انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات الشرعية ::. > ملتقيات علوم الغاية > الفقه والأحكــام

الفقه والأحكــام يُعنى بنشرِ الأبحاثِ الفقهيةِ والفتاوى الشرعيةِ الموثقة عن علماء أهل السُنةِ المُعتبرين.

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-29-2010, 06:48 AM
أم حفصة السلفية أم حفصة السلفية غير متواجد حالياً
رحمها الله تعالى وأسكنها الفردوس الأعلى
 




3agek13 جماع النقولات في باب جواز ارتكاب المفسدة لمصلحة تَغمرها أو لمفسدة أعلى تدفع بها..

 

الحمد لله وحده..

فنظراً لأمر حزبني ،وعارض سيشغلني ؛فسأضطر لجمع النقولات جميعها هنا؛ليُستفاد منها بقطع النظر عن الموافقة والمخالفة،هدانا الله جميعاً لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه..

(1)

قال شيخ الإسلام :
((وهذا يجرى فيمن يُعِين الملوك والرؤساء على أغراضهم الفاسدة، وفيمن يُعِين أهل البدع المنتسبين إلى العلم والدين على بدعهم. فمن هداه الله وأرشده امتنع من فعلِ المحرم
وصبَر على أذاهم وعداوتهم، ثمَّ تكون له العاقبة في الدنيا والآخرة، كما جرى للرسل
وأتباعهم مع من آذاهم وعاداهم، مثل المهاجرين في هذه الأمة ومن ابتلي من علمائها وعُبَّادِها وتُجَّارِها ووُلاتِها

وقد يجوز في بعض الأمور إظهار الموافقة وإبطانُ المخالفة، كالمُكْرَه على الكفر
)).


فقد تبين في هذا النقل تقرير الشيخ لأن الأصل المحكم هو عدم إظهار موافقة الملوك
والرؤساء على أغراضهم الفاسدة ،وكذلك حرمة إعانة أهل البدع على بدعهم،وأن الصبر على أذاهم أولى.


ثم انتقل الشيخ لبيان أنه قد يجوز في بعض الأمور إظهار الموافقة وإبطان المخالفة ،
ثم بين الشيخ الأصل المنصوص الذي يعتبر به في هذا الباب وهو المكره على الكفر..


وبين جداً أن الشيخ لا يقصد أنه لا يجوز إظهار الموافقة إلا في حالة الإكراه على الكفر ؛
لأن الإكراه هنا على الكفر ذكره الشيخ كمثال على (بعض الأمور) ولم يقصد أن يقول إن هذا لا يجوز إلا في حالة الإكراه على الكفر
.

يبين ذلك : أن الشيخ قال في موضع آخر :
((أَمَّا تَقْبِيلُ الْأَرْضِ وَرَفْعُ الرَّأْسِ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ السُّجُودُ مِمَّا يُفْعَلُ قُدَّامَ بَعْضِ الشُّيُوخِ وَبَعْضِ الْمُلُوكِ :
فَلَا يَجُوزُ.. وَأَمَّا إذَا أُكْرِهَ الرَّجُلُ عَلَى ذَلِكَ بِحَيْثُ لَوْ لَمْ يَفْعَلْهُ لَأَفْضَى إلَى ضَرْبِهِ أَوْ حَبْسِهِ أَوْ أَخْذِ مَالِهِ
أَوْ قَطْعِ رِزْقِهِ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الضَّرَرِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ فَإِنَّ الْإِكْرَاهَ عِنْدَ أَكْثَرِهِمْ يُبِيحُ الْفِعْلَ الْمُحَرَّمَ كَشُرْبِ الْخَمْرِ وَنَحْوِهِ
وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ ؛ وَلَكِنْ عَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَكْرَهَهُ بِقَلْبِهِ وَيَحْرِصَ عَلَى الِامْتِنَاعِ
مِنْهُ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَمَنْ عَلِمَ اللَّهُ مِنْهُ الصِّدْقَ أَعَانَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدْ يُعَافَى بِبَرَكَةِ صِدْقِهِ مِنْ الْأَمْرِ بِذَلِكَ)).

وأنت ترى هنا أن الشيخ ذكر صورة من الإكراه هي دون الإكراه بالقتل،بل هي صورة لا يعتبرها
بعض العلماء إكراهاً كقطع الرزق مثلاً ،ولكنها لما تعلقت بفعل ليس شركاً
وهو سجود التحية = انحطت رتبة صفة الإكراه بانحطاط رتبة الفعل المكره عليه.


ولو كان الشيخ لا يجيز إظهار الموافقة إلا في الإكراه على الكفر لما جاز هنا أن يبيح
سجود التحية المحرم لأجل مجرد الإكراه بقطع الرزق مما يُظهر أن مرجع الأمر إنما هو لوزن المفاسد،وليس وقوفاً عند النص من غير اعتبار لمعناه.

(2)

قال الشيخ :
((فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي هِجْرَانِهِ (أي الظالم المبتدع) انْزِجَارُ أَحَدٍ وَلَا انْتِهَاءُ أَحَدٍ ؛
بَلْ بُطْلَانُ كَثِيرٍ مِنْ الْحَسَنَاتِ الْمَأْمُورِ بِهَا لَمْ تَكُنْ هِجْرَةً مَأْمُورًا بِهَا كَمَا ذَكَرَهُ أَحْمَد عَنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ إذْ ذَاكَ :
أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَقْوَوْنَ بالْجَهْمِيَّة .
فَإِذَا عَجَزُوا عَنْ إظْهَارِ الْعَدَاوَةِ لَهُمْ سَقَطَ الْأَمْرُ بِفِعْلِ هَذِهِ الْحَسَنَةِ
وَكَانَ مُدَارَاتُهُمْ فِيهِ دَفْعَ الضَّرَرِ عَنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ تَأْلِيفُ الْفَاجِرِ الْقَوِيِّ .
وَكَذَلِكَ لَمَّا كَثُرَ الْقَدَرُ فِي أَهْلِ الْبَصْرَةِ فَلَوْ تُرِكَ رِوَايَةُ الْحَدِيثِ عَنْهُمْ لَا نَدْرُسُ الْعِلْمَ وَالسُّنَنَ وَالْآثَارَ الْمَحْفُوظَةَ فِيهِمْ . فَإِذَا تَعَذَّرَ إقَامَةُ الْوَاجِبَاتِ مِنْ الْعِلْمِ وَالْجِهَادِ وَغَيْرِ ذَلِكَ إلَّا بِمَنْ
فِيهِ بِدْعَةٌ مَضَرَّتُهَا دُونَ مَضَرَّةِ تَرْكِ ذَلِكَ الْوَاجِبِ : كَانَ تَحْصِيلُ مَصْلَحَةِ الْوَاجِبِ مَعَ مَفْسَدَةٍ
مَرْجُوحَةٍ مَعَهُ خَيْرًا مِنْ الْعَكْسِ .
وَلِهَذَا كَانَ الْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ فِيهِ تَفْصِيلٌ)).

قلت : فقد جمع الشيخ هنا بين السكوت عن الحق الذي هو هنا ترك هجر المبتدع ،وبين مداراته
والتي لا تتم أحياناً إلا بقول بعض الباطل كالثناء عليه بما لا يستحقه، بل فعل بعض الباطل
كتصديره للتدريس أو الجهاد مع مافي هذا التصدير من المفسدة.

ولكن ما مناط كل ذلك ؟

مناطه : هل درجة المضرة بتصدير هذا المبتدع ومداراة هذا الظالم أكبر أم درجة المضرة بترك واجب العلم والجهاد؟


وهل مفسدة تلك المداراة أعظم أم مصلحة دفع الضرر عن المؤمن الضعيف أو تأليف الفاجر القوي؟


ولاشك أنه قد يحصل بتلك المداراة مفسدة وأن تصدير المبتدع الظالم للعلم والجهاد قد يحصل
به تلبيس على الناس،ولكن ذلك إذا نظر إليه مجرداً ،ولكن النظر ينبغي أن يكون للباب ككل
فتجمع مصالحه إلا مفاسده ويوزنون جميعاً ويُفصل في البيان.

