عرض مشاركة واحدة
  #15  
قديم 06-18-2008, 10:01 AM
أبو الفداء الأندلسي أبو الفداء الأندلسي غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي


كلمات مهمة للشيخ علي الخضير فك الله أسره

في بيان الطاغوت


قال الشيخ في شرح الأصول الثلاثة


المسألة الأولى : حكم الطاغوت : قال المصنف " افترض الله على جميع العباد الكفر بالطاغوت " الكفر به فرض لازم وهو فرض عين على جميع العباد . فالألف واللام للعموم كالإنس والجن أما كيفية الكفر بالطاغوت فتنقسم إلى ثلاثة أقسام :
أ ـ الكفر بجنس الطاغوت بالقلب وهو أن تبغضه بقلبك وتتمنى زواله وتعاديه وتنفر منه هذا بالقلب وحكم هذا القسم فرض لازم لا يسقط بحال من الأحوال ، حتى مع الإكراه بل إن الإكراه لا يتصور فيه كما أشار المصنف إلى ذلك في آخر كشف الشبهات .
ب ـ الكفر بجنس الطاغوت باللسان وذلك بالتصريح أن الطاغوت كافر وأنه باطل وأن عابديه كفار قال تعالى { قل يا أيها الكافرون * لا أعبد ما تعبدون } قل : بلسانك .. { وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون } والدليل على أنه يسقط مع العجز عموم قوله الله تعالى { فاتقوا الله ما استطعتم } بشرط أن يكون عجزاً حقيقياً وملجئاً .
الكفر بالطاغوت باليد وهو تحطيمه وإزالته وهذا واجب مع الاستطاعة والدليل أن الرسول صلى الله عليه وسلم حطم الأصنام وأزاله في فتح مكة وأرسل من يزيلها .
المسألة الثانية : تعريف الطاغوت : صيغة مبالغة مشتقة من الطغيان وهي التجاوز والارتفاع والزيادة ومنه طغى الماء أي زاد . اصطلاحا : اختلفت عبارات السلف في تعريف فجاء عن عمر رضي الله عنه أن الطاغوت هو الشيطان رواه ابن أبي حاتم وجاء عن جابر أنه الكاهن ، وقال مالك : هو ما عبد من دون الله ؛ وجاء عن محمد بن سيرين أن الطاغوت : الساحر ، وقيل : مردة أهل الكتاب ؛ وذكر ابن الجوزي في زاد المسير في تفسيره آية الكرسي ويلاحظ من هذه التعاريف أنها من باب تفسير الشيء ببعض أفراده وأما التفسير الجامع للطاغوت فهو تعريف ابن القيم رحمه الله قال : الطاغوت ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع .
" معبود " ما ذكره عمر ومالك .
" متبوع " يشمل : مردة أهل الكتاب .
" مطاع " يشمل : الساحر ولكاهن وكل حاكم ويشمل علماء السوء وأمراء السوء وعباد السوء.
وهناك تعريف أدق من تعريف ابن القيم وهو : كل مجاوزة في الكفر ، فتارك الصلاة مثلا كافر وإذا دعا إلى ترك الصلاة أو عاقب على فعله فهذا تجاوز في الكفر فهو طاغوت ، ومن ذبح لغير الله هذا شرك فإذا دعا إلى الذبح لغير الله أو زينه فقد تجاوز في الكفر فهو طاغوت ، وإذا حلل شيئا فهذا تجاوز في الكفر ويدخل في ذلك سدنة الشرك والحجاب ... الخ
ومن تعريف ابن القيم تؤخذ أنواع الطواغيت وأنها ثلاثة أنواع :
طواغيت العبادة وهو يشمل كل من عبد من دون الله وهو راض ويشمل من دعا الناس إلى عبادة نفسه ، ويشمل الشيطان أيضاً ، ويشمل الأصنام .
طواغيت الأتباع ، ويشمل العلماء والعباد ، علماء السوء والعباد المنحرفين .
طواغيت الطاعة ، وهو يشمل الأمراء ورؤساء العشائر يحللون ويحرمون من دون الله ، ويشمل الكهان والسحرة والحكام الذين يحكمون بغير ما أنزل الله والمشرعين .
