عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 12-12-2007, 07:32 AM
سمير السكندرى سمير السكندرى غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي



الدرس الثاني : معاملة الإنسان لنفسه

وقبل أن يحسن الإنسان معاملة الآخرين، عليه أن يحسن معاملة نفسه فمن قدر على ضبط نفسه وترويضها في فضائل الأعمال ومكارم الأخلاق، كان على معاملة غيره بالحسنى أقدر.

ومن الأدب الذي ينبغي أن تحمل عليه النفس، ترك ما يشينها ويدنسها من الرزائل والمنكرات الظاهرة والباطنة، والتزين بالفضائل ظاهراً وباطناً، وأن يستوي عند النفس السر والعلانية، عملاً بقوله تعالى ( وَذَرُوا ظَاهِرَ الإِثمِ وَبَاطِنَهُ ).
فلا يفعل الإنسان معصية في السر ما يستحيي من فعلها في الملأ.

ومن الأدب مع النفس، أن تملك من الخير في غير الكبر، وأن تتواضع من غير ذلة، وأن تلقى العدو والصديق بوجه الرضى، من غير ذل ولا خوف منهم، وأن تتحفظ في مجالسهك من تشبيك أصابعك، وإدخال أصبعك في أنفك، ومن كثرة البصاق والتثاؤب.

ومن الأدب أن تصغى إلى من يحدثك، محاولاً أن لا تسأله الإعادة. ولا تجادل بإعجابك بولدك وأزواجك، ولا تتصنع تصنع المرأة في التزين، فإن ذلك منافٍ للأدب، ولا تتبذل تبذُّل العبد. وما الأدب إذا دخلت مجلساً، أن تجلس حيثما انتهى بك المجلس، ولا تجلس على الطريق، فإن جلست فغض البصر، وأعط الطريق حقه، وأعن المظلوم، وأرشد الضال. واحذر كثرة المزاح، فإن البيب يحقد عليك، والسفيه يجترئ عليك.

قال العلماء : وكن ذا مروءة فإن المروءة من الأدب. فمروء اللسان حلاوته وطيبه ولينه وترطيبه بذكر الله، ومروءة الخُلق سعته وبسطه للحبيب والبغيض، ومروءة المال الإصابة ببذله في المواقع المحمودة عقلاً وعرفاً وشرعاً، ومروءة الجاه بذله للمحتاج إليه وعدم الافتتان به، ومروءة الإحسان تعجيله وتيسيره وتوفيره وعدم رؤيته حال وقوعه ونسيانه بعد وقوعه.

ومروءة الترك، ترك الخصام وكثرة المعاتبة وترك الجدل والمراء. ومروءة الدعوة : توقير الكبير ورحمة الصغير.

ومن حسن الأدب مع النفس حملها على جملة آداب ظاهرة : مثل حسن الهيئة والتجمل للأصدقاء ولأصحاب لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إذا خرج الرجل إلى إخوانه فليهيئ من نفسه فإن الله جميل يحب الجمال )) وإذا كان له شعر فليمشطه لقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه أبوداود ](( من كان له شعر فليكرمه )).

ومن حسن الأدب التزام النظافة الدائمة، والرائحة الزكية، ليكون المسلم دائماً محبب المنظر، مألوفاً عند الآخرين. روى الإمام مسلم بإسناد عن أنس بن مالك رضي الله عنهما قال : (( ما شممت غنبراً قط ولا مِسكاً ولا شيئاً أطيب من ريح رسول الله صلى الله عليه وسلم )) وكان صلى الله عليه وسلم إذا صافح المصافح ظل يومه يجد ريح الطيب في يده وإذا وضع يده على رأس الصبي، عرف من بين الصبيان بالرائحة الزكية. وذكر البخاري في تاريخه الكبير عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يمر في طريق فيتبعه أحد إلا عرف أنه سلكه من طيبه.






رد مع اقتباس