(3)

قال الشيخ :
((وَهُوَ مَا إذَا كَانَ لَا يَتَأَتَّى لَهُ فِعْلُ الْحَسَنَةِ الرَّاجِحَةِ إلَّا بِسَيِّئَةٍ دُونَهَا فِي الْعِقَابِ : فَلَهَا صُورَتَانِ :



إحْدَاهُمَا : إذَا لَمْ يُمْكِنْ إلَّا ذَلِكَ فَهُنَا لَا يَبْقَى سَيِّئَةٌ فَإِنَّ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ ؛
أَوْ الْمُسْتَحَبُّ إلَّا بِهِ : فَهُوَ وَاجِبٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ . ثُمَّ إنْ كَانَ مَفْسَدَتُهُ دُونَ تِلْكَ الْمَصْلَحَةِ لَمْ يَكُنْ مَحْظُورًا كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْأُمُورِ الْمَحْظُورَةِ الَّتِي تُبِيحُهَا الْحَاجَاتُ كَلُبْسِ الْحَرِيرِ فِي الْبَرْدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ . وَهَذَا بَابٌ عَظِيمٌ .
فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ يَسْتَشْعِرُ سُوءَ الْفِعْلِ ؛ وَلَا يَنْظُرُ إلَى الْحَاجَةِ الْمُعَارِضَةِ لَهُ الَّتِي يَحْصُلُ بِهَا مِنْ ثَوَابِ الْحَسَنَةِ مَا يَرْبُو عَلَى ذَلِكَ ؛ بِحَيْثُ يَصِيرُ الْمَحْظُورُ مُنْدَرِجًا فِي الْمَحْبُوبِ
أَوْ يَصِيرُ مُبَاحًا إذَا لَمْ يُعَارِضْهُ إلَّا مُجَرَّدُ الْحَاجَةِ كَمَا أَنَّ مِنْ الْأُمُورِ الْمُبَاحَةِ ؛ بَلْ وَالْمَأْمُورِ بِهَا
إيجَابًا أَوْ اسْتِحْبَابًا : مَا يُعَارِضُهَا مَفْسَدَةٌ رَاجِحَةٌ تَجْعَلُهَا مُحَرَّمَةً أَوْ مَرْجُوحَةً كَالصِّيَامِ لِلْمَرِيضِ وَكَالطِّهَارَةِ بِالْمَاءِ لِمَنْ يُخَافُ عَلَيْهِ الْمَوْتُ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ** قَتَلُوهُ قَتَلَهُمْ اللَّهُ هَلَّا سَأَلُوا إذَا لَمْ يَعْلَمُوا فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ } .
وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ يُبْنَى جَوَازُ الْعُدُولِ أَحْيَانًا عَنْ بَعْضِ سُنَّةِ الْخُلَفَاءِ كَمَا يَجُوزُ تَرْكُ بَعْضِ وَاجِبَاتِ الشَّرِيعَةِ وَارْتِكَابُ بَعْضِ مَحْظُورَاتِهَا لِلضَّرُورَةِ ؛
وَذَلِكَ فِيمَا إذَا وَقَعَ الْعَجْزُ عَنْ بَعْضِ سُنَّتِهِمْ أَوْ وَقَعَتْ الضَّرُورَةُ إلَى بَعْضِ مَا نَهَوْا عَنْهُ ؛ بِأَنْ تَكُونَ الْوَاجِبَاتُ
الْمَقْصُودَةُ بِالْإِمَارَةِ
لَا تَقُومُ إلَّا بِمَا مَضَرَّتُهُ أَقَلُّ)).


وهنا يضيف الشيخ صورة أخرى غير صورة الإكراه وهي صورة العجز،لكن تدبر العجز عن ماذا ؟


العجز عن فعل المصلحة العظيمة إلا بمفسدة أقل،وليس العجز عن ترك السيئة،
بل ترك السيئة ممكن ،لكنها إذا تركت فستترك حسنة أكبر = فسمى الشيخ هذا عجزاً وأجاز فعل
الحسنة العظيمة ولو أدى ذلك لفعل سيئة لن تخرج بيقين عن كونها قولاً للباطل أو فعلاً له..

وسمى الشيخ عدم القدرة على القيام بالواجب الأعظم إلا مع ارتكاب باطل هو سيئة أقل = ضرورة.

(4)


وقال الشيخ :
((فَإِذَا كَانَ النَّهْيُ
مُسْتَلْزِمًا فِي الْقَضِيَّةِ الْمُعَيَّنَةِ لِتَرْكِ الْمَعْرُوفِ الرَّاجِحِ : كَانَ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يَكُونَ مُسْتَلْزِمًا لِفِعْلِ الْمُنْكَرِ الرَّاجِحِ كَمَنْ أَسْلَمَ عَلَى أَنْ لَا يُصَلِّيَ إلَّا صَلَاتَيْنِ
كَمَا هُوَ مَأْثُورٌ عَنْ بَعْضِ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ أَسْلَمَ بَعْضُ
الْمُلُوكِ الْمُسَلَّطِينَ وَهُوَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ أَوْ يَفْعَلُ بَعْضَ الْمُحَرَّمَاتِ وَلَوْ نَهَى
عَنْ ذَلِكَ ارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَامِ . فَفَرْقٌ بَيْنَ تَرْكِ الْعَالِمِ أَوْ الْأَمِيرِ لِنَهْيِ بَعْضِ النَّاسِ عَنْ الشَّيْءِ إذَا كَانَ فِي النَّهْيِ مَفْسَدَةٌ رَاجِحَةٌ وَبَيْنَ إذْنِهِ فِي فِعْلِهِ .
وَهَذَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ . فَفِي حَالٍ أُخْرَى يَجِبُ إظْهَارُ النَّهْيِ : إمَّا لِبَيَانِ التَّحْرِيمِ وَاعْتِقَادِهِ وَالْخَوْفِ مِنْ فِعْلِهِ . أَوْ لِرَجَاءِ التَّرْكِ . أَوْ لِإِقَامَةِ الْحُجَّةِ بِحَسَبِ الْأَحْوَالِ ؛
وَلِهَذَا تَنَوَّعَ حَالُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ وَجِهَادِهِ وَعَفْوِهِ ؛ وَإِقَامَتِهِ الْحُدُودَ وَغِلْظَتِهِ وَرَحْمَتِهِ )).


وهنا يبين الشيخ أحكام ما إذا كان الباب يحتاج لترك معروف وأنه بمنزلة الاحتياج لفعل
منكر وأنه إذا كان الباب من أبواب ترك المعروف لم يَجز ولم يُحتج لأن يؤذن له في الترك
وأن السكوت يكفي وقد يُحتاج للبيان أحياناً ..


وهذا صريح في أن السكوت عن الحق هو بمنزلة فعل المنكر كلاهما باب واحد
وإنما تختلف أحكامهما بحسب ميزان النظر للمسألة وما يُحتاج لتحصيل المصلحة الأعظم ودرء المفسدة الأقل..

(5)

ويقول الشيخ :((فَإِنَّهُ إذَا فَعَلَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ أَمْرٍ وَنَهْيٍ وَجِهَادٍ وَإِمَارَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَا بُدَّ أَنْ يَفْعَلَ شَيْئًا مِنْ الْمَحْظُورَاتِ .
فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْظُرَ أَغْلَبَ الْأَمْرَيْنِ .
فَإِنْ كَانَ الْمَأْمُورُ أَعْظَمَ أَجْرًا مِنْ تَرْكِ ذَلِكَ الْمَحْظُورِ لَمْ يَتْرُكْ ذَلِكَ لِمَا يُخَافُ أَنْ يَقْتَرِنَ بِهِ مَا هُوَ دُونَهُ فِي الْمَفْسَدَةِ
؛ وَإِنْ كَانَ تَرْكُ الْمَحْظُورِ أَعْظَمَ أَجْرًا لَمْ يَفُوتُ ذَلِكَ بِرَجَاءِ ثَوَابٍ بِفِعْلِ وَاجِبٍ يَكُونُ دُونَ ذَلِكَ
؛ فَذَلِكَ يَكُونُ بِمَا يَجْتَمِعُ لَهُ مِنْ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ؛ فَهَذَا هَذَا . وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ يَطُولُ ))

قلت : ولاشك أن هذا إن حصل من الناظر فقد يلتبس على بعض الناظرين إليه المؤتسين بفعله ،
ولكن مادام المجتهد قد راعى هذا وأدخله في حساب ميزان نظره لم يكن عليه بأس ما كان اجتهاده سائغاً..

