انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات الشرعية ::. > ملتقيات علوم الغاية > عقيدة أهل السنة

عقيدة أهل السنة يُدرج فيه كل ما يختص بالعقيدةِ الصحيحةِ على منهجِ أهلِ السُنةِ والجماعةِ.

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-21-2008, 09:27 AM
الشافعى الصغير الشافعى الصغير غير متواجد حالياً
لا تهاجم الناجح وتمتدح الضعيف .. لا تنتقد المجتهد الذي يعمل وتربت علي كتف الكسول
 




Tamayoz الدرس الحادى عشر ـ شرح مقدمة ابن أبى زيد القيروانى

 

شرح مقدمة ابن أبى زيد القيروانى
ـ لفضيلة الشيخ أحمد النقيب ـ




الدرس الحادى عشر

الدرس الصوتى
للاستماع
الدرس مرئى
للمشاهدة

الإعتقاد في الجنة والنار والبرزخ
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله, وكفى وصلاة وصلاة وسلامًا على عباده الذين اصطفى, اللهم صلي وسلم وزد وبارك على النبي محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرًا ثم أما بعد.
لا زال اللقاء في مسائل الإيمان والاعتقاد ورسالة الإمام ابن أبي زيد القيرواني -عليه رحمة الله- وحديثي مع حضراتكم في هذا اللقاء يشمل ثلاثة عناصر:
العنصر الأول: الاعتقاد في الجنة.
العنصر الثاني: الاعتقاد في النار.
العنصر الثالث: الاعتقاد في البرزخ.
وهذه المسائل التي ستثار في هذا اللقاء في جوانبها وفي أثنائها مسائل أخر, فأسأل الله- تعالى- أن يوفقنا جميعًا وأن ييسر لنا الخير حيثما كان وأن يجعلنا من أهله وأتباعه.
تفضل يا أخي الحبيب.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-: (وأن الله- سبحانه- قد خلق الجنة، فأعدها دار خلود لأوليائه، وأكرمهم فيها بالنظر إلى وجهه الكريم، وهي التي أهبط منها آدم نبيه وخليفته إلى أرضه بما سبق في سابق علمه، وخلق النار فأعدها دار خلود لمن كفر به، وألحد في آياته، وكتبه، ورسله، وجعلهم محجوبين عن رؤيته)
بسم الله الرحمن الرحيم, قال المصنف -رحمة الله تعالى عليه-: (وأن الله -سبحانه وتعالى- قد خلق الجنة فأعدها دار خلود لأوليائه، وأكرمهم فيها بالنظر إلى وجهه الكريم، وهي التي أهبط منها آدم نبيه وخليفته إلى أرضه بما سبق في سابق علمه) هذه هي الفكرة الأولى والعنصر الأول وهو الاعتقاد في الجنة، وكما قلت لكم في ثنايا هذا الاعتقاد ستبدو لنا بعض المسائل الأُخر التي سنناقشها, ونسأل وندعو الله –تعالى- أن ييسر لنا الأمور كلها.
الجنة في اللغة: بمعنى المكان الواسع كثير الأشجار ملتف الأغصان وهو المُسمى بالبستان، والبستان: كلمة ليست عربية ولكن لعل معرفة الناس بها أكثر من معرفتهم بالجنة، وسميت الجنة جنةً لأن من بها لا يرى من بخارجها- إلا إذا شاء الله- فكل شيء سُتر عن الغير إنما يشتق من هذه المادة الجيم والميم والنون، ومنه سمي المجنون مجنوناً لاستتار عقله، وسمي الجن جناً لاستتاره عن الخلق، وسميت الجنة جنةً لاستتار من دخل فيها عمن لم يدخل فيها.
والجنة شرعاً: هي هذه الدار التي أعدها الله –تعالى- لأهل طاعته ورضوانه من المؤمنين، نسأل الله –تعالى- أن نكون منهم.
قال المصنف: (وأن الله- سبحانه- قد خلق الجنة)، فالجنة مخلوقة، لا تبيد ولا تفنى، (وأعدها دار خلود لأوليائه) الأولياء جمع والمفرد ولي, وولي على وزن فعيل والولي هو المطيع القريب النصير، فولي الله: هو العامل بطاعة الله -عز وجل- القريب من الله وإلى الله، الذي ينصر ربه وينصر دينه هذا هو ولي الله- سبحانه- قال الله- سبحانه-: ﴿أَلاَ إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ﴿62﴾﴾ [يونس: 62]، فسر الله –تعالى- الولي فقال: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴿63﴾﴾ [يونس: 63]، بشرهم ربنا -عز وجل- بالجنة ﴿لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ﴾ [يونس: 64]، فنسأل الله –تعالى- أن يجعلنا من العاملين بطاعته، وسادة الأولياء هم الأنبياء ثم الصديقون ثم الشهداء ثم الصالحون، يدل على ذلك قوله- سبحانه-: ﴿وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقاً ﴿69﴾ ذَلِكَ الفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيماً ﴿70﴾﴾ [النساء: 69، 70]، ومن أئمة أولياء الله -عز وجل-: المهاجرون والأنصار، وأيضًا الذين يسيرون على نهجهم، وينتهجون أثرهم، قال الله -تبارك وتعالى-: ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ﴿100﴾﴾ [التوبة: 100]، وهذا هو الموضع الوحيد في القرآن المذكور فيه ﴿تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ﴾ كل المواضع ﴿تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ﴾ هذا هو الموضع الذي قال: ﴿تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ ﴿100﴾﴾ [التوبة: 100]، وأولياء الله ليس كما شهر عند بعض الناس، هم أصحاب الأضرحة، والمشايخ الذين يطيرون بعد موتهم، ويجري الناس خلفهم، أبداً ويقولون: إن الشيخ قد طار، وعندما ننظر إلى بعضهم نجد أن بعضهم كان ربما لا يقترب من المسجد، لا أقول: كان لا يصلي، كان ربما لا يقترب من المسجد، بل كان بعضهم أحيانًا يشرب الخمر ويأتي بالموبقات، وهؤلاء بسبب ما يراه بعض العامة مما يظنونه خارقاً يظنونه من أولياء الله، وفي الحقيقة ليسوا بأولياء لله -عز وجل- وإنما هم أولياء الشياطين؛ فإن الأولياء إما أن يكون ولياً لله وإما أن يكون ولياً للشيطان، فهناك أولياء الله أولياء الرحمن وهناك أولياء الشيطان، فالشيطان يؤذهم ويهيجهم وأحياناً يكون في طاعتهم ونصرتهم وأولياء الرحمن يعينهم ويوفقهم ويهديهم ويسددهم ويؤمنهم في الدنيا ويجعل لهم طريقهم إلى الجنة طريقاُ مستقيماً فنسأل الله –تعالى- أن يجعلنا من أوليائه، لا أن يجعلنا من أعدائه.
