انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات الشرعية ::. > الملتقى الشرعي العام

الملتقى الشرعي العام ما لا يندرج تحت الأقسام الشرعية الأخرى

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-14-2014, 09:35 AM
أبو أحمد خالد المصرى أبو أحمد خالد المصرى غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 




افتراضي سبحان من وهب لنا نعمة الحمد والدعاء ، وكفى بها نعمة من رب الأرض والسماء

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
**********************************************
بســم اللـه والحمـد للـه،
الْحَمْدُ للهِ رَّبِّ الْعَالَمِيِنْ..
الْحَمْدُ للَّهِ حمدًا كثيرًا طَيِّبًا مُبارَكًا علَيهِ ، كما يحبُّ ربُّنا ويرضَى، اللَّهمَّ ربَّنا لَكَ الحمدُ، ملءَ السَّماواتِ وملءَ الأرضِ، وملءَ ما شئتَ من شيءٍ بعدُ، أَهلَ الثَّناءِ والمَجدِ، أحقُّ ما قالَ العبدُ وَكلُّنا لَكَ عبدٌ، لا مانعَ لما أعطيتَ، ولا معطيَ لما منعتَ، ولا ينفعُ ذا الجدِّ منْكَ الجدُّ، وأُصَلِّي وأُسَلِّم عَلَى سَيِّدِ الأَوَّلِينَ والآخِرينَ وخَيْرِ خَلْقِ اللهِ أَجْمَعِين، سَيدنا مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِه وصَحْبِه وسَلَّم. أمـا بعـد...

فيقول ربنا تبارك وتعالى في كتابه العزيز:

{ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ } غافر: 60

قال الإمام القرطبي رحمه الله:
ويقول ربكم أيها الناس لكم ادعوني: يقول: اعبدوني وأخلصوا لي العبادة دون من تعبدون من دوني من الأوثان والأصنام وغير ذلك، ( أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) يقول: أُجِبْ دعاءكم فأعفو عنكم وأرحمكم. وقوله: ( إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي ) يقول: إن الذين يتعظمون عن إفرادي بالعبادة, وإفراد الألوهة لي ( سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ) بمعنى: صاغرين.
وقد قيل: إن معنى قوله ( إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي ) : إن الذين يستكبرون عن دعائي.
إنتهى

وعن أبي هريرة رضى الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مَنْ لَمْ يَدْعُ اللَّهَ سُبْحَانَهُ، غَضِبَ عَلَيْهِ " حسنه الإمام الألباني رحمه الله في صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 3100

وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال -مستشهداً بقوله تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)- في رواية الأمام الترمذي رحمه الله: " الـدُّعَــاءُ هُـوَ الْعِبـَـادَةُ "

صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم
الذي علمنا كيف نتقرب إلى الله تبارك وتعالى، وكيف نعبده سبحانه جلَّ وعلا وعلَّمنا ودلَّنا إلى فضائل الاعمال، التي منها وأعظمها قوله صلى الله عليه وسلم:


" أَفْضَلُ الذِّكْرِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَفْضَلُ الدُّعَاءِ : الْحَمْدُ لِلَّهِ "رواه الإمام الترمذي في سننه، وحسنه الإمام الألباني في صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 1104

ولنقف معاً عند معنى هذا الحديث الجامع للفضائل، ولنتدبر شرح الحديث من كتاب تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي:
قَوْلُهُ: " أَفْضَلُ الذِّكْرِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ " لِأَنَّهَا كَلِمَةُ التَّوْحِيدِ وَالتَّوْحِيدُ لَا يُمَاثِلُهُ شَيْءٌ وَهِيَ الْفَارِقَةُ بَيْنَ الْكُفْرِ وَالْإِيمَانِ، وَلِأَنَّهَا أَجْمَعُ لِلْقَلْبِ مَعَ اللَّهِ وَأَنْفَى لِلْغَيْرِ وَأَشَدُّ تَزْكِيَةً لِلنَّفْسِ وَتَصْفِيَةً لِلْبَاطِنِ وَتَنْقِيَةً لِلْخَاطِرِ مِنْ خُبْثِ النَّفْسِ وَأَطْرَدُ لِلشَّيْطَانِ
" وَأَفْضَلُ الدُّعَاءِ الْحَمْدُ لِلَّهِ " ، الدُّعَاءُ عِبَارَةٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَأَنْ تَطْلُبَ مِنْهُ الْحَاجَةَ وَالْحَمْدُ يَشْمَلُهُمَا، فَإِنَّ مَنْ حَمِدَ اللَّهَ يَحْمَدُهُ عَلَى نِعْمَتِهِ وَالْحَمْدُ عَلَى النِّعْمَةِ طَلَبُ الْمَزِيدِ وَهُوَ رَأْسُ الشُّكْرِ،
قَالَ تَعَالَى :{ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ }، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ مِنْ بَابِ التَّلْمِيحِ وَالْإِشَارَةِ إِلَى قَوْلِهِ : اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ
وَأَيُّ دُعَاءٍ أَفْضَلُ وَأَكْمَلُ وَأَجْمَعُ مِنْ ذَلِكَ.
إنتهى





فَحَمــدُ اللَّــهِ عِبـادةٌ ودُعَــاء ، وَحَمْــدُ اللَّــهِ أَفْضَـلُ الـدُّعَــاء
والله يحب عباده الشاكرين
، كما قال رب العالمين:

{ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ } الزمر: 66
وكما قال سبحانه:
{ ......وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ } آل عمران: 144
وكما قال سبحانه:
{ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ } إبراهيم:7


ولأن حمد الله سبحانه ودوام شكره وذكره من الأعمال التي يحبها فأمرنا بها، ولأن الآيات الدالة على ذلك كثيرة ومتعددة، سنتطرق لها فيما هو آت بحول الله وقوته
فتابعوا معي بأمر الله رب البرية إذا كان لي في العمر بقية، لأنقل لكم فوائد ودرر من كلام العلماء في هذا الباب، وما أنعم الله على به من فهم؛ لا أرقى فيه إلى أدنى درجات العلم والمعرفة،
بل هو فهم مجتهد يطلب العلم ويحتاج توجيها من أهل العلم، وليتكم تراجعونني في ما سأكتبه بأمر الله تعالى في الخاتمة إن كان به خطأ ما
بارك الله فيكم وجزاكم خير الجزاء وزادكم من فضله علما نافعا وعملا متقبلا

فتابعوا معي بإذن الله تعالى المواضيع الآتية:
_______________________________________

-- ما سأنقله لكم بأمر الله تعالى:
من أقوال الإمام بن القيم رحمه الله
بل الله فاعبد وكن من الشاكرين
للشيخ عبد العزيز بن محمد السدحان
( كيف تكون عبداً شكوراً؟ ) للشيخ محمد
صالح المُنَجِّد:

أولاً: معاني شكر العبد لربه
ثانيا: الفرق بين الحمد والشكر
ثالثا:أنواع شكر الله لعباده
رابعا: الشكر نصف الدين وهو المراد من خلق العباد
خامسا... كيفية الوصول إلى منزلة العبد الشكور:
( 1 ): العبادة ، ( 2 ): الدعاء

( 3 ): معرفة أن الموفِّق للشكر هو الله ، ( 4 ): نسبة النعمة إلى المنعم
( 5 ): شكر الله على النعم بالنعم نفسها ، ( 6 ): سجود العبد لله شكراً عند تجدد النعمة
( 7 ): دعاء العبد بالمأثور عند رؤية مبتلى ، ( 8 ):نظر العبد إلى من دونه في أمور الدنيا
( 9 ): اعتناء العبد بالنعمة وحفاظه عليها ، ( 10 ): شكر الناس على إحسانهم

سادسا: أبـرز من تكلــم في الشكـــر


نهاية المحاضرات التي ألقاها فضيلة الشيخ محمد صالح المُنَجِّد حفظه الله
************************************************** *********************
-- وما فتح الله على بتجميعه وعرض ما فيه فائدة:

خــاتـمـــة وتتـمـــة، وفــوائــد هــامــــة

و
أمثلةٍ رائعة من الحياة لعبادٍ حامدونَ شاكرونَ لله
1- رأيتها عند بعض إخواني في الله
2- تعلمتها من أبناء كرام أفاضل

وفي الخـاتمـة؛ نصيحةٌ بها تَتِمّ، فَائِدةٌ شَامِلَةُ وأَعَمّ
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
وللفائدة أيضا بأمر الله تعالى، إقرأوا هذا الموضوع:

قصص لعباد حامدين شاكرين ، رضوا بقضاء رب العالمين



نفعنا الله وإياكم بما فيها، ورزقنا وإياكم نعمة دوام ذكره وحمده وشكره وحسن عبادته، وجعلنا وإياكم من عبادة الذين ذكرهم في قوله:

{ وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ }

التوقيع



{ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُۥ مَخْرَجًا ﴿٢﴾ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ } سورة الطلاق

جَعَلَنَـاَ اللهُ وإيِّاكُم مِنَ المُتَّقِيِـن
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 03-14-2014, 09:43 AM
أبو أحمد خالد المصرى أبو أحمد خالد المصرى غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 




افتراضي

يقول الإمام بن القيم رحمه الله *
__________________________________________________ _
وكَذَلِكَ الـدُّعَــاءُ،

فَإِنَّهُ مِنْ أَقْوَى الْأَسْبَابِ فِي دَفْعِ الْمَكْرُوهِ، وَحُصُولِ الْمَطْلُوبِ، وَلَكِنْ قَدْ يَتَخَلَّفُ أَثَرُهُ عَنْهُ، إِمَّـا لِضَعْفِهِ فِي نَفْسِهِ -بِأَنْ يَكُونَ دُعَاءً لَا يُحِبُّهُ اللَّهُ، لِمَا فِيهِ مِنَ الْعُدْوَانِ-، وَإِمَّـا لِضَعْفِ الْقَلْبِ وَعَدَمِ إِقْبَالِهِ عَلَى اللَّهِ وَجَمْعِيَّتِهِ عَلَيْهِ وَقْتَ الدُّعَاءِ، فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْقَوْسِ الرِّخْوِ جِدًّا، فَإِنَّ السَّهْمَ يَخْرُجُ مِنْهُ خُرُوجًا ضَعِيفًا، وَإِمَّـا لِحُصُولِ الْمَانِعِ مِنَ الْإِجَابَةِ: مِنْ أَكْلِ الْحَرَامِ، وَالظُّلْمِ،
وَرَيْنِ الذُّنُوبِ عَلَى الْقُلُوبِ، وَاسْتِيلَاءِ الْغَفْلَةِ وَالشَّهْوَةِ وَاللَّهْوِ، وَغَلَبَتِهَا عَلَيْهَا. كَمَا فِي مُسْتَدْرَكِ الْحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

«ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ»
وَاعْــلَمُـــوا

أَنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ فَهَذَا دَوَاءٌ نَافِعٌ مُزِيلٌ لِلدَّاءِ، وَلَكِنَّ غَفْلَةَ الْقَلْبِ عَنِ اللَّهِ تُبْطِلُ قُوَّتَهُ، وَكَذَلِكَ أَكْلُ الْحَرَامِ يُبْطِلُ قُوَّتَهُ وَيُضْعِفُهَا. كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
« يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ، لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [الْمُؤْمِنُونَ: 51]،
وَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [الْبَقَرَةِ: 172]، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ:
يَا رَبِّ يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِّيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟»
وَالدُّعَاءُ مِنْ أَنْفَعِ الْأَدْوِيَةِ،

وَهُوَ عَدُوُّ الْبَلَاءِ، يَدْفَعُهُ، وَيُعَالِجُهُ، وَيَمْنَعُ نُزُولَهُ، وَيَرْفَعُهُ، أَوْ يُخَفِّفُهُ إِذَا نَزَلَ، وَهُوَ سِلَاحُ الْمُؤْمِنِ. كَمَا رَوَى الْحَاكِمُ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«الدُّعَاءُ سِلَاحُ الْمُؤْمِنِ، وَعِمَادُ الدِّينِ، وَنُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ»

لِلدُّعَاءِ مَعَ الْبَلَاءِ مَقَامَاتٌ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ أَقْوَى مِنَ الْبَلَاءِ فَيَدْفَعُهُ.
الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ أَضْعَفَ مِنَ الْبَلَاءِ فَيَقْوَى عَلَيْهِ الْبَلَاءُ، فَيُصَابُ بِهِ الْعَبْدُ، وَلَكِنْ قَدْ يُخَفِّفُهُ، وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا.
الثَّالِثُ: أَنْ يَتَقَاوَمَا وَيَمْنَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ.


وَمِنْ أَنْفَعِ الْأَدْوِيَةِ: الْإِلْحَاحُ فِي الدُّعَاءِ.


وَقَدْ رَوَى ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ لَمْ يَسْأَلِ اللَّهَ يَغْضَبْ عَلَيْهِ»
وَفِي صَحِيحِ الْحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«لَا تَعْجِزُوا فِي الدُّعَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَهْلِكُ مَعَ الدُّعَاءِ أَحَدٌ»
وَذَكَرَ الْأَوْزَاعِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُلِحِّينَ فِي الدُّعَاءِ»
وَفِي كِتَابِ الزُّهْدِ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: قَالَ مُوَرِّقٌ: «
مَا وَجَدْتُ لِلْمُؤْمِنِ مَثَلًا إِلَّا رَجُلٌ فِي الْبَحْرِ عَلَى خَشَبَةٍ، فَهُوَ يَدْعُو: يَا رَبِّ يَا رَبِّ لَعَلَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُنْجِيَهُ».


وَمِنَ الْآفَاتِ الَّتِي تَمْنَعُ تَرَتُّبَ أَثَرِ الدُّعَاءِ عَلَيْهِ:

أَنْ يَسْتَعْجِلَ الْعَبْدُ، وَيَسْتَبْطِئَ الْإِجَابَةَ، فَيَسْتَحْسِرُ وَيَدَعُ الدُّعَاءَ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ بَذَرَ بَذْرًا أَوْ غَرَسَ غَرْسًا، فَجَعَلَ يَتَعَاهَدُهُ وَيَسْقِيهِ، فَلَمَّا اسْتَبْطَأَ كَمَالَهُ وَإِدْرَاكَهُ تَرَكَهُ وَأَهْمَلَهُ.
وَفِي الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قَالَ:

«يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ، يَقُولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي»










---------------------------------------------------------------------
* الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي

التوقيع



{ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُۥ مَخْرَجًا ﴿٢﴾ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ } سورة الطلاق

جَعَلَنَـاَ اللهُ وإيِّاكُم مِنَ المُتَّقِيِـن
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 03-14-2014, 10:04 AM
أبو أحمد خالد المصرى أبو أحمد خالد المصرى غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 




افتراضي

يقول ربنا تبارك وتعالي مخاطباً نبيه صلى الله عليه وسلم:{ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ }، وهذا أمر من الله سبحانه لرسوله صلى الله عليه وسلم، وللرسل والأنبياء من قبله.
أمرٌ منه جلَّ وعلا بالثبات على عبادته سبحانه، وبالمداومة على شكره، ونهىٌ عن طاعة المشركين،
فتعالوا معا نقرأ سويا هذه الخطبة التي ألقاها الشيخ عبد العزيز بن محمد السدحان، بمسجد السويدي بالرياض، نقلتها لكم بتصرف:
------------------------------------------------------------------------------------------------------

معـاشـر المسلمـين،
وإن من أعظم العبادات وأرفعها قدرًا عند الله التعبد لله تعالى بشكره؛ فشكر العبد لربه بصدق وإخلاص يفتح على العبد أبواب الخير ويغلق عنه أبواب الشر،
ذلكم لأن نتيجة الشكر تتضمن خيري الدين والدنيا والبرزخ والآخرة،ومن عظيم أمر الشكر أن الله تعالى أمر العباد به بل وحضَّهم عليه، كما في قوله تعالى:
{وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنْ اشْكُرْ لِلَّهِ} لقمان: 12،
{فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ} البقرة: 152،
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ} البقرة: 172،
{فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ} العنكبوت: 17.

ولما كان أنبياء الله ورسله عليهم السلام أعلم الناس بالله وأسبقهم بالخيرات أُمِرُوا بالشكر لعظيم أَمْرِهِ وجَليل قدره:
{قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنْ الشَّاكِرِينَ} الأعراف: 144،
ومن أمر ربنا تعالى لنبينا : {بَلْ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنْ الشَّاكِرِينَ} الزمر: 66.

معاشر المسلمين،
ومن عظيم أمر الشكر أن الله مدح بذلك أنبياءه ورسله،
فقال تعالى عن نوح عليه السلام: {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا} الإسراء: 3،
وقال عن إبراهيم الخليل عليه السلام: {شَاكِرًا لأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} النحل: 121،
وعن سليمان عليه السلام: {قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ} النمل: 19،
وعن آل داود: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِي الشَّكُورُ} سبأ: 13.

أما ما كان من شأن نبينا فكان شيئًا عجبًا؛ فقد كان مع شريف مكانه ورفيع منزلته أشكر الناس لربه تعالى،
فعن المغيرة بن شعبة قال: إن كان النبي ليقوم أو ليصلي حتى ترم قدماه أو ساقاه، فيقال له؛ فيقول: ((أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا)) أخرجه البخاري.

معاشر المسلمين،
إنَّما كان الأنبياء والرسل عليهم السلام أكثر شكرًا لله تعالى لأنهم أعلم الناس بالله وأرجاهم لله وأخوفهم منه،
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

"إنما ألزم الأنبياء أنفسهم بشدة الخوف لعلمهم بعظيم نعمة الله تعالى عليهم وأنه ابتدأهم بها قبل استحقاقها،
فبذلوا مجهودهم في عبادته ليؤدوا بعض شكره
مع أن حقوق الله أعظم من أن يقوم بها العباد، والله أعلم"
.


ومع أن أنبياء الله ورسله عليهم السلام كانوا أشكر الناس لله تعالى، مع ذلك كله كانوا يسألون الله تعالى الإعانة على القيام بشكره؛ فقد أخبر الله تعالى عن سليمان عليه السلام بقوله:
{قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} النمل: 19.
قال الشيخ السعدي رحمه الله تعالى:
"إن النعمة على الوالدين نعمة على الولد، ثم قال: فسأل سليمان ربه التوفيق للقيام بشكر نعمته الدينية والدنيوية عليه وعلى والديه".


وأما ما كان من شأن نبينا في سؤال ربه الإعانة على القيام بشكره فقد كان كثير السؤال، فقد كان يقول دبر كل صلاة:((اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ))،
وأوصى بذلك أصحابه كما أخرجه أبو داود في سننه عن معاذ بن جبل . وكان يضمن أدعيته تخصيص طلب الشكر كما في قوله : ((ربِّ اجعلْني لك شَكَّارًا)) أخرجه الترمذي،..... [1]
وقوله : ((شكَّارًا)) صيغة مبالغة يعني كثير الشكر ودائمه. وكان يشكر ربه بفعله كما يشكره بقوله؛
فعن أبي بكرة قال: كان النبي إذا جاءه خبر يَسُرُّهُ خرَّ ساجدًا لله. أخرجه الخمسة إلا النسائي.

وعن عبد الرحمن بن عوف قال: سجد النبي فأطال السجود ثم رفع رأسه فقال: ((إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي فَبَشَّرَنِي....، فَسَجَدْتُ لِلَّهِ شُكْرًا)) رواه أحمد وأبو داود. [2]

ولما كانت منزلة الشكر بهذه المثابة خُصَّت بمزيد من الذكر والأجر،وإن كانت جميع العبادات يؤجر عليها صاحبها إلا أن من المقرر عند أهل العلم أن العبادات تتفاضل فيما بينها
وأن تخصيص عبادة بكثير ذكر ومدح لأهلها يدل على تمييزها عن غيرها، ولذا خصَّ الشكر بالجزاء والثناء على أهله:
{وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} آل عمران: 144،
{وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ} آل عمران: 145،
{نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ} القمر: 35،
{أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ} الأنعام: 53.

