عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 05-25-2011, 02:39 PM
قطز متولي قطز متولي غير متواجد حالياً
عضو جديد
 




افتراضي

تفسير سورة المدثر المحاضرة الثامنة





















هذه القصة يرى جابر فيها أنها أول ما نزلت من القرآن .. وهنا كما قلنا أن هذا ما بلغ جابر رضي الله عنه ولا تعارض بينه وبين حديث عائشة رضي الله عنها .. وهناك من العلماء قال أن أول ما نزل بإطلاق هو ( اقرأ ) أول ما نزل بعد فترة الوحي هو ( المدثر ) وطريق آخر أن أول ما نزل بإطلاق هو اقرأ وأول من نزل بسبب هو يا أيها المدثر ...
والمرجح أن أول ما نزل هو صدر سورة العلق ..
- يا أيها المدثر .. هذا نداء مثلما افتتح كثير من السور بذلك .. المدثر بمعنى المتدثر فهنا المتدثر واضغمت التاء في الدال ومعناها المغطى ... والمزمل بنفس المعنى ... وهنا جاء النداء لوصف النبي في هذا الوقت يا أيها الملتحف أو المغطى ... هذا الوصف للنبي بالمدثر فيه أسلوب ملاطفة .. وهو أن تحدث الأنسان بما هو عليه مثلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم ليسأل عن علي رضي الله عنه فعلم أنه في المسجد فأتاه فقال له قم يا أبا تراب قم يا أبا تراب ... ومثلما قال النبي لحذيفة رضي الله عنه في غزوة الأحذاب ... ولما عاد أعطاه عباءته ونام حتى الصباح قال له قم يا نومان قم يا نومان .. فهذا ملاطفة مثلما في يا أيها المدثر ... المدثر هنا صفة وليس باسم من أسمائه ولا يعلم أن الله تعالى نداه باسمه في القرآن مثلما حدث مع بعض الرسل .. " يا نواح اهبط بسلام منا " " يا ابراهيم قد صدقت الرؤيا "
-




- قم فأنذر ... أي شمر عن ساق العزم وأنذر ولذلك قال بعض العلماء نبئ باقرأ وأرسل بيا أيها المدثر ...قم هنا دلالة على الحركة فلابد أن تتحرك وتدعو غيرك .. ولعلنا نلاحظ أنه لم يقل ( وبشر ) مع أنه تعالى قال" عن أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا " وهذا فيه كما قال أهل العلم براعة استهلال .. مثلما يشير الخطيب عن موضوع الخطبة .. وهذا يدل على أن الموجود في هذه السورة هو الإنذار أي التهديد والوعيد .. لذلك قال فأنذر لأن هو المناسب لواقعهم لأنه لم يدعوا قبل ذلك فكل الموجودين على الكفر وهذا هو المناسب لهم .. وأيضا بعض العلماء يسمي هنا أسلوب الأكتفاء أن يأتي بلكمة وتفهم منها الكلمة المناسبة ( مثل " سرابيل تقيكم الحر " فالأولى أن تفهم أيضا والبرد " ... لذلك فالتقدير هنا أنذر وبشر ... قم فأنذر معناه الإعلام مع التخويف والتحذير .. الإعلام مع الترغيب هو التبشير . . والفاء هنا تدل على السرعة في وتحفيز الرسول صلى الله عليه وسلم ... ونلاحظ أن هذه السورة قريبة من سورة المزمل فهنا قم وهناك قم .. وهذا فيه أن صاحب الدعوة أن يكون داعية وفي نفس الوقت يكون له حظ من الصلاة والقيام والعبادة .
- وربك فكبر .. فالتكبير هنا المراد به التعظيم .. وأصل الآية ( كبر ربك ) فقدم المفعول مثل إياك نعبد ( نعبدك ) وهذا يفيد القصر أي عظم ربك لا غير .. وبعض المفسرين قالوا كبر أي كبر للصلاة أو كل تكبير وتعظيم لله سبحانه وتعالى .. وربك فكبر فيها بيان لسبب استحقاق هذا التكبير لأنه هو الرب هو الرازق هو الخالق .. لذلك ذكر وربك ... والفاء هنا قال بعضهم كأنه جواب شرط قدره بعضهم ( مهما يكن من شيء فكبر ربك ) ..
- وثيابك فطهر أيضا شرط أي مهما يكن من شيء فطهر ثيابك .. وقال بعضهم كلها تفيد الاختصاص أي خص ربك وخص ثيابك .
- وأيضا ربك فكبر تجد فيها مقلوب أي الكلمة تقرأ من الأول إلى الأخر والعكس مثل " كل في فلك "
- وذكروا في ذلك قصة أن القاضي زار العماد الكاتب فلما أراد القاضي الانصراف قال له العماد " سر فلا كبا بك الفرس " فهي أيضا مقلوبة فرد عليه القاضي " دام علا العماد " فهذا يدل على بلاغتهم فهي بدون قصد .
-