(6)


وقال الشيخ :
((
فَإِنَّهُ يَنْبَنِي عَلَى الْأَصْلِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ قَدْ يَقْتَرِنُ بِالْحَسَنَاتِ سَيِّئَاتٌ إمَّا مَغْفُورَةٌ أَوْ غَيْرُ مَغْفُورَةٍ
وَقَدْ يَتَعَذَّرُ أَوْ يَتَعَسَّرُ عَلَى السَّالِكِ سُلُوكُ الطَّرِيقِ الْمَشْرُوعَةِ الْمَحْضَةِ إلَّا بِنَوْعِ مِنْ الْمُحْدَثِ لِعَدَمِ الْقَائِمِ بِالطَّرِيقِ الْمَشْرُوعَةِ عِلْمًا وَعَمَلًا . فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ النُّورُ
الصَّافِي بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا النُّورُ الَّذِي لَيْسَ بِصَافٍ . وَإِلَّا بَقِيَ الْإِنْسَانُ فِي الظُّلْمَةِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَعِيبَ الرَّجُلُ وَيَنْهَى عَنْ نُورٍ فِيهِ ظُلْمَةٌ . إلَّا إذَا حَصَلَ نُورٌ لَا ظُلْمَةَ فِيهِ
وَإِلَّا فَكَمْ مِمَّنْ عَدَلَ عَنْ ذَلِكَ يَخْرُجُ عَنْ النُّورِ بِالْكُلِّيَّةِ إذَا خَرَجَ غَيْرُهُ عَنْ ذَلِكَ ؛ لِمَا رَآهُ فِي طُرُقِ النَّاسِ مِنْ الظُّلْمَةِ
وَإِنَّمَا قَرَّرْت هَذِهِ " الْقَاعِدَةَ "
لِيُحْمَلَ ذَمُّ السَّلَفِ وَالْعُلَمَاءِ لِلشَّيْءِ عَلَى مَوْضِعِهِ وَيُعْرَفَ أَنَّ الْعُدُولَ عَنْ كَمَالِ خِلَافَةِ النُّبُوَّةِ الْمَأْمُورِ بِهِ شَرْعًا :
تَارَةً يَكُونُ لِتَقْصِيرِ بِتَرْكِ الْحَسَنَاتِ عِلْمًا وَعَمَلًا وَتَارَةً بِعُدْوَانِ بِفِعْلِ السَّيِّئَاتِ عِلْمًا وَعَمَلًا وَكُلٌّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ قَدْ يَكُونُ عَنْ غَلَبَةٍ وَقَدْ يَكُونُ مَعَ قُدْرَةٍ .
" فَالْأَوَّلُ " قَدْ يَكُونُ لِعَجْزِ وَقُصُورٍ وَقَدْ يَكُونُ مَعَ قُدْرَةٍ وَإِمْكَانٍ . و " الثَّانِي " :
قَدْ يَكُونُ مَعَ حَاجَةٍ وَضَرُورَةٍ وَقَدْ يَكُونُ مَعَ غِنًى وَسَعَةٍ ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَاجِزِ عَنْ كَمَالِ الْحَسَنَاتِ وَالْمُضْطَرِّ إلَى بَعْضِ السَّيِّئَاتِ مَعْذُورٌ فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ : ** فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ }
وَقَالَ : ** لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا } - فِي الْبَقَرَةِ وَالطَّلَاقِ (1) - وَقَالَ :
** وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }
وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ** إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرِ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ }
وَقَالَ سُبْحَانَهُ : ** وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } وَقَالَ : ** مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ }
وَقَالَ : ** يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ }
وَقَالَ : ** فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ }
وَقَالَ : وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ .


وَهَذَا أَصْلٌ عَظِيمٌ :


وَهُوَ : أَنْ تَعْرِفَ الْحَسَنَةَ فِي نَفْسِهَا عِلْمًا وَعَمَلًا سَوَاءٌ كَانَتْ وَاجِبَةً أَوْ مُسْتَحَبَّةً .
وَتَعْرِفَ السَّيِّئَةَ فِي نَفْسِهَا عِلْمًا وَقَوْلًا وَعَمَلًا مَحْظُورَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ مَحْظُورَةٍ - إنْ سُمِّيَتْ غَيْرُ الْمَحْظُورَةِ سَيِّئَةً -
وَإِنَّ الدِّينَ تَحْصِيلُ الْحَسَنَاتِ وَالْمَصَالِحِ وَتَعْطِيلُ السَّيِّئَاتِ وَالْمَفَاسِدِ . وَإِنَّهُ كَثِيرًا مَا يَجْتَمِعُ فِي الْفِعْلِ الْوَاحِدِ أَوْ فِي الشَّخْصِ الْوَاحِدِ الْأَمْرَانِ فَالذَّمُّ وَالنَّهْيُ
وَالْعِقَابُ قَدْ يَتَوَجَّهُ إلَى مَا تَضَمَّنَهُ أَحَدُهُمَا فَلَا يَغْفُلُ عَمَّا فِيهِ مِنْ النَّوْعِ الْآخَرِ كَمَا يَتَوَجَّهُ الْمَدْحُ وَالْأَمْرُ وَالثَّوَابُ إلَى مَا تَضَمَّنَهُ أَحَدُهُمَا فَلَا يَغْفُلُ عَمَّا فِيهِ مِنْ
النَّوْعِ الْآخَرِ وَقَدْ يُمْدَحُ الرَّجُلُ بِتَرْكِ بَعْضِ السَّيِّئَاتِ الْبِدْعِيَّةِ والفجورية لَكِنْ قَدْ يُسْلَبُ
مَعَ ذَلِكَ مَا حُمِدَ بِهِ غَيْرُهُ عَلَى فِعْلِ بَعْضِ الْحَسَنَاتِ السُّنِّيَّةِ الْبَرِّيَّةِ . فَهَذَا طَرِيقُ الْمُوَازَنَةِ وَالْمُعَادَلَةِ وَمَنْ سَلَكَهُ كَانَ قَائِمًا بِالْقِسْطِ الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ لَهُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ ))


(7)


ويقول الشيخ :
((فَالتَّعَارُضُ إمَّا بَيْنَ حَسَنَتَيْنِ لَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا ؛ فَتُقَدَّمُ أَحْسَنُهُمَا بِتَفْوِيتِ الْمَرْجُوحِ
وَإِمَّا بَيْنَ سَيِّئَتَيْنِ لَا يُمْكِنُ الْخُلُوُّ مِنْهُمَا ؛ فَيَدْفَعُ أَسْوَأَهُمَا بِاحْتِمَالِ أَدْنَاهُمَا .
وَإِمَّا بَيْنَ حَسَنَةٍ وَسَيِّئَةٍ لَا يُمْكِنُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا ؛ بَلْ فِعْلُ الْحَسَنَةِ مُسْتَلْزِمٌ لِوُقُوعِ السَّيِّئَةِ ؛
وَتَرْكُ السَّيِّئَةِ مُسْتَلْزِمٌ لِتَرْكِ الْحَسَنَةِ
؛ فَيُرَجَّحُ الْأَرْجَحُ مِنْ مَنْفَعَةِ الْحَسَنَةِ وَمَضَرَّةِ السَّيِّئَةِ...

وَالثَّالِثُ :
كَتَقْدِيمِ الْمَرْأَةِ الْمُهَاجِرَةِ لِسَفَرِ الْهِجْرَة بِلَا مَحْرَمٍ عَلَى بَقَائِهَا بِدَارِ الْحَرْبِ كَمَا فَعَلَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ
الَّتِي أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهَا آيَةَ الِامْتِحَانِ ** يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ }.


وَكَتَقْدِيمِ قَتْلِ النَّفْسِ عَلَى الْكُفْرِ كَمَا قَالَ تَعَالَى :
** وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ }
فَتُقْتَلُ النُّفُوسُ الَّتِي تَحْصُلُ بِهَا الْفِتْنَةُ عَنْ الْإِيمَانِ لِأَنَّ ضَرَرَ الْكُفْرِ أَعْظَمُ مِنْ ضَرَرِ قَتْلِ النَّفْسِ .


