الموضوع: هذا بلاغ للناس
عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 11-28-2011, 10:42 PM
أبو أسلم المنصوري. أبو أسلم المنصوري. غير متواجد حالياً
عضو فضى
 




افتراضي

فإن محاولة تطبيق الشريعة عن طريق الديمقراطية غير مطلوبة وغير مشروعة وغير ممكنة .

غير مطلوبة لأن الله تعالى لم يأمرنا بالدخول في الشرك من أجل إقامة التوحيد .

وغير مشروعة لأنه لا يشرع الدخول في الشرك من أجل إقامة التوحيد .

وغير ممكنة لأن تطبيق الشريعة عن طريق الوسائل الديمقراطية لا يخرج عن كونه تطبيقا شكليا لأنه يستظل بمظلة حكم الشعب.
أما الدخول في هذه البرلمانات فمن أوضح مفاسده أنه يعني إقرار النظام الديمقراطي والقول بمشروعيته ..
والداخل في هذه الانتخابات ولو لحظة واحدة لا يستطيع بعد ذالك أن يحذر الناس من المشاركة في النظام الديمقراطي بعد أن دخله وشارك فيه.

وينبغي أن تعلم أخي الكريم أن حصر الجهود في كتابة دستور له طابع إسلامي لن يؤدي إلى أي نتيجة بل لا بد من السعي إلى إلغاء النظام الديمقراطي برمته وإقامة نظام الحكم الإسلامي .

أما المشاركة في الأحزاب السياسية فهي تعني الانخراط الكامل في هذا النظام الديمقراطي لأنه لا يقبل أي حزب إلا إذا كنت أسسه ومنطلقاته منسجمة مع أسس ومنطلقات الديمقراطية .

وهذا هو محل الإشكال ولب الصراع ..

فهؤلاء العسكر الممسكون بزمام الحكم وسائر العلمانيين لا يريدون إلا تطبيق النظام الديمقراطي ..

وينبغي أن يكون موقفنا هو الإصرار على تنحية النظام الديمقراطي برمته .

والمشاركة السياسية في هذه المرحلة ينبغي أن تكون متوجهة بالأساس إلى دعوة كل الناس حكاما ومحكومين إلى هذا الأمر.

ومجرد الدخول في هذه الانتخابات يفتح الباب أمام تكريس النظام الديمقراطي ويعرقل جهود القضاء عليه .
الديمقراطية ليست طريقا موصلا إلى شرع الله لما تتضمنه من مناقضة له وهدم لأسسه .

فالشريعة مبنية على إفراد الله بالحكم والديمقراطية مبنية على إفراد الشعب بالحكم .

ولا يشرع الوصول إلى التوحيد من خلال الوسائل الشركية ..

والله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا ..

فلا عبرة بالعمل ما لم يكن خالصا لله صوابا على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال الفضيل بن عياض رحمه الله في قوله تعالى : { لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا } (هود : 7 ، الملك : 2) : " أخلصه وأصوبه " ، قيل : يا أبا علي ، وما أخلصه وأصوبه ؟ قال : " إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل ، وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل حتى يكون خالصا صوابا ، والخالص ما كان لله ، والصواب ما كان على السنة " [حلية الأولياء : (8 / 95)] .

وقال ابن القيم :

وعبادة الرحمن غاية حبه ... مع ذل عابده هما قطبان ...
وعليهما فلك العبادة دائر ... ما دار حتى قامت القطبان ...
ومداره بالامر أمر رسوله ... لا بالهوى والنفس والشيطان ...
فقيام دين الله بالاخلاص ... والاحسان إنهما له أصلان ...
لم ينج من غضب الاله وناره ... الا الذي قامت به الاصلان ...
والناس بعد فمشرك بإلهه ... أو ذو ابتداع أوله الوصفان ...
والله لا يرضى بكثرة فعلنا ... لكن بأحسنه مع الايمان ...

وقال ابن القيم أيضا : ' العمل بغير إخلاص ولا إقتداء كالمسافر يملأ جرابه رملاً ينقله ولا ينفعه' .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ : " وجماع الدين أصلان: أن لا نعبد إلا الله، ولا نعبده إلا بما شرع، لا نعبده بالبدع، كما قال ـ تعالى ـ : ( فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ) [الكهف: 110].

وقال ابن كثير في تفسير قوله تعالى:{فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} قال:(({فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً} أي: ما كان موافقاً لشرع الله،{وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} وهو الذي يُراد به وجه الله وحده لا شريك له، وهذان ركنا العمل المتقبَّل، لا بدَّ أن يكون خالصاً لله صواباً على شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم )).

..

وقد انقسم الناس في قوله تعالى: { إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ } [المائدة: 27] إلى ثلاثة أقوال: طرفان ووسط..

فالخوارج والمعتزلة يقولون: لا يتقبل الله إلا ممن اتقى الكبائر. وعندهم صاحب الكبيرة لا يُقبل منه حسنة بحال.

والمرجئة يقولون: من اتّقى الشرك.

والسلف يقولون: لا يتقبل إلا ممن اتّقاه في ذلك العمل ففعله كما أمر به خالصاً لوجه الله تعالى.

فالعمل لا يكون مقبولا حتى يكون خالصا لوجه الله وصوابا على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وموافقا لشرع الله .

