السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فتوى نحتاجها جميعاً معشر الأخوات
بسم الله الرحمن الرحيم
مخاطبة الأخوات لبعضهن في المنتديات بقول " غالية " و " غاليتي " وما يشبهها
السؤال : نحن مشرفات في إحدى المنتديات الإسلامية المختلطة ، وفي ردنا للأخوات ، سواء كان
الرد عاديّاً ، أو كان في مجال الإقناع ، والمناقشة : نستخدم في الرد هذه العبارات " يا غالية " ، "
غاليتي " ، بالإضافة إلى التعقيب ، والدعاء ، والسبب في هذا من وجهة نظرنا : احتواء الأخوات ،
والأخذ بأيديهن لطريق الخير ، والاستقامة ، فلئن نحتويهن نحن الأخوات الموثوق فينا ولله الحمد :
أفضل من أن يؤثر عليهن الرجال بألفاظهم المزخرفة , وقد نجحنا ولله الحمد في هذا كثيراً ، وأما
في ردودنا للرجال : فتكون خالية من هذه الألفاظ تماماً ، بل يكون الرد بصيغة الجمع بُعداً عن
الفتن ، وانتُقدتُ من بعض الأخوات الفاضلات بأن الرجال يرون هذه الألفاظ ، فينبغي تجنبها حتى لا
يفتتن الرجال بها ، فانقسمنا ما بين مؤيد ، ومعارض .. فقلنا : الحل في هذا أن نستفتي ، فإن كان
فيه محذور شرعي : فسمعنا ، وأطعنا ، وإن كان غير ذلك : فالأمر في هذا واسع ، فما رأيكم في
هذا ؟ وما نصيحتكم لنا تجاه الأخوات ؟ .
الجواب:
الحمد لله
أولاً:
الدعوة إلى الله تعالى من أعظم الأعمال التي يحبها الله من عباده ، كما قال تعالى :
( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) فصلت/ 33 .
وطرق الدعوة متنوعة ، ومنها الدعوة من خلال الإنترنت , وقد نفع الله تعالى بها كثيراً ، ومن التزم
بالضوابط الشرعية ، ونظَّم وقته : استفاد ، وأفاد ، ومن تهاون في الضوابط ، وأوغل في الدخول
على هذه الشبكة العالمية : لم يسلم من فتنه الكثيرة ، والمتنوعة ، فلذا ونحن نشجعكنَّ على
دعوتكنَّ للنساء ، والسعي لإنقاذهن من براثن الذئاب : نوصيكنَّ بأنفسكنَّ خيراً ، وأن تعملن وفق
منظومة واحدة ، ومجموعة متحدة ؛ لتحافظن على أنفسكن من فتن تلك الشبكة ، وإنما يأكل
الذئب من الغنم القاصية .
ثانياً:
استعمال الكلمة الطيبة في مخاطبة الآخرين : من أخلاق الإسلام العظيمة ، وخاصة إن كان ذلك
الاستعمال في الدعوة إلى الله ، كما قال تعالى : ( وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ )
الإسراء/ 53 .
قال ابن كثير – رحمه الله - :
يأمر تعالى رسولَه صلى الله عليه وسلم أن يأمر عبادَ الله المؤمنين : أن يقولوا في مخاطباتهم ،
ومحاوراتهم ، الكلام الأحسن ، والكلمة الطيبة .
" تفسير ابن كثير " ( 5 / 87 ) .
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ ) .
رواه البخاري ( 2734 ) ومسلم ( 1009 ) .
ومن شأن الإغلاظ في القول أن ينفِّر الداعية عنه ، وعن دعوته ، كما قال تعالى : ( وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا
غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ) آل عمران/ 159 .
قال ابن كثير – رحمه الله :
أي : لو كنت سيِّئَ الكلام ، قاسي القلب عليهم : لانفضوا عنك ، وتركوك ، ولكنَّ الله جمعهم عليك
، وألاَنَ جانبك لهم ؛ تأليفاً لقلوبهم ، كما قال عبد الله بن عمرو : إنه رأى صفة رسول الله صلى الله
عليه وسلم في الكتب المتقدمة : أنه ليس بفَظٍّ ، ولا غليظ ، ولا سَخّاب في الأسواق ، ولا يجزي
بالسيئة السيئة ، ولكن يعفو ويصفح .
" تفسير ابن كثير " ( 2 / 148 ) .
ثالثاً:
من الأحكام الشرعية المقررة في الشرع المطهر : عدم خضوع المرأة بالكلام ، ووجوب اجتناب
كل ما يجر إلى الفتنة ، كما قال تعالى : ( فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ
قَوْلا مَعْرُوفًا ) الأحزاب/ 3 2 .
قال القرطبي - رحمه الله - :
أمرهن الله أن يكون قولهن جزلاً ، وكلامهن فصلاً ، ولا يكون على وجه يظهر في القلب علاقة بما
يظهر عليه من اللين ، كما كانت الحال عليه في نساء العرب من مكالمة الرجال بترخيم الصوت
ولينه ، مثل كلام المريبات ، والمومسات ، فنهاهن عن مثل هذا .
" تفسير القرطبي " ( 14 / 177 , 178 ) .
فعلى ذلك نقول : إن ما تخاطبن به أخواتكن ليس هو أمرا خاصا بينكن وبينهن ، بل هو شيء
مكتوب يقرؤه الرجال والنساء ، ويمكن تقسيم الكلام المخاطب به أولئك الأخوات إلى ثلاث
درجات :
الأولى : كلمات ممنوع كتابتها ؛ لما فيها من الخضوع ، واللين ، في محضر الرجال ، كقول "
حبيبتي " ، و " قلبي " ، وما يشبه ذلك .
والثانية : كلمات جائز كتابتها ، كقول " جزاك الله خيراً " ، و " وفقك ربي " ، وما يشبه ذلك من
الأدعية ، وقول " أختي " ، و " صديقتي " ، وما يشبه ذلك من الكلمات .
والثالثة : كلمات بين المرتبتين ، كقول " عزيزة " ، و " عزيزتي " ، و " غالية " ، و " غاليتي " ،
وهي إلى الجواز أقرب منها للمنع ؛ لما فيها من عدم خضوع ، وعدم لينٍ في الخطاب .
ونؤكد على أن هذا التقسيم ، والتنبيه : إنما هو بسبب وجود مرضى في عالم الأشباح – عالم
الإنترنت - ، حتى إنهم ليتعلقون بأحبال الأوهام ، ويركضون خلف السراب ، ولو كان الأمر بينكن
وبين أولئك الأخوات : لما احتجتنا لهذا كله .
وإذا قدر أن كلاما مباحا ، لا حرج فيه ، إلا أن بعض المرضى والموسوسين قد افتتن به ، فإنه يمنع
منه في حق من حصلت له الفتنة .
والنصيحة للأخوات أن يتقين الله تعالى ، وأن يحرصن على اجتناب كل ما يجر إلى الفتنة من قول ،
أو فعل , وأن يتعاونَّ على الخير , والطاعة ، ونشر العلم , والله هو الموفق للصواب .
الاسلام سؤال وجواب