وَكَتَقْدِيمِ قَطْعِ السَّارِقِ وَرَجْمِ الزَّانِي وَجَلْدِ الشَّارِبِ عَلَى مَضَرَّةِ السَّرِقَةِ وَالزِّنَا وَالشُّرْبِ
وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْعُقُوبَاتِ الْمَأْمُورِ بِهَا فَإِنَّمَا أَمَرَ بِهَا مَعَ أَنَّهَا فِي الْأَصْلِ سَيِّئَةٌ وَفِيهَا ضَرَرٌ ؛
لِدَفْعِ مَا هُوَ أَعْظَمُ ضَرَرًا مِنْهَا ؛ وَهِيَ جَرَائِمُهَا ؛ إذْ لَا يُمْكِنُ دَفْعُ ذَلِكَ الْفَسَادِ الْكَبِيرِ إلَّا بِهَذَا الْفَسَادِ الصَّغِيرِ .
وَكَذَلِكَ فِي " بَابِ الْجِهَادِ " وَإِنْ كَانَ قَتْلُ مَنْ لَمْ يُقَاتِلْ مِنْ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَغَيْرِهِمْ حَرَامًا
فَمَتَى اُحْتِيجَ إلَى قِتَالٍ قَدْ يَعُمُّهُمْ مِثْلُ : الرَّمْيُ بِالْمَنْجَنِيقِ وَالتَّبْيِيتُ بِاللَّيْلِ جَازَ ذَلِكَ كَمَا جَاءَتْ فِيهَا السُّنَّةُ فِي حِصَارِ الطَّائِفِ وَرَمْيِهِمْ بِالْمَنْجَنِيقِ وَفِي أَهْلِ الدَّارِ
مِنْ الْمُشْرِكِينَ يَبِيتُونَ وَهُوَ دَفْعٌ لِفَسَادِ الْفِتْنَةِ أَيْضًا بِقَتْلِ مَنْ لَا يَجُوزُ قَصْدُ قَتْلِهِ . وَكَذَلِكَ " مَسْأَلَةُ التَّتَرُّسِ " الَّتِي ذَكَرَهَا الْفُقَهَاءُ ؛ فَإِنَّ الْجِهَادَ هُوَ دَفْعُ فِتْنَةِ
الْكُفْرِ فَيَحْصُلُ فِيهَا مِنْ الْمَضَرَّةِ مَا هُوَ دُونَهَا ؛ وَلِهَذَا اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ مَتَى لَمْ يُمْكِنْ دَفْعُ الضَّرَرِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ إلَّا بِمَا يُفْضِي إلَى قَتْلِ أُولَئِكَ الْمُتَتَرَّسِ بِهِمْ جَازَ ذَلِكَ ؛
وَإِنْ لَمْ يَخَفْ الضَّرَرَ لَكِنْ لَمْ يُمْكِنْ الْجِهَادُ إلَّا بِمَا يُفْضِي إلَى قَتْلِهِمْ فَفِيهِ قَوْلَانِ . وَمَنْ يُسَوِّغُ ذَلِكَ يَقُولُ :
قَتْلُهُمْ لِأَجْلِ مَصْلَحَةِ الْجَلَّادِ مِثْلَ قَتْلِ الْمُسْلِمِينَ الْمُقَاتِلِينَ يَكُونُونَ شُهَدَاءَ وَمِثْلُ ذَلِكَ إقَامَةُ الْحَدِّ عَلَى الْمَبَاذِلِ ؛
وَقِتَالِ الْبُغَاةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَمِنْ ذَلِكَ إبَاحَةُ نِكَاحِ الْأَمَةِ خَشْيَةَ الْعَنَتِ . وَهَذَا بَابٌ وَاسِعٌ أَيْضًا .


وَأَمَّا الرَّابِعُ : فَمِثْلُ أَكْلِ الْمَيْتَةِ عِنْدَ الْمَخْمَصَةِ ؛ فَإِنَّ الْأَكْلَ حَسَنَةٌ وَاجِبَةٌ لَا يُمْكِنُ إلَّا بِهَذِهِ السَّيِّئَةِ
وَمَصْلَحَتُهَا رَاجِحَةٌ وَعَكْسُهُ الدَّوَاءُ الْخَبِيثُ ؛ فَإِنَّ مَضَرَّتَهُ رَاجِحَةٌ عَلَى مَصْلَحَتِهِ مِنْ مَنْفَعَةِ الْعِلَاجِ لِقِيَامِ غَيْرِهِ مَقَامَهُ
؛ وَلِأَنَّ الْبُرْءَ لَا يُتَيَقَّنُ بِهِ وَكَذَلِكَ شُرْبُ الْخَمْرِ لِلدَّوَاءِ .
فَتَبَيَّنَ أَنَّ السَّيِّئَةَ تُحْتَمَلُ فِي مَوْضِعَيْنِ دَفْعِ مَا هُوَ أَسْوَأُ مِنْهَا إذَا لَمْ تُدْفَعْ إلَّا بِهَا وَتَحْصُلُ بِمَا هُوَ أَنْفَعُ
مِنْ تَرْكِهَا إذَا لَمْ تَحْصُلْ إلَّا بِهَا وَالْحَسَنَةُ تُتْرَكُ فِي مَوْضِعَيْنِ إذَا كَانَتْ مُفَوِّتَةً لِمَا هُوَ أَحْسَنُ مِنْهَا ؛
أَوْ مُسْتَلْزِمَةً لِسَيِّئَةٍ تَزِيدُ مَضَرَّتُهَا عَلَى مَنْفَعَةِ الْحَسَنَةِ . هَذَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُوَازَنَاتِ الدِّينِيَّةِ ...


لَكِنْ أَقُولُ هُنَا ؛ إذَا كَانَ الْمُتَوَلِّي لِلسُّلْطَانِ الْعَامَّ أَوْ بَعْضَ فُرُوعِهِكَالْإِمَارَةِ وَالْوِلَايَةِ وَالْقَضَاءِ
وَنَحْوُ ذَلِكَ إذَا كَانَ لَا يُمْكِنُهُ أَدَاءُ وَاجِبَاتِهِ وَتَرْكُ مُحَرَّمَاتِهِ وَلَكِنْ يَتَعَمَّدُ ذَلِكَ مَا لَا يَفْعَلُهُ غَيْرُهُ قَصْدًا وَقُدْرَةً :
جَازَتْ لَهُ الْوِلَايَةُ وَرُبَّمَا وَجَبَتْ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ إذَا كَانَتْ مِنْ الْوَاجِبَاتِ الَّتِي يَجِبُ تَحْصِيلُ مَصَالِحهَا مِنْ جِهَادِ الْعَدُوِّ وَقَسْمِ الْفَيْءِ وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ وَأَمْنِ السَّبِيلِ :
كَانَ فِعْلُهَا وَاجِبًا
فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مُسْتَلْزِمًا لِتَوْلِيَةِ بَعْضِ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ وَأَخْذِ بَعْضِ مَا لَا يَحِلُّ وَإِعْطَاءِ بَعْضِ مَنْ لَا يَنْبَغِي ؛ وَلَا يُمْكِنُهُ تَرْكُ ذَلِكَ : صَارَ هَذَا مِنْ بَابِ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ
أَوْ الْمُسْتَحَبُّ إلَّا بِهِ فَيَكُونُ وَاجِبًا أَوْ مُسْتَحَبًّا إذَا كَانَتْ مَفْسَدَتُهُ دُونَ مَصْلَحَةِ ذَلِكَ الْوَاجِبِ أَوْ الْمُسْتَحَبِّ
بَلْ لَوْ كَانَتْ الْوِلَايَةُ غَيْرَ وَاجِبَةٍ وَهِيَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى ظُلْمٍ ؛ وَمَنْ تَوَلَّاهَا أَقَامَ الظُّلْمَ حَتَّى تَوَلَّاهَا شَخْصٌ قَصْدُهُ بِذَلِكَ تَخْفِيفُ الظُّلْمِ فِيهَا . وَدَفْعُ أَكْثَرِهِ بِاحْتِمَالِ أَيْسَرِهِ :
كَانَ ذَلِكَ حَسَنًا مَعَ هَذِهِ النِّيَّةِ وَكَانَ فِعْلُهُ لِمَا يَفْعَلُهُ مِنْ السَّيِّئَةِ بِنِيَّةِ دَفْعِ مَا هُوَ أَشَدُّ مِنْهَا جَيِّدًا . وَهَذَا بَابٌ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النِّيَّاتِ وَالْمَقَاصِدِ
...