المسألة الثالثة : رؤوس الطواغيت . والطواغيت كثيرون باعتبار العدد لكن رؤوسهم وقادتهم خمسة – عُرف ذلك بالاستقراء – وزاد المصنف طاغوتاً في رسالة له على هذه الخمسة وهو الحاكم الجائر المغير لأحكام الله وعلى ذلك فيكونون ستة :
1 ـ إبليس : وعبر المصنف بالشيطان وهو أعم من التعبير بإبليس فيشمل كل مارد من الجن والإنس ، ودليل هذا القسم ما قاله عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أن الطاغوت هو الشيطان رواه ابن أبي حاتم ووجه كون إبليس والشيطان طاغوتاً لأنه تجاوز الكفر الذي وقع فيه إلى تزيين الكفر والدعوة إليه والأمر به ، وهذا النوع إبليس والشيطان أكبر الطواغيت وأعظمها والسبب أنه جمع معاني كثيرة من معاني الطاغوت فهو يدعو لعبادة نفسه ، ويدعو لعبادة غيره ويدعو إلى تغيير أحكام الله ويعين من يدعى علم الغيب .
2 ـ من عبد وهو راض : وذكره في هذه الرسالة بهذا اللفظ ومن هنا موصولة بمعنى الذي تدل على العموم .
" عبد " ذلً وخضوعاً له بأي نوع من أنواع العبادة كمن ذبح له واستغيث به ونحو ذلك قول المصنف " وهو راض " جملة حالية الواو للحال في حالة كونه راض فلا يدخل عيسى عليه الصلاة والسلام في ذلك لأنه غير راض فلا يقال له طاغوت والعياذ بالله لأنه لم يرض بذلك ولن يرضى ، ووجه مجاوزة الحد في هذا النوع أنه رضي بالكفر والشرك أن يُفعل له .
3 ـ من ادعى شيئاً من علم الغيب " من " موصولة بمعنى الذي ، وهي عامة في كل من ادعى علم الغيب سواء كان مسلماً أو كافراً أو رجلاً أو امرأة . " شيئاً " نكرة فتشمل لو ادعى شيئاً بسيطا ًحتى ولو ادعى مرة واحدة ." من علم " من تبعيضية . أي بعض علم الغيب . " الغيب " مصدر غاب يغيب وهو كل ما خفي عنك ويطلق على ما لا يقع تحت الحس ، وهو ينقسم إلى قسمين :
أ- ما يسمى الغيب المطلق ويسمى أيضاً غيب المستقبل . تعريفه : هو ما لا يعلمه إلا الله . كعلم الساعة ، ومتى موت الإنسان ، وهي الخمس المجموعة في قوله تعالى : { إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير } .
ب- يسمى الغيب النسبي ويسمى بغيب الماضي والحاضر وهو ما خفي عليك وعلمه غيرك فما يدور خلف هذا الجدار هو بالنسبة لنا غيب وأما بالنسبة لمن حضره يعتبر شهادة .

أصناف مدعى الغيب : كالمنجم والكاهن والعراف والساحر والرمال والعائف وغيره ممن يدعى علم الغيب بأي وسيلة والفرق بين هؤلاء أنهم كلهم يدعون علم الغيب ولكن تختلف الوسيلة التي يخبرون بها عن الغيب .
فمن أخبر عن طريق النجوم فهو منجم ومن أخبر عن طريق الخطوط في الأرض فهو الرمال وصاحب الطرق وكيفيته يأتون إلى الرمال وهم يريدون تجارة أو سفر فيقوم الرمال ويخط خطوطاً سريعة في الأرض غير معروفة العدد ثم يبدأ بمحو هذه الخطوط خطين خطين فإن بقي خطان تفاءل وحث على السفر والتجارة ، وأحياناً يستخدمون الحجارة بدل الخطوط فيجمع كومة من الحجارة ويأخذ حجرين حجرين فإن بقي حجر تشاءم وإن بقي حجران تفاءل أو يستخدم أوراقاً أو عيداناُ أو غير ذلك وإن أخبر عن الغيب عن طريق الطير فيسمى العياف أو العائف فإذا أراد أحدهم سفراً أو زواجاً أرسل الطير فإن اتجه في طيرانه إلى جهة اليمين تفاءل وسافر وإن اتجه نحو اليسار تشاءم وإن أخبر عن الغيب عن طريق الجن وما ينقلون إليه من الأخبار فيسمى الكاهن والعراف أيضاً إلا أن العراف يخبر عن السرقات ومكان الضالة بعد ما تخبره الشياطين وأما الكاهن فإنه يخبر عما في الضمير ، وكذلك الساحر يخبر عن الغيب عن طريق الجن .
