التاريخ والسير والتراجم السيرة النبوية ، والتاريخ والحضارات ، وسير الأعلام وتراجمهم |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ( 8 ) : الشيخ زيد البحري
أما بعد ، فيا عباد الله : نعود مجددا إلى الحديث عن السيرة المطهرة لمحمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام . وكان الحديث قد توقف بنا بعد غزوة بدر الكبرى ، وكان ذلك انتصارا شامخا للنبي صلى الله عليه وسلم وصحابته بعد هذا الانتصار جرت أمور: من بين هذه الأمور: ـــــــــ أن معنويات الصحابة رضي الله عنهم قد ارتفعت ومن بينها : ــــــ أنه هناك ثغورا انفتحت على النبي صلى الله عليه وسلم من الأعداء من الداخل ومن الخارج أما من الداخل : فهناك أصناف شتى من اليهود : يهود بني قينقاع يهود بني النضير يهود بني قريظة إلى غير هؤلاء مما سيأتي ذكرهم إن شاء الله تعالى هذا هو العدو من الداخل أما العدو من الخارج : فهم قريش إضافة إلى قبيلتي : غطفان وبني سليم فالنبي عليه الصلاة والسلام واجه هذه الثغرات مواجهة صريحة جادة من أجل أن يمنع الطغاة من أن يقفوا في الدعوة المحمدية. فبعد سبع ليالٍ من معركة بدر الكبرى قام النبي صلى الله عليه وسلم بجيش حتى بلغ ديارا لبني سليم . ولتعلم أن غطفان وبني سليم قد نقمت هاتان القبيلتان على النبي صلى الله عليه وسلم بعد غزوة بدر الكبرى ؛ لأنهما كانا يستفيدان من قوافل قريش التي تعود عليهم بعوائد اقتصادية. فبعد هذا الحصار الذي أحكمه النبي صلى الله عليه وسلم قلت تلك الموارد والعوائد الاقتصادية على هاتين القبيلتين فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم بما تكيده بنو سليم قام النبي صلى الله عليه وسلم بعد سبع ليال من غزوة بدر الكبرى وأتى إلى ديارهم ، لكنه عليه الصلاة والسلام لم يلق حربا . فجلس عليه الصلاة والسلام ثلاثة أيام على ماء لهم ينتظر ماذا يكون ؟ فلما لم يكن هناك شيء عاد النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة. العدو الداخلي بعد غزوة بدر الكبرى هم يهود بني قينقاع : هؤلاء بدءوا يظهرون العداء للنبي صلى الله عليه وسلم وبدءوا يلمزون في الصحابة رضي الله عنهم .. فما كان منه عليه الصلاة والسلام بناء على المعاهدة القديمة التي تعاهدوا معه عليه الصلاة والسلام على بنود سبق ذكرها ، جمعهم عليه الصلاة والسلام في سوق المدينة ، وحذرهم ونصحهم ودعاهم إلى الإسلام ، وأخبرهم من مغبة تكون لهم كمغبة قريش في غزوة بدر. لكنهم صارحوا النبي صلى الله عليه وسلم بخبث ، فقالوا : يا محمد لا يغرنك أن قابلت قوما لا يعرفون القتال إغمارا لا يعرفون القتال، فإنك لو التقيت بنا لوجدت أننا أولئك القوم ، وأنك لم تلق مثلنا . فأبدوا صريح العداوة للنبي صلى الله عليه وسلم . وفي هذه المقولة ليهود بني قينقاع أنزل الله عز وجل في سورة آل عمران- ولتعلم كما أسلفت لك أن غزوة بدر الكبرى تحدثت سورة الأنفال عن تفاصيلها . أما غزوة أحد فقد تحدثت عنها سورة " آل عمران " في آيات كثيرة وتحدثت عنها بعض الآيات في سورة النساء فقال عز وجل في موقف يهود بني قينقاع : ((قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ{12} قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ ( يعني في بدر ) قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لَّأُوْلِي الأَبْصَارِ)) ولم يقفوا عند هذا الحد : وفي ذات يوم إذا بامرأة من المسلمين تأتي إلى سوق يهود بني قينقاع ، وإذا برجل من اليهود يأتي من ورائها فيرفع ثوبها ، فلما قامت انكشفت ، فاستصرخت بالمسلمين ، فقام رجل من المسلمين فقتل هذا اليهودي ، فهبّ اليهود على هذا الرجل المسلم فقتلوه. حينما علم النبي صلى الله عليه وسلم بالخبر هنا ظهرت أمارات تدل على خيانة يهود بني قينقاع . وبما أنه عليه الصلاة والسلام أعظم الممتثلين لأمر الله عز وجل بناء على المعاهدة السابقة فإن النبي صلى الله عليه وسلم أظهر أنه لا معاهدة بينه وبينهم من أجل أن يستعدوا فيما لو أراد عليه الصلاة والسلام أن يقاتلهم امتثالا لقوله تعالى : {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ } فقام النبي صلى الله عليه وسلم فعقد لواء أبيض وجعل عليه حمزة بن عبد المطلب . فأتى عليه الصلاة والسلام إلى يهود بني قينقاع ، وحاصرهم خمسة عشر يوما ، فلما شدد عليهم الحصار نزلوا على حكمه عليه الصلاة والسلام . فهبَّ عبد الله بن أُبي بن سلول رأس المنافقين ، فقال : " دعهم لي " ( شفع لهم )تشابهت قلوبهم فالنبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يتألفه ـــــــــ فماذا صنع عليه الصلاة والسلام ؟ أخذ أموالهم وأمر بهم أن يُجلوا إلى خارج المدينة دون أن يصيبهم أذى فقام عبادة بن الصامت ، وعبادة كان حليفا لهم في الجاهلية ، ومع ذلك تبرَّأ منهم . لما عادوا النبي صلى الله عليه وسلم تبرأ منهم ، فقام بإجلائهم إلى أذرعات ، وتولى محمد بن مسلمة رضي الله عنه جمع أموالهم . وفي شأن عبادة بن الصامت لما تبرأ منهم، وفي شأن عبد الله بن أبي بن سلول لما ناصرهم أنزل الله عز وجل - كما قال بعض العلماء – قول الله عز وجل : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } كل ذلك وقع في السنة الثانية من الهجرة . نأتي إلى قريش ـــــــــ ماذا تريد أن تصنع بعد غزوة بدر ؟ أرادت أن تقوم بحركة انتقامية من النبي صلى الله عليه وسلم . فلما أخمد عليه الصلاة والسلام يهود بني قينقاع نبعت طائفة أخرى من اليهود في المدينة ، وهم يهود بني النضير. هؤلاء قام أبو سفيان ومعه مئتا فارس ، وتقدم سرا نحو المدينة ، واستضافته يهود بني النضير سرا أراد أن يفعل فعلة في المدينة ، فقام أبو سفيان وقتل رجلين من المسلمين وأحرق نخلا وبعض الممتلكات ، فهرب . فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم بما فعله أبو سفيان أرسل في أثره وكان مع أبي سفيان كان معه جمع كبير من السويق ( وهو مجموع من الدقيق المُحَمَّص من أزودتهم ) فأتبع النبي عليه الصلاة والسلام أبا سفيان أتبعه بجماعة من صحابته لكنهم لم يدركوهم ـــــــــــ لم ؟ لأن أبا سفيان أمر أتباعه أن يلقوا ما معهم من السويق حتى يتخففوا فلم يصل الصحابة رضي الله عنهم إلى أبي سفيان ولا بمن معه وإنما رجعوا إلى المدينة ومعهم تلك الأزواد من السويق ، ولذا سميت هذه الغزوة بغزوة " السويق " لهذا الأمر في السنة الثالثة من الهجرة في مطلعها في شهر الله المحرم . نأتي مرة أخرى إلى قبيلة غطفان وبني سليم لما جفت ينابيع العوائد التي تعود إليهم من تجارات قريش أرادوا أن يجمعوا للنبي صلى الله عليه