فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مازال حديثنا حول شرح مفردات الاستعاذة :
ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام
كما جاء قي صحيح مسلم قال عليه الصلاة والسلام للصحابة ذات يوم :
(( ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الملائكة ومن الجن .
قالوا :يا رسول الله حتى أنت ؟
قال : حتى أنا إلا ان الله أعانني عليه فأسلمَ ))
ولكن الرواية الصحيحة: فأسلمَ
فيكون هذا القرين المصاحب للنبي عليه الصلاة والسلام قد دخل في الدين
ولذا يقول عليه الصلاة و السلام في تتمة هذا الحديث : (( فلا يأمرني إلا بخير ))
لكن لا يعني هذا أن الأب وهو إبليس كما قال شيخ الإسلام : أبو الجن هو إبليس
لا يعني أن الأب الذي هو إبليس يكون بعيدا عن إغواء وإيقاع بني آدم في الزلات
قال النبي عليه الصلاة والسلام كما في صحيح مسلم :
(( يضع إبليس عرشه على الماء ثم يرسل جنوده فيأتي أحدهم فيقول : فعلت كذا وكذا
فيأتي الآخر ويقول :فعلت كذا وكذا
فيأتي آخر ويقول : ما تركتهما حتى فرقت بينهما (( أي الزوج وزوجته ))
وهو لا يألو جهدا في تضليل بني آدم في أي حالة من الأحوال
(( إن الشيطان - ولذلك أمرنا في التشهد الخير ان نقول : اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ))
فتنة الممات : تشمل ما قبيل الموت وما بعد الموت
" إن الشيطان في تلك اللحظة وفي تلك الساعة يجمع قوته وفكره حتى يضل بني آدم عن عقيدته
يقول : " وليس هذا لكل أحد فقد يعرض للبعض وقد لا يعرض للبعض"
فقال رحمه الله: " إن الشيطان يأتي في تلك اللحظة فيتعرض لمن به سكرات الموت على أنه أبوه أو أمه فيعرض عليه الأديان يعرض عليه ويحسن له دين اليهودية ودين النصرانية وغيرها من الأديان الفاسدة "
فيقول رحمه الله :" فمن يسلم في تلك اللحظة "
لكن الله لم يتركنا سدى لم يتركنا هملا وضع لنا أسلحة ندافع بها هذا الشيطان
الإمام أحمدوهو في سكرا ت الموت قيل له يا إمامقل :لا إله إلا الله
الإمام أحمد الذي وقف صامدا كالجبل الراسخ أمام فتنة خلق القرآن يقول إذا قيل له :قل : لا إله إلا الله
كيف الإمام أحمد تعرض عليه كلمة الشهادة فيقول:بعد بعد ؟
قالوا : يا إمام ما الذي دهاك ؟
ما الذي ألم بك نقول لك :قل : لا إله إلا الله وتقول :بعد بعد ؟!
قال : نعم تمثل لي الشيطان في زاوية المسجد وقال : فُتَّني يا أحمد فُتَّني ما عاد لي عليك قدرة فقلت:بعد بعد ما دام أن الروح في الجسد بعد بعد لم أفتك
فانظروا كيف تسلط على الإمام أحمد وهو إمام أهل السنة
وهذامصداق قوله تعالى :{إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ }فاطر6
الشيطان يضع عقبات أمام بني آدم
ذكر ابن القيم في كتابه مدارج السالكين
أن الشيطان له مع ابن آدم عقبات سبع :
لا يتدرج من إحداهما إلى الأخرى حتى ييأس في إيقاع بني ادم في العقبة التي قبلها
يضعها أمام ابن آدم أن يكفر بالله
وهذه هي غاية المطالب عند الشيطان
لأن الإنسان إذا وقع في الشرك أصبح حتما من أهل النار
ولذا قال عليه الصلاة والسلام :
(( إن الله حرم على النار من قال : لا إله إلا الله يبتغي – انظروا التقييد بهذه الجملة يدل على أن هذه الكلمة وحدها لا تنفع
اليهود يقولون : لا إله إلا الله
النصارى يقولون : لا إله إلا الله
المنافقون يقولون : لا إله إلا الله
لأنهم لم يأتوا بشروطها لم يأتوا بأركانها
" لا إله إلا الله " مفتاح الجنة
والمفتاح لا يفتح الباب إلا إذا كان له أسنان
وأسنان لا إله إلا الله هي الأعمال الصالحة
ولذلكقال : يبتغي بها وجه الله
(( منقال : لا إله إلا الله صدقا من قلبه ))
فإذا كنت صادقا دعتك هذه الكلمة إلى العمل
(( منقال : لا إله إلا الله صدقا صادقا خالصا من قلبه دخل الجنة ))
أعظم ما أمر الله به هو التوحيد
وأعظم ما نهى الله عنه هو الشرك
((وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ))
وقالجل وعلا : ((وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً ))
ولذا قال الإمام مجدد الدعوة في كتابه الأصول الثلاثة :
قال من المسائل الثلاث العظام : أن الله لا يرضى أن يشرك معه غيره لا ملك مقرب ولا نبي مرسل
{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً } الجن18
النبي عليه الصلاة والسلام لما جاءه رجل فقال : (( ما شاء الله وشئت ))
فقالعليه الصلاة والسلام غضبا قال :
(( أجعلتني لله ندا ؟ بل ما شاء الله وحده))
أنتيا محمد تزعم أنه يأتيك الخبر من الله فاذكر لنا ما هي الأوقات التي يكثر فيها ربح التجارة وما هي الأوقات التي يكثر فيها الخسارة في التجارة ؟
{قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } الأعراف188