" مسألة " هناك مجموعة من الأمور فهل تعتبر من ادعاء علم الغيب أمثال :
1 ـ الإخبار عن الكسوف والخسوف لا يعتبر من ادعاء علم الغيب إن أخبر به عن طريق الحساب واستخدام بعض الآلات الحديثة . إلا أنه لا ينبغي الجزم بأن الكسوف أو الخسوف سوف يحدث وموقفنا ممن يخبر عن ذلك لا نصدقه ولا نكذبه كأحاديث بني إسرائيل والاستعداد لها والوضوء والذهاب إلى المسجد قبل رؤيتها بالعين أو سماع النداء لها هذا من تصديقها ، لأن العمل من التصديق .
2 ـ إخباريات الأرصاد الجوية عن هبوب الريح أو توقع المطر أو تغيرات الجو ؛ هذه لا تعتبر من إدعاء علم الغيب ، لأن هذه أمور تعرف بالحساب وتعرف بالآلات الحديثة إلا أنه لا يجوز الجزم بذلك ، بل يربط ذلك بمشيئة الله .
3 ـ الإخبار عن المياه الجوفية في باطن الأرض والمعادن هذا إذا كانت بوسائل حسية حديثة فليست من ادعاء علم الغيب .
4 ـ إخبار ما يسمى بالقافي ويطلق عليه (المري) وهو الذي يخبر عن السرقة والضالة عن طريق تتبع الآثار أو البصمات وهذا لا يعتبر من ادعاء علم الغيب لأنه أخبر عن ذلك بطرق حسية معقولة ، ولذا جاء في الصحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم دخل على عائشة رضي الله عنها مسروراً فقال : ألم تسمعي ما قال مجزز حينما رأى أقدام أسامة بن زيد وأبيه زيد فقال : أن هذه الأقدام بعضها من بعض . وقد كان أسامة لونه أسود وأبوه أبيض فقد يقول قائل أنه ليس أباه فأخبر هذا القافي أن الأقدام واحدة ، فدل على جواز العمل بخبر القافي .
5 ـ الإخبار عن طريق الفراسة ولا تعتبر من ادعاء علم الغيب . قال عليه الصلاة والسلام : " اتقوا فراسة المؤمن " وكان عمر مشهوراً بالفراسة حتى أنه رأى رجل يمشي لأول مرة فقال إني لأظنه كاهناً فكان كما قال .
6 ـ ما يسمى بقراءة الكف وتعتمد على تفسير الخطوط التي في كفك وتعرجاتها ثم يخبرك بعد الإطلاع على ذلك أنك سعيد أو شقي وهذا من ادعاء علم الغيب .
7 ـ ما يسمى بقراءة الفنجان ، وهو أن يجعلك تشرب في فنجاناً وبعد فراغك من شربه يديره عدة مرات ثم ينظر ما علق بجدران الفنجان من خطوط من بقايا القهوة فإن تشكل فيها ما يشبه الحية تشاءم ؛ وإن ظهر ما يشبه الوردة تفاءل ، فحثك على السفر أو الزواج حسب السؤال .
8 ـ ما يسمى بقراءة النار وهي الإخبار عن الغيب عن طريق صور لهيب النار فإن تشكل ما يشبه الفأس أو المطرقة قال لك سيصيبك كارثة ، أو منعك من السفر ، وإن تشكل ما يشبه الشجرة حثك على الزواج أو نحو ذلك .
9 ـ ما يسمى فتح الكتاب : فلو أن إنسانا يريد أن يتزوج مثلاً فيأخذ كتاباً أو قرآناً ثم يفتحه بطريقة عشوائية وينظر إلى أول كلمة فإن كانت آية رحمة أو كلمة جميلة تزوج وإلا تشاءم وتركه ؛ وهذا كله من الكهانة وهي من إدعاء علم الغيب وهي كفر
10 ـ ومنه ما يسمى بتحضير الأرواح وهو عبارة عن استحضار جني يدعي بأدعية وتعاويذ وشركيات فيتقمص شخصية شخص أو صوته ويأتي بالأخبار الماضية أو المستقبلية ويدعي هذا الجني أنه روح فلان وهذا من ادعاء علم الغيب .
11 ـ ما يسمى بحساب الجُمّل وهي من ادعاء علم الغيب وهي أن تحسب حروف اسمك واسم أبيك واسم أمك ثم تقسم المجموع على شهور السنة والناتج هو خبر المستقبل ويكون مصحوباً بجدول فإن كان ناتج القسمة عشرة مثلاً قال لك : ارجع إلى الجدول وانظر إلى الرقم عشرة .
