أن يقول: (هذا يختلف عن قولي) ... إلخ فلا بد أن تتبع هذه الكلمات بما يبين المراد منها، ولكن بعض الناس يستعمل هذه العبارات وحدها من غير أن يتبعها بما يبين مراده منها، فهذه حيلة من الحيل. والتعامل مع هذه الحيلة يكون بأن تطالب مخالفك أن يوضح كلامه، وأن يبين وجه الاختلاف بين الإلزام الذي ألزمته وبين قوله، وأنه لا يكفي مجرد الدعوى بأنه قياس مع الفارق، فلا بد أن توضح هذا الفارق، ولا بد أن يكون هذا الفارق مؤثرا؛ لأنه لا يعجز أحد أن يجد فارقا بين أي شيئين، وإنما المطلوب أن يكون الفارق له تأثير في المسألة. فإذا احتج عليك مثلا بأن هذا الراوي ضعيف الحديث، فذكرت له أنه هو نفسه قد احتج بهذا الراوي في الموضع الفلاني. فإن قال لك: هناك فرق بين الموضعين، وهو أن هذا الموضع مثلا في الصلاة والثاني في الزكاة !! فهذا الفرق غير مؤثر، فلا يصلح التعلق به. أما إن قال لك مثلا: هناك فرق بين الموضعين، وهو أن هذا الحديث في الأحكام والآخر في فضائل الأعمال. فهنا الفرق مؤثر، وبغض النظر عن اختلاف العلماء في هذه المسألة، ولكن المراد بيان الخلط الذي يشغب به بعض الناس في ذكر فروق لا تأثير لها في المسألة. ولا بد من بيان هذه الشبهة عند المناظرة؛ لأن كثيرا من الناس يضلون بسببها، ولبيانها يقال: ( إنه لا يتصور في الوجود شيئان متماثلان من كل وجه، فلا بد من وجود فرق بينهما، وإلا كانا شيئا واحدا، فإذا كنا نميز أحدهما عن الآخر فلا معنى لهذا التمييز إلا أن يكون لكل منهما وصف يخالف الآخر، وحتى لو كان بينهما اتفاق في عشرات الصفات، فلا بد أن يكون بينهما اختلاف ولو في وصف واحد على الأقل حتى يمكننا أن نقول: إنهما غيران أو مختلفان. وبناء على ما سبق فلا يصح أن تقول: "هناك فرق" فقط، لأنه أصلا لا يوجد شيئان إلا وبينهما فرق، فلا بد أن يكون الفرق المذكور مؤثرا في الوصف المستفاد به الحكم، فإننا نقبل مثلا رواية الراوي لأنه ثقة ونردها لأنه ضعيف، ولا يصح أن يقال: نقبل رواية هذا لأن اسمه "محمد" ونرد رواية هذا لأن اسمه "إبراهيم"، فهذا فرق ولكنه فرق غير مؤثر، فلا يصلح التعلق به في هذا الباب ). 5 - ومن الأساليب المستعملة في المناظرات أيضا أن يقول لك خصمك : ( ما الضابط فيما تقول ) ؟ أو يقول لك : ( بين لي الحد الفاصل بين هذا وذا ) أو يقول لك : ( كيف نعرف كذا من كذا ) ؟ وهذه الأسئلة قد تكون صحيحة وفي صلب الموضوع ، ولكنها في كثير من الأحيان تكون لمجرد الإلزام ولا يستطيع هو نفسه أن يجيب عنها في معظم كلامه . والأصل في جميع هذه الأمور أن الحد الفاصل لا يلزم معرفته في كل شيء ، بل قد يكون هذا الحد الفاصل من أصعب الأمور إن لم يكن مستحيل التحديد . والمقصود أن العجز عن معرفة هذا التحديد لا يلزم منه بطلان التفريق دائما، بل يكفي في التفريق وجود بعض الصور في كل من الطرفين ، ولا يقدح بعد ذلك أن توجد بعض الصور المشتبهة . وهذه قاعدة مهمة جدا نص عليها عدد من أهل العلم منهم الشاطبي رحمه الله في الموافقات والقرافي في الفروق . وأصل هذه القاعدة قوله صلى الله عليه وسلم ( الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات )، فنص عليه الصلاة والسلام على وجود أمور مشتبهة بين الحلال والحرام، ومع أن كثيرا من الناس لا يعلم هذه الأمور المشتبهة، إلا أن كل الناس ملزمون بالتزام الحلال واجتناب الحرام، فلو كان الالتزام بالحلال واجتناب الحرام متوقفا على معرفة الضابط العام في التفريق بينهما، لكان الحديث متناقضا، وحاشاه صلى الله عليه وسلم. فمثلا قد يأتي بعض منكري السنة فيقولون: حددوا لنا العدد الذي تعدونه من المتواتر، أهو خمسون أهو أربعون ... إلخ؟ فالجواب أن يقال: من المعلوم أن بعض الأحاديث متواترة لا يقدح فيها إلا مجنون، ومن المعلوم كذلك أن بعض الأحاديث تفرد بها واحد، فثبت بهذا وجود الطرفين في الجملة، ولا يقدح بعد ذلك أن تختلف الأنظار في إلحاق بعض الأحاديث بأحد الطرفين. وكذلك الإجماع يأتي من يقدح فيه فيقول : حددوا لنا كيف سنعرف المجتهد من غير المجتهد؟ وكيف سنحيط علما بجميع العلماء؟ وكيف سنعرف أنهم قد اتفقوا؟ وكيف سينقل إلينا هذا الاتفاق؟ إلى آخر هذه الاعتراضات المشهورة . والجواب أن يقال: لا شك أن هناك مسائل متفقا عليها، ولا شك أن هناك مسائل مختلفا فيها، وبهذا يثبت الفرق في الجملة، ولا يقدح بعد ذلك في التفريق أن تختلف الأنظار في ثبوت الإجماع في مسائل بعينها، فالاختلاف في الفرع لا يصح جعله ذريعة للقدح في الأصل، كما لا يصح أن يجعل الاختلاف في تصحيح بعض الأحاديث ذريعة في رد السنة كلها كما يفعل بعض جهلة المعاصرين ! وكما لا يقدح الاختلاف في فهم بعض آيات القرآن في رد الاستدلال بالقرآن جملة ! وكذلك يأتي من لا يعرف منهج أهل اللغة في قولهم : قليل ، كثير، شاذ ، نادر ... إلخ فيقول: حددوا لي ضابط القليل وضابط الكثير! حددوا لي العدد الذي يعرف به الصحيح من الضعيف، والمعروف من الشاذ !! فيقال لهؤلاء : لا شك أن في اللغة أشياء صحيحة متفقا عليها، وأشياء غير صحيحة بالاتفاق، فثبت بهذا وجود الفرق في الجملة، ولا يقدح بعد ذلك أن تختلف الأنظار في إلحاق بعض أفراد الألفاظ اللغوية بأحد الطرفين ، فالمراد الآن إثبات وجود الفرق، فلا يصح الاستناد إلى هذا الاختلاف في وجهات النظر في القدح في أصل التقسيم نفسه . وينسحب هذا الكلام في كثير من المسائل والعلوم ، ومن تأمله وجده أصلا نافعا إن شاء الله . 6 - قد يلجأ الخصم إلي تضييع الموضوع الاساس ، و الوقوف على بعض الجزيئات من أجل صرف انظار الناس عن الاساس و اضافة الى ذلك تضييع الوقت . - إملال المناظر و تنويمه من عدم الخوض في الموضوع و اللف و الدوران مما قد يؤدي الى انسحاب المناظر من نقاش عقيم لا يُدفع له ثمنه بخلاف غيره . - استخدام بعض الألفاظ الصعبة و المعقدة التي لا يشترط أن يكون لها معنى !! من اجل إيهام العامي بقوة علمه ، و لذلك اقترح لهذا الاسلوب أن يدعي المناظر الجهل بهذه الالفاظ و أن يطلب من الخصم تفسيرها له ، و من ثم قد يناقشه فيها ، فإذا انكشف عواره للعامي سقط و احترق ، و السبب في طرحي لهذا الاسلوب انني دائما أويد الاسلوب الهجومي المباشر ، و اذا احس السامع انني واضح معه وثق بي اكثر . و هذا الاسلوب دائما ما يستخدمونه. و في حلقة ساعة حوار مع د. العوضي قال : لما كنا ندرس الفلسفه و المنطق في الجامعه أتتنا مسائل صعبة و حسابات و رياضيات ونظريات متداخله فما فهمنا شيئا فقلنا للاستاذ ( و قد ذكر اسمه ) يا دكتور ما فهمنا شيء !! فقال : ( و لا أنا !! هو أصلا أن تقول ما لا تفهم إلى ما لا يفهمون !! هو انت مصدق إن فيه أحد فاهم حاجة ؟!!! يا ابني مشي . ( ابتسامة). طرفة تناسب المقأم: الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي: قال أبو حاتم السجستاني : كان رجل يحب الكلام ويختلف إلى حسين النجار , وكان ثقيلا متشادقا لا يدري ما يقول , فآذى حسينا , ثم فطن له , فكان يعد له الجواب من جنس السؤال , فينقطع ويسكت . فقال له يوما : ما تقول أصلحك الله في حدِّ تلاشي التوهيمات في عنفوان القرب من درك المطالب ؟ فقال له حسين : " هذا من وجود فوت الكيفوفية على غير طريق الحيثوثية وبمثله يقع الثناء في المجانة على غير تلاق ولا افتراق " . فقال الرجل : هذا يحتاج إلى فكر واستخراج . فقال حسين : " فكر , فإنا قد استرحنا ".اهـ وقد حكي عن متناظرين من هذا النوع أن أحدهما بدأ الكلام فأطال فيه جدا، وأكثر من التفريعات والإيرادات والإشكالات والجوابات حتى انتهى من كلامه، ثم قال: قد انتهيت من كلامي، فإن استطعت أن تعيده فقط كما قلتُه سلمت لك !! فقال له خصمه: لو استطعت أن تعيده أنت سلمت لك !! - كذلك من الأفكار استخدام الثنائيات و الالزام بلازم القول و هذه تحتاج الى ذهن وقاد . - عدم الانفعال حال المناظرة فهي ليست خطبة ، و لا يعني هذا الاسلوب الممل الغير جذاب ، و لذلك قالوا عن النظام : انه لم يحرك يديه ابدا حال المناظرة الا لما ناظر شخصا يدانيه في الحجة فحرك يديه . لطيفة : كان ابن سريج يناظر أبا بكر محمد بن داود الظاهري. حكي أنه قال له يوماً: أنت تقول بالظاهر، فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره، فمن يعمل نصف مثقال فسكت محمد طويلا، فقال له أبو العباس لم لا تجيب ؟ فقال : أبلعني ريقي،قال له: أبلعتك دجلة. وقال له يوماً: أمهلني ساعة، فقال: أمهلتك من الساعة إلى أن تقوم الساعة. وقال له يوماً: أكلمك من الرجل فتجيبني من الرأس فقال له: هكذا البقر إذا حفيت أظلافها دهنت قرونها.اهـ وفيات الأعيان، والوافي بالوفيات. |
#2
|
|||
|
|||
أسأل الله أن يجزيكم خير الجزاء
|
#3
|
|||
|
|||
جزاكم الله خير جزاء
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|