أكتب مايقلقك على الرمال

[ياسمين الإسلام]

 

	بسم الله الرحمن الرحيم

يعرض علينا آرثر جوردن حكاية حميمية رائعة عن تجربته في التجديد الروحي سردها في قصة قصيرة سماها (انقلاب المد )
وتحكي عن ايام مرت عليه في حياته بدأ يشعرفيها أن كل شيئ تافه وبلا معنى ،فقد تلاشى حماسه وباتت جهوده في الكتابة بلا جدوى
وكان الأمر يزداد سوءاً يوماً بعد يوم ، وفي النهاية قرر استشارة طبيب عام ،وحين رأى الطبيب أنه لايشكو من أي مرض عضوي سأله إن كان مستعداً
لاتباع تعليماته لمدة يوم واحد فقط
وحين أجاب جوردن بأنه مستعد لذلك ، أخبر الطبيب أن يقضي اليوم التالي في المكان الذي قضى فيه اسعد أيام طفولته، يستطيع أن يأخذ
بعض الطعام ،لكن عليه ألايكلم أي شخص أو أن يكتب أوأن يستمع إلى المذياع،ثم كتب له أربع وصفات طبيه
وأخبره بأن يفتح الأولى في الساعة التاسعة ، والثانية في الساعة الثانية عشرة ، والثالثة في الساعة الثالثة والرابعة في الساعة السادسة
فسأله جوردون :وهل أنت جاد
فكان الرد:لن افكر أني أمزح حين تستلم فاتورتي !!
وهكذا ذهب جوردون صبيحة اليوم التالي إلى شاطئ البحر وحين قرأ الوصفة الأولى التي كتب فيها ((استمع بانتباه))
ظن أن الطبيب به مس من الجنون ، كيف يستطيع أن يصغي لمدة ثلاث ساعات ؟
لكنه كان قد وافق على اتباع تعليمات الطبيب ، لذلك أرخى سمعه ، سمع في البدء أصواات البحر والطيور المعتادة ، وبعد فترة أصبح في إمكانه سماع أصوات
لم تكن واضحة تماماً في البدء، وفي اثناء إصغائه بدأ يفكر في دروس كان قد تعلمها من البحر في صغره
الصبر الإحترام وإدراك إعتمادية الأشياء على بعضها البعض فراح يستمع للأصوات وللصمت أيضاً
وهو يشعر بتنامي الطمئنينة في داخله
عند الظهيرة فتح الوصفة الثانية وقرأ((حاول العودة بفكر إلى الوراء ))
فتساءل : ((العودة إلى الوراء في ماذا؟))ربما إلى أيام الطفولة أو لذكريات الأيام السعيدة فكرفي ماضيه في لحظات الفرح القصيرة والعديدة
حاول تذكرها بدقة وفي تذكرها أحس بنوع من الدفء يتنامى في داخله
في الساعة الثالثة فتح الورقة الثالثة ،حتى ذلك الحين كانت الوصفات سهلة لكن هذه الحظات كانت مختلفة فهي تقول ((تفحص دوافعك))
في البداية كان دفاعياًفكر فيما يريده هو النجاح ، التميز، الأمن ، وقد برر كل المطالب ، لكن طرأت له فكرة أن هذه الدوافع ليست كافية ،وربما هنا يكمن الجواب
على وضعه الجامد، فكر في دوافعه بعمق فكر في سعادة الأيام الخالية ، وأخيراً جاءه الجواب فكتب :((في لحظة يقين رأيت أنه إذا كانت دوافع الشخص
خاطئة فلايمكن لأي شيئ أن يكون صحيحاً .لافرق إن كنت ساعي بريد أو مصفف شعر ،أو مندوب تأمين ، أوربة منزل فما دمت تحس بأنك تخدم الآخرين
فأنت تقوم بعملك بشكل جديد ، وأما إذا تركز اهتمامك على مساعدة نفسك فأنت تقووم بعملك بجودة أقل ، وهو قانون ثابت مثل قانون الجاذبيه))
ولما حانت الساعة السادسة ، لم تتطلب الوصفة الرابعة لاكثير لتنفيذها فقد كانت تقول :(( أكتب مايقلقك على الرمال))
فركع وكتب عدة كلمات بقطعة مكسورة من الصدف ثم استدار وسار مبتعداً ،
لم ينظر خلفه فقد كاان يعلم أن المد سمحوها

[أم الزبير محمد الحسين]

يكفي أن يختلي الإنسان مع نفسه ولو ربع ساعة أو أقل في اليوم حتى يستطيع أن يرد كل الأحداث ويحاول أن يصلح مافسد أو يستعد لما هو قادم
..
جزاكِ الله خيراً