عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 12-04-2011, 02:34 AM
أبو أسلم المنصوري. أبو أسلم المنصوري. غير متواجد حالياً
عضو فضى
 




افتراضي

الحكم بالديمقراطية: وهي كما وصفها أبو الأعلى المودودي: (حاكمية الجماهير وتأليه الإنسان) [7]، ومن المعروف أن الديمقراطية تناقض الإسلام من عدة أوجه [8]:

الوجه الأول؛ الديمقراطية تقوم على أساس حكم الشعب نفسه بنفسه: فالحرام ما حرمه الشعب والحلال ما أحله دون النظر إلى حكم الله تعالى، فالفاصل بين الديمقراطية والإسلام في مسألة الحكم والتشريع، أن الإسلام يجعل التشريع والحكم لله تعالى، والديمقراطية هي حكم الشعب لصالح الشعب، فالمُشرِّع في الديمقراطية هو الشعب، والمُشرِّع في الإسلام هو الله سبحانه وتعالى، فالديمقراطية شرك بالله لأنها نزعت حق التشريع من المولى عز وجل وأعطته للشعب.

الوجه الثاني: الديمقراطية تقوم على مبدأ سيادة القانون: بمعنى أنه لا يجوز لأحد مخالفة القانون وإلا تعرض للعقوبة، وسواء وافق هذا القانون دين الله تعالى أو خالفه.

الوجه الثالث؛ الديمقراطية تقوم على أساس إطلاق الحرية: في الاعتقاد والتعبير عن الرأي دون النظر إلى صحة هذا الاعتقاد أو بطلانه، وفي هذا تسويغ للردة عن دين الله تعالى وإسقاط للحدود الشرعية.

رابعاً؛ استحلال المحرمات وتحريم الحلال: وأصل هذا المبدأ عندهم موجود في الدستور في المادة السادسة والستين، حيث تقول: (لا جريمة ولا عقوبة إلاّ بنص)، يعني كل ما لم ينص عليه الدستور وبالتالي القانون؛ أنه ليس جريمة فهو ليس جريمة، وإن اجتمعت عشرات الآيات ومئات الأحاديث على أنّ هذا العمل جريمة، وما لم يكن جريمة في الدستور ولا القانون فهو حلال في الدستور والقانون، ومن حق أي مواطن يظله الدستور والقانون أن يفعل هذا الفعل ولا يستحق أي عقوبة، بل إن من يحاول أن يمنعه يكون مجرماً في نظر الدستور والقانون، وإن كان ممدوحاً مثاباً مأجوراً في الشريعة، ويكون هو المستحق للعقوبة.

ولنضرب لذلك مثلاً صارخاً نلقي به في وجه كل من يحاول أن يسبغ الشرعية على هذا الواقع، أو من يعمل من خلال قنواته، ويدخل مجالسه، أو يشارك في وزارته ومناصبه، أو يمدح رئيسه أو يشارك في انتخابه أو يؤيده، فنقول...

لو أن رجلاً اشترى زجاجة خمر من محل مرخص له حسب القانون ببيع الخمور، وسار بها فقابله شاب مسلم متحمس فقام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلم يطعه حامل الزجاجة، فقام الآمر بالمعروف فكسر الزجاجة، ثم ذهبا إلى الشرطة فمن المجرم؟ ومن البريء في نظر القانون وفي نظر الشرع؟

في نظر الشرع هذا الشاب المسلم المجاهد؛ برئ مثاب مأجور، وحامل الزجاجة المستظل بظل القانون والدستور؛ مجرم مستحق للعقوبة.

وفي نظر الدستور والقانون، فإن المسلم الغيور؛ مجرم اعتدى على حق مواطن، وحامل الزجاجة؛ مواطن صالح برئ، لأنه "لا جريمة ولا عقوبة إلاّ بنص".

أرأيتم هذا النص الكفري الشيطاني، كيف قام عليهم دليلاً ناصعا كتبوه بأيديهم وأجروا عليه الاستفتاءات وأداروا به البرلمانات وصاغوا القوانين؟! ولكننا لا نقرأ، وإذا قرأنا لا نعمل إلاّ من رحم الله.

ولنسترسل مع هذا الأصل الفاسد: "أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص"...

لو أن مواطنا ذهب إلى محل مرخص فاحتسى قدحين من الخمر... فماذا يكون وصفه؟

هو آثم شرعا، وهو بريء قانونا ولأنه "لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص"، لأن المحل مرخص له ببيع الخمر وهو لم يرتكب جريمة في نظر القانون، لأن القانون الوضعي لا يحرم شرب الخمر، وهكذا صار الحرام حلالا.