معاشر المسلمين،
ولما كان شكر الله تعالى سبيلًا إلى مرضاته كما قال تعالى: {وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} الزمر: 6
هيأ الله عز وجل لعباده من الأسباب والنعم ما يجعلهم شاكرين له إن هم رعوها حق رعايتها؛ فجعل التقوى موصلة إلى الشكر:{فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} آل عمران: 123،
وأتم النعمة ليشكروه:{وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} المائدة: 6،
وبين لهم الآيات ليشكروه: {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} المائدة: 89،
وأنعم عليهم بالرزق ليشكروه: {وَرَزَقَكُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} الأنفال: 26،
وتجاوز عنهم بعفوه ليشكروه:{ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} البقرة: 52،
وسخر لهم جوارحهم ليشكروه: {وَجَعَلَ لَكُمْ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} النحل: 78،
وسخر لهم من الآيات ما يعينهم على شكره:{وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} الروم: 46،
{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} الفرقان: 62.

ومع كثرة ورود شأن الشكر وتزكية أهله فقد جنح أقوام عن شكر الله تعالى واجتالهم الشياطين،فلم يشكروا ربهم مع إنعامه عليهم وكثرة آياته الموجبة لشكره:
{إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ} غافر: 61،
{لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ} يس: 35،
{وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلا يَشْكُرُونَ} يس: 73،
{وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ} غافر: 61.

معاشر المسلمين،
ومن عظيم أمر الشكر وجليل ثمراته أن الشكر سبيل إلى مرضاة الله عن عبده:{وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} الزمر: 7،
ومن ثمرات الشكر أيضًا أنه سبب في زيادة النعم ودوامها:{وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} إبراهيم: 7.

قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى: (قيدوا نعم الله بشكر الله) أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب الشكر.

ومن ثمراته أيضًا:
كون أهله من السباقين إلى الخيرات والمقامات العلية لسيرهم في ركب أنبياء الله ورسله حيث كانت أولئك الصفوة عليهم السلام أكثر الناس شكرًا لله واعترافًا بفضله ونعمه.

ومن ثمرات الشكر أيضًا:أن الشاكرين أكثر الناس اتعاظًا واعتبارًا بآيات الله تعالى مما يكون عونًا لهم على الثبات والبصيرة:
{لِيُرِيَكُمْ مِنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} لقمان: 31،
{وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} سبإ: 19،
{إِنْ يَشَأْ يُسْكِنْ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} الشورى: 33.

ومن ثمرات الشكر أيضًاأن خيرية النعم ونزول بركتها معلق بشكر الله تعالى، قال :
((
عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ.....))
الحديث أخرجه مسلم عن صهيب .

معاشر المسلمين،
وشكر الله تعالى يكون بالقلب واللسان والجوارح وبالنعمة نفسها؛
فأما شكر الله تعالى بالقلب فأن يعتقد العبد اعتقادًا جازمًا لا شك فيه ولا ريب أنه لولا الله تعالى لما تيسرت نعمة من تلك النعم، وأن من لازم ذلك أنه المستحق للعبادة لا معبود بحق سواه،
وأما شكر الله تعالى باللسان فذلك بأن يلهج لسان العبد بشكر ربه وحمده دائمًا،
وأما شكر الله تعالى بالجوارح فبكفها عما حرم الله تعالى وبتسخيرها في طاعة الله ومرضاته،
وأما شكر الله تعالى بتلك النعم المادية التي أنعم الله بها على عبده فبمراعاتها حق رعايتها وبالاستعانة بها على طاعة الله تعالى.

قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى:

"ومن لطائف التعبد بالنعم أن يستكثر قليلها ويستقل كثير شكره عليها ويعلم أنها وصلت إليه من سيده من غير ثمن بذله فيها ولا وسيلة منه توسل بها إليه ولا استحقاق منه لها
وأنها لله في الحقيقة لا للعبد، فلا تزيده النعم إلا انكسارًا وذلًا وخضوعًا ومحبة للمنعم" [الفوائد (ص112)].

اللهم اجعلنا لك شكارين لك ذاكرين.





---------------------------------------------
[1] لفظ الحديث فيا رواه الإمام الترمذي، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما ، قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو ، يَقُولُ :
" رَبِّ أَعِنِّي وَلَا تُعِنْ عَلَيَّ ، وَانْصُرْنِي وَلَا تَنْصُرْ عَلَيَّ ، وَامْكُرْ لِي وَلَا تَمْكُرْ عَلَيَّ ، وَاهْدِنِي وَيَسِّرِ الْهُدَى لِي ، وَانْصُرْنِي عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيَّ ، رَبِّ اجْعَلْنِي لَكَ شَكَّارًا ، لَكَ ذَكَّارًا ، لَكَ رَهَّابًا ، لَكَ مِطْوَاعًا ، لَكَ مُخْبِتًا ، إِلَيْكَ أَوَّاهًا مُنِيبًا ، رَبِّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي وَاغْسِلْ حَوْبَتِي وَأَجِبْ دَعْوَتِي وَثَبِّتْ حُجَّتِي وَسَدِّدْ لِسَانِي وَاهْدِ قَلْبِي وَاسْلُلْ سَخِيمَةَ صَدْرِي " .
قَالَ أَبُو عِيسَى : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ

-------------------------------
[2] لفظ الحديث فيا رواه الإمام أحمد، عن عبد الرحمن بن عوف رضى الله عنه قال:
خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَتَوَجَّهَ نَحْوَ صَدَقَتِهِ فَدَخَلَ ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ ، فَخَرَّ سَاجِدًا ، فَأَطَالَ السُّجُودَ ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ قَبَضَ نَفْسَهُ فِيهَا ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ ، ثُمَ جَلَسْتُ فَرَفَعَ رَأْسَهُ ، فَقَالَ : " مَنْ هَذَا " ، قُلْتُ : عَبْدُ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : مَا شَأْنُكَ ؟ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، سَجَدْتَ سَجْدَةً خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ قَبَضَ نَفْسَكَ فِيهَا ، فَقَالَ :
" إِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَام , أَتَانِي فَبَشَّرَنِي ، فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ , يَقُولُ : مَنْ صَلَّى عَلَيْكَ صَلَّيْتُ عَلَيْهِ ، وَمَنْ سَلَّمَ عَلَيْكَ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ ، فَسَجَدْتُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ شُكْرًا "
صححه الإمام أحمد شاكر رحمه الله

التوقيع



{ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُۥ مَخْرَجًا ﴿٢﴾ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ } سورة الطلاق

جَعَلَنَـاَ اللهُ وإيِّاكُم مِنَ المُتَّقِيِـن
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 03-14-2014, 10:19 AM
أبو أحمد خالد المصرى أبو أحمد خالد المصرى غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 




افتراضي

الكرام الأفاضـل

أنقل لكم بتصرف تفريغاً نصياً لمحاضرات ألقاها فضيلة الشيخ محمد صالح المُنَجِّد حفظه الله، بعنــوان:
كيف تكون عبداً شكوراً؟
__________________________________________________
حيث قال:

إن الاهتمام بالقلوب أمر مطلوب، كيف لا والقلب هو الملك الذي يملك الأعضاء، فبه تسير وبه تأتمر، والقلب له أعمال كثيرة، وتقوم به عبادات عظيمة،
والمؤمن الذي يريد أن يسير إلى الله ينبغي أن يعتني بقلبه لكي يكون سيره حسناً.
و
الله يوفق عباده للخير، ويثني عليهم في الملأ الأعلى، ويجازي الكافر في الدنيا على فعله الخير
ويخرج من أدخله النار بأدنى مثقال ذرة من إيمان، وهذا من شكر الله لعباده...


أولاً: معاني شكر العبد لربه
_____________________________________________


أما الشكر فإنه في اللغة بأفصح تعريف:

هو الثناء على المحسن بما أعطاك وأولاك، فتقول: شكرته وشكرت له، وقال الله سبحانه وتعالى:
{ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً }
الإنسان:9
والشكران ضد الكفران، والشكور من الدواب: ما يكفيه العلف القليل، ويقال: اشتكرت السماء إذا اشتد مطرها، واشتكر الضرع إذا امتلأ لبناً، فهذه معاني الشكر،
وهي تدل على النماء والزيادة.
وشكر العبد لربه له عدة من المعاني:
فعرفه بعض الناس: بأنه الاعتراف للمنعم بالنعمة على وجه الخضوع. وقال بعضهم: هو الثناء على المحسن بذكر إحسانه. وقال بعضهم: الشكر استفراغ الطاقة في الطاعة.
وقيل: الشاكر: الذي يشكر على الموجود، والشكور: الذي يشكر على المفقود. وقيل: الشاكر: الذي يشكر على النفع، والشكور: الذي يشكر على المنع.
وقيل في الفرق بين الشاكر والشكور: أن الشاكر: الذي يشكر على العطاء، والشكور: الذي يشكر على البلاء.

والشُـكْــر من العبـد لـربـه يــدور على ثـلاثـة أشيــاء:
أولاً:
اعتـراف العبـد بنعمــة الله عليـه.
ثانياً: الثنـاء عليه سبحـانه وتعالى بهذه النعم.
ثالثاً: الاستعانة بهذه النعم على مرضــاة الله،
فمدار شكر العبد لربه على هذه الثلاثة: الاعتراف، والثناء، والعمل بها في طاعته سبحانه وتعالى.


والشكر أيضاً: خشوع الشاكر للمشكور مع حبه له، واعترافه بنعمته، والثناء عليه بها، وألا يستعمل هذه النعم فيما يسخط الله، وإنما يستعملها فيما يرضي الله سبحانه وتعالى.
والشكر يتعلق بالقلب واللسان والجوارح، ومن الأدلة على تعلق الشكر بالقلب الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
(
لِيَتَّخِذْ أحدُكم قلبًا شاكرًا ، ولسانًا ذاكِرًا ، وزوجةً مؤمنةً ، تُعِينُهُ علَى أمرِ الآخرَةِ) صححه الإمام الألباني.


فالشكر إذاً: هو الاعتراف بإنعام الله سبحانه عليك على وجه الخضوع له والذل والمحبة.

فمن لم يعرف النعمة بل كان جاهلاً بها لم يشكرها، وكثير من الناس لا يعرفون نعم الله عليهم،

ومن عرف النعمة ولم يـعــرف المنـعـــم فكـيــف يـشـكــــره؟!!


