عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 07-31-2010, 12:03 PM
عبد الملك بن عطية عبد الملك بن عطية غير متواجد حالياً
* المراقب العام *
 




افتراضي

ـ(2)ـ

حديث يقطع القلب عن التعامل مع ( الآخر ) ، وضرورة التعايش معه ، والانفتاح عليه ، وإظهار التسامح العظيم فيه ، استمر بينهـما ليأخذ شطر اللقاء ، ويأخذَ شطر يومي كمدا . وانتقلا في الشطر الثاني إلى الكلام عن القنوات الدينية ، أو إلى الطعن في دعاة السنة ، تطبيقا لمعتقد : رحماء مع ( الآخر ) ، أشداء على المؤمنين ! [1]

" أزهري " المستنيرة ، وأخواتها ، والباقيات الفوضويات !

محمود : تقييمك لما يحدث في بعض الفضائيات مش بقول كلها ، لأن في فضائيات دينية مخترمة ، وفيها فكر مستنير وكويس جدا . إنما الفكر السائد ، فكر أ... ، أنا حسمعك .

بدأ عمرو الجواب بالثناء على قناة أزهري ، وعلى اسمها الرائع ، وعلى دور الأزهر في وقف الأفكار المنحرفة ، وأثنى على ( العلماء الكبار ) الذي يظهرون على قناة أزهري .

ويرد شيخ الأزهر "د.أحمد الطيب" بنفسه على هذه الدعاوى بشأن قناة أزهري ، حيث إنه صرح في جريدة الأهرام بأن هذه القناة قناة ( تجارة ) وليست ( دينا ) ، وأنها لا تمت للأزهر بصلة ، وأنها مشبوهة ! [2]

وكتبتُ تعقيبا على تصريحات شيخ الأزهر ، أرى أهمية للنظر فيها : تعقيب على كلام شيخ الأزهر "د.أحمد الطيب" بشأن قناة "أزهري" .

محمود : التلفزيون دخله أفكار ، أنا عايز أعرف رأيك فيها .
عمرو : رأيي أن هناك فوضى . فوضى إلا في قناة أو اثنين أو ثلاثة ، عدد قليل جدا الذي أسس بشكل سليم على قواعد سليمة ، زي قناة " اقرأ " ، وهي تحمل فكر معتدل ... " الرسالة " ، حاجة رائعة الدكتور طارق .. " أزهري " وأنا متابع لأزهري .

تخيلوا هذا الوصف الذي لا يرقب إلا ولا ذمة ! كل قنوات السنة فوضى !
وما هي القنوات التي استثناها ؟! هي قنوات معروفة بالفوضوية وضياع المنهجية ، وحالها صار لا يخفى على العامة قبل الخاصة . ولولا خشية الإطالة ، والخروج عن الموضوع ، لذكرتُ من بلايا هذه القنوات التجارية الثلاثة ما يندى له الجبين .

أما " أزهري " فقد قال فيها شيخ الأزهر كلمته ، وعقبتُ عليها في مقال مُستقل .
وأما " اقرأ " فالحق أنها ( آي آر تي إسلام ) !
وأما " الرسالة " فهي قناة روتانا الإسلامية !
وأما " عمرو خالد " فإنه الآن يتكلم عن المسلمين ، وعن دعاة السنة ، وعن القنوات الفاضئية التي فتح الله بها قلوب الملايين ، ونشر بها الخير العميم ، كالحكمة والرحمة وصفا والمجد بباقاتها ودليل و الناس وغيرها ، فلا ضير أن يسيء الأدب ؛ لأنهم هؤلاء الذين نتكلم عنهم مسلمون ، وليسوا ( آخرين ) !

لماذا هناك ( فوضى ) ؟!

عمرو : أحادية التفكير ، رأيي ولا يوجد آراء أخرى ، ورأيي صح والآخرين فليذهبوا إلى الجحيم ، ومن ليس معي فهو ضدي
محمود : فهو كافر ..
عمرو : لأ ده في أوحش من كده بقى ، ومن ليس معي فهو ضد الله ! ...

هكذا إذن ؟! تأمل أيها القارئ تغير الألفاظ المفاجئ عند الكلام عن ( المسلمين ) بعد ( الآخر ) ، والكلمات الإرهابية التي بدأ استعمالها . وسل نفسك : هل قال واحد من دعاة السنة أن يذهب الآخرون إلى الجحيم ؟ أو كفر أحد من هؤلاء ؟ أو أنتم ضد الله ؟!
هذا من الافتراء المفضوح ، الذي يقصد به " عمرو خالد " ومضيفه تشويه الصورة ، ولا بأس بالكذب وسيلة لذلك .
وليتك رأيتَ معي تعبيرات وجهه ، وتضييقه عينيه ، ثم فتحهما جدا مع وجوم وجهه لثوان وهو يقول ( فهو ضد الله ) ، بطريقة تمثيلية يبث فيها نُفرة عند مشاهده من هؤلاء أحاديي التفكير ، التكفيريين ، الـ ... !

