وقد تُزادُ كان فى حشوٍ كما :
فى حشو : يعنى بين شيئين متلازمين بين المبتدأ والخبر – بين النعت والمنعوت ( جاء رجل كان عاملٌ )
أقول ( زيدٌ كان عالمٌ ) زيد : مبتدأ ، عالم : خبر ، كان : زائدة لا محل لها من الإعراب
لكن لو قلت ( زيدٌ كان عالماً ) كان هُنا ناقصة لها إسم ضمير مستتر وعالماً خبر
وقد تُزادُ كان فى حشوٍ كما كان أصح عِلم من تقدما
ما دام إقتصر أو جاء بمثال زيدت فيه كان بين (ما) التعجبية وفعل التعجب : ما كان أصح علم من تقدما : إذاً هو يدلنا على أن ذلك الموضع هو أكثر المواضع التى تُزادُ فيها كانَ
كان الزائدة لا تحتاج إلى إسم ولا خبر ، فيكون إعراب ما كان أصح علم من تقدما :
ما : ما تعجبية مبتدأ
كان : فعل ماضى – زائدة لا محل لها من الإعراب
أصح : فعل التعجب – فعل ماضى مبنى على الفتح ، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو يعود على (ما)
علم : مفعول به
وجملة( أصح علم ) : فى محل رفع خبر ما
وعلم من تقدما : علم مضاف ومَن مضاف إليه ،
وتقدما : جملة لا محل لها من الإعراب صلة مَن
ويحذفونها ويبقونَ الخبر وبعد إن ولو كثيراً إذ اشتهر
قد تُحذف كان مع اسمها ويبقى الخبر وذلك يكثر بعد ( إن و لو الشرطيتين ) كما فى قول النبى صلى الله عليه وسلم : " إلتمس ولو خاتماً من حديد " :
خاتماً : خبر لكان المحذوفة مع اسمها ، والتقدير : ولو كان ما تلتمسُ خاتماً من حديد – أو : ولو كان المُلتَمَس خاتماً من حديد ، فحُذفت كان واسمها وبقى الخبر
وقيل : الناسُ مجزيون بأعمالهم إن خيراً فخير وإن شراً فشر .. فـ ( خير – شر ) خبر لكان المحذوفة مع اسمها – أى إن كان عملهم خيراً فجزاؤهم خيرٌ ، وإن كان عملهم شراً فجزاؤهم شرٌ
وبعدَ أن تعويضُ ما عنها ارتُكب كمثل أمّا أنتَ براً فأقترب
قد تُحذف كان وحدها ويُعوّض عنها بـ (ما ) كقول الشاعر : أبا خراشة أما أنت ذا نفر .. يعنى : لئن كنتَ ذا نفر ، فكان حُذفت وانفصل اسمها
لئن كنتَ : فلما حذفنا كان ، التاء جئنا مكانها بالضمير ( أنتَ ) أما أنتَ ،وعوضنا عن كان بـ (ما) وأدغمنا (ما) فى ( أن )
كذلك : أما أنت براً فأقترب : يعنى أصل الكلام : لأن كنت براً فأقترب
ومن مضارعٍ لكان مُنجزم تُحذف نونٌ وهو حذفٌ ما التُزم
حذفٌ ما التُزم : يعنى ليس بحذف واجب وإنما هو حذف جائز
تُحذف النون من مضارع كانَ المجزوم بشرط ألا يليه ساكن ولا يتصل بالفعل ضميرُ نصبٍ متحرك ، يعنى : { ولم أكُ بغياً } ، { ولم تكُ شيئاً } ، { وإن تكُ حسنةً } ، { فلا تكُ فى ضيقٍ } .. كل هذه المواضع فيها مضارع كان وهو ( تكون أو يكون ) وجُزم ..
إذاً المضارع المرفوع والمنصوب لا تُحذف منه النون
ولم يلتقِ بساكن : { لم يكن الذين كفروا } لا يجوز حذف النون مع أنه مضارع مجزوم لأنه إلتقى بساكن
فى قول النبى صلى الله عليه وسلم – فى حديث ابن صياد – " إن يكُنهُ فلن تُسلط عليه ""
إن يكُنه : لا يجوز حذف النون لأن الفعل إتصل به ضمير نصب متحرك وهو هاء الغائب ، فلا يجوز القول ( إن يكُه )
وهذا الحذف جائز وليس بلازم ،
لكن هناك كلمة لابد أن نفهمها وهو أنه إذا حُذفت النون دلّ ذلك على عدم توكيد المعنى كما هو مع ثبوت النون – يعنى لو راجعت المواضع : مرة قال القرآن الكريم للنبى صلى الله عليه وسلم ( فلا تكن فى مرية ، ومرة قال : فلا تكُ فى ضيق : فالموضعان ليسا سواء
فلا تكن فى مرية : يعنى النبى صلى الله عليه وسلم كان فى موقف شديد – أشد من الموقف الآخر فجاء ثبوت النون ليزيد المعنى ويزيد توكيد النهى ( لمّا أكثر أهل الكتاب فى المراء ..)
إذاً : ثبوت النون يدل على توكيد الكلام أكثر
إذاً : لمّا قالت ( ولم أكُ بغياً ) كأنها مطمئنة إلى طهارة نفسها ولا تحتاج إلى أن تؤكد كثيراً ، فلم تقل ( ولم أكن بغياً )
على كل حال : إذا كان حذف النون جائزاً فلابد أن نفرق بين موضعٍ حُذفت فيه النون وموضع ثبتت فيه مع جواز الحذف
فما دامَ كان حذفها جائز : لماذا ثبتت ؟
إذاً الموقف موقف يحتاج إلى توكيد أكثر ولاسيما إذا كان عندنا موضعان يمكن المقارنة بينهمنا – يعنى المخاطب واحد فى موضع ثبتت معه النون وموضع حُذفت معه النون – إذاً فيه موضع كان أشد من موضع آخر ...
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً
وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
والحمد لله رب العالمين
|