#1
|
|||
|
|||
فساد شعار: مرجعيتنا إسلامية وخيارنا ديموقراطي . د. أحمد إبراهيم خضر
"مرجعيتنا إسلامية وخيارنا ديموقراطي" يتصورُ البعضُ أنّ مسايرةَ الغرب في فكرة الديمقراطية في هذا الوقت بالذات أمرٌ ضروري ولازمٌ، إذ أن التغيير من داخل العالم الإسلامي أمرٌ ميئوس منه، وأن مسألة التوافق مع الديمقراطية هي أمرٌ شكلي وأنها مجرد وسيلة لارتقاء سلم الصعود إلى السلطة، ويتساءل هؤلاء: ما الضَّيْر في استعمال أهداف الغرب لتحقيق مآرب نبيلة؟ استند الباحثون الإسلاميون والشرعيون منهم بصفة خاصة في مناقشتهم لهذه القضية إلى ما يأتي: أولا: أن الذين يدعون إلى مسايرة الغرب في الديموقراطية يغفلون حقيقة أنّ الغرب ليس بساذجٍ ليخدعوه بمثل تلك الانحناءات، بل إن الغرب يستعملهم وهو يعي نواياهم تماماً، وهو إنما يريد منهم إنفاذ مهمات محددة، وينتهي دورهم فور إنجازهم إياها، ولذلك فإنهم على رغم ادعائهم عدم مصادمتهم للغرب وقبولهم بقيمه وتسليمهم بديمقراطيته فإنه لا يثق بهم، وإنما يمتطيهم طالما أنهم يخدمون أهدافه الثقافية والفكرية بما لهم من وزنٍ لدى عامة الناس، وهو يدرك براجمياتهم وطريقة تفكيرهم، وهى السبل التي يعتبر الغرب فيها نفسه أكثر خبرة ودهاء في استعمالها، لأنها صنعته الخالصة. ثانيا: أن الغرب يتعامل أيضا مع الديموقراطية على أنها وسيلة للوصول إلى أهدافه وليست هدفا مقصودا لذاته، وأن الفرق بين الهدف والوسيلة أمر نسبي لأن الوسيلة قد تتحول إلى هدف عندما تكون ضرورية فكأنها تصبح جزءا من الهدف وهذا ما حدث بالفعل مع دعاة الديموقراطية. ثالثا: إنه من المعلوم أن مبدأ "الغاية تبرر الوسيلة" لا يعرف في دين الإسلام وإنما هو المبدأ الذي اشتهر به نيكولا ميكيافيلي ( 1469 – 1527م)، والذي يرى فيه بأن الهدف النبيل السامي يضفي صفة المشروعية لجميع السبل والوسائل التي تؤهل الوصول لهذا الهدف مهما كانت قاسية أو ظالمة، فهو لا ينظر لمدى أخلاقية الوسيلة المتبعة لتحقيق الهدف، وإنما إلى مدى ملائمة هذه الوسيلة لتحقيق هذا الهدف وكان هذا المبدأ هو ما استند عليه في أغلب نصائحه في كتاب الأمير (ميكيافيلي، الغاية تبرر الوسيلة[1]). رابعا: أنه لا يشرع في الإسلام من الوسائل إلا ما كان مباحا في نفسه أو عرضت له الإباحة، وهذا الأمر منتف في الديمقراطية لأنها غير مباحة في نفسها، وتعلق بها من الوصف ما يمنعها من أن تعرض لها الإباحة وهو وصف "الشركية"؛ فالشرك لا يباح إلا للإكراه المُلجئ. خامسا: أن الذين يريدون أن يجعلوا من هذه الديمقراطية وسيلة لنصرة دين الله يسيئون إليه من حيث يشعرون أو لا يشعرون: أ- يسيئون إليه أولا لأنهم يحاولون نصرة دين الله بما يناقضه شكلا ومضمونا. ب- يسيئون إليه ثانيا لأنهم يريدون نصرة دين الله بما فيه معصية الله ويتقربون إلى الله بما يباعدهم من الله فكان حالهم كمن يريد إزالة النجاسة بالبول . سادسا: أنه إذا جاز تحكيم الشعب من أجل الوصول إلى السلطة فقد جاز أن يكون الزنا وسيلة إلى السلطة ..وجاز أن يكون الربا وسيلة إلى السلطة.. وجاز استخدام السحر والسيميا والكيميا، وعلوم الشر كلها كوسيلة إلى السلطة..؟ وهذه الأمور كلها ليست أشد حرمة من تحكيم الشعب . سابعا: اعتبر الباحثون الإسلاميون أن شعار "مرجعيتنا إسلامية وخيارنا ديموقراطي" شعار فاسد لللأسباب التالية: 1- أن هذا الأمر هو جمع بين النقيضين، إذ يحاول دعاته الجمع بين الإسلام الذي يجعل الحكم لله وحده والديمقراطية التي تجعل الحكم للشعب وحده، ولهذا فإن القول بأن "خيارنا ديمقراطي" يكذب القول بأن "مرجعيتنا إسلامية"؟ فكيف يمكن لمن يدعو إلى الديمقراطية ويتبناها ويجادل عنها أن تكون مرجعيته إسلامية؟ وكيف يكون من يحكّم إرادة الشعب في كل شيء أن تكون مرجعيته إسلامية؟ ومن يجعل الحكم للأغلبية كيف تكون مرجعيته إسلامية؟ ومن يرضى بتداول السلطة مع العلمانيين والملحدين كيف تكون مرجعيته إسلامية؟ ومن يحتكم إلى القوانين الوضعية كيف تكون مرجعيته إسلامية؟ إن هذا الشعار – كما يقول الباحثون الإٌسلاميون- يماثل تلبية قريش في الجاهلية حيث كانوا يقولون: "لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وماملك" فينطقون بتوحيد الله أولا ثم يعلنون الشرك به ثانيا !! وهذا كله يعنى أن أصحاب هذا الشعار يعلنون انطلاقهم من الإسلام أولا ثم انسلاخهم منه ثانيا! 2- تعني المرجعية الإسلامية الرجوع إلى الكتاب والسنة في كل صغير وكبير، وألا يُفعل فعلا حتى يُعلم حكم الله فيه، مع الانقياد التام والتسليم لذلك الحكم، ﴿ فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: 65]. أما في الديموقراطية فالمرجعية إلى الشعب في كل صغير وكبير. 3- لا تكون الأحزاب ذات مرجعية إسلامية إلا عندما تكون برامجها مصرحة بإقامة الإسلام وحدوده وشرائعه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ﴾ [الحج: 41]؛ فتكون هذه البرامج ناطقة بالوعد بتحكيم شرع الله وتطبيق الحدود ومنع الربا والزنا والاختلاط وكل منكر وفجور، والمعاقبة على ذلك والإعلان أنه لا شرع إلا ما شرعه الله، ولا حكم إلا حكم الله، وأن القرآن هو دستور الأمة الذي لا تخضع لسواه.. وإذا كان البرنامج السياسي للإسلاميين المشاركين في الديمقراطية لا يختلف عن البرنامج السياسي لسائر الأحزاب فما وجه تميّزهم بالمرجعية الإسلامية؟ وما معني هذه المرجعية الإسلامية إذا لم يكن لها أثر في البرنامج السياسي؟ إن حال هؤلاء الذين رفعوا شعار الإسلام ودخلوا في الديمقراطية إلا كحال البنوك التي تسمي نفسها إسلامية وفي الوقت نفسه تتعامل بالربا!! ثامنا: يذكر الباحثون الإسلاميون الناس بالتجربة الفريدة للشيخ "صلاح أبوإسماعيل" التي حاول فيها مناصرة شريعة الله في البرلمان، وانتهى منها إلى القول: "لم أكن أظن أن ما قضى الله به في كتابه وعلى لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - يحتاج إلى موافقة عباد الله، ولكنني فوجئت أن قول الرب الأعلى يظل في المصحف - له قداسته في قلوبنا - إلى أن يوافق عباد الله في البرلمان على تصيير كلام الله قانوناً. وإذا اختلف قرار عباد الله في البرلمان عن حكم الله في القرآن؛ فإن قرار عباد الله يصير قانوناً معمولاً به في السلطة القضائية، مكفولاً تنفيذه من قبل السلطة التنفيذية؛ ولو عارض القرآن والسنة. والدليل على ذلك أن الله حرم الخمر، وأباحها البرلمان، وأن الله أمر بإقامة الحدود، وأهدرها البرلمان، والنتيجة على ضوء هذه الأمثلة: أن ما قرره