انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين


الفقه والأحكــام يُعنى بنشرِ الأبحاثِ الفقهيةِ والفتاوى الشرعيةِ الموثقة عن علماء أهل السُنةِ المُعتبرين.

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-15-2011, 12:47 AM
ام عبدالرحمن م ام عبدالرحمن م غير متواجد حالياً
عضو جديد
 




I15 حكم بناء الكنائس في البلدان الإسلامية

 



لا شك أن تنصير المسلمين وإخراجهم عن دينهم أمر خطير، وهذا التنصير إنما يتم عبر إحداث الكنائس التي يتم من خلالها نشر العقائد النصرانية الفاسدة لا سيما في هذا الزمان الذي كثر فيه اختلاط الكفار بالمسلمين ونشاط النصارى في بناء الكنائس في كثير من البلاد الإسلامية.وقد أجمع العلماء رحمهم الله على تحريم بناء الكنائس في البلاد الإسلامية، -كما سيأتي قريبا- ومساهمة في الدعوة إلى الله، وإنكار المنكر، أوردت البحث على النحو التالي: ذكر الآثار عن الصحابة، ذكر نصوص الأئمة أصحاب المذاهب، ذكر أقوال العلماء المحققين.
ذكر الآثار عن الصحابة رضي الله عنهم:
عن أبي الخير مرثد بن عبد الله اليزني قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا كنيسة في الإسلام". رواه أبو عبيد في كتاب الأموال.
وعن عكرمة قال: سئل ابن عباس عن أمصار العرب أو دار العرب هل للعجم أن يحدثوا فيها شيئا؟ فقال أيما مصر مصرته العرب فليس للعجم أن يبنوا فيه بيعة ولا يضربوا فيه ناقوسا ولا يشربوا فيه خمرا ولا يتخذوا فيه خنزيرا وأيما مصر مصرته العجم ففتحه الله عز وجل على العرب فنزلوا فيه فإن للعجم ما في عهدهم وعلى العرب أن يوفوا بعهدهم ولا يكلفوهم فوق طاقتهم". رواه عبد الرزاق وابن أبي شيبة.
قال السبكي في فتوى له في منع ترميم الكنائس: "قد أخذ العلماء بقول ابن عباس وجعلوه مع قول عمر وسكوت بقية الصحابة إجماعا".
وقد ورد في الشروط المشهورة عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "أن لا يجددوا في مدائن الإسلام ولا فيما حولها كنيسة ولا صومعة راهب ولا قلاية."
قال ابن القيم في أحكام أهل الذمة: "وشهرة هذه الشروط تغني عن إسنادها، فإن الأئمة تلقوها بالقبول وذكروها في كتبهم واحتجوا بها، ولم يزل ذكر الشروط العمرية على ألسنتهم وفي كتبهم، وقد أنفذها بعده الخلفاء وعملوا بموجبها".
قال أبو بكر الطرطوشي المالكي في كتاب سراج الملوك: "أمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن تهدم كل كنيسة لم تكن قبل الإسلام، ومنع أن تحدث كنيسة، وأمر أن لا تظهر عليه خارجة من كنيسة ولا يظهر صليب خارج من الكنيسة إلا كسر على رأس صاحبه، وكان عروة بن محمد يهدمها بصنعاء، وهذا مذهب علماء المسلمين أجمعين".
ذكر نصوص الأئمة أصحاب المذاهب:

المذهب الحنفي: جاء في اللباب في شرح الكتاب: "ولا يجوز إحداث بيعة ولا كنيسة في دار الإسلام".


وجاء في بدائع الصنائع: "و لهذا يمنعون من إحداث الكنائس في أمصار المسلمين".


وفي شرح كتاب السير الكبير: "ويمنعون من إحداث الكنائس بعدما صار مصراً من أمصار المسلمين".


وجاء في الهداية: "ولا يجوز إحداث بيعة ولا كنيسة في دار الإسلام".

