انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات الشرعية ::. > كلام من القلب للقلب, متى سنتوب..؟!

كلام من القلب للقلب, متى سنتوب..؟! دعوة لترقيق القلب وتزكية النفس

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-27-2011, 11:05 AM
أبو عبد الله الأنصاري أبو عبد الله الأنصاري غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




3agek13 إلي من حجبته السحب .......

 

قبل البداية

رسالتي هذه إليك قصيرة جدًا ولا تكفي أن أبث لك فيها ما أريد.. ولكن حسبي منك نباهة وفطنة.
لقد عرفتك تحب الحوار.. وتتطلع إلى معرفة كل جديد.. امنحني عشر دقائق من وقتك وأصغ بسمعك وارعني قلبك.. ثم بعد ذلك أنت الحكم.

لقد احترت في نقطة البداية وأنت تضع يدك في يدي!! وعينك على حروفي؛ ولذا جمعت لك شهدًا مصفى وزهرًا معطرًا بالشذا..
إني محدثك بمجموعة من القصص قبل أن أبدأ حديثي معك.. جعلت ثلاثًا منها في البداية وهي قصص رأيت بعضها وسمعت بعضها ويتناقل الركبان أضعافها!!
فلا تبخل علي بقراءتها والتمعن فيها ويهمني معرفة رأيك في نهايتها.. بل وفي بدايتها.
جعلك الله إمامًا للمتقين وقائدًا فاتحًا من قواد المسلمين ونفع بك الإسلام والمسلمين.. ومثلك لا تسقط راية الإسلام من يده.