وسلم جموعا فلما علم عليه الصلاة والسلام بحالهم أتى إلى مكان يسمى " قرقرة الكدر" وكانوا قد نزلوا عليه . فلما علموا أن النبي عليه الصلاة والسلام قد قدموا فروا من الجانب الآخر وتركوا خمسمائة بعير، وأقام النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام كعادته بعد أي غزوة ، لا يعود عليه الصلاة والسلام إلى المدينة حتى يبقى ثلاثة أيام في هذا المكان. نعود مرة أخرى إلى يهود بني النضير: من يهود بني النضير رجل يقال له : " كعب بن الأشرف " : هذا الرجل يرجع إلى بني نبهان من قبيلة طئ ، وكان أبوه قد أصاب دما في الجاهلية فأتى إلى يهود بني النضير وحالفهم ، فتزوج منهم بامرأة تدعى بـ" عقيلة بنت أبي الحُقَيق " فولدت له " كعبا " . وكان كعب هذا من الشعراء الذين ناصبوا العداء للإسلام بشعره، بل إنه لم يكتفِ بهذا : بعد غزوة بدر ذهب إلى قريش، وأراد أن يحضهم وأن يحرضهم وأن يهيجهم على النبي عليه الصلاة والسلام ، فما كان من قريش إلا ان انتهزت هذه الفرصة من أجل أن هؤلاء أهل كتاب ،فأراد أبو سفيان ومن معه ان يبينوا منزلة قريش وأن منزلتهم تعلو على منزلة النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبو سفيان ومن معه : من أهدى نحن أم محمد الذي قطع الأرحام ؟ فقال كعب : أنتم أهدى فأنزل الله عز وجل قوله تعالى في سورة النساء : {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً } ولم يكتفِ هذا الرجل بهذا الأمر بل إنه تشبَّب بنساء المسلمين ، وتغزل بهن فقال عليه الصلاة والسلام : (( من لي بكعب بن الأشرف؟ )) فقال محمد بن مسلمة : أنا يا رسول الله . فدبر مسلمة ومعه أبو نائلة الأنصاري ( وأبو نائلة هو أخو كعب بن الأشرف من الرضاعة ) ومعه ثلاثة آخرون دبَّروا – كما ذكر البخاري في صحيحه تفاصيل قصة قتله – دبروا مكيدة له حتى أخرجوه من الحصن فقتلوه . وبذلك فارتفعت معنويات الصحابة رضي الله عنهم لما قتلوا هذا الرجل الطاغوت. بعد قتله قامت يهود وكبراؤها وخافوا على أنفسهم واتوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد مقتل " كعب بن الأشرف " فأخبرهم عليه الصلاة والسلام بما فعله كعب بن الأشرف مما جعل هناك تداعيات إلى قتله . فعاهدوا النبي صلى الله عليه وسلم معاهدة أخرى هي أصل المعاهدة التي عاهدهم عليه الصلاة والسلام لما قدم المدينة . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ توالت الأيام وفي شهر " صفر " في السنة الثالثة من الهجرة وقعت غزوة " ذي أمَرّ " غزوة " ذي أمر " ــــــــــــ لمن ؟ لـ " غطفان " لوحدها ، ليس معها بنو سليم لغطفان ، تجمعوا من أجل أن يأتوا إلى النبي عليه الصلاة والسلام وأن يفعلوا فعلة تسيء إله عليه الصلاة والسلام . لكنه عليه الصلاة والسلام أتى إليهم في موقعهم لكنهم سرعان ما هربوا خوفا منه عليه الصلاة والسلام ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ بعد ذلك أو من ضمن ما حصل بعد غزوة بدر حصلت غزوة " بُحران " وهذه خاصة لبني سليم . فقام النبي عليه الصلاة والسلام ، ومعه ثلاثمائة من أصحابه ، حتى أتى النبي عليه الصلاة والسلام لهم ؛ لأنهم كانوا يؤمِّنون قافلة لقريش سوف تنطلق من مكة إلى الشام . فلما أتى النبي عليه الصلاة والسلام لم يقع بينه وبينهم قتال كل