وأما ما يعزى إلى الإمام أبي حنيفة من القول بإحداث الكنائس في القرى فيقول السبكي في فتواه في منع ترميم الكنائس، ما نصه: "لعل أبا حنيفة إنما قال بإحداثها في القرى التي ينفردون بالسكنى فيها على عادتهم في ذلك المكان، وغيره من العلماء يمنعها، لأنها في بلاد المسلمين وقبضتهم، وإن انفردوا فيها فهم تحت يدهم فلا يمكنون من إحداثالكنائس لأنها دار الإسلام، ولا يريد أبو حنيفة أن قرية فيها مسلمون فيمكن أهل الذمة من بناء كنيسة فيها. فإن هذه في معنى الأمصار فتكون محل إجماع". وفي حاشية رد المحتار وهو من كتب الحنفية ما نصه: "لا يجوز إحداث كنيسة في القرى، ومن أفتى بالجواز فهو مخطئ، ويحجر عليهنقل تصحيحه في الفتح عن شرح شمس الأئمة السرخسي في الإجارات، ثم قال: إنه المختار، وفي الوهبانية: إنه الصحيح من المذهب الذي عليه المحققون، إلى أن قال: فقد علم أنه لا يحل الإفتاء بالإحداث في القرى لأحد من أهل زماننا بعدما ذكرنا من التصحيح، والاختيار للفتوى وأخذ عامة المشايخ، ولا يلتفت إلى فتوى من أفتى بما يخالف هذا، ولا يحل العمل به ولا الأخذ بفتواه، ويحجر عليه في الفتوى، ويمنع، لأن ذلك منه مجرد اتباع هوى النفس، وهو حرام، لأنه ليس له قوة الترجيح، لو كان الكلام مطلقا، فكيف مع وجود النقل بالترجيح والفتوى، فتنبه لذلك، والله الموفق.
المذهب المالكي: أما أصحاب مالك فقال في الجواهر إن كانوا في بلدة بناها المسلمون فلا يمكنون من بناء كنيسة وكذلك لو ملكنا رقبة بلدة من بلادهم قهرا وليس للإمام أن يقر فيها كنيسة بل يجب نقض كنائسهم بها.
وقال ابن الماجشون ويمنعون من رم كنائسهم القديمة إذا رثت إلا أن يكون ذلك شرطا في عقدهم فيوفى لهم ويمنعون من الزيادة الظاهرة والباطنة.
وجاء في المدونة: "قلت: أرأيت هل كان مالك يقول: ليس للنصارى أن يحدثوا الكنائس في بلاد الإسلام؟ قال: نعم كان مالك يكره ذلك".
وجاء فيها أيضا: "وقال مالك: أرى أن يمنعوا من أن يتخذوا في بلاد الإسلام كنيسة إلا أن يكون لهم عهد فيحملون على عهدهم".
وفي التاج والإكليل: "عن ابن القاسم: يمنع أهل الذمة من إحداث الكنائسفي بلدة بناها المسلمون".
المذهب الشافعي:قال الشافعي في المختصر: "ولا يحدثوا في أمصار المسلمين كنيسة ولا مجتمعا لصلواتهم".
وجاء في المهذب "ويمنعون من إحداث الكنائس والبيع والصوامع في بلاد المسلمين".
وفي روضة الطالبين: "ما أحدثه المسلمون -من البلاد- كبغداد والكوفة والبصرة فلا يمكن أهل الذمة من إحداث بيعة وكنيسة وصومعة راهب فيها ولو صالحهم على التمكن من إحداثها فالعقد باطل".
وفي فتاوى السبكي: "إن الكنائس الحادثة في الإسلام لا تبقى في الأمصار إجماعا ولا في القرى عند أكثر العلماء".
ونقل السبكي رحمه الله أيضا الإجماع على أن الكنيسة إذا هدمت ولو بغيروجه لا يجوز إعادتها".
المذهب الحنبلي: جاء في الشرح الكبير لابن قدامة: "ويمنعون من إحداثالكنائس والبيع ولا يمنعون رم شعثها وفي بناء ما استهدم منها روايتان".
وفي أحكام أهل الذمة: قال عبد الله بن أحمد وسمعت أبي يقول ليس لليهود والنصارى أن يحدثوا في مصر مصره المسلمون بيعة ولا كنيسة ولا يضربوا فيه بناقوس إلا في مكان لهم صالح وليس لهم أن يظهروا الخمر في أمصار المسلمين.
وقال أبو الحارث سئل أبو عبد الله عن البيع والكنائس التي بناها أهل الذمة وما أحدثوا فيها مما لم يكن ؟ قال تهدم وليس لهم أن يحدثوا شيئا من ذلك فيما مصره المسلمون يمنعون من ذلك إلا مما صولحوا عليه".
وقيل لأبي عبد الله: إيش الحجة في أن يمنع أهل الذمة أن يبنوا بيعة أو كنيسة إذا كانت الأرض ملكهم وهم يؤدون الجزية وقد منعنا من ظلمهم وأذاهم؟.
قال: حديث ابن عباس رضي الله عنهما: "أيما مصر مصرته العرب".

ذكر أقوال العلماء المحققين:

قال ابن القيم: "وهذا الذي جاءت به النصوص والآثار هو مقتضى أصول الشرع وقواعده فإن إحداث هذه الأمور إحداث شعار الكفر وهو أغلظ من إحداث الخمارات والمواخير (بيوت الرِّيبةِ ومَجْمَعُ أَهل الفِسْق والفَساد) فإن تلك شعار الكفر وهذه شعار الفسق ولا يجوز للإمام أن يصالحهم في دار الإسلام على إحداث شعائر المعاصي والفسوق فكيف إحداث موضع الكفر والشرك فإن قيل فما حكم هذه الكنائس التي في البلاد التي مصرها المسلمون قيل هي على نوعين:
أحدهما: أن تحدث الكنائس بعد تمصير المسلمين لمصر فهذه تزال اتفاقا.

