التاريخ والسير والتراجم السيرة النبوية ، والتاريخ والحضارات ، وسير الأعلام وتراجمهم |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
نشاة عمر ابن الخطاب
في وهدة من وهاد مكة أسفل جبل العاقر الذي يعرف اليوم بجبل عمر، حيث كانت منازل قبيلة عدي بن كعب العدنانية القرشية، وبعد انقضاء عشر سنين على حادثة الفيل في السنة الحادية والثمانية وخمسمائة من ميلاد السيد المسيح –عليه السلام-، وضعت "حنتمة ابنة هاشم بن المغيرة المخزومية" مولودها عمر، فعمت الفرحة في منازل القبيلة وغمرت والده "الخطاب بن نفيل بن عبد العزى" وسارع لإطعام الطعام، فطعم الفقراء في هذا اليوم من الأطايب ما أسعدهم بهذه المناسبة، وفرح الخطاب بالمولود الجديد، بعد ولادة ابنه زيد من زوجه "أسماء بنت وهب الأسدية"، وأصبح لزيد أخ اسمه عمر. لم يكن الخطاب والد زيد وعمر غنيا ذا مال وخدم كالعديد ذا مال وخدم كالعديد من وجهاء تجار قريش، ولكنه كان شريفا في قومه تميز بالحكمة والعقل والاتزان، ومع ذلك كان فظًا غليظ القلب، وكان يؤثر حنتمة أم عمر على سائر نسائه، فهي مخزومية سليلة بيت عريق، فأبوها هاشم الملقب بذي الرمحين، وجَدُّها المغيرة صاحب الحول والطول والسؤدد في قريش. يقول البلاذوري في أنساب الأشراف: وكان المغيرة ذا قدر في قريش، وكان يطعم الطعام. وأما عمها هشام بن المغيرة -والد عمرو أبي جهل- فقد كان سيدا من سادات قريش، حتى جعلوا يوم موته تاريخا، وغلبت مورثات وجينات حنتمة على ابنها عمر، فجاء أشبه بأخواله أهل أمه من حيث الشكل والجسم والبشرة والطول، وحمل من أبيه صفات الطبع والخشونة والجلد، وامتزجت طبائعهما فيه، فكان المولود عدويا مخزوميا. والمثل في بلاد الشام يقول: إن أشكل عليك الحال فثلثا الولد للخال. لم تكن القبيلة التي حمل نسبها عمر في ذات المكانة التي لبطون قريش الأخرى، ولم يكن لها من الثروة والمال أو المنصب الديني ما يؤهلها للسيادة، وهذا ما حداها لأن تترك منازلها قرب الصفا وتجاور قبيلة بني سهم، ومع ذلك فقد نالت شرف السفارة لقريش بين القبائل العربية، وأهَّلَهَا المنصب لفض النزاعات التي تنجم بين القبائل. ترعرع عمر في منازل القبيلة، وكان من القلة الذين تعلموا القراءة والكتابة. وفي فضائل القرآن لابن كثير أنه تعلم على يدي حرب بن أمية والد أبي سفيان، ولما بلغ الرابعة من عمره تفجرت حفر فجار، وسميت بذلك لأنها من الفجور، إذ استحلوا القتال في الشهر الحرام، وكان النعمان بن المنذر ملك الحيرة، قد أرسل إبلا لسوق عكاظ مع عروة بن عتبة الكلابي، فتبعه البراد الكناني فقتله غدرا واستاق العير إلى خيبر، وأرسل لقريش بذلك واشتعلت الحرب بين هوازن وكنانة، وقد شارك النبي -صلى الله عليه وسلم- فيها يوم كان فتى في الرابعة عشرة من عمره، وكان يناول النبل لأعمامه. أما عمر فكان صغيرا في الرابعة يوم خاضها والده، واشترك مع ابن أخيه زيد بن عمرو بن نفيل على رأس قبيلته، وأظهر من البأس والشجاعة والثبات والقوة ما كان حديث القبيلة، وزيد بن عمرو هذا هو الذي مال فيما بعد عن عادات وتقاليد ومعتقدات قومه إلى الحنيفية، واتبع ملة سيدنا إبراهيم -عليه السلام-، وامتنع عن أكل ما يذبح على الأصنام ويقول: أيرسل الله قطر السماء، وينبت بقل الأرض، ويخلق السائمة فترعى منه، وتذبحوها لغير الله، والله ما أعلم على ظهر الأرض أحدا على دين إبراهيم غيري. ويقول أيضا: أسلمت وجهي لمن أسلمت له المزن تحمل عذبا زلالا، وأسلمت وجهي لمن أسلمت