إذاانهدَّت القاعدة انهدَّ سائر البنيان
والعقيدة هي مصدر كل خير :
لا تسأل من قبل الملكين في القبر إلا عن الأصول الثلاثةالعظيمة المتعلقة بالتوحيد :
اقرأ واتل ما ذكره الله في كتابه عن فضل التوحيد
بل ما فيه سورة من السور إلا وهي تتكلم عن التوحيد
وإما أمر بما يكمل التوحيد من الأعمال
وإمانهي عما يقدح في العقيدة من الأعمال
وإمابيان لما أعده الله للموحدين
أو بيان لما أعده الله من العقوبة والخسارة في الدنيا والآخرة للمشركين
((الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ{2} )) توحيد
((الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ{3} ))توحيد : صفات الله وأسماؤه
((مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ{4} إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ{5} )) العبادة والاستعانة
((اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ{6} صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ ))
وهو طريق الذين أنعم الله عليهم ((مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ ))
((غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ ))
((وَلاَ الضَّالِّينَ{7} )) النصارى
وهؤلاء مشركون و لا نشك في ذلك ولا نرتاب
ومن نواقض الإسلام العشرة التي ذكرها الإمام : محمد بن عبد الوهاب :
أن من لم يكفر المشركين أو شك في كفرهم فهو كافر
وماترفع فيه الآن من أعلام تدعو إلى وحدة الأديان :دين الإسلام دين النصرانية دين اليهودية نقرب بينها حتى يصبح الناس سواء
ووالله لن يتم لك توحيد إلا إذا كفرت بكل العقائد إلا الإسلام :
{وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ }آل عمران85
(({إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ ))
قال عليه الصلاة والسلام كما في صحيح مسلم : (( من قال : لا إله إلا الله )) فقط ؟
(( وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله ))
لكنلا أقول : إن اليهود على ضلالة ولا إن النصارى على ضلالة وليسوا على هدى أنا محايد
نقول: كفرت بمقتضى حديث النبي عليه الصلاة والسلام
لأن الإيمان صدق وجزم فيجب أن تصدق في عقيدتك وفي توحيدك فتكفر بسائر الأديان إلا الإسلام
ولذلك إذا خسر العبد التوحيد خسر والله كل شيء
وحتى في القبر وحتى في الآخرة
هذه الآية تحتمل الدور الثلاثة :
((الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ )) أي لم يخلطوا (إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ )) أي بشرك
((أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ }الأنعام82
لما سمع الصحابة هذه الآية قالوا : يا رسول الله أينا الذي لا يظلم نفسه ؟
قال :ليس هو الظلم الذي تعنون ألم تسمعوا إلى قول العبد الصالح : ((إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ )) لقمان13
{الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ } الأنعام82
وبقدر ما ينقص التوحيد وبقدر ما يقل التوحيد في نفوس المسلمين بقدر ما ينقص من أمنهم ومن هدايتهم
إذا كانت العقيدة سائدة في البلد لو كنت أضعف الأمم قوة وعتادا وعددا والله لن يصل إليك أحد
كان الصحابة رضي الله عنهم لا يجدون النعال التي بها يحتمون عن الشمس فجعلوا يلفون الخرق على أقدامهم
هم الذين سادوا الأمم وأصبحوا زعماءللدول
بقدر ما ينقص التوحيد بقدر ما يحصل الرعب والخوف
وألقي نظرة في واقع المجتمعات بأسرها :
الدولة التي تعنى بتوحيد الله يحل فيها الأمن والاستقرار والرخاء
قبل دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمة اللهعليهكانت مسرحا للفتن والحروب والسلب والنهب قائم بين القبائل كل يسطو على بعض
((لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ))
((وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ ))
كانت الأوس والخزرج متناحرين فيما بينهم((وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَبَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ ))
يعني : ما بينكم وبين النار إلا يسير
ما بينكم وبين أن تصلوا إلى النار حتى تموتوا
((وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ))
كانتمسرحا للفتن والنهب والسلب
لكن لما منَّ الله عز وجل بفضل منه وبكرم لا بحولنا ولا قوتنا لما منّ الله علينا بهذه العقيدة السليمة عمَّ الأمن والرخاء في البلد
يخرج الرجل إلى إحدى المدن في داخل المملكة ليس معه إلا زوجته وربما معه أطفاله لا يحمل سلاحا ولا عتادا ومع ذلك يطرق هذه الصحاري وهو آمن مطمئن
لأن المجرم يعلم أنه متى ما خالف أمر الله نفذ فيه حد الله فارتدع