الثاني: أن تكون موجودة بفلاة من الأرض ثم يمصر المسلمون حولها المصر فهذه لا تزال والله أعلم".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "أما ما أحدث بعد ذلك -بعد فتح المسلمين- فإنه يجب إزالته ولا يمكنون من إحداث البيع والكنائس، كما شرط عليهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الشروط المشهورة عنه ألا يجددوا في مدائن الإسلام ولا فيما حولها كنيسة ولا صومعة ولا ديرا لا قَلاَّيَة (وهي من بيوت عبادتهم)..وهذا مذهب الأئمة الأربعة في الأمصار ومذهب جمهورهم في القرى وما زال من يوفقه الله من ولاة أمور المسلمين ينفذ ذلك ويعمل به مثل عمر بن عبد العزيز الذي اتفق المسلمون على أنه إمام هدى فروى الإمام أحمد عنه أنه كتب إلى نائبه عن اليمن أن يهدم الكنائس التي في أمصار المسلمين فهدمها بصنعاء وغيرها".
وقال رحمه الله: "فالواجب على ولي الأمر فعل ما أمره الله به وما هو أصلح للمسلمين من إعزاز دين الله وقمع أعدائه وإتمام ما فعله الصحابة من إلزامهم بالشروط عليهم ومنعهم من الولايات في جميع أرض الإسلام لا يلتفت في ذلك إلى مرجف أو مخذل يقول: إن لنا عندهم مساجد وأسرى نخاف عليهم فإن الله تعالى يقول: ]ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز[".
وبهذا العرض يتضح وجه الصواب في هذه المسألة، وهو تحريم إحداثالكنائس في البلدان الإسلامية، وأما القول بالجواز بناء على رعاية مقاصد الشرع ومصالح الخلق, فلا أدري أي سياسة أو مقصد أو مصلحة في إشاعة الكفر، وبلبلة أفكار المسلمين، وإفساد عقيدتهم عن طريق هذهالكنائس التي خصصت جانبا مهما من جهودها وطاقاتها لهذا الغرض. وإذا اتضح هذا فالمشاركة أيضا في بناء هذه الكنائس غير جائزة، وهو من المشاركة في إقامة أماكن يكفر فيها بالله تعالى، والكنائس لا تتخذ إلا لذلك. ثم وجدت فتوى للإمام القرافي ذكرها صاحب حاشية رد المحتار، أنه أفتى بأنه لا يعاد ما انهدم من الكنائس وأن من ساعد على ذلك فهو راض بالكفر، والرضا بالكفر كفر. والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله.




منقول من منتدي انا الداعي


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10-30-2011, 11:03 AM
أبو أسلم المنصوري. أبو أسلم المنصوري. غير متواجد حالياً
عضو فضى
 




افتراضي

كل ما اختطه المسلمون من البلدان لا يجوز فيه إحداث كنيسة ولا بيعة ولا صومعة بإجماع أهل العلم .

لأنها ملك للمسلمين , ولو عاقد الإمام النصارى على التمكن من ذلك فالعقد باطل .
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 10-30-2011, 11:16 AM
أبو أسلم المنصوري. أبو أسلم المنصوري. غير متواجد حالياً
عضو فضى
 




افتراضي


والشيء بالشيء يذكر هل النصاري الحاليين أهل ذمة؟

فصل
في بيان رفضهم لعقد الذمة
إن هؤلاء النصارى الذين يزعم أنهم أهل ذمة لا يُقرّون بعقد الذمة ولا يعترفون به بل يستنكفون ويرفضون أن يكونوا أهل ذمة للمسلمين ..
وهم يقولون إن علاقتهم بالمسلمين هي علاقة مواطنة حيث يجمعهم معهم وطن واحد يتساوى فيه الجميع من مسلمين ونصارى في الحقوق !
ويرفض هؤلاء النصارى أن تكون لهم تبعية للإسلام والمسلمين أو أن يكون للإسلام عليهم وصاية..
وليس لهم ولاء للدين الإسلامي، وإنما ولاؤهم للوطن مجردا عن الإسلام .
ولهذا فهم في مصر مثلا يرفضون تطبيق الشريعة الإسلامية ويرفضون أن يكون الدستور إسلاميا وهو بالفعل غير إسلامي.
ويرفضون اشتراط الإسلام لمنصب الرئيس .
إن مفهوم أهل الذمة يعني بداهة الضعف والصغار والاستسلام والخضوع لأحكام الغالب والتبعية له ..
وللأسف فإن هذه الأوصاف اليوم تنسحب على المسلمين في بلادهم ولا تنسحب على النصارى الذين يعيشون بينهم .
فالمسلمون هم الضعاف أمام أعدائهم حيث يخضعون لهم ويتبعون أحكامهم .
حتى أصبحوا يعيشون في وضع أهل الذمة عندهم !
أما النصارى الموجودون في بلاد الإسلام فحالهم أبعد ما يكون عن حال أهل الذمة ..
فهم لا يخضعون للإسلام ولا يخضعون للمسلمين بل هم طائفة لها شوكة ومنعة يمتنعون بها عن المسلمين ..
ففي مصر أصبح اشنوده وأتباعه يشكلون دولة داخل دولة فيعتقلون ويسجنون !
والحكومة المرتدة متواطئة معهم، والمسلمون يقفون عاجزين أمام طغيانهم ..
وهم مدعومون من طرف إخوتهم في العقيدة من النصارى المتحكمين اليوم في العالم .
وهذا الامتناع وترك الاستسلام يتناقض مع وصف الذمة ..
وحين تكون الغلبة والقوة لأهل الملة النصرانية فلن يقبل النصارى المقيمون في بلاد الإسلام أن يكونوا أهل ذمة للمسلمين ..
لن يقبلوا أن يكونوا أهل ذمة للمسلمين وهم يعلمون انه لا حول لهم ولا قوة ولا دولة ولا خلافة..
ولن يقبلوا أن يكونوا أهل ذمة للمسلمين وهم يعلمون أنهم عاجزون حتى عن تطبيق شريعتهم في أرضهم !
ولن يقبلوا أن يكونوا أهل ذمة للمسلمين وهم يعلمون أن إخوانهم في الدين من النصارى يتحكمون في حكام المسلمين ..
ويفعلون ما شاءوا في بلاد المسلمين..
ويأخذون ما شاءوا من ثروات المسلمين ..
إنهم يعلمون أن المسلمين يعيشون في وضعية أهل الذمة..
فكيف يقبلون أن يكونوا أهل ذمة عند أهل الذمة؟
إن الحديث عن عقد الذمة في زمن ضعف المسلمين حديث لا معنى له ..
لأن مقومات عقد الذمة مفقودة في زمن ضعف المسلمين .
***
أقول: وإذا كان هؤلاء النصارى لا يقبلون أن يكونوا أهل ذمة للمسلمين فكيف يزعم أنهم أهل ذمة وقد تقرر في الشرع أنه لا يعطى أحد فوق دعواه ؟!

