عرض مشاركة واحدة
  #20  
قديم 06-03-2013, 03:57 PM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متواجد حالياً
كن كالنحلة تقع على الطيب ولا تضع إلا طيب
 




افتراضي

اللقاء الثاني
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. الحمد لله الذي يسر لنا هذا اللقاء ونسأله سبحانه وتعالى أن يجعله لقاء مباركاً مرحومًا اللهم آمين.

لازلنا في موضوع غاية في الأهمية وهو موضوع : الاستعداد لرمضان بالإيمان. وقد اتفقنا على أننا بحاجة شديدة للعناية بإيماننا سواء في الإقبال على الأزمان الفاضلة أو غادرناها فالإيمان هو حقيقة حياة القلب، وكما أن الخلق فيهم شديد الحرص على حياة أبدانهم فالمفروض أن يحرص المؤمن حرصًا شديدًا على حياة قلبه، ولو آمنا إيمانًا حقيقيًا أن حياة القلب هو الإيمان كان سيقع في القلب عناية بالإيمان، سيقع في القلب كما ذكر أبو الدرداء ـ رضي الله عنه ـ يكون العبد فقيهًا في نفسه.

وما هو فقه العبد؟
أن يعرف منزلته من الإيمان في هذه الساعة ، هل هو زائد أو ناقص إيمانه؟ ما سبب زيادة أو نقص الإيمان التي يعيشه في هذه اللحظة؟ إذاً العناية بمسألة الإيمان ليست حكراً على رمضان، لكنها في غاية الأهمية من جهة الاستعداد لرمضان، وهي تفسير لحالة تتكرر علينا، أننا نقبل على شهر رمضان ونكون متحمسين ونريد أن تكون نقطة تحول في حياتنا، ونسمع ونسمع، لكن دائمًا نسمع في الوقت الذي يكون فيه الموضوع قد انتهى، لكن المنطق يقول أن الاستعداد يسبق الاستقبال، هذا المنطق الذي نستعمله مع ضيوفنا، هل نحن نستعد قبل أن نستقبلهم أم نستعد سابقاً؟ سابقًا، ثم نستقبلهم، فعندما نتذكر نفسنا في آخر أسبوعين في شعبان أن رمضان قادم ونريد أن نقوم بأعمال إيمانية من أجل أن نستعد له، أو هذا الكلام يأتي في آخر أربعة خمسة أيام من شعبان، بعد أن حل ّالضيف و ما بقي له شيء كثير لا تستطيعين أن ترممي وتجهزي تستعدي كما ينبغي استعداد هزيل، ولذلك هذا الاستعداد لا يكفيني إلا عشر أو اثنى عشر يوماً أقصى حد، ثم بعدها أجد نفسي أشعر أنني نزلت.


من أهم الأسباب التي تجعلني أتكلم عن الإيمان الاستعداد لرمضان قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من صام رمضان)) ومثله ((من قام رمضان)) لكن الشرط ((إيمانًا و احتسابًا)) فأنا لابد أن أحقق الشرط إيمانًا، والاحتساب مبني على الإيمان أنت آتي بالإيمان ثم تدخل على رمضان تستطيع أن تنتفع بدقائق اللحظات. لذلك من تعرف إلى الله في الرخاء يعرفه في الشدة، يجب أن تعرف أن رمضان زمن شدة ثلاثين يومًا نريد أن نقوم بكل الأعمال فيه،كل الأعمال الواجبة، و المستحبة ، و الفاضلة، و التي تأخذ منا زمن. فأنا أريد أن أذهب إلى العمرة، و أطوف وقلبي معي في الزحام، وأسعى وقلبي معي في الزحام، وانتهي من الطواف والسعي وأصلي وأيضًا لو أفطر في الحرم يكون أفضل، هذا كله ممكن أن تقوم به بدنيًا لكن من أين لك أن تجد قلبك في كل هذه الأعمال المتتالية؟ ولذلك كثير ممن يذهب إلى الحج يقول: والله طفنا ولا ندري ماذا قلنا !! سعينا الناس الذين معنا يقولون: أنتم في الرابع أو الخامس من كثر ما ضاعت عقلنا منا، طبعاً هذا عمل حقق الشروط وهو المتابعة لكن ما منزلة صاحبه؟ تعتمد على مقدار قدرته على جمع قلبه وقت العبادة. ولهذا تدرّب، الناس اليوم مقتنعون أننا في زمن التدريب، أي شخص خطه سيء يقال له: ادخل دورة تدريبية ليصبح خطك حسنًا، شخص لا يعرف كيف يتكلم يدربونه ليتكلم جيداً، إلى درجة أن شخص لا يستطيع أن يسير كما ينبغي نتيجة أي مرض أصابه يقولوا له: اعمل علاج طبيعي ستتعدل.

