Untitled-2
 

 
 
 
العودة   منتديات الحور العين > .:: المجتمع المسلم ::. > رَوْضَــــةُ الأَخَــــوَاتِ
 
 

رَوْضَــــةُ الأَخَــــوَاتِ خاصٌّ بالأَخواتِ فقط ! ويُمنع مُشاركة الرجال نهائياً! .

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-22-2010, 10:11 PM
أم حفصة السلفية أم حفصة السلفية غير متواجد حالياً
رحمها الله تعالى وأسكنها الفردوس الأعلى
 




افتراضي نِسَاءُ الإسْلاَمِ قُرَّةُ عَيْنِ الزّمَانِ

 

عجيبٌ أمر هذه الأمَّة؛


كما أخرجت رجالاً لا يُعرف لهم مثيلٌ في تاريخ الأمم، أخرجت أيضًا النّساء الفُضْليَات
القدوات التي لا تطاولهن نساء أمة من الأمم، ومن عجب بعد ذلك أن ترى
الأجواء المحيطة بالمسلمين يجول في سمائها أسماء لبعض النساء من تاريخ الحضارة الغربية
كي نتخذها قدوة، كأنَّ تاريخ وحضارة وثقافة الإسلام نضبت عن
أن تحدثنا عن نِسَاءٍ هُنَّ خيرُ نسَاءِ الأرض جَمْعَاء، وما زال عندنا في الوقت الحاضر
الكثير والكثير؛ ولكنَّ الحركة الإسلامية متاورية عن دنيا الناس لأسباب
ليس هذا موضع بسطها،
ولكن الذي يهمُّنا في هذا المقام هو بسط بعض من حياة سلفنا الصالح من
العابدات والمجاهدات والعالمات؛ ليكونوا لأمهاتنا وزوجاتنا وأخواتنا وبناتنا قدوة على مرِّ الزمان.
لدينا في تاريخ الإسلام
ذكريات حافلة بنجوم مشرقة من أولئك الخيَّرات المستبسلات اللواتي
وقفن حياتهن لإعلاء كلمة الإسلام، ورفع رايته، فتاريخ أمتنا الإسلامية مملوءٌ
بالعشرات، بل المئات من الوقائع الكبرى، ومن الأسماء المجيدة الخالدة
التي تُحيي في قلوبنا العزّة والفخار.
ولقد كان جهاد المرأة المسلمة في خدمة الإسلام واضحًا قويًّا منذ فجر الدعوة،
والتاريخ يحفظ لنا اسم تلك الصحابيَّة الوفيَّة أم عمارة نسيبة بنت كعب المازنيّة،
التي قاتلت يوم أُحُد وخرجت أول النهار تنظر ما يصنع الناس ومعها سقاءٌ
فيه ماءٌ فانتهت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في أصحابه والدولة للمسلمين؛
فلما انهزم المسلمون انحازت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقامت تباشر
القتال وتذُبُّ عنه بالسيف وترمي عنه بالقوس حتى خلصت الجراح إليها.
فكان على عاتقها جرحٌ أجوفُ له غور كان قد أصابها ابن قميئة لما ولَّى الناس
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أقبل يقول: دلوني على محمد؛
لا نجوت إن نجا، فاعترضت له هي ومصعب بن عمير وأناس ممن ثبتُوا مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم فضربها هذه الضربة، ولقد ضربته على ذلك ضربات،
ولكنَّ عدو الله كان عليه درعان([1]).
وهذه أسماء بنت يزيد
تقتل تسعة من الرُّوم، فقد روى محمد بن مهاجر، وأخوه عمرو، عن أبيهما،
عن أسماء بنت يزيد قالت: قتلت يوم اليرموك تسعة([2]).
وكذا أم سليم الرُّميصَاء
تتجهز بخنجرها للأعداء يوم حُنَيْنٍ، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ حُنَيْنٍ:
«مَنْ قَتَلَ كَافِرًا فَلَهُ سَلَبُهُ»