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 10-30-2011, 11:19 AM
أبو أسلم المنصوري. أبو أسلم المنصوري. غير متواجد حالياً
عضو فضى
 




افتراضي

فصل
في تعريف عقد الذمة
إن وصف الذمة لا يطلق على كل من سكن في بلاد الإسلام أو ولد فيها وعاش فيها، بل هو وصف شرعي له شروط وضوابط محددة لا بد من توفرها حتى يتحقق .
يتضح ذلك بالرجوع إلى تعريف أهل العلم لعقد الذمة:
أقوال أهل العلم في تعريف عقد الذمة:
1- قال البهوتي:
(ومعنى عقد الذمة: إقرار بعض الكفار على كفرهم، بشرط بذل الجزية والتزام أحكام الملة .
والأصل فيها قوله تعالى: { قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر } الآية .
وحديث المغيرة بن شعبة: قال لجند كسرى يوم نهاوند: { أمرنا رسول ر بنا أن نقاتلكم حتى تعبدوا الله وحده أو تؤدوا الجزية } رواه البخاري) [شرح منتهى الإرادات - (4 / 288)].
2- قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين:
(معنى الذمة هنا إقرار بعض الكفار على كفرهم بشرط بذل الجزية والتزام أحكام الملة) [الشرح الممتع على زاد المستقنع - (8 / 54)].
3- قال محمد بن أحمد عليش المالكي في منح الجليل:
(وفي الجواهر عقد الذمة التزام تقريرهم في دارنا وحمايتهم والذب عنهم بشرط بذل الجزية والاستسلام منهم ) [منح الجليل شرح مختصر خليل - (6 / 128)].
4- قال ابن سيده:
(وعاهد الذمي أعطاه عهدا، وقيل: معاهدته: مبايعته لك على إعطاء الجزية، والكف عنه ) [المحكم والمحيط الأعظم - (1 / 120)].
فبان من خلال تعريفات أهل العلم لعقد الذمة أنه عقد مرتبط بالجزية وهذا هو سبب تسمية من يدفعون الجزية بأهل الذمة .
قال أبو منصور الهروي:
(وأهل الذمة أومنوا على جزيه يؤدونها فبه سموا أهل الذمة ) [الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي - (1 / 357)].