ومن عرف النعمة والمنعم لكن جحدها كما يجحد المنكر لنعمة المنعم عليه فقد كفرها،


ومن عرف النعمة والمنعم وأقر بها ولم يجحدها لكن ما خضع قلبه، ولا أحب المنعم،
ولا رضي بالله المنعم فلا يعتبر شاكراً للنعمة،

وَمَنْ عَرَفَ النِّعْمَةَ وَعَرَفَ الْمُنْعِمَ وَخَضَعَ لِلْمُنْعِمِ، وَأَحَبَّهُ وَرَضِيَ بِهِ، وَاسْتَعْمَلَ النِّعْمَةَ فِي مَحَابِّهِ وَطَاعَتِهِ

فَهَذَا هُوَ الشَّاكِرُ حَقَّاً، وَهَذَاَ هُوَ التَّعْرِيِفُ لِشُكْرِ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.






وللحديث بقية ،
فتابعونا بأمر الله رب البرية
...
التوقيع



{ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُۥ مَخْرَجًا ﴿٢﴾ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ } سورة الطلاق

جَعَلَنَـاَ اللهُ وإيِّاكُم مِنَ المُتَّقِيِـن
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 03-14-2014, 10:20 AM
أبو أحمد خالد المصرى أبو أحمد خالد المصرى غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 




افتراضي

ثانيا: الفرق بين الحمد والشكر
__________________________________________________ ___

إن الشكر يتعلق بالقلب واللسان والجوارح، تشكر الله بقلبك ولسانك وجوارحك، أما الحمد فإنه يتعلق بالقلب واللسان،
فلا يقال: حمد الله بيده مثلاً، أو برجليه، أو بأي شيء من الجسد، إلا اللسان مع القلب فالحمد بهما، والشكر يكون بالقلب واللسان والجوارح،
فللقلب معرفة الله المنعم وحبه، وللسان الثناء عليه وحمده سبحانه وتعالى، والجوارح استعمال هذه النعم فيما يرضي الرب عز وجل، فالشكر أعم من هذه،
لكن الشكر يكون على النعم، والحمد يكون على النعم وعلى غيرها،
فمثلاً: الله سبحانه وتعالى يُحمد على أسمائه وصفاته وأفعاله ونعمه، لكنه يُشكر على نعمه، فلا يقال: إنه يشكر على أسمائه وصفاته وإنما يحمد على أسمائه وصفاته،

ومن هذه الجهة فالحمد أعمّ، فهذا هو الفرق بين الحمد والشكر.


التوقيع



{ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُۥ مَخْرَجًا ﴿٢﴾ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ } سورة الطلاق

جَعَلَنَـاَ اللهُ وإيِّاكُم مِنَ المُتَّقِيِـن
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 03-14-2014, 10:24 AM
أبو أحمد خالد المصرى أبو أحمد خالد المصرى غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 




افتراضي

ثالثا: أنواع شكر الله لعباده
_______________________

من أسماء الله سبحانه وتعالى:
الشَّـكُـــور
وقد سمَّى نفسه شاكراً كذلك، فقال الله سبحانه وتعالى: { وَكَانَ اللَّهُ شَاكِراً عَلِيماً } [النساء:147]،
وقال: { وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ } [التغابن:17].
فالله عز وجل من أسمائه الشكور فهو يشكر عباده، فكيف يشكر عباده سبحانه وتعالى؟!

أ- تـوفـيـقـهــــم للـخـيـــــر
___________
إنه يشكرهم بأن يوفقهم للخير، ثم يُعطيهم ويُثيبهم على العمل به، والله عزَّ وجلَّ يشكر القليل من العمل ويُعطي عليه ثواباً جزيلاً أكثر من العمل، والحسنة بعشر أمثالها وهكذا،
فالله سبحانه وتعالى شكورٌ حليم.

ب- ثناؤه عليهم في الملأ الأعلى
___________
ويشكر عبده بأن يُثنِي عليه في الملأ الأعلى، ويذكُرُه عند الملائكة، ويجعل ذكره بين العباد في الأرض حسناً؛ كل هذا من شكر الله للعبد، فإذا ترك العبد شيئاً لله أعطاه الله أفضل منه،
وإذا بذل العبد شيئاً لله ردَّهُ الله عليه أضعافاً مضاعفة،

وَلَمَّـا عَـقَــر نبـي الله سـليمـان الخـيـــل غضبـاً لله لـمـَّا أشغلتــه الـخيــل عـن ذكــــره،
عَـوَّضـَـهُ
الله عـزَّ وجـلَّ بالـريــح؛ على متن الريح يكون سفره، وتحمل جنوده من الجن والإنس والطير،


وَلَمَّـا ترك الصحابة ديارهم وخرجوا من الديار في مرضاة الله عَـوَّضَهُـمُ الله مُلْكُ الدنيا، وفتح عليهم مُلْكُ فارس والروم،

وَلَمَّـا تـحـَمَّـــل يـُـوسُـــفُ الـصـدِّيـــق ضِيــقَ السـجــــن شـَـكــَـرَ الله له ذلك،
ومكـَّـن له في الأرض يتبـوأ منهـا حيـث يشـاء،


وَلَمَّـا بـذل الشهـداء دمـاءهـم وأمـوالهـم في سبيـل الله حتـى مـزَّق الأعـــداء أجســــادهـــم
شَكَرَ
الله ذلك لهم، وجعل أرواحهم في حواصل طير خُضر تسرح في الجنة، وتَرِدُ أنهارها، وتأوي إلى قناديل معلقة تحت العرش.

ج- مجازاة الكافر عاجلاً على ما يفعل من الخير والمعروف
___________
فالله شكور، ومن شكره سبحانه أنه يجازي العدو على ما يفعل من الخير والمعروف، فلو أن كافراً عمل في الدنيا حسنات؛ فكفل يتيماً، أو أغاث ملهوفاً
فالله لا يضيع عمل الكافر فيجزيه بها في الدنيا من الصحة والغنى والأولاد ونحو ذلك من متاع الدنيا، حتى عمل الكافر من أعمال الخير لا يضيعها له، بل إنه يثيبه عليها في الدنيا.
وقد جاء في الحديث الصحيح ما يثبت أن الله يشكر، فقد قال صلى الله عليه وسلم:
(
نزَعَ رجلٌ لم يَعْمَلْ خيرًا قطُّ غُصْنَ شوكٍ عن الطريقِ، إمّا كان في شجرةٍ فقَطَعَه وألقاه ، وإمّا كان موضوعًا فأَماطَه، فشَكَرَ اللهَ له بها؛ فأدَخَلَه الجنةَ). حسنه الإمام الألباني
وجاء في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(
بينا رجلٌ يمشي، فاشتد عليه العطشُ، فنزل بئرًا فشرب منها، ثم خرج فإذا هو بكلبٍ يلهث، يأكل الثرى من العطشِ، فقال : لقد بلغ هذا مثل الذي بلغ بي، فملأ خُفَّه ثم أمسكه بفيه، ثم رقي فسقى الكلبَ، فشكر اللهُ له فغفر له ) قالوا : يا رسولَ اللهِ، وإن لنا في البهائم أجرًا ؟ قال : (فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ ). رواه الإمام البخاري ...[1]

والله عز وجل يشكر عبده ويعطيه الأضعاف المضاعفة فهو المحسن إلى العبيد، والله سبحانه وتعالى قال:
{
مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِراً عَلِيماً } [النساء:147].

تَـأَمَّــلْ يَـا أَيُّـهَــا الْمُسْلِــم!
كيف أن شكر الله أنه يأبى أن يُعذِّبَ عباده بغير جُرم، ويأبى أن يجعل سعيهم باطلاً، قال الله عز وجل:
{
إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً } [الإنسان:22]
فشكرهم على سَعْيِهِم، ولم يُضِعْ سَعْيَهُم، وجازاهم الجنة، وأعطاهم من أصناف الثواب ما أعطاهم سبحانه وتعالى.

د- إخراج الله لمن دخل النار وفي قلبه أدنى مثقال ذرة من خير
___________
ومن شكر الله للعبيد:
أنَّه يُخرج العبد من النار بأدنى مثقال ذرة من خير، ولا يضيع عليه هذا القدر، فلو تعذَّب العبد في النار ما تعذَّب وكان مؤمناً من أهل التوحيد ليس بكافر فإن الله يخرجه يوماً من الدهر من النار فيدخله الجنة، ولو كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان، والله عز وجل شكر لمؤمن آل فرعون مقامه، الذي قام لله فجاهد وقال كلمة الحق عند سلطان جائر؛ فأثنى الله عليه بالقرآن ونوه بذكره بين عباده، وكذلك المسلم الذي أعان الثلاثة الأنبياء من أصحاب القرية لما جاءوا أصحاب القرية في سورة يس، فالله سبحانه وتعالى ذكره وشكر له مقامه، وشكر له دعوته في سبيله فجعل له من الثواب الجزيل على ذلك الموقف ما لا يعلمه إلا هو سبحانه،

فَهُوَ الشَّكُورُ عَلَىَ الْحَقِيقَةِ، وهُوَ المُتَّصِفُ بِصِفَةِ الشُّكُرِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىَ،

والله عزَّ وجَلَّ يُرغِّبُ من عباده أن يتَّصِفوا بموجب الصفات الحسنة التي وصف نفسه بها،

واللهُ عَـــزَّ وَجَـــــلَّ
جَـمـِيـِـــلٌ..... يُحِبُّ الْجَمَــال،
عـَلِـيـِــــمٌ
......يُحِبُّ الْعُلَمَــاء،
رَحِـيـِـــمٌ
.... يُحِبُّ الراحِمِـين،
مُحْسـِــنٌ
.. يُحِبُّ الْمُحْسِنِـيـن،
شـَكُــــوُرٌ
...يُحِبُّ الشَّاكِـرِين،
صَـبـُــوُرٌ
...يُحِبُّ الصَّـابِرِيـن،
جـَــــوَادٌ
...يُحِبُّ أَهَـلَ الْجُـوُد،
سِـتِّيــــِرٌ
....يُحِبُّ أهَلَ السَّتْر،
عَـفُّــــــوٌّ
.....يُحِـبُّ الْعَـفُــو،
وِتْــــــــرٌ
......يُحِبُّ الْوِتْـر،

و
كذلك فهو سبحانه يكره البخل، والظلم، والجهل، وقسوة القلب، والجبن، واللؤم، وهو سبحانه وتعالى يحب من عباده أن يتَّصِفوا بالصفات الحميدة الحسنة.