لن يصلح أحوال المجتمع إلا بدين الله
وبقدر ما ينقص التوحيد في قلوبنا بقدر ما ينزل الله عز وجل بنا العقوبة والرعب والخوف
{الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ ))
(( أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ }الأنعام82
{الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ }قريش4
((أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِن لَّدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ))
في القبر تكون آمنا مطمئنا
إذا أجبت على الأسئلة الثلاثة :
يأتيك ملكان – كما جاء في سنن الترمذي - أسودان أزرقان يقال لأحدهما : المنكر والآخر : النكير
ولذلك من عظمة هذا الموقف:
إذا دفن النبي عليه الصلاة والسلام أحدا وقف على قبره
وقال : (( سلوا له التثبيت واستغفروا له فإنه الآن يسأل ))
إذا أجبت على هذه الأسئلة الثلاثة :
قيل : فلان بن فلان سعد سعادة لن يشقى بعدها أبدا
وإن لم تجب قيل : فلان بن فلان خسر وشقي شقاوة لا يشقى بعدها أبدا
وما أعده الله في الآخرة أشد وأبقى
ولذلك الكفار كما على أحد وجوه التفسير :
((وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ ) )القبور ((إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ{51} )) يسرعون
((يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُّكُرٍ )) القمر6
(({يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ ))
إلى صوتإسرافيلحينما ينفخ في الصور
((وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ{51} قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا ))
إذا رأوا العذاب وشدته في يوم القيامة اعتبروا أن ما جرى لهم وأن ما أصابهم في القبر بمثابة النومة إذا رأوا العذاب الشديد
((قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ{52} إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ{53} فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ{54} ))
الذي يريد الشيطان بقوته يريد أن يزحزحك عنه أو يبعدك عنه
ولذلك إذا أجاب قال : يا رب أقم الساعة
قال :حتى أرجع إلى أهلي ومالي
وأما الكافر فيقول : رب لا تقم الساعة رب لا تقم الساعة
لأنه يعلم أن هناك عذابا أشد وأعظم
وأمن في القبر إذا أجاب على هذه الأسئلة المتعلقة بالتوحيد
فكيف بالأمن يوم القيامة ؟
{لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ }الأنبياء103
فالعقيدة مهمة جدا ويجب أن نحافظ عليها وأن نعض عليها بالنواجذ حتى يحصل لنا الأمن في الدنيا وفي القبر وفي الآخرة
ولذا أول عقبة يضعها الشيطان عقبة الشرك
إذا حظي من ابن آدم إلى إيقاعه في الشرك لا يلتفت إلى أمور أخرى
لأن الإنسان إذا كفر هو بنفسه دون أن يدفعه دافع يقترف المعصية
{أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً }مريم83
وأعظم ما أمر الله به هو التوحيد
وأعظم ما نهى الله عنه هو الشرك
هذه هي أول عقبة يضعها الشيطان
ولذلك قال عز وجل في سورة الحشر :
يهود بني النضير لما حاصرهم النبي عليه الصلاة والسلام أتوهم إليهم المنافقون وقالوا : لا ترضخوا لمحمد حاربوه ونحن معكم:
((أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ{11} لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِن قُوتِلُوا لَا يَنصُرُونَهُمْ وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنصَرُونَ{12} ))
ماذا قال عز وجل بعد ذلك ؟
((كَمَثَلِ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَرِيباً ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ{15} كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ ))
حال المنافقين مع يهود بني النضير لما قالوا : سنناصركم ونعاونكم كحال الشيطان مع الإنسان لماقالله : اكفر وأنا أنجيك مما أنت فيه :
لأنه وردت قصة إسرائيلية لا تصدق ولا تكذب
من أن هناك عابدا يعبد الله من بني إسرائيل وكانت هناك بنت ولها إخوة فأحبوا أن يضعوها عند هذا العابد لأنهم سينشغلون عنها بسفر
فأتى الشيطان إلى هذا الرجل فأزه أزَّا فزنى بهذه البنت
الإخوة رأوا في المنام أن أختهم فعل بها كذا وكذا وجميع الأربعة رأوا هذه الرؤية
فأتواإليه فوجدوا أن هذا الرجل فعل بأختهم ما رأوا
فجاء الشيطان فقال : أنا أنجيك من هذا الموقف إن سجدت لي سجدة
((كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ{16} فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ{17} ))
هذه هي العقبة الأولى التي ذكرها ابن القيم في مدارج السالكين
وسيأتي مزيد حديث عن العقبات الأخرى التي ذكرها رحمه الله