04-07-2012, 01:38 AM
|
|
لماذا لا يوقف تصنيعالدخان؟"
السؤال:
السَّلام عليكم، أتساءلُ دائمًا: هل هُناكمُبرر أن تقومالدُّول بتصنيع الدُّخان؟ ولماذا لا يجرم تصنيعه؟ فأنا أرى أنَّهالبوَّابة الرئيسة للمخدرات؛ فالبعض يقفُ عند مُجرد التدخين، والبعض يتعدَّى ذلكلدرجة أنَّه يصلُ للحشيش والمخدرات، ما الفائدة من حُكُومات تبني وتهدم بنفسها؟ تجدأنَّها تضع لوحات توْعية، ومراكز للإقلاع عن التَّدخين، بينما تجدها في نفس الوقتتستورد السجائر، هل هناك مبررٌ واضح يجعلُ هذه الحكومات تستورد الدُّخان؟ لماذا لايُجرَّم تصنيعه وتدخينه؟ أمْ أنَّ الأمر أصبح عاديًّا وطبيعيًّا فقط لمجرد تَفَشِّيهذه الظاهرة؟ خوفي كلَّ خوفي أنْ يصل الأمر للحشيش فيمابعد.
الجواب:
الحمد لله، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسول الله،وبعد:
فإنَّ شُرب الدُّخان مُحرم بنصوص الكتاب والسُّنة؛ لما يترتب عليه منالمَضار المؤكدة، والعواقب الوخيمة؛ قال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّلَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} [المائدة: 4]، وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوالِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [البقرة: 172]، وقال في حقِّ رسولنامحمد - صلَّى الله عليه وسلَّم -: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُعَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157].
وصحَّ عنه - [IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/Mahmoud/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/07/clip_image001.gif[/IMG]- أنَّه قال: ((لاضَرَرَ ولا ضِرار))؛ رواه ابن ماجه وغيره، وهو صحيح.
وقد ثَبَتَ بقولالأطباء الثِّقات المُختصين، الذين يُعتَدُّ بقولهم في هذا: أنَّ التَّدخين سبَبُإصابة تسعة من بين كلِّ عشرة من المُصابين بسرطان الرِّئة، وكذلك يدخل التدخين ضمنمُسببات أمراض القلب والجلطة الدماغيَّة، وانتفاخ الرِّئة والتهاب القصبةالهوائيَّة، وكذا هو سببٌ للإصابة بالعُنَّة، أو الضعف الجنسي.
وقد نُقِلَعن أطباءَ ثِقَات: "أنَّه يجبُ التعامل مع النيكوتين الموجود في التَّبغ كباقيالمُخدَّرات الخطيرة مِثل: الهيروين، والكوكايين"، وقد أعلن وليام دونالدسون، رئيسمكتب الإشراف الصِّحِّي بالحُكُومة البريطانيَّة: أنَّ السجائر التي يتمُّ تسويقهاتحتوي على نسبة مُنخفضة من القطران، يُمكن أن تكون هي المسؤولة عن ازدياد حالاتالإصابة بأحدِ الأنواع النَّادرة لسرطان الرِّئة، ووصْفُ بعض السجائر بأنها مُنخفضةالقطران تعبيرٌ ينطوي على تضليل المستهلك؛ حيثُ إنَّ ذلك يوحي بأن هذه السجائر أقلضررًا بالصحة.
وفضلاً عن ضَرَر التدخين البالغ للبدن فإنَّه إضاعة للمالالذي أمرنا الله بالمحافظة عليه؛ ففي الحديث: ((إنَّ الله حرَّم عليكم عقوقالأمهات، ووأدَ البنات، ومَنْعًا وهات، وكره لكم قيلَ وقال، وكثرة السُّؤال، وإضاعةالمال))؛ مُتَّفق عليه؛ ولذا فإنَّه يجبُ على المكلف ألاَّ يقربه، وعلى من وقع فيبَرَاثنه أنْ يتركه، ولْيبادر نفسه بالعلاج، قبل أن يفجأه الموتُ، وهو على هذهالحال الشنيعة، التي لا يحبها الله ولا يرضاها.
والواجب على أولياء الأمورفي مُختلف البلاد: أنْ يُصدروا من القوانين المُلزمة ما يفيد تجريمَ تصنيع وترويجهذه الأنواع المُختلفة من الأدخنة، وأنْ يقيموا من المحتسبين ما يكون كافيًا للقيامبهذا الواجب المؤكد، الذي فيه رفع الفساد ودفعه.
قالَ شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: "ووِليُّ الأمْرِ إذا تَرَك إنكارَ المنكَراتِ، وإِقامَةَ الحُدودِعليها بمالٍ يأخُذُهُ؛ كانَ بمنزلةِ مُقَدِّمِ الحَرَامِيَّة، الذي يُقاسِمالمحاربينَ على الأَخِيذةِ، وبِمنزِلة القوَّادِ، الذي يأخذُ ما يأخذُه؛ لِيجمعَبينَ اثْنينِ على فاحِشةٍ، وكانَ حالُهُ شَبيهًا بِحالِ عَجوزِ السُّوءِ امْرأةِلوطٍ، التي كانتْ تدُّلُ الفجَّارَ على ضَيْفه؛ فعذَّبَ اللهُ عجوزَ السُّوءِالقوَّادةَ بِمثلِ ما عذَّبَ قومَ السُّوءِ، الذينَ كانوا يعملون الخبائث، ووليُّالأمرِ إنَّما نُصِّب؛ لِيأمُرَ بالمعروفِ وينْهى عنِ المنكَر، وهذا هو مقْصودُالولايةِ، فإذا كانَ الوالي يُمَكِّنُ مِنَ المنكر بمالٍ يَأخُذُهُ، كانَ قَدْ أَتىبِضِدِّ المقصودِ، مثل مَنْ نَصبتَه لِيُعينَك على عدوِّكَ، فَأَعانَ عدوَّك عليكَ،وبمنزلة مَن أَخذَ مالاً لِيجاهدَ به في سبيل الله، فقاتلَ به المسلمين؛ يُوضِّحُذلك: أنَّ صلاحَ العبادِ بالأمرِ بالمعروفِ والنَّهي عنِ المنكَر". اهـ مُختصرًا.
وقَد ورَدَ في فتاوى اللجنة الدَّائمةِ للبحوثِ العلميَّة والإفتاءِ: "يجبُعلى المسلمينَ أنْ يكونَ منهم جماعةٌ يدعونَ إلى الخيرِ، ويأمُرونَ بالمعروفِ،وينهَونَ عن المُنكَر؛ قالَ اللهُ – تعالى -: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌيَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِالْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران: 104]، وفي تحقيق ذلكصلاحُ النَّاس واستقامَةُ أحوالِهِم، وتكونُ هذه الأمَّةُ كما أثنى الله عليهابقولِه: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِوَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران: 110]، وعلىالقائِمِ بذلكَ أنْ يَعِظ قُساةَ القلوب بما تَلينُ به أفئدَتُهم، وتطمئِنُّ بهأنفسُهم، وتُقبِلُ على طاعةِ الله وعبادتهِ، وأنْ يُجادِلوا مَن لديْه شُبهةٌ بالتيهي أحسنُ؛ حتى يتبَصَّرَ ويتبيَّنَ لهُ الحقُّ؛ فيهتدي إلى الصِّراط المستقيمِ؛قالَ اللهُ - تعالى -: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِالْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125]".
وراجعفي موقعنا فتوى: "حكم شرب الدخان"، و"حكم شرب الدخان وبيعه".
|