فَقَتَلَ أَبُو طَلْحَةَ يَوْمَئِذٍ عِشْرِينَ رَجُلاً وَأَخَذَ أَسْلابَهُمْ وَلَقِيَ أَبُو طَلْحَةَ أُمَّ سُلَيْمٍ وَمَعَهَا خِنْجَرٌ،
فَقَالَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ مَا هَذَا مَعَكِ؟
قَالَتْ: أَرَدْتُ وَاللَّهِ إِنْ دَنَا مِنِّي بَعْضُهُمْ أَبْعَجُ بِهِ بَطْنَهُ،
فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ أَبُو طَلْحَةَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ([3])
وفي غزوة الخندق تجمع أحزاب المشركين وعسكرت قبائلهم قرب المدينة،
وشغل النبي والمسلمون بأمر الخندق ثم خان بنو قريظة في معاهدتهم،
فأحدثوا بذلك ثغرة داخلية في قوة الإسلام إذ ذاك، وهنالك اُبْتُلِيَ المؤمنون
وزلزلوا زلزالاً شديدًا، وكان بنو قريظة يؤذون المسلمين من الخلف ويساعدون الأحزاب.
وكان النساء بالمدينة بمعْزِلٍ عن الجيش،
ولم يكن لديهنَّ من الجنود من يمنعهُنَّ غائلة اليهود من بني قريظة، وفي تلك
الأثناء أقبل يهوديٌّ فاطّلع على مكانهن، ورأته صفيَّةُ بنت عبد المطلب عمَّة رسول الله،
فطلبت إلى حسَّان أن يقتل ذلك اليهودي خشية أن يُطلع بني قريظة على عورات المسلمين،
ولكنَّ حسَّان اعتذر وتخلَّف عن الإقدام، فتقدمت صفيَّة رضي الله عنها
وحملت عمودًا من بعض الخيام وضربت به رأس اليهودي فسقط على الثَّرى قتيلاً. ([4])
وكانت أعمالهن غالبًا مداواة الجرحى، وإطعام الجند وسقيهم، وتشجيعهم
وبث الحمية في قلوبهم على القتال،
فعَنْ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ قَالَتْ:
كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
«نَسْقِي وَنُدَاوِي الْجَرْحَى وَنَرُدُّ الْقَتْلَى إِلَى الْمَدِينَةِ». ([5])
وعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ الأَنْصَارِيَّةِ قَالَتْ:
«غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَبْعَ غَزَوَاتٍ أَخْلُفُهُمْ فِي رِحَالِهِمْ فَأَصْنَعُ لَهُمْ الطَّعَامَ وَأُدَاوِي الْجَرْحَى وَأَقُومُ عَلَى الْمَرْضَى».([6])
فهذه المواقف يتجلَّى فيها ما كان للمرأة المسلمة من صدق اليقين،
وكمال الغَيْرَةِ على الدين، وحرصها أن لا تحرم من شرف الجهاد مع المسلمين؛
لتنال فخر المجاهدين وأجر الصابرين
وفي مجال الصّبر على المصائب نجدُ السميراء بنت قيس
-إحدى نساء بني دينار- وقد أصيب زوجها وأخوها وأبوها مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم بأُحُدٍ؛
فلما نُعوا لها قالت:
ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا:
خيرًا يا أمَّ النعمان هو بحمد الله كما تحبين،
قالت: أرونيه حتّى أنظر إليه،
قال: فأشير لها إليه حتى إذا رأته قالت: كل مصيبة بعدك جلل([7]).
وهذه أسماء بنت أبي بكر
يدخل عليها الحجاج بن يوسف بعد ما قتل ابنها عبد الله بن الزبير
-وقد صلبه على جذع فوق الثنيّة-
فقال:
أرأيتِ كيف نصر الله الحق وأظهره فقالت: ربما أديل الباطل على الحق وأهله
وإنك بين فرثها والجنة فقال:
إن ابنك ألحد في هذا البيت،
وقد قال الله تعالى:
[ ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم]
وقد أذاقه الله ذلك العذاب الأليم،
قالت: كذبت كان أول مولود في الإسلام بالمدينة، وسُرَّ به رسول الله
وحنَّكَه بيده وكبَّر المسلمون يومئذ حتى ارتجَّت المدينة فرحًا به، وقد فرحت
أنت وأصحابك بمقتله، فمن كان فرح يومئذ بمولده خير منك ومن أصحابك،
وكان مع ذلك برًّا بالوالدين صوَّامًا قوَّامًا بكتاب الله معظّمًا لحرم الله؛
يبغض من يعصي الله عز وجل، أشهد على رسول الله لسمعته يقول:
سيخرج من ثقيف كذّابان الآخر منهما شرٌّ من الأول، وهو مبير فانكسر الحجاج وانصرف. ([8])
وقيل لابن عمر:
إن أسماء في ناحية المسجد فمال إليها وقال: إن هذا الجسد ليس بشىء؛
وإنما الأرواح عند الله فاتقى الله واصبري، فقالت: وما يمنعني من
الصبر وقد أهدي رأس يحيى بن زكريا إلى بغيٍّ من بغايا بني إسرائيل. ([9])
وهذه معاذة بنت عبد الله،
السّيدة العالمة، أم الصَّهباء العدويّة البصريّة العابدة، زوجة السيّد القدوة صلة بن أشيم،
لما استشهد زوجها صلة وابنها في بعض الحروب، اجتمع النساء عندها،
فقالت: مرحبًا بكُنَّ، إن كُنتنَّ جئتن للهناء، وإن كنتنَّ جئتن لغير ذلك فارجعن. ([10])
فالصَّبْرَ الصَّبْرَ يا نسَاءَ فلسطين، وليكن في هؤلاء السَّلف الصَّالح قدوةٌ لكُنَّ فموتاكم شهداء في الجنَّة،
قال تعالى عنهم:
{فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران170-171]
وفي مجال التقوى والورع نجد ميمونة بنت شاقولة
الواعظة التي هي للقرآن حافظة، ذكرت يومًا في وعظها أن ثوبها الذي عليها وأشارت
إليه له في صحبتها تلبسه منذ سبع وأربعين سنة وما تغيَّر، وأنه كان من غزل أمها.
قالت: والثوب إذا لم يُعْص الله فيه لا يتخرق سريعًا.
وقال ابنها عبد الصمد
كان في دارنا حائطٌ يريد أن ينقضَّ فقلت لأمي: ألا ندعو البنَّاء ليصلح هذا
الجدار فأخذتْ رقعة فكتبتْ فيها شيئًا ثم أمرتني أن أضعها في موضع من الجدار فوضعتها؛
فمكث على ذلك عشرين سنة، فلما توفيت أردت أن أستعلم ما كتبت في الرقعة،