وهذه المسألة ينبغي أن تكون من المسلمات الشرعية التي لا تحتاج إلى بسط الأدلة .

كما أنه لا يكفي في تطبيق الشريعة أن نقوم بتمرير بعض الإحكام على أي وجه وبأي طريقة .. فلا يمكن أن نعبر إلى ساحة الشريعة إلا من باب الخضوع لحكم الله والبراءة من تحكيم ما سواه ..

تستطيع فرنسا مثلا أن تصدر قانونا يمنع شرب الخمر وممارسة الزنا والملاهي الليلية وشواطئ العراة وربا البنوك، لكن مجرد تطبيق ذلك لا يعني إسلامية حكمها ما لم تنطلق من مبدأ الخضوع لشرع الله ..

ولن يحدث ذلك ما دامت خاضعة لإرادة الشعب ..!

ما الفائدة في منع شرب الخمر ومنع الربا والزنا إذا كنا سنرضى أن تكون المرجعية للشعب ؟!!!

إن الخطوة الأولى نحو إقامة شرع الله هي القضاء على النظام الديمقراطي الذي لا يمكن أن يجتمع هو والشريعة بحال ..ومن زعم أن لديه قدرة سحرية على تحويل الديمقراطية الشركية إلى شريعة ربانية فهو يدعي ما لا يمكن وقوعه ..

يتناسى هؤلاء أن الرئيس المنتخب ديمقراطيا لا يمكنه العمل إلا من خلال الخضوع للدستور والقانون وحاكمية الشعب ..

ويتناسون أن له صلاحيات محدودة لا يمكن أن يتجاوزها ..

ويتناسون أن الدستور فيه مواد مخالفة لشرع الله قد أقسم الرئيس على الخضوع لها وتطبيقها ..

ويتناسون أن محاولة تطبيق الشريعة من خلال الديمقراطية معركة طويلة تدخل الدعاة في نفق الديمقراطية المظلم الذي لم يخرج منه من دخله قط ..

فقد دخله أقوام ولم يخرجوا !!

فمن الأولى والأسلم والأحكم أن نصرف جهودنا وطاقاتنا إلى الوسائل الشرعية إذا كنا جادين في مهمتنا وصادقين في دعوانا .

قال أحد المشعوذين لراعي غنم أعطني نصف غنمك وإلا حولتها جميعا إلى خنازير برية ..

فقال الراعي: إذا كنت قادرا على تحويل الغنم إلى خنازير برية فلم لا تقوم بتحويل كل الخنازير البرية إلى غنم تكون لك خاصة وتتركني وشأني؟!!

ونحن نقول لهؤلاء الذين يدعون أنهم يريدون تطبيق الشريعة عن طريق الديمقراطية: لم لا تسعون إلى تطبيق الشريعة بالوسائل الشرعية الخالية من المحظورات وتجنبوا الناس الدخول في متاهات النظام الديمقراطي ؟

إن من الواجب عليكم السعي إلى التغيير من خلال الوسائل شرعية إن كانت موجودة ومتاحة ..

فهذا من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي أوجب الله عليكم ..

فإن لم يتيسر لكم ذلك عن طريق الوسائل الشرعية فقد سقط الوجوب عنكم ولم تعودوا مخاطبين بوجوب التغيير لعدم القدرة لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه ..)

وقال تعالى: {الذين إن مكنّاهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور}.

فلا يتوجه الخطاب إلى المؤمنين بإقامة شرع الله إلا بعد التمكين .

وإذا لم يتيسر لكم التغيير إلا عن طريق الديمقراطية فهو أيضا ساقط عنكم فالديمقراطية ليست متاحة لأنها معدومة شرعا ‘ و المعدوم شرعا كالمعدوم حسا .

ولهذه المسألة نظائر يذكرها الفقهاء منها :

1- الماء الذي ثمنه المعين حرام لا يستعمله لأنه ممنوع شرعا فهو كالمعدوم حسا.

2- في الزكاة وجود الدابة الواجبة معيبة في إبله حكم ما لو عدمها ، إذ الممنوع منه شرعاً كالمعدوم حساً .

3- الخلاف في وجوب الزكاة في الحلي وارد في الحلي المباح فقط أما الحلي الممنوع فتجب فيه الزكاة لأن الرخصة لا تتعلق إلا بالمباح أما المحرم فهو كالمعدوم .

4- الوطء في الحيض لا يحصن لأن المعدوم شرعا كالمعدوم حسا

5- كل رخصة تختص بالسفر لا يفعلها من عصى بسفره وسر ذلك أن المعدوم شرعا كالمعدوم حسا .

6- إذا لم يوجد للوضوء إلا آلة محرمة كإناء نقد فهو كعدمه لأن المعدوم شرعا كالمعدوم حسا.

7- المعتبر في التقويم إنما هو مراعاة المنفعة التي أذن الشارع فيها ، وما لا يؤذن فيه فلا عبرة به ، فلا تعتبر قيمته ؛ لأنه معدوم شرعا .

***


فلا يجوز بحال المشاركة في النظام الديمقراطي ترشحا أو تصويتا ولا يجوز إعانة من سلك هذا السبيل لقوله تعالى : {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان}.

وهذه المشاركة من الإثم والعدوان كما بينا .
رد مع اقتباس