القصة الأولى
انتهت الإجازة والناس بين مشرق ومغرب.. وكل نفس بما كسبت رهينة.. اجتمع الأصدقاء.. كل يحكي ما رأى ويورد ما شاهد!!
أحدهم سبقت ضحكته حديثه وهو يحكي رحلته إلى أمريكا وقصة هبوط الطائرة الاضطراري!!
أما الآخر فقد كان مغرمًا بحب الرحلات والمغامرات.. وتملكه حب الصيد ومطاردة الغزلان والأرانب حتى وصل إلى القارة السوداء.. وكان حديثه متميزًا.
قال: ذهبت إلى أفريقيا وسرت في أرضها وبين أشجارها وغاباتها.. مناظر رائعة وطبيعة خلابة لا تمل مشاهدتها.. وفي وسط غابة متشابكة الأطراف لاح لنا مبنى مرتفع.. وخطر في بالي أن هذا القصر لحاكم الولاية أو لغني من أغنيائها.. ولكنه خاب ظني وأخطأ حدسي.. فما أن اقتربنا منه وبدت ملامحه حتى اتضح أنه كنيسة يعتني بأمرها منصر عجوز قارب الثمانين من عمره يعيش في غرفة صغيرة في زاوية منها لا تتجاوز مساحتها عشرين مترًا مربعًا.. في مجاهل مروعة وسط غابة مليئة بالوحوش واللصوص وقطاع الطرق.. وليس في هذه الغرفة أي وسيلة من وسائل الحياة المعاصرة التي نعيشها.. فلا يوجد هاتف ولا كهرباء ولا ماء.. ولا ما تراه عينك من الخدمات يوميًا!! وهذا المبنى الضخم هو الكنيسة التي يدعو فيها صباحًا ومساء.. حتى يرهقه التعب ويدركه النوم ثم يأوي إلى غرفته الصغيرة في زاوية مجاورة لمبنى الكنيسة!! ولكن ما الذي دفع هذا المنصر لأن يبقى في هذه الغرفة وسط الوحوش وفي ظل الخوف أربعين سنة متواصلة!!
لا بد أن له هدفًا ينشده وأملاً يسير في طريقه!! أربعون سنة في مكان تختفي فيه وسائل الحياة المعاصرة.. أربعون سنة يكد ويكدح.
أربعون سنة وسط الغابات وعلى مرمى من زئير الأسد وأنياب النمر..
سأخبرك لماذا بقي أربعين سنة في وسط هذا المكان.. ولعلمي بفطرتك الطيبة وعقيدتك الصافية ستضحك على ضلاله.
إنه يدعو إلى دين محرف وطريق معوج.. ولكنه يمضي قدمًا ويسير في ثبات. يبحث عن فريسة في وسط أدغال أفريقيا.. ربما تكون فريسته شيخ مسلم جائع أو طفل يتيم أو امرأة مريضة.. وربما يمر عليه العام والآخر ولم يستمع له أحد.. ولكنه الصبر على الضلال.
هذا فرد من ملايين يدعون إلى دينهم الباطل.. وهو في هذه الغابة المنقطعة عن العالم تصله طائرة مروحية كل حين محملة بالغذاء والأدوية التي هي إحدى وسائل دعوته.. ثم تغيب الطائرة لتهبط في مكان آخر فيه عجوز أو شاب آخر في مثل سنك تفرغ للدعوة!! نعم إنها معركة طاحنة وحرب ضروس لا هوادة فيها.. لقد بذلوا أموالهم وأوقاتهم وسخروا إمكاناتهم في سبيل دينهم.
إليك معلومات سريعة عن جهودهم في سبيل التنصير، ففي عام واحد هو عام 1996م وحتى لا نرى ضبابًا فحسب. بل إنه مطر أنبت شوكًا وأرضًا جرزًا.. إليك الأرقام..
1- تم جمع مبلغ وقدره 193 مليار دولار أمريكي.
2- عدد المنظمات التنصيرية 23300 منظمة وأما المنظمات المتخصصة في إرسال منصرين فعددها 4500 منظمة.
