عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 10-11-2008, 02:10 AM
أم هارون السلفية أم هارون السلفية غير متواجد حالياً
مالي إلا أنت يا خالق الورى
 




افتراضي

*أقسام العبودية كما بينها الحديث*


= أولاً عبودية الدينار


قال : (( عبد الدينار)) فأضاف العبودية إلى الدينار ; لأ هذا الرجل قد تعلق قلبه بالدينار , كما يتعلق قلب العبد بربه ,
فكان الدينار أكبر همه , فقدمه على طاعة ربه , وكذلك كان حاله مع الدرهم.
فهذا يبين حال من يعبد الدينار ويتذلل ويخضع له ,
فتكون مناه وغايته , فيغضب من أجله ويرضى لأجله;
ولذلك سمَّاه النبى صلى الله عليه وسلم عبداً, فهو يجمع الدينار والدرهم من الذهب والفضة من أى وجه كان , قد نذر حياته لهذا الجمع وهذه المحافظة وهذه التنمية , مقدمّا إياها على طاعة ربه , فلو تعارضت مع الشريعة فإنه يقدمها على الدين .
= ((تعس عبد الخميصة , تعس عبد الخميلة )) : الخميصة , والخميلة نوعان من القماش , فالخميصة ثوب حرير , والخميلة هى القطيفة , وتطلق على الثوب يكون له خمل من أي شئ كان هذا الخمل , والخميل هو الأسود من الثياب أيضاً.
= فهذا الرجل ليس قلبه متعلقاً بالدينار والدرهم فقط , وإنما يتعلق بالمفارش والثياب , فالخميصة كساء جميل , والخميلة فرش وثير , ولما كان هذا الرجل متعلقاً بالمفارش والثياب .. سماه النبى صلى الله عليه وسلم (( عبد الخميصة , وعبد الخميلة)).
= لقد جعل هذا الرجل الدين وسيلة للدنيا , فجعل الدنيا أكبر همه , فهى عنده أعظم وأولى , لذا لم يكتف النبى عليه الصلاة والسلام بالدعاء عليه مرة واحدة كما تقدم فى قوله ((تعس)) فهو ومع تكراره للدعاء بلفظ ((تعس)) فإنه صلى الله عليه وسلم أعادها فى المرة الخامسة متبعاً إياها بقوله : (( انتكس)) فقال : (( تعس وانتكس)).
= ((وانتكس)) أى عاوده المرض وانقلب على رأسه , فيكون المعنى : باء بالخيبة وخاب وخسر , ونلحظ أن النبى صلى الله عليه وسلم قد ترقّى فى الدعاء عليه ; لأنه إذا تعس انكب على وجهه فإذا انتكس انقلب على رأسه بعدما سقط , ولم يكتف النبي عليه الصلاةوالسلام بهذه الزيادة فى الدعوة ,
بل تتوالى الأدعية على صنف هذا الرجل :
= (( وإذا شيك فلا انتقش )) يعنى إذا أصابته شوكة , فلا يجد من يخرجها له بالمنقاش , وهو دالٌ على عجزه ; لأنه لن يلجأ إلى من يخرج له هذه الشوكة إلا إذا كان عاجزاً هو عن إخراجها , فهذا دعاء عليه بالعجز يرده عن قصده
وسعيه الذى طالما سعى إليه , لأن من عثر فدخلت فى رجله شوكه , فعجز عن إخراجها , ولم يجد من يخرجها له , تبع ذلك عجز عن الحركة والسعى ,
اللذان هما أداته فى تحصيل الدنيا , فدعا عليه الصلاة والسلام على هذا الرجل دعاءً يعطله عما نذر نفسه له من الدنيا وأن يقعد به المرض , وتقعد به صحته
عن مواصلة السعى للدنيا , وإذا وقع فى البلاء لا يجد من يترحم عليه , لأن من وقع به البلاء فترحم عليه الناس وعطفوا عليه ورقوا له , فربما هان عليه الخطب ,
وهذا العطف والرق له المحجوب عنه بدعوة النبى صلى الله عليه وسلم فى قوله ((فلا انتقش)) .
= وهذا الدعاء أيضا يتضمن هوانه على الناس , لأنه دعا عليه الصلاة والسلام بقوله ((شيك )) فهذا فيما يخص الشوكة , لا يجد من يخرجها له , فما بالك بما هو أعظم من الشوكة ؟
إذا تضمنت دعوة النبى عليه الصلاة والسلام أن لا يرق له قلب إنسان
ولا يعطف عليه حتى لا تهون عليه المصيبة , ولا يتسلى بكلام الناس وتعزيتهم له . بل إنه يزيد غيظه لأنه لا يجد من يهتم به , ولا شك أن فرح الأعداء غيظ للمصاب .
= فهذه الدعوات العظيمات تدل على أن هذا الرجل فى أسوأ قدر , وأحط مـنـزلة . ثم قال :
((إن أُعطى رضى , وإن لم يُعط سخط ))
يحتمل
= أن يكون المعطى هو الله سبحانه وتعالى , ويحتمل أن يكون المعطى إنساناً مثله , فمثل هذا الرجل إذا أعطاه الله سبحانه شيئاً ربما يفرح ذلك
وينشرح له صدره , وإذا لم يعطه الله
قال : ربى أهانن , فيسخط على ربه , ويسخط على قضائه وقدره .
=وإذا كان المعطى إنسان , فمثل حال المنافقين إن أعطوا وإن منعوا , قال فيه
سبحانه وتعالى :[وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ] {التوبة:58}
فدل هذا على أن هذا الرجل - على كل حال سواء أأعطاه الله أم أعطاه الناس- فإنه يرضى بهذا العطاء , وإن منع - سواء أمنعه الله أم منعه الناس - فإنه يسخط لهذا المنع .
= فغايته أن يُعطى , فإن لم يعط سخط وغضب وسبّ ولعن ; لأن هدفه المال , فالذى يسكته الإعطاء والذى يثيره المنع .
وإذا حرمه الله شيئا قال : لماذا كنت فقيراً ولم أكن غنياً ؟ فيسخط على قضاء الله وقدره .
يُـــــتبـــــــع
التوقيع

أما جاءكم عن ربكم: (وَتَزَوَّدُوْا) .. فما عُذر من وافاهُ غيرَ مُزَوِّدِ ..!!
رد مع اقتباس