ما دامت هذه القاعدة موجودة في البدن، أضعافها موجود في القلب، القلب يُدرب على الأعمال، يُدرب أن يحجز نفسه أن يخاف من غير الله، تحجز نفسك، ترد نفسك، القلب يُدرب على أن لا ييأس من روح الله ويُدرب على ألا يقع فيه شيء من سوء الظن بالله، يُدرب على ما نسميه بالأعمال القلبية، والأعمال القلبية قوتها على قدر قوة الإيمان. لابد أن نعيد ونزيد في هذا الكلام، لابد أن نقتنع أن العبادات القلبية هي رأس العبادات، يعني الحب، الخوف، الرجاء، أليست رأس العبادات؟ أين مكانها أي عضلة في البدن تقوم بها؟ ليس مكانها إلا في القلب.

فلابد أن أدرّب قلبي كيف يطرد محبة كل أحد سوى الله.
يجب أن أدربه أن يقول (لا) على أي شيء يمكن أن يتضخم ، أي محبوب يمكن أن يتضخم لا أسترسل معه، أليس تعس عبد الدينار؟ وتعس عبد الدرهم؟ والخميلة و الخميصة؟الخميلة والخميصة هذه فتنة النساء (الملابس) أي القطيفة؛ أي الشيء الفاخر من الملبوسات والمفروشات، فإذا كان هناك من يحب الريالات و تختلف معهم ألوان الأوراق النقدية و تغري قلوبهم، بل هناك أناس آخرون لا يغريهم الأوراق



النقدية إنما يغريهم ما يلبسون و يؤثثون في بيوتهم، معنى ذلك أن الإنسان ممكن أن يكون عبداً لمثل هذه الأشياء، هذا من كلام النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كيف يمكن أن يكون عبداً؟ يشغل مكانًا يجب ألا يكون فيه إلا الله يشغله بهذا. المكان الذي يجب ألا يكون فيه إلا الله هو قلبك، ويجب أن يكون شغلك الشاغل ثناؤه سبحانه وتعالى، ورضاه، هذا الذي حوله تطوف وإليه تسعى، طيلة الوقت تفكيرك أن تطوف حول ثنائه و تسعى إلى رضاه، ماذا عن عبد الدينار والدرهم والخميلة والخميصة ؟ هذه الأشياء هي غايته ومناه. فكأنك أنت ابتليت الآن بالذوق الفاخر، وأصبحت عينك تنزل على الأشياء تنتقدها في لحظة، ودائماً يأتي في خيالك؛ نفسي ألبس كذا وكذا أفرش كذا وكذا، ويتضخم الأمر فتمسك ( لا ) وترد هذا التضخم الحاصل، وتقول: والله ما أشغل نفسي بهذا والله ما أفكر بهذه الأشياء، ترد من قلبك مثل هذه الأمور، ردها في التفكير والتعلق غير استعمالها ببدنك، هذا أمر وهذا أمر، يعني ألبس أفرش هذا شيء، وغير ليل ونهار نعمل اجتماعات هذه الغرفة ماذا يجب أن يكون لونها؟ هذه الزاوية شكلها هكذا يحتاج مزهرية هذا غير، هل ترى هذا التفكير الباقي وكل ما جاء أحد نقول: ما رأيكم؟ نديره هكذا نأتي به هكذا؟ شغلٌ شاغل. فكأنك أنت عندما تقول:(لا إله إلا الله) تقول: أنا استعمل هذه (لا) استعمل النفي هذا دائمًا لأنني طول الوقت متعرضة له، طول الوقت استعمل " لا" دائمًا تكنس من قلبي تقطّع من قلبي كل أحد، وأيضًا أستعمل (لا) حارسه على قلبي أمنع أن شيء يتضخم، وهذا الكلام كله تأويل لقوله تعالى في سورة التوبة-وهذا أمر مهم أن تفهمي هذه الآية في سورة التوبة:{قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ} هذه كلها محبوبات شخصية، وبعد ذلك:{وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا}.

هذا هو الواقع الذي نعيشه:
· إما أشخاص
· أو أموال
· أو مساكن
هذا الواقع الذي نعيشه، إذا كان هؤلاء{أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ}[1] وعندما تسمعي كلمة (جهاد) لا تتصوري أن القصة فقط السيف، إنما هذا جهاد الذي نعيشه طيلة الوقت في قلوبنا جهاد الذي هو التقوى، كما ذكرنا سابقاً أننا طيلة الوقت في جهاد التقوى، والدليل على ذلك اذهب لسورة العنكبوت
واقرأ أولها {الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ}[1] وأخرها {َنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [2] إذاً هذا هو الجهاد المقصود، فالجهاد اسم عام يدخل فيه بالسيف والقلب.

[1] سورة العنكبوت:2،1.

[2] سورة العنكبوت:69.



[1] سورة التوبة:24.




التوقيع


تجميع مواضيع أمنا/ هجرة إلى الله "أم شهاب هالة يحيى" رحمها الله, وألحقنا بها على خير.
www.youtube.com/embed/3u1dFjzMU_U?rel=0

رد مع اقتباس