فَمَنْ طَلَبَ مِنْهُ ظَالِمٌ قَادِرٌ وَأَلْزَمَهُ مَالًا فَتَوَسَّطَ رَجُلٌ بَيْنَهُمَا لِيَدْفَعَ عَنْ الْمَظْلُومِ كَثْرَةَ الظُّلْمِ
وَأَخَذَ مِنْهُ وَأَعْطَى الظَّالِمَ مَعَ اخْتِيَارِهِ أَنْ لَا يَظْلِمَ وَدَفْعَهُ ذَلِكَ لَوْ أَمْكَنَ : كَانَ مُحْسِنًا وَلَوْ تَوَسَّطَ إعَانَةً لِلظَّالِمِ كَانَ مُسِيئًا ...


وَمِنْ هَذَا الْبَابِ تَوَلِّي يُوسُفَ الصِّدِّيقَ عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ لِمَلِكِ مِصْرَ بَلْ وَمَسْأَلَتُهُ أَنْ يَجْعَلَهُ عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ وَكَانَ هُوَ وَقَوْمُهُ كُفَّارًا كَمَا قَالَ تَعَالَى :
** وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ }
الْآيَةَ وَقَالَ تَعَالَى
عَنْهُ : ** يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ }
** مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ }
الْآيَةَ
وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ مَعَ كُفْرِهِمْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ عَادَةٌ وَسُنَّةٌ فِي قَبْضِ الْأَمْوَالِ وَصَرْفِهَا عَلَى حَاشِيَةِ الْمَلِكِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ وَجُنْدِهِ وَرَعِيَّتِهِ وَلَا تَكُونُ تِلْكَ جَارِيَةً عَلَى
سُنَّةِ الْأَنْبِيَاءِ وَعَدْلِهِمْ وَلَمْ يَكُنْ يُوسُفُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَفْعَلَ كُلَّ مَا يُرِيدُ وَهُوَ مَا يَرَاهُ مِنْ دِينِ اللَّهِ فَإِنَّ
الْقَوْمَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَكِنْ فَعَلَ الْمُمْكِنَ مِنْ الْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ
وَنَالَ بِالسُّلْطَانِ مِنْ إكْرَامِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ مَا لَمْ يَكُنْ يُمْكِنُ أَنْ يَنَالَهُ بِدُونِ ذَلِكَ وَهَذَا كُلُّهُ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ :
** فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } .
فإذا ازْدَحَمَ وَاجِبَانِ لَا يُمْكِنُ جَمْعُهُمَا فَقُدِّمَ أَوْكَدُهُمَا لَمْ يَكُنْ الْآخَرُ فِي هَذِهِ الْحَالِ وَاجِبًا وَلَمْ يَكُنْ
تَارِكُهُ لِأَجْلِ فِعْلِ الْأَوْكَدِ تَارِكَ وَاجِبٍ فِي الْحَقِيقَةِ . وَكَذَلِكَ إذَا اجْتَمَعَ مُحَرَّمَانِ لَا يُمْكِنُ تَرْكُ أَعْظَمِهِمَا
إلَّا بِفِعْلِ أَدْنَاهُمَا لَمْ يَكُنْ فِعْلُ الْأَدْنَى فِي هَذِهِ الْحَالِ مُحَرَّمًا فِي الْحَقِيقَةِ وَإِنْ سُمِّيَ ذَلِكَ تَرْكُ وَاجِبٍ وَسُمِّيَ هَذَا فِعْلُ مُحَرَّمٍ بِاعْتِبَارِ
الْإِطْلَاقِ لَمْ يَضُرَّ . وَيُقَالُ فِي مِثْلِ هَذَا تَرْكُ الْوَاجِبِ لِعُذْرِ وَفِعْلُ الْمُحَرَّمِ لِلْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ أَوْ لِلضَّرُورَةِ ؛ أَوْ لِدَفْعِ مَا هُوَ أحرم...


وَهَذَا بَابُ التَّعَارُضِ بَابٌ وَاسِعٌ جِدًّا لَا سِيَّمَا فِي الْأَزْمِنَةِ وَالْأَمْكِنَةِ الَّتِي نَقَصَتْ فِيهَا آثَارُ النُّبُوَّةِ وَخِلَافَةِ النُّبُوَّةِ
فَإِنَّ هَذِهِ الْمَسَائِلَ تَكْثُرُ فِيهَا وَكُلَّمَا ازْدَادَ النَّقْصُ ازْدَادَتْ هَذِهِ الْمَسَائِلُ وَوُجُودُ ذَلِكَ مِنْ أَسْبَابِ الْفِتْنَةِ بَيْنَ الْأُمَّةِ فَإِنَّهُ إذَا اخْتَلَطَتْ الْحَسَنَاتُ بِالسَّيِّئَاتِ وَقَعَ الِاشْتِبَاهُ
وَالتَّلَازُمُ فَأَقْوَامٌ قَدْ يَنْظُرُونَ إلَى الْحَسَنَاتِ فَيُرَجِّحُونَ هَذَا الْجَانِبَ وَإِنْ تَضَمَّنَ سَيِّئَاتٍ عَظِيمَةً وَأَقْوَامٌ قَدْ يَنْظُرُونَ إلَى السَّيِّئَاتِ فَيُرَجِّحُونَ الْجَانِبَ
الْآخَرَ وَإِنْ تَرَكَ حَسَنَاتٍ عَظِيمَةً
والمتوسطون الَّذِينَ يَنْظُرُونَ الْأَمْرَيْنِ قَدْ لَا يَتَبَيَّنُ لَهُمْ أَوْ لِأَكْثَرِهِمْ مِقْدَارُ الْمَنْفَعَةِ وَالْمَضَرَّةِ أَوْ يَتَبَيَّنُ لَهُمْ فَلَا يَجِدُونَ مَنْ
يُعِينُهُمْ الْعَمَلَ بِالْحَسَنَاتِ وَتَرْكَ السَّيِّئَاتِ ؛ لِكَوْنِ الْأَهْوَاءِ قَارَنَتْ الْآرَاءَ وَلِهَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ :
** إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْبَصَرَ النَّافِذَ عِنْدَ وُرُودِ الشُّبُهَاتِ وَيُحِبُّ الْعَقْلَ الْكَامِلَ عِنْدَ حُلُولِ الشَّهَوَاتِ } .
فَيَنْبَغِي لِلْعَالِمِ أَنْ يَتَدَبَّرَ أَنْوَاعَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ
وَقَدْ يَكُونُ الْوَاجِبُ فِي بَعْضِهَا - كَمَا بَيَّنْته فِيمَا تَقَدَّمَ - :
الْعَفْوَ عِنْدَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ فِي بَعْضِ الْأَشْيَاءِ ؛ لَا التَّحْلِيلَ وَالْإِسْقَاطَ

[وهذا بين جداً في أن السكوت
والعفو دون التحليل والإسقاط هو أحد الطرق المتبعة في وزن
المصالح والمفاسد وليس هو الطريق الأوحد].



