عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 04-12-2012, 04:01 AM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متواجد حالياً
كن كالنحلة تقع على الطيب ولا تضع إلا طيب
 




افتراضي

الحلقة السادسة : لماذا قضيتنا رابحة؟

في الحلقة الماضية ذكرنا فوائد من حديث معاذ رضي الله عنه. واليوم نحن مع فائدة مهمة جدا.
المتابع لهذه الحلقات عندما يسمع أننا نطالب الإسلاميين بعدم تقديم التنازلات عن شيء من الشريعة قد يظن أننا نطالبهم بأن يخرجوا على الناس ويقولوا لهم:


"نحن إذا حكمناكم فسنفرض الحجاب على النساء ونمنع الخمر ونقطع يد السارق ونجلد الزاني".


في الواقع نحن نحذر إخواننا أصحاب المشروع الإسلامي من أن يُجَروا إلى نقاش الفرعيات بدلا من الأصوليات...من أن يُجروا إلى نقاش الأحكام بدلا من بيان العقيدة. نحن كأصحاب مشروع إسلامي لسنا مكلفين الآن أن نرد على توجسات الناس حتى نقنعهم باختيار الشريعة. قضيتنا الكبرى الآن هي أن نبين للناس أنهم عباد لله وحده...لا تحرر لهم إلا إذا عبدوا الله وحده.

وهذه العبودية لا تتحقق إلا بتطبيق الشريعة بمفهومها الشامل.


قضيتنا الكبرى هي أن نبين للناس أنه لا يصح إسلامهم إلا إذا خضعوا لشريعة الله، وأن قبول الاحتكام إلى غير الله شرك أكبر.


نحن إذا أغرقنا في الحديث عن تفاصيل الشريعة وفي الدفاع أمام العلمانيين عن نظام العقوبات الإسلامي...إذا استطردنا في الحديث عن الحلول التي تقدمها الشريعة لمشاكل الناس الاقتصادية والاجتماعية... فإننا نضيع قضية العبودية هذه...لأننا سنبدو حينئذ كتاجر يروج سلعته ويحاول إقناع الزبائن بميزاتها أو الدفاع عن عيوبها...كأننا نكرس لدى الناس مفهوم أن الشريعة خيار من الخيارات المطروحة يمكن مقارنته بالخيارات الأخرى بناء على ميزاتها الدنيوية... بينما علينا في الواقع أن نقول للناس: ألستم مؤمنين بالله؟ فليس لكم حينئذ إلا قوله تعالى:

((وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم))...فأيتها الشعوب... الشريعة لا غنى عنها ولا خيار غيرها!


نحن لا نبيع سلعة لنجد أنفسنا مضطرين أن نبين لزبائننا ما فيها حتى يشتروها على نور ولا يقولوا لاحقا أننا خدعناهم! نحن بالمناداة بالشريعة نطالب الشعوب الإسلامية أن تلتزم بتبعات (لا إله إلا الله) التي نطقت بها، والتي تعني الرضا بالله ربا ومشرعا وحاكما...((فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما))...نحن لسنا في مأزق حتى ندافع عن طرحنا، بل الذي يدعي الإسلام ثم يرفض الشريعة هو الذي في مأزق الازدواجية والنفاق والتناقض.


هذه الفائدة من حديث معاذ نفهمها من أنه عليه الصلاة والسلام لم يوجه معاذا أن يعرض تكاليف الشريعة كاملة على أهل اليمن ليدرسوها كخيار ويقارنوها بالخيارات الأخرى ثم يقبلوها او يرفضوها. إن شهدوا الشهادتين فليس من ثَم إلا الخضوع والتنفيذ.


إذن إخواني: نقطة مهمة جدا...لا ينبغي استخدام الحلول التي تقدمها الشريعة للمشاكل، والرفاهية التي تحققها للمجتمعات كميزة تسويقية للشريعة. هذه إنما هي بركات وهدايا تأتي تبعا...ميزة الشريعة أنها دين الله...((الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيء)) هل العلمانيون يخلقون أو يرزقون أو يميتون أو يحيون؟ هل البرلمانات تفعل من ذلك شيئا؟ فكيف يشرعون؟


((الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيء سبحانه وتعالى عما يشركون)).


ثم هنا مسألة مهمة جدا... نحن إن نادينا بتطبيق الشريعة على اعتبار أنها تحل مشاكل المجتمع وتحقق الرفاه الدنيوي، إذا استجاب الناس لدعوتنا هذه وقبلوا بتطبيق الشريعة... هل نكون قد حققنا المقصود حقيقة؟ أبدا! فالمقصود من تطبيقها هو العبودية لله تعالى. فإن اختارتها الشعوب لميزاتها الدنيوية فإنها لا تحقق معنى العبودية. ثم إن اختيار تطبيق الشريعة بصدق في بلد ما يتوقع أن يعقبه فترة من التضحيات أمام أعدائها في العالم، وهي فترة كفيلة بأن تجعل من اختار الشريعة للدنيا ينكص على عقبيه.