والخوارق التي يحدثها الله –تعالى- لأوليائه، هي من باب ما يجب على المؤمن أن يؤمن به، فنحن نؤمن بكرامات الأولياء كما نؤمن بمعجزات الأنبياء، ومعجزات الأنبياء وكرامات الأولياء كلاهما يندرج تحت خوارق العادات، فالله- تعالى- يخرق العادة وهي السنة الكونية التي أجراها في كونه، يخرق الله –تعالى- هذه السنة الكونية لأهل طاعته، إما لحاجة وإما لضرورة، إذن: ولي الله هو الذي يعمل بطاعته، هذا أولاً. ثانيًا: أن ولي الله لا ينادي على الخارق الذي أحدثه الله –تعالى- له، يعني لا يعرف أن نبياً أو أن صالحاً قال: يا أيها الناس تعالوا حتى أريكم هذا الخارق، إلا أن يكون نبياً يريد أن يُري الناس هذا الخارق، ليزدادوا إيماناً به، فيكون هذا الأمر من باب الحاجة والضرورة، فأولاً: ولي الله هو الذي يعمل بطاعة الله -عز وجل- الأمر الثاني: ولي الله لا ينادي على كرامته.
الأمر الثالث: أن الكرامة للولي إنما تكون لحاجة أو ضرورة، ولي الله هو العامل بطاعته وبينت ذلك، الأمر الثاني: أن ولي الله لا ينادي على كرامته، ولذلك قال بعض السلف: «كن طالباً للاستقامة ولا تكن طالباً للكرامة»، فبعض الذي يريد أن تظهر الكرامات على يديه هذا الذي يريد ذلك ويريد أن يظهر ذلك، لابد أن يراجع إيمانه من جديد فإن ولي الله يجتهد اجتهاداً بيناً في إخفاء ما من الله –تعالى- به عليه من الكرامة.
الأمر الثالث: أن هذه الكرامة لا تظهر إلا لضرورة أو حاجة، فالنبي -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- أظهر الله –تعالى- المعجزات على يديه وهذا لسبب أو حاجة، ما هذا السبب؟ ما هذه الحاجة؟ ما هذه الضرورة؟ حتى يؤمن الناس به، -صلى الله عليه وسلم-، فما من نبي أرسله الله إلا وآتاه من المعجزات ما بمثلها يؤمن البشر، فمعجزات الأنبياء إنما هي من باب الضرورات التي آتاها الله –تعالى- لهم وأحدثها لهم ليؤمن الناس بهم، فلا يشككون في بعثتهم، ومن هذه المعجزات والكرامات ما هو مثبوت في الكتب الصحيحة مثال ذلك ما أخرجه الإمام مسلم في كتاب الإيمان: (أن الصحابة لما اشتد بهم الجوع في يوم تبوك استأذنوا النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يذبحوا بعضاً من الإبل، فأذن لهم النبي -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- فأتى عمر -رضي الله تعالى عنه- وقال: يا رسول الله إنك إن فعلت قل الظهر)، أي قل الإبل الذي يركبه الناس، (ولكن ادعُ الناس بفضل أزواده) -والزاد ما يتزود به المرء من الطعام ونحوه- (ثم ادعُ الله لعل الله أن يجعل في ذلك) أي خيراً ونماءً وبركةً (فدعا النبي -عليه الصلاة والسلام- بنطع ثم وسطه، ثم دعا الناس بفضل أزوداهم فكان الرجل يجيء ومعه كف من بر، قالوا: ويجيء الآخر ومعه كف من تمر قالوا: ويجيء الثالث ومعه كسرة من خبز، حتى اجتمع شيء يسير على هذا النطع، ثم قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: خذوا في أوعيتكم) وهذا يوم تبوك وكان الصحابة أكثر من ثلاثين ألفاً كانوا أكثر من ثلاثين ألفاً قال:( خذوا في أوعيتكم قال الراوي: فوالله ما تركوا في المعسكر وعاءً إلا ملئوه، وفضلت فضلة فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: أشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما فيحجب عن الجنة)، فهذا أمر عجيب، هذه عشرات الآلاف تأكل من هذا الطعام اليسير الذي يجتمع على النطع، نطع مفرش من الجلد، شيء يسير من هذا الطعام يكفي هذا الجيش الكبير الذي يضرب في الصحراء، يشتد به الجوع، ويكاد كبده أن يذهب من شدة العطش، هذا الشيء اليسير من الطعام يكفيه؟!! نعم يكفيه فهذا خارق للنبي -عليه الصلاة والسلام-، وأيضًا للصحابة الكرام وهذا الخراق حدث لحاجة وضرورة، أن الصحابة في حاجة إلى هذا الخارق، فهم في جهاد وهم متلبسون بطاعة الله -عز وجل- وهكذا يكون الأمر دائماً وأبداً، وكذلك عندما أرسل عمر -رضي الله تعالى عنه- أميراً على بعض جيوشه، وهو سارية، وأرسله لقتال الفرس، والفرس أهل غدر وأهل مكر, الفرس أهل غدر وأهل مكر وأهل شدة في القتال، فتظاهر الفرس بهزيمتهم ودخل جيش المسلمين خلفهم، ما الذي حدث بعد ذلك؟ كان عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- في المدينة، وهؤلاء في بلاد فارس بين بلاد المدينة وفارس، مئات الأميال، وإن شئت فقل: آلاف الأميال، فقال عمر -رضي الله تعالى عنه-: «يا ساريةُ الجبلَ يا ساريةُ الجبلَ»، تعجب الناس من ذلك، وبعد فترة أتى رسول سارية ودخل على عمر، فسأله عمر الخبر، فقال: يا أمير المؤمنين لقد كدنا أن نهلك لولا أن سمعنا صوتاً هو أشبه الأصوات بصوتك يقول: يا سارية الجبل، فلما التجأنا إلى الجبل أظهرنا الله وهزمهم الله. فما الذي حدث لعمر؟ إن الله –تعالى- أحدث ما حدث ليكون معيناً للمؤمنين في قتالهم وليكون دليلاً على ما يحدثه الله –تعالى- لأوليائه وأحبائه من خوارق العادات، وإذا تركنا لأنفسنا العنان في هذا الباب- إثبات الكرامة للأولياء- وأن هذا من معتقد أهل السنة لكان الأمر واسعاً يحتاج إلى أكثر من لقاء، ولكن هذه إشارة أظنها كافية.
أما ما يحدثه الله –تعالى- للعصاة والمبتدعين والكفار من خوارق العادات فإن هذا من باب فتنة الخلق، أعظم فتنة هي فتنة الدجال، وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- يتعوذ دبر كل صلاة من أربع, من هذه الأشياء، (ومن فتنة المسيح الدجال) إن هذا الدجال يمر على الأرض الجرداء فيأمرها فتخرج خيرها كيعاسيل النحل، أي: النحل المجتمع، يمر على الأرض الجرداء فيأمر السماء أن تنزل القطر، فينزل القطر من السماء، ويخرج النبت من الأرض، -سبحان الله- أمور عجيبة لا يقدر عليها إلا رب العزة، إنما أحدثها الله –تعالى- لهذا الدجال فتنة لمن؟ فتنة للخلق، ولذلك يؤمن به خلق كثير، ولا يثبت الله –تعالى- في هذه الفتنة إلا من ثبته من المؤمنين, فنسأل الله –تعالى- أن يثبتنا في الدارين.
