عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 10-24-2010, 07:26 PM
أم حماد أم حماد غير متواجد حالياً
عضو جديد
 




افتراضي

فلنأخذ إذا نبذه مختصرة عن القائد العظيم قاهر الصلبيين ومحرر المسجد الاقصي صلاح الدين الأيوبي بعد أن قضي علي الدولة الفاطمية والشيعة ليكون هذا هو النموذج المثالي للقائد المؤمن الذي يجب أن يحتذي به في إيمانه وعدله وتطبيقه لشرع الله وهذا كله من أسباب انتصاراته العظيمة وهذا جعله من المجاهدين الذين استحقوا إن يخلد التاريخ اسمهم.

ينتمي صلاح الدين إلي عائلة كردية كريمة الأصل عظيمة الشرف وهذه العائلة تنحدر من بلدة عند أخر حدود اذربيجان وتعتبر هذه العائلة من اشرف الأكراد لأنهم لم يتعرضوا إلي اي انواع الرق أبدا وكانوا علي درجة عالية من الخبرة في الشؤون السياسية والإدارية حيث تولي جدهم الأكبر بعض الوظائف الإدارية في تكريت وكانت تكريت تقع علي الضفة اليمني لنهر دجلة فقد كانت تكريت اغلب سكانها من الأكراد الذي ينتسب إليهم صلاح الدين وعائلته وكانت تكريت تتحكم في اغلب الطرق الرئيسية المارة بين العراق والشام فقد انتقل جد صلاح الدين مع أولاده الاثنين وهما نجم الدين ايوب وهو والد صلاح الدين وأسد الدين شيركوه و هو عم صلاح الدين وقد تدرج جده في المناصب الإدارية وخلفه ابنه نجم الدين أيوب والد صلاح الدين حتي ولاه السلطان قلعة تكريت وتولي أسد الدين شيركوه إقطاعا كبيرا في تكريت.
ثم ولد صلاح الدين في قلعة تكريت عام532 هـ ،1137م .
ثم انتقل الإخوان نجم الدين أيوب وأسد الدين شيركوه من تكريت في بغداد إلي الموصل عند ( عماد الدين زنكي) والد نور الدين الذي رحب بالأخوين ترحيبا عظيما وأعطاهم المنح والعطايا وأصبحوا من خير القادة حتي توفي عماد الدين وتولي ابنه نور الدين وقد ضم نور الدين دمشق إلي ملكه ونشأ وتربي صلاح الدين في دمشق وتلقي علومه الإسلامية وفنون الفروسية والصيد هناك وتعلم الكثير من ضرورات البطولة وعندما كان صلاح الدين طفل كان قد ذهب مع والده إلي بعلبك الذي ولاه نور الدين عليها فعاش فيها صلاح الدين طفولته مع والده ثم رجع مع أبيه إلي دمشق فأصبح والده من كبار أمرائها وهكذا عاش صلاح الدين طفولته في بعلبك ثم نشأ وترعرع في دمشق ثم التحق صلاح الدين بخدمة عمه أسد الدين شيركوه الذي كان مرافق لنور الدين وتعلم صلاح الدين الفقه والحديث وحفظ القران وتتلمذ علي أيدي كبار العلماء ولنا أن نقول أن علمه لتعاليم وشرع الله وتطبيقه إياها هي التي أتاحت له النصر العظيم ووضعت له بصمة في التاريخ الإسلامي. وتولي صلاح الدين في عهد نور الدين منصب رئاسة الشرطة. أما بالنسبة للرصيد الخلقي له فيتمثل في..
1- تقواه وعبادته. فقال تعالي : وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ)96 (الاعراف) وكانت عبادته تتمثل في التزامه بالعقيدة والصلاة والزكاة والصوم ونوى الحج ولكن اجله سبق أمله في الحج وكان عنده حسن ظن بالله وكان يعظم شعائر الله وسامعا لكتاب الله و لأحاديث رسول الله صلي الله عليه وسلم.