فصل
في اشتراط الجزية والصغار لصحة عقد الذمة
قال تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ }[التوبة: 29]
اتفق أهل العلم على أن هذه الآية الكريمة هي الأصل في مشروعية الجزية، وهي دالة على التلازم بين الجزية وعقد الذمة من عدة وجوه:
الوجه الأول:
أنها جعلت قتال أهل الكتاب مشروعا إلى أن يدفعوا الجزية كما دل على ذلك مفهوم "حتى" الذي يدل على انتهاء الغاية، ومدلول الغاية قيل بأنه من المنطوق كما ذكر السبكي في جمع الجوامع .
فدلت الآية على أن أهل الكتاب إما أن يدفعوا الجزية وإما أن يعمل فيهم السيف.
الوجه الثاني:
أن الآية دلت على أن الجزية بدل عن القتال وأنها تؤخذ من أهل الكتاب مقابل الكف عنهم وهذا هو مدلول اشتقاقها:
قال القرطبي:
(الجزية وزنها فعلة، من جزى يجزي إذا كافأ عما أسدي إليه، فكأنهم أعطوها جزاء ما منحوا من الأمن، وهي كالقعدة والجلسة. ومن هذا المعنى قول الشاعر:
يجزيك أو يثني عليك وإن من ... أثنى عليك بما فعلت كمن جزى) [تفسير القرطبي - (8 / 114)].
قال ابن القيم:
( واختلف في اشتقاقها فقال القاضي في الأحكام السلطانية اسمها مشتق من الجزاء إما جزاءا على كفرهم لأخذها منهم صغارا أو جزاءا على أماننا لهم لأخذها منهم رفقا) [أحكام أهل الذمة - (1 / 119)].
وقد رد ابن القيم على من زعم بأن الجزية أجرة عن سكنى دار الإسلام فقال:
(ليست الجزية أجرة عن سكنى الدار:
قد تبين بما ذكرنا أن الجزية وضعت صغارا وإذلالا للكفار لا أجرة عن سكنى الدار وذكرنا أنها لو كانت أجرة لوجبت على النساء والصبيان والزمني والعميان ولو كانت أجرة لما أنفت منها العرب من نصارى بني تغلب وغيرهم والتزموا ضعف ما يؤخذ من المسلمين من زكاة أموالهم ولو كانت أجرة لكانت مقدرة المدة كسائر الإجارات ولو كانت أجرة لما وجبت بوصف الإذلال والصغار ولو كانت أجرة لكانت مقدرة بحسب المنفعة فإن سكنى الدار قد تساوي في السنة أضعاف الجزية المقدرة ولو كانت أجرة لما وجبت على الذمي أجرة دار أو أرض يسكنها إذا استأجرها من بيت المال ولو كانت أجرة لكان الواجب فيها ما يتفق عليه المؤجر والمستأجر، وبالجملة ففساد هذا القول يعلم من وجوه كثيرة ) [أحكام أهل الذمة - (1 / 122)].
الوجه الثالث:
أن الآية دلت على أن الغاية من الجهاد هي إسلام هؤلاء الكفار أو دخولهم في الذمة بدفع الجزية .
قال الباجي:
(إذا ثبت وجوب الجهاد فإن غايته أن يدخل الكفار في الإسلام أو يدخلوا في الذمة بأداء الجزية وجريان أحكام الإسلام عليهم والأصل في ذلك قوله تعالى {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر} إلى قوله {وهم صاغرون} ) [المنتقى - شرح الموطأ - (3 / 19)].
وما لم يدخل هؤلاء الكفار في الإسلام أو يدفعوا الجزية فإن قتالهم يظل مشروعا، ومشروعية القتال لا يمكن أن تجتمع مع كونهم من أهل الذمة .
ومن الأدلة من السنة على مشروعية القتال عند الامتناع من الجزية:
ما روى مسلم في صحيحه عن سليمان بن بريدة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال أو خلال فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم:
ادعهم إلى الإسلام فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم .....
فإن هم أبوا فسلهم الجزية فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم).
وروى البخاري عن جبير بن حية قال:
( ندبنا عمر واستعمل علينا النعمان بن مقرن حتى إذا كنا بأرض العدو وخرج علينا عامل كسرى في أربعين ألفا فقام ترجمان فقال ليكلمني رجل منكم فقال المغيرة سل عما شئت قال ما أنتم قال نحن أناس من العرب كنا في شقاء شديد وبلاء شديد نمص الجلد والنوى من الجوع ونلبس الوبر والشعر ونعبد الشجر والحجر فبينا نحن كذلك إذ بعث رب السموات ورب الأرضين تعالى ذكره وجلت عظمته إلينا نبيا من أنفسنا نعرف أباه وأمه فأمرنا نبينا رسول ربنا صلى الله عليه وسلم أن نقاتلكم حتى تعبدوا الله وحده أو تؤدوا الجزية).
***
يتضح مما سبق أن الآية الكريمة ذكرت شرطين من شروط الذمة هما دفع الجزية والتزام الصغار، وكل من زعم بأن الذمة يمكن أن تتحقق دون اجتماع هذين الشرطين فهو معارض لصريح القرآن الكريم والسنة النبوية .

فصل
في بيان أقوال أهل العلم في اشتراط الجزية والصغار لصحة عقد الذمة:
كان أهل العلم دائما في كلامهم حول عقد الذمة يحرصون على ذكر هذين الشرطين فيذكرون الجزية تصريحا ويعبرون عن الصغار بالخضوع لأحكام الإسلام .
وهذه أقوالهم في المسألة:
1- قال المرداوي:
( لا يجوز عقد الذمة إلا بشرطين بذل الجزية والتزام أحكام الملة من جريان أحكام المسلمين عليهم) [الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل- (4 / 167)].
2- وقال بهاء الدين المقدسي:
(ولا يجوز عقد الذمة إلا بشرطين: أحدهما أن تجعل عليهم جزية في كل حول، والثاني: أن يلتزموا أحكام الإسلام لقوله سبحانه: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}) العدة [شرح العمدة - (2 / 219)].
3- وقال أبو إسحاق الشيرازي:
( ولا يجوز عقد الذمة إلا بشرطين بذل الجزية والتزام أحكام المسلمين فى حقوق الآدميين فى العقود والمعاملات وغرامات المتلفات
فإن عقد على غير هذين الشرطين لم يصح العقد والدليل عليه قوله عز وجل {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون} والصغار هو أن تجرى عليهم أحكام المسلمين ) [المهذب في فقه الإمام الشافعي - (2 / 253)].
4- قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
(يشترط لعقدها – أي الذمة- بذل الجزية والتزام أحكام الملة وأن يعقده الإمام أو نائبه) [المحرر في الفقه - (2 / 182)].
قال السرخسي في تعريف الذمي:
(الذمي من يلتزم أحكام الإسلام فيما يرجع إلى المعاملات) [المبسوط - (12 / 177)].
فتوفر هذين الشرطين لا بد منه ابتداء لصحة عقد الذمة، وانعدام أحدهما لاحقا يؤدي إلى فساد هذا العقد .
وقد نص علة ذلك أهل العلم فقالوا:
1- قال المرداوي:
(إذا امتنع الذمي من بذل الجزية أو التزام أحكام الملة انتقض عهده) [الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد- (4 / 182)].
2- قال بهاء الدين المقدسي:
(وإنما تقبل منهم الجزية إذا كانوا مقيمين على ما عاهدوا عليه من بذل الجزية والتزام أحكام الملة فإن نقضوا العهد بمخالفة شيء من ذلك صاروا حربا لزوال عهدهم ) [العدة شرح العمدة - (2 / 219)].
3- قال ابن قدامة:
(إذا امتنع الذمي من بذل الجزية أو التزام احكام الملة إذا حكم بها حاكم انتقض عهده بغير خلاف في المذهب سواء شرط عليهم أو لا، وهو مذهب الشافعي لقول الله تعالى {حتى يعطوا الجزية عن يدوهم صاغرون} قيل الصغار التزام أحكام المسلمين فأمر بقتالهم حتى يعطوا الجزية ويلتزموا أحكام الملة، ) [الشرح الكبير لابن قدامة - (10 / 634)].
4- قال القرطبي:
(لو عاهد الإمام أهل بلد أو حصن ثم نقضوا عهدهم وامتنعوا من أداء ما يلزمهم من الجزية وغيرها وامتنعوا من حكم الإسلام من غير أن يظلموا وكان الإمام غير جائر عليهم وجب على المسلمين غزوهم وقتالهم مع إمامهم. فإن قاتلوا وغلبوا حكم فيهم بالحكم في دار الحرب سواء. وقد قيل: هم ونساؤهم فيء ولا خمس فيهم، ) [تفسير القرطبي - (8 / 114)].
5 قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
(وإذا أبى الذمي بذل الجزية أو الصغار أو التزام حكمنا ينقض عهده) [الفتاوى الكبرى - (5 / 545)].
***
إذا تقرر ما سبق أدركنا يقينا أن هؤلاء النصارى الذين يدافع عنهم الشيخ محمد حسان لا عهد لهم ولا ذمة لأنهم لا يدفعون الجزية ولا يلتزمون الصغار ولا يخضعون لأحكام الإسلام.
فالقول بأنهم أهل ذمة مع انعدام هذين الشرطين افتراء عظيم في دين الله عز وجل .