فما يحدثه الله –تعالى- للعصاة والمبتدعين والكفار هذا من باب الفتنة، أخرج الإمام مسلم، في صحيحه وهذا حديث أسماء والعجيب أن أسماء بن أبي بكر حدثت بهذا الحديث الحجاج بعد مقتل ولدها، يعني: بعد أن قتل عبد الله بن الزبير دخلت- وقد أسنت وعميت- على الحجاج الذي قتل ولدها، فقالت له: إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (سيخرج من هذه القرية كذاب ومُبِيرٌ) (سيخرج من هذه القرية) أي: ثقيف، (كذاب ومبير) المبير: أي المهلك، المفسد، هذا هو المبير، (أما المبير فلا إخاله إلا أنت)، الذي يفسد الأرض والناس (لا أخاله إلا أنت، وأما الكذاب هو المختار بن عبيد الله الثقفي)، هذا رجل دجال ظهر في الدولة الأموية وبلغ من شأنه أنه ادعى أنه نبي وأن الملائكة تنزل عليه، وكان يخرج الناس معه إلى الفلوات والفضاءات فيقول لهم: انظروا فينظر الناس فيجدون فرساناً يركبون الخيل فيقول لهم: هذه الفرسان إنما هي الملائكة أتت لنصرتي. الناس تنظر في السماء فتجد خيلاً تجري في السماء، فيخدع الناس به، -سبحان الله- وقاتل الدولة الأموية قتالاً شديداً إلى أن غلب وأتي به إلى الخليفة، فلما أمر به أن يقتل، ضربه الطاعن فلم يصل الرمح إليه، فقال الخليفة له: سمِّ الله ثم اطعنه، فقال: بسم الله فضربه فطعنه، من الذي حماه في المرة الأولى إنما هو الشيطان- بإذن الله عز وجل- ليكون فتنة للناس، فنحن لا ننخدع بطيران نعش بميت ولا ننخدع أن رجلاً يمشي في الهواء أو يطير في الهواء أو يمشي على الماء وإنما لابد أن ننظر إلى الأعمال كما قال الإمام الشافعي: «إذا رأيتم الرجل يطير في الهواء أو يمشي على الماء، فلا تصدقوه حتى تنظروا عمله»، فنسأل الله –تعالى- أن يحسن أعمالنا.
فأولياء الله -عز وجل- هم المطيعون المؤمنون، هؤلاء هم الذين يحدث الله –تعالى- على أيديهم من خوارق العادات ما يحدث تثبيتاً لهم وتثبيتاً لمتبعيهم من المؤمنين وأيضًا إظهاراً لقوتهم وإظهارا لمعية الله –تعالى- لهم.
قال المصنف -عليه رحمة الله-: (وأن الله -سبحانه وتعالى- قد خلق الجنة وأعدها لأوليائه، وأكرمهم فيها، وأعدها دار خلد لأوليائه) ذكر الله –تعالى- في القرآن في غير آية أن الجنة هي دار الخلد التي لا يخرج منها المؤمنون أبداً من ذلك قول الله -عز وجل-: ﴿وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴿25﴾﴾ [البقرة: 25]، وهذه جملة اسمية حالية، فحالهم في الجنة أنهم خالدون لا يخرجون منها أبداً، وقال الله -عز وجل- أيضًا: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الفِرْدَوْسِ نُزُلاً ﴿107﴾ خَالِدِينَ فِيهَا ﴿108﴾ [الكهف: 107، 108]، إذن فالجنة يخلد فيها المؤمنون المطيعون وقال الله -سبحانه وتعالى-: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ البَرِيَّةِ ﴿7﴾ جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ ﴿8﴾﴾ [البينة: 7، 8]، والخلود- كما قلت لكم- هو عدم الخروج من الجنة، وهذا تفضل من الله- تعالى- عليهم وجوداً من الله –تعالى- عليهم، فنسأل الله –تعالى- أن يجود علينا, وأن يتلطف بنا وأن يعاملنا بما هو أهله هو أهل الخير وأهل البر -سبحانه وتعالى-، يدل على أن الجنة دار خلود، لا يخرج المؤمنون منها أبداً قول الله -سبحانه وتعالى- ﴿إِنَّ المُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ﴿45﴾ ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ ﴿46﴾ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ ﴿47﴾ لاَ يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ ﴿48﴾﴾ [الحجر: 45- 48] -سبحانه وتعالى- عندما تتأمل هذه الآيات تجد أن فيها بمفهوم المخالفة تعريض بالدنيا، فالدنيا يميزها أمران: الأمر الأول: أنها دار نصب، الأمر الثاني: أن الناس يخرجون منها، لا يَخْرجون منها وإنما يُخرجون منها، -سبحانه وتعالى- الذي جعل الجنة دار خلود وجعل الدنيا دار فناء ونهاء, فالجنة يدخلها المطيعون لا يخرجون منها أبداً بخلاف الدنيا فإنهم يُخرجون منها، والجنة يتنعمون فيها بخلاف الدنيا فإنهم ينصبون فيها، دار نصب، فالرجل لا يبلغ مراده مما يحب إلا بالنصب والتعب:
لا تحسبن المجد تمراً أنت آكله*** لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبر
دار الصبر ودار التكليف ودار التعب هذا كله في الدنيا، دار المرض، ودار الوهن، ودار العجز، ودار الحاجة ودار العوذ، ودار السؤال ودار النقص هذا كله هي الدنيا، فما من نقص في الدنيا إلا وتجده تاماً أي تجد ما كنت تطلبه ولكن كان ناقصاً في الدنيا إلا تجده تاماً عند الله -عز وجل- في الجنة، فنسأل الله –تعالى- أن يرزقنا الجنة، والجنة موجودة، فالجنة خلقها الله –تعالى- وهي موجودة الآن الجنة ، ليست الجنة مخلوقة عندما يدخل الناس الجنة، ولكن الجنة موجودة الآن، يدل على ذلك ما أخرجه البخاري ومسلم: (أن النبي -عليه الصلاة والسلام- في صلاة الكسوف قالوا له: يا رسول الله رأيناك تناولت شيئًا في مقامك ثم رأيناك كعكعت) الكعكعة بمعنى الرجوع والإمساك، كأن النبي -عليه الصلاة والسلام- يريد أن يمسك شيئًا ثم بعد ذلك تركه ولم يمسكه (فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: إني رأيت الجنة فتناولت عنقوداً ولو أصبته -أي أمسكت به-، لأكلتم منه ما بقيت الدني)، يعني: العنقود الذي رآه النبي -صلى الله عليه وسلم- لو أمسكه وأصابه لأكلتم منه ومكث هذا العنقود ما بقيت الدنيا -سبحانه وتعالى- إذن: رأى الجنة حقيقة، فالجنة موجودة خلقها الله -عز وجل- ولكن متى خلقها بالضبط؟ هذا أمر لا يعلمه إلا ربي -سبحانه وتعالى-.
