عرض مشاركة واحدة
  #16  
قديم 08-27-2008, 11:42 PM
أبو أنس الأنصاري أبو أنس الأنصاري غير متواجد حالياً
II كَانَ اللهُ لَهُ II
 




افتراضي تابع


نتابع بحولِ اللهِ تعالى ما كنا قد بدأناه

وقبل أن أنتقل إلى مواقف المتأخرين من هذه المسألة، أشرح مذهب الحاكم والخليلي في تفسيرهما للشاذ.
فظاهر أنهما اتفقا أن من شروط ( الشذوذ ) أن يتفرد به راوٍ، دون أن يكون له متابع.
ثم قد يظن أنهما اختلفا في أمرين اثنين، هما:
الأول: أن الحاكم ذكر أن المتفرد بالشاذ ثقة، وأما الخليلي فالشاذ عنده ما تفرد به ثقة أو غير ثقة. وهذا إنما ظنناه اختلافاً بين الحاكم والخليلي [ انظر علوم الحديث لابن الصلاح ( 76- 77)، والنكت لابن حجر ( 2/652- 653)، وفتح المغيث للسخاوي ( 1/231- 232)، وتدريب الراوي للسيوطي ( 1/205) ] بتسليط معايير الحدود المنطقية على كلام الحاكم، باعتبار أن ما ذكره من شرحه للشاذ تعريفاً جامعاً منعاً. لكن لو عاملناه على غير ذلك، وأخذنا بمنطوقه دون مفهومه، لعرفنا أن الحاكم إنما ذكر أدق نوعي الشاذ، وأشدهما خفاءً، وأحوجهما إلى البيان.
والدليل القاطع بأن الحاكم لا يعارض في تسمية تفرد غير الثقة بالشاذ، هو تصرفه وتطبيقه. ففي "المستدرك" أخرج حديثاً من طريق إسحاق بن بشر الكاهلي الكوفي ( ت 218هـ)، وهو كذاب [ انظر لسان الميزان لابن حجر ( 1/ 355- 358)]، يرويه هذا من طريق جميع بن عمير التيمي الكوفي وهو مختلف فيه [ انظر تهذيب التهذيب لابن حجر ( 2/111- 112) ]، قال عنه الحافظ في "التقريب": (( صدوق يخطىء ويتشيع )) [ التقريب(رقم967) ]. ثم قال الحاكم عقب هذا الإسناد: ((هذا حديث شاذ، والحمل فيه على جميع بن عمير، وبعده إسحاق بن بشر )) [المستدرك للحاكم ( 3/ 5) ]. فتعقبه الذهبي بقوله في "تلخيص المستدرك": (( فلم يورد الموضوع هنا ؟!!)) [ تلخيص المستدرك للذهبي : في حاشية المستدرك ، الموضوع السابق ].
فهذا تصرف قاطع على أن الحاكم يسمي تفرد غير الثقة شاذاً، كما يسميه به الخليلي أيضاً.
وبهذا تعلم جور تسليط معايير الحدود المنطقية على كلام أهل الاصطلاح وشرحهم لمصطلحهم، لأن كلامهم لم يوزن منهم بتلك المعايير !
الأمر الثاني الذي يظن أن الحاكم والخليلي اختلفا فيه: هو أن الحاكم لا يرى الوصف بالشذوذ مانعاً من تصحيح الحديث، ويظن أن الخليلي يخالف الحاكم في ذلك، لأنه ذكر تفرد الشيخ الثقة يتوقف فيه ولا يحتج به.
أما أن الحاكم لا يرى الوصف بالشذوذ مانعاً من وصفه بالصحة، فذلك قد أخذوه من إطلاق الحاكم على تفرد الثقة بأنه شاذ [ انظر النكت على كتاب ابن الصلاح لا بن حجر ( 2/652- 653) ].

وللحديث بقية إن شاء الله تعالى..

التعديل الأخير تم بواسطة أبو أنس الأنصاري ; 07-09-2009 الساعة 08:20 AM
رد مع اقتباس