مِثْلَ أَنْ يَكُونَ فِي أَمْرِهِ بِطَاعَةِ فِعْلًا لِمَعْصِيَةِ أَكْبَرَ مِنْهَا فَيَتْرُكُ الْأَمْرَ بِهَا دَفْعًا لِوُقُوعِ تِلْكَ الْمَعْصِيَةِ مِثْلَ أَنْ تَرْفَعَ مُذْنِبًا إلَى ذِي سُلْطَانٍ ظَالِمٍ فَيَعْتَدِي عَلَيْهِ فِي الْعُقُوبَةِ
مَا يَكُونُ أَعْظَمَ ضَرَرًا مِنْ ذَنْبِهِ وَمِثْلَ أَنْ يَكُونَ فِي نَهْيِهِ عَنْ بَعْضِ الْمُنْكَرَاتِ تَرْكًا لِمَعْرُوفِ هُوَ
أَعْظَمُ مَنْفَعَةً مِنْ تَرْكِ الْمُنْكَرَاتِ فَيَسْكُتُ عَنْ النَّهْيِ خَوْفًا أَنْ يَسْتَلْزِمَ تَرْكَ
مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ مِمَّا هُوَ عِنْدَهُ أَعْظَمُ مِنْ مُجَرَّدِ تَرْكِ ذَلِكَ الْمُنْكَرِ . فَالْعَالِمُ تَارَةً يَأْمُرُ وَتَارَةً يَنْهَى وَتَارَةً يُبِيحُ وَتَارَةً يَسْكُتُ عَنْ الْأَمْرِ أَوْ النَّهْيِ أَوْ الْإِبَاحَةِ
كَالْأَمْرِ بِالصَّلَاحِ الْخَالِصِ أَوْ الرَّاجِحِ أَوْ النَّهْيِ عَنْ الْفَسَادِ الْخَالِصِ أَوْ الرَّاجِحِ وَعِنْدَ التَّعَارُضِ يُرَجَّحُ الرَّاجِحُ - كَمَا تَقَدَّمَ - بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ.


فَأَمَّا إذَا كَانَ الْمَأْمُورُ وَالْمَنْهِيُّ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْمُمْكِنِ : إمَّا لِجَهْلِهِ وَإِمَّا لِظُلْمِهِ وَلَا يُمْكِنُ إزَالَةُ جَهْلِهِ وَظُلْمِهِ فَرُبَّمَا كَانَ الْأَصْلَحُ الْكَفَّ وَالْإِمْسَاكَ عَنْ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ كَمَا قِيلَ :
إنَّ مِنْ الْمَسَائِلِ مَسَائِلَ جَوَابُهَا السُّكُوتُ كَمَا سَكَتَ الشَّارِعُ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ عَنْ الْأَمْرِ بِأَشْيَاءَ وَالنَّهْيِ عَنْ أَشْيَاءَ حَتَّى عَلَا الْإِسْلَامُ وَظَهَرَ .

[وهذا أول جواب من سأل عن تأخير البيان]


فَالْعَالِمُ فِي الْبَيَانِ وَالْبَلَاغِ كَذَلِكَ ؛ قَدْ يُؤَخِّرُ الْبَيَانَ وَالْبَلَاغَ لِأَشْيَاءَ إلَى وَقْتِ التَّمَكُّنِ كَمَا أَخَّرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ
إنْزَالَ آيَاتٍ وَبَيَانَ أَحْكَامٍ إلَى وَقْتِ تَمَكُّنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا إلَى بَيَانِهَا .
يُبَيِّنُ حَقِيقَةَ الْحَالِ فِي هَذَا أَنَّ اللَّهَ يَقُولُ :
** وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا }
وَالْحُجَّةُ عَلَى الْعِبَادِ إنَّمَا تَقُومُ بِشَيْئَيْنِ : بِشَرْطِ التَّمَكُّنِ مِنْ الْعِلْمِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَالْقُدْرَةِ عَلَى الْعَمَلِ بِهِ .
فَأَمَّا الْعَاجِزُ عَنْ الْعِلْمِ كَالْمَجْنُونِ أَوْ الْعَاجِزِ عَنْ الْعَمَلِ فَلَا أَمْرَ عَلَيْهِ وَلَا نَهْيَ وَإِذَا انْقَطَعَ الْعِلْمُ بِبَعْضِ
الدِّينِ أَوْ حَصَلَ الْعَجْزُ عَنْ بَعْضِهِ : كَانَ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْعَاجِزِ عَنْ الْعِلْمِ أَوْ الْعَمَلِ بِقَوْلِهِ كَمَنْ انْقَطَعَ عَنْ الْعِلْمِ بِجَمِيعِ الدِّينِ أَوْ عَجَزَ عَنْ جَمِيعِهِ كَالْجُنُونِ مَثَلًا وَهَذِهِ أَوْقَاتُ الْفَتَرَاتِ
فَإِذَا حَصَلَ مَنْ يَقُومُ بِالدِّينِ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَوْ الْأُمَرَاءِ أَوْ مَجْمُوعِهِمَا كَانَ بَيَانُهُ لِمَا جَاءَ بِهِ
الرَّسُولُ شَيْئًا فَشَيْئًا بِمَنْزِلَةِ بَيَانِ الرَّسُولِ لِمَا بُعِثَ بِهِ شَيْئًا فَشَيْئًا
وَمَعْلُومٌ أَنَّ الرَّسُولَ لَا يُبَلِّغُ إلَّا مَا أَمْكَنَ عِلْمُهُ وَالْعَمَلُ بِهِ وَلَمْ تَأْتِ الشَّرِيعَةُ جُمْلَةً كَمَا يُقَالُ :
إذَا أَرَدْت أَنْ تُطَاعَ فَأْمُرْ بِمَا يُسْتَطَاعُ .
فَكَذَلِكَ الْمُجَدِّدُ لِدِينِهِ وَالْمُحْيِي لِسُنَّتِهِ لَا يُبَالِغُ إلَّا مَا أَمْكَنَ عِلْمُهُ وَالْعَمَلُ بِهِ كَمَا أَنَّ الدَّاخِلَ فِي الْإِسْلَامِ لَا يُمْكِنُ حِينَ دُخُولِهِ
أَنْ يُلَقَّنَ جَمِيعَ شَرَائِعِهِ وَيُؤْمَرَ بِهَا كُلِّهَا . وَكَذَلِكَ التَّائِبُ مِنْ الذُّنُوبِ ؛ وَالْمُتَعَلِّمُ وَالْمُسْتَرْشِدُ لَا يُمْكِنُ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ أَنْ يُؤْمَرَ بِجَمِيعِ الدِّينِ وَيُذْكَرَ لَهُ جَمِيعُ الْعِلْمِ فَإِنَّهُ لَا يُطِيقُ ذَلِكَ
وَإِذَا لَمْ يُطِقْهُ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا لَمْ يَكُنْ لِلْعَالِمِ وَالْأَمِيرِ
أَنْ يُوجِبَهُ جَمِيعَهُ ابْتِدَاءً بَلْ يَعْفُوَ عَنْ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ بِمَا لَا يُمْكِنُ عِلْمُهُ وَعَمَلُهُ إلَى وَقْتِ الْإِمْكَانِ كَمَا عَفَا الرَّسُولُ عَمَّا عَفَا عَنْهُ إلَى وَقْتِ بَيَانِهِ


وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ بَابِ إقْرَارِ الْمُحَرَّمَاتِ وَتَرْكِ الْأَمْرِ بِالْوَاجِبَاتِ لِأَنَّ الْوُجُوبَ وَالتَّحْرِيمَ مَشْرُوطٌ بِإِمْكَانِ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ وَقَدْ فَرَضْنَا انْتِفَاءَ هَذَا الشَّرْطِ .

فَتَدَبَّرْ هَذَا الْأَصْلَ فَإِنَّهُ نَافِعٌ . وَمِنْ هُنَا يَتَبَيَّنُ سُقُوطُ كَثِيرٍ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَإِنْ كَانَتْ وَاجِبَةً
أَوْ مُحَرَّمَةً فِي الْأَصْلِ لِعَدَمِ إمْكَانِ الْبَلَاغِ الَّذِي تَقُومُ بِهِ حُجَّةُ اللَّهِ فِي الْوُجُوبِ أَوْ التَّحْرِيمِ فَإِنَّ
الْعَجْزَ مُسْقِطٌ لِلْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَإِنْ كَانَ وَاجِبًا فِي الْأَصْلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . وَمِمَّا يَدْخُلُ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ
الِاجْتِهَادِيَّةِ عِلْمًا وَعَمَلًا أَنَّ مَا قَالَهُ الْعَالِمُ أَوْ الْأَمِيرُ أَوْ فَعَلَهُ بِاجْتِهَادِ أَوْ تَقْلِيدٍ فَإِذَا لَمْ يَرَ الْعَالِمُ
الْآخَرُ وَالْأَمِيرُ الْآخَرُ مِثْلَ رَأْيِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ لَا يَأْمُرُ بِهِ أَوْ لَا يَأْمُرُ إلَّا بِمَا يَرَاهُ مَصْلَحَةً وَلَا يَنْهَى
عَنْهُ إذْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْهَى غَيْرَهُ عَنْ اتِّبَاعِ اجْتِهَادِهِ وَلَا أَنْ يُوجِبَ عَلَيْهِ اتِّبَاعَهُ فَهَذِهِ الْأُمُورُ
فِي حَقِّهِ مِنْ الْأَعْمَالِ الْمَعْفُوَّةِ لَا يَأْمُرُ بِهَا وَلَا يَنْهَى عَنْهَا بَلْ هِيَ بَيْنَ الْإِبَاحَةِ وَالْعَفْوِ . وَهَذَا بَابٌ وَاسِعٌ جِدًّا فَتَدَبَّرْهُ
)).

