عرض مشاركة واحدة
  #26  
قديم 05-02-2012, 08:32 PM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متواجد حالياً
كن كالنحلة تقع على الطيب ولا تضع إلا طيب
 




افتراضي

وسبب ذلك كما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية ، اعتقادهم أنه ليس في نفس الأمر صفة دلت عليها هذه النصوص بالشبهات الفاسدة ، فلما اعتقدوا انتفاء الصفات في نفس الأمر ، وكان مع ذلك لابد للنصوص من معنى ، بقوا مترددين بين الإيمان باللفظ وتفويض المعنى - وهي التي يسمونها طريقة السلف - وبين صرف اللفظ إلى معان بنوع تكلف - وهي التي يسمونها طريقة الخلف - فصار هذا الباطل مركبا من فساد العقل وتعطيل السمع ، فإن النفي إنما اعتمدوا فيه على أمور عقلية ظنوها بينات وهي شبهات ، والسمع حرفوا فيه الكلم عن مواضعه ، فلما ابتنى أمرهم على هاتين المقدمتين الكاذبتين كانت النتيجة استجهال السابقين الأولين واستبلاههم ، واعتقاد أنهم كانوا قوما أميين ، بمنزلة الصالحين من العامة ، لم يتبحروا في حقائق العلم بالله ، ولم يتفطنوا لدقائق العلم الإلهي ، وأن الخلف الفضلاء حازوا قصب السبق في هذا كله (1) .

والحقيقة أن الفهم السلفي لمسألة المحكم والمتشابه التي وردت في آية آل عمران ، يتسم بالدقة ويتسق مع اعتقادهم في التوحيد ، لاسيما في توحيد الصفات ، فهم لما آمنوا بصفات حقيقية جاءت بها الأدلة السمعية ، وفرقوا بين فهم المعنى الذي حواه اللفظ العربي وفهم الكيفية ، وفقوا في تفسير المحكم والمتشابه .

فإذا كان المحكم هو المعلوم الواضح المعنى ، وكان المتشابه عكس المحكم وهو المجهول الذي لا يعلم - على نحو ما تقدم - فإنهم يعتبرون معاني نصوص الصفات محكمات ، والكيفية الغيبية فقط من المتشابهات التي لا يعلمها إلا الله .

أما إذا كان معنى النص معلوما ، والكيفية التي دل عليها معلومة أيضا ، كانت الآية محكمة لأهل العلم على تفاوتهم في المعرفة والفهم ، كما هو الحال في جميع آيات الأحكام ، ولذلك - والله أعلم - سميت نصوص التكليف بما تحويه من أحكام أحكاما ، لوضوح معناها والعلم بكيفية أدائها .
__________
(1) بن تيمية : مجموع الفتاوى 5/9 بتصرف .
التوقيع


تجميع مواضيع أمنا/ هجرة إلى الله "أم شهاب هالة يحيى" رحمها الله, وألحقنا بها على خير.
www.youtube.com/embed/3u1dFjzMU_U?rel=0

رد مع اقتباس