( 5 )
(( التحذير من طلب الزوجة للطلاق))
عن ثوبان ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" " أيما امرأة سألت زوجها طلاقا في غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة " .
أختي المسلمة ..:
هذه وصية غالية من الرسول صلى الله عليه وسلم إلى كل امرأة قد آمنت بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد نبيا ورسولا .
يحذر النبي صلى الله عليه وسلم المرأة المسلمة من الوقوع في هذا الإثم العظيم ، فالحياة الزوجية لابد أن تبنى
على المودة الخالصة ، والمحبة الصادقة لأنه متى قامت على هذه المشاعر النبيلة ، كانت كلها خيرا وبركة على
أصحابها ، فالزواج رابطة مقدسة ، تقوم على أسمى المعاني الروحية والعاطفية ..
وهو عبارة عن شركة بين اثنين في كافة شئون الحياة ، وعقد الزواج في الإسلام إنما يعقد للدوام ، وعلى
التأبيد إلا أن يشاء الله أمرا كان مفعولا .
ومن أجل هذا كله كانت الصلة بين الرجل وزوجته من أقدس الصلات ، وأوثقها ، ولم لا ؟ !!
وقد قال ربنا عز وجل :
{ وأخذن منكم ميثاقا غليظا }..
فأي امرأة سألت زوجها أن يطلقها في غير حالة شدة تدعوها ، وتلجئها إلى المفارقة كأن
تخاف أن لا تقيم حدود الله فيما يجب عليها من حسن الصحبة وجميل العشرة لكراهتها له ، أو بأن يضارها لتختلع منه
فحرام عليها ، أي ممنوع عنها رائحة الجنة ، وذلك على نهج الوعيد ، والمبالغة في التهديد ، أو وقوع ذلك متعلق
بوقت دون وقت ، أي لا تجد رائحة الجنة ..وهذا من المبالغة في التهديد .
أختي المسلمة :
الزواج في الإسلام يراد به إنشاء أسرة قوية ، مترابطة ، يسودها الود والمحبة ، إنها مؤسسة اجتماعية مصغرة ، تسعى
لأهداف نبيلة عليا فإذا لم تتحقق الغاية منه ، لقصور في الزوجين ، أو كليهما في القيام بواجباته ، أو تنكر لحقوق الآخر
عليه ، كان لابد من فصم العلاقة بين الزوجين وذلك لأن في استمرارها لا يستقيم معها بناء الأسرة ، وتنهار قواعدها
ومن هنا نشأت الضرورة للأخذ بمبدأ الطلاق كعلاج واق لسلامة بناء الأسرة وتقدير هذه الضرورة يعود للرجل ، باعتباره
رأس الأسرة ، وهو المكلف برعايتها ، والإنفاق عليها .
غير أن الرجل لا يسوغ له بحال من الأحوال أن يمارس حق الطلاق إلا في حدود الضرورة التي تقتضيه ، ويعتبر ظالما
إذا تجاوز هذا الحق فهو عند الله أبغض الحلال ، والمؤمن الصادق في إيمانه ، العامل بإسلامه ، يخشى سخط ربه
ويخشى عقابه .
ولقد أعطى الإسلام المرأة الحق في الطلاق عن طريق الخلع ، وهو أن تدفع بعض الماديات ، أو تتنازل عنها ، نظير أن
يطلقها الزوج لتضررها .
أختي المسلمة :
يطلب الإسلام منك أن تعملي مافي قدرتك لكي تبقى الحياة الزوجية قائمة ، فالمرأة المسلمة تسعى للقضاء على الخلاف
والشقاق ، وتصبر على جفاء زوجها ، وتتحمل ما يكون منه من أخطاء ، فإذا شعرت الزوجة بجفوة من زوجها فعليها
بالسعي في إذهاب تلك الجفوة ، بمعرفة مصدرها ، وأسبابها ..
تجلس مع زوجها ، وتناقشه ، وتسعى في رضا قلبه ، وتصلح ما استطاعت إلى ذلك سبيلا ..
قال الله عز وجل :
{ وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير وأحضرت الأنفس
الشح وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا } ..
كذلك الزوج إذا أحس بنفرة من زوجته ، فعليه بالصبر عسى أن تكون هذه النفرة مؤقتة ، عارضة ، كما قال تعالى :
{ فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا } .
ولكن إذا لم ينجح ذلك ، وبدأت أمارات الشقاق ، فليس معناه التسرع ، والوقوع في الطلاق ، ولكن ليكن بينهما من
يقوم بالإصلاح والتوفيق .
قال جل شأنه :.
( وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما
إن الله كان عليما خبيرا ) .
إن عجزت كل تلك الطرق ، وهذه الوسائل عن إيجاد الصلح بينهما ، فليس هناك مناص من حدوث الطلاق بينهما ..
قال تعالى :.
{ وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما } .
أختي المؤمنة :
هكذا رأينا كيف أن الطلاق لا ينبغي بحال أن يكون في نزوة طيش ، أو في ثورة غضب ، أو سعيا وراء حب جديد .
فليس من المروءة في شيء ، أن تنسى الزوجة كيف أن زوجها تعب من أجلها وسعى لراحتها ، فإن حدثت منه
أخطاء أو هفوات ، تسارعين بطلب الفرقة .
أختي المؤمنة :
إن الإسراع إلى أبواب المحاكم ظنا أنها علاج لك ليس بالأمر المحمود إلا في نهاية المطاف ، ولا يكون إلا في آخر الداء
إن صح أنه دواء .
قفي مع نفسك ، وصارحي قلبك ، لما حدث بينك وبين زوجك الجفوة ، أو لما وقع زوجك في تلك الهفوة
حتما ستجدين سببا .
فهكذا تدوم لك العشرة ، وتحمد سيرتك ، ويرتفع قدرك ..
وتكونين مثالا طيبا لدوام العشرة ، والحياة الزوجية .
يتبع .......