|
#1
|
|||
|
|||
الملح والنوادر.
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم السلامُ عليكم ورحْمةُ الله وبركاتُه. فراسةُ الشَّافعي. قال أبو نعيم: حدّثنا عبد الرحمن بن محمّد بن حمدان، حدَّثنا أبو محمّد بن أبي حاتم، حدَّثنا أحمد بن سلمة بن عبد الله النّيسابوريّ قال: قال أبو بكر ورّاقُ الحميديّ: سمعت الحميديّ يقول: قال: محمّد بن إدريس الشّافعيّ: خرجتُ إلى اليمن في طلب كتب الفراسة، حتى كتبتها وجمعتها، ثمّ لمّا حان انصرافي مررتُ على رجل في الطّريق، وهو محتب بفناء داره، أزرق العين ناتئ الجبهة سناط، فقلتُ له: هل من منزل؟ فقال: نعم. قال الشّافعيّ: وهذا النّعت أخبث ما يكون في الفراسة، فأنزلني، فرأيتُه أكرم ما يكون من رجل، بعث إليّ بعَشاءٍ وطيبٍ وعلفٍ لدابّتي وفراشٍ ولحافٍ، فجعلتُ أتقلّب اللّيلَ أجمعَ ما أصنع بهذه الكتب إذا رأيتُ النّعت في هذا الرّجل، فرأيتُ أكرم رجلٍ، فقلتُ: أرمي بهذه الكتب، فلمّا أصبحت قلتُ للغلام: أسرِجْ، فأسرَجَ، فركبتُ ومررتُ عليه، وقلتُ له: إذا قدمتَ مكّةَ، ومررتَ بذي طوى، فاسألْ عن محمّد بنِ إدريسَ الشّافعيِّ، فقال لي الرّجل: أمولى لأبيك أنا؟ قال: قلت: لا. قال: فهل كانت لك عندي نعمة؟ فقلت: لا، فقال: أين ما تكلّفتُه لك البارحة؟ قلت: وما هو؟ قال: اشتريتُ لك طعامًا بدرهمين، وإدامًا بكذا وكذا، وعطرا بثلاثة دراهم، وعلفا لدابّتك بدرهمين، وكراءُ الفرش واللّحاف درهمان! قال: قلتُ: يا غلام أعطِه، فهل بقي من شيء؟ قال: كراء البيت فإنّي قد وسّعتُ عليك وضيّقتُ على نفسي. قال الشّافعي: فغبطتُ بتلك الكتب، فقلتُ له بعد ذلك: هل بقي لك من شيء؟ قال: امضِ أخزاك الله، فما رأيتُ قطّ شرًّا منك!. [«الحلية» لأبي نعيم: (9/ 143)]
|
#2
|
|||
|
|||
زُرْ غِبًّا تَزْدَدْ حُبًّا تردد ثقيلٌ على ظريفٍ وأطال ترداده عليه حتى سئِمَ منْه ، فقال له الثقيل : من تُراه أشْعَرُ الشُّعراءِ؟ فأجاب الظَّريفُ:هو ابن الوردي بقوله: غِبْ و زُرْ غبًّا تزِدْ حبّا***** فَمَنْ أَكثرَ التَرْدادَ أضْناهُ المللْ فقال الثَّقيلُ: أخطأتَ ،فإن النجاريَ أشعرُ منه بقوله: إذا حقـّقتَ مِـنْ خِلٍّ ودادًا***** فزُرْهُ ولا تَخفْ منهُ ملالاَ وَ كُنْ كالشَّمسِ تطلعُ كلَّ يومٍ *****ولا تكن في زيارته هلالا فأجاب الظريف: إن الحريري أشعر منه بقوله: ولا تزُرْ مَنْ تحبُّ في كل شهرٍ***** غيرَ يومٍ ولا تزدهُ عليه وإن لم تصدِّقْني فقد وهبْتُكَ الدَّارَ بما فيها، وخرج وهو يقول: إذا حلَّ الثقيل بأرضِ قومٍ *****فما للسَّاكنينَ سوى الرَّحيلُ
[«العقد الفريد» لابن عبد ربه: (1/39)]
التعديل الأخير تم بواسطة نصرة مسلمة ; 03-19-2011 الساعة 06:32 PM |
#3
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته اقتباس:
أضحك الله سنكِ صديقتي ماشاء الله موضوع جميل وكثير الفوائد جزاكِ الله خيراً |
#4
|
|||
|
|||
أشكر لكِ تواجدك صديقتي
جزاكِ الله خيرًا.
