انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين


عقيدة أهل السنة يُدرج فيه كل ما يختص بالعقيدةِ الصحيحةِ على منهجِ أهلِ السُنةِ والجماعةِ.

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-15-2008, 04:05 PM
هجرة إلى الله السلفية هجرة إلى الله السلفية غير متواجد حالياً
رحمها الله رحمة واسعة , وألحقنا بها على خير
 




Islam ترك الحكم بما أنزل الله

 







ترك الحكم بما أنزل الله
للشيخ/د0سيد العربي


إن الله عز وجل خلق الخلق وتكفل لهم برزقهم ، وبما يعود عليهم بالنفع في دينهم ودنياهم ، وما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بعد أن كَمَّلَ هذا الدين عبادةً ومعاملةً .
وقال تعالى : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا } ، ولأن الله عز وجل خالق الخلق ، فهو بلا ريب الأعلم بمصالح الناس ، وبما يفيدهم ، وبما يؤمن لهم الحياةَ الطيبة والأمنَ الدائم ، فشرَّع لهم أحكاما تناسبهم هي الكفيلةُ وحدَها بالاستقرار والأمن لهم ؛ لأنها جاءت من عند خالقهم العليم الخبير بأمورهم ، البصير بما كان وما يكون ، فشرَّع الحدودَ والقصاصَ حياةً لنا ، كما قال تعالى : { وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } ، وأمرنا الله عز وجل بالرجوع إلى كتابه، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ؛ قال تعالى : { وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللهُ إِلَيْكَ } ، وقال تعالى : { أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ } ، وفي قراءة ( ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون ) ، وقال تعالى : { وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ } ، وقال تعالى : { وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } ، وقال تعالى : { وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } ، فهذه آيات بينات تُبيِّن أن الحكم بما أنزل الله لازمٌ لكل الخلق لا يسع أحدًا الخروجُ عنه ، بل إنه سبحانه وتعالى اشترط في الإيمان أن يرجع العبد لربه وأن يُحَكِّمَ أمره فيه سبحانه ، فقال : { فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } ، وقال تعالى : { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ } ، انظر ، هذه شرطية يا إخوان ، هذه شرطية ، { إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ } ، فهذا شرط الإيمان ، جعلنا الله وإياكم منهم ، ولهذا بناء على هذه النصوص - والمقام لا يتسع للتفصيل ، إنما المقام مقام تنبيه وإرشاد - ولهذا فمن نبذ حكم الله تعالى ، أو حكم رسوله صلى الله عليه وسلم إلى حكم غيره : من بشر ، أو عادات ، أو أعراف ، أو أسلاف ، أو تقاليدَ ، أو عشائر تخالفُ الشريعةَ الإسلامية ، أو إلى قوانينَ وضعية ، شرقية كانت أو غربية ، معتقدا بها ، فقد عبدَ غيرَ الله ، قال تعالى : { إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ للهِ أَمَرَ أَن لاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } ، ذلك الدين القيم ، تنبه ، لا دين غير ذلك ، والقيم بمعنى المستقيم ، بمعنى القويم الذي غيره يكون أعوج .

والحكم إذا كان بغير كتاب الله ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، تنبه، الحكم إذا كان بغير كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم يُعَدُّ حكما للطاغوت ، كما قال الله تعالى : {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً }.
فالواجب على المسلمين جميعا حُكَّامًا ومحكومين أن يعودوا إلى ربهم ، ويحكموا شريعته في جميع شئون حياتهم ، ولا يعارضوها ويقابلوها بعاداتهم وتقاليدهم ، ولا بما ألفوه عن آبائهم وأجدادهم ، وإنما شأنهم التسليم المطلق ، والانقياد التام لأوامر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، كما قال تعالى : { إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بِيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } ، هذا المسلك وهذا المنهج إذا أردنا طاعةَ الله ، والحياةَ الطيبة ، والأمن والاستقرار في هذه الدار ، والحياةَ الخالدة في الدار الباقية ، نسأله جل وعلا أن يردنا إليه ردا جميلا .
وكذلك في هذا المضمار ، لا بد من الحكم بما أنزل الله ، والتحاكم إليه في جميع موادِّ النزاع ، في مسائل شرعية ، أو عقدية ، أو عملية ، أو معاملات ، أو في الدماء ، أو الأموال ، أو الأعراض ، في جميع مواد النزاع ، في الأقوال الاجتهادية بين العلماء ؛ فلا يقبل منها إلا ما دل عليه الكتابُ والسنةُ ، تنبه ، لا ينبغي أن تقبل قولَ عالم إلا ما دل عليه الكتاب والسنة ؛ لأننا مطالبون باتباع الكتاب والسنة من غير تعصب لمذهب ، ولا تحيز لإمام .