قال المصنف -عليه رحمة الله-: (وأن الله- سبحانه- قد خلق الجنة فأعدها دار خلود لأوليائه، لا يخرجون منها أبداً، وأكرمهم فيها بالنظر إلى وجهه الكريم)، ما شاء الله، (وأكرمهم فيها بالنظر إلى وجهه الكريم)، هذه نعمة سابغة، بل إن أفضل نعمة ينعم الله –تعالى- بها على أهل نعمته في الجنة، أن ينظر إليهم، فيرى المؤمنون وجه الله -سبحانه وتعالى-، وإثبات الوجه لله- تعالى- ثابت قال الله –تعالى-: ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لاَ نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلاَ شُكُوراً ﴿9﴾﴾ [الإنسان: 9]، وليس المقصود بالوجه هنا الجنة، أو التأويلات التي ربما تكون موجودة وإنما يقصد بها الوجه حقيقة، فالوجه يثبت لله -سبحانه وتعالى- حقيقة، وقال- تعالى-: ﴿وَجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ ﴿22﴾ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴿23﴾﴾ [القيامة: 22، 23]، ناضرة: أي جميلة، ناعمة، حسنة، والإنسان وجهه لا يكون نضراً متلألئاً حسناً إلا إذا كان آمناً مطمئناً، أما إذا كان خائفاً مذعوراً حتى ولو كان جميلاً فإن نضرة وجهه تذهب، ﴿وَجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ﴾ جميلة حسنة ناعمة، ﴿إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ أي: تبصر الله -عز وجل- وتشاهده وهذا أحد التأويلات الواردة عن السلف، التأول الثاني الوارد عن السلف: ﴿إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ أي تنتظر ثواب ربها، وذكر التأويلان الإمام الطبري -عليه رحمة الله- في تفسيره، ولكنه رجح التأويل الأول، أي: ﴿وَجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ﴾ أي تشاهد ربها وتبصره وتنظر إليه قال: وهذا هو ما أتت به الآثار، ويقصد بذلك الآثر الثابت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في البخاري ومسلم: (إنكم سترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر لا تضارون في رؤيته)، فهذا أثر يدل على أن المؤمنين في الآخرة يرون ربهم -سبحانه وتعالى-، ورؤية الله -عز وجل- لا تكون في الدنيا، ولذلك موسى -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام- عندما طلب من ربه أن يراه فإن الله –تعالى- لم يمكنه من ذلك، ولكن قال: ﴿وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكاً وَخَرَّ مُوسَى صَعِق﴾ [الأعراف: 143]، وقال- سبحانه-: ﴿لاَ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ﴾ [الأنعام: 103]، أي لا تدركه الأبصار في الدنيا، فإن بصراً لأحد لا يدرك الله -عز وجل- في الدنيا، أما ما ثبت عن بعض الصحابة أن النبي -عليه الصلاة والسلام- رأى ربه في رحلة المعراج، فإن هذا قول مرجوح والراجح: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (نور أنى أراه) كما ثبت في الصحيح عنه -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-، أيضًا ما ذكرته بعض الكتب أن الإمام أحمد -عليه رحمة الله- رأى ربه في المنام، فقال له ربه -سبحانه وتعالى-: يا أحمد هل تعلم ما أعظم ما يتقرب به إلي المتقربون؟ قال: ما هو يا رب؟ قال: قراءة القرآن، فهذا الأثر ينبغي أن يحقق وأن ينظر إلى صحته، ثم بعد ذلك، مسألة الرؤية المنامية، الراجح أنها لا تثبت، وهناك بعض الآثار، أن الله –تعالى- ربما يكلم بعض عباده في المنام، أما الرؤية فهي لا تثبت في الدنيا وإنما تكون ثابتة يوم القيامة.
وقال الله -تبارك وتعالى-: ﴿لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾ [يونس: 26]، الحسنى: دخول الجنة، فليس هناك شيء أعظم ولا أحسن من دخول الجنة، فنسأل الله –تعالى- أن يجعلنا من أهلها، والزيادة: ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- فسرها بأنها النظر إلى وجه الله -سبحانه وتعالى-، ثبت ذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح عند ابن أبي عاصم وعند غيره، وثبت ذلك أيضًا عن أبي بكر -رضي الله تعالى عنه- كما ثبت عن عبد الله بن مسعود -رضي الله تعالى عن الجميع- وهذا هو الاعتقاد الصحيح الذي عليه أهل السنة أن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة في الدار الآخرة، كما يرون الشمس وقت الظهيرة وكما يرون القمر ليلة البدر، فإنهم يرون الله -عز وجل- في الآخرة، هذا هو اعتقاد الصحابة واعتقاد السلف جميعًا، إلى أن نبتت نابتة السوء من المعتزلة والخوارج وبعض المرجئة الذين لم يؤمنوا بذلك أصلاً، وتأولوا آي القرآن فتأولوا قول الله -عز وجل-: ﴿وَجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ ﴿22﴾ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴿23﴾﴾ [القيامة: 22، 23]، أن "إلى" مفرد آلاء، و﴿ نَاظِرَةٌ﴾ بمعنى منتظرة، فـ ﴿إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ أي: تنتظر ثواب ربها، نعم، هذا تأويل ثابت عن بعض السلف، ولكن بعض السلف الذين قالوا ذلك لم ينفوا رؤية المؤمنين ربهم -سبحانه وتعالى- في الآخرة.
أيضًا جمع الدارقطني طرق الأحاديث الثابتة في الرؤية فزادت عنده على العشرين طريقاً، وكذلك فعل الإمام ابن القيم -عليه رحمة الله- في كتابه حادي الأرواح فبلغت عنده الثلاثين طريقاً كثير من هذه الأحاديث أحاديث صحاح، وجياد، وكذلك وقع للإمام يحيى بن معين، حيث ذكر أسند الدارقطني له أنه وقع له أكثر من سبعة عشر حديثاً في الرؤية كلها أحاديث صحيحة، فقول المصنف: (وأكرمهم فيه)، أي أكرمهم في الجنة بالنظر إلى وجهه الكريم، وهذه هي الزيادة التي ينعم الله –تعالى- بها على عباده المؤمنين، نسأل الله –تعالى- أن يوفقنا إلى الخير جميعًا.
قال المصنف -عليه رحمة الله-: (وهي) هذا الضمير يعود إلى ماذا؟ يعود إلى الجنة، وهي أي: الجنة (وهي التي أهبط منها آدمَ ) آدم مفعول به، (وهي التي أهبط الله –تعالى- منها آدمَ نبيه) بدل (نبيه وخليلفته إلى أرضه) نبيه النبي- كما قلت لكم من قبل-: من أوحى إليه الله -عز وجل-، فكل من أوحى إليه الله فهو نبي، وآدم -عليه وعلى نبينا السلام- أمره الله –تعالى- ونهاه، فهو نبي؛ لأن الله –تعالى- كلمه، وأوحى إليه ربه فأمره ونهاه، فمن جملة ما أمره الله -عز وجل- أمره أن يطيعه، وأمره أن يسكن الجنة، ومن جملة ما نهى الله –تعالى- أو ما نهى عنه آدم أو ما نُهي عنه آدم، نُهي آدم عن أكل الشجرة، فأُمر آدم ونُهي فكان نبياً بهذه الحيثية.