-------------------------------------------------------------------------
[1] شرح الحديث -في رواية الإمام مسلم- للامام النووي:
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ ) مَعْنَاهُ فِي الْإِحْسَانِ إِلَى كُلِّ حَيَوَانٍ حَيٍّ بِسَقْيِهِ وَنَحْوِهِ أَجْرٌ، وَسُمِّيَ الْحَيُّ ذَا كَبِدٍ رَطْبَةٍ ، لِأَنَّ الْمَيِّتَ يَجِفُّ جِسْمُهُ وَكَبِدُهُ .

فَفِي الْحَدِيثِ الْحَثُّ عَلَى الْإِحْسَانِ إِلَى الْحَيَوَانِ الْمُحْتَرَمِ، (وَهُوَ مَا لَا يُؤْمَرُ بِقَتْلِهِ). فَأَمَّا الْمَأْمُورُ بِقَتْلِهِ فَيُمْتَثَلُ أَمْرُ الشَّرْعِ فِي قَتْلِهِ، وَالْمَأْمُورُ بِقَتْلِهِ كَالْكَافِرِ الْحَرْبِيِّ وَالْمُرْتَدِّ وَالْكَلْبِ الْعَقُورِ، وَالْفَوَاسِقِ الْخَمْسِ الْمَذْكُورَاتِ فِي الْحَدِيثِ وَمَا فِي مَعْنَاهُنَّ. وَأَمَّا الْمُحْتَرَمُ فَيَحْصُلُ الثَّوَابُ بِسَقْيِهِ وَالْإِحْسَانِ إِلَيْهِ أَيْضًا بِإِطْعَامِهِ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ مَمْلُوكًا أَوْ مُبَاحًا، وَسَوَاءٌ كَانَ مَمْلُوكًا لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ ) أَمَّا ( الثَّرَى ) فَالتُّرَابُ النَّدِيُّ ، وَيُقَالُ : لَهَثَ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَكَسْرِهَا ، يَلْهَثُ بِفَتْحِهَا لَا غَيْرَ ، لَهْثًا بِإِسْكَانِهَا ، وَالِاسْمُ اللَّهَثُ بِفَتْحِهَا، وَاللُّهَاثُ بِضَمِّ اللَّامِ ، وَرَجُلٌ لَهْثَانٌ ، وَامْرَأَةٌ لَهْثَى كَعَطْشَانَ وَعَطْشَى ، وَهُوَ الَّذِي أَخَّرَ لِسَانَهُ مِنْ شِدَّةِ الْعَطَشِ وَالْحَرِّ .

قَوْلُهُ : ( حَتَّى رَقِيَ فَسَقَى الْكَلْبَ ) يُقَالُ : رَقِيَ بِكَسْرِ الْقَافِ عَلَى اللُّغَةِ الْفَصِيحَةِ الْمَشْهُورَةِ ، وَحَكَى فَتْحَهَا ، وَهِيَ لُغَةُ طَيٍّ فِي كُلِّ مَا أَشْبَهَ هَذَا.


التوقيع



{ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُۥ مَخْرَجًا ﴿٢﴾ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ } سورة الطلاق

جَعَلَنَـاَ اللهُ وإيِّاكُم مِنَ المُتَّقِيِـن
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 03-14-2014, 10:30 AM
أبو أحمد خالد المصرى أبو أحمد خالد المصرى غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 




افتراضي

رابعاً:الشكر نصف الدين وهو المراد من خلق العباد
___
_________________________________________________

أما الشكر
فَـإِنَّـهُ نِـصْـفُ
الْإِيـِمَـان، وَنِـصْـفَــهُ الثَّـانِـي هُوَ الصَّـبْــر....

والله عزَّ وجلَّ جمع بينهما في كتابه، فقال: {
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ } [إبراهيم:5].

فالصبر والشكر هما الإيمان، تأمل قوله صلى الله عليه وسلم:
"
عَجِبْتُ لِلْمُسْلِمِ، إِذَا أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ احْتَسَبَ وَصَبَرَ، وَإِذَا أَصَابَهُ خَيْرٌ حَمِدَ اللَّهَ وَشَكَرَ، إِنَّ الْمُسْلِمَ يُؤْجَرُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، حَتَّى فِي اللُّقْمَةِ يَرْفَعُهَا إِلَى فِيهِ "صححه الإمام الألباني

وهذا هو مقتضى الحديث الصحيح الآخر:
" عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمنِ ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ" صححه الإمام الألباني

فالإيمان إذاً نصفه صبر ونصفه شكر، فكيف يكون ذلك؟
الصبر عن المعاصي، وعما يغضب الله، وكف النفس عن ذلك؛ هذا نصف الدين، الشكر، وهـو القيـام بفعـل المـأمـورات وهـو نصفـه الآخر،
وَهـَـلِ الـدِّيـِـنُ إلَّا أَمْــرٌ وَنَـهْــيٌّ!


بلغ من منزلة الشكر، ومن عظمة هذه العبادة الجليلة أنَّ الله سبحانه وتعالى جعل المراد من خلق الخلق أن يشكروه، فقال الله عز وجل: {
فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ} البقرة:152
فجعل ذكره وشكره هما الوسيلة والعون على الوصول إلى رضاه سبحانه وتعالى، وقسَّم الناس إلى شكور وكفور، وأبغض الأشياء إليه سبحانه أهل الكفر، وأحب الأشياء إليه سبحانه الشكر وأهله، قال الله تعالى عن الإنسان: { إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً } [الإنسان:3]،
وقال نبي الله سليمان: {
هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ } [النمل:40]،
وقد تعهَّد الله ووعد بالسيادة لمن شكر، فقال الله عز وجل: { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ } [إبراهيم:7]،

والله سبحانه وتعالى يقابل بين الشكر والكفر في أكثر من موضع، فيقول:
{
وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ } [آل عمران:144]،

والله عز وجل علق كثيراً من الجزاء على مشيئته،
فقال مثلاً:
{ فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ } [التوبة:28]،
وقال: {
فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ } [الأنعام:41]،
وفي الرزق قال: {
يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ } [البقرة:212]،
وفي المغفرة قال: {
يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ} [آل عمران:129]،
وقال في التوبة: {
ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ } [التوبة:27]
،،،،،...،،،،...،،،...،،،،...،،،،،

أما جزاء الشكر فقد أطلقه إطلاقاً ولم يعلقه بمشيئته،
فقال سبحانه وتعالى: { وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ }
[آل عمران:145]، وقال: { وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ } [آل عمران:144]،
لذلك لما عرَف عدوَّ الله إبليس قيمة وعظم الشكر تعهَّد أن يعمل ليُحرِّف البشرية فيجعلهم غير شاكرين، فقال الله عن إبليس:
{
ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ } [الأعراف:17]
ولذلك وصف الله سبحانه عباده الصالحين الشاكرين بأنهم الأقلّون، فقال: {
وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ } [سبأ:13]

ذُكِرَ أنَّ عُمَرَ سمع رجلاً يقول: اللهم اجعلني من الأقَلِّيِن، فقال: ما هذا؟ فقال: يا أمير المؤمنين!
قال الله عز وجل: {
وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ} هود:40، وقال الله عز وجل:
{وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} سبأ:13، وقال الله عز وجل: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ} ص:24.
فقال عمر: صدقت.


فَالشُّـكُــرُ هُـوَ الْغَـايَـةُ مِـنْ خَـلْـقِ الْعِبَــادْ،
قال الله عز وجل: {
وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } [النحل:78].

فلأي شيء خلقكم؟ ولأي شيء أخرجكم من بطون أمهاتكم؟:
{ لَعَلَّـكُــمْ تَشْـكُــرُونَ }

ونبينا صلى الله عليه وسلم سيِّد الشاكرين وإمامهم صلى الله عليه وسلم، إنَّه عليه الصلاة والسلام كان يعبد ربَّه لكي يكون شكوراً لربه، ولذلك جاء في صحيح البخاري
عن عائشة رضى الله عنها قالت: ( أنَّ نبيَّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يقومُ منَ الليلِ حتى تتفَطَّرَ قدَماه ، فقالتْ عائشةُ : لِمَ تَصنَعُ هذا يا رسولَ اللهِ ، وقد غفَر اللهُ لك ما تقدَّم من ذَنْبِك وما تأخَّر؟
قال : "
أفلا أُحِبُّ أن أكونَ عبدًا شَكورًا
" ، فلما كثُر لحمُه صلَّى جالسًا ، فإذا أراد أن يَركَعَ ، قام فقرَأ ثم ركَع )
،،،،،...،،،،...،،،...،،،،...،،،،،

لَـكـِــنْ؛
كيف نكون من عباد الله الشاكرين؟ ، وكيف نصل إلى منزلة العبد الشكور؟

تابعونـا بـإذنِ اللَّــه....


التوقيع



{ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُۥ مَخْرَجًا ﴿٢﴾ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ } سورة الطلاق

جَعَلَنَـاَ اللهُ وإيِّاكُم مِنَ المُتَّقِيِـن
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 03-14-2014, 05:53 PM
أبو أحمد خالد المصرى أبو أحمد خالد المصرى غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 




افتراضي

خامسا: كيفية الوصول إلى منزلة العبد الشكور
__________________________________________________ _____________________________

نصـل إلى منــزلة العبـد الشكـور بـأمــور:

( 1 ): العبادة

منها: هذه العبادة التي دلَّنا عليها صلى الله عليه وسلم.