2- عدله: فقال تعالي: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)90 ( النحل) فقد كان يسهر علي مصالح الرعية وأزال بعض المكوس والضرائب تخفيف للناس.
1- شجاعته: فقد كان صلاح الدين من عظماء الشجعان قوي النفس شديد البأس عظيم الثبات لا يهاب أي أمر.
2- كرمه: وذلك يتضح لنا أن صلاح الدين ملك ما ملك ومات ولم يوجد في خزائنه من الفضة إلا سبعة وأربعون درهما ومن الذهب إلا جرام واحد ووزع ما احتوته قصور الفاطميين من جواهر وأموال علي أمرائه وأصحابه.
3- اهتمامه بالجهاد: فقد هجر صلاح الدين أهله وأولاده ووطنه وسكنه وسائر ملاذه في سبيل محبته للجهاد في سبيل الله.
4- حلمه: فالحلم علامة لحسن الخلق وعنوان علو الهمة.
5- مروءته: فالمروءة هي جماع مكارم الأخلاق وكمال الرجولة ومحاسن الآداب وهي تجنب الرذائل من أقوال وأخلاق فتميز صلاح الدين بذلك فكان كثير المروءة ندي الوجه كثير الحياء ويكرم الوافد عليه وان كان كافرا.
6- صبره واحتسابه: فالصبر سيد الأخلاق وأساس الأخلاق الحميدة وكان صلاح الدين صابرا علي مر العيش وخشونته مع القدرة التامة علي غير ذلك وكان مثلا رائعا في الصبر والاحتساب في ميادين الجهاد وتلقي الصدمات والمصائب.
7- الوفاء: فكان صلاح الدين مثلا في الوفاء بالعهود فكان إذا عقد الصلح التزم به وإذا عاهد وفى بعهوده.
8- التواضع: فهو صفه من صفات عباد الرحمن فقال تعالي : (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً)63 (الفرقان) والتواضع هو علامة حب الله للعبد وكان صلاح الدين يسمع من بعض الناس ما يكره ولا يتغير عليهم ولا يخبرهم بما سمع.
وقد ورث صلاح الدين عن أستاذه نور الدين السلطنة العامة ورسالته في توحيد الجبهة الإسلامية لجهاد الصلبيين وإحياء الخلافة العباسية والقضاء علي الفكر الشيعي والدولة الفاطمية بمصر فكان ليس من السهل علي صلاح الدين أن يقتلع مذهب من المذاهب بمجرد تغيير النظام السياسي وتحويله من مذهب شيعي إلي مذهب سني فإنما احتاج ذلك التغيير إلي مجهودات كبيرة وطويلة استغرقت سنوات فاستخدم أحيانا صلاح الدين سياسة الحيلة والتدرج وأحيانا سياسة الشدة والعنف والحسم الفوري واستخدم أحيانا القوي العسكرية واستخدم مع بعضهم أسلوب الدعوة والاستمالة فأكثر من المدارس السنية في الحجاز والشام ومصر لينشرا الفكر السني الصحيح و يبطل الفكر الشيعي.