وكذلك قول المصنف: (نبيه أو نبيه وخليفته) كلمة "خليفته" هذه الكلمة تحتاج إلى وقفة يسيرة؛ لأن الخليفة في اللغة على وزن فعيلة، وفعيل، أو فعيلة، تأتي بمعنى فاعل كما تأتي بمعنى مفعول، مثل قول الله -عز وجل-: ﴿الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ [النحل: 98]، الرجيم على وزن فعيل، فيأتي بمعنى فاعل، أي راجم، فالشيطان رجيم، بمعنى راجم، يرجم غيره بالوسوسة والإغواء، يرجم غيره فهو راجم، وكذلك رجيم بمعنى مرجوم، مرجوم أي مرمي فكما يرمي غيره فيكون فاعلاً يُرمى هو، فيرمى بالرمي السماوي من الشهب، كما يُرمى بالرمي الأرضي من الذكر والاستغفار، فهو مرجوم بهذه الحيثية، فكذلك أيضاً خليفة تأتي بمعنى خالف كما تأتي بمعنى ماذا؟ مخلوف، والخالف الذي يُخلف غيره فيقوم مقامه في شأنه وفي أمره عن غيابه. هذا هو الخليفة، وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- إذا خرج من المدينة في غَزاة أو سفر استخلف ماذا؟ استخلف خليفةً، يخلفه على المدينة في مغيبه، فالخليفة هو خليفة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- وبهذه الحيثية لا يمكن أن نجعل آدم خليفةً لله -عز وجل- فالله -سبحانه وتعالى- ليس بغائبٍ حتى يحتاج إلى من يكون خليفة بعده ليقوم بأمره في خلقه، فهذا معنى لا يكون لائقاً، أيضاً المعنى الثاني: أن خليفة بمعنى مخلوف، أي: يخلفه غيره، كما هو يخلف غيره، فإنه أيضاً يخلفه غيره، والله -عز وجل- لا يخلفه أحد أبداً من خلقه، بل هو الذي يُخلف غيره من خلقه، ولذلك عندما تسافر تقول: اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في المال والأهل والولد، فالله- تعالى- خليفة لك؛ لأنه هو الذي يخلفك، يخلفك في نفسك بعد وفاتك يخلفك في مالك وأهلك وولدك، أما أن تكون أنت خليفة لله، فهذا لا يكون أبداً، وبهذا فإن هذه العبارة تحتاج إلى تحرير، تحتاج إلى نظر، قول المصنف: (وهي التي أهبط منها آدم نبيه وخليفته إلى أرضه) هذه الجملة تحتاج إلى تحرير ولو قال المصنف: وهي التي أهبط منها آدمَ نبيهُ إلى أرضه وجعل ذريته خلائف في أرضه، لكان ذلك حسناً وجيداً وأخشى أن يكون ذلك من باب تصريف النساخ الذين ربما يتصرفون في بعض النصوص، أخشى أن يكون ذلك من هذا الباب، وإن كان ذلك من العبارة فهي وهلة لا تنقص، أو لا تجعل هذا المصنف خارجاً من نطاق أهل السنة، ولا تجعله منكوساً في إمامته بل هو إمام وجهبذ علم تتقبل عقيدته؛ لأن بعض الناس يأخذون الناس بأفراد الزلات ويبحثون عن الزلات ومنهجهم طي الحسنات وفضح السيئات، فمن وقع في زلة فضح ومن كثرت حسناته تطوى هذه الحسنات -سبحان الله- يعني يفتشون عن مساوئ الناس ووهلاتهم وما يظنونه من سيئاتهم فإذا ما وجدوا شيئًا طاروا به وإذا ما وجدوا حسنة ستروها وأخفوها، فهذا ليس بالإنصاف وليس هذا بالعدل، فالله- تعالى- يحب العدل والإنصاف، ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ﴾ [النحل: 90]، بل إن ذلك هو منهج البغي بعينه، فنعوذ بالله -سبحانه وتعالى- من ذلك، ويؤيد ذلك أن الله –تعالى- جعل ذرية آدم خلائف يخلف بعضهم بعضاً، وهذا قوله- سبحانه-: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلائِفَ فِي الأَرْضِ﴾ [يونس: 14]، فجعل الله –تعالى- الناس خلائف في الأرض يخلف بعضهم بعضاً، وهذا هو المعنى المتجه. والله تعالى أعلى وأعلم.
قول الإمام -عليه رحمة الله-: (وهي التي أهبط منها آدم)، الجنة التي سكنها آدم ما حالها؟ هناك ثلاثة أقوال في هذا الباب:
القول الأول: أنها جنة الخلد.
القول الثاني: أنها جنة مخصوصة، مكان عالٍ مرتفع في الأرض جعله الله –تعالى- لآدم فهي جنة في الأرض وليست في السماء.
القول الثالث: الله أعلم. التوقف، ولكن ليس التوقف والتبين، ولكن الله أعلم، نتوقف في هذه المسألة فلا ندري أين هذه الجنة هل كانت في السماء، جنة الخلد؟ أم هي جنة مخصوصة؟ الله أعلم.
قص هذه الأقوال وذكرها الإمام ابن القيم، ومال ورجح القول الأول أنها ماذا؟ أنها جنة الخلد.
قال المصنف -عليه رحمة الله-: (وهي التي أهبط منها آدم نبيه إلى أرضه بما سبق في سابق علمه) الوجود أو الموجودات تنقسم إلى عدة أقسام: هناك وجود علمي، وهناك وجود ذهني، وهناك وجود عيني، إذن: هناك وجود علمي والوجود العلمي هو الوجود السابق لكل وجود، نتكلم عن المخلوقات فالوجود العلمي للمخلوقات سابق لوجودها عيناً، ولذلك من الأشياء الطريفة أن الناس عند العامة، يقولون لك: لما يكون هناك مشكلة بين أبيك وبين إخوته في الميراث ثم مات أبوك، فتقول: وأنت في علم الله اعتدى أعمامك على أبيك وصنعوا به كذا وكذا وقالوا له: كذا وكذا، وأنت في ماذا؟ في علم الله، -سبحانه وتعالى- وأنت في علم الله إذن: كنت موجوداً في علم الله -عز وجل- وهذا هو قول الله -عز وجل- ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ ألَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى﴾ [الأعراف: 172]، إذن: هذا هو الميثاق الأول عندما جمع الله الخلائق قبل خلقها، وأشهدهم على نفسه وقال لهم: ﴿ألَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُوا يَوْمَ القِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ﴿172﴾ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ المُبْطِلُونَ ﴿173﴾﴾ [الأعراف: 172- 173]، فهذا هو الميثاق الأول الذي آخذه الله –تعالى- على الناس وهم في عالم العلم. طيب هم في عالم العلم كان موجودين؟ نعم كانوا موجودين إذن هناك وجود علمي, وهذا الوجود العلمي الأول وهذا الإشهاد الأول وهذا الميثاق الأول هو ميثاق عالم الذر، فمن آمن بالرسول وبما جاء به الرسول نفعه هذا الميثاق الأول ولذلك قال الله -عز وجل-: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَ﴾ [الروم: 30]، فالناس جميعًا مفطورون على التوحيد, على معرفة الله, على التوجه بقلوبهم إلى الله، على تعظيم الله -عز وجل- مفطورون على ذلك الأمر وقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (ما من مولود إلا ويولد على الفطرة)، أي يولد على الإسلام, يولد على التوحيد, يولد على تعظيم الله -عز وجل-، (فأبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه)، وقال النبي -عليه الصلاة والسلام- في الحديث القدسي: (إني خلقت عبادي جميعًا حنفاء فاجتالتهم الشياطين)،إذن: (إني خلقت عبادي جميعًا حنفاء) فقد أخذ الله –تعالى- العهد والميثاق على الناس قبل خلقهم أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، إذن كان الناس موجودين وكان هذا الوجود هو الوجود الأول وهو الوجود العلمي.