ما هو الخلاف الذي يريدونه ؟!

يتابع عمرو : جاء رجلين [3] إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، كلاهما كانوا في صحراء ملقوش مية يتوضوا ، تيمموا ، صلوا من غير وضوء ، بعد شوية جت المية ، ولسه الوقت اللي بعده مجاش ، فواحد فيهم قال لأ طالما جت المية أعيد الصلاة ، والثاني قال لأ مصليش الصلاة مرتين ، اختلفوا ، راحوا للنبي صلى الله عليه وسلم ، الأولاني قام قايل له إيه ؟ الذي صلى مرتين أخذت الأجر مرتين ، والثاني الذي صلى مرة واحدة قال له أصبت السنة . طب مين الصح ؟ ( ويضحك ! )
محمود : الاتنين صح ، والفعل مختلف ، هو ده الدين الإسلامي ، آه هو ده الدين الإسلامي .

عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: خرج رجلانِ في سفر، فحضرت الصَّلاة، وليس معهما ماء، فتيمَّما صعيدًا طيبًا، ثم وجدَا الماء في الوقت، فأعاد أحدهما الصلاة والوضوء، ولم يعدِ الآخر، ثم أتيا رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فذكرا ذلك له، فقال للذي لم يعد: ((أصبت السنة، وأجزأتك صلاتك))، وقال للذي توضأ وأعاد: ((لك الأجر مرتين)) . [رواه أبو داود في سننه في الطهارة، باب في المتيمم يجد الماء بعدما يُصلي في الوقت، برقم: 338، واللَّفظ له، ونحوه النَّسائي في الغسل والتيمم، باب التيمم لمن يَجد الماء بعد الصلاة، (1/213)، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود"، برقم: 338] .

هذه المسألة مسألة فقهية ، مسألة في الفروع ، ليست في المعتقد ، لا ، ليست كذلك . والمشكلة في فَهمهم هو الخلط بين الفروع والأصول ، وإيراد نصوص اختلاف الصحابة واجتهاداتهم في الفروع ، تعليلا لما يُحدثونه من بدع في العقائد والأصول .

كما أنها مسألة ليس فيها نص ، ليس مع هذين الرجلين نص من النبي صلى الله عليه وسلم بحكم إعادة الصلاة إذا وُجد الماء قبل حروج الوقت وقد صلياها متيممين لفقد الماء ، وكما يقول العلماء: يجوز الاجتهاد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن في غيبته لا في حضوره، أما في حال حضوره فلا اجتهاد لأحد، ولا يقدم أحد شيئاً بين يدي رسول الله.

فلما رجعا وأخبرا النبي صلى الله عليه وسلم بما فعلا ، أقر أحدهما على اجتهاده بأنه أصاب السنة ، ولم يعاتب الآخر لأنه اجتهد حيث له أن يجتهد . فلما قال الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - للأول: ((أصبت السنة))، فَهِمَ الآخر وأدرك أنَّه باجتهاده في إعادة الصلاة قد أخطأ السنة؛ قال السندي: أصبت السنة؛ أي: وافقت الحكم المشروع، وهذا تصويب لاجتهاده، وتخطئتة لاجتهاد الآخر . ا.هـ [في "شرح سنن النسائي"، (1/213)] فقول ( محمود سعد ) : الاتنين صح ، غلط . [4]

والمسلمون بعد النبي صلى الله عليه وسلم يجوز لهم الاجتهاد في الفروع ، لا الأصول ، فيما لم يأتِ في حكمه دليل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

يتابع عمرو : عمر بن عبد العزيزي يقول والله اختلاف الأمة رحمة ، وما أود أن أصحاب النبي لم يختلفوا ، لأنهم لو لم يختلفوا ، لضيقوا علينا .
محمود : كانوا حيحطوا حاجات .. وإلا كان سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم فسر القرآن وخلص .
عمرو : بالظبط كده ، ويبقى فين اجتهاد العقل البشري ؟ وفين الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟
محمود : المتشددين دول لازم يسألوا نفسهم ليه سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام ليه ما فسرش القرآن . يعني كان ممكن يفسرها كل آية وهي نازلة وتخلص .
عمرو : بالظبط ، أحادية التفكير ، أحادي يعني دماغه one way ، مش رايح جاي ( يضحك ! ) .