وكذلك يجب على أتباع المذاهب أن يردوا أقوالَ أئمتهم إلى الكتاب والسنة، فما وافقها أخذوا به ، وما خالفها ردوه دون تعصب ، تنبه ، ينبغي على أتباع المذاهب أن يحملوا أقوال أئمتهم ؛ لأنه لا سبيل للخير أبدا ، ولا سبيل للدين القويم إلا بجعل الكتاب والسنة هو الحَكَم أبدا ، تنبه .
وكذلك يجب على أتباع المذاهب أن يردوا أقوال أئمتهم إلى الكتاب والسنة؛ فما وافقها أخذوا به ، وما خالفها ردوه دون تعصب أو تحيز ، ولا سيما في أمور العقيدة ، فمن خالف ذلك فليس متبعا لهم ، ليس متبعا للأئمة ، أنتم تعرفون يا إخوان أن الأئمة ، رضوان الله عليهم ، ألزموا كلَّ من يأخذ بأقوالهم ، ألزموا كل من يتعلم منهم في حياتهم أو بعد مماتهم مما تركوه من تراث خلفوه وراءهم من العلم ، ألزموا كل من أخذ من أَخْذِهم وكل من أخذ من ميراثهم ، ألزموا كل من أخذ من ميراثهم وتراثهم أن يُقَيِّدوا ذلك بموافقة الكتاب والسنة .

قيل لأبي حنيفة : أرأيت إن جاء الكتاب يخالف قولك ؟ قال : اتركوا قولي لكتاب الله ، قال : أرأيت إن جاء الخبر عن رسول الله يخالف قولك ؟ قال : اتركوا قولي لخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : أرأيت إن جاء الخبر عن الصحابة يخالف قولك ؟ قال : اتركوا قولي لقول الصحابة ، اسمع .
وكذلك الإمام مالك يقول : إنما أنا بشر أصيب وأخطئ ، أقول القولَ اليوم، وأرجع عنه غدا .
وكذلك أحمد رحمه الله يقول : لا تقلد دينك مالكا ، ولا الشافعي ، ولا الأوزاعي ، ولا سفيان ، وخذ من حيث أخذوا .
وأبو حنيفة يقول : لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا حتى يعلم من أين أخذنا ، هذا القيد .

لا تقل : إني جاهل ، لكن دائما قَدِّس الكتاب والسنة ، واجعل الكتاب والسنة هو الأعلى ، فإن ذلك قد يكون في مضمار تحكيم غير شرع الله عز وجل، فلا بد من الرد دون تعصب أو تحيز ، ولا سيما في أمور العقيدة ، فمن خالف ذلك فليس متبعا لهم ، وإن انتسب إليهم .
ولعل من يتعصب ، ويصر ، ويترك قول الله جل وعلا لقول الرجال يكون ممن قال الله فيهم : { اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ } .
قال أهل العلم : ليست الآية خاصة بالنصارى ، بل تتناول كل من فعل مثل فعلهم ، فمن خالف ما أمر اللهُ به ورسولُه بأن حكم بين الناس بغير ما أنزل الله، أو طلب ذلك ، اتباعا لما يهواه ويريده ، فقد خلع رِبْقة الإسلام والإيمان من عنقه، وإن زعم أنه مؤمن .

والواجب على كل مسلم كذلك ألا يتحاكم إلى القوانين المخالفة للشريعة ، وأن يقبل حكمَ الله في كل نزاع بينه وبين الناس ، وأن يدعو غيره إلى ذلك ، ينبغي أن يقدس الكتاب ، ويجعله الفاصل ، ينبغي أن يقدس الكتاب والسنة ويجعلهما القاضيين في أنفسنا ودمائنا وأموالنا وأعراضنا ، لا نرضى بهما بديلا أبدا ، قال تعالى : { فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ } ، انظر (لا يؤمنون) وأنت تريد الإيمان ، حتى لا تخرج من الدنيا خاسرا ، { حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } .
وقد أخرج أبو داود ، والترمذي ، وابن ماجة من حديث بريدة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( قَاضٍ فِي الْجَنَّةِ وَقَاضِيَانِ فِي النَّارِ : قَاضٍ عَرَفَ الْحَقَّ فَقَضَى بِهِ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ ، وَقَاضٍ عَرَفَ الْحَقَّ فَجَارَ مُتَعَمِّدًا فَهُوَ فِي النَّارِ ، وَقَاضٍ قَضَى بِغَيْرِ عِلْمٍ فَهُوَ فِي النَّارِ )) ، نعوذ بالله من الخذلان ، صحيح ، وفي الإرواء برقم (2614) .

و في رواية قالوا : فما ذنب الذي يجعل ؟ قال : (( ذَنْبُهُ أَلاَّ يَكُونَ قَاضِيًا حَتَّى يَعْلَمَ )) .
و أخرج أبو داود ، والترمذي ، وأحمد ، وابن ماجة من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( مَنْ جُعِلَ قَاضِيًا بَيْنَ النَّاسِ فَكَأَنَّمَا ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ )) ، وهو صحيح ابن ماجة برقم (2308) .
قال أهل العلم : وإذا اجتمع في القاضي قلةُ علم ، وسوءُ قصد وأخلاقٌ نعرة، وقلةُ ورع فقد تَمَّتْ خسارته ، ووجب عليه أن يعزل نفسه ، ويبادر بالخلاص من النار ، رُبَّ عِزٍّ في الدنيا كان تمامَ الذل في الآخرة ، يقول تعالى : {ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ } ، فرُبَّ عزٍّ في الدنيا هو سبب إهانتك وامتهانك في الآخرة ، نسأل الله أن يعزنا وإياكم بعز طاعته .

التعديل الأخير تم بواسطة أم الزبير محمد الحسين ; 04-22-2012 الساعة 11:53 PM
رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 10:46 AM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.