ولو أن رجلا زنى ببالغة غير متزوجة برضاها لا تتخذ الدعارة مهنة في غير بيت الزوجية فما هو وصفها شرعا؟

هي آثمة، زانية، مرتكبة لكبيرة، مستحقة للحد عليها، أما على وفق نصوص القانون الوضعي هي بريئة لأنه "لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص"، لأن القانون لا يحرم الزنا بالبالغة إذا كانت راضية.

وأما إذا كانت متزوجة فزنت؛ فلا يجوز لأحد مقاضاتها إذا لم يرفع الزوج عليها دعوى قضائية، وذلك حسب نصوص القانون الوضعي.

ولو أن رجلا انتقل من الإسلام إلى الشيوعية أو العلمانية أو غير ذلك من المذاهب المناقضة للإسلام، أو انتقص شريعة الله تعالى وسخر منها أو سب النبي صلى الله عليه وسلم أو اتهمه بالفشل، فما حكمه شرعا؟

هو مرتد عن الإسلام مستحق للقتل، وقانونا؛ ليس عليه شيء لأنه حر في اعتقاده، لأنه "لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص".

ومما يدل على أن هذا النص القانوني يبيح الردة باسم الحرية، ما حكم به قضاة المحاكم الوضعية في قضية دكتور الجامعة المصري نصر أبو زيد، حيث سخر من الأحكام الشرعية وادعى أنها غير موافقة لروح العصر، فقد حكم قضاة محكمة النقض بعدم كفره ورد دعوى التفريق بينه وبين زوجته بدعوى حرية التفكير والاجتهاد.

وقريب من هذا ما حدث في دولة الكويت، حيث قال أستاذ جامعي يدعى أحمد البغدادي؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قد لجأ إلى القتال والعنف بعدما فشل في دعوة مشركي مكة إلى الإسلام! ولم يصدر ضده حكم قضائي بدعوى تشجيع حرية الاجتهاد.

ولو أن امرأة ظهرت على المسرح وغنت ورقصت وكانت تلبس بدلة رقص حسب متطلبات رقابة المصنفات الفنية فما وصفها شرعا؟

هي آثمة مرتكبة لكبيرة مستحقة للعقوبة والتعزير وما وصفها قانونا؟ هي فنانة حرة بريئة!

وما قولكم لو أن بعض الشباب المسلم حاول منعها، وقام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي المقابل قام بعض الكتاب ووصفوها بأنها فنانة، ورائدة، وقائدة، ومصلحة اجتماعية... إلى آخر هذا الهراء، وأنه يجب حمايتها، ولو على أسنة الرماح، ومدافع الدبابات - كما قال الصحفي الحاقد على الإسلام أحمد بهاء الدين بيومياته ب "الأهرام" - فما وصفهم القانوني؟

الشباب متطرف آثم قانونا، لأنه اعتدى على فنانة بريئة تحمل ترخيصا قانونيا، وتعمل في محل مرخص قانونا.

أما الكتاب؛ فهم أبرياء أحرار في أن يقولوا ما يشاءون قانونا.

أما في الشرع؛ فالآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر هؤلاء مجاهدون، وأولئك؛ فساق، وقد يكونون كفارا إذا وصفوا فعلها وصفا فيه استحلال، وهذا كله لأنه "لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص".

أرأيتم كيف صيّر هذا النص الحرام حلالا، والحلال حراما؟! وهو نص دستوري، والدستور كما هو معروف أعلى مرجعية تشريعية في البلاد العلمانية.

وأقول...

لو أن مضيفة مرخصا لها قانونا، جالست رواد ملهى مرخص له قانونا، ولو أن مضيفة غير مرخص لها قانونا - يعني لم تدفع رسوم الترخيص - جالست رواد ملهى غير مرخص له - يعني لم يدفع رسوم الترخيص - فما حكم هاتين الحالتين في القانون؟

الحالة الأولى؛ بريئة ومواطنة صالحة مكفولة الكرامة! والأخرى التي عملت بغير ترخيص في محل غير مرخص؛ مجرمة فاسقة، لأنها لم تدفع الترخيص للدولة التي تعمل عمل القوّاد، من يدفع يرخص له ويكون بريئا، ومن لا يدفع يكون مجرما، هذا هو حكمهما في القانون.

وأما في الشريعة؛ فهما آثمتان رخص لهما أم لم يرخص، كلتاهما مرتكبة لجريمة توجب العقوبة، وفاسقة يجب على ولي الأمر أن يعزرها وأن يمنعها، بل وهذا المحل في قول بعض العلماء يجب أن يحرق، بل من يرخص له بذلك مرتد مستبيح مستحل للمحرمات يحلل الحرام، يعطيها ترخيصا كي تمارس عملا محرما في الشريعة.

وهكذا فإن الدولة أصبحت قوادة مستحلة للمحرمات من يدفع رسوم الترخيص يكن بريئا ومن لا يدفع يصبح مجرما.