(8)

قال الشيخ :
((وَهَكَذَا السُّنَّةُ فِي مُقَارِنَةِ الظَّالِمِينَ وَالزُّنَاةِ وَأَهْلِ الْبِدَعِ وَالْفُجُورِ وَسَائِرِ الْمَعَاصِي :

لَا يَنْبَغِي لِأَحَدِ أَنْ يُقَارِنَهُمْ وَلَا يُخَالِطَهُمْ إلَّا عَلَى وَجْهٍ يَسْلَمُ بِهِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
وَأَقَلُّ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مُنْكَرًا لِظُلْمِهِمْ مَاقِتًا لَهُمْ شَانِئًا مَا هُمْ فِيهِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ :
** مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ }
وَقَالَ تَعَالَى : ** وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ } الْآيَةُ .
وَكَذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ عَنْ يُوسُفَ الصِّدِّيقِ وَعَمَلِهِ عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ لِصَاحِبِ مِصْرَ لِقَوْمِ كُفَّارٍ .


وَذَلِكَ أَنَّ مُقَارَنَةَ الْفُجَّارِ إنَّمَا يَفْعَلُهَا الْمُؤْمِنُ فِي مَوْضِعَيْنِ :


أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ مُكْرَهًا عَلَيْهَا.


وَالثَّانِي :أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي مَصْلَحَةٍ دِينِيَّةٍ رَاجِحَةٍ عَلَى مَفْسَدَةِ الْمُقَارَنَةِ أَوْ أَنْ يَكُونَ فِي تَرْكِهَا مَفْسَدَةٌ
رَاجِحَةٌ فِي دِينِهِ فَيَدْفَعُ أَعْظَمَ
الْمَفْسَدَتَيْنِ بِاحْتِمَالِ أَدْنَاهُمَا وَتَحْصُلُ الْمَصْلَحَةُ الرَّاجِحَةُ بِاحْتِمَالِ الْمَفْسَدَةِ الْمَرْجُوحَةِ

وَفِي الْحَقِيقَةِ فَالْمُكْرَهُ هُوَ مَنْ يَدْفَعُ الْفَسَادَ الْحَاصِلَ بِاحْتِمَالِ أَدْنَاهُمَا وَهُوَ الْأَمْرُ الَّذِي أُكْرِهَ عَلَيْهِ)).

فتأمل كيف فصل أولاً بين باب الإكراه وباب تحصيل المصالح فلم يقصر باب فعل المنكرات على
الإكراه فقط،ثم تأما كيف عاد على ترجيح المصالح والمفاسد ليجعله من باب الإكراه مبطلاً قول من يضيق باب الإكراه.


ثم تأمل كيف أن مقارنة أهل الباطل فيها من المفاسد والتلبيس ما هو معلوم حتى كان بعض
السلف يبدع بها،ومع ذلك تأمل كيف دخلت في باب الموازنات دخولاً شريفاً فقيهاً
..

(9)

قال الشيخ :
((فَإِذَا كَانَ دَاعِيَةً-أي إلى بدعة أو فجور-مُنِعَ مِنْ وِلَايَتِهِ وَإِمَامَتِهِ وَشَهَادَتِهِ وَرِوَايَتِهِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ
النَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ لَا لِأَجْلِ فَسَادِ الصَّلَاةِ أَوْ اتِّهَامِهِ فِي شَهَادَتِهِ وَرِوَايَتِهِ فَإِذَا أَمْكَنَ لِإِنْسَانِ أَلَّا يُقَدِّمَ
مُظْهِرًا لِلْمُنْكَرِ فِي الْإِمَامَةِ وَجَبَ ذَلِكَ . لَكِنْ إذَا وَلَّاهُ غَيْرُهُ وَلَمْ يُمْكِنْهُ صَرْفُهُ عَنْ الْإِمَامَةِ
أَوْ كَانَ هُوَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ صَرْفِهِ إلَّا بِشَرِّ أَعْظَمَ ضَرَرًا مِنْ ضَرَرِ مَا أَظْهَرَهُ مِنْ الْمُنْكَرِ فَلَا يَجُوزُ
دَفْعُ الْفَسَادِ الْقَلِيلِ بِالْفَسَادِ الْكَثِيرِ وَلَا دَفْعُ أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ بِتَحْصِيلِ أَعْظَمِ الضَّرَرَيْنِ فَإِنَّ الشَّرِيعَةَ
جَاءَتْ بِتَحْصِيلِ الْمَصَالِحِ وَتَكْمِيلِهَا وَتَعْطِيلِ الْمَفَاسِدِ وَتَقْلِيلِهَا بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ .
وَمَطْلُوبُهَا تَرْجِيحُ خَيْرِ الْخَيْرَيْنِ إذَا لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يَجْتَمِعَا جَمِيعًا وَدَفْعُ شَرِّ الشَّرَّيْنِ إذَا لَمْ يَنْدَفِعَا جَمِيعًا .


فَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ مَنْعُ الْمُظْهِرِ لِلْبِدْعَةِ وَالْفُجُورِ إلَّا بِضَرَرِ زَائِدٍ عَلَى ضَرَرِ إمَامَتِهِ
لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ بَلْ يُصَلِّي خَلْفَهُ مَا لَا يُمْكِنُهُ فِعْلُهَا إلَّا خَلْفَهُ كَالْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ وَالْجَمَاعَةِ .
إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ إمَامٌ غَيْرُهُ وَلِهَذَا كَانَ الصَّحَابَةُ يُصَلُّونَ خَلْفَ الْحَجَّاجِ وَالْمُخْتَارِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ الثَّقَفِيِّ
وَغَيْرِهِمَا الْجُمُعَةَ وَالْجَمَاعَةَ فَإِنَّ تَفْوِيتَ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ أَعْظَمُ فَسَادًا مِنْ الِاقْتِدَاءِ فِيهِمَا بِإِمَامِ
فَاجِرٍ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ التَّخَلُّفُ عَنْهُمَا لَا يَدْفَعُ فُجُورَهُ فَيَبْقَى تَرْكُ الْمَصْلَحَةِ الشَّرْعِيَّةِ بِدُونِ دَفْعِ تِلْكَ الْمَفْسَدَةِ . )).

ولا شك أن إمامة المبتدع والفاجر فيها من التلبيس مالا يخفى ولكن انظر ما يجوز فيها من أبواب الميزان ..


(10)

قال الشيخ :
((وَإِذَا كَانَ أَكْلُ الْمَيْتَةِ وَاجِبًا وَالتَّدَاوِي لَيْسَ بِوَاجِبِ لَمْ يَجُزْ قِيَاسُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فَإِنَّ مَا كَانَ وَاجِبًا قَدْ يُبَاحُ فِيهِ مَا يُبَاحُ فِي غَيْرِ الْوَاجِبِ ؛
لِكَوْنِ مَصْلَحَةِ أَدَاءِ الْوَاجِبِ تَغْمُرُ مَفْسَدَةَ الْمُحَرَّمِ وَالشَّارِعُ يَعْتَبِرُ الْمَفَاسِدَ وَالْمَصَالِحَ فَإِذَا اجْتَمَعَا قَدَّمَ الْمَصْلَحَةَ الرَّاجِحَةَ عَلَى الْمَفْسَدَةِ الْمَرْجُوحَةِ ؛
وَلِهَذَا أَبَاحَ فِي الْجِهَادِ الْوَاجِبِ مَا لَمْ يُبِحْهُ فِي غَيْرِهِ حَتَّى أَبَاحَ رَمْيَ الْعَدُوِّ بِالْمَنْجَنِيقِ وَإِنْ أَفْضَى ذَلِكَ إلَى قَتْلِ


النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَتَعَمُّدُ ذَلِكَ يَحْرُمُ وَنَظَائِرُ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ فِي الشَّرِيعَةِ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .)).


