انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين


عقيدة أهل السنة يُدرج فيه كل ما يختص بالعقيدةِ الصحيحةِ على منهجِ أهلِ السُنةِ والجماعةِ.

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-29-2010, 09:27 AM
نور الاسلام نور الاسلام غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي الرياء

 

الرياء هو طلب المنزلة في قلوب الناس بالعبادات وأفعال الخير، فمن لبس لباساً خشناً ليقول الناس عنه إنه من الزاهدين فقد راءى الناس في لباسه، ومن قصد في مشيه، وغض من صوته ليذكر في السهرات والمجالس بأنه ورع متزن فقد أصبح مرائياً في هيأته، والذي يعظ الناس ويرشدهم ويدعوهم للتمسك بأهداب الدين وقصده من وراء ذلك أن يقول عنه الخلق إنه أمَّار بالمعروف نهاءٌ عن المنكر فهو مراء في قوله، ومن صلى فأطال السجود ليمدح على ذلك، أو تصدق بصدقة، أو أنفق في مشروع، لتلتهب الأكف له بالتصفيق وتلهج بعمله الألسنة ويذكر على صفحات الجرائد فهو مراء في عمله، وكل هؤلاء مشركون، ولكن من حيث لا يشعرون، ولا أجر لهم عند ربهم، لن ينالوا من ربهم أجراً على ما فعلوا إذ إنهم كانوا يبتغون المنزلة في قلوب الناس وقد وصلوا إلى ما يريدون، ويصفهم ربهم بالكافرين حيث يقول: “يا أيُّها الذين آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُم بالمنِّ والأذى كالذي يُنْفقُ مالَهُ رِئاءَ النَّاسِ ولا يُؤمِن باللهِ واليومِ الآخرِ فَمثلُهُ كَمَثَلِ صَفْوانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فأصَابَهُ وابِلٌ فترَكَهُ صَلداً لا يقدرونَ على شيءٍ مما كَسَبُوا واللهُ لا يَهدي القومَ الكافرينَ”.
والرياء يغضب الرب، وكيف لا، وهو شرك بالله؟ والرياء يحبط العبادات لأن العبد لم يبتغ بها وجه الله بل قصد بها حمد الناس له والثناء عليه، وارتفاع المنزلة لديهم، والله يقول في كتابه العزيز: “قُلْ إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أحَداً”، ومثل هؤلاء المشركين بعملهم المرائين بما يفعلون موعودون من الله بالويل: “فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ، الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ، الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ، وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ”.
الشرك الأصغر
ومن أشد ما نبه النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين ما ذكره عن خطورة الرياء في كثير من أحاديثه الشريفة فقال صلى الله عليه وسلم: “إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر”. قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: “الرياء، يقول الله عز وجل لهم يوم القيامة إذا جزي الناس بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء؟”.
والرياء ينفي الإخلاص، ذلك أن الإخلاص يقين، والرياء شك وشرك، وقد روى مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تبارك وتعالى: “أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً، أشرك فيه معي غيري تركتُهُ وشِرْكه”.
وحذرنا الرسول الكريم من أن يعمل أحدنا عملا على غير إخلاص، يريد أن يراه الناس ويسمعوه، وأن من يفعل جُوزي على ذلك بأن يشهره ويفضحه، فيبدو عليه ما كان يبطنه وذلك فيما رواه الشيخان البخاري ومسلم عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من سَمَّع، سَمَّعَ الله به، ومن يرائي يرائي الله به”.
ولأن الرياء ممقوت من الله فقد بكى رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم خوفا على أمته من أن يصيبها فقد روى شداد بن أوس قال: “رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يبكي، فقلت: ما يبكيك يا رسول الله؟ قال: إني تخوفت على أمتي الشرك، أما إنهم لا يعبدون صنماً ولا شمساً ولا قمراً ولكن يراؤون بأعمالهم”، ورأى عمر بن الخطاب معاذ بن جبل رضي الله عنهما وهو يبكي، فسأله: ما يبكيك؟، قال حديث سمعته من صاحب هذا القبر “يقصد رسول الله صلى الله عليه وسلم” يقول فيه: “إن أدنى الرياء شرك”. وفي الحديث الصحيح عن أبي سعيد الخدري قال: “خرج علينا رسول الله ونحن نتذاكر المسيح الدجال فقال: ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال؟، فقلنا: بلى يا رسول الله، قال: الشرك الخفي، أن يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر الرجل”.