|
#5
|
|||
|
|||
بَدَاهةُ الحريري كان الحريري من ذوِي الجاهِ واليَسار يمْلِكُ بالمشَانِ أكْثرَ منْ ثمانية عشرَ ألفِ نخلةٍ يغلها، وكان له منزلٌ بالبصرة يقصِده الأدباءُ والعلماءُ يقرؤونَ عليهِ أو يفِيدونَ من عِلْمه، وخُصوصا بعدَ أنْ ألَّفَ المقامات وذاعَ أمرُها بين النَّاس، وكان مُرْهَفَ الشُّعورِ صادقَ الحِّسِ والتَّخمِينِ.وكان الحريريُ ضئيلَ الجِسم زريَ المنْظرِ عصبي المزاج، ينْتِفُ شعرات لحيته إذا اشتغلَ بالتَّفكير والكِتابة، ولكنَّه مع هذا كان موْضِعَ تقْدير النَّاسِ وإكبَارهم، ويُحْكى أنَّ شخصًا زاره، وأرادَ أن يتلقى عليه شيئا مِنَ العلْمَ لذُيُوعِ شُهْرتِه، فلما رآه اسْتزْرى منْظره، فأدْرك الحريري ما دار في نفسه، ولما طلبَ هذا الشَّخصُ إلى الحريري أنْ يُمْلي عليه شيئا منَ الأدبِ قال له: اكتبْ! وأملاه هَذيْن البيتين: مـا أنتَ أول سارٍ غرَّه قمـر ورائــدٌ أعجبـته خضـرة الدِمنِ فاختر لنفسك غيري إنني رجل مثل المعيدي فاستمـع بي ولا تََرَنِي فخجل الرجل وانصرف عنه. [«مقدمة شرح مقامات الحريري»: (6)]
|
#6
|
|||
|
|||
الأسماء لا تغيِّر الحقائق.
لقي الشاعر ثابت بن جعفر المعروف ﺑ:«تأبّط شرا» ذات يوم رجلا من ثقيف يُقال له أبو وهب -وكان جبانا- وعليه حلّة جيدة، فقال أبو وهب لتأبّط شرا: بم تغلب الرجال يا ثابت، وأنت كما ترى ذميم ضئيل؟ قال: باسمي، إنما أقول ساعة ألقى الرجل: أنا تأبّط شرا، فينخلع قلبه حتى أنال منه ما أردت، فقال له الثقفي: أبهذا فقط؟ قال: فقط، قال: فهل لك أن تبيعني اسمك؟ قال: نعم، فبم تبتاعه؟ قال: بهذه الحلّة وبكنيتك قال له: أفعل، ففعلا، وقال له تأبط شرا: لك اسمي ولي كنيتك؟ وأخذ حلّته وأعطاه طمريه، ثم انصرف، وقال في ذلك يخاطب زوجة الثقفي: ألا هل أتى الحسناء أنّ حليلها تأبّط شرًّا واكتـنيتُ أبـا وَهْبِ فَهَبْه تسمَّى اسمي وسمّاني اسمه فأين له صبري على مُعظم الخطبِ وأين له بأسٌ كبأسي وسوْرتي وأين له في كـل فادحةٍ قلبِــي [«الأغاني» للأصفهاني: (8/ 211)]
|
#7
|
|||
|
|||
كِتاب الجمهرة لابن دريد مرجعٌ من مراجعِ أهل الأدب، أمْلاه بحلَب تلميذه أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه المتوفى سنة 370ﻫـ على جهابذة مشاهير منهم أحمد بن عبد الرحمن بن قابوس، وكانت عند تلميذه أبي علي القالي بمنزلة الروح من الجسد، حتى إنه أعطِيَ فيها ثلاثمائة مثقال ذهبا فأبى! فلمَّا اشتدت حاجته إلى الإنفاق على عياله باعها بأربعين مثقالا!!!