3- عدد المنصرين الذين يعملون داخل أوطانهم هو 4.635.500 منصر. وبلغ الذين يعملون خارج أوطانهم 398.000 منصر. بلغ عدد محطات الإذاعة والتلفزة التي تمتلكها المنظمات التنصيرية 3200 محطة، وعدد الأناجيل الموزعة 178.317.000 كتابًا.
سنخجل أنا وأنت من تلك المعلومات والأرقام، وربما لم يقدم الكثير من المسلمين ريالاً واحدًا مدى حياته!!
ألست معي في ذلك؟! وغدًا سيسألك الله عز وجل عن شبابك فيم أمضيته؟! فما هو جوابك؟!
وهاك أخي الحبيب معلومة تدمي الكبد وتقرح الفؤاد: أنشيء مستشفى تنصيري عام 1965م في قرية (معلوم جات) في منطقة (شيتاجانج) في بنغلاديش التي لم يكن يوجد بها نصراني آنذاك.. أما الآن فقد بلغ عددهم أربعين ألف نصراني!!
وكان عدد السكان النصارى في بنغلاديش بطولها وعرضها عام 1972م مائتي ألف نسمة فقط.. ها هو قد ارتفع عام 1991م إلى خمسة ملايين نصراني!! وخلف هذا الرقم جهود وأموال وتضحيات.
القصة الثانية
قال محدثي وكانت عليه علامات النجابة والنباهة وتعلوه سيما الخير والصلاح: نحن في زمن تقبل فيه أنصاف الحلول وتميع فيه الأوامر والنواهي.. فما وافق الهوى أخذنا وما خالفه تجاهلنا.. وسأحدثك عن حادثة وقعت لي قبل شهور.. سأحدثك عن قريب بعيد.. قربه النسب وأبعده الدين. وبحكم اطلاعي على دقائق حياته وتفاصيل أيامه فقد تأكد لي أنه لا يصلي مطلقًا.
كنت استعجل الأيام.. وأسير معه في الحديث خطوات عجلى ليقيم الصلاة ولكنه كان يقدم ويؤخر ويظن أن العمر طويل والحياة دائمة.. ورغم النهاية المرة التي يعلمها كل بني البشر إلا أنه يتماهل ويتجاهل.
قلت له: عشرون وثلاثون بل وثمانون عامًا ثم ماذا؟ الموقف نفسه سيمر عليك طالت بك الأيام أم قصرت عنك الليالي.
في ليل مظلم استحوذ عليه الشيطان فأنساه ذكر الله أطلق قدميه تركض في أوحال المعصية وأوزار الكبيرة.. ألهته الأماني وغرته نسمة الحياة وبهجة الدنيا.. وكثير من الناس اليوم مثله لو أجلت طرفك في المجتمع.
وفجأة على غير موعد نزل به نازل وطرقه طارق ولم يكن هذا الضيف ليزوره إلا هذه المرة فحسب ولكنها زيارة ثقيلة مؤلمة.. إنه الزائر الذي لا يرد.
حاول أن يؤخره أو يؤجله بل ورغب أن يتفاهم معه ويدفع في وجهه الدواء والطبيب والأموال والأولاد ولكن انتهى كل شيء.. هوت آمال عظام وأحلام كالجبال، ورغم كل الوسائل الدفاعية نزل بساحته أمر كان ينكر وقوعه؛ فحشرج صدره وضاقت أنفاسه وغادرت روحه، وأمامه الأسئلة الصعاب والجنة والنار!!
في مجتمع أسرتي لم يكن هو أول من غادر الدنيا بهذه السرعة ولم يكن هو الشاب الوحيد الذي فقدناه.. ولكن كان لحياته فجيعة ولموته عبرة!! وكان يوم موته وتغسيله والصلاة عليه ثم دفنه يومًا مشهودًا غاب عنه الكثير وكنت أولهم. فكيف أصلي على من حرم الله عز وجل ورسوله الصلاة عليه. تراجعت طاعة وعبادة حتى تم كل شيء.. ولعلك تعلم أن في مجتمعي الصغير بعضًا ممن في دينه وهن وفي إسلامه دخن ومنهم من تلبسته الشياطين فأعلن النفاق قولاً وعملاً. وهؤلاء وأعوانهم اجتمعوا لحربي وإطلاق السهام نحوي في اجتماع عائلي شهري ملأه الأشياخ من كبار السن ومن شبابهم وصغارهم.