البرلمان صار قانوناً رغم مخالفته للإسلام". وكان آخر كلماته – رحمه الله - قوله لنواب البرلمان بعد أن فشلت كل محاولاته في تطبيق الشريعة عبر الآليات الديموقراطية : " يا حضرات النواب المحترمين، لست عابد منصب، ولست حريصاً على كرسي لذاته،ولقد كان شعاري مع أهل دائرتي (أعطني صوتك لنصلح الدنيا بالدين)، وكنت أظن أنه يكفي لإدراك هذه الغاية أن تقدم مشروعات القوانين الإسلامية لكنه تراءى لي أن مجلسنا هذا لا يرى لله حكماً إلا من خلال الأهواء الحزبية،وهيهات أن تسمح بأن تكون كلمة الله هي العليا..لقد وجدت طريقي بينكم إلىهذه الغاية مسدوداً، لذلك أعلن استقالتي من البرلمان غير آسف على عضويته"! انصرف النائب العالم الشيخ "صلاح أبو إسماعيل" إلى داره في أبريل 1981 ورفعت الجلسة، ثم رحل عن هذه الدنيا كلها بعد ذلك بعدة سنوات، وبقي البرلمان يقضي ويشرع وينفذ بغير ما أنزل الله[2]. تاسعا: انتهى الباحثون الإسلاميون إلى نتيجة محددها قوامها: " نحن دعاة إلى الله عز وجل نسير على نهج الأنبياء وهو طريق الأشواك والابتلاء، وما جاء أحد بمثل ما جاؤوا به إلا عُودِيَ، فإذا كنا مستعدين لهذا الابتلاء فلنواصل العمل لهذا الدين، ولنحتسب الأجر عند الله تعالى،وإذاكنا غير مستعدين لذلك؛ فلا ينبغي أن نجعل تمييع الدين هو الوسيلة التي نحتميبها من ظلم الظالمين، ومن أراد السلامة لنفسه قبل دينه فليخرج من هذاالأمر كفافًا، لا له ولا عليه، وليعتزل الدعوة إلى الله تعالى... ". " ...... فالواجب علينا أن نصبر على البلاء، ولا نجزع ولا نعطي الدنية في ديننا، وإن من الجزع ما ينافي الصبر، والتنازل عن شيء من هذا الدينتفاديا للبلاء، ومما ينافي الصبر محاولة دفع هذا البلاء بوسائل لم يشرعهاالله تعالى، فنكون بذلك مثل الرجل الذي أبلى بلاء حسنا في الجهاد ثم قتل نفسه لما اشتدت عليه الجراحات، فهذا الرجل لم يصبر، وأراد بقتل نفسه الراحة من هذا الألم بطريق غير مشروع، فدخل النار، نسال الله العافية.... ". " ..... من المعلوم أن قتل النفس ليس أعظم جرمًا من الشرك، وعنأم أيمن رضي الله عنها، أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصي بعض أهله، فقال: (لا تشرك بالله شيئًا، وإن قطعت أو حرِّقت بالنار)، فينبغي أن نسأل اللهالعافية، وأن نسعى لها بالوسائل المشروعة، لا بالوسائل الشركية أو الممنوعة.... وإن من الشرك أن نجعل الحكم للشعب لا لله! ونحتكم إلى الدستورلا إلى القرآن... ". "إن مَن طلب العافية خيرٌ له أن يترك الدعوة من أن يطلبها بالتحاكم إلى غير شرع الله، كما أن رفع الظلم من خلال جعل الحكم لغير الله، ليس رفعًا للظلم، بل هو زيادة فيه؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [لقمان: 13][3]. -------- 1] www.alagidah.com
[2] أحمد إبراهيم خضر، مناصرة شريعة الله في البرلمان، تجربة من الواقع www.alukah.net/Sharia/0/26886/ [3] انظر:أحمد إبراهيم خضر، مناقشة العلاقة بين الإسلام والديموقراطية، جدل سفسطائى أم قربى إلى الله
التعديل الأخير تم بواسطة أبو مصعب السلفي ; 11-29-2011 الساعة 04:41 AM |
#2
|
|||
|
|||
الله أكبر على هذا المقال ! , والله أسأل أن يُسمع به الآذان, وأن تُفتح له القلوب !