ذلك في السنة الثالثة من الهجرة في جمادى الأولى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ بعد ذلك حصلت سرية " القَرَدَة " سرية " القردة " : قريش لما رأت أنها انهزمت في غزوة بدر ، وأن حلفاءها قد استُهدفوا أرادت أن تغير المسير للقوافل فبدل أن تأتي وتطرق المدينة أرادت أن تأتي إلى طريق " نجد " ـــــ ثم " العراق " من اجل أن تؤمِّن قوافلها التجارية . فقام أبو سفيان ومعه تجارة كبيرة : معه من الفضة الشيء الكثير، ومعه بضائع كثيرة فلما علم النبي صلى الله عليه وسلم بحقيقة ما يستهدفه أبو سفيان أرسل النبي عليه الصلاة والسلام " زيد بن حارثة " في مئة رجل . فأتى إليهم زيد بن حارثة بعد ما فضَّ الرجال ، واستحوذ على ما لديهم من البضائع ، فبلغت قيمة الغنائم : مائة ألف " فعرَّض زيد بن حارثة بأمر النبي عليه الصلاة والسلام عرَّض تجارة قريش لصفقة عنيفة مما جعلتهم يفكرون ويخططون إلى القيام بعمل عسكري من أجل : أن يشفوا غليلهم مما حصل في غزوة بدر من أجل: أن يؤمِّنوا قوافلهم من أجل: أن تظهر عزتهم ومكانتهم بين القبائل كل ذلك من هذه الأسباب ، وأسباب متداخلة قام أبو سفيان بجمع ثلاثة آلاف مقاتل : فيهم مئة فارس ، وجعل على الميمنة : خالد بن الوليد ، وجعل على الميسرة : عكرمة بن أبي جهل وأتى بالنساء معه من أجل أن يثير هؤلاء النساء نخوة هؤلاء الرجال ، حتى لو فكروا أن يفروا عيَّرتهم هؤلاء النساء فلما علم النبي صلى الله عليه وسلم بحالهم ، وبما يخططون أشار النبي عليه الصلاة والسلام على أصحابه ، وكان عليه الصلاة والسلام عنده مبدأ التشاور مُنْطلقا من قول الله عز وجل : ((وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ)) من قوله عز و جل في صفات المؤمنين : ((وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ)) فقال عليه الصلاة والسلام : (( لنمكث في المدينة)) ولذا جاء في المسند وغيره قال : (( إنها جُنَّة حصينة )) يعني أنها تقية لوجود البنيان فيها . لكن بعض الأنصار قالوا : يا رسول الله ، والله ما كنا نقاتل فيها في الجاهلية فنحن أحق بذلك في الإسلام ، فأبرز إلى القوم . فقام عليه الصلاة والسلام ، ولبس لامته . فتلاوم القوم فيما بينهم ، وقالوا : أشار النبي صلى الله عليه وسلم بأمر وأشرتم بأمر آخر يخالف رأيه ، قم يا حمزة إلى النبي عليه الصلاة والسلام فأتى حمزة إلى النبي عليه الصلاة والسلام ، وقال له : " إن القوم يقولون : أمرنا تبع لأمرك " فقال عليه الصلاة والسلام : (( إنه ليس لنبي إذا لبس لامته أن يضعها حتى يناجز)) فأمر النبي عليه الصلاة والسلام أن ينطلقوا . وكان عبد الله بن أُبي بن سلول كان من المؤيدين لفكرة أن يبقى النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة لتحصينها. فخرج النبي صلى الله عليه وسلم ، ومعه ألف مقاتل ، معه ألف مقاتل ، وكان من بين من معه من هؤلاء الألف ، كان معه ثلاثمائة من المنافقين على رأسهم عبد الله بن أبي بن سلول . فلما انطلق النبي صلى الله عليه وسلم وزَّع الرايات : جعل راية للمهاجرين جعل راية للأوس جعل راية للخزرج فأتى النبي عليه الصلاة والسلام ، وتحرك من المدينة ، فلما تحرك من المدينة إذا بـ " عبد الله بن أُبي بن سلول " بدأ نفاقه يظهر جليا ، فانسحب من الجيش