8)
(( احذري ما يفسد صلاتك ))
عن أنس قال : كان قرام ( ثوب من صوف ملون ) لعائشة سترت به جانب بيتها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
" أميطي عنا قرامك هذا ، فإنه لا تزال تصاويره تعرض لي في صلاتي "
أختي المسلمة :
وصف الله ـ تبارك وتعالى ـ أهل الإيمان بالخشوع له في صلاتهم ، وهي من أشرف عباداتهم ، فقال عز وجل :
{ قد أفلح المؤمنون * الذين هم في صلاتهم خاشعون }
والخشوع هو روح الصلاة ، وأصلها العظيم ، وركنها القويم .
انظري ، وتأملي في قول الحق تبارك شأنه :
{ الذين هم في صلاتهم خاشعون }
إنهم خائفون ، ساكنون متواضعون .
فالخشوع هو لين القلب ، ورقته ، وخضوعه لله تعالى ، وهو خفض الصوت ، وسكونه ..
وإذا خشع قلبك لله ، تبعته كل جوارحك ، فيخشع سمعك ، وبصرك ، وعقلك ، وسائر الأعضاء منك تخشع بخشوع القلب .
ولذا رأى بعض السلف رجلا يعبث بيده في الصلاة ، أتدرين ماذا قال ؟!
لقد قال : لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه .
اسمعي أختي المسلمة إلى هذه الحادثة الطيبة :
مر عصام بن يوسف ـ رحمه الله تعالى ـ بحاتم الأصم ، وكان من العابدين ، فقال له : يا حاتم تحسن تصلي ؟
قال : نعم . قال : كيف ؟
قال حاتم : أقوم بالأمر ، وأمشى بالخشية ، وأدخل بالنية ، وأكبر بالعظمة ، وأقرأ بالترتيل والتفكر ، وأركع بالخشوع
وأسجد بالتواضع ، وأجلس للتشهد بالتمام ، وأسلم بالنية ، وأختمها بالإخلاص لله عز وجل ..
وأرجع على نفسي بالخوف ، أخاف أن لا يقبل منى .
فتأملي كيف يكون حاله في صلاته من خشوع ، وخضوع ، ومراقبة ، وذل لله ، وحضور قلب ، وفهم ..
ثم بعد ذلك يقول : أخاف أن لا يقبل منى وما ذاك إلا لعلمه أن الوصول إلى تمام الخشوع مرتبة عليا ومنزلة رفيعة .
لذا أختي المسلمة احرصي كل الحرص على الخشوع في الصلاة ، ومن ثم فابتعدي عن كل ما يذهب عنك الخشوع .
وفي الوصية النبوية التي بين أيدينا يشير لنا النبي صلى الله عليه وسلم بأمر من تلك الأمور التي تبعد الخشوع عن قلوبنا
لقد صلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى جانب من جوانب بيته ، بالتأكيد الذي فيه القبلة ، وكانت أم المؤمنين عائشة
ـ رضي الله عنها ـ سترت هذا الجانب بقرام لها ، أي ثوب فيه تصاوير ، فإذا بتلك التصاوير تعرض على النبي
صلى الله عليه وسلم في صلاته ، فلما انتهى من الصلاة ، قال لها :
" أميطي عنا " أي أزيلي عنا ، انزعي هذا الستر ، من أجل ما ذكر من رؤيته لتصاويره ، حال صلاته .
ومن هنا أختي المؤمنة فليكن الموضع الذي تصلين فيه خاليا من كل ما يبعد عنك الخشـــــــــــوع ..
خاليا من كل ما قد يصرف عنك حضور القلب في الصلاة ، الذي هو ثمرة الصـــــــــلاة المرجوة .
يتبــــــــــع إن شاء الله ...