12 ـ ما يسمى في المجلات والجرائد بركن ( أنت وحظك ) وهو من التنجيم وادعاء علم الغيب فيقول من ولد في برج كذا فهو في هذا الأسبوع (شقي) مثلاً أو نحو ذلك .
" مسألة " حكم مدعي الغيب ذاته كافر .
وحكم من ذهب إليهم فيه تفصيل : أ ـ فإن ذهب إليهم وهو مصدق لهم أنهم يعلمون الغيب سواء الغيب المطلق أو الغيب النسبي فهذا كافر كفراً أكبر لأنه اعتقد أن هناك من يعلم الغيب غير الله . قال تعالى : { قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله } .
ب ـ وإن ذهب إليهم وهو يكره فعلهم ويعلم أنهم لا يعلمون الغيب . لكن ذهب يسألهم حاجة دنيوية أو يسألهم علاجاً شعبياً ، فهذا ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب ، ولا تقبل له صلاة أربعين يوماً كما جاء في حديث حفصة رواه مسلم : [ من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوماً ] أي لا يؤجر علي صلاة أربعين يوماً فيصلى بدون أجر وليس معنى ذلك أن يترك الصلاة بل يجب عليه أن يصلى لكن لا يؤجر لأن هذه السيئة ذهبت بأجر أربعين يوماً .
ج- أن يكره فعلهم ويعتقد أنهم لا يعلمون الغيب ولكن ذهب للفرجة والنزهة من باب الاستطلاع فهذا من كبائر الذنوب ولا تقبل له صلاة أربعين ، ومثله مشاهدته بالتلفزيون فكله لا يجوز ومثله ألعاب السيرك ، ومثله من يحضر عند السحرة لكي يتفرج على ألعابهم البهلوانية وما يقومون به من أشياء مضحكة ولافتة للنظر .
4 ـ من دعا الناس إلى عبادة نفسه : وهذا النوع ذكره هنا ولم يذكره المصنف في رسالة الطواغيت . وهذا عام في كل من دعا الناس إلى أن يعبدوه .
وقوله " عبادة نفسه " بالمعنى العام للعبادة حتى يدخل عبادة السؤال والطلب والاستغاثة كأن يستغيث به فيما لا يقدر عليه إلا الله ويشمل العبادة بالمعنى الخاص كالذبح النذر وهذا النوع أغلظ من الذي قبله ، لماذا ؟ لأن الذي قبله رضي بالعبادة فقط بدون دعوة ، أما هذا رضي بالعبادة ودعا الناس إلى أن يعبدوه .
" الناس " على الغالب وإلا لو دعا الجن لعبادته فيدخل في ذلك ، وهذا يوجد في بعض الأقطار أن يقول للناس استغيثوا بي ادعوني أقضي حوائجكم كما يفعل بعض الصوفية .
5- من حكم بغير ما أنزل الله وهذا هو الطاغوت الخامس وهو على أقسام :
أ- أن يحكم بغير ما أنزل الله وهذا هو الطاغوت الخامس مع اعتقاد أن هذا الذي حكم به مثل حكم الله أو أحسن من حكم الله أوأنه يجوز أن يحكم به فهذا كفر أكبر والدليل قوله تعالى : { أفحكم الجاهلية يبغون } وقوله : { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } ، وهذه مرت بالنواقض العشر.
ب- أن يحكم بغير ما أنزل الله أحياناً في قضايا معينة قليلة ليس عن قانون ولا تعميم ولا لائحة ولا نظام ولا عرف أو تقليد وهو يعرف أن هذا الذي حكم به باطل ولا يجوز ، ولكنه في باب الشهوة والهوى أو الرشوة ، فهذا كفر دون كفر مثاله كأن يكون هنا قاض يحكم بين الناس بالشرع وهو دائماً يحكم على السارق إذا ثبتت عليه السرقة بالقطع وعلى من شرب الخمر بالحد هذا فعله دائماً لكن في بعض الأحيان القليلة إذا جاءه سارق قريب له أو أعطاه شيئاً من المال وقد ثبتت عليه السرقة لم يحكم بقطع يده وإنما حكم عليه بالسجن والتعزير هوى لا عن قانون ولا تعميم ولا لائحة ولا نظام ولا عرف ونحو ذلك ، وهو يعرف في قرارة نفسه أنه مخطئ لكن الهوى والمجاملة دفعه لذلك ، فهذا يعتبر من الكفر الأصغر والدليل يحمل عليه قول ابن عباس أنه كفر دون كفر إن صح ، ويحمل عليه ما صح عن التابعين أنه كفر دون كفر وهو قول أبي مجلز التابعي لما ناقش الخوارج حول آية { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } .
ج- من يعرف أنه مخطئ ولكن كثيراً ما يحكم بغير ما أنزل الله وهو نفس المثال السابق لكن بدل القول ( في قليل من القضايا ) يكون في كثير من قضاياه يحكم بغير ما أنزل الله . فالقاضي الذي يحكم على السارق بالقطع أحياناً وإلاّ فأكثر السراق يحكم عليهم بغير حكم الله فهذا حكمه كفر أكبر وأدلته أدلة القسم الأول . وأشد منه الذي يحكم في كل القضايا بغير ما أنزل الله حتى ولو كان يعرف أنه مخطئ وأن حكم الله سبحانه أحسن ، وهذا التقسيم في حكم من حكم بغير ما أنزل الله .
د- القاضي الذي يحكم بما أنزل الله لكن في بعض القضايا يحكم بالقانون وباللائحة وبالتعميم وبالنظام أو العرف والتقليد والسلوم ولو مرة واحدة وهو يعرف أنه مخطئ فهذا يكفر ولو كان كل عمره يحكم بما أنزل الله لكن في قضية واحدة حكم من أجل قانون أو تعميم ونحو ذلك يخالف شرع الله فهذا يكفر .
والفرق بين هذا وبين القاضي الذي يحكم بما أنزل الله لكن في قليل من القضايا يحكم بها شهوة :- أن الذي يحكم بالقانون أو التعميم يتضمن الرضى بالقوانين الوضعية .
مسألة : وهو المشرع وليس بقاض يسن القوانيين وهو لا يحكم بها فهذا طاغوت ، ولو سموا أنفسهم هيئة استشارية ونحو ذلك فالعبرة بالمعاني والحقائق لا بالألفاظ
مسألة : وشروط تسمية الشيء تشريعا سواءً أكان قانونا أو غيره :
أ ـ أن يعين من ذي سلطة كالملك والرئيس والأمير والمدير العام ورئس اللجنة .
ب ـ أن يعين إلى أناس من شأنهم أن ينفذون كالشرطة والموظفين والقضاة.
ج ـ أن يكون بألفاظ عامة مثل إذا جاءكم سارق فيؤخذ منه غرامة ، أما إذا كان بلفظ خاص كأن يقول إذا جاءكم محمد وقد سرق فاتركوه فهذا من الظلم وليس من التشريع العام .
* وإذا اجتمعت هذه الثلاثة الشروط سُمى تشريعا ولا يشترط أن يكون تحريريا بل ولو كان شفويا أو عرفا جاريا أو عادة متبعة .
مسألة : عرفنا حكم من حكم بغير ما أنزل الله بقي حكم من تحاكم إلى غير ما أنزل الله كالذي يتحاكم إلى المحاكم غير الشرعية ؟ على نفس التقسيم السابق كالتالي :
أ- إن ذهب إلى المحاكم الوضعية وهو يعتقد أنها أفضل أو مثل ما أنزل الله أو أنه يجوز الذهاب إليها فهذا كفر أكبر : { أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون } وقال تعالى ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما )
ب- يذهب إلى المحاكم الشرعية سواء أغلب ذهابه أو أقل ذهابه (فلا فرق) بمعنى كل من ذهب إلى المحاكم الوضعية باختياره ورغبة منع عالما بأنها وضعية فهو يكفر كفرا مخرجا من الملة ، قال تعالى : { ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم أمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت [1] } .
6- هذا الصنف السادس لم يذكره المصنف في هذا الكتاب لكنه ذكره في رسالته عن الطواغيت ورؤوسهم وهو الحاكم الجائر المغير لأحكام الله ويقصد به من يُشَرع وهذا القسم كافر بإطلاق وليس فيه تفصيل ولو شرع حكماً واحداً يضاد به حكم الله حتى ولو كان يعتقد في قرارة نفسه أن ما شرعه لا يجوز أن يحكم به أو أن حكم الله أفضل فلا عبرة باعتقاده ، فالكفر مناط بفعله وهو التشريع بغض النظر عن ما في قلبه ويدل عليه قوله تعلى : { أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله } قال تعالى { فلا تجعلوا لله أنداداً } .
[FONT='Times New Roman','serif']ثم ذكر المصنف الدليل على وجوب الكفر بالطاغوت قوله تعلى : { لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها .. } والآية فيها معنى لا إله إلا الله وهو معنى الكفر بالطاغوت [/FONT]

رد مع اقتباس