فصل
لا يجوز الإمساك عن قتالهم إلا إذا كانو صاغرين
كل من انتقض عهدهم لكونهم لا يدفعون الجزية ولا يلتزمون بالصغار فإن دماءهم تظل مباحة وقتالهم يكون واجبا وهذه أقوال أهل العلم في ذلك:
1- قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
( قوله تعالى: { قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله و لا باليوم الآخر و لا يحرمون ما حرم الله و رسوله و لا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد و هم صاغرون } [ التوبة: 29 ]
فأمرنا بقتالهم إلى أن يعطوا الجزية و هم صاغرون و لا يجوز الإمساك عن قتالهم إلا إذا كانوا صاغرين حال إعطائهم الجزية و معلوم أن إعطاء الجزية من حين بذلها و التزامها إلى حين تسليمها و إقباضها فإنهم إذا بذلوا الجزية شرعوا في الإعطاء و وجب الكف عنهم إلى أن يقبضوناها فيتم الإعطاء فمتى لم يلتزموها أو التزموها أولا و امتنعوا من تسليمها ثانيا لم يكونوا معطين للجزية لأن حقيقة الإعطاء لم توجد) [الصارم المسلول - (1 / 16)].
2- ونبه شيخ الإسلام ابن تيمية على وجوب القتال إلى أن يحصل الصغار، وأن عقد الذمة في حال انعدام الصغار يعتبر عقدا فاسد، فقال رحمه الله:
(و إذا كان قتالهم واجبا علينا إلا أن يكونوا صاغرين و ليسوا بصاغرين كان القتال مأمورا به و كل من أمرنا بقتاله من الكفار فإنه يقتل إذا قدرنا عليه، و أيضا فإنا لو كنا مأمورين أن نقاتلهم إلى هذه الغاية لم يجز أن نعقد لهم عهد الذمة بدونها و لو عقد لهم (كان) عقدا فاسدا فيبقون على الإباحة ) [الصارم المسلول - (1 / 16)].
3- ووافقه في ذلك تلميذه ابن القيم فقال:
(إذا كنا مأمورين أن نقاتلهم إلى هذه الغاية لم يجز أن نعقد لهم عهد الذمة بدونها ولو عقد لهم كان عقدا فاسدا) [أحكام أهل الذمة - (3 / 1378)].
4- وقال ابن القيم أيضا:
(أما حبل الله سبحانه فإنه إنما اقتضى الأمر بالكف عنهم إذا كانوا صاغرين فمتى لم يوجد وصف الصغار المقتضي للكف منهم وعنهم فالقتل للمقدور عليه منهم والقتال للطائفة الممتنعة واجب) [أحكام أهل الذمة - (3 / 1378)]
5- كما صرح ابن حزم بإباحة دم أهل الذمة إن لم يلتزموا بالصغار فقال:
(وأما الصغار عليهم فإن النص قد ورد بإلزامه إياهم فكل ما وقع عليه اسم صغار فنحن نأتيه فيهم إلا ما منعنا منه نص أو إجماع فقط ولذلك أبحنا دماءهم إن ركبوا فرسا أو حملوا سلاحا أو تكنوا بكنى المسلمين أو تشبهوا بهم أو سبوا مسلما أو أهانوه أو خالفوا شيئا من الشروط التي قد جمعناها في كتاب ذي القواعد لأنه عموم واجب أخذه كله) [الإحكام لابن حزم - (3 / 406)].
6- وقال ابن حزم في بيان مشروعية قتل الذمي إذا ضرب المسلم:
(وأما الذمي - إذا أضر بمسلم، فلقول الله تعالى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} فإنما حرمت دماء أهل الكتاب بالتزام الصغار، فإذا فارقوا الصغار فقد برئت ذمتهم، وسقط تحريم دمائهم، وعادت حلالا كما كانت، لأن الله تعالى أباح دماءهم أبدا إلا بالصغار، فإذا لم يكن الصغار فدماؤهم لم تحرم، وهم إذا أضروا بمسلم فلم يصغر وهم وقد أصغروه، فدماؤهم حلال ) [المحلى - (11 / 401)].