فحين أخذتها من الجدار سقط، وإذا في الرقعة:
إنَّ الله يُمْسِك السموات والأرض أن تزولا، اللهم مُمْسِك السموات والأرض أمسكه. ([11])
وما كان هذا ليكون إلا بقوة الإيمان واليقين والتوكُّل على الله في الأمر كلِّه، فهل في نسائنا العابدات القانتات التي لو أقسمت على الله لأبرها؟!.
وأيضًا هذه رابعة العدوية،
قالت عنها عبدة بنت أبي شوال:
كانت رابعة تصلي الليل كله، فإذا طلع الفجر، هجعت هجعة حتى يسفر الفجر،
فكنت أسمعها تقول: يا نفس كم تنامين،
وإلى كم تقومين، يوشك أن تنامي نومة لا تقومين منها إلا ليوم النشور([12])
وفي مجال الصدق مع الله نجد أم سليم مهرها الإسلام،
فعَنْ أَنَسٍ قَالَ خَطَبَ أَبُو طَلْحَةَ أُمَّ سُلَيْمٍ فَقَالَتْ وَاللَّهِ مَا مِثْلُكَ يَا أَبَا طَلْحَةَ يُرَدُّ
وَلَكِنَّكَ رَجُلٌ كَافِرٌ وَأَنَا امْرَأَةٌ مُسْلِمَةٌ وَلا يَحِلُّ لِي أَنْ أَتَزَوَّجَكَ فَإِنْ تُسْلِمْ
فَذَاكَ مَهْرِي وَمَا أَسْأَلُكَ غَيْرَهُ فَأَسْلَمَ فَكَانَ ذَلِكَ مَهْرَهَا قَالَ ثَابِتٌ فَمَا سَمِعْتُ
بِامْرَأَةٍ قَطُّ كَانَتْ أَكْرَمَ مَهْرًا مِنْ أُمِّ سُلَيْمٍ الإِسْلامَ فَدَخَلَ بِهَا فَوَلَدَتْ لَهُ. ([13])
وفي مجال الصدقة تبرعوا بكل شيء حتي الحُلِي؛
فعن ابْنِ عَبَّاسٍ خَطَبَ رسول الله صلى الله عليه وسلم العيد وأتى النساء
فَذَكَّرَهُنَّ وَوَعَظَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ وَبِلالٌ قَائِلٌ بِثَوْبِهِ فَجَعَلَتْ الْمَرْأَةُ
تُلْقِي الْخَاتَمَ وَالْخُرْصَ وَالشَّيْءَ. ([14])
وعن عبد الله بن مسعود قال:
لما نزلت: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [البقرة245]
قال أبو الدَّحداح: يا رسول الله أو إن الله تعالى يريد منا القَرْضَ؟ قال:
" نعم يا أبا الدَّحداح قال: أرني يدك؛ قال فناوله؛ قال: فإني أقرضتُ الله حائطًا فيه ستمائة نخلةٍ،
ثم جاء يمشي حتى أتى الحائط وأم الدَّحداح فيه وعياله؛ فناداها: يا أم الدَّحداح؛
قالت: لبيك؛ قال: اخرجي، قد أقرضتُ ربي عز وجل الحائط.
قالت أمُّ الدَّحداح: ربح بيعك بارك الله لك فيما اشتريت، ثم أقبلت على صبيانها
تخرج ما في أفواههم وتنفض ما في أكمامهم؛ حتى أفضت إلى الحائط الآخر.([15])
فأين أنت أختي المسلمة من هذا الخلق، وأين أنت من الحرص على دفع الزوج
دفعًا للتصدق في سبيل الله وعدم لومه أو توبيخه أو ذمّه من أجل دراهم معدودة،
فكثير من الأزواج لا يستطيع البوح لزوجته بما تصدق به في سبيل الله؛
فاللَّوْمُ جاهز من الزوجة، والمبرّرات جاهزة من أن الأولاد أحقُّ بهذا من أيّ أحد،
وأمثال الجاهلية جاهزة مثل:
(ما احتاجه البيت حرم على المسجد)،
فإنا لله وإنا إليه راجعون.
وفي مجال العلم نجد
عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصارية الفقيهة،
تربية عائشة وتلميذتها، روى القاسم بن محمد أنه قال: أتيتها –لطلب العلم- فوجدتها بحرًا لا ينزف([16]) ، وكثير من الفقيهات
على مرّ التاريخ ذُكرن في كتب أهل العلم، وتراجمهن معلومة أمثال:
فاطمة أمّ البنين النيسابوريّة،
وفاطمة بنت القاسم، وبيبي، وشهدة الكاتبة، وكريمة، وتجني بنت عبد الوهاب،
وفاطمة أم البنين، وخديجة بنت الحسن، وغيرهن الكثير.
فأسأل الله العظيم ربَّ العرش العظيم أن يرزق الأمة نساءً كهؤلاء يستأنفنا تاريخ الأمة.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
نِسَاءُ الإسْلاَمِ قُرَّةُ عَيْنِ الزّمَانِ (2/2)
تكلمنا في مقالة سابقة عن نجوم الحضارة الإسلامية من نساء الإسلام اللائي
ضربن أروع الأمثلة في مجال الجهاد في سبيل الله، وفي مجال الصّبر على المصائب،
وفي مجال التقوى والورع، وفي مجال الصدق مع الله، وفي مجال العلم،