( 2 ): الدعاء

إن من وسائل الوصول إلى منزلة العبد الشكور: الدعاء، ولذلك كان عليه الصلاة والسلام يقول:
"اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي لَكَ شَاكِرًا لَكَ -وفي رواية: شكاراً لك-.... "
وعلَّم معاذاً دعاءً عظيماً، فقال:

"يامُعاذُ، واللَّهِ إنِّي لأحبُّكَ، واللَّهِ إنِّي لأحبُّك، فقالَ: أوصيكَ يا معاذُ لا تدَعنَّ في دُبُرَ كلِّ صلاةٍ تقولُ: اللَّهمَّ أعنِّي على ذِكْرِكَ، وشُكْرِكَ، وحُسنِ عبادتِكَ" صححه الإمام الألباني

فالوصول إلى منزلة العبد الشكور لا بد فيها من الاستعانة بالله والدعاء والالتجاء، وإلا فهي منزلة صعبة، ونبي الله سليمان قال:
{
رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ ... } الآية [النمل:19]


فبدون المعونة من الله لا يمكن أن يصل الإنسان إلى منزلة العبد الشكور، ومن الأمور التي ينبغي معرفتها: أن الشكر يحفظ النعم، قال الله سبحانه وتعالى:
{ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ } [إبراهيم:7]


فهو ليس فقط يحفظ النعمة وإنما يزيدها، ولذلك كانوا يسمون الشكر: الحافظ، يعني: الحافظ للنعم الموجودة والجالب للنعم المفقودة.
وقال عمر بن عبد العزيز : [قيدوا نعم الله بشكر الله]، وقال أيضاً: [الشكر قيد النعم]. وقال مطرف بن عبد الله : [لأن أُعَافَى فأَشْكُر أحبّ إليَّ مِن أن أُبْتَلى فَأَصْبِر].


ومن الأشياء التي يبلغ بها العبد درجة الشكور، أن يحدث بنعم الله عليه، قال الله عز وجل: { وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ } [الضحى:11].


وتحديث العبد بنعمة الله عليه له عدة معانٍ، منها:أن يرى أثر النعمة عليك، كما جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل من الصحابة:
"
كُلوا واشرَبوا وتَصَدَّقوا والبَسوا في غيرِ مَخيلَةٍ ولا سَرَفٍ، إنَّ اللهَ يُحِبُّ أن تُرَى نِعمَتُه على عَبدِهِ "
صححه الإمام أحمد شاكر
وقد جاء في الحديث الصحيح قوله عليه الصلاة والسلام:
" إِذَا آتَاكَ اللَّهُ مَالًا ، فَلْيُرَ أَثَرُ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْكَ وَكَرَامَتِهِ "
ولذلك قال بعض السلف: [لا تضركم دنياً شكرتموها]. فلو أظهرت النعمة وأنت شاكر لها فإنها لا تضرك بإذن الله. وقد ذم الله الكنود من العباد فقال:
{ وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً * فَالْمُورِيَاتِ قَدْحاً * فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحاً * فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً * فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً * إِنَّ الْإنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ } [العاديات:1-6].


قال بعض المفسرين: الكنود: الذي لا يشكر نعم الله، وقال الحسن رحمه الله عن الكنود: [الذي يعد المصائب وينسى النعم]
إذا جلست معه قال لك: صار لي مصيبة كذا وكذا وكذا، ولا يحدث ولا يذكر شيئاً من نعم الله، كاتم لنعم الله، لا يحدث إلا بالمصائب والمعايب،
كما جاء في وصف النساء التي جاء من أسباب دخولهن النار قوله صلى الله عليه وسلم:
"لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا ، قَالَتْ : مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ " .........[1]
فلماذا دخلت النار؟........ بترك شكر نعمة الزوج،
فشكر نعمة الله أولى وأحق، فهذه التي تدخل النار بسبب كفران نعمة الزوج، فلأن يدخل العبد النار بكفران نعمة الله أولى، هذه المرأة من أسباب دخولها النار كفران نعمة الزوج؛
لأنها تنسى كل حسناته، وتقول: ما رأيت منك خيراً قط، ولا تذكر له إلا عيوبه، فالعبد إذا كتم نعم الله ولم يذكر إلا المصائب فهو أحرى بأن يدخل النار من المرأة التي تكفر نعمة زوجها؛
لأن الله هو المنعم الحقيقي، ولذلك جاء في الحديث: (
التحدث بالنعمة شكر وتركها كفر) ...............[2]

ورأى بكر بن عبد الله المزني حمالاً عليه حمله وهو يقول: الحمد لله .. أستغفر الله، الحمد لله .. أستغفر الله، الحمد لله .. أستغفر الله، وهكذا، قال: فانتظرته حتى وضع ما على ظهره،
وقلت له: أما تحسن غير هذا؟ -غير الحمد لله .. أستغفر الله- قال: بلى. أحسن خيراً كثيراً أقرأ كتاب الله، غير أن العبد بين نعمة وذم، فأحمد الله على نعمه وأستغفره لذنوبي،
فقال بكر : الْحمَّـالُ أَفْقَــهُ مِنِّـي.


ولما قرأ النبي صلى الله عليه وسلم على الجن سورة الرحمن وقرأها على الصحابة، فسكت الصحابة، فقال عليه الصلاة والسلام:
"
لقد قرأتُها على الجنِّ ليلةَ الجنِّ فَكانوا أحسَنَ مردودًا منكم، كنتُ كلَّما أتيتُ على قولِهِ:{فَبِأيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}، قالوا: (لا بشَيءٍ من نِعَمِكَ ربَّنا نُكَذِّبُ فلَكَ الحمدُ)"
فقهاء الجن قالوا:
لا بشيء من نعمك ربنا نكذب فلك الحمد، يذكر لهم في سورة الرحمن كل شيء؛ أنه خلقهم، وأنزل لهم الميزان، وجعل لهم الأنهار والبحار، وجعل لهم السفن،
وجعل لهم أشياء كثيرة جداً، وبعد ذكر كل نعمة يقول:{
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } [الرحمن:13].


والنعم كثيرة جداً، وشكرها ينساه كثير من الناس، وبعض المغفلين من الصوفية عندهم مبادئ عجيبة في هذا، حيث قال أحدهم:
أنا لا آكل الخبيص؛ والخبيص: نوع من أنواع الحلوى، فقيل له: لماذا؟ قال: إني لا أقوم بشكره، فقال الحسن : "هذا أحمق، وهل يقوم بشكر الماء البارد؟!"


ولذلك جاء في الحديث الصحيح:
" إنَّ أوَّلَ ما يُسأَلُ عنهُ العبدُ يومَ القيامةِ من النَّعيمِ أنْ يُقالَ لهُ : ألمْ نُصِحَّ لكَ جِسمَكَ، و نُرْوِيكَ من الماءِ البارِدِ؟ " رواه الترمذي والحاكم عن أبي هريرة مرفوعاً، وهو حديث صحيح.
حتى الماء البارد الذي نشربه نعمة سنسأل عنها يوم القيامة، فكيف ننجو من تَبِعة السؤال؟
بأن نشكر نعم الله كلها ظاهراً وباطناً.



وكان أبو المغيرة -رجل من السلف - إذا قيل له: كيف أصبحت يا أبا محمد ؟ قال:
أصبحنا مغرقين في النعم، عاجزين عن الشكر، تحبب إلينا ربنا وهو غني عنا، ونتمقت إليه ونحن إليه محتاجون .
هو أحسن إلينا وهو غني عنا، ونحن نعصيه ونحن محتاجون إليه!.


وقال يونس بن عبيد : قال رجل لأبي تميمة : كيف أصبحت؟ قال:
أصبحت بين نعمتين لا أدري أيتهما أفضل: ذنوب سترها الله علي فلا يستطيع أن يعيرني بها أحد، ومودة قذفها الله في قلوب العباد لا يبلغه عملي -أنا دون ذلك-.


دعا رجلٌ منَ الأنصارِ، من أَهْلِ قباءٍ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم، قال فانطلقنا معَهُ، فلمَّا طعِمَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وغسلَ يدَيهِ، قالَ:
"
الحمدُ للَّهِ الَّذي يُطْعِمُ ولا يُطْعَمُ، ومَنَّ عَلينَا فَهَدانَا وأطْعمَنا، وسَقَانَا وَكُلَّ بَلاءٍ حَسَنٍ أبْلَانَا، الحَمْدُ للَّهِ غيرِ مودعٍ ولا مُكافأ ولا مَكْفورٍ، ولا مُستغنًى عنهُ،
الحمدُ للَّهِ الَّذي أطعمَنا منَ الطَّعامِ، وسقانا منَ الشَّرابِ، وَكَسانا منَ العُريِ، وَهَدانا منَ الضَّلالِ، وبصَّرَنا منَ العمَى، وفضَّلَنا علَى كثيرٍ ممَّن خلقَ تفضيلًا، الحمدُ للَّهِ ربِّ العالمينَ
"
حسنه بعض أهل العلم و صححه الإمام أحمد شاكر

هذه قضية مهمة؛ وهي قضية شكر النعم والتحدث بها دائماً،




قال بعض الناس:
نحن إذا تحدثنا بالنعم أصابنا الحسد والعين، فماذا نفعل؟
نــقــــــول:
أولاً: إذا كـان الـذي أمـامـك معـروف بالحـسـد فهـذا لا يعنـي أنــك تـقـول النـِّعـم التـي جـاءتـك،
وتستجلب حسده وإصابته لك بالعين؛ هذا إذا كان حسوداً، أما في الأحوال العادية الطبيعية فأنت تذكر نعم الله عليك.


ثانياً: إن الحسـود والعـائـن إذا رآك تحمـد الله على النعم العـامـة، تقـول: الحمد لله على ما أنعم به عليَّ من جميع النعم؛
فإن هذا الشيء العام لا يستجلب العين والحسد.


ثالثاً: هنـاك أدعيـة تقـي من العيـن والحـسـد؛ كقــراءة المعـوذات بعد الصلـوات، وقبل النوم، وفي الصباح والمساء.

