عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 10-24-2010, 07:28 PM
أم حماد أم حماد غير متواجد حالياً
عضو جديد
 




افتراضي


توضيح حقيقة الاختلاف بين صلاح الدين والخليفة العباسي
ومن مواقف صلاح الدين التي تعبر عن أخلاقه وحسن تأدبه وحسن تصرفه وحكمته هو إن الخليفة العباسي (الخليفة الناصر) كان يهتم بالمظاهر ولا يهتم بالبواطن فقد عاتب صلاح الدين لأنه بعث إليه رسالة البشري والتهنئة مع شخص وضيع عندهم وعاتبه أيضا لأنه سمي نفسه الملك الناصر ليضاهي الخليفة لانه سوف يكون صلاح الدين هو الملك الناصر والخليفة العباسي هو الخليفة الناصر . ولكن صلاح الدين استقبل هذا العتاب بكل لطف وأوضح للخليفة أن يعتذر له لان الحرب قد شغلته عن بعض الأمور إما بالنسبة للقب الملك الناصر فقد أوضح صلاح الدين بان هذا اللقب قد أطلقه عليه الخليفة المستضئ من أول ما تولي صلاح الدين الوزارة بمصر يعني لم يقصد أن يتشابه مع الخليفة الحالي لان لقب صلاح الدين كان من قبل تولي الخليفة الناصر الحكم وأوضح بكل أدب وتواضع انه مهما لقب فهذا لا يأتي شيئا في خليفة المسلمين لأنه معلن ولائه للخليفة
الحملة الصليبية الثالثة
ما كاد القتال ينتهي في حطين وتتحقق خسارة الصلبيين حتي أسرعت رسل الصليبيين إلي غرب أوروبا يستغيثوا بملوك أوروبا وسرعان ما تناسي ملوك وحكام أوروبا ما بينهم من خلافات وأحقاد وعقدوا العزم علي استجابة الصليبيين المستغيثين في بلاد الشام وبالفعل وصل الي المشرق الإسلامي أعظم ملوك أوروبا في ذلك الحين وهما الملك (فيليب أغسطس) ملك فرنسا و (ريتشارد قلب الأسد) ملك انجلترا وبداوا علي الفور بتشديد الحصار علي عكا. وبالفعل سقطت مدينة عكا في أيدي الصلبيين ولم تفلح الهجمات المتعددة التي شنها المسلمون ضد المحاصرين لعكا لكن صمود المسلمين ضد هجمات الصلبيين دفع ريتشارد قلب الأسد إلي طلب المفاوضات وبالفعل توقف القتال لمده ثلاثة ايام حتي ينعقد اجتماع لحل النزاع ولكن فجأة مرض ملك انجلترا وملك فرنسا واشتد المرض علي ريتشارد قلب الأسد وكانت عكا قد ضعفت واشتد الخناق علي المسلمين بها ولكن ظل صلاح الدين يحث أهلها علي الصبر والجهاد وقتال الأعداء وبالفعل أدرك المسلمون بعكا انه لم يعد سوي الجهاد والصبر ولكن للأسف ذهب احد أمرائها إلي الصليبين وعرض عليهم تسليم البلد مقابل خروج من بها من مسلمين بأموالهم وأهلهم فقبل الصليبيون تلك الاتفاقية وأول ما دخلوا عكا نقضوا عهدهم معه كعادتهم وغدروا بمن فيها من المسلمين ولما امتنع صلاح الدين عن بذل المال والأسري وصليب الصلبوت اخذ ريتشارد حوالي ثلاثة ألاف أسير من المسلمين وقتلوهم مرة واحده ولا شك أن ذلك التصرف الوحشي أثار النخوة الإسلامية في صفوف المسلمين فجاء المسلمون من كافة الأقطار الإسلامية للجهاد ضد الصليبيين الذين دخلوا عكا وبالفعل فان المسلمين استطاعوا أن يمنعوا الصليبين من تحقيق أي انتصار أخر عقب دخولهم عكا فبمجرد دخول الصلبيين عكا لا يعتبر انتصار متكامل لهم فقد ألحق المسلمون بالصلبيين العديد من الخسائر فعجز الصليبيون عن تحقيق أي انتصار اخر وشتان بين السلوك الهمجي الذي اتبعه ريتشارد مع اسري المسلمين وبين السلوك الإنساني الذي اتبعه صلاح الدين مع الصلبيين في مواقف كثيرة ذكرناها إما عن أسباب سقوط عكا ما يأتي:
1-استمرار وصول إمدادات صليبية أثناء حصارهم لعكا واستمرت مقاومة عكا للصليبين سنتين كاملتين.