وفي هذه المقالة نتكلم عن امتثالهن لأمره .
نتكلم عن سلفنا الصالح من النساء اللائي قدمن النموذج الأمثل في طاعته حيًّا وميتًا،
فلم يكن السمع والطاعة قاصرًا على الصحابة فحسب بل ضرب النساء الصحابيات
بسهم وافر في هذا الخير العظيم فقدمن -رضي الله عنهن- قوله على قولهن ورأيه على رأيهن، ولم يجدن في أنفسهن حرجًا
مما قضي به وسلموا بأمره تسليمًا، فمن ذلك ما رواه أَبو أُسَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ
أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ وَهُوَ خَارِجٌ مِنْ الْمَسْجِدِ فَاخْتَلَطَ الرِّجَالُ مَعَ النِّسَاءِ
فِي الطَّرِيقِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلنِّسَاءِ: «اسْتَأْخِرْنَ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكُنَّ أَنْ تَحْقُقْنَ الطَّرِيقَ عَلَيْكُنَّ بِحَافَّاتِ الطَّرِيقِ
فَكَانَتْ الْمَرْأَةُ تَلْتَصِقُ بِالْجِدَارِ حَتَّى إِنَّ ثَوْبَهَا لَيَتَعَلَّقُ بِالْجِدَارِ مِنْ لُصُوقِهَا بِهِ»([1])
وعن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ:
«يَرْحَمُ اللَّهُ نِسَاءَ الْمُهَاجِرَاتِ الْأُوَلَ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ
عَلَى جُيُوبِهِنَّ شَقَقْنَ أَكْنَفَ مُرُوطِهِنَّ فَاخْتَمَرْنَ بِهَا»([2])
والعجيب أن ترى المسلمات اليوم يَجُبْنَّ الشوارع ذاهبات آيبات كاسيات
عاريات يحاربن الحجاب، ويراوغن رسولهن صلى الله عليه وسلم، فليس ثم إجابة لأمره،
أو طاعة له، وهن -والله- الخاسرات، ولكن على الجانب الآخر المشرق هناك
اليوم نساء عابدات طاهرات، مقرَّات في بيوتهن فنسأل الله أن يكثر من أمثالهن.
وفي أمر مهِمٍّ من أمور النساء ألا وهو الزواج واختيار شريك الحياة
قدمن رضي الله عنهن رأيه على رأيهن واختياره على اختيارهن، فمن ذلك
ما رواته فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ قالت: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :
«إِذَا حَلَلْتِ فَآذِنِينِي فَآذَنَتْهُ فَخَطَبَهَا مُعَاوِيَةُ وَأَبُو الْجَهْمِ بْنُ صُخَيْرٍ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَرَجُلٌ تَرِبٌ لَا مَالَ لَهُ وَأَمَّا أَبُو الْجَهْمِ فَرَجُلٌ ضَرَّابٌ
لِلنِّسَاءِ وَلَكِنْ أُسَامَةُ فَقَالَتْ بِيَدِهَا هَكَذَا أُسَامَةُ أُسَامَةُ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ
طَاعَةُ اللَّهِ وَطَاعَةُ رَسُولِهِ خَيْرٌ لَكِ قَالَتْ فَتَزَوَّجْتُهُ فَاغْتَبَطْتُ بِهِ»([3])
وعن الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ:
«أَتَيْتُ النَّبِيَّ فَذَكَرْتُ لَهُ امْرَأَةً أَخْطُبُهَا فَقَالَ اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا فَإِنَّهُ أَجْدَرُ
أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا فَأَتَيْت امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ فَخَطَبْتُهَا إِلَى أَبَوَيْهَا وَأَخْبَرْتُهُمَا
بِقَوْلِ النَّبِيِّ فَكَأَنَّهُمَا كَرِهَا ذَلِكَ قَالَ فَسَمِعَتْ ذَلِكَ الْمَرْأَةُ وَهِيَ فِي خِدْرِهَا
فَقَالَتْ إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ أَمَرَكَ أَنْ تَنْظُرَ فَانْظُرْ وَإِلَّا فَأَنْشُدُكَ كَأَنَّهَا
أَعْظَمَتْ ذَلِكَ قَالَ فَنَظَرْتُ إِلَيْهَا فَتَزَوَّجْتُهَا فَذَكَرَ مِنْ مُوَافَقَتِهَا»([4])
وفي أمر من الأمور التي تأباها كثير من النساء ألا وهو إرضاع شخص كبير
السن تمتثل سهلة بنت سهيل لأمره في ذلك، لما رآه من مصلحة اقتضاها
السياق الاجتماعي الذي تعيش فيه هذه الأسرة، وهذه الفتوى منه خاصة بهذه الأسرة ولا تنسحب على غيرها إلا لضرورة ليس هذا