من ينتبه إلى قول عمر ( أصحاب النبي ) ؟! إنها دعوتنا للرجوع إلى فهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم . بينمــا يبحث أصحاب منهج " عمرو خالد " عن أي خلاف ليتذرعوا به ، ولو أُحدث بعد النبي صلى الله عليه وسلم بقرون !

ولا ريب أن عمر بن عبد العزيز يريد به ما قررناه آنفا من الخلاف في الفروع التي لم يأتِ فيها نص ، لا في أصول الدين أو العقائد . فهذا قول كل علماء الأمة .

قال ألإمام النووي : قَالَ الْخَطَّابِيُّ :
وَالِاخْتِلَاف فِي الدِّين ثَلَاثَة أَقْسَام :
أَحَدهَا : فِي إِثْبَات الصَّانِع وَوَحْدَانِيّته ، وَإِنْكَار ذَلِكَ كُفْر .
وَالثَّانِي : فِي صِفَاته وَمَشِيئَته ، وَإِنْكَارهَا بِدْعَة .
وَالثَّالِث: فِي أَحْكَام الْفُرُوع الْمُحْتَمَلَة وُجُوهًا ، فَهَذَا جَعَلَهُ اللَّه تَعَالَى رَحْمَة وَكَرَامَة لِلْعُلَمَاءِ
. ا.هـ [ شرح النووي على مسلم ] .

ثم يزعم " محمود " أن النبي صلى الله عليه وسلم ما فسر القرآن ، ويقره عمرو قائلا ( بالظبط ) ، وإنا لله وإنا إليه راجعـون . فماذا السنة ؟! وهل كان صلى الله عليه وسلم يقرأ الآية ويسكت ؟! أما كان الصحابة يسألونه عن معاني الآيات إن اشكلت عليهم أو اختلفوا مثلا ؟!

أين هي الآيات التي فيها تعليم النبي صلى الله عليه وسلم لحكمة لأمته ، وبيانه للقرآن لهم ؟! وأين الأحاديث التي يفسر النبي صلى الله عليه وسلم آي القرآن فيها ، ويعلم المسلمين عقائدهم وأحكامهم ؟!

هذا هو المستوى العلمي لعمرو خالد .. والمستوى الأدبي الذي تكلم به عن إخوانه ، وما صاحب وجهه من ضيق ظاهر وهو يتكلم عنهم ، بخلاف كلامه الأول عن ( الآخر ) ، وكذا انبسط وجهه مرة أخرى لما رجع إلى الكلام عن ( الآخر ) كما سيأتي إن شاء الله .

أما كان للمسلمين نصيب من سماحته الجبارة ، التي ذهبت به إلى ( الدنمارك ) يومَ سبوا الرسول ، في حوار سماحة وانفتاح ، رجع منه بذل وعار ؟!

==========

[1] وقد وصف الله المؤمنين بأنهم " أشداء على الكفار رحماء بينهم " ، فالشدة على الكافر ، والرحمة مع المسلم . لكن لقوم أصابتهم رقة بالكافر حتى غيروا اسمه إلى ( الآخر ) ، حفاظا على مشاعره المرهفة أم خوفا منه ؟!
[2] الأهرام (السبت 28 من رجب 1431 هـ 10 يوليو 2010 السنة 134 العدد 45141) . وكتبتُ تعقيبا على تصريحات شيخ الأزهر ، أرى أهمية مراجعته : تعقيب على كلام شيخ الأزهر "د.أحمد الطيب" بشأن قناة "أزهري" .
[3] بهذه العُجمة الفاحشة يتكلم . وذكر الحديث بعامية مبتذلة ليس فيها توقير للسنة ، جعلني أنقل الحديث بعده . وأود أن أتساءل : أليس كلامه في هذا الموضوع ، واستدلاله بحديث ، هو فتوى ؟! فما هي الفتوى بالله عليكم ؟!!
[4] وقال ابن القيم في " أعلام الموقعين " ( 1/242 ) : واجتهد الصحابيان اللذان خرجا في سفر فحضرت الصلاة وليس معهما ماء فصليا ثم وجدا الماء في الوقت فأعاد أحدهما ولم يعد الآخر فصوبهما و قال للذي لم يعد : "أصبت السنة وأجزأتك صلاتك" و قال للآخر: "لك الأجر مرتين".
رد مع اقتباس