قال محدثني وهو يتذكر الموقف: في ذلك الجمع الكبير هب أحدهم شاهرًا سيفه ومصوبًا سهمه ورافعًا صوته باستغراب يملأه الاستهزاء وهو يسمع الجميع: أين أنت عن صلة الرحم والقيام بالواجب؟ فها هو فلان مات ولم نر لك أثرًا ولم نعلم لك مكانًا وهي أيام مشهودة لم يتأخر عنها القاصي والداني سوى أنت.. وأشار بأصبعه نحوي.
اتجهت العيون يملأها العتاب، وتحركت الأيدي تلوم، واهتزت الرءوس تؤكد حديثه وتستطلع جوابًا لسؤاله: أين أنت عن واجب الصلاة والعزاء؟ وأضاف أحدهم ممن اتخذ الاستهزاء طريقًا: تُصلي وتصوم ولا تعرف حقوق القريب وواجبات الأسرة؟
ثم نفث حقدًا أسود من قلبه وهو يقول: أنت مظهر بدون مخبر وصورة بدون روح. تدعون أنكم اتخذتم الدين شعارًا ودثارًا وأنتم لم تقيموا صلبه.
قال محدثي كأنه يزيل حيرتي واستعجالي سماع ردة فعله ونهاية المجلس الغاضب والمحاكمة السريعة:
جعلتهم يتحدثون ما شاءوا وجعلت نفسي هدفًا لسهامهم حتى فرغت كنانة الكثير منهم.. ثم قلت للمتحدث الأول بصوت يسمعه الجميع: ما رأيك لو صليت صلاة المغرب أربع ركعات؟ هل يجوز لك ذلك؟ سكت ولم يجب وهو يحرك حاجبيه ويهز يده باستغباء عجيب، ولكني عدت وكررت السؤال وطلبت منه الإجابة بصوت مسموع حتى يسمع المجلس كله.. قال لي بعد تكرار السؤال عليه ثلاثة مرات: لا يجوز..
قلت له: قد أحسنت، هذا أمر الله ورسوله فنحن نطيعه في هذا، والله عز وجل ورسوله r أمرنا في الكتاب والسنة أن لا نصلي على من مات وهو لا يصلي وسماه كافرًا.. رفعت صوتي وأنا أفرغ سهمًا من كنانتي.. هل أسمع كلام الله ورسوله وأطيع أمرهما أم أسمع جعجعتك وهراءك؟!
استدرت نحو المجلس وأنا أقول: أمرنا أن لا نصلي على من مات وهو تارك الصلاة ولا نغسله ولا ندفنه في مقابر المسلمين.. لقد سلمت وأنبت وأطعت ونفذت، ولهذا صليت المغرب ثلاث ركعات كما يجب وتركت الصلاة على من لا يصلي كما يجب.
خيم الصمت على المجلس واستراحت النفوس وأغمدت السيوف فقد ظهر الأمر واضحًا جليًا، ولم أفرح انتصارًا لنفسي بل لما عطرت به المجلس من قول الحق.
قال محدثي: مرت شهور فإذا كثير من شباب أسرتنا وقد سمع ورأى هذا الموقف يعيد حساباته ويراجع أفعاله ويخشى أن يمر عليه يوم لا يجد فيه من يصلي عليه.. لقد كان هلاك هذا القريب رحمة لمن بعده وعبرة لمن خلفه.. ولا يزال يتردد في جنبات المسلمين قول الله عز وجل: }وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ{. وقول المصطفى r: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر».
وهكذا تمر الأيام عجلى، وتنطوي صفحات الأيام ويبقى للمرء ما قدم. فأطلق بصرك قليلاً لترى الأمر، ثم مد يدك للترحيب بالزائر القادم وأكرم وفادته فهو يقطع الأيام والشهور سائرًا نحوك..