2-استخدام الصلبيين أسلحة جديدة ومتنوعة .
3-طول مدة الحصار البري والبحري مما أدي إلي إرهاق المسلمين في المقاومة.
4-ضعف المؤسسة المالية في جيش صلاح الدين فقد أدي الصراع الطويل لصلاح الدين مع الصلبيين إلي ضعف المؤسسة المالية للمسلمين فقد انفق المال كله في فتح المدن السابقة في الشام والجزيرة ومدن الساحل.
ثم وضع ريتشارد قلب الأسد خطة لاسترداد المدن الواقعة علي شاطئ فلسطين قبل أن يتوجه إلي بيت المقدس فقد دخل ريتشارد عكا و ارسوف ويافا الذي اتخذها ريتشارد قاعدة لجيشه لقربها من بيت المقدس ولكن لم يسكت صلاح الدين ولم يستسلم فقد بعث رساله عاجلة إلي ريتشارد قلب الأسد تحمل نبأ هجوم المسلمين علي يافا وكان هذا الهجوم هو أخر هجوم مسلح بين المسلمين والحملة الثالثة من الصلبيين وبعد قتال مرير نجح المسلمون في دخول يافا ثم جاء ريتشارد قلب الأسد بهجوم مضاد واستطاع ان يدخل المدينة ولكن اشتد المرض علي ريتشارد وبعث الرسل إلي صلاح الدين في طلب الفاكهة والثلج لان مرضه كان يتطلب أكل الخوخ والكمثري فكان صلاح الدين بتسامحه يمده بذلك ثم جدد ريتشارد عرض الصلح علي صلاح الدين لان المرض قد اشتد عليه وعجز عن قيادة قواته ، ولان الإمدادت العسكرية انقطعت من أوروبا، والسبب الأهم؛ أنه يئس من استرداد بيت المقدس
وبالفعل تم عقد (صلح الرملة) علي ستة مراحل من المفاوضات وكانت المرحلة السادسة والأخيرة مدتها ثلاث سنوات وتنص علي ما يأتي:
1-يكون للصلبييين المنطقة الساحلية.
2-تكون عسقلان بأيدي المسلمين.
3-يتقاسم المسلمون والصليبيون (اللد والرملة)
4-يحق للنصارى زيارة بيت المقدس.
5-للمسلمين والنصارى الحق في أن يذهب كل فريق منهم لبلاد الأخر .
6-مدة المعاهدة ثلاث سنوات وثلاثة أشهر.
نتائج الحملة الصليبية الثالثة:
1-برحيل ريتشارد قلب الأسد إلي بلاده بعد صلح الرملة بلغت الحملة الصليبية نهايتها فلن تتوجه هذه الملوك مرة أخري إلي بلاد الشرق.
2-يعتبر المؤرخون الحملة الصليبية الثالثة من الحملات الفاشلة في تاريخ الحروب الصليبية لأنها لم تحقق ما يتناسب مع ما بذل فيها من جهد ضخم ولأنها لم تنجح في تحقيق هدفها الأساسي وهو (بيت المقدس)
3-تميزت هذه الحملة بحدوث تفاهم كبير مع المسلمين فكان الطرفان شديد الصلة ببعضهما بدليل إرسال صلاح الدين الفاكهة والثلج لريتشارد وإرسال الطبيب الخاص لصلاح الدين لمعالجة ريتشارد .