الوجود الثاني: هو الوجود الذهني هذا الوجود هو الوجود المطلق، الموجودات المطلقة وفي الحقيقة أن الموجودات المطلقة لا توجد إلا في الأذهان، والموجودات المطلقة هي غير المقيدة، هي غير المحددة، عندما تقول- وهذا المثال ضربته ولكن في غير هذا الموضع-: اللواء، كلمة لواء فإن ذهنك يطير فيه كل مطار ماذا يقصد بكلمة اللواء؟ غير محددة، غير مقيدة، طيب ولذلك هنا الذهن يتحرك ويتصور كل المعاني لكلمة اللواء، العَلَم الذي يرفرف، القطعة من الجيش التي تتحرك، الرتبة العسكرية في الجيش، الرتبة العسكرية في الشرطة، في الداخلية، كل هذه المعاني يتجه إليها ماذا؟ الذهن، هذه المعاني لهذه الكلمة موجودة في الذهن، وإنما تتحدد عندما تتعين تقول: رأيت اللواء يرفرف فوق المبنى، إذن: تحدد المعنى، إذن: الكلمات المطلقة الكلمات المرسلة الكلمات الغير محددة لا وجود لها إلا في الأذهان.
الأمر الثالث: الموجودات العينية: وهي الموجودات التي قدر الله –تعالى- أن تخرج إلى الدنيا، وجعل لها جسداً وروحاً وإرادةً وشأناً، (وهي التي أهبط منها آدم نبيه وخليفته إلى أرضه بما سبق في سابق علمه)، ثم قال المصنف -عليه رحمة الله-: (وخلق النار فأعدها دار خلود لمن كفر به وألحد في آياته وكُتبه ورسله وجعلهم محجوبون عن رؤيته)، قال الله -عز وجل- في ذلك: ﴿إِنَّ المُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ ﴿74﴾ لاَ يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ ﴿75﴾﴾ [الزخرف: 74، 75]، أي: في هذا العذاب، فيه الضمير هنا يعود على العذاب، وقال- تعالى-: ﴿وَاتَّقُوا النَّارَ الَتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ﴿131﴾﴾ [آل عمران: 131]، ومن رحمة الله -عز وجل- أنه لا يجعل أهل الجنة يخرجون منها، ولكن يجعل بعض أهل النار يخرجون منها- وقد تكلمت عن هذه القضية في المجلس السابق- والإلحاد: التغيير، والتحريف ومنه قول الله -عز وجل-: ﴿وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ﴾ [الأعراف: 180]، والجنة والنار لا تفنيان ولا تبيدان كما أن أهل الجنة ولا يخرجون منها، وكذلك أهل النار لا يخرجون منها إلا من أذن الله له، يدل على ذلك الحديث: (يؤتى بالموت في صورة كبش أملح أقترن فيذبح بين الجنة والنار، ويقال: يا أهل الجنة خلود بلا موت ويا أهل النار خلود بلا موت)، فأهل النار- إلا من شاء الله- يكونون في النار خالدين فيها، وأيضًا الكفار كما أنهم في النار خالدون في النار، فهم في الدنيا أيضًا لا يتنعمون في الدنيا، فهم ليسوا بآمنين في الدنيا، بل هم خائفون مذعورون- والعياذ بالله- وما يحدث لهم من بعض الخوارق في الدنيا إنما هذا من باب البلاء، طرفة يسيرة ذكرها بعض أهل العلم، وهذه الطرفة موجودة في كتاب "الكلمات النافعة في المكفرات الواقعة" لبعض آل الشيخ ومن أراد أن أذكره بهذه الطرفة أذكره في مقام آخر لأني أشعر بأن الوقت قد أزف، قال الله -عز وجل-: ﴿كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ﴾ [المطففين: 15]، هذا في أهل النار، ﴿كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ﴾ أي: يوم القيامة, في الآخرة ﴿لَّمَحْجُوبُونَ﴾، لمحجوبون: هناك تأويلان:
التأويل الأول: محجوبون عن رؤية الله -عز وجل-.
والتأويل الثاني: محجوبون عن ثواب الله -عز وجل- وعن إكرامه ونعمائه وذهب الإمام الطبري إلى أن القولين صحيحان، وليس أحدهما بأولى من الثاني، وذهب القاسمي في محاسن التأويل إلى أن قوله- تعالى-: ﴿لَّمَحْجُوبُونَ﴾، كلمة عامة فتشمل التأويلين، فأهل النار- والعياذ بالله- محجوبون عن رؤية الله –تعالى- وأيضًا هم محجوبون عن ثواب الله -عز وجل- وعن كرمه وعن نعمه وإحسانه، فنسأل الله –تعالى- أن يجعلنا أهلاً للجنة، وأن يجعلنا أهلاً لنعمائه وصلي الله وسلم على النبي محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ورتنا إجابات عدة على أسئلة الحلقة الماضية، وكان السؤال الأول: وجه جملة من يدخله الله الجنة يدخله بفضله ومن يدخله النار يدخله بعدله؟
وكانت الإجابة: توجيه جملة من يدخله الله الجنة يدخله بفضله ومن يدخله النار يدخله بعدله، المقصود به هنا هو مرتكب الكبيرة الذي مات ولم يتب من ذنبه فمذهب أهل السنة والجماعة- وهو المذهب الصحيح- أن مرتكب الكبيرة متروك أمره إلى الله –تعالى- إن شاء عفا عنه ابتداءً وهذا بفضله وجوده وإحسانه وإن شاء عاقبه بذنبه ثم يخرجه من النار بفضله ومنته فمرتكب الكبيرة عندما يُعاقب فإن الله لا يظلمه؛ لأن الله ليس بظلام للعبيد، فالله -سبحانه- يعاقبهم بذنوبهم وهذا عدله- سبحانه- وإن أدخلهم الجنة فهذا بمنه وجوده وإحسانه فإن أحداً لن يدخل الجنة بعمله، وإنما برحمة الله –تعالى- كما ثبت ذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
ما شاء الله هذا جيد، ولو ذكرنا زيادة بسيطة أن الله -سبحانه وتعالى- يضع ﴿وَنَضَعُ المَوَازِينَ القِسْطَ لِيَوْمِ القِيَامَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ﴿47﴾﴾ [الأنبياء: 47]، أن يذكر بأن مرتكب الكبيرة قد تكون له حسنات أو أن يكون الله- تعالى- قد ابتلاه بمرض أو مصاب أو هم أو نصب أو نحو ذلك من المكفرات التي ذكرتوها فقد تكون هذه الأشياء أيضًا سبباً في تكفير هذه الذنب الذي فعل، وهذا مرده أيضًا إلى من إلى الله -عز وجل-، هذا كلام جيد نعم.