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 09-27-2011, 11:07 AM
أبو عبد الله الأنصاري أبو عبد الله الأنصاري غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

القصة الثالثة
أيام العشر الأواخر من رمضان بدأت تنقضي.. والعيد قاب قوسين أو أدنى.
لا أعرف أين سنذهب وأنا أنتظر صديق الطفولة.. ولكن كالعادة الجزء الأكبر من وقتنا ليلاً نقضيه في جولات بين الأسواق والتجمعات والشوارع.
وحين استقررت على مقعد السيارة بجوار عبد الرحمن سألني.. هل جهزت ثوبًا جديدًا؟! .. لقد أقبل العيد!!
قلت له: لا!! قال: ما رأيك نذهب للخياط الآن؟.. وأنا أهز رأسي متعجبًا سألته.. بقي ثلاثة أيام أو أربعة على العيد .. أين نجد الخياط الذي يسابق العيد ويختصر الأيام؟!
لم يعجبه حديثي واستغرابي..
سابق الزمن بسيارته حتى توقفت أمام الخياط بصوت قوي يوحي بالعجلة والتسرع!!
فأجأني صاحبي بالسلام الحار على الخياط فهو يعرفه منذ زمن وقال له: نريد أن نفرح بالعيد.. ونلبس الجديد!!
ضحك الرجل وأجاب وهو يربت على كتفه!! كم بقي على العيد؟.. لماذا لم تأت مبكرًا؟!
أجاب عبد الرحمن وهو يهز يده بحركة لها معنى: سنزيد لك في الأجرة.. المهم أن ينتهي بعد غد!!
وأعاد الموعد مرة أخرى.. بعد غد!!
وأنا أرقب المفاوضات الشاقة إذا بصاحبي يدفع جزءًا من الثمن وهو يردد.. ويؤكد بعد غد.. لا تنس الموعد..
حتى قبيل الفجر.. ونحن لاهون.. ساهون.. غافلون.. مضت الليلة كاملة لم نذكر الله -عز وجل- فيها ولا مرة واحدة.. ربما أنها ليلة القدر..
حياة لا طعم فيها.. وسعادة لا مذاق لها.
ولجنا من المعاصي كل باب.. وهتكنا منها كل حجاب.. وحسبنا الأمر دون حساب.. إظهار للسرور والسعادة.. وضحكات تملأ المكان.. ولكن في القلب هم وغم.. والنفس تحلق بها حسرات ويحيطها نكد.. افترقنا قبيل الفجر.. يجمعنا الليل والسهر والعبث.. نلتقي على المعاصي وتجمعنا الذنوب.. نوم طويل.. يمتد من الفجر حتى العصر.. صيام بلا صلاة.. وصلاة بلا قلب..
ساعة الصيام التي أستيقظ فيها قبل المغرب كأنها أيام.. أقطعها بالمكالمات الهاتفية العابثة.. وبقراءة الصحف والمجلات.
وأنا أنتظر موعد آذان المغرب حادثني بالهاتف أحد الأصدقاء.. وصوته متغير وقال.. أما علمت أن عبد الرحمن مريض؟!
قلت: لا.. مساء البارحة كان بصحة وعافية..
قال: إنه مريض.
انتهت المكالمة.. والأمر لا يعني لي شيئًا سوى معلومة غير صحيحة.. والمؤذن يرفع أذان العشاء.. فإذا بالهاتف يناديني.. إنه الشقيق الأكبر لعبد الرحمن.. قلت في نفسي: ماذا يريد؟! هل سيؤنبني على ما أفعله أنا وعبد الرحمن؟ أو أن أحدًا أخبره بزلة من زلاتنا أو سقطة من سقطاتنا.
ولكن أتى صوته منهكًا مجهدًا.. وعبراته تقطع الحديث.. وأخبرني بالخبر.. مات عبد الرحمن.
بهت.. ولم أصدق.. لا أزال أراه أمامي.. وصوته يرن في أذني!!
سألته: كيف مات؟!
وهو عائد إلى المنزل ارتطم بسيارة أخرى قادمة ثم حمل إلى المستشفى.. ولكنه فارق الحياة ظهر هذا اليوم.
أذني لا تصدق ما تسمع.. لا أزال أراه أمامي .. نعم أمامي.. بل اليوم موعدنا لنذهب إلى السوق الفلاني.. بل وغدًا موعد ثياب العيد..
ولكنه أيقظني من غفوتي وهز جوانحي وأزال غشاوة على عيني عندما قال.. سنصلي عليه الظهر غدًا.. أخبر زملاءك.. انتهى الحديث..
تأكدت أن الأمر جد لا هزل فيه.. وصدق لا كذب معه.. وأن أيام عبد الرحمن انقضت .. آمنت بأن الأمر حق.. وأن الموت حق.. وأن غدًا موعدنا هناك في المقبرة لا عند الخياط!!ّ لقد ألبس الكفن وترك ثوب العيد.. تسمرت في مكاني.. وأصبت بتشتت في ذهني.. وبدوار في رأسي.. قررت أن أذهب إلى منزل عبد الرحمن لأستطلع الأمر.. وأستوضح الفاجعة.. فلا يزال الشك يراودني!!
عندما ركبت سيارتي فإذا شريط غناء في جهاز التسجيل أخرجته.. فانبعث صوت إمام الحرم في المذياع يعطر المكان بخشوعه وحلاوته.. أنصت بكل جوارحي .. وأرهفت سمعي كأن الدنيا انقلبت.. والقيامة قامت.. والناس تغيرت.. أوقفت سيارتي جانبًا أستمع.. وأستمع.. وكأني أول مرة أسمع القرآن.. وعندما بدأ دعاء القنوت.. كانت دمعتي أسرع من صوت الإمام.. رفعت يدي تستقبل تلك الدموع.. وقلبي يردد صدى تلك العبرات.. وبارقة أمل خلف تلك الضلوع..
أعلنت توبة صادقة.. بدأتها بصحبة طيبة ورفقة صالحة..
من كرهتهم.. هم أحب الناس إليَّ.. من تطاولت عليهم.. هم أرفع الناس في عيني.. من استهزأت بهم.. هم أكرم الناس عندي.. كنت على شفا جرف هار.. ولكن الله رحمني.
بعد شهرين فاجأت الخياط وسألته عن ثوبي.. سأل عن عبد الرحمن.. قلت له: مات.. أعاد الاسم مرة أخرى.. قلت له: مات.. بدأ يصف لي الرجل وسيارته وحديثه.. قلت: نعم هو .. لقد مات.. وعندما أراني ثوبه بدأت أسترجع الذاكرة.. هل حقًا مات؟! ثوبي بجوار ثوبه.. ومقعدي في السيارة بجوار مقعده.. ولكن بقي لي أجل وعمر.. لعلي أستدرك ما فات.
بعد فترة من الزمن.. هدأت نفسي.. أطلت سعادة لا أعرفها.. انشراح في القلب وعلى عيني سكينة ووقار..
حمدت الله على التوبة والرجوع والأوبة ولكن.. بقي أخ لي هناك.. لا يزال على عينيه غشاوة ويعلو قلبه ران المعصية.. هل أتركه؟! شمرت عن ساعدي.. لن أتركه..
أمامه نار وعذاب.. وأهوال وصعاب..
لن أتركه.. وقد هداني الله.
هنا كتاب.. وهناك شريط..
وبيني وبينه نصيحة صادقة.


