ما حكم الموعظة بعد دفن الميت؟!

[طه أبو البراء]

 

بسم الله الرحمن الرحيم


حياكم الله وجزاكم الله خيرا



يسأل أحد الإخوة فيقول:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



أسكن بقرب مقبرة، وغالبا بعد الصلوات ما أحضر الجنائز، لأنني أعيش في مدينة مأهولة نوعا ما، مما يجعل الجموع تتغير كل يوم تقريبا،
وغالبية من يحضر في هذه الجنائز هم أناس يظهر أنهم بعيدون عن الالتزام وذلك من خلال ملابسهم وتصرفاتهم
فسؤالي، ما حكم الموعظة بعد دفن الميت، بغية اغتنام الفرصة لدعوة هؤلاء، لأنه لا سبيل للوصول إليهم في غير هذه المناسبة؟ مع التخلي عن الدعاء جماعة إنما يكون الدعاء فرديا بعد الفراغ من إلقاء الموعظة؟

وكذا أحيانا تقوم جماعة بقراءة القرآن على الميت (يعني أثناء الدفن) وهذا طمعا في مال أهل الميت، يعني يتكسبون بهذا،
وقد ينهرهم البعض، ولكن هم مصرون على هذا (ليس في كل الجنائز طبعا ولكنهم يحضرون تحت طلب أهل الميت)، ونظرا لجهل الناس فإنهم يظنونهم على حق بل ويعطونهم المال
فهل يُشرع نهرهم أمام الملإ وإسكاتهم، وإلقاء الموعظة حينذاك؟

جزاكم الله خيرا

انتهى كلام الأخ


بارك الله فيكم وجزاكم الجنة

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

[حامل الإجابات]

الموعظة بعد دفن الميت من السنة

الموعظة على القبر مشروعة بل مسنونة مستحبة فعلها النبي صلى الله عليه سلم وفعلها الصحابة والتابعون والأئمة من لدن رسول الله إلى يومنا هذا وهذه هي الأدلة
الدليل الأول : أورد البخاري في كتاب الجنائز بابا بعنوان ( موعظة المحدث عند القبر وقعود أصحابه حوله )
ثم روى البخاري بسنده إلى على بن أبي طالب رضي الله عنه قال : كنا في جنازة في بقيع الغرقد فأتانا النبي صلى الله عليه وسلم فقعد وقعدنا حوله ومعه مخصرة ( عصا أو قضيب يتوكأ عليه ) فنكس ( أطرف إلى الارض ) فجعل ينكت بمخصرته ثم قال : ( ما منكم من أحد ما من نفس منفوسة إلا كتب مكانها من الجنة و النار .....................) وذكر الحديث بطوله
فهذا لأمام السنة وشيخ المحدثين البخاري يضع ترجمة للباب بصيغة دقيقة معبرة عن الفهم الدقيق والعلم الراسخ ثم أورد الدليل الواضح والحجة البينة على مشروعية الموعظة والحديث واضح صحيح لا يحتمل أي تأويل

الدليل الثاني : أخرج ابن ماجة وأحمد بسند صحيح عن البراء بن عازب رضى الله عنه قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة فجلس على شفير القبر فبكى حتى بل الثرى ثم قال يا أخواني لمثل هذا فأعدوا )

الدليل الثالث : عن البراء بن عازب قال : خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار فانتهينا إلى القبر ولما يلحد فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلسنا حوله وكأن على رؤسنا الطير وفي يده عود ينكت في الأرض فرفع رأسه فقال : ( استعيذوا بالله من عذاب القبر ) مرتين أو ثلاثا ثم قال (إن العبد المؤمن إذا كان في أنقطاع من الدنياوإقبال من الآخرة نزا إلأيه ملائكة من السماء ..............................) ثم ذكر الحديث
كل هذه الأحاديث تدل على مشروعية الموعظة على القبر وأنها من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم

ويجوز الدعاء ولكن بصورة فردية وليست جماعية ويؤمن خلفه الناس

لاينهر المقرئ بصوت مرتفع وبشدة حتى لايوغر صدور البعض تجاهه لكن ينهى برفق ويعلمهم
والله اعلم

أجاب عليه الشيخ سيد العربي كمال