له الأرض تحمل صخرا ثقالا، دحاها فلما استوت شدها سِواء وأرسى عليها الجبال. وحين علم الخطاب بما آل إليه زيد خاصمه أشد الخصام، وأبدى له الشر، وألب عليه قريشا فطردوه من مكة ومنعوه من دخولها، وما ذلك إلا لأنه كفر بالأصنام واستوى لعبادة الخالق الواحد الذي لا شريك له قبل أن يبعث محمد -صلى الله عليه وسلم- بالنبوة. وفي طبقات ابن سعد عن عامر ربيعة قال: كان زيد بن عمرو بن نفيل يطلب الدين، وكره النصرانية واليهودية وعبادة الأوثان والحجارة، وأظهر خلاف قومه واعتزال آلهتهم، وما كان يعبد آباؤهم ولا يأكل ذبائحهم. فقال لي: يا عامر إني خالفت قومي واتبعت ملة إبراهيم، وما كان يعبد وإسماعيل من بعده، وكانوا يصلون إلى هذه القبلة، فأنا أنتظر نبيا من ولد إسماعيل، يبعث ولا أراني أدركه، وأنا أؤمن به وأصدقه وأشهد أنه نبي. فإن طالت بك مدة فرأيته فأقرئه مني السلام. قال عامر: فلما تنبأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسلمت وأخبرته بقول زيد بن عمرو وأقرأته منه السلام، فرد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورحَّم عليه وقال: (قد رأيته في الجنة يسحب ذيولا). وعن أسماء بنت أبي بكر الصديق -رضي الله عنهما- قالت: رأيت زيد بن عمرو بن نفيل قائما مسندا ظهره إلى الكعبة يقول: يا معشر قريش ما منكم اليوم أحد على دين إبراهيم غيري، وكان يحيي الْمَوْءُودَةُ ويقول للرجل إذا أراد أن يقتل ابنته: مهلا لا تقتلها أنا أكفيك مئونتها، فيأخذها فإذا ترعرعت، قال لأبيها: إن شئت دفعتها إليك، وإن شئت كفيتك مئونتها. وتوفي زيد وقريش تبني الكعبة قبل نزول الوحي بخمس سنين، لم تكن معاملة الخطاب لابنه عمر بأحسن منها، أيام ابن أخيه زيد، بل كانت أقسى وأمر، فلم يتجاوز سن الطفولة حتى أرسله ليرعى له الإبل في حر الرمضاء. وفي الطبري رواية عن سيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لما كان خليفة ومر بوادي يدعى ضجنان، قال: لا إله إلا الله المعطي ما شاء من شاء، كنت أرعى إبل الخطاب بهذا الوادي في مدرعة صوف، وكان فظا يتعبني إذا عملت، ويضربني إذا قصرت، وقد أمسيت وليس بيني وبين الله أحد، ثم تنفل: لا شيء فيما ترى تبقى بشاشته * يبقى الإله ويودي المال والولد. لم تغن عن هرمز يوما خزائنه * والخلد قد حاولت عاد فما خلدوا. ولا سليمان إذ تجري الرياح له * والإنس والجن فيما بينها ترد. أين الملوك التي كانت نوافلها * من كل أوب إليها راكب يفد. حوض هنالك مورودا بلا كذب * لابد من ورده يوما كما وردوا. ولم تكن عادة رعي الإبل والغنم عادة وضيعة في أبناء قريش، بل كان يتكلف بها أبناء الأشراف؛ كي يصلب عودهم ويشتد. وتنقضي الأيام وتمر الشهور والسنوات صراعا ويجتاز عمر مرحلة الصبا إلى الشباب، ويغدوا فتى كامل الفتوة، طويلا وسيما جسيما، أبيض البشرة تعلوه حمرة، فتعلم ركوب الخيل والفروسية، وصار مضرب المثل في مكة. ففي حلبات السباق ينهب الأرض بحصانه؛ ليفوز ويتقدم على كل من شارك، كما أتقن فنون القتال، وحذق المصارعة يصرع خصمه بالمداورة،والصبر حتى يجهده، ثم ينقض عليه بيسرى لا تخيب، وقد ساعده على ذلك طوله وقوة بنيته، وكان يفد إلى سوق عكاظ بشاربين كثيفين مفتولين معقوفين، يصارع ويصرع بساعده الأيسر، فعرف الأعسر الأيسر. |
#2
|
|||
|
|||
جزاكِ الله كل خبر
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
الخطاب, ابن, عمر, نشاة |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|