همسة صادقة
أخي الحبيب:
أنت تعرف نفسك، ولكن دعني أعرفك بقيمة نفسك على لسان رسول الله r:
عن عبد الله بن عمرو قال: رأيت رسول الله r يطوف بالكعبة ويقول: «ما أطيبك وأطيب ريحك، ما أعظمك وأعظم حرمتك. والذي نفس محمدٍ بيده! لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك. ماله ودمه، وأن نظن به إلا خيرًا» رواه ابن ماجه.
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله r قال: «لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم» (صحيح الترغيب والترهيب).
أخي المسلم: لك مكانة عظيمة رفيعة إذا أطعت وامتثلت وصدقت وآمنت.. فالسعادة في الدنيا والجنة في الآخرة: }مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ{.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 09-27-2011, 11:09 AM
أبو عبد الله الأنصاري أبو عبد الله الأنصاري غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

قصص التائبين
ذكر أن الفضيل بن عياض كان شاطرًا في قطع الطريق. وكان يتعشق جارية، فبينما هو ذات ليلة يتسور عليها جدارًا، إذ سمع قارئًا يقرأ: }أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ{، فقال: بلى، فتاب، وأقلع عما كان عليه، ورجع إلى خربة، فبات بها، فسمع سفارًا يقول: خذوا حذركم؛ إن فضيلاً أمامكم يقطع الطريق، فأمنهم واستمر على توبته، حتى كان منه ما كان من السيادة والعبادة والزهادة، ثم صار علمًا يقتدى به، ويهتدى بكلامه وفعاله.
قال إبراهيم بن بشار: قلت لإبراهيم بن أدهم: كيف كان بدء أمرك؟ قال: غير ذا أولى بك، قال: قلت: أخبرني لعل الله أن ينفعنا به يومًا، قال: كان أبي من الملوك المياسير، وحبب إلينا الصيد، فركبت يومًا، فثار أرنب أو ثعلب، فحركت فرسي، فسمعت نداءً من ورائي، ليس لذا خلقت، ولا بذا أمرت، فوقفت أنظر يمنة ويسرة، فلم أر أحدًا. فقلت: لعن الله إبليس، ثم حركت فرسي، فأسمع نداء أجهر من ذلك: يا إبراهيم ليس لذا خلقت، ولا بذا أمرت، فوقفت أنظر فلا أرى أحدًا، فقلت: لعن الله إبليس، فأسمع نداء من قربوس (حنو الفرس) سرجي بذاك، فقلت: أنبهت، أنبهت، جاءني نذير، والله لا عصيت الله بعد يومي ما عصمني الله، فرجعت إلى أهلي، فخليت فرسي، ثم جئت إلى رعاة لأبي، فأخذت جبة كساء، وألقيت ثيابي إليه، ثم أقبلت إلى العراق، فعملت بها أيامًا، فلم يصف لي منها الحلال، فقيل لي: عليك بالشام.
قال مالك بن دينار رحمه الله: رأيت في البادية يوم شديد البرد شابًا عليه ثوبان خلقان، وعليه آثار الدعاء وأنوار الإجابة، فعرفته، وكنت قبل ذلك عهدته في البصرة: ذا ثروة، وحسن حال، وكان ذا مالٍ وآمال.
قال: فبكيت لما رأيته على تلك الحال، فلما رآني بكى وبداني بالسلام، وقال لي: يا مالك بن دينار، ما تقول في عبد أبق من مولاه؟ فبكيت لقوله بكاءً شديدًا، وقلت له: وهل يستطيع المسكين ذلك؟ البلاد بلاده، والعباد عباده، فأين يهرب؟ فقال: يا مالك، سمعت قارئًا يقرأ }يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ{ فأحسست في الحال بنار وقعت بين ضلوعي، فلا تخمد، ولا تهدأ من ذلك اليوم. يا مالك، أتراني أرحم وتطفأ هذه الجمرة من قلبي؟
فقلت له: أحسن الظن بمولاك، فإنه غفور رحيم، ثم قلت له: إلى أين؟ قال: إلى مكة شرفها الله تعالى لعلي أكون ممن إذا التجأ إلى الحرم استحق مراعاة الذمم.
قال مالك: ففارقني ومضى، فتعجبت من وقوع الموعظة منه موقعها، وما تأجج بين جنبيه من نار التيقظ والإنابة، وما حصل عليه من صدق القبول وحسن الاستماع.