السؤال الثاني: أذكر الشفاعة المثبتة للنبي -صلى الله عليه وسلم-؟
وكانت الإجابة الشفاعة المثبتة للنبي -صلى الله عليه وسلم- هي شفاعتان:
الأولى: الشفاعة العامة لجميع الخلائق ليفصل الله –تعالى- بينهم وهي المقام المحمود، الثانية: الشفاعة الخاصة وهي للعصاة من المسلمين.
ما شاء الله، جيد.
الأخ الكريم من مصر يقول: عندي سؤالان:
السؤال الأول : بالنسبة للسؤال الخاص بهذه الحلقة وهو مسألة خروج بعض أهل النار من النار كنت سمعت حديثاً ( أن أربعة سيخرجون من النار وربنا -سبحانه وتعالى- سيأذن لهم بالرجوع مرة ثانية، فيبقى واحد ينظر إلى الخلف، فيسأله الله -عز وجل- ما الذي يجعلك يا عبدي تنظر إلى الخلف؟ فيقول: ظني أنك إذ أخرجتني منها أنك لن تعيدني فيها، فيقول له الله -عز وجل-: ادخل الجنة بحسن ظنك بي) أو كما قال -صلى الله عليه وسلم-.
هذا الحديث سمعت أنه صحيح، أريد أن أعرف مدى صحته وما معناه؟ ولماذا خرجت هذه الناس من النار ولماذا دخلت ثانية؟
السؤال الثاني: بالنسبة للإلحاد في أسماء الله -عز وجل- كنت سمعت من أحد الشيوخ الأفاضل: إن نطق أسماء الله -عز وجل- بغير اللغة العربية الفصحى قد يؤدي ذلك إلى الإلحاد، مثل أن يقول: عبد الخالئ بدل عبد الخالق، عبوهاب، بدل عبد الوهاب، عَبْدَ الله بدل عَبْدُ الله، ما مدى صحة هذا القول؟ والناحية الثانية: ما مدى الذنب لو فيه ذنب؟ وما قدر هذا الذنب؟ بالنسبة للعوام كيف نصلح لهم هذا الأمر، مع أنهم يقولون: نحن لا نعتقد في هذا الأمر؟ وليست نيتي أن أخطأ في أسماء الله -عز وجل-؟
فضيلة الشيخ الأخ الكريم له سؤالان سؤاله الأول عن خروج بعض أهل النار وذكر حديث الأربعة فيبقى منهم واحد ينظر إلى الخلف؟

هذه المسألة تحتاج إلى مراجعة مني.
سؤاله الثاني، كان عن الإلحاد في أسماء الله –تعالى- والنطق بغير العربية الفصحى هل يؤدي ذلك إلى الإلحاد؟ وما هو قدر هذا الذنب؟
والله هذا الكلام كلام لم أره لأحد من المتقدمين من أهل العلم، فما زال العامة يتكلمون ولم أرَ ولم أسمع ولم أقرأ أن أحداً من المتقدمين من أهل العلم قال: بأن نطق أسماء الله -عز وجل- بغير اللغة العربية الفصحى يعد ذلك إلحاداً في أسمائه- سبحانه- بل بالعكس الذين يتكلمون باللغة العربية من الأعاجم، عندما يتكلمون هناك حروف بتمامها لا يستطيعون أن يقولوها يعني مثلاً حرف مثل الضاد، لا يستطيع أن يقول أي اسم فيه ضاد، لا يستطيع أن يقول ذلك، بل حرف القاف، يعني الخالق، يقوم مثلاً يقول: الخالك، هكذا هو أعجمي، وأحياناً الخاء لا يستطيعون إخراجها، فيمكن أن يقولها قريبة من الهاء، فالخالق يقولها: الهالك، عبد الهالك، قرابة من الهاء، فهؤلاء الأعاجم نقول لهم: لا تقولوا ذلك وهذا كفر بالله ولا يجوز لكم، هم يقولون هذه الأسماء ولا يقصدون المعاني التي تبادرت إلى أذهاننا، لكن الأوفق طبعًا والأسلم والأجود أن يتعلم الناس اللغة الفصحى، وأن يتكلموا بها تكلماً صحيحاً ومن بركة كلامهم بالفصحى، أن يقرؤوا القرآن قراءة صحيحة وأن يقرؤوا السنة قراءة صحيحة وأن يقرؤوا أسماء الله -عز وجل- قراءة صحيحة، لكن من زلَّ في ذلك أو أخرج حرفاً مكان حرف، أو صوتاً مكان صوت، لا يمكن أن نخرجه من الدائرة، أو نقول بأن ذلك إلحاد في أسماء الله -عز وجل- ونطبق عليه الآية أظن أن هذا الأمر فيه تكلف، والله تعالى أعلى وأعلم.
الأخت الكريمة من مصر تقول: السلام عليكم، أقوم بإلقاء محاضرات لبعض الأخوات، وبعض الأخوات تسأل: هل يجب زرع العقيدة في نفوس الأخوات قبل إلقاء المحاضرات بحجة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ظل في مكة ما يقرب من ثلاثة عشر عاماً يزرع العقيدة في نفوس المسلمين، أنا أقول: هؤلاء كانوا يعبدون الأصنام وبعيدين كل البعد عن التوحيد الخالص لله -عز وجل-. فلا أعرف ما هو رأي حضرتك بالنسبة لحجة بعض الأخوات اليوم أننا لابد أن نزرع العقيدة أولاً؟
السؤال الثاني: بالنسبة للعمل بالخواتيم، هناك حديث ورد في صحيح البخاري: (أن رجلاً ظل يعمل بعمل أهل الجنة، حتى ما كان بيبنه وبين الجنة ذراع, الذي كان في عزوة مع غزوات النبي -صلى الله عليه وسلم- ولما رُمِيَ بسهم قتل نفسه) فيما معنى الحديث، بعض الأخوات عندما نشرح هذا الحديث يحصل في صدرهن خوف شديد جدًا, هل بعد استقامتهن على الحجاب والالتزام وغير ذلك، هذا الحديث فعلاً يسبب خوفاً للأخوات. لا أعرف ما هو رأي حضرتك؟ وما الذي تنصحنا به؟
الأخ الكريم من مصر يقول: السلام عليكم، حقيقة ما يروى في بعض الأحاديث- والله أعلم بصحتها- (أن بين كل فرض وفرض أو بين كل صلاة وصلاة توقد نار للمؤمن حتى إذا توضأ وصلى انطفأت النار)، ما مدى صحة هذا الحديث؟
السؤال الثاني: إمام وخطيب يدخن ما مدى قبول الفرض منه؟ وهل التدخين من الكبائر؟ وهل إذا توفته المنية هل له توبة عند الله أم سيكون من المصرين؟
الأخ الكريم من السعودية يقول: أريد التفصيل في رؤية الله -سبحانه وتعالى- في المنام؟ ويحضرني في هذا حديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ( حتى وجد برد يدي الله -سبحانه وتعالى- على كتفيه أو على صدره
السؤال الثاني: تعبير المؤلف لقوله: (خليفة) ألا يكون مأخوذاً من آية البقرة: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ [البقرة: 30]؟
فضيلة الشيخ الأخت الكريمة من مصر كانت تقول: إنها تعطي محاضرات للأخوات وهناك أخوات قلن لها: إنها لابد أن تتكلم في العقيدة أولاً قبل أي حديث فما هو رأيكم في زرع العقيدة أولاً؟