فتأمل كيف جعل باب الجهاد من مفردات هذا الأصل العظيم ،ولم يقصر الباب عليه أو على الإكراه..

تطبيقات

(1)

قال شيخ الإسلام في رسالته إلى نصر المنبجي :
((نْ أَحْمَدَ ابْنِ تَيْمِيَّة : إلَى الشَّيْخِ الْعَارِفِ الْقُدْوَةِ السَّالِكِ النَّاسِكِ أَبِي الْفَتْحِ نَصْرٍ فَتَحَ اللَّهُ عَلَى
بَاطِنِهِ وَظَاهِرِهِ مَا فَتَحَ بِهِ عَلَى قُلُوبِ أَوْلِيَائِهِ وَنَصَرَهُ عَلَى شَيَاطِينِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ فِي جَهْرِهِ
وَإِخْفَائِهِ وَنَهَجَ بِهِ الطَّرِيقَةَ الْمُحَمَّدِيَّةَ الْمُوَافِقَةَ لِشِرْعَتِهِ وَكَشَفَ بِهِ الْحَقِيقَةَ الدِّينِيَّةَ الْمُمَيَّزَةَ بَيْنَ
خَلْقِهِ وَطَاعَتِهِ وَإِرَادَتِهِ وَمَحَبَّتِهِ ؛ حَتَّى يَظْهَرَ لِلنَّاسِ الْفَرْقُ بَيْنَ الْكَلِمَاتِ الْكَوْنِيَّةِ وَالْكَلِمَاتِ الدِّينِيَّةِ وَبَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ الصَّادِقِينَ الصَّالِحِينَ وَمَنْ تَشَبَّهَ بِهِمْ
مِنْ الْمُنَافِقِينَ كَمَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُمَا فِي كِتَابِهِ وَسُنَّتِهِ .

أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَنْعَمَ
عَلَى الشَّيْخِ وَأَنْعَمَ بِهِ نِعْمَةً بَاطِنَةً وَظَاهِرَةً فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا وَجَعَلَ لَهُ عِنْدَ خَاصَّةِ الْمُسْلِمِينَ - الَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا - مَنْزِلَةً عَلِيَّةً وَمَوَدَّةً إلَهِيَّةً ؛
لِمَا مَنَحَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِنْ حُسْنِ الْمَعْرِفَةِ وَالْقَصْدِ فَإِنَّ الْعِلْمَ وَالْإِرَادَةَ أَصْلٌ لِطَرِيقِ الْهُدَى وَالْعِبَادَةِ... الشَّيْخُ - أَحْسَنَ اللَّهُ إلَيْهِ - قَدْ جَعَلَ اللَّهَ فِيهِ مِنْ النُّورِ وَالْمَعْرِفَةِ -
الَّذِي هُوَ أَصْلُ الْمَحَبَّةِ وَالْإِرَادَةِ...
وَالشَّيْخُ - أَيَّدَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِنُورِ قَلْبِهِ وَذَكَاءِ نَفْسِهِ وَحَقَّقَ قَصْدَهُ مِنْ نُصْحِهِ لِلْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ وَلِإِخْوَانِهِ
السَّالِكِينَ - يَفْعَلُ فِي ذَلِكَ مَا يَرْجُو بِهِ رِضْوَانَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَمَغْفِرَتَهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ . وَهَذَا الْكِتَابُ مَعَ أَنِّي قَدْ أَطَلْت فِيهِ الْكَلَامَ عَلَى الشَّيْخِ - أَيَّدَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ الْإِسْلَامَ وَنَفَعَ الْمُسْلِمِينَ بِبَرَكَةِ أَنْفَاسِهِ وَحُسْنِ مَقَاصِدِهِ وَنُورِ قَلْبِهِ
- فَإِنَّ مَا فِيهِ نُكَتٌ مُخْتَصَرَةٌ فَلَا يُمْكِنُ شَرْحُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فِي كِتَابٍ وَلَكِنْ ذَكَرْت لِلشَّيْخِ
- أَحْسَنَ اللَّهُ تَعَالَى إلَيْهِ - مَا اقْتَضَى الْحَالَ أَنْ أَذْكُرَهُ - وَحَامِلُ الْكِتَابِ مُسْتَوْفٍ عَجْلَانُ وَأَنَا أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ أَنْ يُصْلِحَ أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ عَامَّتِهِمْ وَخَاصَّتِهِمْ وَيَهْدِيَهُمْ
إلَى مَا يُقَرِّبُهُمْ وَأَنْ يَجْعَلَ الشَّيْخَ مِنْ دُعَاةِ الْخَيْرِ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِيهِمْ :
** وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ })).

هذه هي عبارات الشيخ في الثناء على نصر المنبجي بقى أن أن نعرف رأي الشيخ في هذا الرجل :

يقول ابن كثير :
((وذلك أن الشيخ تقي الدين بن تيمية كان يتكلم في المنبجي وينسبه إلى اعتقاد ابن عربي)).

ويقول عنه ابن كثير : ((نصر المنبجي الاتحادي الحلولي)).

فهل مثل هذا الاتحادي الحلولي يخاطبه الشيخ بهذا الثناء إلا على طريق التكلم ببعض الباطل
لمصلحة ترجى،وهل مثل هذا إلا اجتهاد يقع جنسه من أهل العلم،ويحتاج لفقهاء يزنون
ما يقع منه من العلماء ويحكمون عليه فلا يكون التصدي لهذه الأبواب بالقضاء إلا لفقيه خبير؟؟

(2)

بعد أن سعى ابن مخلوف والمنبجي وحزبهم في سجن الشيخ وقتله = فرج الله عنه ثم يقول ابن عبد الهادي :
((وسمعت الشيخ تقي الدين ابن تيمية رحمه الله يذكر أن السلطان لما جلسا بالشباك أخرج من جيبه فتاوى لبعض الحاضرين في قتله واستفتاه في قتل بعضهم،
قال ففهمت مقصوده وأن عنده حنقا شديدا عليهم لما خلعوه وبايعوا الملك المظفر ركن الدين بيبرس
الجاشنكير،فشرعت في مدحهم والثناء عليهم وشكرهم وأن هؤلاء لو ذهبوا لم تجد مثلهم في دولتك، أما أنا فهم في حل من حقي ومن جهتي وسكنت ما عنده عليهم)).

طبعاً هؤلاء الذين مدحهم الشيخ فيهم المنبجي
وابن مخلوف وقد علمنا رأي الشيخ في المنبجي فلنعلم رأيه في ابن مخلوف..

يقول الشيخ :
((ابْنُ مَخْلُوفٍ " وَذَاكَ رَجُلٌ كَذَّابٌ فَاجِرٌ قَلِيلُ الْعِلْمِ وَالدِّينِ )).

قلت : فبم جوز الشيخ هذا الثناء وقول الباطل في هؤلاء؟

الجواب : بأصله الذي أصله من درء مفسدة علو السلطان لأهل العلم نكاية فيهم
وسياسة غير شرعية،وإلا فهؤلاء المبتدعة كانوا أولى بالعقوبة،ولكن دفعها الشيخ عليهم بثناء في غير محله تحصيلاً لمصلحة ودرءاً لمفسدة..

وهل مثل هذا إلا اجتهاد يقع جنسه من أهل العلم،ويحتاج لفقهاء يزنون ما يقع منه من العلماء
ويحكمون عليه فلا يكون التصدي لهذه الأبواب بالقضاء إلا لفقيه خبير؟؟

والحمد لله وحده..

أخوكم أبو فهر السلفي
م ن ق و ل


التوقيع

اسألكم الدعاء لي بالشفاء التام الذي لا يُغادر سقما عاجلآ غير آجلا من حيث لا احتسب
...
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ، فَإِنَّهُ لا يَمْلِكُهَا إِلا أَنْتَ
...
"حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله.انا الي ربنا راغبون"
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
لمصلحة, لمفسدة, أغلى, من, المفسدة, النقولات, ارتكاب, باب, تدفع, تَغمرها, بها.., جماع, جواز, في


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 09:36 AM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.