موضع بسطها، فعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ جَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ:
«يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَرَى فِي وَجْهِ أَبِي حُذَيْفَةَ الْكَرَاهِيَةَ مِنْ دُخُولِ سَالِمٍ مولى
أَبِي حُذَيْفَةَ عَلَيَّ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم :
أَرْضِعِيهِ قَالَتْ كَيْفَ أُرْضِعُهُ وَهُوَ رَجُلٌ كَبِيرٌ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ وَقَالَ قَدْ عَلِمْتُ
أَنَّهُ رَجُلٌ كَبِيرٌ فَفَعَلَتْ فَأَتَتْ النَّبِيَّ فَقَالَتْ مَا رَأَيْتُ فِي وَجْهِ أَبِي حُذَيْفَةَ شَيْئًا أَكْرَهُهُ بَعْدُ»([5])
وكان أمره يختلط بلحمهن وشحمهن، لا ينتظرن حتى يأمرهن .
في الوقت واللحظة والحال، ولكن يحفظن أمره السابق عن ظهر قلب ويستظهرنه
في وقت الحاجة حتى إن كان هذا الأمر على حساب أقرب الأقربين منهن أو
على حساب العواطف الجياشة، فالعواطف عندهن مرتبطة بالإسلام والإيمان ولا يتركنها للهوى يفعل بها ما شاء من جاهلية جهلاء،
فعَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَتْ:
«لَمَّا جَاءَ نَعْيُ أَبِي سُفْيَانَ مِنْ الشَّأْمِ دَعَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بِصُفْرَةٍ فِي
الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَمَسَحَتْ عَارِضَيْهَا وَذِرَاعَيْهَا وَقَالَتْ إِنِّي كُنْتُ عَنْ هَذَا لَغَنِيَّةً
لَوْلَا أَنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ
وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ فَإِنَّهَا تُحِدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا»([6])
وكان يستوي في تنفيذ أمره البعيد والقريب، بل كانت جميع المسلمات قريبًا منه،
فهو بمثابة أبيهم العطوف بهم والحاني عليهم، فهذه فاطمة ابنته تمتثل لأمره
وإن كان فيه مشقة بها، فقد ذهب عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هو وفاطمة يسألان
رسول الله خادمًا فقال رضي الله عنه للنبي :
«إِنَّ فَاطِمَةَ جَرَّتْ بِالرَّحَى حَتَّى أَثَّرَتْ فِي يَدِهَا وَحَمَلَتْ بِالْقِرْبَةِ حَتَّى أَثَّرَتْ
فِي نَحْرِهَا فَلَمَّا أَنْ جَاءَكَ الْخَدَمُ أَمَرْتُهَا أَنْ تَأْتِيَكَ فَتَسْتَخْدِمَكَ خَادِمًا يَقِيهَا
حَرَّ مَا هِيَ فِيهِ قَالَ اتَّقِي اللَّهَ يَا فَاطِمَةُ وَأَدِّي فَرِيضَةَ رَبِّكِ وَاعْمَلِي عَمَلَ أَهْلِكِ
فَإِذَا أَخَذْتِ مَضْجَعَكِ فَسَبِّحِي ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَاحْمَدِي ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَكَبِّرِي أَرْبَعًا
وَثَلَاثِينَ فَتِلْكَ مِائَةٌ فَهِيَ خَيْرٌ لَكِ مِنْ خَادِمٍ قَالَتْ رَضِيتُ عَنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ»([7])
وكما قال تعالى: {هُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ اللّهِ}
[آل عمران163]
كذا هناك مراتب ودرجات يختص بها بعض الناس عن بعض نظرًا لشدة الإيمان
واليقين بقوله وإن كان قوله ظاهره المخالفة لأعراف الناس، فالصحابيات في هذا
يتفاوتن ولهن فهوم خاصة لا يستطيعها كل أحد من الناس في اليقين بأمره فمن