كلمات في التوبة
قال أحمد بن عاصم الأنطاكي: هذه غنيمة باردة، أصلح ما بقي من عمرك، يغفر لك ما مضى.
قال بعض السلف: كان داود عليه السلام بعد التوبة خيرًا منه قبل الخطيئة، فمن قضي له بالتوبة كان كما قال سعيد بن جبير: إن العبد ليعمل الحسنة فيدخل بها النار، وإن العبد ليعمل السيئة فيدخل بها الجنة، وذلك أنه يعمل الحسنة فتكون نصب عينيه ويعجب بها، ويعمل السيئة فتكون نصب عينيه فيستغفر الله ويتوب إليه منها.
وقال مالك بن دينار: إن البدن إذا سقم لم ينجع فيه طعام، ولا شراب، ولا نوم، ولا راحة. وكذلك القلب إذا علقه حب الدنيا لم تنجع فيه الموعظة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: الذي يضر صاحبه هو ما لم يحصل منه توبة، فأما ما حصل منه توبة، فقد يكون صاحبه بعد التوبة أفضل منه قبل الخطيئة، كما قال بعض السلف: كان داود بعد التوبة أحسن منه حالاً قبل الخطيئة، ولو كانت التوبة من الكفر والكبائر، فإن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار هم خيار الخليقة بعد الأنبياء، وإنما صاروا كذلك بتوبتهم مما كانوا عليه من الكفر والذنوب، ولم يكن ما تقدم قبل التوبة نقصًا ولا عيبًا، بل لما تابوا من ذلك عملوا الصالحات كانوا أعظم إيمانًا، وأقوى عبادة وطاعة ممن جاء بعدهم، فلم يعرف الجاهلية كما عرفوها.
أخي الشاب:
ليس عيبًا أن تزل قدمك فتسقط من القمة إلى الحضيض، إنما العيب أن تذهلك السقطة فتظل حيث أنت دون أن تحاول الصعود!! بل دون أن تفكر!! إلى أين المصير؟!!