إخواني هذا دين الله! أجلُّ من أن يعرض على الرف مع غيره ويعدَّل فيه ليوافق أهواء الزبائن!

في هذه السلسلة سأبين –بإذن الله- أنه ليس هناك شيء من الشريعة نستحيي منه. بل والله كل جانب منها بحد ذاته مفخرة نرفع بها رؤوسنا. وبإذن الله سأبين جمال نظام العقوبات الإسلامي ورحمته! نظام العقوبات! نعم نظام العقوبات. لكن علينا أن نعلم أن هذا كله ليس ما نُقنع به الشعوب. لا يجوز أن نعرض هذه المفاضلة على أنها ميزتنا التسويقية! نقارن شريعة الله بحثالات أفكار واضعي القوانين الوضعية الوضيعة؟!


ألم تر أن السيف ينقص قدره إذا قيل إن السيف أمضى من العصا!
إنما ميزة الشريعة أنها دين الله...((أفغير الله أبتغي حكما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا)).

طيب إذا سأل المماحك حول نظام العقوبات مثلا: ماذا تفعلون بمن يخالف الشريعة؟ يقال له: ولماذا يخالفها؟ من يسأل سؤالا كهذا فهو دلالة أنه يبطن سوءا، لأنه يريد مخالفة أحكام الله. فلماذا يخالفها؟ إخواني، الذين كانوا يبايعون النبي على الإسلام ما كانوا يسألونه (ماذا ستفعل بنا إن خالفنا أوامر الشريعة، بين لنا قبل أن نبايعك) لأنهم يعلمون أن هذا سؤال لا يُسأل بل هو يدل على عدم الجدية في المبايعة.


ونحن يُراد لنا من مناوئي الشريعة أن نُغرق في الردود على الشبهات المثارة عن الشريعة ونلتهي عن طرح ميزتها العظمى...ألا وهي أنها شريعة الله، خالق الإنسان والأعلم بما يَصلح له ويُصلحه. هذه هي الميزة التي تجعل قضيتنا هي الوحيدة الرابحة والتي ينبغي أن نركز عليها.


إذن عند الحديث عن الشريعة كنظام يجب أن تحتكم إليه الشعوب الإسلامية علينا أن ننتبه إلى عدم الانشغال بالدفاع عن جزئيات الشريعة أمام الشبهات.
قد تقول: لكن المعارضين للشريعة سيتهموننا حينئذ بأننا نخبئ أجندة سرية...أيها الإخوة!
المعارضون للشريعة لن يرضوا عنا حتى نتبع ملتهم. إن رفضنا الانشغال با
لردود وركزنا على

العبودية فسيقولون: أجندة سرية، والذي يرد على الشبهات يجادلونه فيها جدالا يضيع قضية العبودية، والذي يعدهم باحترام رغباتهم حال استلام الحكم سيقولون أنه يبطن غدرا فيدعي احترام قواعد اللعبة الديمقراطية لكنه سينقلب عليها إذا مُكن. ولن يرضوا عن أحد حتى يتبع ملتهم. فلنلزم الحق لنكسب معية الله.

خلاصة الحلقة
: الشريعة ليست خيارا يقارَن بالأنظمة الوضعية، وميزتها هي أنها دين الله، خالقنا ورازقنا ومميتنا ومحيينا.

من النقولات: (ان تطبيق الشريعة الإلهية لا يراد منه اصلاح المجتمع الانساني فحسب بل هوتنفيذ أمر الله وتحقيق العبودية له فالمسلم لا ينظر الى تطبيق الشريعة على أنه مجرد احلال نظام جديد صالح محل نظام ثبت عدم صلاحيته بل ينظر اليه-أيضا-نظرة ايمانية وهي : أنه أمر من الله تعالى واجب التنفيذ لا يصح التوقف فيه لأي مبرر كان سواء كان المجتمع مهيئا أو غير مهيئ كما أن الأخذ به وتطبيقه من لوازم الايمان بالله تعالى ومن لوازم الاقرار بحاكميته على عباده والانقياد له فيما أمر والانتهاء عما نهى عنه) (د. مفرح القوصي).

التوقيع


تجميع مواضيع أمنا/ هجرة إلى الله "أم شهاب هالة يحيى" رحمها الله, وألحقنا بها على خير.
www.youtube.com/embed/3u1dFjzMU_U?rel=0


التعديل الأخير تم بواسطة أم عبد الله ; 09-29-2012 الساعة 09:56 PM
رد مع اقتباس