ذلك ما رواه عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ مَيْمُونَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ اسْتَدَانَتْ فَقِيلَ لَهَا يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ تَسْتَدِينِينَ وَلَيْسَ عِنْدَكِ وَفَاءٌ قَالَتْ
إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ
( مَنْ أَخَذَ دَيْنًا وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُؤَدِّيَهُ أَعَانَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ»([8])
فهذا الامتثال لأمره صلى الله عليه وسلم والثقة فيه لا يستطيعها إلا الأفذاذ
من هذه الأمة، ولا تُطالب بها عامة الأمة إنما هي لخواص الناس.
ولما امتثلت الصحابيات الجليلات لأمره صلى الله عليه وسلم حصَّلنَّ من الخير والبركة ما جعل حياتهن سعادة دائمة
فعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ أَتَانِي أَبُو سَلَمَةَ يَوْمًا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ
لَقَدْ سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَوْلًا فَسُرِرْتُ بِهِ قَالَ
لَا تُصِيبُ أَحَدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ مُصِيبَةٌ فَيَسْتَرْجِعَ عِنْدَ مُصِيبَتِهِ ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَاخْلُفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا إِلَّا فُعِلَ ذَلِكَ
بِهِ قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ فَحَفِظْتُ ذَلِكَ مِنْهُ فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ اسْتَرْجَعْتُ وَقُلْتُ
اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَاخْلُفْنِي خَيْرًا مِنْهُ ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى نَفْسِي قُلْتُ مِنْ أَيْنَ
لِي خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ فَلَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتِي فَخَطَبَنِي صلى الله عليه وسلم إِلَى نَفْسِي.
قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَقَدْ أَبْدَلَنِي اللَّهُ بِأَبِي سَلَمَةَ خَيْرًا مِنْهُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم »([9])
فالحق ما قالت أم سلمة؛
فرسول الله خيرٌ من ملء الأرض من أبي سلمة، وخير من ملء الأرض من
المسلمين أجمعين، فهنيئًا لأم سلمة الطاعة والامتثال لأمره .
فهل لنسائنا من عودة حميدة لامتثال أمره صلى الله عليه وسلم والانقياد له والإذعان لطاعته،
لتكون حياتهن خيرًا وبركة وسعادة وهناءً!.
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن ينفعنا بما علمنا وأن يعلمنا ما ينفعنا إنه على كل شيء قدير، والحمد لله رب العالمين.
------------------------
([1]) رواه أبو داود 5272، صحيح أبي داود 4/369.
([2]) رواه البخاري 4759، أبو داود 4102.
([3]) رواه مسلم 1480، الترمذي 1135، النسائي 3222، ابن ماجة 1869.
([4]) رواه الترمذي 1087، النسائي 3235، ابن ماجة 1866، صحيح ابن ماجة 1/600.
([5]) رواه البخاري 4000، مسلم 1453، أبو داود 2061، النسائي 3223، ابن ماجة 1943.
([6]) رواه البخاري1280، مسلم 1486، أبو داود 2299، الترمذي 1195، النسائي 3500، ابن ماجة 2084.
([7]) رواه البخاري 3113، مسلم 2727، أبو داود 2988، الترمذي 3408.
([8]) رواه النسائي 4687، ابن ماجة 2408، السلسلة الصحيحة 1029.
([9]) رواه مسلم 913، أبو داود 3115، الترمذي 3511، ابن ماجة 1598.
التوقيع