وكذلك فإن هناك بعض الأمور، مثل أن تكتم: (استعينوا على إنجاح حوائجكم بالكتمان، فإن كل ذي نعمة محسود)
فيجب ألا نخلط بين شكر الله وحمده على النعم، وبين ذكر بعض الأشياء التي تستجلب الحسد عند العائنين أو الحساد إذا كانوا موجودين، فهل يلزم أن نشكر أمام الناس؟
أم أنه يمكن أن يكون الشكر سراً بينك وبين الله، لا يوجد حاسد ولا عائن؟


يمكن أن يكون بينك وبين الله، فإذا خلوت بنفسك فاحمد الله على نعمه، ولا يشترط أن تأتي بين الناس فتقول: عندي كذا مال، وعندي كذا شركة، وعندي كذا وكذا وفي المجلس من الحساد،
لكن بين إخوانك وأصحابك فأنت تذكر نعم الله عليك، ثم إن هناك من النعم كما قلنا ما يستجلب الحسد في العادة والعين، فالله عز وجل لما قال لنبيه:
{
أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى * وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى * وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى } [الضحى:6-8] ، قال له في آخر السورة: { وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ } [الضحى:11]،
فإذا قلت أمام إنسان حتى لو كان من أكبر الحساد:
أنا كنت فقيراً فأغناني الله، كنت جاهلاً فعلمني الله، هذا في العادة لا يستجلب حسداً ولا عيناً، لكن لا يقال على سبيل الافتخار والاختيال والتكاثر،
وإبداء أشياء تفاخراً مما تستجلب العين والحسد،
ثُمَّ إنَّنَا إِذَا شَكَرْنَا اللهَ فَإِنَّ شُكْرَنَا لَهُ هُوَ نِعْمَةٌ مِنَ اللهِ تَسْتَوْجِبُ شُكْرَاً آخَر،
مَنِ الَّذِيِ دَفَعَكَ إلَىَ الشُّكْر؟ ... مَنِ الَّذِيِ وَفَّقَكَ إلَىّ الشُّكْر؟
اللَّــه
تَوْفِيِقهُ لَكَ نِعْمَة تَسْتَوِجِبُ شُكْراً آخَر، والشكر الثاني نعمة تستوجب شكراً عليها، والشكر الثالث .. وهكذا،
فالقضية لو تأملتها تجد أننا مُقَصِّرُونَ جداً في حَقِّ الله سبحانه وتعالى،
لذلك جاء في كلام بعض السلف :
يا رب! كيف أطيق شكرك وأنت الذي تنعم عليَّ ثم ترزقني على النعمة الشكر، ثم تزيدني نعمة بعد نعمة.

وكان الحسن إذا ابتدأ حديثه يقول:
"الحمد لله ربنا، لك الحمد بما خلقتنا ورزقتنا، وهديتنا وعلمتنا، وأنقذتنا وفرجت عنا، لك الحمد بالإسلام والقرآن، ولك الحمد بالأهل والمال والمعافاة، كبدت عدونا، وبسطت رزقنا،
وأظهرت أمننا، وجمعت فرقتنا، وأحسنت معافاتنا، ومن كل ما سألناك ربنا أعطيتنا، فلك الحمد على ذلك حمداً كثيراً، لك الحمد بكل نعمة أنعمت بها علينا في قديم أو حديث،
أو سر أو علانية، أو خاصة أو عامة، أو حي أو ميت، أو شاهد أو غائب، لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت".


فهذه أمثلة من حمد السلف.. كيف كانوا يحمدون الله.

تابعونا بأمر الله تعالى
______________________




-------------------------------------
[1] رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِصَّةِ الْخَوْفِ :
" فَأُرِيتُ النَّارَ فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ مَنْظَرًا أَفْظَعَ وَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ ، قَالُوا : بِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟
قَالَ : بِكُفْرِهِنَّ ، قِيلَ : أَيَكْفُرْنَ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ؟
قَالَ : يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ ، وَيَكْفُرْنَ الإِحْسَانَ ، لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا ، قَالَتْ : مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ "
......................................

[2] عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" مَنْ لَمْ يَشْكُرْ الْقَلِيلَ ، لَمْ يَشْكُرْ الْكَثِيرَ ، وَمَنْ لَمْ يَشْكُرْ النَّاسَ ، لَمْ يَشْكُرْ اللَّهَ ، وَالتَّحَدُّثُ بِنِعْمَةِ اللَّهِ شُكْرٌ ، وَتَرْكُهَا كُفْرٌ ، وَالْجَمَاعَةُ رَحْمَةٌ ، وَالْفُرْقَةُ عَذَابٌ "


التوقيع



{ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُۥ مَخْرَجًا ﴿٢﴾ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ } سورة الطلاق

جَعَلَنَـاَ اللهُ وإيِّاكُم مِنَ المُتَّقِيِـن
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 03-14-2014, 09:05 PM
أبو أحمد خالد المصرى أبو أحمد خالد المصرى غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 




افتراضي

كيفية الوصول إلى منزلة العبد الشكور
_________________________________

( 3 ): معرفة أن الموفِّق للشكر هو الله

ومن أعظم الأشياء التي يكون بها العبد عبداً شكوراً: أن يراعي هذا المشهد كلما حمد الله وشكره، فالحمد والشكر نعمة من الله تستحق وتستوجب شكراً آخر وحمداً آخر، ودخل رجل على عمر رضي الله عنه فسلم فرد عليه السلام، فقال عمر للرجل: [كيف أنت؟ قال الرجل: أحمد إليك الله، قال: هذا أردتُ منك].

وعن ابن عمر قال:
[لعلنا نلتقي في اليوم مراراً يسأل بعضنا عن بعض]، ولم يرد بذلك إلا ليحمد الله عز وجل، أقول: كيف حالك؟ فتقول: الحمد لله، وتقول لي: كيف حالك؟ فأقول: الحمد لله،
فيكون غرض السؤال أن كل واحد منا يستجلب لنفسه أو يدفع الآخر لحمد الله سبحانه وتعالى

قال ابن عيينة : "ما أنعم الله على العباد نعمة أفضل من أن عرفهم لا إله إلاالله، وقال: وإن لا إله إلا الله في الآخرة كالماء في الدنيا".
وقال مجاهد
في قول الله تعالى:
"وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً" لقمان:20 . قال: "لا إله إلا الله"

أصناف الناس عند حمد الله تعالى

هناك بعض الناس عنده قناعة فعلاً فيحمد الله عز وجل لو سألته: كيف الأحوال؟ قال: الحمد لله، لو كان خيراً قال: الحمد لله، ولو كان شراً قال: الحمد لله على كل حال، فهو دائماً يحمد الله، وبعض الناس إذا سألته كيف حالك؟ قال: بِشَرٍّ، ومصائب، وأمراض، وصار لي كذا، وصار لي كذا، ويعدد لك المصائب، ولايذكر ولا شيء من نعم الله عليه
هذه النفسيات المشئومة المتشائمة!! هذه كيف تكون من الشاكرين؟! لا يمكن أن تكون من الشاكرين ولا أن تعد منهم

عندك مئين الألوف وتشكو الحاجة
!!!

وجاء رجل إلى يونس بن عبيد يشكو ضيق حاله، فقال له يونس: أَيَسُرُّكَ ببصرك هذا مائة ألف درهم؟ -هل يسرك أنك تفقد بصرك وتعطى مائة ألف درهم؟- قال: لا. قال: فبيديك مائة ألف؟ قال: لا. قال: فبرجليك مائة ألف؟ قال: لا. ثم ذكر له نعماً كثيرة، ثم قال له في النهاية: أرى عندك مئين الألوف وأنت تشكو الحاجة.[1]
قف وتأمل

روي أن ملكاً من الملوك كان به داء لا يستطيع به أن يشرب الماء إلا بشق النفس، فكان إذا رأى عبداً من عبيده يشرب الماء يتجرعه تجرعاً -بسرعة- تحسر في نفسه.
وبعض الناس يبتليهم الله بأشياء، تمد أمامهم أنواع المطعومات فيقول أحدهم لك: لاآكل إلا هذا لأن هذا يأتيني بالسكر وهذا بأنواع الآفات التي تصيبه،وهذا ممنوع منه، وهذا محروم منه، وهكذا، فالإنسان أحياناً من ضيق العيش وقلة المال يحزن ويسخط، لكن لو فكر كما قال أبو الدرداء : [الصحة الملك].
فتأمل الناس بالمستشفيات وغيرهم من أصحاب البلاء وأنواع الأمراض -ونحن في عافية- فترى أن نعمة الله عظيمة، فلذلك ينبغي دائماً حمد الله وأن يجعل الحمد كله لله.

( 4 ): نسبة النعمة إلى المنعم

ومن الأشياء التي توصل العبد إلى أن يكون عبداً شكوراً: نسبة النعمة إلى المنعم، لأن كثيراً من الناس إذا سئل عن هذا، قال: هذا باجتهادي، وهذا بذكائي، وهذا بخبرتي وتجربتي ولا ينسب النعمة إلى الله، فإذا أردنا أن نكون من عباده الشاكرين يجب أن ننسب النعمة إلى الله، ونرد الأمر كله إليه.

انظر إلى الذي من قبله جاءت النعمة

قال محمد بن المنكدر لـأبي حازم :يا أبا حازم ! ما أكثر من يلقاني فيدعو لي بالخير، ما أعرفهم، وما صنعت إليهم خيراً قط، قال أبو حازم : لا تظن أن ذلك من قبلك ولكن انظر إلى الذي من قبله جاءت النعمة هذه-أن وضع لك المحبة في قلوب الناس-فاشكره، ثم قرأ عليه قول الله عز وجل: "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا" مريم:96

ومن هذا القبيل ما يقع إذا نزل المطر

قالوا: هذا بسبب النوء الفلاني، هذا بسبب النجم الفلاني، هذا بسبب الفصل الفلاني، فلم يذكروا الله، ولم ينسبوها إلى الله، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الصحيح:
(ألم تروا إلى ماقال ربُّكم ؟ قال : ماأنعمتُ على عبادي من نعمةٍ إلاأصبح فريقٌ منهم بها كافرين . يقولون : الكواكبُ وبالكواكبِ" صحيح مسلم

فإذا جاء ذكرها قلنا: هذه من الله، قال الله عز وجل: "وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ" [النحل:53]. وحمد الله على النعم له فضلٌ عظيم،

وتأمل معي هذه الأحاديث:

(ماأنعمَ اللهُ على عبدٍ نعمةً فحمِدَ اللهَ عليها ، إلَّا كان ذلِكَ الحمدُ أفضلَ منْ تلكَ النعمةِ) صححه الألباني
وفي لفظ آخر:
(ما أنعم اللهُ تعالى على عبدٍ نعمةً فقال : الحمدُ للهِ ، إلَّاكانَ الذي أعطى ، أفضلَ مما
أخذَ)صححه الألباني.
ونعمة الله من الأموال والجاه الولد والزوجة والمناصب ونحو ذلك كلها نعم تستوجب الشكر والحمد


هل المحروم من النعم يشكر الله على ذلك؟!!
وبعض الناس يقولون: نحن محرومون من النعم، مثلاً: شخص ليس عنده وظيفة جيدة، ليس عنده دخل جيد، محروم من أشياء من الدنيا، هل يحمد الله على هذا؟ الجواب: نعم. يحمد الله على هذا.