بسم الله الرحمن الرحيم, لو نحن نظرنا إلى الوضع الذي كان عليه طلب العلم أولاً: لوجدنا أن الأمور ليست بهذه الصورة التي نطلبها، فهناك الفقه وهناك الأصول وهناك اللغة وهناك كذا وكذا، لكن كان الأمر محصوراً بين الشيخ والأستاذ والأستاذ يعطي مع العلم أمرين: الأمر الأول: يُعطي الاعتقاد الأمر الثاني: يعطي الأدب، إذن: أي مادة علمية، سواء كانت في الفقه أو في اللغة أو كانت في التفسير أو ما إلى ذلك كان الأستاذ أو الشيخ يعطي مع مادته العقيدة كما يعطي معها ماذا ؟ يعطي معها الأدب، والاعتقاد هو هذا المحرك الذي يحرك صورة العلم لو نظرنا إلى اللغة لوجدنا أن أثر الاعتقاد الاعتزالي يظهر عند أئمة اللغة من المعتزلة، وكذلك إذا نظرنا إلى العقيدة نجد أثر العقيدة الاعتزالية عند المفسرين بل وعند الفقهاء، بل وعند الأصوليين، فالعقيدة خطيرة جداً في مسائل العلوم، ومن هنا أنا أتكلم عن المسائل كمسائل علمية، يجب على طالب العلم أن يطلب العقيدة الصحيحة التي بطلبها يكون رجلاً عقائدياً يطلب العقيدة المتمثلة في الإله، الذي يعبده، والنبي الذي يتبعه ثم بعد ذلك في الغيب الذي يؤمن به والقدر والصحابة، هذه المسائل لابد أن تكون له فيها تصورات صحيحة، فأنا مع هؤلاء القوم الذين يقولون: لابد من تصحيح العقيدة أولاً، ولكن أنا أُخالف في مسألة كيفية تدريس العقيدة، ينبغي في الدروس المستفيضة المتسعة التي يرتبط فيها الشيخ مع تلاميذه أن تُدَرس العقيدة بطريقة أخرى بخلاف الطريقة المدرسية الجامدة الجافة، لابد أن تدرس العقيدة بطريقة سهلة وبسيطة، تراعى فيها كثرة الأمثلة, يراعى فيها السير والتاريخ واللطائف، يراعى فيها تقريب الناس من المفاهيم العقائدية يراعى فيها تدريب الناس على هذه المفاهيم لابد من ذلك الأمر، فأنا في جملة الذين يقولون: لابد من العقيدة أولاً، ولكن لابد من تحرير كيفية الاعتقاد، أو كيفية دراسة العقيدة.
الأخ الكريم من مصر كان يسأل عن صحة الحديث: بين كل فرضين؟
الله أعلم.
الأخ الكريم من السعودية يقول: يريد تفصيل في رؤية الله في المنام، وذكر حديث: (حتى وجد برد أصابعه
هي (برد أنامله أو برد كفه)، وهذا الحديث هو حديث صحيح ثابت، في بعض السنن، وعند ابن أبي عاصم، وهذا الأمر( رأيت ربي في أحسن صورة)، وهذه رؤية منامية، وقالوا: بأن هذا خاص بالنبي -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-.
كان سؤال الثاني: عن تعبير المؤلف (خليفة أو خليفته) ألا يمكن أن يكون هذا مأخوذ من قول الله –تعالى- في سورة البقرة: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ [البقرة: 30]؟
أبداً، كلمة ﴿خَلِيفَةً﴾ في سورة البقرة، يقصد بها يخلف بعضهم بعضاً من بني آدم أو خليفة، أي: قد خلفوا غيرهم من الذين سكنوا الأرض قبلهم، وهذا يدل على أن خلقاً قبل آدم سكن الأرض- والله تعالى أعلى وأعلم-.
الأخ الكريم من المغرب يقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: ما قولكم فيمن ينسب القول بفناء الجنة والنار وأنهما غير خالدتين إلى شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى-؟
هذا كلام لا يصح أبداً.
كان له سؤال آخر: هل الجنة والنار مخلوقتان، المخلوقتان والموجودتان الآن هما على الخلقة التي سيكونان عليهما يوم القيامة؟
-والله تعالى أعلى وأعلم- نعم؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما رأى الجنة رآها ورأى عنقوداً وكاد أن يمسكه، وقال: (لو أصبته فأكلتم منه لكان في الدنيا إلى أن تزول) فهذا دليل على أنها الجنة التي أعدها الله –تعالى- والله تعالى أعلى وأعلم؟
فضيلة الشيخ، هلا تفضلتم بطرح أسئلة هذه المحاضرة؟
هناك ثلاثة أسئلة:
السؤال الأول: تكلم عن الاعتقاد في الأولياء: من هم؟ وماذا أعد الله لهم في الآخرة؟
السؤال الثاني: ناقش عبارة المصنف: (وهي التي أهبط منها آدم نبيه وخليفته إلى أرضه
السؤال الثالث: اذكر اعتقادك في البرزخ؟
ملحوظة: يسيرة لإثبات البرزخ إثبات الجنة النار وهذه الفكرة أو العنصر الثالث؟ إثبات الجنة والنار يقتضي أن تكون هناك مرحلة وسطى بين الدنيا والدار الآخرة، هذه المرحلة هي مرحلة البرزخ، ويدل عليها قول الله -عز وجل-: ﴿النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُواًّ وَعَشِياًّ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ العَذَابِ ﴿46﴾﴾ [غافر: 46]، وأيضًا ما أخرجه الإمام أحمد بإسناد حسن حديث البراء بن عازب الحديث الطويل: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال موعظة من هذه الموعظة أن قال عن المؤمن: (فأفرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة وافتحوا له باباً إلى الجنة) فهذا يدل على أن القبر كان في هذه الحالة روضة من رياض الجنة حتى قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (فيأتيه من روحها وطيبها ويفسح له قبره مُد بصره) أما الكافر فإن الأمر يختلف فيقال له: (أفرشوا له من النار وافتحوا له باباً إلى النار، فيأتيه من حرها وسمومه) فنعوذ بالله أن نكون من أهل النار. والحمد لله أولاً وآخراً.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10-21-2008, 10:13 AM
أبو عمر الأزهري أبو عمر الأزهري غير متواجد حالياً
الأزهر حارس الدين في بلاد المسلمين
 




افتراضي


ماشاء الله
مجهود مباركٌ إن شاء الله ياغالي
رفع الله قدرك وحفظ علينا الشيخ وبارك في عمره ونفع به العالمين .
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 10-21-2008, 11:32 AM
هجرة إلى الله السلفية هجرة إلى الله السلفية غير متواجد حالياً
رحمها الله رحمة واسعة , وألحقنا بها على خير
 




افتراضي

ماشاء الله
تبارك الله
بارك الله في جهدك ووقتك واهلك
وجزيت خيرا
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 12:13 AM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.