خمس دقائق
أنت شاب فطن تتطلع إلى مستقبل مشرق.. فها أنت تبحث عن المنصب والوظيفة والزوجة والمسكن.. بل وحتى شراء السيارة يأخذ من وقتك الكثير..
ولكني أتساءل: أما آن لك أن تفكر في آخرتك ولو بخمس دقائق من عمرك لترى كيف حالك غدًا؟!
سترحل من هذه الدنيا عاجلاً أو آجلاً.. طالت بك الأيام أو قصرت.. فماذا أعددت لهذا الرحيل؟! وماذا قدمت لما بعد الرحيل؟!
لا شك أنك ستفكر ولو لدقائق لترى حالك بالأمس وحالك اليوم وحالك غدًا!!
أيها الحبيب:
آخرتك أهم من وظيفتك.. وقبرك أهم من منزلك والحور العين خير لك من نساء الدنيا أجمع.. فأين ستقف بعد هذا الحديث؟!
هل سنراك تسابق المصلين إلى الصف الأول.. أم تبقى على تخلفك حتى يتخطفك الموت على حال لا تُرضي ولا تسر؟!
لكأني أرى منك النباهة وفي عينك بعد الرؤية وصفاءها ولكن تعال لتجيب على سؤالي حبًا وكرامة لي ولك: هل خططت ورتبت نفسك للموت؟ هل استعددت له وتجهزت لحضوره؟!
قال عبد الرحمن بن يزيد بن جابر: قلت ليزيد بن مرثد: ما لي أرى عينك لا تجف؟ قال: وما مسألتك عنه؟ قلت: عسى الله أن ينفعني به، قال: يا أخي، إن الله قد توعدني إن أنا عصيته أن يسجنني في النار، والله لو لم يتوعدني أن يسجنني إلا في الحمام لكنت حريًا أن لا تجف لي عين، فقلت له: فهكذا أنت في خلواتك؟ قال: وما مسألتك عنه؟ قلت: عسى الله أن ينفعني به، فقال: والله إن ذلك ليعرض لي حين أسكن إلى أهلي، فيحول بيني وبين ما أريد، وإنه ليوضع الطعام بين يدي فيعرض لي، فيحول بيني وبين أكله، حتى تبكي امرأتي ويبكي صبياننا، وما يدرون ما أبكانا([1]).
قال أبو عياش القطان:
كانت امرأة بالبصرة متعبدة يقال لها منيبة، وكانت لها ابنة أشد عبادة منها، فكان الحسن ربما رآها وتعجب من عبادتها على حداثتها.
فبينما الحسن ذات يوم جالس إذ أتاه آت فقال: أما علمت أن الجارية قد نزل بها الموت؟!
فوثب الحسن فدخل عليها فلما نظرت الجارية إليه بكت، فقال لها: يا حبيبتي، ما يبكيك؟ قالت له: يا أبا سعيد، التراب يحثى على شبابي ولم أشبع من طاعة ربي، يا أبا سعيد، انظر إلى والدتي وهي تقول لوالدي: احفر لابنتي قبرًا واسعًا وكفنها بكفن حسن، والله لو كنت أجهز إلى مكة لطال بكائي، كيف وأنا أجهر إلى ظلمة القبور ووحشتها بيت الظلمة والدود

منقول عن كتاب الى من حجبته السحب
للشيخ عبد الملك القاسم

رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
......., من, الصحة, حجبته, إلى


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 03:44 AM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.