قال بعض السلف:
لنعم الله علينا فيما زوى عنا من الدنيا أفضل من نعمه علينا فيما بسط لنا منها.أي: كوننا حرمنا من النعم؛ من التوسعات الدنيوية، هذه بحد ذاتها نعمة
وذلك أن الله لم يرض لنبيه الدنيا،كان يتكئ على رمل، سريره من الرمل، ما رضي من عمر لما ذكر له كسرى وقيصر وما هم فيه من النعيم
ورسول الله صلى الله عليه وسلم على الرمل وقد تأثر جنبه، قال: (أمَا تَرْضَى أنْ تكونَ لهمْ الدنيا ولنَا الآخرةُ ؟!) صحيح البخاري .

بلغني عن بعض العلماء أنه قال:
ينبغي للعالم أن يحمد الله على ما زوى عنه من شهوات الدنيا، كما يحمده على ما أعطاه، وأين يقع ما أعطاه الله والحساب يأتي عليه إلى ما عافاه الله ولم يبتله، هذا الحرمان لبعض الأشياء من الدنيا هو بحد ذاته نعمة؛ لأنه ربما لو أعطانا إياها لانشغلنا عن عبادته وذكره، وانشغلنا عن طلب العلم، والدعوة إلى سبيله سبحانه وتعالى

ونحن دائماً ينبغي أن نتحدث بالنعم ونكرر ذكرها
ونشكر الله عليها، والأشياء التي حرمنا منها نشكر الله أن كان هذا قدرنا، ونسأل الله المزيد من فضله، ونسأل الله العفو والعافية الدائمة، ونحذر أشد الحذر من أن نكون من الذين استدرجهم الله، فإن الله عز وجل قال: "سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ " الأعراف:182

تابعونا بأمر الله تعالى

_______________________
[1] يعني أرى عندك مئات الألوف ونِعمٌ لا تُقدّر بثمن ... وأنت مع ذلك تشكو الحاجة !
ومِئَيْن:
المِئُون، هي السور التي يقترب عدد آياتها من المائة أو تزيد.

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"أُعطِيتُ مكانَ التَّوراةِ السَّبعَ الطِّوالَ ، وأُعطِيتُ مكانَ الزَّبورِ المئين ، وأُعطِيتُ مكانَ الإنجيلِ المثانيَ ، وفُضِّلتُ بالمُفصَّلِ" صححه الألباني




التوقيع



{ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُۥ مَخْرَجًا ﴿٢﴾ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ } سورة الطلاق

جَعَلَنَـاَ اللهُ وإيِّاكُم مِنَ المُتَّقِيِـن
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 03-14-2014, 09:13 PM
أبو أحمد خالد المصرى أبو أحمد خالد المصرى غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 




افتراضي

كيفية الوصول إلى منزلة العبد الشكور
_________________________________

( 5 ): شكر الله على النعم بالنعم نفسها

وكذلك من الأسباب التي توصل العبد إلى مرتبة العبد الشكور: أن يشكر الله بالنعم التي أعطاه الله إياها، أعطاك مالاً فاشكره بالمال، وتصدق منه، أعطاك جوارح فاشكره بالجوارح
كيفية شكر الجوارح
قال رجل لأبي حازم: ما شكر العينين يا أبا حازم؟ قال: "إن رأيت بهما خيراً أعلنته، وإن رأيت بهما شراً سترته، قال: فما شكر الأذنين؟ قال: إن سمعت بهما خيراً وعيته، وإن سمعت بهما شراً دفعته، قال: فما شكر اليدين؟ قال: لا تأخذ بهما ما ليس لهما، ولا تمنع حقاً لله هو فيهما، قال: فما شكر البطن؟ قال: أن يكون أسفله طعاماً وأعلاه علماً،
قال: فما شكر الفرج؟ قال: قال الله:
"وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ"[المؤمنون:5-7].

فبعض الناس يتصور أن الشكر فقط في اللسان
أن يقول: الحمد لله بلسانه وينسى أن الأعضاء عليها واجبات الشكر ثم لا يشكر الله بيديه، ولا بعينيه، ولا بأذنيه، ولا برجليه، فيمشي إلى الطاعات، إلى حلق العلم، يغيث ذا الحاجة الملهوف.


( 6 ): سجود العبد لله شكراً عند تجدد النعمة

ومن الأسباب التي توصل العبد إلى منزلة العبد الشكور: أن يسجد العبد لله شكراً عند تجدد النعم، فقد جاء في الحديث الصحيح:
(
أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلمَ كانَ إذا جاءَهُ أمرٌ يُسَرُّ بهِ خرَّ ساجدًا شكرًا للهِ تعالى) صححه ابن القيم.
أهمية سجود الشكر
هو عبادة عظيمة تشترك فيها الأعضاء السبعة وكذلك فإن سجود الشكر فيه تعبير عن حمد العبد لربه
فهل يشرع أن نسجد دائماً؟
الجواب: لا. لماذا؟ لأننا نتبع السنة؛ فالسنة السجود عند حدوث النعمة، تَجدد نِعمةٍ هذه التي نسجد لها لله، هذه هي السنة

فإن قال قائل: لماذا يشرع السجود عند النعمة المتجددة ولا يشرع السجود عند النعمة المستدامة؟
الجواب:
أولًا: لأن النعمة المتجددة تذكر بالنعمة المستدامة.
ثانياً: أن النعمة المتجددة تستدعي عبادة متجددة فلذلك كان سجود الشكر.
ثالثاً: إن وقوع النعمة وحدوثها يسبب للشخص نوعاً من فرح النفس وانبساطها فيجر إلى الأشرَ والبطر،
افرض أن إنساناً جاءك، قال: لقد ربحتَ مائة ألف، ماذا يحصل في النفس؟ يحصل الفرح والانبساط، وهو ربما يجر إلى الأشر والبطر، فيأتي سجود الشكر لكي يطامن هذه النفس،ويظهر الذل والخضوع لرب العالمين، لأن السجود عبودية وذل وخضوع، وهنا تظهر فائدة من فوائد سجود الشكر.

الفرق بين حال المسلم وأهل الجهل والبطر عند حدوث نعمة
وأهل الجهل والبطر إذا جاءهم نعمة يصيحون صياحاً من الفرح، وكذلك فإنهم يقعون في أنواع من المعاصي لكن المسلم إذا تجددت له نعمة سجد شاكراً لله رب العالمين والإنسان المسلم لو وقعت به مصيبة فإن تذكره أن هذه المصيبة هي أخف من الأعظم منها يدفعه إلى حمد الله وشكره ولذلك لا يوجد صاحب مصيبة تفكر في مصيبته إلا وجد أن فيها نوعاً من النعمة؛ أن الله ما قدر عليه مصيبة أكبر منها فيحمد المؤمن الله على كل حال وعند تجدد الأحوال
ربنا صاحبنا وأفضل علينا
ولذلك كان من الأدعية التي يقولها المسافر كما ورد في الحديث الصحيح: "سمع سامعٌ بحمدِ اللهِ وحُسنِ بلائِه علينا . ربَّنا صاحِبْنا وأفضِلْ علينا . عائذًا بالله من النارِ "صحيح مسلم
يعني: كن صاحباً لنا في السفر، وحامياً، وحافظاً وزدنا من فضلك أقول هذا حال كوني- عائذاً بالله من النار).
وكذلك قال بعض السلف : "يا بن آدم! إن أردت أن تعرف قدر نعم الله عليك فأغمض عينيك لترى كيف يكون وضع الأعمى.
ونعم الله سبحانه وتعالى لا تعد ولا تحصى، قال تعالى: "وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا"[النحل:18] .. "وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً" [لقمان:20]
فقال السلف : النعم الظاهرة: الإسلام، والنعم الباطنة: أنه سترنا على المعاصي.فنقارف المعاصي والله سبحانه وتعالى يسترنا وهذه من النعم.
ومن أنواع شكر النعم
ما ذكر العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى، قال: إن لله سبحانه وتعالى حقوقاً على العباد ينبغي القيام بشكره، فمنها: الأمر والنهي، والحلال والحرام. فإذا أمر العبد بشيء فعليه أن يتبعه،
وإذا نهاه عن شيء فعليه أن يجتنبه
.

وبعض الناس يشكر الله باللسان فقط وينسى الجهاد
يقول ابن القيم : أما الجهاد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والنصيحة لله ولرسوله ولعباده، ونصرة الله ورسوله ودينه وكتابه؛ فهذه الواجبات لا تخطر ببالهم -يعني: ببال المقصرين-
فضلاً عن أن يريدوا فعلها، وقلَّ أن ترى منهم من يَحْمَرُّ وجهه ويمعره لله إذا انتهكت حرماته، ويبذل عرضه في نصرة دينه.

أي: أن بعض الناس يظنون فقط أننا نجتنب المحرمات؛ لا نزني، لا نسكر، لا نغتاب، لا نسرق، لا نقتل، لكن هؤلاء لا يحسبون حساب أن الله أمرهم بالجهاد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الله، مع أن هذه الأشياء من أعظم الأمور المطلوبة من العبد.


تابعونا بأمر الله تعالى
التوقيع



{ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُۥ مَخْرَجًا ﴿٢﴾ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ } سورة الطلاق

جَعَلَنَـاَ اللهُ وإيِّاكُم مِنَ المُتَّقِيِـن
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 05:05 AM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.