وكل هذه الجهود في القضاء على المذهب الشيعي وتوحيد المسلمين علي المذهب السني تحتاج إلي قائد عظيم وشجاع ومقدام ورجل بمعني الكلمة حتي يستطيع أن يسيطر علي هذه البلاد المليئة بالفتن العقيدية ( وان العراق في عصرنا هذا مليئة بالمذاهب المختلفة ولكن الزعيم الراحل صدام حسين استطاع إن يملك زمام الحكم ويسيطر علي هذه المذاهب وخصوصا الشيعة التي سرعان ما استعادت نشاطها بعد وفاة صدام حسين فعرفنا قيمة هذا الزعيم الشجاع بعد وفاته وحمايته للسنة وأهل السنة الذين يقتلوا الآن في مذابح من الشيعة طهر الله بلاد المسلمين من دنس الأعداء والشيعة الرافضة فسيأتي ذلك اليوم لا محالة فمهلا أيها الأعداء فنصر الله قريب وآت فالتاريخ يُعيد نفسه)
وقد استوعب صلاح الدين أن من أسباب تحقيق النصر ضد المد الشيعي الباطني والغزو الصليبي هو وجود (القيادة الربانية) فقد كان للعلماء والفقهاء عند صلاح الدين مكانه عظيمة فقد كان (القاضي الفاضل) من أهم العلماء الذين كان لهم دور سياسي وتدخل في شئون الدولة مع صلاح الدين بل ويرجع صلاح الدين في قراراته إلي القاضي الفاضل لتكون قراراته تبعا لشرع الله كما أمرنا الله حتي يبلغ ما يتمناه بتحقيقه لشرع الله في حكمه وهذا ما يسر له تحقيق ما تمناه من نصر.
إما بالنسبة للأحوال الاقتصادية والسياسية والعسكرية في عهد صلاح الدين بمصر تتمثل فيما يأتي:-
1- اهتم بالزراعة والتجارة ليحمي البلاد من ويلات المجاعات التي تسببها الحروب.
2- اهتم بالصناعة فقد انتشرت في عهده العديد من الصناعات التي تضاعف الإنتاج وتمكن لدولته أسباب القوة والازدهار كصناعة الزجاج والسفن والأساطيل إلي غير ذلك من الصناعات.
3- الغي صلاح الدين المكوس والضرائب غير الشرعية واكتفي بالموارد الشرعية ( زكاة وجزية وخراج وغنائم وعشور التجارة)
4- اهتم بالإصلاح العمراني في البلاد كبناءه لسور القاهرة وبناء قلعة الجبل .
5- اهتم ببناء المدن وبناء القلاع وتنظيم الجيش لصد أي هجمات.
6- اهتم صلاح الدين بتأمين الطريق الموصل بين مصر والشام فأقام القلاع والمنازل والحراسة علي طول الطريق فبذلك أعاد الأمن والسلام إلي سيناء التي هي نقطة وصل بين مصر والشام.
7- حماية صلاح الدين لطريق الحج البري لحجاج مصر والمغرب والأندلس فقد كان الصليبيون يتعمدوا إلي مهاجمة ونهب قوافل الحج والتجارة المصرية المارة عبر سيناء وطريق الحجاج الشهير فقد كان الصليبيون يدركوا مدي خطورة فريضة الحج الذي يحقق للمسلمين الوحدة الروحية التي يتخوف منها الصليبيون وجميع أعداء الإسلام.
أما بالنسبة لجهود صلاح الدين في توحيد الجبهة الإسلامية تمهيدا للتصدي للصلبيين وتحرير بيت المقدس لأنها من أهم أسباب النصر فيما يلي:-
1- استولي واستعاد صلاح الدين اغلب مدن الجزيرة في العراق لأن هذه البلاد التي كان يحكمها نور الدين بعد وفاته تشتت بسبب أطماع امراءه وقادته الذين من داخل أسرته وخارج أسرته.
2- ضم صلاح الدين دمشق لسيطرته بعد أن تفرق إماراءها بعد وفاة نور الدين واستقلوا أمراء دمشق عن صلاح الدين لظنهم أن صلاح الدين سوف يخرجهم من البلاد لانفراده بحكم مصر التي هي اكبر ولايات نور الدين وخص بها صلاح الدين دون عن هؤلاء الأمراء فقد ضم صلاح الدين دمشق إليه بعد أن تفرغ من مهامه في مصر واستتب الوضع بمصر فاراد أن يستتب الوضع في دمشق التي كانت مقر لأستاذه نور الدين و ليتولي الوصاية علي ولده بدل من هؤلاء الأمراء وذلك ردا لفضل نور الدين عليه وهو أن يتولي الوصاية علي ولده الملك الصالح بعد وفاه نور الدين .