وأقول لإخواني: حَكِّموا الأصول والمنهج الذي تربينا عليه, ولا تتركوا كل هذا لمجرد "تخوف" ! , فإن فعلتم هذا = فسوف يكون الأجدر بكم ألا تطبقوا الشرع -إن وصلتم- خشية إراقة الدماء المترتبة على "المعارك" التي ستكون ولابد, فإن قلتَ لي: لا يمكن أبدًا أن أتنازل .. أقول لك وبكل بساطة: لقد تنازلت في باديء الأمر فمن السهل أن تتنازل في منتهاه; لأنك ترتكت ماكنت تثبت عليه ! .. فارجعوا بارك الله فيكم قبل أن نقول " فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله..." .
|
#3
|
|||
|
|||
جزاكم الله خيراً
|
#4
|
|||
|
|||
اقتباس:
أحسنت أخى الحبيب
أحسن الله إليك ...وجزاك الله خيراً
|
#6
|
|||
|
|||
اقتباس:
وليت قومي يعلمون |
#7
|
|||
|
|||
نقل عن أحد الإخوة -جزاه الله خيرًا-
طريق البرلمان والسياسة:
|
#8
|
|||
|
|||
أقدم لإخواني
كتاب مشركون في سبيل الله! لفضيلة الشيخ أبي المنذر الشنقيطي حفظه الله وأتمني أن يقرأ كله بدون تعصب وابتغاء الوصول إلي الحق . . . |
#9
|
|||
|
|||
تنبيه
لربما يستنكر أحد المسلمين عنوان الكتاب ويقول الشيخ يكفر كل من أباح الدخول في البرلمان الشركي أقول مستعينا بالله الشيخ لم يكفر هؤلاء وحاشاه بل إنما ينكر علي أولئك المشايخ الذين أباحوا الدخول في البرلمان الشركي بتأويلات وشبهات وظنا منهم أن هذا الطريق الموصل لشرع الله ويفعلون ذلك في سبيل الله من هنا جاء عنوان الكتاب وفي صدر الكتاب يقول شيخنا المبارك: وقد كنت في نقاشي للإخوة المجيزين لدخول الإنتخابات أضعهم أمام خيارين لا ثالث لهما : إما أن يزعموا بأن ما يدعون إليه من ممارسة الإنتخابات والمشاركة في النظام الديمقراطي المطبق حاليا لا علاقة له بالشرك . وإما أن يزعموا بأن المصلحة تبيح الدخول في الشرك . وقد كنت أعتقد لحسن ظني بالإخوة أن النقاش معهم سوف يكون محصورا في النقطة الأولى أما النقطة الأخيرة فلم يخطر ببالي أن يكون بعض المنتمين إلى المنهج السلفي في حاجة إلى أن يناقشوا فيها، وإنما ذكرتها للتنبيه على خطورة مآل قولهم بإباحة المشاركة في النظام الديمقراطي . لكني اكتشفت أن البعض منهم يصرح بأن ممارسة الشرك للمصلحة أمر مشروع لا حرج فيه، وأن الدخول في الشرك لنصرة دين الله عبادة !! أما البعض الآخر فقد اكتفى بالحديث عن المصلحة والمنافع واغتنام الفرصة في دخول الإنتخابات مع إقراره بأن النظام الديمقراطي نظام شركي ! |
#10
|
||||
|
||||
اقتباس:
مثل هذه المشاركات تضر ولا تنفع ،لو فتحنا باب الجرح والتجريح لن يغلق ،رجاء من الأخ الفاضل الانتباه لعدة أشياء : 1- لا تنسى انك تدعوا اخوانك وان اختلفتم في بعض المسائل. 2- لاحظ اننا جميعا لسنا كالعلماء وأهل العلم ليس كل أقوالهم وأفعالهم تصلح لنا . 3-لا يوجد داعي من نقولات تزيد الشحناء والفرقة بين الاخوان بالفرقه بين الاخوان يصعب قيام خلافة اسلامية إن لم يكن مستحيل . هذه نصيحة لله عزوجل اللهم بلغت اللهم فشهد .
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
., محمد, مرجعيتنا, د., ديموقراطي, يضر, شعار:, فساد, إبراهيم, إسلامية, وخيارنا |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|