فصل
في معنى الصغار المذكور في الآية
تقرر عند أهل العلم أن عقد الذمة له شروط لا بد من استيفائها
وقد نصت الآية على شرطين أحدهما اتفق أهل العلم على شرطيته وعلى مدلوله وهو الجزية، والثاني اتفقوا على شرطيته واختلفوا في تفسيره وهو الصغار .
وهذه أقوال أهل العلم في تفسير الصغار:
القول الأول: أنه الخضوع لأحكام الإسلام
1- قال البيهقي:
(قال الشافعي: وليس للإمام الخيار في أحد من المعاهدين الذي يجري عليهم الحكم إذا جاءوه في حد لله عز وجل، وعليه أن يقيمه، واحتج بقول الله عز وجل { حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون} قال: كان الصغار والله أعلم أن يجري عليهم حكم الإسلام ) [السنن الصغير للبيهقي - (8 / 103)].
2- قال ابن القيم:
(والصواب في الآية أن الصغار هو التزامهم لجريان أحكام الملة عليهم وإعطاء الجزية فإن التزام ذلك هو الصغار) [أحكام أهل الذمة - (1 / 121)].
3- وفي تفسير الجلالين:
({حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَة}: الخراج المضروب عليهم كل عام
{عَنْ يَد}: حال أَيْ مُنْقَادِين أَو بِأَيديهم لَا يُوَكَّلُون بها
{وَهُمْ صَاغِرُونَ}: أذلاء منقادون لحكم الإسلام) [تفسير الجلالين - (3 / 271)].
4- قال تقي الدين بن محمد الحسيني الحصيني:
(قال الرافعي والأصح عند الأصحاب تفسير الصغار بالتزام أحكام الإسلام وجريانها عليهم وقالوا أشد الصغار على المرء أن يحكم عليه بما لا يعتقده ويضطر إلى احتماله والله أعلم) [كفاية الأخيار - (1 / 512)].
القول الثاني: أن تؤخذ منهم على هيئة فيها صغار ومذلة:
1- روى الترمذي في السنن:
(حدثنا قتيبة حدثنا أبو عوانة عن عطاء بن السائب عن ابي البختري: أن جيشا من جيوش المسملين كان أميرهم سلمان الفارسي حاصروا قصرا من قصور فارس فقالوا يا ابا عبد الله الا ننهد إليهم ؟ قال دعوني أدعهم كما سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يدعوهم فأتاهم سلمان فقال لهم إنما أنا رجل منكم فارسي ترون العرب العرب يطيعونني فإن اسلمتم فلكم مثل الذي لنا وعليكم مثل الذي علينا وإن أبيتم إلا دينكم تركناكم عليه وأعطونا الجزية عن يد وأنتم صاغرون قال ورطن إليهم بالفارسية وأنتم غير محمودين)
قال الترمذي: و حديث سلمان حديث حسن لا نعرفه إلا من حديث عطاء بن السائب وسمعت محمدا يقول أبو البختري لم يدرك سلمان لأنه لم يدرك عليا و سلمان مات قبل علي
2- وقال الجصاص:
(قوله تعالى {عن يد وهم صاغرون} فأمر بأخذها منهم على وجه الصغار والذلة ....ومتى أخذناها على غير هذا الوجه لم تكن جزية لأن الجزية هي ما أخذ على وجه الصغار) [أحكام القرآن للجصاص - (4 / 295)].
3- وقال سراج الدين بن عادل الحنبلي :
(قوله { وَهُمْ صَاغِرُونَ } أي: تؤخذ الجزية منهم على الصغار والذل والهوان، يأتي بها بنفسه ماشياً لا راكباً، ) [اللباب في علوم الكتاب - (8 / 257)].
4- وقال ابن كثير:
(وقوله: { حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ } أي: إن لم يسلموا، { عَنْ يَدٍ } أي: عن قهر لهم وغلبة، { وَهُمْ صَاغِرُونَ } أي: ذليلون حقيرون مهانون. فلهذا لا يجوز إعزاز أهل الذمة ولا رفعهم على المسلمين، بل هم أذلاء صَغَرة أشقياء، كما جاء في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام، وإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه"
ولهذا اشترط عليهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، تلك الشروط المعروفة في إذلالهم وتصغيرهم وتحقيرهم، وذلك مما رواه الأئمة الحفاظ، من رواية عبد الرحمن بن غَنْم الأشعري) [تفسير ابن كثير - (4 / 133)].
5- قال الباجي:
( فإنها إنما تؤخذ من أهل الكفر على وجه الصغار لقوله تعالى حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون فليس فيها تطهير من أخذت منه، وإنما هي إذلال وصغار له) [المنتقى - شرح الموطأ - (2 / 134)].
6- قال محمد بن محمد البابرتي:
(أداء الجزية لم يشرع إلا بوصف الصغار) [العناية شرح الهداية - (8 / 102)].
7- وقال ابن القيم في تعريف الجزية:
(مال مأخوذ من الكفار على وجه الصَغَار فى كل عام.) [زاد المعاد في هدي خير العباد - (3 / 643)].
8- وقال ابن القيم أيضا:
(وأما قوله عن يد فهو في موضع النصب على الحال أي يعطوها أذلاء مقهورين هذا هو الصحيح في الآية) [أحكام أهل الذمة - (1 / 119)].