بثلاثمائة رجل ، وقال : " لو نعلم ان هناك قتالا لناصرناكم ، لكنه ليس هناك قتال " ولذا جاء في صحيح البخاري ، قال : " أيطيع الولدان ، ومن لا رأي فيه، ومن لا رأي له ، ويعصيني ؟! " فانسحب فأتاهم عبد الله بن عمرو بن حرام والد جابربن عبد الله ، وقال لهم : تعالوا قاتلوا او على الأقل كثِّروا سواد المسلمين " فقالوا : لو نعلم قتالا لاتبعناكم فأنزل الله عز وجل :(( وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ{166} وَلْيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُواْ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوِ ادْفَعُواْ قَالُواْ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ )) بعد ما رأى بنو سلمة ، وهم من الخزرج ، وبنو حارثة من الأوس لما رأتا أمر عبد الله بن أُبي كادتا أن تفعلا فعلا لا يليق بمنزلة هاتين القبيلتين تُرى ما هو هذا الفعل؟ بعد جلسة الاستراحة نواصل الحديث إن شاء الله أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم ، فاستغفروه وتوبوا إليه أن ربي كان غفورا رحيما الخطبة الثانية أما بعد ، فيا عباد الله : لما انسحب عبد الله بن أُبي ومن معه من هذا العدد الكثير وهم ثلاثمائة أرادت بنو سلمة وهي من الخزرج ، وأرادت بنو حارثة أن تنسحب أيضا وفكّرا جديا بالعودة إلى المدينة . لكن الله عز وجل بفضل منه لما في قلوبهم من الإيمان بفضل منه عز وجل ثبَّت هاتين القبيلتين فأنزل الله عز وجل قوله عز وجل في هاتين : {إِذْ هَمَّت طَّآئِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلاَ وَاللّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ } فعسكر النبي صلى الله عليه وسلم ، واستعرض من معه من الصغار فردّ أربعة عشر صبيا . فنظَّم النبي عليه الصلاة والسلام جيشه ، وجعل خمسين من الرماة فوق تل مقابل لجبل " أحد " جعل النبي عليه الصلاة والسلام خمسينا من الرماة بقيادة " عبد الله بن جبير " فوق تل مقابل لجبل أحد بقصد منع المشركين من أن يلتفوا على الصحابة . فلما أحكم النبي عليه الصلاة والسلام المرتفعات ، وأصبحت تحت سيطرته جعل لقريش طريقا واحدا ، وهو " طريق الوادي " فالتقى الجيشان ، وقام الصحابة رضي الله عنهم بقتال باسل ، وكان شعارهم آنذاك " أمتْ أمتْ " فانتصر المسلمون في الجولة الأولى . فلما رأى من مع عبد الله بن جبير لما رأى أن قريشا تولي الأدبار، وان أصحابهم قد انتصروا نادى بعضهم بعضا : الغنيمة الغنيمة هلموا فقد انتصرتم .فذكَّرهم عبد الله بن جبير بمقولة النبي عليه الصلاة والسلام إذ قال لهم لما أرشدهم على أن يمكثوا على هذا التل ، قال : (( لو رأيتمونا – كما عند البخاري وغيره – لو رأيتمونا تتخطفنا الطير فلا تبرحوا مكانكم حتى أرسل إليكم وإن رأيتمونا وقد انتصرنا فلا تبرحوا مكانكم )) لكنهم في غمرة هذا الانتصار والفرح وما رآوه من هذه الهزيمة نزل بعضهم. فجعل عبد الله بن جبير يذكرهم، وقد بقي رضي الله عنه صامدا باسلا لأمر النبي عليه الصلاة والسلام . فنزل من معه ، فلما نزل من معه حصلت أمور لم تُحمد عقباها بعد هذه الجولة . هذه الأمور يطول الحديث عنها، ولعل المناسب أن تُرجأ إلى الجمعة القادمة بإذن الله تعالى . |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|