3- ضم صلاح الدين حلب إلي بقية أملاكه بعد إن ضم دمشق ومناطق الجزيرة .
4- ضم صلاح الدين الموصل إلي أملاكه وطاعته وتحت سيطرته وبذلك استطاع صلاح الدين توحيد الجبهة الإسلامية تحت زعامته وأصبح اقوي حاكم مسلم في المنطقة و اتصف صلاح الدين أثناء فتوحاته لهذه البلاد وضمها إليه من أيدي الأمراء الذنكبيين بالكرم وحسن الخلق أثناء حصارهم. وبذلك أصبحت مملكة صلاح الدين قوية ومتوحدة ومتماسكة فأصبح مهيأ ومتفرغ لقتال الصلبيين وتحرير بيت المقدس فاشتدت مخاوف الصلبيين من وحدة المسلمين وخصوصا الوحدة السياسية والعسكرية بين مصر والشام وهما اكبر واقوي المناطق الإسلامية.
وقد كان صلاح الدين حريص علي كسب رضا الخليفة العباسي وولاءه له لأنه يؤمن انه مصدر الشرعية الروحية لجميع المسلمين إما محاربة صلاح الدين لبعض حكام المسلمين فلم يكن يحارب شخصهم بل حارب أنانيتهم ومصالحهم الشخصية التي تدمر أحلام المسلمين فقد قضى صلاح الدين في توحيد الجبهة الإسلامية اثني عشر عاما وكانت طموحاته خلالها أضخم بكثير من قوى جسمه وأمراضه ،فهو عملاق حربي وكتلة أمراض جسدية ولكن كان حبه للجهاد هو الذي ينسيه آلامه ويجعله يتجاوزها .
وقد لجاء صلاح الدين للقوة أثناء توحيده للجبهة الإسلامية لأن المسلمين كانوا عند بدء الحروب الصليبية متفككين ومتنازعين وإمارات متحاربة فبدأ نور الدين زنكي فى توحيد هذه الأمة وتجميعها بمخاطبتها بالدليل الشرعي في الوحدة و أهميته لصد العدوان الصليبي لتطهير المقدسات وقد بينت الأحداث أن توحيد الأمة لا يقف عند أمنية الناس والشعوب فى الوحدة بل يتطلب وجود حكام مؤمنين مخلصين يرغبون من كل قلوبهم في توحيد الأمة ولابد أن تترجم هذه الرغبة في جهود عملية من هؤلاء الحكام وجهاد مستمر تبذل فيه الأنفس والأموال بل ويتطلب الأمر إلي استخدام القوة كما فعل صلاح الدين لتوحيد الأمة ولابد أيضا أن يكون لرجال الدين والعلماء دور ايجابي في دعوتهم للوحدة بإخلاص ومحاربة الدعاة الذين يتبعون أهوائهم وأهواء حكامهم في فرقة الأمة .
وها هو التاريخ يعيد نفسه فالمسلمون الآن ليسوا أمة واحدة وليس لهم دولة واحدة تحكمهم وتدبر أمور حياتهم ولكنهم فرق متفرقة وأصبحت بلاد المسلمين مقر ومطمع لأعدائهم وخيراتهم بل فرض عليهم الأعداء منهجهم وقوانينهم وللأسف كثير من أمة الإسلام ارتضي بهذا المنهج والقانون وابتعدوا عن شرع الله الا من رحم ربى وهذا من أكبر وأهم أسباب ضعف الأمة وضياع بعض أراضيها وضياع القدس من بين أيدينا ولكن الصحوة قادمة لأنها سنة الله في الأرض أن مع العسر يسر وأن النصر مع الصبر وأن الأمة الإسلامية مهما تمرض فلن تموت وسينصر الله المسلمين الموحدين على أعدائهم عندما يأذن الله في وقت معلوم وهذا وعد الله فلن يخلف الله وعده.


يتبع بإذن الله
رد مع اقتباس