ولما كان الصغار ملازما لدفع الجزية نص أهل العلم على عدم قبول الجزية من أهل الذمة إذا دفعوها بهيئة تنافي الصغار، كما قال في الإقناع:
(ولا يقبل منهم إرسالها مع غيرهم لزوال الصغار كما لا يجوز تفريقها بنفسه بل يحضر الذمي بنفسه ليؤديها وهو قائم وليس للمسلم أن يتوكل لهم في أدائها ولا أن يضمنها ولا أن يحيل الذمي عليه بها ) [الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل - (2 / 45)].
القول الثالث: أن دفع الجزية هو الصغار نفسه
ومن أدلة هذا القول ما ورد في تفسير قوله تعالى {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ} من أن المقصود به الجزية .
قال ابن جرير الطبري:
( و"الذلة" هي الصغار الذي أمر الله جل ثناؤه عباده المؤمنين أن لا يعطوهم أمانا على القرار على ما هم عليه من كفرهم به وبرسوله - إلا أن يبذلوا الجزية عليه لهم، فقال عز وجل:
{قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِر وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [ التوبة: 29] كما: -
1088 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الحسن وقتادة في قوله: {وضربت عليهم الذلة}، قالا يعطون الجزية عن يد وهم صاغرون) [تفسير ابن جرير ].
ومن أدلة هذا القول ما نقله ابن رجب في كتاب الاستخراج حيث قال:
(وروى يحيى بن آدم من طريق قتادة عن سفيان العقيلي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه نهى أن يشتري أحد من أرض الخراج أو رقيقهم شيئا وقال لا ينبغي للمسلم أن يقر بالصغار في عنقه .
ومن طريق كليب بن وائل قال قلت لابن عمر رضي الله عنهما اشتريت أرضا قال الشراء حسن قلت فإني أعطي من كل جريب درهما وقفيزا من طعام قال لا تجعل في عنقك الصغار .
ومن طريق ميمون بن مهران عن عمر رضي الله عنهما قال ما يسرني أن لي الأرض كلها بجزية خمسة دراهم أقر فيها بالصغار على نفسي .
ومن طريق جابر الجعفي عن القاسم عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال من أقر بالطسق فقد أقر بالصغار يعني بالطسق الخراج .
وخرج أبو عبيد من طريق شعبة عن حبيب بن أبي ثابت قال تبعنا ابن عباس رضي الله عنهما فسأله رجل قال إني أكون بهذا السواد فاتقبل ولست أريد أن أزداد ولكني أدفع عني الضيم فقرأ عليه ابن عباس {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله} إلى قوله {حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون} قال ابن عباس رضي الله عنهما لا تنزعوه من أعناقهم وتجعلوه في أعناقكم ) [الاستخراج لأحكام الخراج - (1 / 103)].
وقال الطاهر بن عاشور في تفسيره:
({وَهُمْ صَاغِرُونَ} حال من ضمير يعطوا.
والصاغر اسم فاعل من صغر - بكسر الغين - صغرا بالتحريك وصغارا. إذا ذل، أي وهم أذلاء وهذه حال لازمة لإعطاء الجزية عن يد) [التحرير والتنوير - (10 / 68)].
***
وهناك تفسيرات أخرى للصغار ترجع كلها إلى هذه الأقوال الثلاث .
وهذه الأقوال لا تعارض بينها وكلها صحيحة، فالخضوع لأحكام الإسلام من الصغار الواجب على أهل الذمة، وإعطاؤهم للجزية ينبغي أن يكون على هيئة فيها صغار وخضوع وذلة لا كبر أو مساواة أو ندية، ودفع الجزية هو نفسه صغار و ذلة على أهل الذمة .


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 10-30-2011, 04:21 PM
د.أشرف د.أشرف غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

نفع الله بكم
جزاكم الله خيرا
بارك الله فيكم
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 12-22-2011, 04:01 AM
أم الزبير محمد الحسين أم الزبير محمد الحسين غير متواجد حالياً
” ليس على النفس شيء أشق من الإخلاص لأنه ليس لها فيه نصيب “
 




افتراضي

جزاكم الله خيراً
التوقيع



عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى النَّاسِ يَوْمٌ لَا يَدْرِي الْقَاتِلُ فِيمَ قَتَلَ ، وَلَا الْمَقْتُولُ فِيمَ قُتِلَ ، فَقِيلَ : كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ ؟ قَالَ : الْهَرْجُ ، الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ )
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
البلدان, الإسلامية, الكنائس, تنال, حكم, في


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 07:55 AM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.