اسألكم الدعاء لي بالشفاء التام الذي لا يُغادر سقما عاجلآ غير آجلا من حيث لا احتسب
...
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ، فَإِنَّهُ لا يَمْلِكُهَا إِلا أَنْتَ
...
"حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله.انا الي ربنا راغبون"
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 11-23-2010, 09:08 AM
عزى أيمانى عزى أيمانى غير متواجد حالياً
عضو فعال
 




افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

جزاكم الله خيرا

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 11-23-2010, 10:02 AM
أم حفصة السلفية أم حفصة السلفية غير متواجد حالياً
رحمها الله تعالى وأسكنها الفردوس الأعلى
 




افتراضي

اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عزى أيمانى
بسم الله الرحمن الرحيم

جزاكم الله خيرا



احسن الله اليكم
التوقيع

اسألكم الدعاء لي بالشفاء التام الذي لا يُغادر سقما عاجلآ غير آجلا من حيث لا احتسب
...
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ، فَإِنَّهُ لا يَمْلِكُهَا إِلا أَنْتَ
...
"حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله.انا الي ربنا راغبون"
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 11-27-2010, 10:43 PM
أم هارون السلفية أم هارون السلفية غير متواجد حالياً
مالي إلا أنت يا خالق الورى
 




افتراضي

أحسن الله إليكِ ..
ورزقنا حُسنَ التأسي بصفوةِ الخلق هؤلاء .. رضوان الله عليهم أجمعين ..

التوقيع

أما جاءكم عن ربكم: (وَتَزَوَّدُوْا) .. فما عُذر من وافاهُ غيرَ مُزَوِّدِ ..!!
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 11-28-2010, 08:10 AM
أم حفصة السلفية أم حفصة السلفية غير متواجد حالياً
رحمها الله تعالى وأسكنها الفردوس الأعلى
 




افتراضي

اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم هارون السلفية
أحسن الله إليكِ ..
ورزقنا حُسنَ التأسي بصفوةِ الخلق هؤلاء .. رضوان الله عليهم أجمعين ..


آمـــــــــــــين،،
شكر الله لكِ اخيه
التوقيع

اسألكم الدعاء لي بالشفاء التام الذي لا يُغادر سقما عاجلآ غير آجلا من حيث لا احتسب
...
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ، فَإِنَّهُ لا يَمْلِكُهَا إِلا أَنْتَ
...
"حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله.انا الي ربنا راغبون"
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الزّمَانِ, الإسْلاَمِ, عَيْنِ, نِسَاءُ, قُرَّةُ


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator


الساعة الآن 09:55 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.