4-تأثرت الحضارة الغربية بالحضارة الإسلامية مثل نقل الكثير من الصناعات والفنون فأدي هذا التأثر إلي نمو الحضارة الغربية وازدهارها ولولا الحروب الصليبية لتأخر نمو الحضارة في أوروبا مدة لا يعلمها إلا الله واعترف بعض من المستشرقين بهذه الحقيقة قبل ان يقولها المؤرخين المسلمين فقد كان الغرب غارقا في بحر الهمجية.


مرض صلاح الدين ووفاته(رحمه الله)
بدا يشعر صلاح الدين بالمرض فقد أصابته الحمى في بطنه واخذ المرض في التزايد حتي جاء يوم السابع و العشرين من صفر في عام 589هـ فبات ليلتها عنده رجل صالح يقرأ عليه القران ويذكره بالله لأنه كان يحتضر فيغيب عن الوعي أحيانا ثم يفيق حتي وافته المنية بعد صلاة الصبح في هذا اليوم رحمة الله عليه
ثم جلس ولده (الملك الأفضل) للعزاء فقد كان يوما عظيما لان الناس انشغلوا بحزنهم علي وفاة صلاح الدين عن أي شئ آخر
فارتفعت الأصوات عند مشاهدته وعظم الضجيج حتي كان الناس يتخيلون أن الدنيا كلها تصيح صوتا واحدا وغشي الناس من البكاء ما شغلهم عن الصلاة فما يوجد قلب إلا حزين ولا عين إلا باكية إلا من شاء الله ويقال انه دفن معه سيفه الذي كان يجاهد به.
ولم يترك صلاح الدين في خزانته من الذهب سوي دينار واحد وستة وثلاثين درهما ولم يترك دار ولا عقار ولا مزرعة ولا بستان ولا أي شئ من أنواع الأملاك فقد كان همه الوحيد فقط هو نصر الإسلام وكسر الأعداء اللئام.
وكان من وصيه صلاح الدين لابنه الملك الظاهر انه قال له ( أوصيك بتقوى الله فإنها رأس كل خير وسبب نجاتك ، وأوصيك بحفظ قلوب الرعية والنظر في أحوالهم فأنت امين الناس عليهم فما بلغت ما بلغت إلا بهؤلاء الناس، ولا تحقد علي احد فان الموت لا يبقي علي احد ، واحذر ما بينك وبين الناس فانه لا يغفر إلا برضاهم ، وما بينك وبين الله يغفره بتوبتك إليه فانه كريم)
ما أعظمها من وصايا ثمينة وغالية لا تخرج إلا من رجل عظيم مثل صلاح الدين رحمه الله الذي سوف يظل التاريخ يذكره حتي يعرفه العالم كله إلي وقتنا هذا وحتي تقوم الساعة فأصبح من يسمع به ولم يراه يحزن علي فقدانه فلا زلنا نبكي علي هذا الرجل العظيم دما بدل من الدموع ونرجو من الله ان يخرج لنا رجل اخر مثل صلاح الدين لينقذ الإسلام والمسلمين بفضل الله علي يده.
وقد وجد في بعض الكتب أن رجل رأي ليلة وفاة صلاح الدين كأن قائلا يقول له قد خرج الليلة يوسف من السجن وذلك لان الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر . فالدنيا كانت بالنسبة لصلاح الدين سجن بالنسبة إلي ما سار إليه في الآخرة .
رضي الله عن تلك الروح الطاهرة وفتح له باب الجنة بإذن الله. وقد تأثر الناس بوفاة صلاح الدين حتي المؤرخون الأوربيون ترحموا عليه وأشادوا بعدله وقوته وتسامحه واعتبروها اعظم شخصية شهدها عصر الحروب الصليبية إذ يكفي ما قام به في سبيل توحيد صفوف المسلمين والدفاع عن كيانهم ثم مواصلة الجهاد في صورة لا تعرف الملل لطرد الغزاة الدخلاء فقد هجر في محبة الجهاد وفي سبيل الله أهله وأولاده ووطنه فلا شك أن وفاة صلاح الدين كانت خسارة كبري للجبهة الإسلامية . رحمة الله عليه واسكنه جنات الخلد مع الأنبياء والشهداء.


يتبع بإذن الله
رد مع اقتباس