وقال بعضهم الثياب ( الحسية – قلبك – عملك – جسمك- والمعنوية ) فطهر ( الظاهر – الباطن - المعاصي – الذنوب – الغدرات ) لذلك قال بن عباس لا تلبس ثيابك على غدرة مثلما ذكر في بيت الشعر .. وهنا أمران 1- الأمر الذي رجحه بن كثير وهو حمل الآية على العموم قال العلماء إذا ورد في الآية عدة أقول وأمكن حمل الآية عليها جميعا فالأولى حمل الآية على جميعها .. أي لو أتى بقول تحتملهم الآيات ولا تعارض نحملها على الأقوال جميعا فهنا تحمل الآية على تطهير العقل والقلب والثياب .2- الرجز فاهجر هناك قاعدة ( التأسيس أولى من التأكيد ) .. أي فهنا لو تكلم متكلم كلاما وقال كلاما أخر هل الأولى نقول أنه تتمة للماضي وتأكيد له أم تأسيس لمعنى جيد نقول تأسيس أولى مثل قوله تعالى " ألم ترى أن الله يسبح له من في السموات والأرض والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه " علم تجوز ( هو أي الطير ) ( هو أي الله ) ورجح بعض العلماء الرأي الأول والدليل على ذلك أن الآية اختتمت بقوله والله عليم بما يفعلون لماذا ؟ لأنه جملة جيدة تأسس لمعنى جيد فلو كان الله علم فما فائدة ختام هذه الآية .
- هنا تطبيق القاعدة ( والرجز فاهجر فيها معنى جديد مع أننا قلنا أن ثيابك فطهر أي من الذنوب والمعاصي .. لذلك حمل بعضهم معنى وثيابك أي الثياب الظاهرة والرجز هنا أتت بمعنى جديد أي اهجر عبادة الأصنام .


المحاضرة الحادية عشرة ( تابع تفسير سورة المدثر )

- توقفنا في اللقاء السابق عند قوله تعالى " سأصليه سقر " قوله سأصليه سقر هو استئناف بياني كأن هناك سؤال ما جزاءه فقال سأصليه سقر .. بعدما ذكر ما فعله هذا المكذب ثم كأن هناك سؤال مقدر هو ما جزاءه يا رب فقال سأصليه سقر .. و سقر هي النار .. وقال بن عطية سقر هي الدرك السادس من جهنم ولا نعلم بذلك حديثا ورد .. سأصليه من الصلي و الصلي قد يطلق ويراد به الإحساس أو الإحراق وهو المراد هنا أي سأحرقه وليس مجرد الإحساس فقط وقال بعض العلماء أن هناك قاعدة عند استخدام مادة الصلي أنه إذا ذكر لها مفعول ثان من أسماء النار فإن الفعل يكون بمعنى الإحراق " نصليه نارا " " سيصلى نارا " " سأصليه سقر " و سقر ممنوعة من الصرف ...
- سأصليه سقر .. قلنا أنها استئناف بيان وقد تكون بدل من سأرهقه صعودا أي كأنها تساوي نفس المعنى
- وما أدراك ما سقر : هذا الاستفهام للتفخيم والتهويل " القارعة ما القارعة " الحاقة ما الحاقة " فهذا للتفخيم والتهويل .. وفي الغالب إذا جاء وما أدراك يأتي بعدها الجواب .. إما ما يدريك في الغالب لا يأتي معها الجواب ... ما سقر أي ما هولها وما شدتها .. لا تبقي ولا تذر هنا عُجل بالخبر للتهويل والتقدير سقر لا تبقي ولا تذر .. أي لا تتركهم على حالتهم بل تعود لهم الجلود على حالتهم حتى يستمر التعذيب " لا يموت فيها ولا يحيا "
-
- لواحة للبشر .. أي محرقة أو لواحة أي ظاهرة أي تلوح .. وللبشر فيها قولان 1- للبشر للناس أو للإنسان للكافر أوهنا تكون لواحة أي تلوح وتظهر 2- أن البشر جمع بشرة أي محرقة للجلود .. وقد ذكرت فيما قبل إن هذا إلا قول البشر والمقصود الناس .. والبشر هنا بمعنى الجلود فأتت اللفظة بمعنيين وهذا في البلاغة ( جناس تام )
- عليها تسعة عشر " ما الحكم الإعرابي لتسعة عشر ( مبتدأ مؤخر مبنية على فتح الجزئيين في محل رفع ) ( تسعة عشر عليها ) وعليها شبه الجملة خبر أو متعلق بخبر والضمير عائد على سقر ... تسعة عشر هم مقدمي الزبانية " عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون " ... هنا مسألة ( هل معنى ذلك أن الخزنة ليسوا إلا تسعة عشر " 1- قال بعضهم أن هؤلاء هم النقباء أو الرؤساء " مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها " 2- بعضهم قال العدد على ظاهره .
- وقد قال الكفار عندما سمعوا الآية كيف أن النار عليها تسعة عشر فقط ؟ نجتمع عليهم ونقضي عليهم ولا ندخل النار لذل قال الله بعدها " وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة .."
- وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة هنا أسلوب حصر أي ملائكة لا غير أي أتظنون أنكم قادرون على الفتك بملك واحد ... إلا ملائكة جمع ملك والملك من الألوكة والألوكة بمعنى الرسالة وأصلها ملأك وهي أصل الاشتقاق والملائكة لأنهم رسل الله عز وجل .
- وهذا الخبر لا يثبت