وكتب عليها هذه الأبيات: أنِسْتُ بها عِشرينَ عامًا وبِعْتُهَا وقد طَال وُجْدِي بَعْدَها وحَنِينِي فلما رأى الذي اشتراها هذه الأبيات كاد يذوب أسًى وعطْفًا على صاحبها، ثم أرسلها إليه ومعها أربعون مثقالا ذهبا أخرى، فلما وصلته كان كأنما رُدَّتْ إليه روحه.وما كان ظنِّي أنَّني سأبيعُهـا****ولو خلَّدْتنِي في السُّجونِ ديوني ولكن لِعَجزٍ وافتِقـارٍ وصِبيةٍ****صِغـارٍ عليهـم تستهلُّ شؤوني فقُلْتُ ولم أَمْلِكْ سوابِقَ عَبْرَتِي****مَقالةَ مَكْوِيِّ الفـؤادِ حَـزينِ وقد تُخرجُ الحاجاتُ يا أمَّ مالِكٍ****كرائِـمَ مِنْ ربٍّ بهنَّ ضَنِيـنِ [«شرح مقصورة بن دريد» لعبد الوصيف محمد: (9)]
|
#8
|
|||
|
|||
أروع وأطرف ما سمعته أذني ...الله يبارك فيك
|
#9
|
|||
|
|||
وفيكم بارك الرحمن
جزاكم الله خيرًا على مروركم الكريم .
|
#10
|
|||
|
|||
من تنحنح فلا أفلح. عن ابن الأعرابي قال: قال رجل من الأعراب لأخيه أتشرب الخازر من اللبن ولا تتنحنح ! فقال: نعم. فلما شربه آذاه فقال: كبش أملح، ونبت أقبح، وأنا فيه أسجح. فقال أخوه: قد تنحنحت. فقال: من تنحنح فلا أفلح . منبع الطرافة هو الوعي وحسن التصرف، فاللبن الخازر شديد على الحنجرة والأعرابي قد قطع عهدا ألا يتنحنح لكن مهارته اللغوية أسعفته باختيار قول من جمل بسيطة تتضمن في أخبارها كلمات يكون صوت (الحاء) وبالوقوف عليها ترتاح الحنجرة لهذا الصوت الحلقي الذي ينقيها مما علق بها ولأنه وقع طرقا في نهاية الكلمات (أملح، أقبح، أسجح) فقد صاحب حركته الإعرابية (الضمة) عند الوقف شيئا من هاء السكت التي تتيح للنفس استراحة تساعد المتكلم على التخلص من آثار شدة اللبن الخازر. ولما فطن أخوه لهذا التصرف اللغوي واستدرك عليه واصل الأعرابي بجملة شرطية مركبة حملت أفعالها صوت الحاء أيضا فجاء الوقوف بالسكون على الحاء في (تنحنح)، متضافرا مع التضعيف في اللفظ ليشعرَ بمواصلة النطق بالحاء، وكذلك الفتحة على لفظ (أفلح) التي تقوي من حضور هاء السكت مما تتيح للنفس امتدادا يستريح له المتكلم. ابن الجوزي؛ كتاب الأذكياء تحقيق محمد مرسي الخولي
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
الألى, والنوادر. |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|