والرياء من كبائر الذنوب، وهو يُحبط ثواب العمل وأي عمل من أعمالِ البر دخله الرياء فلا ثواب فيه، فالثواب والرياء لا يجتمعان وذلك لحديث أبي داود والنسائي بالإسناد إلى أبي أُمامة قال: جاء رجل فقال: يا رسول الله أرأيت رجلاً غزا يلتمس الأجر والذِكْر ما له؟ قال: “لا شيء له”، فأعادها ثلاثاً كل ذلك يقول: “لا شيء له”، ثم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً له، وما ابتُغي وجهه”.
كلهم في النار
ومن أسوأ ما يأتي به العبد ربه يوم القيامة أن يكون طلبه العلم لغير وجهه فهو لن يشم رائحة الجنة، فقد روى أبو داود عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من تعلَّم علماً مما يُبتغى به وجه الله، لا يتعلمه إلا ليصيب به عَرَضاً من الدنيا لم يجد عَرْفَ الجنة يوم القيامة”، وروى الترمذي عن كعب بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من طلب العلم ليجاري به العلماء أو ليماري به السفهاء ويصرف به وجوه الناس إليه أدخله الله النار”.
وليس طالب العلم لغير وجه الله وحده، بل المنفق رئاء الناس، والمقاتل ليقال شجاع كلهم النار أولى بهم وبما عملوا وبما أشركوا بالله غيره، وكل من عمل للرياء والسمعة، لا منفعة له في عمله سوى مقالة الناس ولا ثواب له في الآخرة، قال تعالى: “وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً”، وفي هذا يروى مسلم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن أول الناس يُقضى عليه، رجل استشهد فأتى به فعرَّفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال قاتلت فيك حتى استشهدت، قال: كذبت، ولكنك قاتلت لأن يقال جريء، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل تعلم العلم وعلَّمه وقرأ القرآن فأُتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن، قال: كذبت ولكنك تعلمت العلم ليقال عالم، وقرأت القرآن ليقال: هو قارئ، فقد قيل، ثم أُمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال كله، فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك، قال: كذبت، ولكنك فعلت ليقال هو جَوَاد، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه ثم ألقي في النار”.
أقبح الرياء
والرياء بعضه أسوأ من بعض، وأقبح الرياء ما كان في الإيمان، وهو شأن المنافقين الذين أكثر الله من ذمهم في كتابه العزيز: “إنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ”، ويليهم المراؤون بأصول العبادات الواجبة: كأن يعتاد تركها في الخلوة ويفعلها في الملأ خوف المذمَّة، وهذا أيضاً عظيم عند الله تعالى لإنبائه عن غاية الجهل وأدائه إلى أعلى أنواع المقتِ، ويلي هؤلاء وأولئك المراؤون بالنوافل: كأن يعتاد ذلك فيها وحدها خوف الاستنقاص بعدم فعلها في الملأ، وإيثاراً للكسل وعدم الرغبة في ثوابها في الخلوة.
ويليهم المراؤون بأوصاف العبادات: كتحسينها وإطالة أركانها، وإظهار التخشع فيها، والاقتصار في الخلوة على أدنى واجباتها، فهذا محظور أيضاً لأن فيه كالذي قبله تقديم المخلوق على الخالق، قال الغزالي: وجميعهم تحت مقت الله تعالى وغضبه وهو من أشد المهلكات. وكما قيل فإن من علم شدة حاجته إلى صافي الحسنات غداً في يوم القيامة غلب على قلبه حذر الرياء وتصحيح الإخلاص بعمله حتى يوافي الله تعالى يوم القيامة بالخالص المقبول، إذ علم أنه لا يخلص إلى الله جل ثناؤه إلا ما خلص منه ولا يقبل يوم القيامة إلا ما كان صافيا لوجهه لا تشوبه إرادة شيء بغيره.
ولكن أن يبتغي العبد بعمله وجه الله فإذا أثني عليه سُرّ وفرح بفضل الله ورحمته فلا يضره ذلك إن شاء الله ففي صحيح مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن الرجل يعمل العمل لله من الخير، ويحمده الناس عليه، فقال: “تلك عاجل بشرى المؤمن”، وفي الترمذي وابن ماجة وابن حبان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله، الرجل يعمل العمل فيُسِرُّه، فإذا اطلع عليه، أعجب، فقال: “له أجران: أجر السر وأجر العلانية”. وعن علامات المرائي يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: “للمرائي ثلاث علامات: يكسل إذا كان وحده، وينشط في الناس، ويزيد في العمل إذا أثني عليه وينقص إذا ذم به”، وقال الفضيل بن عياض: “ترك العمل لأجل الناس شرك، والعمل لأجل الناس رياء، والإخلاص أن يعافيك الله منهما”، وفي الأثر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه نظر إلى رجل يطأطئ رقبته، فقال له: “يا صاحب الرقبة: ارفع رقبتك، ليس الخشوع في الرقاب، إنما الخشوع في القلوب”.
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
رياء،شرك،اخلاص


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 11:24 PM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.