- وما جعلنا عدتهم أي الملائكة إلا فتنة أي اختبار منا للناس وأصل الفتنة هو الصرف " والفتنة أشد من القتل " أي صرف الناس عن دين الله .. وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للناس أي اختبار فقال الكفار كيف يعذب الناس تسعة عشر وكذلك شجرة الزقوم " إن جعلنها فتنة للظالمين " فأنكروا كيف تنبت شجرة في أصل الجحيم .. فهذه أمور يبتلي الله به عباده ليعرف المؤمن من الكافر مثل هذا العدد ...
- ليستيقن الذين أوتوا الكتاب أي ليقع لهم اليقين وموافقة القرآن لما في أيديهم فيتحقق لهم اليقين .( لأنهم عندما يسمعون أن هذا النبي قال العدد الموجود عندهم في كتبهم فيعرفون صدقه "
- ** وقد قلنا أن ذكر أهل الكتاب في سورة يدل على أنها مدنية وهذا فيه نظر .. لأن المدثر مكية بالاتفاق لن هناك من اليهود من كان يأتي إلى مكة وكان من أهل مكة من يسأل اليهود
- ويزداد الذين أمنوا إيمانا .. وهنا قال مع الكتابي يستيقن لأنه قد يعرف أنه صواب ويتقن من صحته ومع ذلك لا يؤمن .. والمؤمن عندما يجد ذلك موافقا لما في الكتب السماوية زاد ايمانه ومن معتقد أهل السنة والجماعية أن الإيمان يزيد وينقص وهذا ثابت في كتاب الله وفي سنة رسوله .
- ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب .. أي لا يشك فهذا تأكيد للاستيقان بأن الرسول صلى الله عليه وسلم على الحق وكذلك لا يكون عند أهل الأيمان شك
- وليقول الذين في قلوبهم مرض .. أي تردد في الإيمان والذين في قلوبهم مرض ليس هنا المنافقون ولكن الشاكون .. فيقولون ماذا أرد الله بهذا مثلا أي ما الحكمة من ذكر العدد هنا ومثلا أي وصفا إي إنكارا منهم .
- كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء ... كذلك أي مثل الإضلال الذي وقع في قلوب الذين في قلوبهم مرض و الكافرين يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء إضلالا مثل ذلك الإضلال ... ( كذلك صفة لقوله إضلالا ) يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء .. فهذا معناه أن كل شيء يقع بتقدير الله ( فالخير والشر بتقدير الله )
-
- وما يعلم جنود ربك إلا هو ... أي لا يعرف عددهم إلا الله
- وما هي إلا ذكرى للبشر نقف عندها
- انتهت المحاضرة ( الحادية عشرة )
رد مع اقتباس