دعنا نسترسل حتى ندرك بشاعة الواقع الذي نعيش فيه، وكيف يخالف أصول التوحيد، وأن المسألة ليست تطبيق الشريعة بأي طريقة؟ القضية قضية التوحيد، فإن معنى ومضمون "لا إله إلا الله" يتعارض مع هذه النظم والقوانين والدساتير معارضة صريحة.

فإما أن يكون التشريع لله، فتكون "لا إله إلا الله" مطبقة معنى ومضمونا، وإما أن يكون التشريع للناس، فتكون لهم آلهة أخرى مع الله تعالى وتصير "لا إله إلا الله" قولا بلا أي معنى ولا مضمون.

ونقول...

ما قولكم في الاعتراف بإسرائيل؟

في القانون؛ عمل صحيح تم الاستفتاء عليه والموافقة عليه في البرلمان، وماذا تريدون زيادة عن ذلك حتى يكون شرعيا؟

وأما في الشريعة؛ فباطل وإن وافق عليه ألف استفتاء وألف مجلس، لأن فلسطين أرض مسلمة انتزعت بالقوة ولا شرعية لدولة الكفر اليهودية عليها، وهكذا يجعل البرلمان الحرام حلالا شرعيا.

ونقول...

ما قولكم في معاهدة "كامب ديفيد" التي أعلنت إنهاء حالة الحرب مع إسرائيل، أو كما قال أنور السادات الهالك: (حرب آخر الحروب)؟

هي في قانونهم؛ صحيحة وشرعية، وتم الاستفتاء عليها، وهذا الاستفتاء الذي يعدونه أقوى وسائل التشريع هو أقوى من موافقة مجلس الشعب نفسه.

أما في شرع الله ورسوله صلى الله عليه وسلم؛ فهي باطلة بطلانا أصليا لأنها:

أولا: أسقطت فريضة ثابتة وهي فريضة الجهاد في سبيل الله، فإنه من المعلوم بالاضطرار وإجماع العلماء أن جهاد اليهود في فلسطين فرض عين على كل مسلم، قال تعالى{قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون}.

فمن أسقط هذا الفرض فقد أنكر معلوما من الدين بالضرورة، أجمعت الأمة على وجوبه، وإسقاط فريضة من فرائض الإسلام كفر بالله تعالى لأنه محادة لله تعالى وتكذيب بالنصوص الشرعية.

ثانيا: ولأن هذه المعاهدة قد اعترفت بشرعية دولة إسرائيل، ومن المعلوم أنها قد اغتصبت أراضي المسلمين، فلا يجوز إقرارها على اغتصاب ديار المسلمين ودورهم.

ثالثا: لأنها معاهدة غير مؤقتة والمعاهدات في الشريعة لا بد أن تكون مؤقتة، وعلى الأرجح لا تزيد على عشر سنين، فإن أبِّدت بطلت المعاهدة، لأنها تؤدي إلى إسقاط فريضة الجهاد.

وأقول...

لو أن شابا ملتزما ذهب إلى شيخ الأزهر وطالبه بإصدار بيان يأمر بمجاهدة إسرائيل، فما هو موقف القانون منه؟

هو آثم قانونا لأن المعاهدة تمنع القيام بأي أعمال عدوانية، حتى ولو إعلامية من طرف ضد الطرف الآخر.

وواجب شيخ الأزهر أن يسلمه للنيابة، لأن الشيخ يعترف بشرعية الحكومة وقوانينها وأجهزتها، بل إنه هو نفسه جزء من الجهاز الحكومي، إذ إن مشيخة الأزهر حسب قانون "تطوير الأزهر"؛ هيئة تابعة لرئاسة الجمهورية، وتتلقى التعليمات مباشرة من الرئاسة، ولا يمكنها في الحقيقة إصدار أي بيان أو فتوى إلا بما يرضي الرئاسة، كما أصدروا من قبل بيانات يعترف شيخ الأزهر فيها بجواز معاهدة "كامب ديفيد" شرعا، مع العلم أن مشيخة الأزهر لها فتوى منشورة في زمن الشيخ عبد المجيد سليم بتكفير كل من يتعامل مع اليهود أو يبيع أرضه لهم، وهي فتوى مطبوعة متداولة.

وأقول...

ما حكم القانون الوضعي في التعامل بالربا وفرضه على الناس؟

وما حكم القانون في موالاة الكفار وإدخالهم البلاد وإعطائهم قواعد عسكرية؟

نقول...

ما حكم القانون وما حكم الشرع في كل ذلك ومئات من أمثاله؟ أين الحلال؟ وأين الحرام؟ أين الكفر؟ وأين الإسلام؟
رد مع اقتباس